الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الموصول
مدخل
…
باب الموصول:
وهو في الأصل اسم مفعول من وَصَلَ الشيء بغيره: إذا جعله من تمامه، وفي الاصطلاح "ضربان": موصول "حرفي، و" موصول "اسمي، فـ" الموصول "الحرفي كل حرف أول مع صلته بالمصدر"، ولم يحتج إلى عائد، "وهو ستة:
أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون، وتوصل بجملة اسمية، وتؤول مع معموليها بمصدر، فإن كان خبرها مشتقا فالمصدر المؤول من لفظه، وإن كان جامدا أُوّل بالكون، وإن كان ظرفا أو مجرورا أُوّل بالاستقراء. وحكم الفعل في التصرف والجمود حكم الاسم فيهما، قاله في المغني1. وحكم المخففة من الثقيلة حكم المشددة في ذلك.
"وأنْ" بفتح الهمزة وسكون النون، وهي الناصبة للمضارع: وتوصل بفعل متصرف ماضيا كان أو مضارعا، اتفاقا وأمرا على الأصح.
"وما" المصدرية: وتوصل بفعل متصرف غير أمر وبجملة اسمية لم تصدر بحرف قاله الموضح في الحواشي.
"وكي" المصدرية: وتوصل بمضارع مقرونة بلام التعليل لفظا أو تقديرا.
"ولو" المصدرية: وتوصل بفعل متصرف غير أمر.
"والذي" على وجه حكاه الفارسي في الشيرازيات عن يونس، وأنه جعل منه، {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} [الشورى: 23] قاله الموضح في الحواشي.
ومن أوضح الدلالة على ذلك قول أبي دهبل الجمحي: [من البسيط]
92-
يا ليت من يمنع المعروف يمنعه
…
حتى يذوق رجال مر ما صنعوا
وليت رزق رجال مثل نائلهم
…
قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا
وعلى القول به، فقال الرضي: لا خلاف في اسمية "الذي" المصدرية وصنيع الموضح يأباه2.
1 مغني اللبيب 1/ 193.
92-
البيتان لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص91، وأمالي المرتضى 1/ 117، والمؤتلف والمختلف 117.
2 في حاشية يس 1/ 130: "مراد الفاضل الرضي بكونها اسمين أن المحل لها، ومراد الموضح بكونها موصلا حرفيا أنها تؤول بمصدر، فلا منافاة".
مثال "أنّ" بالتشديد "نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51]، أي: أنزلنا.
ومثال "أنْ" بالتخفيف: " {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184]، أي: صومكم خير لكم.
ومثال "ما": " {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} "[ص: 26]، أي: بنسيانهم إياه.
ومثال "كي": {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الأحزاب: 37]، أي: لعدم كون على المؤمنين حرج.
ومثال "لو": {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96]، أي: التعمير.
ومثال "الذي" المصدرية: " {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69]، أي: كخوضهم.
والمانع يدعي أن الأصل كـ"الذين"، حذفت النون على لغة، أو أن الأصل: كالخوض الذي خاضوه، فحذف الموصوف والعائد، أو أن الأصل: كالجمع الذي خاضوا، فقال "الذي" باعتبار لفظ الجمع، وقال "خاضوا" باعتبار معناه، أو أنه أوقع "الذي" على الجمع، كقوله:[من الطويل]
93-
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم
…
هم القوم كل القوم يا أم خالد
أو أن "الذي" مشترك بين المفرد والجمع على قول الأخفش، كما قاله الموضح في شرح اللمحة.
"و" الموصول "الاسمي" كل اسم افتقر إلى الوصل بجملة خبرية، أو ظرف، أو جار ومجرور تامين، أو وصف صريح، وإلى عائد أو خلفه، قاله الموضح في شذوره1.
93- البيت للأشهب بن رميلة في خزانة الأدب 6/ 7، 25-28، وشرح شواهد المغني 2/ 517، والكتاب 1/ 187، واللسان 2/ 349 "فلج"، 15/ 246 "لذا"، والمؤتلف والمختلف ص33، والمحتسب 1/ 185، ومعجم ما استعجم ص1028، والمقاصد النحوية 1/ 482، والمقتضب 4/ 146، والمنصف 1/ 67، وللأشهب أو لحريث بن مخفض في الدرر 1/ 62، وبلا نسبة في الأزهية 299، وخزانة الأدب 2/ 315، 6/ 133، 8/ 210، والدرر 2/ 221، ورصف المباني ص342، وسر صناعة الإعراب 2/ 537، وشرح المفصل 3/ 155، ومغني اللبيب 1/ 194، 2/ 552، وهمع الهوامع 1/ 49، 2/ 73.
حانت: من الحَيْن؛ وهو الهلاك. فلج: موضع. ومعنى "هم القوم كل القوم يا أم خالد": أن الذين هلكوا بهذا الموضع هم القوم والرجال الكاملون، فاعلمي ذلك، وابكي عليهم يا أم خالد.
1 شرح شذور الذهب ص141.
"وهو ضربان: نص" في معناه لا يتجاوزه إلى غيره، "ومشترك" بين معان مختلفة بلفظ واحد.
"فالنص ثمانية" هنا، "منها للمفرد المذكر "الذي" للعالم" بكسر اللام: وهو من يقوم به العَلَم "وغيره" بالجر، فالعالم المنزه عن الذكورة والأنوثة، "نحو:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74]، والعالم المذكر نحو:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: 33]، وغير العالم نحو:" {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] ، وللمفرد المؤنث التي للعاقلة وغيرها" فالأول "نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] ، والثاني "نحو: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} " [البقرة: 142] فأوقع "التي" على القبلة وهي غير عاقلة.
ولك في ياءي "الذي والتي" وجهان: الإثبات والحذف، فعلى الإثبات تكون إما خفيفة فتكون ساكنة، وأما شديدة فتكون إما مكسورة أو جارية بوجوه الإعراب، وعلى الحذف فيكون الحرف الذي قبلها إما مكسورا؛ كما كان قبل الحذف وإما ساكنا، فهذه الخمس لغات في "الذي والتي"، "ولتثنيتهما: اللذان واللتان" بالألف "رفعا، واللذين واللتين" بالياء المفتوح ما قبلها "جرا ونصبا"، تقول: "جاءني اللذان قاما واللتان قامتا"، و"رأيت اللذين قاما واللتين قامتا"، و"مررت باللذين قاما واللتين قامتا"، وتثنيتهما بحذف الياء على غير القياس، "وكان القياس في تثنيتهما و" في "تثنية: ذا، و: تا" السابقين في بحث الإشارة "أن يقال" في تثنية "الذي": "اللذيان" بإثبات الياء مخففة، "و" في تثنية "التي": "اللتيان" بإثبات الياء مخففة، "و" في تثنية "ذا" "ذيان" بقلب الألف ياء، "و" في تثنية "تا": "تيان" بقلب الألف ياء "كما يقال" في تثنية "القاضي" من المعرب المنقوص: "القاضيان؛ بإثبات الياء، و" كما يقال في تثنية "فتى" من المعرب المقصور:"فتيان؛ بقلب الألف ياء، ولكنهم فرقوا بين تثنية المبني" كالذي وذا، "و" تثنية "المعرب" كالقاضي وفتى، "فحذفوا" الحرف "الآخر" وهو الياء من "الذي والتي"، والألف من "ذا وتا"، وأثبتوه في القاضي وفتى، ففرقوا بين المعرب والمبني في التثنية، "كما فرقوا" بينهما "في التصغير، إذ قالوا" في تصغير "الذي والتي وذا وتا": "اللَّذَيَّا واللَّتَيَّا وذَيَّا وتَيَّا، فأبقوا" الحرف "الأول" هو اللام الأولى من "اللذيا واللتيا"، والذال من "ذيا"، والتاء من "تيا"، "على فتحة" الذي كان قبل التصغير، "وزادوا ألفا في الآخر" في الألفاظ الأربعة "عوضا عن
ضمة التصغير" التي تكون في أول المصغر ومن العرب من يقول "اللُّذَيَّا واللُّّتَيَّا" بضم اللام، فيجمع في التصغير بين الضمة الألف، وما ذكره الموضح هنا تبعا للنظم من أن "اللذان واللتان" تثنية: "الذي والتي" مخالف لقول الناظم في شرح التسهيل1: إن العرب استغنت بتثنية "اللَّذ" دون الياء، و"اللَّت" كذلك عن تثنية "الذي والتي" بالياء، فإن العرب لم تثنهما. ا. هـ.
وعلى تقدير تسليم ما هنا، فلا يختص حذف الآخر بتثنية المبني، بل قد يحذف الآخر في تثنية المعرب، نحو:"عاشوران وخنفسان" تثنية: "عاشوراء وخنفساء"، حكاه الفراء عن العرب، وحيث ثُنِّي الموصول واسم الإشارة فجمهور العرب يخفف النون فيهما، "وتميم وقيس تشدد النون فيهما تعويضا من المحذوف" منهما وهو الياء في "الذي والتي" والألف في "ذا" و"تا"، "أو تأكيدا للفرق" بين تثنية المبني والمعرب الحاصل بحذف الياء والألف، وإلى التشديد والتعويض أشار الناظم بقوله:
89-
................................
…
والنون إن تشدد فلا ملامه
90-
والنون من ذين وتين شددا
…
أيضا وتعويض بذاك قصدا
"ولا يختص ذلك" التشديد "بحالة الرفع" عند الكوفيين، بل يكون فيها وفي حالتي الجر والنصب، "خلافا للبصريين" في زعمهم أن التشديد مختص بحالة الرفع2؛ "لأنه قد قرئ في السبع:"رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِّ"3 [فصلت: 29]، "إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِّ"4 [القصص: 27] ، بالتشديد" فيهما في حالتي النصب في "اللذين" والجر في "هاتين"، "كما قرئ" في حالة الرفع: ""وَالَّذَانِّ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ"5 [النساء: 16]، "فَذَانِّكَ بُرْهَانَانِ"6" [القصص: 32] بالتشديد فيهما، فتجويز إحداهما ومنع الأخرى تحكم، "وبلحارث بن كعب" أجمعون
"وبعض ربيعة يحذفون نون اللذان واللتان" في حالة الرفع، تقصيرا للموصول لطوله بالصلة،
لكونهما كالشيء الواحد، "قال" الفرزدق:[من الكامل]
1 شرح التسهيل 1/ 204.
2 الإنصاف 2/ 669، المسألة رقم 95: الحروف التي وضع عليها الاسم في "ذا" و"الذي".
3 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص381، والنشر 2/ 248.
4 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص342، والنشر 1/ 312.
5 هي قراءة ابن كثير. انظر الإتحاف ص187، والنشر 2/ 248.
6 هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ورويس. انظر الإتحاف ص342، والنشر 2/ 341.
94-
"أبني كليب إن عمّيّ اللّذا"
…
قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا
أراد: "اللذان" فحذف النون، وهو مرفوع على الخبرية؛ لأن "بني": منادى بالهمزة، و"كليب" بالتصغير: أبو قبيلة، وهو كليب بن يربوع، و"عمّيّ" بالتثنية: هما هذيل بن هبيرة الثعلبي، وهذيل بن عمران الأصغر، كان أخاه لأمه، و"الأغلال": جمع غل؛ وهو حديد يجعل في العنق من الأسارى وغيرهم. وأراد الفرزدق بذلك الافتخار على جرير، فإنه من بني كليب بأن عميه قتلا الملوك وخلصا الأسارى من أغلالهم، "وقال" الأخطل:[من الرجز]
95-
"هما اللتا لو ولدت تميم"
…
لقيل فخر لهم صميم
أراد: "اللتان" فحذف النون، وهو مرفوع على الخبرية للمبتدأ وهو "هما"، و"تميم": قبيلة، و"صميم": بمعنى خالص. والمعنى: هنا المرأتان اللتان لو ولدتهما تميم لقيل فخر لهم خالص. ولقب هذا الشاعر بالأخطل لكبر أذنه، واسمه غياث بن غوث الثعلبي وكان نصرانيا.
وجاز حذف النون في "اللذان واللتان" لعدم الإلباس، "ولا يجوز ذلك" الحذف "في" نون "ذان، وتان، للإلباس" بالمفرد، ولعدم الطول.
"وتلخص أن في نون الموصول ثلاث لغات": الإثبات والحذف والتشديد، "وفي نون الإشارة لغتان": الإثبات والتشديد، "ولجمع المذكر العاقل كثيرا أو لغيره" أي: لغير العاقل "قليلا: الألى" على وزن العلى، ويكتب بغير واو. قاله الموضح في
94- البيت للأخطل في ديوانه ص387، والأزهية ص296، والاشتقاق ص338، وأمالي ابن الشجري 2/ 306، وخزانة الأدب 3/ 185، 6/ 6، والدرر 1/ 59، وسر صناعة الإعراب 2/ 536، وسمط اللآلي 1/ 35، وشرح المفصل 3/ 154، والكتاب 1/ 186، ولسان العرب 2/ 349 "فلج"، 14/ 233 "حظا"، 15/ 245 "لذي"، والمقتضب 4/ 146، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 362، وأوضح المسالك 1/ 140، وخزانة الأدب 8/ 210، ورصف المباني ص341، 406، وشرح التسهيل 1/ 192، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص79، وما ينصرف وما لا ينصرف ص84، والمحتسب 1/ 185، والمسائل العسكريات ص218، ومعاني الأخفش ص256، والمنصف 1/ 67، وهمع الهوامع 1/ 49.
95-
الرجز للأخطل في خزانة الأدب 6/ 14، والدرر 1/ 60، والمقاصد النحوية 1/ 425، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأزهية ص303، وأمالي ابن الشجري ص308، وأوضح المسالك 1/ 141، وهمع الهوامع 1/ 49.
شرح اللمحة "مقصورا" على الأشهر كقوله: [من الطويل]
96-
رأيت بني عمي الألى يخذلونني
…
على حدثان الدهر إذ يتقلب
"وقد يمد" كقوله: [من الطويل]
97-
أبى الله للشم الألاء كأنهم
…
سيوف أجاد القين يوما صقالها
وهو في هذين البيتين للعاقل. ومن وقوعها لغير العاقل قوله: [من الطويل]
98-
تهيجني للوصل أيامنا الألى
…
مررن علينا والزمان وريق
"والذين: بالياء مطلقا" في الأحوال الثلاثة، وهي مبنية، وإن كان الجمع من خصائص الأسماء؛ لأن "الذين" مخصوص بـ"أولي العلم"، و"الذي" عام، فلم يجر على سنن الجموع المتمكنة، بخلاف المثنى فإنه جار على سنن المثناة المتمكنة لفظا ومعنى، "وقد يقال": جاء اللذون "بالواو رفعا"، ورأيت الذين ومررت بالذين بالياء جرا ونصبا، وهي حينئذ معربة؛ لأن شبه الحرف عارضه الجمع، وهو من خصائص الأسماء "وهي لغة هذيل أو عقيل" بالتصغير فيهما، و"أو" للشك، قال شاعرهم:[من الرجز]
99-
"نحن اللذون صبحوا الصباحا"
…
يوم النخيل غارة ملحاحا
فـ"نحن": مبتدأ، و"اللذون": خبره، و"النخيل": تصغير نخل؛ بالنون والخاء المعجمة؛ موضع بالشام، و"غارة": مفعول لأجله؛ وهو اسم مصدر إغار، والقياس
96- البيت لعمرو بن أسد الفقعسي في الحماسة البصرية 1/ 75، ولبعض بني فقعس أو لمرة بن عداء الفقعسي في الدرر 1/ 147، ولبعض بني فقعس في خزانة الأدب 3/ 30، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص213، بلا نسبة في همع الهوامع 1/ 83.
97-
البيت لكثير عزة في ديوانه ص87، وشرح التسهيل 1/ 195، والمقاصد النحوية 1/ 459، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 68، وشرح شذور الذهب ص122، وهمع الهوامع 1/ 83.
98-
البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص163، ولمضرس بن قرط المازني في أمالي القالي 2/ 258.
99-
الرجز لرؤبة في محلق ديوانه ص172، ولليلى الأخيلية في ديوانها ص61، ولليلى أو لرؤبة أو لأبي حرب الأعلم في الدرر 1/ 92، 146، وشرح شواهد المغني 2/ 832، والمقاصد النحوية 1/ 426، ولأبي حرب الأعلم أو لليلى في خزانة الأدب 6/ 23، ولأبي الحرب بن الأعلم في نوادر أبي زيد ص47، وللعقيلي في مغني اللبيب 2/ 410، وبلا نسبة في الأزهية ص298، وأوضح المسالك 1/ 143، تخليص الشواهد ص135، وشرح ابن الناظم ص56، وشرح الأشموني 1/ 68، وشرح ابن عقيل 1/ 144، وهمع الهوامع 1/ 60، 83.
إغارة، و"الملحاح" بكسر الميم؛ من ألح السحاب: دام مطره، "ولجمع المؤنث اللاتي واللائي" بإثبات الياء فيهما، "قد تحذف ياؤهما" اجتزاء بالكسرة، فيقال: اللات واللاء، وإلى هذه الثمانية أشار الناظم بقوله:
88-
موصولة الأسماء الذي الأنثى التي
…
واليا إذا ما ثنيا لا تثبت
89-
بل ما تليه أوله العلامه
…
..............................
91-
جمع الذي الألى الذين مطلقا
…
وبعضهم بالواو رفعا نطقا
92-
باللات واللاء التي قد جمعا
…
..................................
"وقد يتقارض الألى واللائي" فيقع كل منهما مكان الآخر "قال" مجنون ليلى قيس بن الملوح: [من الطويل]
100-
"محا حبها حب الألى كن قبلها"
…
وحلت مكانا لم يكن حل من قبل
فأوقع "الألى" مكان "اللائي""أي: حب اللائي"، بدليل عود ضمير المؤنث عليها، "قال" رجل من بني سليم:[من الوافر]
101-
"فما آباؤنا بأمن منه
…
علينا اللاء قد مهدوا الحجورا"
فأوقع "اللاء" مكان "الألى" بدليل عود ضمير جمع الذكور عليها، و"الألى": بمعنى الذين، و"الذين" أشهر منها، فلذلك عدل الموضح فقال:"أي: الذين"، إذ لا فرق بينهما. والمعنى: ليس آباؤنا الذين أصلحوا شأننا وجعلوا حجورهم لنا كالمهد، بأكثر امتنانا علينا من هذا الممدوح. وإلى تقارضهما أشار الناظم بقوله:
92-
..............................
…
واللاء كالذين نزرا وقعا
"و" الموصول "المشترك ستة: من"؛ بفتح الميم؛ "وما، وأي"؛ بفتح الهمزة وتشديد الياء؛ "وأل، وذو، وذا"، وذكرها الناظم على غير هذا الترتيب فقال:
93-
ومن وما وأل تساوي ما ذكر
…
وهكذا ذو......................
95-
ومثل ماذا.................
…
..................................
99-
أي كما.....................
…
..................................
100- البيت لمجنون ليلى في ديوانه ص170، والمقاصد النحوية 1/ 430، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 144، وشرح الأشموني 1/ 68.
101-
البيت لرجل من بني سليم في تخليص الشواهد ص137، والدرر 1/ 148، والمقاصد النحوية 1/ 429، وبلا نسبة في الأزهية ص301، وأوضح المسالك 1/ 146، وشرح ابن الناظم ص56، وشرح الأشموني 1/ 69، وشرح ابن عقيل 1/ 145، وهمع الهوامع 1/ 83.
ولكل منها كلام يخصها، "فأما "من" فإنها تكون" في أصل الوضع "للعالم" بكسر اللام، "نحو:{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الوعد: 43] ، و" تكون "لغيره"، أي: غير العالم؛ على سبيل التطفل "في ثلاث مسائل:
إحداها أن ينزل" ما وقعت عليه "مَن" مِن غير العالم "منزلته"، أي: منزلة العالم، "نحو" قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ "مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} [الأحقاف: 5] ، وقوله، وهو العباس بن أحنف:[من الطويل]
102-
أسرب القطا هل مَن يعير جناحه
…
لعلي إلى من قد هويت أطير
فاوقع "من" على سرب القطا؛ وهو غير عاقل، "وقوله" وهو امرؤ القيس بن حجر الكندي:[من الطويل]
103-
"ألا عم صباحا أيها الطلل البالي
…
وهل يعمن من كان في العصر الخالي"
فأوقع "من" على الطلل وهو غير عاقل. وعم: فعل أمر معناه الدعاء، أصله أنعم، حذفت منه الألف والنون تخفيفا. وصباحا: منصوب على الظرفية، ومن عادة تحيات العرب في الصباح: عم صباحا، وفي المساء: عم مساء، فكأنهم قالوا: أنعم الله في صباحك ومسائك. ويَعِمَن: أصله يَنْعِمن، حذفت منه النون الأولى، والنون الساكنة في آخره للتوكيد. ومن: فاعل يَعِمْن. والعصر؛ بضمتين؛ بمعنى: العصر؛ بفتح العين وسكون الصاد: الزمان ويجمع في القلة على أعصر؛ وفي الكثرة على عصور، والخالي: نعته. "فدعاء الأصنام" في قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ} [الأحقاف: 5]"ونداء القطا" في قوله: [من الطويل]
أسرب القطا هل من يعير جناحه
…
...............................
102- البيت للمجنون في ديوانه ص106، وللعباس بن الأحنف في ديوانه ص168، وتخليص الشواهد ص141، وللعباس أو للمجنون في الدرر 1/ 175، والمقاصد النحوية 1/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 147، وشرح ابن الناظم ص57، وشرح الأشموني 1/ 69، وشرح ابن عقيل 1/ 148.
103-
البيت لامرئ القيس في ديوانه ص27، وجمهرة اللغة ص1319، وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44، والدرر 2/ 264، وشرح شواهد المغني 1/ 340، والكتاب 4/ 39، وتاج العروس "طول"، وبلا نسبة في الاقتضاب ص560، وأوضح المسالك 1/ 148، وخزانة الأدب 7/ 105، وشرح الأشموني 1/ 69، 2/ 292، وشرح شواهد المغني 1/ 485، ومغني اللبيب 1/ 169، وهمع الهوامع 2/ 83، والحيوان 1/ 328.
"و" نداء "الطلل" في قوله:
............... أيها الطلل البالي
…
...............................
"سوغ ذلك"، وهو وقوع "من" على الأصنام لما كانت عندهم مدعوة، وعلى السرب والطلل لما كانا مناديين، ولا يدعى إلا العاقل.
المسألة "الثانية" من وقوع "من" على غير العالم "أن يجتمع" غير العاقل "مع العاقل فيما وقعت عليه من" الموصولة، "نحو:{كَمَنْ لا يَخْلُقُ} [النحل: 17] فإنه عام في العاقل وغيره، "لشموله الآدميين والملائكة والأصنام"، فإن الجميع لا يخلقون شيئا، "ونحو:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الحج: 18] فإنه يشمل الملائكة والشمس والقمر والنجوم وغيرها " {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} "[الحج: 18] فإنه الأدميين والجبال والشجر والدواب وغيرها، وأفرد الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب بالذكر في الآية لشهرتها؛ واستبعاد السجود منها، "ونحو:{مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} [النور: 45] فإنه يشمل الآدمي والطائر"، ولا فرق في هذه المسألة بين أن يكون العاقل أكثر من غيره كالمثال الأول، أو أقل منه كالمثال الثاني، أو مساويا له كالمثال الثالث، ولذلك أعاد لفظه نحو في الأمثلة الثلاثة.
المسألة "الثالثة" من وقوع "من" على غير العالم "أن يقترن" غير العاقل "به" أي: بالعاقل "في عموم فُصّل بـ: من" الموصولة "نحو: {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} و {مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] لاقترانها بالعاقل في" عموم "كل دابة" من قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] ، فأوقع "من" على غير العاقل لما اختلط بالعاقل، ولكن الاختلاط فيها على ضربين:
اختلاط فيما وقعت عليه "من" وهو من يمشي على رجلين، فإنه يشمل الآدمي والطائر كما تقدم.
واختلاط في عموم فصل بـ"من" وهو من يمشي على بطنه، ومن يمشي على أربع، فإنهما اختلط بالعاقل في عموم كل دابة؛ لأن الدابة لغة: اسم لما يدب على الأرض عاقلا كان أو غيره، بدليل:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 55]{إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14] ، ويحتمل عندي أن تكون "من" فيهن نكرة موصوفة بالجملة بعدها، والتقدير: فمنهم نوع يمشي على بطنه، ومنهم نوع يمشي على
رجليه، ومنهم نوع يمشي على أربع، على حد:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] قال الموضح في شرح الشذور1: ويجوز في "من" أن تكون نكرة موصوفة بالجملة بعدها، والتقدير: ومن الناس ناس يعبدون الله. ا. هـ.
"وأما ما" الموصولة "فإنها" في أصل وضعها "لما يعقل وحده نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} [النحل: 96] أي: الذي عندكم ينفد، "و" قد تكون "له" أي: لما لا يعقل "مع العاقل نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الحشر: 1] فإنه يشمل العاقل وغيره، "و" تكون "لأنواع من يعقل". هذه عبارة ابن عصفور، وعبارة ابن مالك تبعا للفارسي: ولصفات من يعقل، ومثالها عند ابن عصفور وابن مالك "نحو:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] كلا التعبيرين متكلم فيه، أما الأول فرده ابن الحاج بأن النوع لا يعقل، فهذا مستغنى عنه بقوله:"لما لا يعقل"، وأما الثاني فلأنه لا يصح أن يقال: أنكحوا الطيب أو الطيبة؛ لأن النكاح إنما هو للذوات لا للصفات، نقله الموضح في الحواشي.
وتكون ما "للمبهم أمره" من الأشخاص "كقولك وقد رأيت شبحا" بفتح الموحدة وبالحاء المهملة، لا تدري أبشر هو أم مُدَّر:"انظر إلى ما ظهر"، كذا لو علمت إنسانيته، ولم تدر أذكر هو أم أنثى، قاله ابن مالك في شرح التسهيل2 أخذا من قوله تعالى:{إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي} [آل عمران: 35] وللبحث فيه مجال.
"والأربعة الباقية" من الستة تكون "للعاقل وغيره" وفيها تفصيل:
"فأما: أي" بفتح الهمزة وتشديد الياء "فخالف في موصوليتها ثعلب" أبو العباس أحمد بن يحيى محتجا بأنه لم يسمع: أيهم هو فاضل جاءني، بتقدير: الذي هو فاضل جاءني، "ويرده قوله" وهو غسان:[من المتقارب]
104-
إذا ما لقيت بني مالك
…
"فسلم على أيهم أفضل"
1 لم أجد هذا القول في شرح شذور الذهب.
2 شرح التسهيل 1/ 197.
104-
البيت لغسان بن وعلة في الدرر 1/ 155، والمقاصد النحوية 1/ 436، وله أو لرجل من غسان في شرح شواهد المغني 1/ 236، ولغسان في الإنصاف 2/ 715، ولغسان أو لرجل من غسان في خزانة الأدب 6/ 61 وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 150، وتخليص الشواهد 158، وجواهر الأدب 210، ورصف المباني 197، وشرح الأشموني 1/ 77، وشرح ابن عقيل 1/ 162، وشرح ابن الناظم ص65، وشرح المفصل 3/ 147، 4/ 21، 7/ 87، ولسان العرب 14/ 59 "أيا"، ومغني اللبيب 1/ 78، وهمع الهوامع 1/ 84.
وجه الرد منه أن "أيهم" مبنية على الضم، وغير الموصولة لا تبنى ولا يصلح هنا، وإذا انتفى غير الموصولة تعينت الموصولة وهو المدعى، وهي الملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا إلى معرفة، "ولا تضاف لنكرة لتكون خلافا لابن عصفور" وابن الضائع، بالضاد المعجمة والعين المهملة، فإنهما أجازا إضافتها إلى نكرة وجعلا من ذلك:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فـ"أي" عندهما موصولة، و"يعلم" بمعنى: يعرف، والتقدير: وسيعرف الذين ظلموا المنقلب الذي ينقلبونه، ومذهب الجمهور أن "أيا" هنا استفهامية منصوبة ينقلبون على أنها مفعول مطلق، و"يعلم" على بابه، وهو معلق عن العمل فيما بعده لأجل الاستفهام بـ"أي"، والتقدير: وسيعلم الذين ظلموا ينقلبون أي: انقلاب.
"و" أي الموصولة "لا يعمل فيها إلا" عامل "مستقبل متقدم" عليها "نحو: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ1 أَشَدُّ} [مريم: 69] خلافا للبصريين" في الاستقبال والتقديم2 قال في التسهيل: ولا يلزم استقبال عامله ولا تقديمه، خلافا للكوفيين3. وقال أبو حيان في شرح التسهيل:"وسأل الكسائي" في حلقة يونس: "لم لا يجوز: أعجبني أيهم قام"؟ فمنع من ذلك، فقيل له: لمه؟ فلم يلح له وجه المنع، "فقال: أي كذا خلقت" ا. هـ.
أي: كذا وضعت. قال ابن السراج موجها قول الكسائي بالمنع ما معناه إن "أيا" وضعت على العموم والإبهام، فإذا قلت: يعجبني أيهم يقوم، فكأنك قلت: يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام كائنا من كان، ولو قلت: أعجبني أيهم قام لم يقع إلا على الشخص الذي قام؛ فأخرجها ذلك عما وضعت له من العموم، وإنما اشترط كون العامل فيها متقدما مع كونه مستقبلا لأجل الفرق بين الشرطية والاستفهامية، وبين الموصولة؛ لأن الشرطية والاستفهامية لا يعمل فيهما إلا متأخر، والمشهور عند الجمهور إفرادها وتذكيرها، "وقد تؤنث وتثنى وتجمع" عند بعضهم، فتقول: أية وأيان وأيتان وأيون وأيات، "و" على الحالين "هي معربة، فقيل مطلقا"، سواء أضيفت أم لم تضف، ذكر صدر
1 الرسم المصحفي {أَيُّهُمْ} بالرفع، وقرأها بالنصب: هارون ومعاذ وطلحة والأعرج والأعمش. انظر البحر المحيط 6/ 209، ومغني اللبيب 1/ 77، والإنصاف 2/ 711، وشرح ابن عقيل 1/ 165، والكتاب 2/ 399.
2 الإنصاف 2/ 711.
3 الإنصاف 2/ 709، 710.
صلتها أو حذف، وهو قول الخليل ويونس والأخفش والزجاج والكوفيين1، وإليه أشار الناظم بقوله:
100-
وبعضهم أعرب مطلقا......
…
.....................................
"وقال سيبويه: تبنى على الضم إذا أضيفت لفظا وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا2" وهو مراد الناظم بقوله:
99-
............... وأعربت ما لم تضف
…
وصدر وصلها ضمير انحذف
"نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69]، وقوله:
105-
...............................
…
....................... على أيهم أفضل"
بالبناء على الضم فيهما تشبيها بالغايات، إذ كان بناؤها بسبب حذف شيء. وخولف في ذلك، قال الزجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلا في موضعين3، هذا أحدهما، فإنه يسلم أنها تعرب إذا أفردت، فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت. ا. هـ.
وزعم المانعون أن "أيا" في الآية استفهامية، وأنها مبتدأ، و"أشد" خبره. ثم اختلفوا في مفعول ننزع. فقال الخليل: محذوف والتقدير: لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد4. وقال يونس: المفعول الجملة، وعلقت "ننزع" عن العمل فيها5. وقال الكسائي والأخفش: المفعول: "كل شيعة"، و"من" زائدة6. ورد الموضح ذلك في المغني7 بما يطول ذكره وبالبيت السابق.
"وقد تعرب حينئذ" أي: حين إذ أضيفت، وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا
1 الإنصاف 2/ 711، والكتاب 2/ 399، وشرح الرضي 3/ 62.
2 هذا القول مستنتج من رأي سيبويه حيث قال في الكتاب 2/ 400: "وأرى قولهم: اضرب أيهم أفضل، على أنهم جعلوا هذه الضمة بمنزلة الفتحة في خمسة عشر، وبمنزلة الفتحة في الآن
…
وجاز إسقاط هو في أيهم تخفيفا". وانظر شرح الرضي 3/ 60.
105-
تقدم تخريج البيت بتمامه برقم 104.
3 في حاشية يس 1/ 136: "لا وجه للتغليط مع دلالة ظواهر الشواهد لما قال سيبويه كما في الآية والبيت المشهورين". قلت: يقصد الآية: 69 من سورة مريم، والبيت الذي تقدم برقم 104، 105.
4 انظر قول الخليل في الإنصاف 1/ 711، 712، وشرح الرضي 3/ 62.
5 انظر قول يونس في شرح الرضي 3/ 63، والكتاب 2/ 400.
6 انظر قول الكسائي والأخفش في شرح الرضي 3/ 63.
7 مغني اللبيب 1/ 78.
"كما رويت الآية" وهي: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69]"بالنصب"1 وهي قراءة هارون ومعاذ ويعقوب، "والبيت"؛ وهو:"على أيهم أفضل""بالجر". قال سيبويه: وهي لغة جيدة2. وبذلك احتج من قال بإعرابها مطلقا.
"وأما "أل" فنحو: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} "[الحديد: 18] مما صلته اسم فاعل، "ونحو:{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} " [الطور: 65] مما صلته اسم مفعول.
وسكت عن الصفة المشبهة نحو: الحسن؛ لأن "أل" الداخلة عليها حرف تعريف، على ما صححه في المغني. "وليست""أل" الداخلة على اسم الفاعل والمفعول "موصولا حرفيا خلافا للمازني" في أحد قوليه "ومن وافقه". ويرده أنها لا تؤول بالمصدر، وأن الضمير يعود عليها في نحو قولهم:"قد أفلح المتقي ربه"، والضمير لا يعود إلا على الأسماء، وأجاب المازني عن الثاني بأن الضمير يعود على موصوف محذوف، ورد بأن الحذف الموصوف مظان لا يحذف في غيرها إلا لضرورة، وهذا ليس منها، "ولا حرف تعريف، خلافا لأبي الحسن" الأخفش، وهو ثاني قول المازني، وحجتهما أن العامل يتخطاها نحو: جاء الضارب، كما يتخطاها مع الجامد نحو: جاء الرجل، وهي مع الجامد معرفة اتفاقا، فتكون مع المشتق كذلك. ويجاب بالفرق بأنها مع المشتق داخلة على الفعل تقديرا؛ لأن المشتق في تقدير الفعل، فيعود عليها ضمير، و"أل" المعرفة لا يعود عليها ضمير، وإنما نقل الإعراب إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف، ويدل على كونها اسما أن الوصف يعمل معها بلا شرط، ولو كانت معرفة لكانت مبعدة من شبه الفعل، فلا يكون الوصف معها عاملا. وأجاب الأخفش بالتزامه، فذهب إلى أن اسم الفاعل لا يعمل مع "أل"3. "وأما "ذو" فخاصة بطيء"4، وذلك مستفاد من قول الناظم:
93-
.................................
…
وهكذا ذو عند طيئ شهر
"والمشهور" عنهم بناؤها على سكون الواو، "وقد تعرب" بالحروف الثلاثة إعراب "ذو" بمعنى صاحب، وخص ابن الضائع ذلك بحالة الجر؛ لأنه المسموع، "كقوله"
1 انظر البحر المحيط 6/ 209، والإنصاف 2/ 711، والكتاب 2/ 399.
2 أي: نصب "أيهم" في الآية السابقة. انظر الكتاب 2/ 399.
3 انظر هذه الأقوال في شرح الرضي 3/ 29-48: الإخبار بالذي أو بالألف واللام، وشرح التسهيل 3/ 200.
4 انظر شرح الرضي 3/ 22، وشرح ابن الناظم ص59.
وهو منظور بن سحيم الفقعسي: [الطويل]
106-
فإما كرام موسرون لقيتهم
…
"فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا"
"فيمن رواه بالياء"، وهو أبو الفتح بن جني في كتابه المحتسب، وهو مشكل، فإن سبب البقاء قائم ولم يعارضه معارض، "والمشهور" عنهم "أيضا إفرادها" وإن وقعت على مثنى أو جمع "وتذكيرها" وإن وقعت على مؤنث "كقوله" وهو سنان بن الفحل الطائي:[من الوافر]
107-
فإن الماء ماء أبي وجدي
…
"وبئري ذو حفرت وذو طويت"
فأتى بـ"ذو" مفردة مذكرة، مع أنها واقعة على "البئر" وهو مؤنثة. ويحتمل أنه راعى معنى القليب1 وهو مذكر، والحفر: معروف. والطي: من طويت البئر إذا بنيتها بالحجارة. "وقد تؤنث وتثنى وتجمع" عند بعض بني طيئ، فتقول في المذكر:"ذو قام"، وفي المؤنث:"ذات قامت"، وفي مثنى المذكر:"ذوا قاما"، وفي مثنى المؤنث:"ذواتا قامتا"، وفي جمع المذكر:"ذوو قاموا"، وفي جمع المؤنث:"ذوات قمن"، "حكاه ابن السراج" في الأصول عن جميع لغة طيئ على الإطلاق، وتبعه ابن عصفور في المقرب2. "ونازع في ثبوت ذلك" المحكي على الإطلاق "ابن مالك" في شرح التسهيل فقال: وأطلق ابن عصفور القول بتثنيتها وجمعها3. قال الشاطبي: والمردود عليه إنما هو الإطلاق في جميع لغة طيئ، وأما كون "ذو" تثنى وتجمع وتؤنث عند بعض طيء فهو ثابت. ا. هـ. قال الفراء في لغات القرآن: وربما قالوا: هذان ذوا تعرف، وهؤلاء ذوو تعرف، ويجعلون مكان "التي" ذات، ويرفعون التاء على كل حال، وفي تثنيتها: هاتان
106- تقدم تخريج البيت برقم 23.
107-
البيت لسنان بن الفحل في الإنصاف ص384، وخزانة الأدب 6/ 34، 35، والدرر 1/ 151، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص591، والمقاصد النحوية 1/ 436، وبلا نسبة في الأزهية 295، وأوضح المسالك 1/ 154، وتخليص الشواهد 143، وشرح ابن الناظم ص60، وشرح التسهيل 1/ 199، وشرح الرضي 3/ 22، وشرح قطر الندى ص102، وشرح الأشموني 1/ 72، وشرح المفصل 3/ 147، 8/ 45، ولسان العرب 15/ 460 "ذوا"، وهمع الهوامع 1/ 84.
1 القليب: البئر قبل أن تطوى فإذا طويت فهي الطوي. وقال شمر: القليب من أسماء البئر، وسميت قليبا؛ لأن حافرها قلب ترابها. معجم البلدان 4/ 386 "قليب".
2 المقرب 1/ 59.
3 شرح التسهيل 1/ 199.
ذواتا تعرف، وفي جمعها: هؤلاء ذوات تعرف. ا. هـ. "و" ابن السراج وابن عصفور وابن مالك1 "كلهم حكى" عن بعض طيئ "ذات للمفردة، وذوات لجمعها مضمومتين"، على أنهما موصولان مستقلان مرادفان لـ"اللتي واللاتي"، قال في التسهيل: وقد ترادف "اللتي واللاتي" ذات وذوات مضمومتين مطلقا، وقال في النظم:
94-
وكالتي أيضا لديهم ذات
…
وموضع اللاتي أتى ذوات
"كقوله" وهو رجل من بني طيئ كما قال الفراء في لغات القرآن: سمعنا أعرابيا من طيئ يسأل ويقول: "بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به"2 فبنى "ذات" على الضم، ونقل حركة الهاء الأخيرة إلى ما قبلها، وحذف الألف فسكنت الهاء. وبالفضل: متعلق بمحذوف، أي: أسألكم بالفضل أو نحوه، والكرامة: بالخفض. معطوفة على الفضل، وكأنه يشير إلى قوله تعالى:{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71] قاله الموضح في الحواشي. "وقوله" وهو رؤبة: [من الرجز]
108-
جمعتها من أينق موارق
…
"ذوات ينهضن بغير سائق"
فبنى "ذوات" على الضم، والهاء في "جمعتها" للنوق المذكورة في بيت قبله، والأينق؛ بتقديم الياء المثناة تحت الساكنة على النون المضمومة: جمع ناقة، وأصل ناقة نوقة، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وتجمع في القلة على أنوق، قدمت الواو على النون فصار أونق، ثم قلبت الواو ياء أينق، ويجمع أينق على أيانق، والموارق: جمع مارقة، من مرق السهم، شبه النوق بالسهام في سرعة مشيها، وسائق: من السوق؛ بفتح السين.
و"حكي" في ذوات وذوات "إعرابهما" بالحركات "إعراب ذات وذوات بمعنى صاحبة وصاحبات"، حكى الأول أبو حيان في الارتشاف، وحكى الثاني أبو جعفر بن النحاس الحلبي، وإذا أعربا نونا لعدم الإضافة، فنقول: جاءني ذات قامت، ورأيت ذاتا قامت، ومررت بذات قامت، بالحركات الثلاث مع التنوين. وتقول: جاءني ذوات قمن،
1 المقرب 1/ 59، وشرح التسهيل 1/ 199.
2 ورد هذا القول في شرح ابن الناظم ص60.
108-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180، والدرر 1/ 151، وبلا نسبة في الأزهية ص295، وأوضح المسالك 1/ 156، وتخليص الشواهد ص144، وتهذيب اللغة 15/ 44، وتاج العروس "ذو"، وشرح ابن الناظم ص60، وهمع الهوامع 1/ 83.
بالرفع والتنوين؛ ورأيت ذوات قُمْن، ومررت بذوات قُمْن، بالكسر مع التنوين جرا ونصبا، قاله الموضح في الحواشي.
"وأما "ذا" فشرط موصوليتها ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا تكون للإشارة"؛ لأنها إذا كانت للإشارة تدخل على المفرد، "نحو: من ذا الذاهب وماذا التواني"، والمفرد لا يصلح أن يكون صلة لغير "أل".
"و" الأمر "الثاني: أن لا تكون" ذا "ملغاة"، وإلغاؤها على وجهين، أحدهما حكمي، والآخر حقيقي، فالحكمي ما ذكره بقوله "وذلك" الإلغاء "بتقديرها مركبة مع "ما" في نحو: ماذا صنعت"، فيصيران اسما واحدا من أسماء الاستفهام في محل نصب على المفعولية المقدمة بـ"صنعت"، والتقدير: أي شيء صنعت "كما قدرها كذلك"، أي: مركبة مع "ما"، إلا أنهما في محل جر "من قال" لسائل عن شيء: "عما ذا تسأل"، والتقدير: عن أي شيء تسأل، "فأثبت الألف" من ما "لتوسطهما" في اسم الاستفهام بالتركيب، ولولا ذلك لحذفت الألف؛ لأن "ما" الاستفهامية إذا دخل عليها جار حذفت ألفها لتطرفها نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1] فرقا بين "ما" الاستفهامية والموصولة نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} [الإسراء: 43] وخصت الاستفهامية بحذف الألف للتطرف، وصينت الموصولة عن الحذف لتوسط الألف؛ لأن الصلة والموصول بمنزلة الاسم الواحد، والإلغاء الحقيقي ما ذكره بقوله: "ويجوز الإلغاء عند الكوفيين وابن مالك على وجه آخر، وهو تقديرها زائدة" بين "ما" ومدخولها، فكأنك قلت: ما صنعت؟ والبصريون لا يجيزون زيادة شيء من الأسماء، وسكنت عن إلغاء "ذا" مع "من" لمنع أبي البقاء وثعلب وغيرهما أن تكون "من وذا" مركبتين، وخصوا جواز ذلك بـ"ما وذا" لأن "ما" أكثر إبهاما، فحسن أن تجعل مع غيرها كشيء واحد ليكون ذلك أظهر لمعناها، ويجوز على قول الكوفيين بزيادة الأسماء كون "ذا" زائدة و"من" مفعولا في نحو: من ذا ضربت، وظاهر كلام جماعة أنه يجوز أن يكون "من وذا" مركبتين، قاله في المغني وهو ظاهر قول الناظم:
95-
ومثل ماذا بعد ما استفهام
…
أو من إذا لم تلغ في الكلام
"و" الأمر "الثالث أن يتقدمها استفهام بما باتفاق" من البصريين "أو بمن على الأصح" عندهم؛ لأن كلا منهما للاستفهام، وأجاب المانع بالفرق بأن "ما" تجانس "ذا" لما فيها من الإبهام، بخلاف "من"، فإنها لا إبهام فيها لاختصاصها بمن
يعقل، فلا مجانسة بينهما، وكلا التعليلين ضعيف، أما الأول فلأن بقية أدوات الاستفهام كما في الإبهام، فلا خصوصية لإلحاق من دونها. وأما الثاني فلأن "ما" مختصة بما لا يعقل، كما أن "من" مختصة بمن يعقل، إلا أن يقال إن ما لا يعقل أوسع دائرة ممن يعقل، والمرجع في ذلك إلى السماع، وكلاهما مسموع، فالأول "كقول لبيد" ابن ربيعة العامري:[من الطويل]
109-
"ألا تسألون المرء ماذا يحاول"
…
أنحب فيقضي أم ضلال وباطل
أنشده سيبويه1. فـ"ما" مبتدأ و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة "يحاول"، صلته والعائد محذوف، و"يحاول": يطلب، و"النحب" بفتح النون وسكون الحاء المهملة: أصله المدة والوقت، يقال: قضى فلان نحبه، إذا مات، والمراد به هنا النذر، والمعنى: ألا تسألان المرء ما الذي يطلبه ويحاوله باجتهاده في الدنيا، وأنذر أوجبه على نفسه، فهو يسعى في وفائه، أم هو في ضلال وباطل. "و" الثاني نحو "قوله" وهو أمية بن أبي عائد الهذلي، كما قال ابن مالك2، أو أمية بن الصلت، كما قال العيني3:[من المتقارب]
110-
ألا إن قلبي لدى الظاعنينا
…
حزين "فمن ذا يعزي الحزينا"
أنشده ابن مالك. فـ"من" مبتدأ، و"ذا" اسم موصول خبر، وجملة "يعزي الحزينا" صلته، و"الظاعنين" جمع ظاعن؛ من ظعن: إذا سار. "والكوفي لا يشترط" في موصولية "ذا" تقدم "من" ولا "ما" الاستفهاميتين، "واحتج بقوله" وهو يزيد بن مفرغ الحميري:[من الطويل]
109- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص254، والأزهية ص20، والجنى الداني ص239، وخزانة الأدب 2/ 252، 253، 6/ 145، 147، وديوان المعاني 1/ 119، وشرح أبيات سيبويه 2/ 40، وشرح شواهد المغني 1/ 150، 2/ 711، والكتاب 2/ 417، ولسان العرب 1/ 751 "نحب"، 11/ 187 "حول"، 15/ 459 "ذو"، والمعاني الكبير ص1201، ومغني اللبيب ص300، وتاج العروس 4/ 243 "نحب"، "ما"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 159، ورصف المباني ص188، وشرح ابن الناظم ص62، وشرح الأشموني 1/ 73، وشرح التسهيل 1/ 197، وشرح الرضي 3/ 65، وشرح المفصل 3/ 149، 150، 4/ 23، وكتاب اللامات ص64، ومجالس ثعلب ص530.
1 الكتاب 2/ 417.
2 شرح التسهيل 1/ 199.
3 المقاصد النحوية 1/ 441.
110-
البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوانه ص63، وخزانة الأدب 2/ 436، وشرح التسهيل 1/ 199، ولأمية بن أبي الصلت في المقاصد النحوية 1/ 441، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 161.
111-
عَدَس ما لعباد عليك إمارة
…
"أمنت وهذا تحملين طليق"
وتقرير الحجة منه أن "هذا" اسم موصول مبتدأ، ولم يتقدم عليه "ما" ولا "من"، وتحملين: صلته والعائد محذوف، وطليق: بمعنى مطلق خبر المبتدأ، "أي: والذي تحملينه طليق، وعندنا" معشر البصريين1 "أن "هذا" اسم إشارة" على أصله، لا موصول2؛ لأن "ها" التنبيه لا تدخل
على الموصولات وهو مبتدأ، "وطليق": خبره، وهي "جملة اسمية، وتحملين: حال" من فاعل طليق المستتر فيه متقدمة على عاملها، "أي: وهذا طليق محمول لك"، وعدس؛ بفتح العين والدال والسين المهملات: اسم صوت لزجر البغل، وعباد: هو ابن زياد بن أبي سفيان، وكان يزيد يكثر من هجوه، حتى كتبه على الحيطان، فلما ظفر به ألزمه محوه بأظفاره، ففسدت أنامله، ثم أطال سجنه، فكلموا فيه معاوية فأمر بإخراجه، فلما خرج قدمت بغلة فركبها فنفرت فقال3:
عدس ما لعباد عليك إمارة
…
.........................
البيت. و"إمارة" بكسر الهمزة: أي: أمر.
ولا تختص "ذا" الإشارية بذلك عند الكوفيين، بل جميع أسماء الإشارة يجوز أن تستعمل عندهم موصولات4 نحو:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: 17] قالوا5: إن "تلك" موصول و"بيمينك" صلة، أي: وما التي بيمينك، وعندنا أن "بيمينك" حال
111- البيت ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170، وأدب الكاتب ص417، والاقتضاب 627، والأغاني 18/ 270، والحماسة البصرية 1/ 173، والإنصاف 2/ 717، وتخليص الشواهد ص150، وتذكرة النحاة ص20، وجمهرة اللغة ص645، وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48، والدرر 1/ 153، وشرح ابن الناظم ص61، ولسان العرب 6/ 47، "حدس"، 133، "عدس"، والمقاصد النحوية 1/ 442، 3/ 216، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447، وأوضح المسالك 1/ 162، وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388، وشرح الأشموني 1/ 74، وشرح الرضي 3/ 23، 122، وشرح شذور الذهب ص147، وشرح قطر الندى ص106، وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23، واللسان 15/ 460 "ذوا"، والمحتسب 2/ 94، ومغني اللبيب 2/ 462، وهمع الهوامع 1/ 84. وتاج العروس "ذا".
1 الإنصاف 2/ 719.
2 يرى الكوفيون أن "هذا" بمنزلة "الذي" ويستعملونها موصولة. انظر الدرر 1/ 153، والإنصاف 2/ 719.
3 الأغاني 18/ 270.
4 الإنصاف 2/ 717، وشرح الرضي 3/ 23.
5 الإنصاف 2/ 717، والاقتضاب ص627.
من المشار إليه1، ومن الموصولات عندهم الاسم المحلى بالألف واللام، نحو قوله:[من الطويل]
112-
لعمرك لأنت الليث أكرم أهله
…
وأقعد من أفنائه بالأصائل
كأنه قال لأنت الذي أكرم أهله، فأكرم: صلة الليث.
ومنها الاسم المضاف، نحو قوله:[من البسيط]
113-
يا درا مية بالعلياء فالسند
…
...............................
فـ"بالعلياء": صلة لـ"دار مية".
ومنها النكرة الواقعة بعها جملة، نحو: هذا رجل ضربته، فـ"ضربته" عندهم صلة لـ"رجل"، ولم يثبت البصريون شيئا من ذلك، قال أبو حيان في النكت الحسان على غاية الإحسان.
1 الإنصاف 2/ 721، كأنه قال: أي شيء هذه كائنة بيمينك، وهو رأي البصريين.
112-
البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 142، وإصلاح المنطق ص320، والاقتضاب ص603، وخزانة الأدب 5/ 484، 485، 491، 497، والدرر 1/ 156، ولسان العرب 11/ 16 "أصل"، وتاج العروس "أصل"، وبلا نسبة في الأزمنة والأمكنة 2/ 259، وأساس البلاغة "فيء"، والإنصاف 2/ 723، وخزانة الأدب 6/ 166، ولسان العرب 1/ 124، "فيأ"، وهمع الهوامع 1/ 85.
113-
عجز البيت:
"أقوت وطال عليها سالف الأمد"
، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، وتهذيب اللغة 8/ 353، 12/ 266، 15/ 668، وبلا نسبة في شرح الرضي 4/ 387.
"فصل":
"وتفتقر كل الموصولات" الاسمية مختصة كانت أو مشتركة "إلى صلة" تتصل بها؛ لأنها نواقص لا يتم معناها إلا بصلة "متأخرة عنها" لزوما؛ لأن الصلة من كمال الموصول ومنزلة منزلة جزئه المتأخر، وكما لا تتقدم الصلة على الموصول؛ لا يتقدم معمولها عليه؛ لأنه جزؤها، وأما نحو:{وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] ففيه متعلق بمحذوف دل عليه صلة "أل" والتقدير: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين. وتتميز الموصولات الاسمية عن الموصولات الحرفية بأن الاسمية لا بد لها من صلة "مشتملة على ضمير مطابق لها" في الإفراد والتذكير وفروعهما، بخلاف الحرفية فإن صلتها لا ضمير فيها، فسقط ما قيل إن قول الناظم:
96-
وكلها يلزم بعده صله
…
على ضمير لائق مشتمله
يعم الموصولات الاسمية والحرفية.
وهذا الضمير "يسمى العائد"؛ لعوده إلى الموصول، ثم الموصول إن طابق لفظه معناه؛ فلا إشكال في مطابقة العائد لفظا ومعنى، وإن خالف لفظه معناه بأن يكون مفرد اللفظ مذكرا؛ وأريد به غير ذلك نحو:"من وما"، ففي العائد وجهان: مراعاة اللفظ، وهو الأكثر نحو:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] ومراعاة المعنى نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42] ما لم يحصل من مطابقة اللفظ لبس نحو: أعط من سألتك، ولا تقل: من سألك، أو قبح1 نحو: من هي حمراء أمك، فيجب مراعاة المعنى، ولم يعضد المعنى سابق، فيختار مراعاة المعنى كقوله:[من الطويل]
114-
وإن من النسوان من هي روضة
…
تهيج الرياض قبلها وتصوح
1 وجه القبح أنه لو روعي اللفظ لزم الإخبار بمؤنث عن مذكر؛ فروعي المعنى بكسر كاف "أمك".
114-
البيت لجران العود في ديوانه ص44، ولسان العرب 2/ 512 "صرقح"، والمقاصد النحوية 1/ 492.
وقد يخلف الضمير في الربط الاسم الظاهر نحو: [من الطويل]
115-
........................
…
وأنت الذي في رحمة الله أطمع
الأصل في رحمته. و: [من الطويل]
116-
سعاد التي أضناك حب سعادا
…
....................................
أي: حبها. "والصلة إما جملة" تامة، اسمية أو فعلية. " وشرطها أن تكون خبرية"، وهي المحتملة للتصديق والتكذيب في نفسها؛ من غير نظر إلى قائلها؛ لأن الموصول وضع وصلة إلى وصف المعارف بالجمل نحو: جاء الرجل الذي قام أبوه. ومن شرط الجملة المنعوت بها أن تكون خبرية "معهودة" للمخاطب؛ لأنك إنما تأتي بالصلة لتعرف المخاطب الموصول المبهم بما كان يعرفه قبل ذكر الموصول من اتصافه بمضمون الصلة، "إلا في مقام التهويل والتفخيم" وهو التعظيم؛ "فيحسن إبهامها" لذلك، "فالمعهودة كجاء الذي قام أبوه" إذا كان بينك وبين مخاطبك عهد في شخص قام أبوه، "والمبهمة نحو:{فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ} أي: البحر {مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78] أي: الذي غشيهم أمر عظيم، والمرجع في ذلك إلى الموصول، فإنه أريد به معهود فصلته معهودة نحو:{كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [البقرة: 171]، وإن أريد به التعظيم أبهمت صلته نحو:{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] .
"ولا يجوز" في الصلة "أن تكون" جملة "إنشائية"، وهي ما قارن لفظها معناها "كـ: بِعْتُكَه"، فلا تقل: جاء العبد الذي بعتكه، قاصدا إنشاء البيع، "ولا" جملة "طلبية"، وهي ما تأخر وجود معناها عن وجود لفظها أمرا كانت أو نهيا، "كاضربه ولا تضربه" فلا تقل: جاء الذي اضربه، أو لا تضربه؛ لأن كلا من الإنشاء والطلب لا خارجي له، فضلا عن أن يكون معهودا، فلا يصلح لبيان الموصول، ومن ثم امتنع الوصل بالتعجبية، وإن كانت خبرية فلا يقال: جاء الذي ما أحسنه، لما في التعجب من الإبهام المنافي للبيان، فتكون مستثناة من الخبرية، كما أن جملة القسم مستثناة من
115- صدر البيت:
"فيا رب ليلى أنت في كل موطن"
، وهو لمجنون ليلى في الدرر 1/ 165، وشرح شواهد المغني 2/ 559، والمقاصد النحوية 1/ 497، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67، ومغني اللبيب 1/ 210، وهمع الهوامع 1/ 87.
116-
عجز البيت:
"وإعراضها عنك استمر وزادا"
، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67، وشرح شذور الذهب ص142.
الإنشائية، فيجوز الوصل بها نحو:{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: 72] وقيل لا استثناء فيهما، أما التعجبية فلأنها إنشائية نظرا إلى حالة الاستعمال، وأما القسمية فلأن الوصل إنما هو بجملة الجواب وهو خبري، وجملة القسم إنما جيء بها لمجرد التأكيد.
ولا يجوز الوصل بجملة مستدعية كلاما قبلها، فلا يقال: جاء الذي لكنه قائم، أو: حتى أبوه قائم؛ لأن فيه استعمال "لكن" من غير تقدم مستدرك، واستعمال "حتى" من غير تقدم مغيا، وأجاز الكسائي الوصل بالأمر والنهي، والمازني بالدعاء بما لفظه الخبر نحو: جاء الذي يغفر الله له، وصاحب الإفصاح: بـ"نعم وبئس، وهشام: بـ"ليت ولعل وعسى"، هذا حكم الجملة.
"وأما شبهها" في حصول الفائدة "فهو ثلاثة":
الأول والثاني "الظرف المكاني والجار والمجرور التامان"، والمراد بالتام فيهما ما يفهم بمجرد ذكره ما يتعلق هو به، "نحو": جاء "الذي عندك، و" جاء الذي في الدار، وتعلقهما بـ"استقر""محذوفا" وجوبا، وبذلك أشبها الجملة، بخلاف الناقصين، نحو: جاء الذي مكانا والذي بك، إذ لا يتم معناهما إلا بذكر متعلق خاص جائز الذكر، نحو: جاء الذي سكن مكانا والذي مر بك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
97-
وجملة أو شبهها الذي وصل
…
به..............................
"و" الثالث: "الصفة الصريحة، أي: الخالصة للوصفية"، وهي التي لم يغلب عليها الاسمية؛ لأن فيها معنى الفعل، ولذلك عملت عمله، وصح عطف الفعل عليها، وعطفها عليه نحو:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا} [الحديد: 18]، ونحو:[من الرجز]
117-
أم صبي قد حبا أو دارج
وبذلك أشبهت الجملة.
"وتختص الصريحة "بالألف واللام"، وإلى ذلك يشير قول الناظم:
98-
وصفة صريحة صلة أل
…
.............................
117- الرجز لجندب بن عمرو في خزانة الأدب 4/ 238، وبلا نسبة في لسان العرب 2/ 266 "درج"، وأوضح المسالك 3/ 394، وسر صناعة الإعراب 2/ 641، وشرح ابن الناظم ص391، وشرح الأشموني 2/ 433، والمقاصد النحوية 4/ 173، وتهذيب اللغة 10/ 643، وتاج العروس 5/ 553 "درج"، وكتاب العين 3/ 76.
"كضارب ومضروب" اتفاقا. "وحسن" على قول ابن مالك ونصه1: وعنيت بالصفة المحضة أسماء الفاعلين، واسم المفعول، والصفات المشبهة بأسماء الفاعلين، ا. هـ. وصحح الموضح في المغني أن "أل" الداخلة على الصفة المشبهة حرف تعريف، "بخلاف ما غلبت عليها الاسمية" من الصفات "كأبطح": مذكر بطحاء، فإنه في الأصل وصف لكل مكان منبطح من الوادي، ثم غلب على الأرض المتسعة، "وأجرع": مذكر جرعاء، فإنه في الأصل وصف لكل مكان مستو، ثم غلب عليه الاسمية، فصار مختصا بالأرض المستوية ذات الرمل التي لا تنبت شيئا، "وصاحب": فإنه في الأصل وصف للفاعل ثم غلب على صاحب الملك، "وراكب": فإنه في الأصل وصف للفاعل، ثم غلب على راكب الإبل دون غيره، وعلى رأس الجبل. قال الشاطبي: الدليل على أن هذه الأسماء انسلخ منها الوصفية أنها لا تجري صفات على موصوف، ولا تعمل على الصفات، ولا تتحمل ضميرا، ا. هـ. فلا توصل بها "أل" لعدم شبهها بالفعل، "وقد توصل" أل "بمضارع" اختيارا، "كقوله" وهو الفرزدق خطابا لرجل من بني عذرة، هجاه بحضره عبد الملك بن مروان:[من البسيط]
118-
"ما أنت بالحكم الترضى حكومته"
…
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
فأدخل "أل" على "ترضى" وهو فعل مضارع مبني للمفعول، وحكومته: نائب فاعل به، "ولا يختص" ذلك "عند ابن مالك بالضرورة"، بل أشار إلى قلته بقوله في النظم:
98-
................................
…
وكونها بمعرب الأفعال قل
وهو اختيار ثالث في المسألة، فإن بعض الكوفيين يجيزونه اختيارا، والجمهور يمنعونه ويخصونه بالضرورة، فالقول بالجواز على قلة قول ثالث، والمدرك مختلف، فابن مالك يرى أن الضرورة ما يضطر إليه الشاعر، ولم يجد عنه مخلصا، ولهذا قال2: لتمكنه من أن يقول المرضي. والجمهور يرون أن الضرورة ما جاء في الشعر، ولم يجئ في الكلام، سواء اضطر إليه الشاعر أم لا، فلم يتواردا على محل واحد. والحكم؛ بفتحتين: المحكم بين الخصمين للفصل بينهما، والأصيل: الحسيب، والجدل؛ بفتحتين: شدة الخصومة.
1 شرح التسهيل 1/ 201.
118-
تقدم تخريج البيت برقم "13".
2 شرح التسهيل 1/ 201، وانظر الدرر 1/ 157.
"فصل":
يجوز حذف الصلة إذا دل عليها دليل، أو قصد الإبهام، ولم تكن صلة "أل" كقوله:[من م. الكامل]
119-
نحن الألى فاجمع جمو
…
عك ثم وجههم إلينا
أي: نحن الألى عرفوا بالشجاعة.
والثاني كقولهم: بعد اللتيا والتي؛ أي: بعد الخطة التي من فظاعة شأنها كَيْت وكَيْت. وإنما حذفوا ليوهموا أنها بلغت من الشدة مبلغا تقاصرت العبارة عن كنهه.
"ويجوز حذف العائد المرفوع" بشرطين، "إذا كان مبتدأ" غير منسوخ، وكان مخبرا عنه بمفرده، فلا يحذف في "نحو جاء اللذان قاما أو ضربا" بالبناء للمفعول، أو كانا قائمين "لأنه غير مبتدأ"، فإنه في الأول فاعل، وفي الثاني نائب عن فاعل، وفي الثالث منسوخ، فهو فاعل مجازا، والفاعل ونائبه لا يحذفان، "ولا" يحذف "في نحو: جاء الذي هو يقوم، أو: هو في الدار؛ لأن الخبر غير مفرد"، لأنه في الأول جملة فعلية، وفي الثاني جار ومجرور، "فإذا حذف الضمير" المنفصل المفيد للاختصاص "لم يدل دليل على حذفه، إذ الباقي بعد الحذف" للضمير جملة أو شببها، وكل منهما "صالح لأن يكون صلة كاملة"، لاشتماله على ضمير مستتر في الفعل وفي الجار والمجرور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
101-
.............................
…
................... وأبوا أن يختزل
102-
إن صلح الباقي لوصل مكمل
…
.....................................
119- البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 142، وخزانة الأدب 2/ 289، والدرر 1/ 173، وشرح شواهد المغني 1/ 258، ولسان العرب 15/ 437، "أولى وأولاء"، والمقاصد النحوية 1/ 490، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542، وشرح الأشموني 1/ 74، 82، ومغني اللبيب 1/ 86، وهمع الهوامع 1/ 89.
"بخلاف الخبر المفرد"، فإنه لا يصلح للوصل على حدته، ولا فرق في ذلك بين صلة "أي" وغيرها، فـ"أي" "نحو:{أَيُّهُمْ أَشَدُّ} " [مريم: 69] ، فأشد: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أشد، وذلك المبتدأ هو العائد، وخبره مفرد وهو أشد. "و" غير "أي" نحو: "{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} " [الزخرف: 84] ، فإله: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو إله، وذلك المبتدأ هو العائد؛ وخبره مفرد وهو إله، وفي السماء: متعلق بإله؛ لأنه بمعنى معبود. "أي: هو إله في السماء، أي: معبود فيها"، ولا يجوز تقدير إله مبتدأ مخبرا عنه بالظرف. أو فاعلا بالظرف؛ لأن الصلة حينئذ خالية من العائد، ولا يحسن تقدير الظرف صلة، وإله بدل من الضمير المستتر فيه، وتقدير:{وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] معطوفا كذلك، لتضمنه الإبدال من ضمير العائد مرتين، وفيه بعد، حتى قيل بامتناعه، قال في المغني.
"ولا يكثر الحذف" للضمير المرفوع "في صلة غير أي" عند البصريين، "إلا إن طالت الصلة"، إما بمعمول الخبر أو بغيره، سواء تقدم المعمول على الخبر نحو:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]، أو تأخر نحو قولهم:"ما أنا بالذي قائل لك سوءا" حكاه الخليل1.
ويستثنى من اشتراط الطول: "لا سيما زيد" فإنهم جوزوا في "زيد" إذا رفع أن تكون "ما" موصولة، و"زيد" خبر مبتدأ محذوف وجوبا، والتقدير: لا سي الذي هو زيد، فحذف العائد وجوبا2، ولم تطل الصلة، وهو مقيس وليس بشاذ3، وذلك لأنهم نزلوا "لا سيما" منزلة "إلا" استثنائية، فناسب أن لا يصرح بعدها بجملة، فإن قلت:"لا سيما زيد الصالح" فلا استثناء لطول الصلة بالنعت، كقوله:[من الطويل]
120-
.....................
…
ولا سيما يوم بدارة جلجل
فيمن رفع "يوم" والتقدير: ولا سي الذي هو يوم، وحسن حذف العائد طول الصلة بصفة
1 ورد هذا القول في الكتاب 2/ 108، 404، وشرح ابن عقيل 1/ 165، وشرح ابن الناظم ص65.
2 هو قولك: "هو" من قوله: "لا سيما الذي هو زيد".
3 كذا قال ابن عقيل في شرحه 1/ 166.
120-
صدر البيت:
"ألا رب يوم لك منهن صالح"
، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص10، والجنى الداني ص334، 443، وخزانة الأدب 3/ 444، 451، والدرر 1/ 504، وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558، وشرح المفصل 2/ 86، والصاحبي في فقه اللغة ص155، واللسان 14/ 411 "سوا"، وتاج العروس "سوى"، وبلا نسبة في رصف المباني ص193، وشرح الأشموني 1/ 241، وشرح الرضي 2/ 135، ومغني اللبيب 1/ 140، 313، 421، وهمع الهوامع 1/ 234.
"يوم"، وهو:"بدارة" قاله الموضح في المغني1، وإلى اشتراط الطول أشار الناظم بقوله:
100-
....................... وفي
…
ذا الحذف أيا غير أي يقتفي
101-
إن يستطل وصل...........
…
....................................
"وشذت قراءة بعضهم" وهو يحيى وابن يعمر بن أبي إسحاق "تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ"[الأنعام: 154] بالرفع2، وشذت قراءة ابن أبي عبلة والضحاك ورؤبة بن العجاج:"مَثَلًا مَا بَعُوضَةٌ"[البقرة: 26] برفع بعوضة3، أي: الذي هو أحسن، والذي هو بعوضة، "و" شذ "قوله":[من البسيط]
121-
"من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه"
…
ولا يحد عن سبيل الحلم والكرم
أي: بما هو سفه، و"يعن"؛ بالبناء للمفعول؛ من قولهم: عنيت بحاجتك أعني بها بضم أولهما، و"يحد" بفتح الياء المثناة تحت وكسر الحاء المهملة، بمعنى يعدل، والمعنى: من يعتن بحصول الحمد ويرغب في حمد الناس له فلا يتكلم بالكلام الفاحش الذي هو سفه؛ ولا يعدل عن طريق الحلم والكرم.
"والكوفيون" لا يشترطون في حذف العائد المرفوع استطالة الصلة4، و"يقيسون على ذلك" المسموع من الآية والبيت ونحوهما، وتبعهم الناظم إلا أنه جعله قليلا فقال:
101-
...................... وإن لم يستطل
…
فالحذف نزر..............................
"ويجوز حذف" العائد "المنصوب إن كان متصلا، وناصبه فعل أو وصف غير صلة الألف واللام".
1 مغني اللبيب 1/ 313.
2 الرسم المصحفي: "أحسن" بالنصب، وقرأها بالرفع الحسن والأعمش ويحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق. انظر الإتحاف 220، ومعاني القرآن للفراء 1/ 365، والكتاب لسيبويه 2/ 108، وشرح ابن الناظم ص66، وشرح المفصل 2/ 85، وأوضح المسالك 1/ 168، والأمالي الشجرية 2/ 235، وشرح ابن عقيل 1/ 165.
3 الرسم المصحفي: {بَعُوضَةً} بالنصب، وانظر القراءة المستشهد بها في البحر المحيط 1/ 123، والمحتسب 1/ 64.
121-
البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 168، وتخليص الشواهد ص160، والدرر 1/ 175، وشرح ابن الناظم ص66، وشرح الأشموني 1/ 78، وشرح التسهيل 1/ 208، والمقاصد النحوية 1/ 446، وهمع الهوامع 1/ 90.
4 شرح التسهيل 1/ 207، وهمع الهوامع 1/ 90.
فالفعل "نحو: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] أي: يسرونه ويعلنونه، ولا يتعين في "ما" هذه أن تكون موصولا اسميا، لجواز أن تكون موصولا حرفيا، والتقدير: يعلم سركم وعلانيتكم، بدليل أنه قد جاء مصرحا به في مكان آخر هو: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] قيل: وشرط جواز حذف العائد المنصوب أن يكون متعينا للربط كما مثل، فلو كان غير متعين لم يجز حذفه نحو: "جاء الذي أكرمته في داره" فإن العائد أحدهما لا بعينه، قاله ابن عصفور وغيره، قال الموضح في الحواشي: وفيه نظر، فإنه متى كان العائد أحدهما لا بعينه لا يسمى منصوبا ولا مجرورا، ا. هـ. وشرط الفعل أن يكون تاما، فلا يحذف في نحو: "جاء الذي كأنه زيد" على الأصح.
"و" الوصف نحو "قوله": [من البسيط]
122-
"ما الله موليك فضل فاحمدنه به"
…
فما لدى غيره نفع ولا ضرر
فـ"ما": موصول اسمي في موضع رفع على الابتداء، و"فضل": خبره، و"الله موليك": صلة "ما" والعائد محذوف منصوب بالوصف، والتقدير: الذي الله موليكه فضل، "بخلاف: جاء الذي إياه أكرمت"؛ لأنه منفصل، وحذفه يوقع في إلباسه بالمتصل، ومفوت لما قصد به من التخصيص عند البيانيين، والاهتمام عند النحويين، وإنما حذف منفصلا من قوله سبحانه وتعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] والأصل: رزقناهم إياه؛ لأن تقديره متصلا يلزم منه اتصال الضميرين المتحدي الرتبة في ضميري الغيبة، وهو قليل، "و" بخلاف: جاء "الذي إنه فاضل أو كأنه أسد"؛ لأن اسم "إن" و"كأن" المشددتين لا يحذف إلا شذوذا، وأتى بمثالين أحدهما ما لا يغير معنى الجملة وهو إن، الثاني ما يغيرها وهو كأن، "أو" الذي "أنا الضاربه"؛ لأن الوصف صلة الألف واللام، واسمية "أل" خفية، والضمير إذا كان مذكورا يدل على اسميتها نصا، فإذا حذف فات هذا المعنى، وهم بصدد التنصيص على اسميتها، قاله قريب الموضح في حاشية هذا الكتاب، وهو سهو؛ لأن العائد المنصوب ليس عائدا على "أل" في هذا المثال؛ حتى يدل على اسميتها نصا، وإنما هو عائد على "الذي"، كما يفيده العطف بأو، والعائد إلى "أل" إنما هو الضمير المرفوع المستتر في الوصف والتحرير أن العائد المنصوب بالوصف المقرون بـ"أل" إن كان عائدا على غير "أل"
122- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 169، وتخليص الشواهد ص161، وشرح الأشموني 1/ 79، وشرح ابن عقيل 1/ 169، والمقاصد النحوية 1/ 447.
كالمثال المذكور جاز حذفه، وإن كان عائدا على "أل" نحو:"جاءني الضاربه زيد" امتنع حذفه لما تقدم من التعليل، "وشذ قوله":[من البسيط]
123-
"ما المستفز الهوى محمود عاقبة"
…
ولو أتيح له صفو بلا كدر
فحذف العائد إلى "أل" المنصوب بالوصف و"ما": نافية، والمستفز؛ بالسين المهملة والفاء والزاي؛ بمعنى: المستخف، اسم "ما" و"المحمود" خبرها إن كانت حجازية، وأتيح؛ بالبناء للمفعول بتاء مثناة فوق فياء مثناة تحت فحاء مهملة بمعنى قدر؛ والمعنى: ليس المستفز الهوى محمود عاقبة ولو قدر له صفو خالص من الكدر.
"وحذف منصوب الفعل كثير"؛ لأن الأصل في العمل للفعل، فكثر تصرفهم في معموله بالحذف، "و" حذف "منصوب الوصف قليل" جدا، بل قال الفارسي: لا يكاد يسمع من العرب، قال ابن السراج: أجازوه على قبح، وقال المبرد: رديء جدا، وعلى هذا فيشكل قول الناظم:
102-
.............................
…
والحذف عندهم كثير منجلي
103-
في عائد متصل إن انتصب
…
بفعل أو وصف..................
فسوى بين منصوب الفعل والوصف في كثرة الحذف، "ويجوز حذف" العائد "المجرور بالإضافة، إن كان المضاف" الجار للعائد "وصفا" ناصبا للعائد تقديرا بأن كان اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال "غير ماض"، خلافا للكسائي "نحو:{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] والأصل: فاقض الذي أنت قاضيه، فحذف العائد على ما موصول اسمي. قال الموضح في الحواشي: و"ما" هذه تحتمل أن تكون مصدرية، أي: اقض قضاءك أو مدة قضائك، بدليل:{إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: 72] ا. هـ. ولكنه حاول شرح قول الناظم:
104-
كذاك حذف ما بوصف خفضا
…
كأنت قاض بعد أمر من قضى
"بخلاف: جاء الذي قام أبوه" لأن المضاف الجار للعائد ليس بوصف، "أو": جاء الذي "أنا أمس ضاربه" لأن المضاف وصف ماض، وهو لا يعمل على الأصح، وبخلاف: جاء الذي أنا مضروبه؛ لأن الوصف اسم مفعول، وإنما لم يجز حذفه فيهن؛ لأنه ليس منصوبا تقديرا، "و" يجوز حذف العائد "المجرور بالحرف إن كان" في
123- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 171، وتخليص الشواهد ص161، والدرر 1/ 173، وشرح الأشموني 1/ 79، وشرح التسهيل 1/ 207، والمقاصد النحوية 1/ 447، وهمع الهوامع 1/ 89.
موضع نصب، وكان "الموصول أو" الاسم "الموصوف بالموصول مجرورا بمثل ذلك الحرف لفظا" ومعنى، "أو معنى" فقط، "و" اتفقا فيهما "متعلقا"، سواء اتفق المتعلقان لفظا ومعنى، أو معنى فقط، أم اختلفا نوعا واتحدا مادة؛ لأن الضمير عبارة عن الموصول أو الموصوف به، فلا بد أن يكون الجار لهما متحدا من جهة المعنى والمتعلق، فإذا حذف الجار والمجرور كان في الكلام ما يدل عليهما، وذلك معنى قول الناظم:
105-
كذا الذي جر بما الموصول جر
…
......................................
"نحو: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [المؤمنون: 33] فالموصول وهو "ما" مجرور بـ"من" التبعيضية، وهي متعلقة بـ"يشرب" قبلها، والعائد المحذوف مجرور بـ"من" التبعيضية وهي متعلقة بـ"تشربون" والتقدير: ويشرب من الذي يشربون منه فاتفق الحرفان لفظا أو معنى ومتعلقا، "و" نحو قوله، وهو كعب بن زهير:
[من البسيط]
124-
"لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت"
…
أبناء يعصر حين اضطرها القدر
فالموصوف بالموصول وهو الأمر مجرور بـ"إلى" المعدية، وهي متعلقة بـ"تركنن"، والعائد المحذوف مجرور بـ"إلى" المعدية، وهي متعلقة بـ"ركنت"، والتقدير: لا تركن إلى الأمر الذي ركنت إليه، فاتفق الحرفان لفظا ومعنى ومتعلقا، وأقيم الموصوف بالموصول مقام الموصول؛ لأنه نفسه في المعنى. ويعصر: بمهملات بوزن ينصر لا ينصرف؛ للعلمية ووزن الفعل؛ وهو أبو قبيلة من باهلة، وحكم المضاف للموصول كذلك، نحو:"مررت بغلام الذي مررت" أي: به. ومثال اتفافقهما معنى فقط: "حللت به في الذي حللت"، فيجوز حذف الضمير المجرور بالباء؛ لأنها بمعنى: في كذا، قالوا: وفيه نظر؛ لأنه لا يعلم نوع المحذوف. ومثال اختلاف المتعلقين لفظا واتحادهما معنى نحو: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] أي: به؛ لأن اصدع في معنى مر، على خلاف في هذه والتي قبلها. ومثال اختلاف المتعلقين نوعا واتحادهما مادة قوله:[من الطويل]
125-
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة
…
فبح لان منها بالذي أنت بائح
124- البيت لكعب بن زهير في المقاصد النحوية 1/ 449، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174، وشرح الأشموني 1/ 81.
125-
البيت لعنترة في ديوانه ص298، والمقاصد النحوية 1/ 478، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 56، 5/ 67، وتذكرة النحاة 31، والخصائص 3/ 35، وشرح الأشموني 1/ 81، وشرح التسهيل 1/ 206، وشرح ابن عقيل 1/ 174، ولسان العرب 13/ 42 "أين".
أي: به، أنشده أبو الفتح1، "وشذ قوله" وهو حاتم بن عدي الطائي:[من الوافر]
126-
ومن حسد يجوز علي قومي
…
"وأي الدهر ذو لم يحسدوني"
فـ"أي" استفهامية مبتدأ، و"ذو": خبره وهي موصولة عند الطائيين واقعة على الدهر، وجملة "لم يحسدوني": صلتها والعائد محذوف، "أي: فيه"، والذي سهل حذفه كون مدلول الموصول زمانا، وقد عاد عليه الضمير المجرور بـ"في" كما تقول: أعجبني اليوم الذي جئت، تريد فيه، وجعله بعضهم منقاسا بخلاف غير الزمان، فإنه لا يتعين فيه الجار، وهذا ظاهر إن قلنا بأن الحذف ليس على التدريج، كما يقول به الإمام سيبويه. أما إذا قلنا إنه على التدريج كما يقول به الأخفش فلا يكون شاذا؛ لأنه لما حذف في أولا صار الضمير منصوبا على المفعول به توسعا، فكأنه قال: وأي الدهر ذو لم يحسدونيه، ثم حذفت الهاء. وحذف الضمير المنصوب بالفعل كثير كما تقدم، ويمكن أن يخرج عليه قوله تعالى:{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} [الشورى: 23] أي: به، فحذف الجار أولا والضمير ثانيا من نصب لا من جر. وذهب يونس وابن الزكي في البديع إلى أن الذي في الآية الشريفة موصول حرفي ولا حذف.
"و" شذا أيضا "قوله" وهو رجل من بني همدان: [من الطويل]
127-
وإن لساني شهدة يشتفي بها
…
"وهو على من صبه الله علقم"
أي: عليه. أنشده الفارسي. و"شهدة" بضم الشين المعجمة: العسل بشمعه، و"هو" بتشديد الواو المفتوحة على لغة فيها: مبتدأ و"علقم" خبره، و"على من" متعلق بـ"علقم"؛ لأنه بمعنى مر. و"العلقم": الحنظل، وجملة "صبه الله" صلة من المجرورة بـ"على" والعائد على "من" محذوف مجرور بـ"على"، وهي متعلقة بـ"صب"، والتقدير: وهو علقم على من صبه الله عليه، والمعنى: وإن لساني مثل العسل والشهد
1 الخصائص 3/ 35.
126-
البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص276، وتخليص الشواهد ص164، وشرح التسهيل 1/ 199، 206، والمقاصد النحوية 1/ 451، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 175، وشرح الأشموني 1/ 81.
127-
البيت لرجل من همدان في المقاصد النحوية 1/ 451، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 273، وأوضح المسالك 1/ 177، وتخليص الشواهد ص165، والجنى الداني ص474، وخزانة الأدب 5/ 266، والدرر 1/ 97، 2/ 519، وشرح ابن الناظم ص68، وشرح الأشموني 1/ 81، وشرح التسهيل 1/ 144، وشرح شواهد المغني 2/ 842، وشرح المفصل 3/ 96، ولسان العرب 15/ 478 "ها"، ومغني اللبيب 2/ 434، وهمع الهوامع 1/ 61، 2/ 157.
يشتفي به الناس، وإنه مثل الحنظل في المرارة على من سلطه الله عليه، "فحذف" حاتم الطائي "العائد" المجرور بـ"في" مع انتفاء خفض "الموصول"، وهو ذو "في" البيت "الأول"، وهو قوله:"ومن حسد" إلخ
…
"و" حذف الهمداني العائد المجرور بعلى "مع اختلاف المتعلق" في البيت "الثاني"، وهو قوله:"وإن لساني شهدة" إلى آخره.. "و" المتعلقان بفتح اللام "هما: صب وعلقم".
ويمتنع الحذف إذا كان العائد المجرور محصورا نحو: مررت بالذي ما مررت إلا به، إذ إنما مررت به، أو كان نائبا عن الفاعل نحو: مررت بالذي مر به، أو كان لا يتعين للربط نحو: مررت بالذي مررت به في داره، أو كان حذفه ملبسا نحو: رغبت فيما رغبت فيه؛ لأنه لا يعلم أن الأصل فيه أو عنه وقيل: يجوز لأن الحذف يدل على اتفاق الحرفين، ولو كانا متباينين لم يجر الحذف؛ لأنه مشروط فيه اتفاق الحرفين وهذا أوفق.