الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- {خُذِ الْعَفْوَ} كلمة في التربية - والمعنى الثالث للكلمة.
العفو هو الفائض من أموالهم {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (219 سورة البقرة) والنبي سيأمر أمَّته بالصدقات، وتفرض الزكاة. وفي الأمَّة فقراءكثيرون.
فهل سيظل الغنيّ وحده يُعطي، ويظل الفقير يأخذ؟
هنا نتعرف على سرٍّ في التربية. وقاعدة لها أثرها.
أعني بهذه القاعدة أنَّ اليد التي تتربىّ على إنفاق ما تملك، طلباً لإرضاء الله، هذه اليد لا تقبل أبداً أن تّمتدَّ لأخذ ما يغُضب الله. "مادامت تملك الاختيار" فمن قدّم الصدقة خالصاً لوجه ربّه، لا يتصور منه أن يمدّ يده لأخذ ما يغضب الله، من سرقة ورشوة.
من هنا شرع الإسلام صدقة الفطر على من يملك قوت يوم العيد وليلته.
في بعض المذاهب، لتربية اليد الفقيرة على العطاء، حسبةً لوجه الله.
ومن هنا - أيضاً - أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ {الْعَفْوَ} من أموال الفقراء. تربية لهم على العطاء.
وعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير الصدقة قال:
" خير الصدقة جَهْدُ الْمُقِلِّ". (أبو داوود. 1237)
فوجوب الصدقة على الفقير في يوم العيد مجرَّد تربية، وليست تكليفاً، فالصدقة قد شرعها الله لهم، وليست عليهم.
{خُذِ الْعَفْوَ} نظرة في الاقتصاد
عجبت من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
القرآن يمُهّد لتحريم الخمر عليهم.
{يَسْأَلُونَكَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} .
فتحريمهما سوف يؤثر على السوق التجاريّة.
وأغلب حياتهم من التجارة.
ومن ناحية أخرى فالمشركون يمهد القرآن لمنعهم من الحج، وهو ثروة اقتصادية كبيرة.
ومع ذلك فصحابة النبي يسألونه: ماذا ينفقون؟!
{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (219 سورة البقرة)
والعفو هو الفائض عن الحاجة.
وعبَّرت عنه السنة بكلمة (الفضل) في قوله صلى الله عليه وسلم
" يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى ". (مسلم. 1718)
وفي حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم
" مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ ".
يقول أبو سعيد الخدري: "فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ". (رواه مسلم. 3258)
أي لا حق لنا في زائد عن حاجتنا.
وإنفاق العفو من المال يشمل إنفاق الزكاة والصدقات.
وما يجب على المسلم من واجبات أخرى غير الزكاة المفروضة، كالإنفاق على الأهل والأقربين، وتحمّل الدية مع العشيرة،
وغير ذلك من الإنفاق "للفضل".
{ {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}
وأسال: إذا أمرنا الله أن ننفق {الْعَفْوَ} وهو الفائض عن الحاجة،
فماذا سنبقى للورثة؟
إن كلَّ ما يملكه المسلم إمّا أن ينفقه على الضروات،
وإما أن يكون "فضلاً" أو "عفواً" فينفقه في باب إنفاق العفو.
فماذا سيبُقى لورثته؟
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ".
(البخاري. 1213 - ومسلم - 3076) .