الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العلم
مدخل
…
باب العَلَم:
بفتح العين واللام، "وهو نوعان: جنسي؛ وسيأتي" آخر الباب، "وشخصي، وهو اسم يعين مسماه تعيينا مطلقا" من غير قيد زائد عليه، بل بمجرد الوضع والغلبة، وإليه أشار الناظم بقوله:
72-
اسم يعين المسمى مطلقا
…
.............................
"فخرج بذكر التعيين النكرات" كرجل، فإنها لا تعين مسمياتها، وكشمس وقمر، فإن لفظهما لا يعين مدلولهما من حيث الوضع، وإنما حصل التعيين بعد الوضع لأمر عرض في المسمى، وهو الانفراد في الوجود الخارجي، "و" خرج "بذكر الإطلاق ما عدا العَلَم من المعارف، فإن تعيينها لمسمياتها" ليس تعيينا مطلقا بل هو "تعيين مقيد"، إما بقرينة لفظية أو معنوية، "ألا ترى أن ذا الألف واللام مثلا إنما يعين مسماه مما دامت فيه "أل"، فإذا فارقته فارقه التعيين"، ونحو:"الذي"، إنما يعين مسماه بالصلة، ونحو:"أنا وأنت وهو" إنما يعين مسماه بالتكلم والخطاب والغيبة، فإن "أنت" مثلا موضوع للمخاطب المعين من حيث هو مخاطب، فإذا جعل صالحا لكل شخص من المخاطبين، فهو غير معرفة مجازا، قاله الشاطبي. "ونحو "هذا" إنما يعين مسماه ما دام حاضرا"، فإذا فارقه الحضور فارقه التعيين.
قال الشاطبي: فإن "ذا" مثلا وضع لشخص مفرد قريب، فهو باعتبار الحال والمحل معرفة، وباعتبار صلاحية لفظه لكل من اتصف بتلك الحال، وحل ذلك المحل غير معرفة. ا. هـ. "وكذا الباقي" من المعارف، فنحو "يا رجل" لمعين إنما يعين مسماه بالقصد والإقبال، ونحو: غلامي، وغلام زيد، وغلام هذا، وغلام الذي قام أبوه، وغلام الرجل، إنما يعين مسماه بالمضاف إليه، فإذا فارقه فارقه التعيين.
"فصل":
"و" العلم الشخصي "مسماه نوعان":
أحدهما: "أولو العلم من المذكرين كـ: جعفر"، وهو علم منقول عن اسم النهر الصغير لرجل، وهو أيضا: أبو قبيلة من عامر، وهو جعفر بن كلاب من ربيعة بن عامر، وهم الجعافرة، "والمؤنثات كـ: خِرْنِق"، بكسر الخاء المعجمة والنون: وهو علم منقول عن ولد الأرنب لامرأة شاعرة، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه، قال أبو عبيدة: وهي خرنق بنت هفان من بني سعد بن ضبيعة؛ رهط الأعشى1 ا. هـ.
"و" الثاني: "ما يؤلف كالقبائل": جمع قبيلة، والأحياء: جمع حي، "كـ: قرن" بفتح القاف والراء: وهو اسم قبيلة من مراد، أبوهم قَرَن بن ردمان بن ناجية بن مراد، وإليه ينسب أويس القرني2 رضي الله عنه، ومن قال إنه منسوب إلى قرن المنازل؛ بسكون الراء؛ كالجوهري فقد سها3. "والبلاد": جمع بلد، "كعدن" بفتح العين والدال المهملتين: علم بلدة بساحل اليمن، "والخيل": اسم جمع لا واحد له من لفظه، وإنما له واحد من معناه وهو فرس، "كلاحق": علم فرس كان لمعاوية بن أبي سفيان4 رضي الله عنه، والبغال: كدلدل، والحمير: كيعفور، وكلاهما5 كان للنبي صلى الله عليه وسلم، "والإبل": اسم جمع "كشذقم": علم فحل من فحولة الإبل6، كان للنعمان بن المنذر،
1 نقل هذا القول الزبيدي في تاج العروس 25/ 235 "خرنق".
2 جمهرة أنساب العرب ص407.
3 في معجم البلدان 4/ 331 مادة: قرن: "قال الجوهري: قرن، بالتحريك، ميقات أهل نجد، ومنه أويس القرني، وقال الغوري: هو منسوب إلى بني قرن، وغير الجوهري يقول بسكون الراء".
4 كذا في شرح المفصل 1/ 34، وفي الأغاني 17/ 246 أنه اسم فرس لزيد الخيل، وفي أنساب الخيل ص22، 33 أنه اسم فرس لغني بن أعصر، وفي معجم الخيل العربية المنسوبة ص186 أنه اسم فرس للحسين بن علي بن أبي طالب، وللحازوق الخارجي، ولعتيبة بن الحارث، ولسعد بن زيد.
5 أنساب الأشراف ص511، والمعارف ص149، ورسائل الجاحظ 2/ 220.
6 شرح المفصل 1/ 34.
وإليه تنسب الإبل الشذقمية، "والبقر": اسم جنس "كعرار" بفتح العين والراء المهملتين وكسر الراء الأخيرة: علم بقرة، وفي المثل:"باءت عرار بكحل"1 بفتح الكاف وسكون الحاء المهملة: علم بقرة أيضا، وأصل هذا المثل أن عرار وكحل اصطدمتا فماتتا جميعا، فباءت كل منهما بالأخرى، فصار مثلا يضرب لكل مستويين، "والغنم": اسم جمع "كهيلة": علم لعنز لبعض نساء العرب، "والكلاب": جمع كلب "كواشق": علم لكلب. وذكر في النظم سبعة أعلام، وثامنهم علم الكلب، فقال:
72-
...................................
…
.......................... كجعفر وخرنقا
73-
وقرن وعدن ولاحق
…
وشذقم وهيلة وواشق
وفي ذلك موازاة لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] .
1 المثل في مجمع الأمثال 1/ 91، وجمهرة الأمثال 1/ 203، 226، والمستقصى 2/ 2، وشرح المفصل 4/ 62، 63.
"فصل":
وينقسم العلم بحسب الوضع "إلى" قسمين:
أحدهما: "مرتجل" من الارتجال؛ بمعنى الابتكار؛ قيل: كأنه مأخوذ من قولهم: ارتجل الشيء: إذا فعله قائما على رجليه من غير أن يقعد ويتروى، "وهو" في كلام سيبويه على وجهين:
أحدهما: مات لم تقع له مادة مستعملة في الكلام العربي، قالوا: ولم يأت من ذلك إلا فقعس، وهو أبو قبيلة من بني أسد، وهو فقعس بن طريف بن عمرو [بن قعين] 1 بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد، ولم يستعملوا مادة "ف ق ع س" في غير هذا الموضع.
والثاني: "ما" استعملت مادته؛ لكن لم تستعمل تلك الصيغة بخصوصها في غير العلمية، بل "استعمل من أول الأمر علما"، وهذا الثاني هو الكثير، ولذلك اقتصر عليه، "كأدد": علما "لرجل"، وهو أبو قبيلة من اليمن، وهو: أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير2. وذكر سيبويه أنه من الود، من مادة "ودد"، فأصل همزته الواو3، واستعملت هذه المادة في الود والودود وغيرهما، "وسعاد": علما "لامرأة"، لم تستعمل هذه البنية في النكرات، واستعملت مادة "س ع د" في السعد والساعد والسعدان، وغير ذلك. ثم المرتجل قسمان: قياسي وشاذ، فالقياسي: ما له نظير في أبنية الأسماء، والشاذ ما لا نظير له فالأول، نحو: غطفان وعمران وحمدان وفقعس وحنتف، فإن نظيرها نزوان وسرحان وندمان وجعفر وعنبس، والثاني، نحو: محبب وموهب وموظب ومكوزة وحيوة.
1 إضافة من جمهرة أنساب العرب ص195، 446.
2 جمهرة أنساب العرب ص397.
3 نسب هذا القول إلى ابن دريد في لسان العرب 2/ 71 "أدد".
"و" إلى "منقول، وهو الغالب" في الأعلام، "وهو ما استعمل قبل العلمية لغيرها، ونقله" إما أن يكون "من اسم" جامد، والاسم الجامد "إما" أن يكون "لحدث" أي: مصدر "كزيد"، فإنه في الأصل مصدر: زاد يزيد زيدا وزيادة، "وفضل": وهو في الأصل مصدر فضل يفضل فضلا، "أو" يكون "لعين" أي: ذات، "كأسد"، فإنه في الأصل اسم جنس للحيوان المفترس، "وثور" بالمثلثة، فإنه في الأصل الفحل من البقر، "وإما" أن يكون "من وصف"، وذلك الوصف "أما الفاعل كحارث"، فإنه في الأصل اسم فاعل من حرث يحرث، "وحسن" بفتح المهملتين؛ فإنه في الأصل صفة مشبهة من حسن، "أو لمفعول كمنصور"، فإنه في الأصل اسم مفعول من نصر الثلاثي المجرد، "ومحمد": فإنه في الأصل اسم مفعول من "حمد" بتشديد الميم الثلاثي المزيد، "وإما" أن يكون "من فعل" مجرد عن الفاعل، وذلك الفعل "إما ماض، كشمر" بتشديد الميم: لفرس، "أو مضارع، كيشكر": لرجل، وهو نوح عليه الصلاة والسلام، أو أمر كاصمت: لبرية. قال الرضي: وكسر الميم منه؛ والمسموع في الأمر الضم؛ لأن الأعلام كثيرًا ما يغير لفظها عند النقل. ا. هـ. وإما أن يكون نقله من حرف، كما لو سميت رجلًا بواحد من صيغ الحروف، قاله الفخر الرازي في شرح المفصل، "وإما" أن يكون "من جملة"، وتلك الجملة "إما فعلية" فاعلها ظاهر، "كشاب قرناها"، أي: ذؤابتا شعرها، أو فاعلها مضمر بارز كـ"أطرقا"1 أو مستتر كيزيد من قوله:[من الرجز]
78-
.................. بني يزيد
…
...............................
بضم الدال، "أو اسمية؛ كزيد منطلق؛ وليس" النقل من الجملة الاسمية "بمسموع" من العرب كما قاله في شرح التسهيل2، "ولكنهم" أي: النحاة "قاسوه" على ما سمع من النقل من الجمل الفعلية، وجعلوه قسيما له؛ على تقدير التسمية بها، وما ذكره من
1 الشاهد على ذلك قوله: [من المتقارب]
"على أطرقا باليات الخيا
…
م إلا الثمام وإلا العصي"
وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 2/ 317، 7/ 342، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100، وشرح المفصل 1/ 31، والمقاصد النحوية 1/ 397، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص333، وشرح الأشموني 1/ 60.
78-
تمام البيت:
"نبئت أخوالي بني يزيد"
، وسيأتي الشاهد بتمامه برقم 80.
2 شرح التسهيل 1/ 117.
تقسيم العلم إلى مرتجل ومنقول هو المشهور1، وهو في ذلك تابع للناظم في قوله:
76-
ومنه منقول كفضل وأسد
…
وذو ارتجال كسعاد وأدد
"وعن سيبويه: الأعلام كلها منقولة"؛ لأن الأصل في الأسماء التنكير2، "وعن الزجاج: كلها مرتجلة"؛ لأن الأصل عدم النقل، وما وافق وصفا أو غيره؛ فهو اتفاقي لا مقصود.
1 جعل بعضهم العلم بالغلبة قسما ثالثا؛ ليس بمنقول ولا مرتجل، وقال: المنقسم إليهما إنما هو العلم الوضعي، وقد يدعى أن تعريفهم المنقول بأنه ما استعمل قبل العلمية في غيرها يشمل هذا القسم. حاشية يس 1/ 114.
2 الكتاب 2/ 97.
"فصل":
"وينقسم" العلم باعتبار ذاته "أيضا إلى مفرد" عن التركيب، "كزيد" وأدد "وهند" وسعاد، "وإلى مركب، وهو ثلاثة أنواع"، وذلك أنه:
إما "مركب إسنادي"، وهو كل كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى، "كبرق نحره"، وشاب قرناها، وهذا" النوع مبني، و"حكمه الحكاية" على ما كان عليه قبل التسمية به، قال:[من الطويل]
79-
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها
…
بني شاب قرناها تصر وتحلب
"وقال" رؤبة في حكاية الفعل المسند إلى الضمير المستتر: [من الرجز]
80-
"نبئت أخوالي بني يزيد"
…
ظلما علينا لهم فديد
والقوافي مرفوعة، فلولا أن في "يزيد" ضميرا مرفوعا على الفاعلية لما رفع "يزيد" على الحكاية، ولجر بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه مفرد غير منصرف، ومانعه من الصرف العلمية ووزن الفعل.
و"نبئت": بمعنى أخبرت، متعد لثلاثة، أولها ضمير المتكلم المرفوع على النيابة عن الفاعل، وأخوالي: مفعوله الثاني، وبني يزيد: عطف بيان عليه، وجملة "لهم
79- البيت للأسدي في لسان العرب 13/ 333 "قرن"، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 273، والخصائص 2/ 367، وشرح المفصل 1/ 28، والكتاب 2/ 85، 3/ 207، 326، ولسان العرب 12/ 596 "نوم"، والكامل ص497، وما ينصرف وما لا ينصرف ص20، 123، والمقاصد النحوية 4/ 3، والمقتضب 4/ 9، 226.
80-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172، وخزانة الأدب 1/ 270، والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124، وشرح ابن الناظم ص49، وشرح المفصل 1/ 28، ولسان العرب 3/ 200 "زيد" 329 "فدد" 4/ 75 "بقر"، ومجالس ثعلب 212 ومغني اللبيب 2/ 626، وتهذيب اللغة 14/ 74، ومجمل اللغة 4/ 55، ومقاييس اللغة 4/ 438.
فديد" بالفاء: بمعنى صياح، في موضع المفعول الثالث، أي: فادين، و"ظلمنا": مفعول لأجله؛ وناصبه محذوف تقديره: يصيحون، و"علينا": متعلق بذلك المحذوف، لا بفديد؛ لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولم يقل: "عليهم" لأن المتكلم يغلب على غيره في إعادة الضمير، تقول: أنا وزيد فعلنا، ولا تقول: فعلا، والجاري على الألسنة: "بني يزيد" بالياء؛ آخر الحروف أوله، وقال ابن يعيش: صوابه بالتاء المثناة فوق، وهو اسم رجل وإليه تنسب الثياب التزيدية1 ا. هـ. قيل: ولا يتعين ذلك في البيت إلا أن يريد تزيد بن جشم بن الخزرج، أو بن حلوان بن عمران بن قضاعة2، فإن كلا من هذين أبو قبيلة، وهما بالتاء الفوقانية.
"و" إما "مركب مزجي، وهو كل كلمتين نزلت ثانيتهما منزلة تاء التأنيث مما قبلها" في أن ما قبله مفتوح الآخر ما لم يكن ياء، ولكل من جزأيه حكم يخصه فحكم الجزء "الأول أن يفتح آخره"، كما يفتح ما قبل تاء التأنيث، وينتقل عن الإعراب إلى الجزء الثاني، لصيرورته كالجزء مما قبله، كما نقل الإعراب مما قبل تاء التأنيث إليها، لما صارت كالجزء مما قبلها، "كبعلبك وحضرموت" لبلدين، والأصل قبل التركيب بعل وبك، وحضر وموت، فامتزجا وصارا كالكلمة الواحدة، وحكمهما أن يفتح آخر أولهما، "إلا إن كان ياء فيسكن"، للثقل بالتركيب والإعلال، "كمعدي كرب"، لرجل "وقالي قلا" لمكان، وكسر الدال من "معدي" شاذ، والقياس فتحها، كمرمى ومسعى، و"حكم" الجزء "الثاني" منهما "أن يعرب بالضمة" رفعا، "والفتحة" نصبا وجرا إعراب ما لا ينصرف للتركيب والعلمية، "إلا إن كان" الجزء الثاني "كلمة "ويه" فيبنى على الكسر" في الأشهر عند سيبويه3، أما البناء فلأنه اسم صوت4، وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين وذلك "كسيبويه وعمرويه"، واختار الجرمي أن يعرب إعراب ما لا ينصرف، فلا يدخله خفض ولا تنوين. قال أبو حيان: وهو مشكل، إلا أن يستند إلى سماع، وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء، لاختلاط الاسم بالصوت، وصيرورتهما اسما واحدا: ا. هـ. وإلى هذا التفصيل الإشارة بقول الناظم:
1 في شرح المفصل 1/ 28: "وهو تزيد بن حلوان أبو قبيلة معروفة؛ إليه تنسب البرود التزيدية".
2 في تاج العروس 8/ 162 "زيد": "قيل: وصوابه تزيد بن حيان، كما نبه عليه العسكري في التصحيف في لحن الخاصة". وانظر جمهرة أنساب العرب ص440.
3 في الكتاب 3/ 301: "جعلوه في النكرة بمنزلة غاق، منونة مكسورة في كل موضع".
4 في شرح ابن الناظم ص50: "لأن الأصوات لا حظ لها في الإعراب".
77-
........................................
…
ذا إن بغير ويه تم أعربا
"وإما" مركب "إضافي وهو الغالب" في الأعلام المركبة؛ لأن الأكثر فيها الكنى، وهي مضافة، "وهو كل اسمين نزل ثانيهما منزلة التنوين مما قبله"، في أن الجزء الأول جار بوجوه الإعراب، والجزء الثاني ملازم لحالة واحدة، إلا أن التنوين ملازم للسكون، والمضاف إليه ملازم للجر، وما قبلهما يختلف بوجوه الإعراب، "كعبد الله"، مما المضاف إليه مجرور بالكسرة، والمضاف معرب بالحركات، "وأبي قحافة" مما المضاف إليه مجرور بالفتحة، والمضاف معرب بالحروف، "وحكمه أن يجري" الجزء "الأول" وهو المضاف "بحسب العوامل الثلاثة" رفعا ونصبا وجرا، "ويجر" بالبناء للمفعول، بمعنى يخفض الجزء "الثاني" وهو المضاف إليه "بالإضافة" دائما، وإلى هذه الأقسام الثلاثة أشار الناظم بقوله:
77-
وجملة وما بمزج ركبا
…
ذا إن بغير ويه تم أعربا
78-
وشاع في الأعلام ذو الإضافة
…
..................................
"فصل":
"وينقسم" العلم "أيضا إلى اسم وكنية ولقب"، وهو المشار إليه في النظم بقوله:
74-
واسما أتى وكنية ولقبا
…
...........................
"فالكنية: كل مركب إضافي في صدره أب أو أم، كأبي بكر" بن أبي قحافة رضي الله عنهما، "وأم كلثوم" بنت النبي صلى الله عليه وسلم، زاد الإمام الفخر الرازي في العلم الجنسي: وابن أو بنت، كابن دأية للغراب، وبنت الأرض للحصاة. ا. هـ.
"واللقب كل ما أشعر برفعة المسمى أو ضعته"، بفتح الضاد المعجمة، والقياس كسرها، وإنما فتحت تبعا للمضارع، والهاء عوض من الواو، والوضيع: الدنيء من الناس، فالرفعة "كزين العابدين": لقب علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. "و" الضعة، نحو:"أنف الناقة": لقب جعفر بن قريع، تصغير قرع، بفتح القاف وسكون الراء بالعين المهملة، وهو: أبو بطن من سعد بن زيد مناة، وسبب جريان هذا اللقب عليه أن أباه ذبح ناقة وقسمها بين نسائه، فبعثته أمه إلى أبيه، ولم يبق إلا رأس الناقة، فقال له أبوه: شأنك به، فأدخل يده في أنف الناقة وجعل يجره، فلقب به، وكانوا يغضبون من هذا اللقب، فلما مدحهم الحطيئة بقوله:[من البسيط]
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
…
ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا1
صار اللقب مدحا، والنسبة إليه أنفي، فمرجع الكنية إلى اللفظ، وإن أشعرت
1 البيت للحطيئة في ديوانه ص17، وديوان المعاني 1/ 27، 78، والاقتضاب ص531، ولسان العرب 1/ 389 "ذنب"، 9/ 16 "أنف"، ومحاضرات الأدباء 3/ 286، ومقاييس اللغة 1/ 147، وتهذيب اللغة 14/ 438، 15/ 284، وتاج العروس 2/ 437 "ذنب"، 4/ 134 "كرب"، 23/ 42 "أنف"، وأساس البلاغة "أنف"، والمعاني الكبير ص1106، وبلا نسبة في محاضرات الأدباء 1/ 298، 3/ 339.
بالتعظيم، ومرجع اللقب إلى المعنى، "والاسم ما عداهما وهو الغالب، كزيد وعمرو"، وفرق الأبهري في حواشي العضد بين الاسم واللقب، فقال: الاسم يقصد بدلالته الذات المعينة، واللقب يقصد به الذات مع الوصف، ولذلك يختار اللقب عند إرادة التعظيم أو الإهانة، "و" إذا اجتمع الاسم واللقب "يؤخر اللقب عن الاسم" غالبا؛ لأن الغالب في اللقب أن يكون منقولا من اسم غير إنسان كـ"بطة" فلو قدم لتوهم السامع أن المراد مسماه الأصلي، وذلك مأمون بتأخره؛، ولأن اللقب يشبه النعت في إشعاره بالمدح والذم، والنعت لا يقدم على المنعوت، فكذلك ما أشبهه "كزيد زين العابدين"، أو أنف الناقة، وهذا مراد الناظم بقوله:
74-
.........................
…
وأخرن ذا إن سواه صحبا
"وربما يقدم" اللقب على الاسم، "كقوله" وهو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت رضي الله عنهما:[من الوافر]
81-
"أنا ابن مزيقيا عمرو وجدي"
…
أبوه منذر ماء السماء
فقدم اللقب وهو "مزيقيا" على الاسم وهو "عمرو"، ومزيقيا: بضم الميم وفتح الزاي وسكون الياء المثناة التحتانية وكسر القاف وتخفيف الياء آخر الحروف: لقب عمرو، وعمرو: بالجر، عطف بيان على مزيقيا، أو بدل منه، وسبب جريان هذا اللقب على عمرو أنه كان من ملوك اليمن، وكان يلبس كل يوم حلتين، فإذا أمسى مزقهما، كراهية أن يلبسهما ثانيا، وأن يلبسهما غيره، ومنذر: أحد أجداده لأمه، وهو: منذر بن امرئ القيس بن النعمان، أحد ملوك الحيرة، وماء السماء: لقب منذر، واختلف في سبب جريانه عليه، فقيل: لحسن وجهه، وقيل: إن أمه كان يقال لها ماء السماء لحسنها، واشتهر المنذر بلقب أمه، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم بن الخزرج. وأراد أوس بذلك أنه كريم الطرفين نسيب الجهتين، "ولا ترتيب بين الكنية وغيرها" من اسم أو لقب، فيجوز تقديم الكنية على الاسم واللقب وتأخيرها عنهما، "قال" أعرابي إخبارا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:[من الرجز]
81- البيت لأوس بن الصامت في المقاصد النحوية 1/ 391، ولحسان بن ثابت في المستقصى 1/ 249، والدرة الفاخرة 1/ 313، ولبعض الأنصار في خزانة الأدب 4/ 365، ولسان العرب 13/ 545 "موه"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 127، وتخليص الشواهد ص118، وشرح الأشموني 1/ 58، ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 15/ 208 "قوا"، وتاج العروس "مزق".
82-
"أقسم بالله أبو حفص عمر"
…
ما مسها من نقب ولا دبر
فاغفر له اللهم إن كان فجر
فقدم الكنية وهي "أبو حفص" على الاسم وهو "عمر"، وسبب إنشاء ذلك أن قائلها قال لعمر رضي الله عنه: إن ناقتي قد نقبت فاحملني، فقال له عمر: كذبت، وأبى أن يحمله، وحلف على ذلك، فأنشده ذلك. يقال: نقب البعير ينقب؛ بكسر القاف في الماضي وفتحها في المضارع؛ إذا رق خفه، ودبر العير: إذا حفي، فكأنه تفسير له، ويقال: فجر، إذا حنث في يمينه، "وقال حسان" بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنه:[من الطويل]
83-
"وما اهتز عرش الله من أجل هالك
…
سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو"
فقدم الاسم وهو "سعد" على الكنية وهو "أبو عمرو". وأصل هذا البيت أن السيد سعد بن معاذ أصيب يوم الخندق بسهم في أكحله، فتألم قليلا ومات منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اهتز العرش لموت سعد بن معاذ" 1، فنظمه حسان رضي الله عنه. وتقول: جاءني أبو عبد الله بطة، وبطة أبو عبد الله. "وفي نسخة من الخلاصة ما" أي شيء، وهو قوله:
74-
.........................................
…
وأخرن ذا إن سواه صحبا
وذلك "يقتضي أن اللقب يجب تأخيره عن الكنية كأبي عبد الله أنف الناقة" لأن سوى اللقب يشمل الاسم والكنية، فكأنه قال: وأخر اللقب إن صحب الاسم أو للكنية فالأمر بوجوب تأخير اللقب عن الاسم صحيح. "وليس" الحكم مع الكنية "كذلك"، بل يجوز تقديم اللقب على الكنية وتأخيره عنها؛ كما تقدم. وفي نسخة أخرى من الخلاصة:
.............................................
…
وذا اجعل إذا اسما صحبا
فالإشارة بـ"ذا" إلى اللقب وهي أصرح في المراد. ولكن قال المرادي: وما سبق
82- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71، ولعبد الله بن كيسبة أو الأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، وربيع الأبرار 1/ 269، ولأعرابي في المقاصد النحوية 4/ 115، ولسان العرب 1/ 766 "نقب"، 5/ 47، 48 "فجر"، وتاج العروس 4/ 301 "نقب"، 13/ 301 "فجر"، وتهذيب اللغة 11/ 50، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، وشرح الأشموني 1/ 59، وشرح شذور الذهب ص435، ومعاهد التنصيص 1/ 279، وأساس البلاغة "نقب"، وديوان الأدب 2/ 111، وكتاب العين 8/ 307.
83-
البيت لحسان في أوضح المسالك 1/ 129، والمقاصد النحوية 1/ 393، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 59.
1 أخرجه البخاري في فضائل الصحابة برقم 3592.
أولى؛ لأن هذه النسخة لا يفهم منها حكم اللقب مع الكنية. ا. هـ. ولك أن تقول: أما كونها لا يفهم منها حكم اللقب مع الكنية فمسلم باعتبار المنطوق، وغير مسلم باعتبار المفهوم، وأما كونها أولى فممنوع؛ لأنها تفهم غير الصواب.
"ثم إن كان اللقب وما قبله" من الاسم "مضافين كعبد الله زين العابدين"، أو أنف الناقة، "أو كان الأول مفردا" عن الإضافة، "والثاني مضافا كزيد زين العابدين" أو أنف الناقة، "أو كانا بالعكس" بأن كان الأول مضافا والثاني مفردا "كعبد الله كرز"، بضم الكاف وسكون الراء المهملة وفي آخره زاي، وهو في الأصل، خرج الراعي، فالأقسام ثلاثة، فإن شئت "أتبعت الثاني للأول" في إعرابه؛ "إما بدلا" من الأول؛ بدل كل من كل، "أو عطف بيان" على الأول، "أو قطعته عن التبعية؛ إما برفعه خبرا لمبتدأ محذوف أو بنصبه مفعولا" به "لفعل محذوف"، فتقول على الاتباع: جاءني عبد الله زين العابدين؛ برفعهما؛ ورأيت عبد الله زين العابدين؛ بنصبهما؛ ومررت بعبد الله زين العابدين؛ بجرهما؛ وإن شئت قطعت من الرفع إلى النصب، ومن النصب إلى الرفع، ومن الجر إلى الرفع والنصب، فالرفع بتقدير: هو، والنصب بتقدير: أعني، ولو أظهر لجاز. وهكذا حكم الكنية وما قبلها من الاسم واللقب اتباعا وقطعا، إلا أن الكنية لا تكون إلا مضافة، واللقب والاسم يكونان مضافين ومفردين، فإن كانا مضافين أو أحدهما مضافا والآخر مفردا فحكمهما ما سبق.
"وإن كانا مفردين كسعيد كرز، جاز ذلك" المتقدم، وهو جواز الاتباع والقطع، "و" جاز "وجه آخر؛ وهو إضافة الأول إلى الثاني"، إن لم يمنع مانع، كما إذا كان الاسم مقرونا بـ"أل" كالحارث قفة، أو كان اللقب وصفا في الأصل مقرونا بـ"أل" كهارون الرشيد ومحمد المهدي، فلا يضاف الأول إلى الثاني، نص على ذلك ابن خروف. وجواز الإضافة مع انتفاء المانع هو قول الكوفيين والزجاج، وهو الصحيح، والاتباع أقيس، والإضافة أكثر، "وجمهور البصريين يوجب هذا الوجه" وهو الإضافة، "و" وجوب الإضافة "يرده النظر" من جهتي الصناعة والسماع، أما الصناعة فلأنا لو أضفنا الأول إلى الثاني لزم إضافة الشيء إلى نفسه، بيان الملازمة أن الاسم واللقب اسمان مسماهما واحد، فإضافة أحدهما إلى الآخر إضافة الشيء إلى نفسه، واللازم باطل، فالملزوم مثله لوجوب مغايرة المتضايفين، "و" أما السماع من العرب فهو "قولهم" لرجل ضخم العينين اسمه يحيى، ولقبه عينان:"هذا يحيى عينان"، بغير إضافة، وإلا لقالوا: عينين
بالياء، وأجيب عن الأول بأنه من إضافة المسمى إلى الاسم، فمعنى "جاءني سعيد كرز" بالإضافة: جاءني مسمى هذا الاسم، وإنما أول الأول بالمسمى، والثاني بالاسم؛ لأن الأول هو المعرض للإسناد إليه، والمسند إليه إنما هو المسمى، فلزم أن يقصد بالثاني مجرد اللفظ. وأجيب عن الثاني بأنه يحتمل أن يكون جاء على لغة من يلزم المثنى الألف مطلقا، وإلى وجوب الإضافة في المفردين، وجواز الاتباع في غيرهما أشار الناظم بقوله:
75-
وإن يكونا مفردين فأضف
…
حتما وإلا أتبع الذي ردف
وما ذكروه من النظر على القول بوجوب الإضافة يأتي مثله في حال الإضافة على القول بالجواز، فهو مشترك الإلزام فما كان جواز المجيز فهو جواب الموجب.
"فصل":
"والعلم الجنسي" الموعود بذكره أول الباب: "اسم يعين مسماه بغير قيد تعيين ذي الأداة الجنسية، أو" ذي الأداة "الحضورية"، وبذلك يفارق العلم الشخصي. "تقول" في تعيينه ذي الأداة الجنسية:"أسامة أجرأ"، من الجراءة وهي الشدة، "من ثعالة، فيكون" في تعين الجنس "بمنزلة قولك: الأسد أجرأ من الثعلب، و"أل" في" الأسد والثعلب "هذين، للجنس" لا للعهد، إذ كل منها اسم جنس. "وتقول" في تعيينه تعين ذي الأداة الحضورية:"هذا أسامة مقبلا، فيكون" في تعيين الحضور المستفاد من الإشارة "بمنزلة قولك: هذا الأسد مقبلا، و"أل" في" الأسد "هذا، لتعريف الحضور" المستفاد من الإشارة إلى الجنس. فإن قيل: كيف يقول: "هذا الأسد" مشيرا إلى واحد بعينه؛ وأنت تعني الجنس؟ فالجواب: أن أصل الاسم الوضع على جملة الجنس، فإذا أشرت إليه فإنما تعني به ذلك الفرد من حيث هو معروف معلوم الأشياء، لا أسد بعينه، قال سيبويه1: إذا قلت هذا أبو الحارث إنما2 تريد هذا الأسد، أي: هو الذي سميت باسمه3 أو [هذا الذي قد] 4 عرفت أشباهه، ولا تريد أن تشير إلى شيء قد عرفته بعينه كزيد5، ولكنك أردت هذا الذي كل واحد من أمته له هذا الاسم. ا. هـ.
1 الكتاب 2/ 94.
2 في الكتاب: "فأنت" مكان "إنما".
3 في الكتاب: "أي: هذا الذي سمعت باسمه".
4 إضافة من الكتاب.
5 في الكتاب: "
…
أن تشير إلى شيء قد عرفه بعينه قبل ذلك، كمعرفته زيدا".
"وهذا العلم" الجنسي "يشبه علم الشخص من جهة الأحكام اللفظية، فإنه يمتنع من" دخول "أل" عليه فلا يقال: الأسامة، كما لا يقال، الزيد، "و" يمتنع "من الإضافة" فلا يقال: أسامتكم، كما لا يقال: زيدكم، إلا إن قصد فيهما الشياع في المسألتين؛ لأن المانع من ذلك اجتماع معرفين مختلفين على معرف واحد، وذلك مأمون بالشياع، "و" يمتنع "من الصرف"، وهو التنوين فلا يجر بالكسرة ولا ينون "إن كان ذا سبب آخر" مع العلمية، "كالتأنيث" اللفظي "في: أسامة وثعالة"، وكزيادة الألف والنون في حمار قبان، "وكوزن الفعل في: بنات أَوْبَر" علما على ضرب من الكمأة، "وابن آوى" بالمد، وهو حيوان كريه الرائحة، فوق الثعلب ودون الكلب، وفيه شبه من الذئب وشبه من الثعلب، طويل المخالب والأظفار، صياحه يشبه صياح الصبيان. قاله الكمال الدميري1.
فإن قلت وزن الفعل في المضاف إليه فقط، والعلم هو مجموع المضاف والمضاف إليه قلت: أجيب عنه بأن الأعلام الجنسية الإضافية يجري على جزئها الثاني حكم ما لو كان علما وحده، قال الدماميني. ويمتنع وصفه بالنكرة، فلا يقال: أسامة مفترس، بل: المفترس، "ويبتدأ به، ويأتي الحال منه" بلا مسوغ فيهما "كما تقدم في المثالين" السابقين وهما: أسامة أجرأ من ثعالة، وهذا أسامة مقبلا، "ويشبه النكرة من جهة المعنى؛ لأنه شائع في أمته" وجماعته، "لا يختص به واحد دون آخر"، كما أن النكرة، نحو:"رجل" كذلك، فظهر من كلامه أولا أن علم الجنس مرادف في المعنى لاسم الجنس بـ"أل" الجنسية، وآخر: أنه لا فرق بين علم الجنس واسمه النكرة من حيث المعنى، وإنما الفرق بينهما من جهة التعريف وعدمه، وقد يقال لما عاملوا "أسد" معاملة النكرة، و"أسامة" معاملة المعرفة، دل ذلك على افتراق مدلوليهما، وإلا لزم التحكم، فبالأثر يستدل على المؤثر، والفرق أن الصورة الذهنية لها حضور من حيث استحضارها في الذهن؛ ليطابق بها شخص ما، وعموم "من" حيث هي كلية مجردة عن اللواحق، فاللفظ الموضوع لها من حيث خصوصها علم الجنس كأسامة، والموضوع لها من حيث عمومها اسم جنس كأسد، وهي من حيث خصوصها وعمومها تنطبق على كل فرد من أفرادها، والحاصل: أن "أسدا" موضوع للحقيقة الذهنية؛ من حيث هي هي؛ من غير اعتبار قيد معها أصلا، و"أسامة" موضوع للحقيقة باعتبار
1 حياة الحيوان الكبرى 1/ 152 "ابن آوى".
حضورها الذهني الذي هو نوع تشخص لها، مع قطع النظر عن أفرادها، وينقسم على الجنس إلى اسم وكنية ولقب، وذلك مستفاد من قول الناظم:
79-
ووضعوا لبعض الأجناس علم
…
كعلم الأشخاص لفظا وهو عم
"فصل":
"ومسمى علم الجنس ثلاثة أنواع:
أحدها، وهو الغالب: أعيان لا تؤلف" للواضع "كالسباع" جمع سبع، وهو ما له ناب، "والحشرات" جمع حشرة، وهو صغار دواب الأرض، فالسباع "كأسامة" للأسد، وكنيته أبو الحارث، "وثعالة" للثعلب، وكنيته أبو الحصين، "وأبي جعدة" كنية "للذئب"، واسمه ذؤالة، "و" الحشرات، نحو: "أم عريط" كنية "للعقرب"، واسمها شبوة، وإلى هذا النوع أشار الناظم بقوله:
80-
من ذاك أم عريط للعقرب
…
وهكذا ثعالة للثعلب
"و" النوع "الثاني: أعيان تؤلف، كهيان بن بيان"، بفتح أولهما وتشديد الياء المثناة تحت، "للمجهول العين" وهي الذات، "والنسب" من بني آدم كـ"طامر بن طامر" لمن لا يعرف ولا يعرف أبوه، وفي المحكم لابن سيده: ما أدري أي هي بن بي هو، معناه أي: الخلق هو1، وهو من أسماء الأضداد؛ لأن المجهولات مستصعبة خفية، لا هينة بينة، وقيل هيان بن بيان اسمان لولدين لآدم عليه الصلاة والسلام، ويقال أيضا للذي لا يعرف: صلمعة بن قلمعة، وضل بن ضل، "وأبي المضاء" بفتح الميم والضاد المعجمة والمد:"للفرس، وأبي الدغفاء" بفتح الدال المهملة وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء ممدودا: "للأحمق"؛ لأن العرب إذا حمقوا إنسانا قالوا له: يا أبا الدغفاء ولِّدها فقارا2، أي: شيئا لا رأس له ولا ذنب، والمعنى كلفها ما لا تطيق، ولا يكون. قال الموضح في حواشي التسهيل: كأن العرب جعلت "هيان بن بيان" لعدم الشعور بحقيقته، و"أبا الدغفاء" لنفرتهم عنه لحمقه، بمنزلة ما لا يؤلف.
"و" النوع الثالث: أمور معنوية "كسبحان "علما" للتسبيح"، بمعنى التنزيه، ينصب كما ينصب مسماه، ثم استعملوه مكان "يسبح" وصار بدلا من اللفظ
1 لسان العرب 14/ 101 "بيي"، 15/ 375 "هيي".
2 ومنه قول ابن أحمر في ديوانه ص74، ولسان العرب 9/ 103 "دعف"، 104 "دغف":
"يدنس عرضه لينال عرضي
…
أنا دغفاء ولدها فقارا"
بالفعل، والمعنى: براءة الله من السوء، قاله ابن إياز، ورد جعله علما لملازمته للإضافة، قاله الموضح في الجامع الصغير1. "وكيسان" بفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وبالسين المهملة: علما "للغدر"، بفتح الغين المعجمة، وعليه قوله:[من الطويل]
84-
إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم
…
إلى الغدر أسعى من شبابهم المرد
وقال ابن جني في المنهج: والدليل على أنهم سموا التسبيح بسبحان، والغدر بكيسان، أنهما غير منصرفين، والسبب الواحد؛ وهو الألف والنون حاصل، فلا بد من حصول العلمية، "ويسار" بفتح الياء المثناة تحت والسين المهملة وكسر الراء: علما "للميسرة" بمعنى اليسر، كقوله:[من الطويل]
85-
فقلت امكثي حتى يسار لعلنا
…
نجح معا قالت وعاما وقابله
"وفجار" بفتح الفاء والجيم وكسر الراء: علما "للفجرة" بسكون الجيم، بمعنى الفجور، "وبرة" بفتح الموحدة وتشديد الراء: علما "للمبرة"، بمعنى البر، وقد اجتمع في قول النابغة:[من الكامل]
86-
إنا اقتسمنا خطتينا بيننا
…
فحملت برة واحتملت فجار
وإلى هذا النوع الإشارة بقول الناظم:
81-
ومثله برة للمبره
…
كذا فجار علما للفجره
1 الجامع الصغير ص11.
84-
البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص339، وأساس البلاغة "كيس"، والأغاني 14/ 87، والحماسة البصرية 2/ 288، ومجمع الأمثال 2/ 65، وله أو لضمرة بن ضمرة في شرح المفصل 1/ 37، 38، ولسان العرب 6/ 201 "كيس"، وتاج العروس "كيس"، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 62، ومقاييس اللغة 5/ 150.
85-
البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص117 "الحاشية"، وخزانة الأدب 6/ 338، وشرح أبيات سيبويه 2/ 317، وبلا نسبة في الدرر 1/ 24، وشرح المفصل 4/ 55، والكتاب 3/ 274، ولسان العرب 5/ 296 "يسر"، وهمع الهوامع 1/ 29.
86-
البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص55، وإصلاح المنطق ص336، وخزانة الأدب 6/ 327، 330، 333، والدرر 1/ 24، وشرح أبيات سيبويه 2/ 216، وشرح المفصل 4/ 53، والكتاب 3/ 274، ولسان العرب 4/ 52 "برر"، 5/ 48 "فجر"، 11/ 174 "حمل"، والمقاصد النحوية 1/ 405، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 349، وجمهرة اللغة ص463، وخزانة الأدب 6/ 287، والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265، وشرح الأشموني 1/ 62، وشرح عمدة الحافظ ص141، وشرح المفصل 1/ 38، ولسان العرب 13/ 37 "أنن"، ومجالس ثعلب 2/ 464، وهمع الهوامع 1/ 29.