الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم: بقلم الأديب حديوي حلاوة
إمام وخطيب مسجد معالي الوزير الشنفري - بصلالة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد
…
· فإن الحديث عن رسول الله طيب وجميل.. عظيم ونفيس.. بلسم ودواء.. غذاء وشفاء.. نور وأنوار..
· حديث حبيب إلى كل نفس.. خفيف على كل سمع.. رقيق على كل قلب.. لا ينتهي له مدى.. ولا يبيد له ثمر.. ولا يغيض له ماء.. ولا ينضب له معين.. لأنه حديث عن العظيم محمد صلى الله عليه وسلم الذي فتح الله به على الإنسانية فتحاً جديداً عرفت على أضوائه طريق الهدى والرشاد.. وأعطاه الله من أنعمه ما أهله لحمل رسالته إلى الناس أجمعين..
فجمع الشمل بحكمته.. ورأب الصدع برحمته.. وملك القلوب بسماحته.. وعطر الوجود بسيرته.. وملأ الأعين بنضارته.. وناجى الأرواح بموعظته.. وخاطب الضمائر بحنانه.. وتسرب إلى خبايا الضلوع بأخلاقه..
· منه شع النور.. وعنه انبثق العرفان.. وبرحمته انتشر الإسلام.. وبهديه ترعرعت شجرة الإيمان..
· إلى حديثه أضغى المكدود.. وبكلامه تداوى المكلوم.. وفي رياضه استراح العاني.. وفي ظله رقد المظلوم..
فسَرتْ دعوته في القلوب والنفوس كما يسري الماء في الأرض التي شققها الظمأ..
وأماتها العطش..!
ما سئم الناس له صوتاً.. ولا ملوا له نغماً.. ولا استثقلوا له كلماً..!
· فصنع أمة قائمة على الزهد والورع.. أحياها من الموات.. وجمعها من الشتات.. وهداها من الضلالة.. وعلمها من الجهالة.. وكشف عنها حجاب الغمة.. وأماط عنها لثام الظلمة.. وقومها على الحق.. وردعها عن الغىِّ.. وكفها عن الباطل.. وأضاء لها مشاعل الخير.. ووصل بها إلى اليقين.. وهدادها إلى الصراط المستقم..
· وكان بحق روضة فينانة زانتها يد الخالق بالأزاهير الندية.. ونقل عنها النسيم أطيب نفحاتها الزكية.. لكل من نأت به الديار.. أو شط به المزار.. أو حاربته جيوش الدهر.. أو طحنته رحى الحياة.. أو لفحته قسوة الدنيا..!
· فحمل الكل.. وآزر الحق.. ونطق بالصدق.. وحكم بالعدل.. ونادى بالحب.. وتجمل بالصبر.. ودعا إلى العفو.. وبشَّر بالخير.. وفاض بالرحمة.. وتحلى بالأمانة.. وأعلن المساواة.. ونصر المظلوم.. ورعى اليتيم.. وآوى المسكين.. ورحم ابن السبيل.. ودعا الناس إلى القرب من الله، والعيش في رحابه في الدنيا لينالوا الرضوان في الآخرة..!
· وسيظل تاريخ هذا النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم خالداً خلود الأبد.. باقياً بقاء الدهر.. مدوياً في الآذن.. مضيئاً كالصبح.. ساطعاً كالشمس.. منيراً كالقمر.. يتحدى الفناء.. ويغالب الأيام.. ويحارب الطغيان.. ويقضي على الفساد..!
* * *
* لقد كان عليه الصلاة والسلام المعلم الذي ترتقي إليه البشرية في سموها وتقدمها.. والمؤدب الذي أيقظ في المسلمين الوعي بالذات والمجتمع.. ودعا إلى الأخلاق الفاضلة.. وحث على التخلق بالآداب العظيمة والصفات الحسنة..
فرسالته دعوة إلى الأخلاق. لأنه بعث متمماً لها:
"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
وقال له ربه:
"وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" أي فوق الخلق العظيم..
وسئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الجنة..؟
قال: "تقوى الله وحسن الخلق"
وقال عليه السلام لمعاذ بن جبل:
"يا معاذ أتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"
* * *
** وهذا الكتاب النفيس "سُلَّمُ أخلاق النبوة" يميط اللثام.. ويكشف النقاب.. ويرفع الستار.. عن بعض من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم تُغير للمسلم حياته الدينية والسلوكية والأخلاقية والتربوية.. فيها آيات بينات.. ودلائل واضحات على السمو والكمال.. والطهر والجلال.. والحياء والعفاف.. والصدق والإخلاص..!
** ولا غُرو.. فمؤلفه أستاذنا الموقر الشيخ محمود غريب.. خطيب ندىُّ الصوت.. بليغ الأسلوب.. عذب الحديث.. واسع الأفق.. ثاقب الفهم.. طلق اللسان.. عميق النظرة.. فخم العبارة.. دقيق التصوير.. بسيط الكلمة.. صادق الإنسانية.. دمث الخلق.. شفيق الجوهر.. سليم الفطرة..
ينقب عن الحكمة ويتفانى في تمجيدها.. ويعشق الفضيلة ويشدو بمحاسنها.. يميل إلى دراسة الحياة وفهمها عن طريق خيال الأديب.. ورهافة الشاعر.. وتمهل الفيلسوف.. وفكر الداعية.. وحكمة المجرب.. وحنكة الواعظ.. وذكاء الخطيب..!
يتخذ الأدب سميراً.. ويسمع الشعر منشداً.. ويشرب العلم رحيقاً.. ويلبس البيان ثوباً..
· له أسلوب في الحوار حكيم.. ومنهج في الكلام قويم.. وحديث على السمع جميل.. يتقن النسج.. ويجهد البيان في الوصف.. والفكر في التنسيق.. والذوق في اختيار الكلمات.. لتقصيه الدقيق.. وغوصه العميق.. وتمييزه الدقيق.. فيجلى غوامض الأفئدة.. ويسير غور الضمائر.. ويحسن الذوق في البيان..!
* * *
· ومما لا يعرفه القارئ العزيز عن الداعية الكبير الشيخ محمود غريب أنه بدأ حياته صانعاً للمفاتيح واستطاع بكفاحه وصبره أن يجمع بين الدراسة بالأزهر الشريف.. وصناعة المفاتيح. سبعة عشر عاماً.. فجادت قرائح الشعراء بوصفه كأول صانع يحصل على الشهادة العالية من الأزهر.. وكأس الأزهر في الخطبة 1966 م.
· يقول شاعر الشرقية "عبد الله محسن":
محمود غريب موهبة. . . من عند الرب الفتاح
يعطيك الهدى بموعظة. . . ويتيه بصنعه مفتاح
· وقال عنه شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون حين سلمه كأس الخطابة عام 1966 م: "إذا خَرَّج الأزهر في كل عام خطيباً واحداً مثل محمود غريب فقد أدى الأزهر رسالته".
· وقال عنه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر:
"إن الله رزق محمود غريب أن يفهم أكثر مما يقرأ"
وقد صور الدكتور صابر عبد الدايم يونس مراحل حياة الكاتب، والصناعات التي عمل بها، وما حصل عليه وهو صانع من سبق علمي فقال في قصيدة طويلة:
محمود عهدي بالإله يمدكم. . . في كل آونة بكل رباح
فاهنأ فإن الدهر ينطق باسماً. . . إن السعادة رهن كل كفاح
فخزائن الأرزاق قد فتحها. . . بالعلم ثم بصنعه المفتاح
وصنعت أقفاصاً لكل مغرد. . . ما قيدت حرية الصداح
غنَّت بلابلها فكان غناؤها. . . وصفا لأخلاق لكم وسماح
وجماعة الخطباء كنت عميدها. . . كالبدر يشرق بالسنا اللماح
كم من قلوب أنت فوق عروشها. . . متمكن كالنور بالمصباح
كأس الخطابة نلته عن عالم الإسلا
…
م ذا من أعذب الأقداح
ما فيه خمرّ، إنما فيه التقى. . . ممزوج بالنور السني الضاحي
مُهجُ المنابر صفّقت لقدومكم. . . وتمايلت كالمنتشي بالراح
** نسأل الله العلي القدير رب العرش العظيم أن يكون هذا الكتاب في ميزان حسنات الشيخ الجليل.
وجزاه الله عن المسلمين خير جزاء..
*********
قال المؤلف:
** عندما قرأت رسالة الأديب الكبير حديوي حلاوة - شكر الله له.
تذكرت قول السلف: إن صدق مادحوك فالفضل لمن منحك، وليس لمن مدحك. ورجوت الله أن يجعلني خيراً مما يظنون. وكانت هذه الكلمات تُنير لي الطريق وأنا أعمل صانعا للمفاتيح، وطالباً بالأزهر الشريف شكر الله لأصحابها.
* * *