الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التعدي واللزوم
مدخل
…
باب التعدي واللزوم:
"هذا باب التعدي واللزوم":
في الأفعال "الفعل ثلاثة أنواع:
أحدها: ما لا يوصف بتعد ولا لزوم، وهو "كان" وأخواتها" في حال نقصانها1، فإن منصوبها خبر لها على قول البصريين، وحال أو شبيه به على قول الكوفيين، "وقد تقدمت" عقب باب المبتدأ.
"والثاني: المتعدي، وله علامتان، إحداهما: أن يصح أن تتصل به هاء ضمير غير المصدر" على وجه لا يكون خبرًا، وعلى هذه العلامة اقتصر الناظم بقوله:
267-
علامة الفعل المعدى أن تصل
…
ها غير مصدر به....................
العلامة "الثانية": أن يصح "أن يبنى منه اسم مفعول تام"، بأن يستغنى عن حرف جر كما قال في شرح الكافية2.
وزاد في التسهيل3: باطراد، "وذلك كـ: ضرب" بفتح الراء "ألا ترى أنك تقول "زيد ضربه عمرو" فتصل به" أي: بضرب "هاء ضمير غير المصدر وهو: زيد"، وخرج بقولنا: على وجه لا يكون خبرًا نحو: "الصديق كنته"، فإنه يصدق على "كان" أنه اتصل به هاء ضمير غير المصدر، ومع ذلك لا يكون متعديًا كما مر، "و" ألا ترى أنك "تقول: هو مضروب، فيكون" "مضروب" تاما غير مفتقر إلى حرف جر واحترز بالاطراد من نحو:[من الوافر]
1 في "ط": "نقصها".
2 شرح الكافية الشافية 2/ 629، وانظر شرح ابن الناظم ص177.
3 التسهيل ص83.
373-
تمرون الديار.......
…
............................
فإنه يصح أن يبنى منه اسم مفعول تام، فتقول: الديار ممرورة، ولكنه ليس بمطرد، فلا يكون "مر" متعديًا.
"و" المتعدي "حكمه أن ينصب المفعول به كـ: ضربت زيدًا، وتدبرت الكتب" أي: تأملتها "إلا إن ناب" المفعول به "عن الفاعل" فإنه يرفع على النيابة عن الفاعل "كـ: ضربت زيد، وتدبرت الكتب" برفعهما، وبناء الفعلين للمفعول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
268-
فانصب به مفعوله إن لم ينب
…
عن فاعل...........................
وما ذكر من أن المفعول به منصوب بالفعل وحده هو قول البصريين، واختلف قول الكوفيين1 فقال هشام: الناصب له الفاعل، وقال الفراء: كلاهما. وقال خلف الأحمر: معنى المفعولية، ولكل حجة، فحجة البصريين أن أصل العمل للأفعال، وحجة هشام أن نصبه يدور مع الفاعل وجودًا وعدما، والدوران يفيد العلية، وحجة الفراء أن الفعل والفاعل كالشيء الواحد، ولا يعمل بعض الكلمة دون بعضها الآخر. وحجة خلف أن المفعولية صفة قائمة بذات المفعول، ولفظ الفعل غير قائم به، وإسناد الحكم إلى العلة القائمة بذات الشيء أولى من غيرها، ورد البصريون هذه الحجج بما يطول ذكره2، وعلم من تخصيص الفعل المتعدي بنصب المفعول به، أن بقية المفاعيل ينصبها المتعدي واللازم، بخلاف المفعول به فإنه لا ينصبه إلا المتعدي.
النوع "الثالث: اللازم وله اثنتا عشرة علامة" اثنتان عدميتان، وعشر3 وجودية، "وهي" مطردة.
373- تمام البيت:
"تمرون الديار ولم تعوجوا
…
كلامكم علي إذن حرام"
وهو لجرير في ديوانه ص278، والاقتضاب ص370، وتخليص الشواهد ص503، وخزانة الأدب 9/ 118، 119، 121، والدرر2/ 262، وشرح شواهد المغني 1/ 311، ولسان العرب 5/ 165، "مرر" والمقاصد النحوية 2/ 560، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 145، 8/ 252، وخزانة الأدب 7/ 158، ورصف المباني ص247، وشرح ابن عقيل 1/ 278، وشرح المفصل 8/ 8، 9/ 103، ومغني اللبيب 1/ 100، والمقرب 1/ 115، وهمع الهوامع، 2/ 83.
1 سقط من "ب": "واختلف قول الكوفيين".
2 انظر آراء البصريين والكوفيين في الإنصاف 1/ 78-80، المسألة رقم 11.
3 في "أ"، "ب":"عشرة".
فالأولى والثانية: "ألا يتصل به هاء ضمير غير المصدر، وألا يبنى منه اسم مفعول تام، وذلك كـ"خرج"، ألا ترى أنه لا يقال: زيد خرجه عمرو" فيتصل بـ"خرج" ضمير غير المصدر وهو "زيد"، "ولا: هو مخروج" فيبنى منه اسم مفعول تام، "وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو" فيتصل به هاء ضمير المصدر، وهو الخروج. "وهو مخروج به أو إليه" بحسب المعنى، فيكون اسم المفعول ناقصًا لاحتياجه إلى حرف الجر.
"و" الثالثة: "أن يدل على سجية" بالسين المهملة؛ أي: الطبيعة والسليقة، "وهي" أي: السجية "ما ليس حركة جسم، من وصف ملازم" للذات غير منفك عنها، "نحو:"جَبُن" و"شَجُع" من الأفعال اللازمة الصادرة عن الطبيعة التي لا شعور لها بما يصدر منها، وضم عين الفعل لمناسبة انضمام الطبيعة إلى الذات، عند صدور هذه الأفعال منها، قاله شارح القصارى1، وإليه الإشارة بقوله:
269-
................ وحتم
…
لزوم أفعال السجايا............
العلامة الرابعة: المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على عرض" بفتح العين والراء المهملتين "وهو" أي: العرض "ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت" دائمًا "كـ: مَرِض، و: كَسِل، و: نَهِم، إذا شبع" بكسر العين فيهن، بخلاف "نهم" إذا صار أكولًا، فليس لازمًا، وإليها الإشارة بقوله:
271-
أو عرضًا...........
…
.............................
والخامسة المذكورة في قوله، "أو" أن يدل "على نظافة كـ: نَظُف، وطهُر، وَضُؤ" بضم العين فيهن، ويجوز في "طهر" فتح العين.
السادسة المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على دنس نحو: بَخُس، وقذر" بالذال المعجمة كسرًا وضما فيهما، وإليهما الإشارة بقوله:
270-
.................
…
وما اقتضى نظافة أو دنسا
السابعة: المذكورة في قوله: "أو" أن يدل "على مطاوعة فاعله لفاعل فعل متعد لواحد نحو: كسرته فانكسر، و: مددته فامتد" وإليها الإشارة بقوله:
271-
...... أو طاوع المعدّى
…
لواحد........................
1 هو حسن شاه بن شرف الدين البقالي العجمي المتوفى 905، والقصارى، متن في التصريف لعلاء الدين أحمد الخجندي البرهاني، انظر كشف الظنون 1327، وهدية العارفين 1/ 288.
والمطاوعة قبول الأثر، ففاعل الفعل اللازم قبل الأثر من فاعل الفعل المتعدي، "فلو طاوع ما يتعدى فعلة لاثنين تعدى" المطاوع بكسر الواو "لواحد كـ: علمته الحساب فتعلمه" ففاعل "تعلم" قبل التعليم من فاعل "علم".
الثامنة: المذكورة في قوله: "أو" أن "يكون موازنا للافْعَلَلّ" بفتح اللام الأولى وتشديد الثانية "كـ: "اقشعر" و"اشمأز" بمعجمتين؛ وهو بناء مقتضب، وقيل: ملحق بـ"احرنجم" وأصلهما "اقشعرر" و"اشمأزز" بسكون العين والهمزة، فكرهوا اجتماع مثلين متحركين فأسكنوا الأول، ونقلوا حركته إلى ما قبله، ثم أدغموا أحد المثلين في الآخر، قاله أبو البقاء. واعترض بأن حكم الملحق ألا يدغم، لئلا تفوت الموازنة، ولهذا وجب الفك في "اقعنسس" والاستناد إلى اتحاد المصدرين ممنوع.
والتاسعة المذكورة في قوله: "أو" يكون موازنًا "لما ألحق به" أي: بـ"افعلَلّ""وهو افوَعَلّ" بسكون الفاء، وفتح الواو والعين، وتشديد اللام "كـ: اكوهد الفرخ إذا ارتعد".
والعاشرة المذكورة في قوله: "أو" يكون موازنًا "لـ: افعنلل" بسكون الفاء وفتح العين وسكون النون وفتح اللام الأولى، وهو ما كانت فيه النون زائدة بين حرفين قبلها، وحرفين بعدها أصليين "كـ: احرنجَمَ".
الحادية عشرة والثانية عشرة المذكورتان في قوله: "أو" أن يكون موازنا "لما ألحق به" أي: بـ"افْعَنْلَلَ"، بأصالة اللامين "وهو" ما كان فيه بعد النون الزائدة حرفان أحدهما زائد بالتضعيف، أو من حروف "سألتمونيها" فالأول نحو:"افْعَنْلَلَ؛ بزيادة ينقاد، و" الثاني نحو: "افْعَنْلَى" بفتح العين، وسكون النون، وزيادة الألف في آخره، وهي من حروف "سألتمونيها" "كـ: احرنبى الديك" بسكون الحاء المهملة، وفتح الراء، وسكون النون، وفتح الموحدة "إذا انتفش للقتال" فإن قلت: زعم ابن جني1 وأبو عبيدة أن "افْعَنْلَى" يتعدى، ولا يتعدى، ومن تعديه قول الراجز:[من الرجز]
374-
قد جعل النعاس يغرنديني
…
أدفعه عني ويسرنديني
1 المنصف 1/ 86.
374-
الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1215، والخصائص 2/ 258، وسر صناعة الإعراب 2/ 290، وشرح الأشموني 1/ 196، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 113، وشرح شواهد الشافية ص47، وشرح شواهد المغني 2/ 885، ومغني اللبيب 2/ 520، والممتع في التصريف 1/ 185، والمنصف 1/ 86، 3/ 11، ولسان العرب 3/ 212 "سرد"، 325 "غرند" وديوان الأدب 2/ 492، وتهذيب اللغة 2/ 240، 13/ 150، وكتاب العين 7/ 341، ومقاييس اللغة 4/ 432، ومجمل اللغة 4/ 49.
قال أبو عبيدة المغرندي والمسرندي: الذي يغلبك ويعلوك، قلت: أجيب عنه بأنه شاذ، والمعتمد إطلاق سيبويه بأنه غير متعد1، واقتصر الناظم على "افعَلَلّ" و"افْعَنْلَلَ" بقوله:
270-
كذا افعلل والمضاهي اقعنسسا
…
....................................
"وحكم" الفعل "اللازم أن يتعدى بالجار" وذلك مستفاد من قول الناظم:
272-
وعد لازمًا بحرف جر
…
.........................
ويختلف الجار باختلاف المعنى "كـ: "عجبت منه" و"مررت به" و"غضبت عليه" وقد يحذف" الجار "ويبقى الجر" بحاله "شذوذًا" لأن حرف الجر لا يعمل محذوفًا، "كقوله" وهو الفرزدق:[من الطويل]
375-
إذا قيل أي الناس شر قبيلة
…
"أشارت كليب بالأكف الأصابع"
فحذف الجار من "كليب" وأبقى عمله، والأصل:"إلى كليب" وهو كليب بن يربوع بن حنظلة2 أبو قبيلة جرير، و"الأصابع": فاعل "أشارت"، و"بالأكف": حال منها، و"الباء" بمعنى "مع" أي: أشارت الأصابع في حال كونها مصاحبة للأكف، فالإشارة وقعت بالمجموع، وقيل: هذا مقلوب، والأصل أشارت الأكف بالأصابع.
"وقد يحذف" الجار فيتعدى الفعل بنفسه "وينصب المجرور" إن كان في موضع نصب "وهو ثلاثة أقسام":
1 الكتاب 4/ 76، 77.
375-
البيت للفرزدق في ديوانه ص1/ 420، وتخليص الشواهد ص504، وخزانة الأدب 9/ 113، 115، والدرر 2/ 92، وشرح شواهد الغني 1/ 12، والمقاصد النحوية 2/ 542، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 472، 3/ 53، وأوضح المسالك 2/ 178، وخزانة الأدب 10/ 41، والدرر 2/ 259، وشرح ابن الناظم ص180، وشرح الأشموني 1/ 196، وشرح ابن عقيل 2/ 39، وشرح التسهيل 2/ 151، 244، 3/ 193، وشرح الكافية الشافية 2/ 635، ومغني اللبيب 1/ 61، 2/ 634، وهمع الهوامع 2/ 36، 81.
2 في "أ"، "ب"، "ط":"خطفة" وهو تحريف، والتصويب من جمهرة أنساب العرب 224.
أحدها "سماعي جائز في الكلام المنثور نحو: نصحته، و: شكرته" و: كلته، و: وزنته، "والأكثر ذكر اللام" الجار "نحو:{وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 97]، {أَنِ اشْكُرْ لِي} [لقمان: 14] ، و"كلت له"، و"وزنت له"؛، وقال التفتازاني: اللام زائدة؛ لأن معنى نصحت زيدًا، ونصحت له، مستويان. ا. هـ. وفي التنزيل:{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين: 3] بغير ذكر اللام.
"و" الثاني "سماع خاص بالشعر، كقوله" وهو ساعدة بن جؤية: [من الكامل]
376-
لدن بهز الكفن يعسل متنه
…
فيه "كما عسل الطريق الثعلب"
فـ"لدن"؛ بفتح اللام، وسكون الدال المهملة؛ خبر مبتدأ محذوف، أي: هو لدن، أي: لين، و"بهز" متعلق بـ"يعسل"؛ بالعين والسين المهملتين؛ أي: يضطرب بهز الكف، و"متنه": فاعل "يعسل" والمتن: الصدر، وضمير "فيه" يعود إلى الهز، و"في" للمصاحبة، يقول: هذا الرمح يضطرب صدره بسبب الهز معه، وذلك دليل على كثرة لينه: و"الثعلب": فاعل "عسل"، "وقوله" وهو المتلمس جرير بن عبد المسيح:[من البسيط]
377-
"آليت حب العراق الدهر أطعمه"
…
والحب يأكله في القرية السوس
"آليت": حلقت: يحتمل أن يكون إخبارًا عن نفسه، فتكون التاء مضمومة، وأن يكون خطابا لملك الحيرة، فتكون مفتوحة، وذلك أن شخصًا هجا ملك الحيرة، فبلغه
376- البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في الكتابخ 1/ 36، 214، وتخليص الشواهد 503، وخزانة الأدب 3/ 83، 86، والدرر 3/ 86، وشرح أشعار الهذليين، 1120، وشرح شواهد الإيضاح 155، وشرح شواهد المغني 885، ولسان العرب 7/ 428 "وسط"، 11/ 446 "عسل" والمقاصد النحوية 2/ 544، ونوادر أبي زيد 15 وبلا نسبة في أسرار العربية 180، وأمالي ابن الشجري 1/ 42، 2/ 248، وشرح التسهيل 2/ 227، والارتشاف 2/ 254، وأوضح المسالك 2/ 179، وجمهرة اللغة 842، والخصائص 3/ 319، وشرح ابن الناظم ص179، وشرح الأشموني 1/ 197، ومغني اللبيب ص11، وهمع الهوامع 1/ 200.
377-
البيت للمتلمس في ديوانه ص95، وتخليص الشواهد ص507، والجنى الداني ص473، وخزانة الأدب 6/ 351، وشرح شواهد المغني 1/ 294، والكتاب 1/ 38، والمقاصد النحوية 2/ 548، وبلا نسبة في أمالي ابن الشجري 1/ 365، وأوضح المسالك 2/ 180، وشرح ابن الناظم ص179، وشرح الأشموني 1/ 197، ومغني اللبيب 1/ 99.
ذلك، فحلف الملك أن لا يطعمه حب العراق، وهو القمح1. و"أطعمه" على تقدير: لا أطعمه؛ لأنه جواب القسم، ولذلك امتنع أن يكون "حب" منصوبًا على شريطة التفسير؛ لأن "لا" النافية في جواب القسم لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر عاملًا. و"السوس": بمهملتين؛ قمل القمح ونحوه، والشاهد في البيت الأول في حذف "في"، ونصب "الطريق"، والأصل ذكر "في"؛ لأن "الطريق" اسم مكان مختص كالبيت والدار "أي: في الطريق" وقول ابن الطراوة؛ إن الطريق ظرف، مردود بأنه غير مبهم، وقله إنه اسم لكل ما يقبل الاستطراق فهو مبهم لصلاحيته لكل موضع منازعن فيه، بل هو اسم لما هو مستطرق. قاله في المغني2.
"و" الشاهد في البيت الثاني في حذفه "على" ونصب "حب" أي: "على حب العراق". وإلى هذين القسمين أشار الناظم بقول:
272-
.................
…
وإن حذف فالنصب للمنجر
273-
نقلا...........
…
........................
"و" الثالث "قياسي وذلك في "أنّ" و"أنْ"" بفتح الهمزة فيهما، وتشديد النون في الأولى، وسكونها في الثانية:"و: كي" لطولهن بالصلة "نحو: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18] ونحو: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ} [الأعراف: 63] ونحو: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] أي: بأنه" لا إله إلا هو "ومن أن جاءكم، ولكيلا، وذلك إن قدرت "كي" مصدرية" لدخول اللام عليها تقديرًا، "وأهمل النحويين هنا ذكر: كي" مع تجويزهم في نحو: "جئت كي تكرمني" أن تكون "كي" مصدرية، واللام مقدرة قبلها، والمعنى: لكي تكرمني. قاله في المغني3.
"واشترط ابن مالك في" النظم وغيره4، في حذف الجار من ""أنّ" و"أنْ" أمن اللبس" فقال في النظم:
273-
..... وفي أن وأن يطرد
…
مع أمن لبس..................
"فمنع الحذف في نحو: رغبت في أن تفعل، أو "عن أن تفعل" لإشكال المراد بعد الحذف"، هل هو على معنى "في"، أو "عن"؟ لأن "رغب" يتعدى بكل
1 المقاصد النحوية 2/ 495-550.
2 مغني اللبيب ص681.
3 مغني اللبيب ص681، 682.
4 شرح التسهيل ص2/ 150.
منهما، ومعناهما مختلف، "ويشكل عليه" قوله تعالى:" {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فحذف الحرف" الجار "مع" أن اللبس موجود، بدليل "أن المفسرين اختلفوا في المراد" فبعضهم قدر "في أن"، وبعضهم قدر "عن أن"، واستدل كل على ما ذهب إليه، وأجيب عنه بجوابين، ذكرهما المرادي في شرح النظم:
أحدهما: أن يكون حذف الحرف اعتمادا على القرينة الرافعة للبس، وقد أشار إلى هذا في منهج السالك.
والآخر: أن يكون حذف لقصد الإبهام، ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن، وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين. ا. هـ.
وفي الكشاف1: "يحتمل في أن تنكحوهن لجمالهن، وعن أن تنكحوهن لدمامتهن"، وتبعه البيضاوي2، والجواب الأول موافق لقول الموضح في المغني3، وإنما حذف الجار في "أن تنكحوهن" لقرينة، وإنما اختلف العلماء في المقدر من الحرفين الآية، لاختلافهم في سبب نزولها، فالخلاف في الحقيقة في القرينة. ا. هـ.
وما ذهب إليه الموضح من أن محل "أنّ" و"أنْ" نصب بعد الحذف هو مذهب الخليل، وأما سيبويه فقال4 بعدما أورد أمثلة من الحذف: ولو قال قائل: إن الموضع جر لكان قولًا قويا، وله نظائر نحو قولهم:"لاه أبوك". ثم نقل النصب عن الخليل، فظهر بهذا أن ما قاله ابن مالك5 تبعًا لابن العلج من أن الخليل يقول: بالجر، سهو.
ولا يقاس على "أنّ" و"أنْ" غيرهما، فلا يقال:"بريت السكين القلم"، والأصل: بالسكين، خلافًا للأخفش الأصغر علي بن سليمان البغدادي، تلميذ ثعلب والمبرد، نشأ بعد الأخفش الصغير أبي الحسن سعيد بن مسعدة، تلميذ سيبويه، والأخفش الأكبر غيرهما، وهو أبو الخطاب شيخ سيبويه، والأخافشة أحد عشرة نحويًا6 والسيبويهون أربعة7.
1 الكشاف 1/ 301.
2 أنوار التنزيل 1/ 120.
3 مغني اللبيب ص788.
4 الكتاب 3/ 128.
5 شرح التسهيل 2/ 150.
6 بغية الرعاة 2/ 389.
7 بغية الوعاة 2/ 390.
"فصل":
"لبعض المفاعيل الأصالية في التقديم على بعض" آخر، وأصالة المفعول "إما بكونه مبتدأ في الأصل" والآخر خبر، كما في باب "ظن"، "أو" بكونه "فاعلا في المعنى"، والآخر مفعول معنى، كما في باب "أعطى"، "أو" بكونه "مسرحًا" أي: مطلقًا، لم يتقيد بجار "لفظًا أو تقديرًا، والآخر مقيد" بحرف جر "لفظًا أو تقديرًا"، كما في باب "اختار" فيتقدم كل من المبتدأ في الأصل والفاعل معنى والمسرح على غيره، و"ذلك كـ:"زيدًا" في "ظننت زيدًا قائمًا""، فتقدم "زيدًا" على "قائمًا" لأن "زيدًا" مبتدأ في الأصل، و"قائمًا" خبره، والمبتدأ مقدم على الخبر، "وأعطيت زيدًا درهمًا" فتقدم "زيدًا" على "درهما"؛ لأن "زيدًا" فاعل معنى؛ لأنه الآخذ والقابل للدرهم، ومن ثم جاز "أعطيت درهمه زيدًا"، فاعل معنى؛ لأنه الآخذ والقابل للدرهم، ومن ثم جاز "أعطيت درهمه زيدًا"، وامتنع "أعطيت صاحبه الدرهم" إلا على قول من أجاز "ضرب غلامه زيدًا" قاله ابن مالك في شرح التسهيل1.
"و: اخترت زيدًا القوم، أو: من القوم" فتقدم "زيدًا" لأنه مسرح غير مقيد بجار لفظًا وتقديرًا، و"القوم" مقيد تقديرًا، و"من القوم" مقيد لفظًا، والمسرح مقدم على المقيد "لأنه مسرح غير مقيد بجار لفظًا وتقديرًا"، و"القوم" مقيد تقديرًا، و"من القوم مقيد لفظًا، والمسرح مقدم على المقيد؛ لأن علقة ما يتعدى إليه العامل بنفسه أقوى من علقة ما قد يتعدى إليه بواسطة، ومن ثم يقال: "اخترت قومه عمرًا" ولا يقال: "اخترت أحدهم القوم" إلا على لغة من أجاز "ضرب غلامه زيدًا"، قاله ابن مالك في شرح التسهيل1 أيضًا، والتقديم في ذلك كله جائز، وإليه يشير قول الناظم:
274-
والأصل سبق فاعل معنى........
…
........................................
"ثم قد يجب الأصل" فيجب التقديم، كما أشار إليه الناظم بقوله:
1 شرح التسهيل 2/ 152.
275-
ويلزم الأصل لموجب عرى
…
..................................
"كما إذا خيف اللبس" كـ"ظننت زيدًا عمرا"، و"كـ: أعطيتن زيدًا عمرًا"، وكـ: "اخترت الشجعان الجند"، ويأتي فيه البحث المتقدم في باب الفاعل عن ابن الحاج. "أو كان الثاني محصورًا" كـ"ما ظننت زيدًا إلا قائمًا"، أو "كـ: ما أعطيت زيدًا إلا درهما" و"ما اخترت زيدًا إلا القوم"، ويأتي فيه الخلاف المتقدم في باب الفاعل، "أو" كان المفعول الثاني اسمًا "ظاهرًا، و"، المفعول "الأول ضمير نحو": "العالم ظننته مجتهدًا"، أو "{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] ، و"الفرسان اخترتهم القوم"، ويأتي فيه ما ذكر من المناقشة مع ابن مالك في آخر باب الفاعل من أن الضمير يجب وصله بالفعل، وأنت بالخيار في الظاهر، إن شئت قدمته على الفعل والضمير، وإن شئت أخرته عنهما.
"وقد يمتنع" الأصل فيجب التأخير، وإليه أشار الناظم بقوله:
275-
.......................
…
وترك ذاك الأصل حتما قد يرى
"كما إذا اتصل" المفعول "الأول بضمير" المفعول "الثاني" كـ: "ظننت زيدًا غلامه" و "كـ"أعطيت المال مالكه"" و"اخترت قومه عمرًا". "أو كان" الأول "محصورًا" كـ"ما ظننت قائمًا إلا عمرًا"، و"كـ: ما أعطيت الدرهم إلا زيدًا"، و"ما اخترت القوم إلا بكرًا". "أو" كان الثاني "مضمرًا والأول ظاهرًا" كـ"الفاضل ظننته زيدًا"، و"كـ: "الدرهم أعطيته زيدًا""، و"القوم اخترتهم عمرًا". أما الامتناع في الأولى فلئلا يعود ضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وأما في الثانية؛ فلأن المحصور فيه واجب التأخير، وأما في الثالث فلأنه إذا أمكن الاتصال، لا يعدل عنه إلا الانفصال، إلا فيما يستثنى، وليس هذا منه1.
1 انظر الارتشاف 2/ 274.
"فصل":
"يجوز حذف المفعول لغرض إما لفظي، كتناسب الفواصل" جمع فاصلة، والمراد بها رءوس الآي، وذلك "في نحو:: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه:.3] والأصل: يخشاه؛ أي: القرآن؛ ويحتمل أن لا حذف، ومفعول "يخشى" هو قوله تعالى:{تَنْزِيْلًا} [طه: 4]، والمعنى: لمن يخشى تنزيل الله. قال في الكشاف1: وهو معنى حسن وإعراب بين. ا. هـ.
"وكالإيجاز" والاختصار، وذلك "في نحو:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا" وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24]، والأصل: فإن لم تفعلوه، ولن تفعلوه، أي: الإتيان بسورة من مثله.
"وإما معنوي كاحتقاره نحو: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21] أي: الكافرين"، فحذف المفعول لاحتقاره. "أو لاستهجانه" أي: لاستقباح التصريح بذكره، "كقول عائشة رضي الله عنها: ما رأى مني ولا رأيت منه2" تعني عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذفت المفعول لاستقباح ذكره، "أي: العورة3. وقد يمتنع حذفه" أي: المفعول "كأن يكون محصورًا" فيه "نحو: "إنما ضربت زيدًا"؛ لأن الحذف ينافي الحصر، "أو" يكون "جوابًا" لسؤال "كـ: "ضربت زيدًا" جوابًا لمن قال: من ضربت؟ "؛ لأن المطلوب تعيينه لا يجوز حذفه، وذلك كله مستفاد من قول الناظم:
276-
وحذف فضلة أجز إن لم يضر
…
كحذف ما سيق جوابًا أو حصر
1 الكشاف 2/ 472.
2 رواية الحديث في الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 479: "ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط"، وهذه الرواية لا شاهد فيها.
3 انظر شرح التسهيل 2/ 161، والارتشاف 2/ 283، وشرح ابن عقيل 1/ 281.
"فصل":
"وقد يحذف ناصبه" أي: ناصب المفعول المعبر عنه في النظم بقوله:
277-
ويحذف الناصبها "إن علما"
…
...............................
"كقولك لمن سدد" بالمهملة "سهمًا: "القرطاس"، ولمن تأهب لسفر: "مكة"، ولمن قال: من أضرب؟ " بالمضارع "شر الناس". فالقرطاس: منصوب "بإضمار "تصيب""، ودل عليه المشاهدة، "و" "مكة": منصوب بإضمار "تريد"، ودل عليه قرينة الحال، "و" "شر الناس": منصوب بإضمار "اضرب"، ودل عليه قرينة المقال، "وقد يجب ذلك" الحذف، كما أشار إليه الناظم بقوله:
277-
..............
…
وقد يكون حذفه ملتزمًا
وذلك "كما" تقدم "في" باب "الاشتغال كـ: "زيدا ضربته""؛ لأنه لا يجمع بين المفسِّر والمفسَّر، "و" باب "النداء" فيما سيأتي "كـ: يا عبد الله"؛ لأن "يا" عوض عن الناصب، ولا يجمع بين العوض والمعوض. "وفي الأمثال" العربية؛ وهي كل كلام مركب مشهور شبه مضربه بمورده "نحو: الكلاب على البقر1" فـ"الكلاب": منصوب بفعل محذوف وجوبًا "أي: أرسل"، ولا يجوز ذكره؛ لأن ذكره يغير المثل، والأمثال لا تغير؛ لأنا لما شبه مضربها بموردها، لزم أن يلتزم فيها أصلها كقولهم: "الصيف ضيعت اللبن"2، يقال بكسر التاء لكل مخاطب، والمراد بالبقر في المثل المتقدم: بقر الوحش. "وفيما جرى مجرى الأمثال" في كثرة الاستعمال، وهو كل كلام اشتهر، فبسبب شهرته جرى مجرى المثل، فأعطي حكمه في أنه لا يغير، "نحو: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} " [النساء: 171] فـ"خيرًا" مفعول بفعل محذوف وجوبًا "أي: وائتوا" خيرًا، ولا يجوز ذكره لما تقدم، وذهب بعضهم3، إلى أن "خيرًا" خبر لـ"كان" محذوفة، والتقدير:
1 مجمع الأمثال 2/ 142، وجمهرة الأمثال 2/ 169، والمستقصى 1/ 341، وفصل المقال ص400، وكتاب الأمثال لابن سلام 284.
2 جمهرة الأمثال 1/ 575، وكتاب الأمثال لابن سلام ص247.
3 مثل أبي عبيدة، انظر الارتشاف 2/ 279.
"انتهوا يكن خيرًا لكم" وهو تخريج على قلة؛ لأن "كان" لا تحذف مع اسمها ويبقى خبرها كثيرًا إلا بعد "إن" و"لو" الشرطيتين "وفي التحذير بـ"إياك" وأخواتها" من ضمائر الخطاب المنفصلة، "نحو: إياك والأسد"، فـ"إياك" منصوب المحل بفعل محذوف وجوبًا، ويقدر متأخرًا عن "إياك" "أي: "إياك باعد" على أحد التقديرين الآتيين في باب التحذير، و"الأسد" منصوب بفعل محذوف وجوبًا، ويقدر متقدمًا على "الأسد" أي:"واحذر الأسد، والفرق أن "إياك" ضمير منفصل، فلو قدر العامل قبله لزم اتصاله، بخلاف "الأسد"، "وفي التحذير بغيرها" أي: بغير إياك وأخواتها "بشر عطف أو تكرار"، فالعطف "نحو: رأسك والسيف". فـ"رأسك" و"السيف" منصوبان بفعلين محذوفين وجوبًا، "أي: باعد" رأسك"، "واحذر" السيف.
"و" التكرار "نحو: الأسد الأسد" بتقدير "احذر". "وفي الإغراء بشرط أحدهما" وهو العطف أو التكرار، فالعطف "نحو: المروءة والنجدة، و" التكرار "نحو: السلاح السلاح بتقدير "الزم"" في المثالين، وإنما وجب حذف الفعل فيهما؛ لأن كلا من العطف والتكرار قائم مقام العمل، فالتزم حذفه لذلك.