الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
القرب والمؤاخذة
أكرر: أنَّ شدةَ القرب من الله تقتضي المؤاخذة.
وليس كما يتصور كثير من الناس، أنها تقتضي العفو.
وفي الأيام الأولى من الوحي أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (سورة الحاقة 44 - 47)
مجرد أن يقول كلمة وينسبها إلى الله، من غير أن يقولها الله له، يأخذه الله باليمين - بالقوة - لأن اليمين رمز للقوة.
{ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} عرق الحياة. فما تستطيع كلّ الأمة أن تحميه من عقاب الله له.
والوتين شريان في القلب يموت الإنسان بقطعه.
وقال مجاهد هو النخاع.
وهذه سُنَّة الله مع أصحاب الرسالات. لأن كذب أصحاب الرسالات كمن يقف على رأس طريق يدل الناس. فإن أخطأ دلالة الطريق، فكلما زاد جهد من استرشد به، كلما زاد بُعداً عن هدفه.
فمن أراد بلداً في المشرق، ودلّه غبي إلى المغرب، فكلما جد المسكين وأسرع، زاد بُعده عن هدفه.
* شدة القرب تسبّب المؤاخذة
لقد أكل آدم من الشجرة ناسياً
والأصل في الناس العفو. وعدم المؤاخذة
ولكن شدة القرب من الله سببت المؤاخذة.
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} (سورة طه 115)
- يوسف عليه السلام طلب من الرجل الذي ظن أنه ناج أن يعرض قضيته على الملك، فقد طال سجنه ظلما، وعندما يطلب البريء إثبات براءته لا شيء عليه.
{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} .
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) } .
{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) } .
فطلب إثبات البراءة من يوسف عليه السلام أمر مطلوب. ومع ذلك آخذ الله يوسف عليه السلام لأنه طلب ذلك من البشر.
والله يريد أن يجرد أنبياءه من طلب شيء من غيره.
فقضاء حوائجهم بيده وحده، وهذا من شدة قربهم.
رابعا: ونساء النبي جعل الله قربهن من النبي صلى الله عليه وسلم سببا في مضاعفة العقوبة عليهن إن أتين بفاحشة.
فشدة القرب تسبب المؤاخذة.
من أجل ذلك حفظ الله النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة أهل الباطل، فلم يركن إليهم حتى ولا شيئا قليلا، وذلك لعصمة الله له، وسلامة فطرته.