الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل بين بعض القادة الفاتحين، وأبناء البلاد. وقصة ابن عمرو بن العاص مع المصري، غير بعيدة عن الأذهان.
إن ثقة القبطي في عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعلته يتحمل صعاب السفر من مصر إلى المدينة المنورة.
لم يكن مقامراً بهذا السفر البعيد، ولكنه كان واثقاً من عدله.
*
نُصرة عمر
- نصره عندما أرسل لواليه على مصر ليحضر إلى المدينة. لمجرد دعوى من قبطي، لم يُحضر معه أحد من الشهود. فمجرد الحضور عقوبة في ذاته.
- ونصره عندما حكم له بالقصاص من ابن عمرو. ابن والي مصر وحاكمها.
- ونصره عندما عنف عمرو بن العاص بكلمته المشهودة: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
وبعد أن أخذ القبطي حقه، قال له عمر:
اضرب عمرو على صلعته لأن ابنه لم يفعل ما فعل إلا لأنه ابن عمرو.
ابن الوالي.
فقال القبطي: لا أضرب إلا من ضربني.
وشكوى القبطي عمرو بن العاص أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه دليل أيضاً على ثقة القبطي في عدل والي مصر، وأنه لن يضيق عليه
إذا عادا لمصر.
- واقعية مثالية، أو مثالية واقعية.
أمر بالعدل مع العدو. وألزم الأمة بهذا العدل عندما جعله
تشريعا له قداسته، وجعل الأمة مسئولة عن تنفيذه.
وليس مجرد شعارات. فما أرخص الشعارات.
وملَّف القضاء - كما قلت - يشهد بعدل الإسلام مع أعدائه. حتى ولو كان الخصم هو الخليفة - الحاكم الأعلى -
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب - كرم الله وجهه - يفقد درعه في معركة صفين.
ويرى الدرع عند نصراني. فيرفع أمره للقاضي شُريح،
الإمام: الدرع درعي. وأنا لم أبعه، ولم أهبه.
النصراني: أمير المؤمنين ليس كاذباً. ولكن الدرع درعي.
القاضي: هل مع أمير المؤمنين بينة؟
الإمام: لا. ثم يضحك. ويقول: أصاب القاضي.
فيقضي شريح بالدرع للنصراني. لأنه تحت يده.
يقول ابن كثير في البداية والنهاية: لم يمش النصراني خطوات حتى عاد يقول: أما أني أشهد أن هذه أحكام أنبياء. أمير المؤمنين يدينني عند قاضيه، فيقضى لي عليه!!
أشهد أن لا إله إلا الله. وأن محمداً رسول الله.
الدرع درعك يا أمير المؤمنين. اتبعت الجيش وأنت منطلق من "صفين" فسقط من بعيرك.
فقال الإمام عليّ: أما إذ أسلمت فهي لك.
ونماذج كثيرة أفرد لها بعض الكتاب مؤلفات طوال.
- ومن عدل الإسلام مع أعدائه المساواة في الحقوق والواجبات.
فلهم ما لنا، وعليهم ما علينا، إلا ما يلزم أن يتولاه مسلم، لمساسه بأمور الشريعة كالإمامة. لأن الخليفة يخلف النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون إلا مسلماً.
والقضاء لما فيه من أمور الشريعة. وولاية على المسلم.
ما مصادر العيش، وما يجيدونه من فنون الثراء، فالإسلام لا يُضيق عليهم.
وقد ذكرت في كتابي "هذا نبيك يا ولدي" أن الإسلام أعطى أهل الكتاب حقوقا لم يعطها للمسلم.
من ذلك أن الإسلام اعترف بمالية الأمور التي اعترف دينهم بماليتها.
وأجاز لهم ملكيتها، وحماها لهم.
فمن اعتدى على خمر أو خنزير لمسلم وأتلفه لا يحكم الإسلام للمسلم بالتعويض المادي. ولا يعاقب الفاعل
…
أما من اعتدى على خمر أو خنزير لأحد من أهل الكتاب - في بلاد الإسلام - يُعاقب ويُغرم.
وهذا مذهب الأحناف.
حتى الكلمة التي تسيئه لا يجوز للمسلم أن ينطق بها احتراما لذمة الله، وذمة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ديننا.
لم يأمرنا أن ندير له الخدَّ الأيسر، إذا ضربنا على الخد الأيمن،
كما قال السيد المسيح - ولم يأمرنا بحب أعدائنا، ولكن أمرنا أن نرعي شيخوختهم وعجزهم. رعاية ينص عليها التشريع الإسلامي، نصاً صريحاً، عندما أمرنا بالوفاء بالعقود.
جاء في كتاب "الخراج" لأبي يوسف - صاحب أبي حنيفة رضي الله عنه صـ 144 إن خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما كتب عقد الذمة لنصارى الحيرة بالعراق قال: وجعلت لهم. أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر، وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت عنه جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين، هو وعياله.
وقد كتب خالد لأبي بكر رضي الله عنه بهذا العهد فأقره، وأقره من بجواره من الصحابة، فأصبح إجماعاً. والإجماع مصدر من مصادر التشريع.
وهذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع اليهودي الذي أقعدته الحاجة عن الكسب.
وقال ما أنصفناه، عندما أخذنا منه الجزية شابا، ثم نخذله عند الهرم.