الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عمر بن الخطاب: " ابتغوا في مال اليتيم لا تأكلها الصدقة".
غير أن الإسلام لا يوجب الزكاة إلا في المال الزائد عن حاجة الإنسان الضرورية، كالأكل والسكن والتعليم والدواء، فإذا تعلَّق مال اليتيم بالضروريات اللازمة لبقائه حتى يبلغ رشده، فلا زكاة في هذا المال، لأنه مال مشغول بحاجته الأصلية.
يبقى أن يكون للصبي مال لحاجياته ويزيد. الزائد يزكى.
وكما أقول دائماً: من ينظر إلى اليتيم بعين عطف، فلينظر إلى الفقير الذي أقعدته الحاجة، والمريض الذي لم يجد ثمن الدواء، والغارم الذي ذهب ماله في محنة، ينظر إليه بالعين الثانية، فهذا هو عدل الله.
والله - سبحانه - حرم أكل مال اليتيم ظلماًَ. والزكاة هي عدل الله وليس فيها ظلم.
*
مال اليتيم والتضخُّم الاقتصادي
كثيراً ما يقع مال اليتيم في يد أمينة.
وفي بعض البلاد الإسلامية هيئات مسئولة عن حفظ مال اليتيم، تتبع وزارات العدل. والقرآن يطلب من الوصيِّ أن يُشهد على عملية التسليم لمال اليتيم، حفاظاً عليه، وضمائر الناس أكثر حفاظاً من كلّ النظم القضائية. ولكن شيئاً يقع أحياناً تنهزم أمامه كلّ الاحتياطات.
إنه عملية التضخم الاقتصادي، والذي يتعامل مع مال اليتيم - كما يتعامل مع كل أموال الأمة، فيهلك الحرث والنسل. بلاء لا يبقى ولا يذر. حدث أن تسلم الوصيّ مبلغ 1500 جنية مصري عام 1970م وسلّم المبلغ "بأمانة وشرف" لليتيم عام 1990م "شكر الله له"
ولكن ماذا حدث؟
لقد ضاع المبلغ إلا قليلاً.
ضاع في الحقيقة، مع بقاء القيمة العددية فقط.
كان المبلغ يكفي لشراء كيلو من الذهب الخام يوم وفاة والد اليتيم.
ألف جرام من الذهب.
كان يكفي لشراء فدان من الأرض الزراعية.
أما عند تسليمه لليتيم فلا يكفي لشراء 30 جرام ذهب. "مجرد مثال" هذا هو خطر التضخم في البلاد المعتدلة اقتصادياً.
أما البلاد التي أصيبت بالحصار الاقتصادي، فقل؛ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} ولا أنعي على الذي مات، فقد رحمه الله، ولكن على مال اليتيم.
لي صديق استشهد في حادث سيارة، عليه رحماتُ الله - ترك مالاً يكفي لشراء حيٍّ راق كحيِّ المنصور، - الذي به السفارات في عاصمة بلده.
أصبح هذا المبلغ الآن يكفي لشراء شقة واحدة في الحي المذكور - بعد الحصار الاقتصادي. خطر التضخم في البلاد المحاربة، أو المحاصرة اقتصادياً خطر عظيم. خصوصاً على المال المعطَّل عدّة سنوات كمال اليتيم.
فماذا يمكن أن نفعل؟
خبراء الاقتصاد لهم حلول وفنون.
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (سورة الأنبياء 7)
{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (سورة فاطر 14)
وأسهل الحلول هو شراء عقارات بالمبلغ المحفوظ - أو شراء ذهب سبائك، فالذهب قيمته ذاتيه فيه.
والذهب السبائك لا يخسر صاحبه عند بيعه قيمة الصناعة.
فليحذر وصيُّ اليتيم من ضياع مال اليتيم، بضياع القيمة الشرائية للمال، مع بقاء القيمة العددية فقط.
يتاجر في مال اليتيم - كما وردت الأخبار، فإذا لم يستطع فليحتفظ به عقاراً يُدرُّ عائداً، أو ذهباً سبائك، يحفظ قيمة نفسه.