المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الفاعل: "الفاعل" لغة من أوجد الفعل، واصطلاحًا "اسم" صريح ظاهر - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ١

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[خطبة المؤلف] :

- ‌[شرح خطبة الكتاب] :

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌مدخل

- ‌باب شرح المعرب والمبني

- ‌مدخل

- ‌باب النكرة والمعرفة

- ‌مدخل

- ‌فصل في المضمر

- ‌باب العلم

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الإشارة

- ‌مدخل

- ‌باب الموصول

- ‌مدخل

- ‌باب المعرف بالأداة

- ‌مدخل

- ‌باب المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

- ‌مدخل

- ‌باب أفعال المقاربة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحرف الثمانية

- ‌مدخل

- ‌باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

- ‌مدخل

- ‌باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة:

- ‌باب الفاعل:

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب الاشتغال:

- ‌باب التعدي واللزوم

- ‌مدخل

- ‌باب التنازع في العمل

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول المطلق

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول له:

- ‌باب المفعول فيه

- ‌مدخل

- ‌المفعول معه

- ‌مدخل

- ‌باب المستثنى

- ‌مدخل

- ‌باب الحال

- ‌مدخل

- ‌باب التمييز

- ‌مدخل

- ‌باب حروف الجر

- ‌مدخل

- ‌باب الإضافة

- ‌مدخل

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب الفاعل: "الفاعل" لغة من أوجد الفعل، واصطلاحًا "اسم" صريح ظاهر

‌باب الفاعل:

"الفاعل" لغة من أوجد الفعل، واصطلاحًا "اسم" صريح ظاهر أو مضمر بارز أو مستتر "أو ما في تأويله" أي: الاسم "أسند إليه فعل" تام متصرف أو جامد، "أو ما في تأويله"، أي: الفعل، "مقدم"، أي: الفعل، وما في تأويله على المسند إليه، "أصلي المحل" في التقديم، "و" أصلي "الصيغة. فالاسم" الصريح الظاهر، "نحو:{تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف: 54]، والمضمر نحو: تباركت يا الله، والمستتر نحو: أقوم وقم، "والمؤول به"، أي: بالاسم ما اقترن بسابك لفظًا أو تقديرًا، والسابك هنا أنّ وأنْ، وما دون لو وكي، "نحو:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51]، أي: إنزالنا، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16] ، و:[من الوافر]

324-

يسر المرء ما ذهب الليالي

...............................

أي: ذهابها، ولا يقدر من هذه الأحرف إلا "أنْ" خاصة، نحو: وما راعني إلا يسير، ولا تقدر "أنّ" المشددة، ولا "ما" لعدم ثبوته، ولا يقدر فاعل مؤول بالاسم من غير سابك من هذه الأحرف الثلاثة عند البصريين، خلافًا للكوفيين، ولا حجة لهم في نحو:{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] ، حيث أولوا "ليسجننه" بالسجن، بفتح السين على أنه فاعل "بدا" لاحتمال أن يكون فاعل "بدا"

324- عجز البيت:

"وكان ذهابهن له ذهابا"

، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 37، والجنى الداني ص331، والدرر 1/ 142، وشرح التسهيل 1/ 225، 2/ 105، وشرح قطر الندى ص41، وشرح المفصل 8/ 142، 143، وهمع الهوامع 1/ 81.

ص: 392

ضميرًا مستترًا فيه راجعًا إلى المصدر المفهوم منه، والتقدير: ثم بدا لهم بداء، كما جاء مصرحًا به في نحو قول الشاعر:[من الطويل]

325-

...................

بدا لي من تلك القلوص بداء

وإليه ذهب المبرد ومن وافقه. "والفعل كما مثلنا" من نحو: {تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف: 54]، {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، "ومنه" أي: من الفعل نحو: "أتى زيد ونعم الفتى، ولا فرق في ذلك بين المتصرف" كـ"أتى""والجامد" كـ"نعم"، "والمؤول بالفعل" يشمل اسم الفاعل، "نحو:{مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69] ، فـ"مختلف" في تأويل يختلف، و"ألوانه" فاعل، وصح إعماله لاعتماده على موصوف محذوف، والتقدير: صنف مختلف ألوانه، ولا فرق في اسم الفاعل بين السالم كما مثل، "و" غير السالم، "نحو: منيرًا وجهه، في قولك: أتى زيد منيرًا وجهه"، وهو المشار إليه في النظم بقوله:

225-

الفاعل الذي كمرفوعي أتى

زيد منيرًا وجهه نعم الفتى

فـ"أتى" فعل ماض، و"زيد" فاعل، و"منيرًا" حال من "زيد"، و"وجهه" فاعل "منيرًا"، وصح عمله فيه لاعتماده على صاحب الحال وهو "زيد"، وأمثلة المبالغة نحو، ضراب أو ضروب أو مضراب أو ضريب أو ضرب زيد. والصفة المشبهة نحو: زيد حسن الوجه.

واسم التفضيل نحو قوله: [من الخفيف]

326-

ما رأيت امرأ أحب إليه الـ

ـبذل منه إليك يابن سنان

والمصدر نحو قوله: [من الطويل]

327-

ألا إن ظلم نفسه المرء بين

...............................

325- صدر البيت:

"لعلك والموعود حق لقاؤه"

والبيت لمحمد بن بشير في ديوانه ص29، والأغاني 16/ 77، وخزانة الأدب 9/ 213، 215، والدرر 1/ 519، وشرح شواهد المغني ص810، وللشماخ بن ضرار في ملحق ديوانه ص427، ولسان العرب 14/ 66 "بدا" وبلا نسبة في الخصائص 1/ 340، وسمط اللآلي ص705، وشرح شذور الذهب ص167، ومغني اللبيب ص388، والهوامع 1/ 247.

326-

البيت بلا نسبة في الدرر 2/ 336، وشرح شذور الذهب ص416، وشرح عمدة الحافظ ص773، وشرح قطر الندى ص282، وهمع الهوامع 2/ 102.

327-

عجز البيت:

"إذ لم يصنها عن هوى يغلب العقلا"

وهو بلا نسبة في شرح قطر الندى ص267.

ص: 393

واسم المصدر نحو: عجبت من عطاء الدنانير زيد، واسم الفعل نحو:[من الطويل]

328-

فهيهات هيهات العقيق.......

...................................

والظرف وعديله المعتمدين، نحو:"وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابُ"[الرعد: 43]، و {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} [إبراهيم: 10] قاله أبو حيان. أو اسم موضوع موضع الفعل نحو: إياك أنت وزيد أن تخرجا، ففي إياك ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية، ولذلك أكد بالمنفصل المرفوع وعطف عليه المرفوع، فـ"إياك" وضع موضع "احذر" ا. هـ.

وقولنا: تام مخرج للفعل الناقص، نحو: كان زيد قائمًا فإن "زيد" لا يسمى فاعلًا حقيقة في الاصطلاح. "وقوله: مقدم رافع لتوهم دخول""زيد" من "نحو: زيد قام"، في حد الفاعل، خلافًا للكوفيين بل "زيد" مبتدأ، "وقام" متحمل لضميره، والجملة خبره، وينبغي أن يقيد ذلك بالاختيار، فقد حكى ابن مالك عن الأعلم وابن عصفور أنهما قالا في:[من الطويل]

329-

.................وقلما

وصال على طول الصدود يدوم

إن "وصال" فاعل "يدوم" المذكور، لا محذوف، وإن الذي سوغ ذلك الضرورة1، ا. هـ.

"و" قوله "أصلي المحل" قيد "مخرج لنحو: قائم زيد، فإن""زيد" فاعلا؛ لأن المسند و"هو "قائم"" مقدم اللفظ. و"أصله التأخير؛ لأنه خبر"، و"زيد" مبتدأ، هذا قول جمهور البصريين، وذهب الأخفش والكوفيون إلى جواز كون "قائم" مبتدأ، وإن لم يعتمد على نفي أو استفهام، و"زيد" فاعل سد مسد الخبر، فعلى قولهم يجب إدخاله في الحد، ولا يحتاج إلى قوله: أصلي المحل، "وذكر" أصالة "الصيغة" قيد "مخرج لنحو: ضرب زيد، بضم أول الفعل وكسر ثانيه، فإنها" صيغة غير أصلية،

328- تقدم تخريج البيت برقم 139.

329-

صدر البيت:

"صددت وأطولت الصدود وقلما"

والبيت للمرار الفقعسي في ديوانه ص480، والأزهية ص91، وخزانة الأدب 10/ 226، 227، 229، 231، والدرر 2/ 263، 579، وشرح أبيات سيبويه 1/ 105، وشرح شواهد المغني 2/ 717، ومغني اللبيب 1/ 307، 2/ 582، 590، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 144، وخزانة الأدب 1/ 145، والخصائص 1/ 143، 257، وشرح المفصل 7/ 116، 8/ 132، 10/ 76، وضرائر الشعر ص201، والكتاب 1/ 31، 3/ 115، والتصريف ولسان العرب 11/ 412 "طول"، 564 "قلل"؛ والمحتسب 1/ 96، والمقتضب 1/ 84، والممتع في التصريف 2/ 482، والمنصف 1/ 191، 2/ 69، وهمع الهوامع 2/ 83، 224.

1 انظر ضرائر الشعر ص201، وشرح التسهيل 2/ 109.

ص: 394

لأنها "مفرعة عن "ضرب"، بفتحهما" على الصحيح عند جمهور البصريين، فـ"زيد" ليس فاعلا بل نائب عن الفاعل، وعلى القول بأنها صيغة أصلية تحتاج إلى قيد لإخراج نائب الفاعل، ومخرج لنحو: مضروب زيد، فإنها مفرعة عن ضارب، ومخرج لنحو: أعجبني قراءة في الجامع القرآن. فالمصدر هنا بمعنى المفعول1؛ لأنه واقع موقع فعل مبني للمفعول، فصيغته مفرعة عن صيغة المبني للفاعل تقديرًا، والقرآن نائب الفاعل به، والتقدير: يعجبني أن يقرأ في الجامع القرآن، وسم الحد بعد ذلك للفاعل.

"وله أحكام" سبعة: "أحدها: الرفع"؛ لأنه عمدة إذ لا يستغني الكلام عنه، ورافعه المسند وفاقًا لسيبويه2 لا الإسناد خلافًا لخلف الأحمر3، وقد ينصب شذوذا إذا فهم المعنى، سمع من كلامهم: خرق الثوب المسمار، وكسر الزجاج الحجر، برفع أولهما، ونصب ثانيهما، وجعله ابن الطراوة قياسًا مطردًا، واستأنس له بعضهم بقراءة عبد الله بن كثير:"فَتَلَقَّى آدَمَ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٌ"[البقرة: 37] ، بنصب "آدم"، ورفع "كلمات4"، وفيه نظر، لإمكان حمله على الأصل؛ لأن من تلقى شيئًا فقد تلقاه الآخر.

"وقد يجر لفظًا بإضافة المصدر نحو: {لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} [البقرة: 251] فـ"الله" فاعل، و"الناس" مفعول، والتقدير: ولولا أن يدفع الله الناس، "أو" يجر بإضافة "اسمه"، أي: المصدر، "نحو" قول عائشة رضي الله عنها: "من قبلة الرجل امرأته الوضوء"5 فـ"الوضوء" مبتدأ مؤخر، و"من قبلة الرجل" خبر مقدم و"قبلة" بضم القاف اسم مصدر قبل، و"الرجل" فاعله، "وامرأته" مفعول، وسيأتي أن اسم المصدر غير العلم والميمي إنما يعمل عند الكوفيين والبغداديين، "أو" يجر "بـ"من" أو الباء الزائدتين". فالأول "نحو: {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ} [المائدة: 19]، أي: ما جاءنا بشير. والثاني نحو: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] أي: كفى الله.

والثالث نحو: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36]، أي: هيهات ما توعدون.

1 في "ب": "مبني".

2 الكتاب 1/ 33، 34.

3 الارتشاف 2/ 180، والمساعد 1/ 386.

4 وقرأها كذلك: ابن عباس ومجاهد، والرسم المصحفي برفع "آدم" ونصب "كلمات"، انظر الإتحاف ص134، والنشر 2/ 211.

5 الموطأ ص40.

ص: 395

الحكم "الثاني: وقوعه بعد المسند" وهذا مستفاد من قوله في الحد مقدم، أي: على الفاعل، ولكن ذكره توطئه لقوله:"فإن وجد" في اللفظ "ما ظاهره أنه فاعل تقدم" على المسند" "وجب تقدير الفاعل ضمير مستترًا" في المسند، "وكون" المسند إليه "المقدم إما مبتدأ في نحو: زيد قام" ففي "قام" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية عائد على "زيد" و"زيد" مبتدأ، و"قام" وفاعله خبر "زيد"، "وإما فاعلًا" حال كونه "محذوف الفعل في نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ، فـ"أحد" مبتدأ، و"استجارك" خبره من غير حذف؛ "لأن أداة الشرط" موضوعة لتعليق فعل بفعل فهي "مختصة بالجمل الفعلية" على الأصح عند جمهور البصريين خلافًا للأخفش1 والكوفيين فيجوز عندهم أن يكون "أحد" مبتدأ، وسوغ الابتداء به تقدم الشرط عليه أو نعته بالمجرور بعده، و"استجارك" خبره "وجاز الأمران" الابتدائية والفاعلية "في نحو:{أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} " [التغابن: 6] فـ"بشر" يجوز أن يكون مبتدأ، وسوغ الابتداء به تقدم الاستفهام عليه، وجملة "يهدوننا" خبره، ويجوز أن يكون فاعلًا بفعل محذوف يفسره "يهدوننا" والتقدير: أيهدينا بشر يهدوننا، والأرجح الفاعلية؛ لأن الغالب في الهمزة دخولها على الأفعال، "و" جاز الأمران في: "{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} " [الواقعة: 59] ، فـ"أنتم" يجوز أن يكون مبتدأ، و"تخلقونه" خبره، ويجوز أن يكون فاعل فعل محذوف يفسره المذكور، والأصل: أتخلقون تخلقونه، فحذف الفعل احترازًا عن العبث لوجود المفسر، ثم أبدل من الضمير المتصل به ضميرًا منفصلا على ما هو القانون عند حذف العامل، "والأرجح الفاعلية"؛ لأن الاستفهام بالفعل أولى منه بالاسم، وعورض بأن في الفعلية تخالفًا في عطف جملة2 {أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59] عليه، وفي الابتدائية تناسبًا، والتناسب أولى من التخالف، ومن ثم قال الموضح2، في المغنى3: وتقدير الاسمية في "أأنتم تخلقونه" أرجح منه في "أبشر يهدوننا" لمعادلتها الاسمية وهي "أم نحن الخالقون".

وهذه الأرجحية وإن كانت بالنسبة إلى شيء خاص مطلوبة في الجملة لأجل المعادلة، وإذا تعارض المرجحان تساقطا، وبقي الوجهان على السواء، وما ذكره من

1 انظر معاني القرآن للأخفش 2/ 550، وشرح التسهيل 2/ 110.

2 سقطت من "ب".

3 مغني اللبيب ص495.

ص: 396

وجوب تأخير الفاعل عن المسند وهو مذهب البصري "وعن الكوفي جواز تقديم الفاعل" عن المسند "تمسكًا بنحو قول الزباء" بفتح الزاي والباء الموحدة المشددتين والمد، ملكة الجزيرة، وتعد من ملوك الطوائف:[من الرجز]

330-

"ما للجمال مشيها وئيدا"

أجندلا يحملن أم حديدًا

وجه التمسك أن "مشيها" روي مرفوعًا، ولا جائز أن يكون مبتدأ إذ لا خبر له في اللفظ إلا "وئيدًا" وهو منصوب على الحال فتعين أن يكون فاعلًا بـ"وئيدًا" مقدمًا عليه فقد تقدم الفاعل على المسند وهو المدعي، و"وئيدًا" بفتح الواو وكسر الهمزة وبعدها ياء مثناة تحت فدال مهملة التؤدة، قاله الجوهري1 وفي القاموس2: الوئيد الرزانة والتأني. "وهو عندنا" معشر البصريين "ضرورة" تبيح تقديم الفاعل على المسند كما تقدم، "أو "مشيها" مبتدأ حذف خبره" لسد الحال مسده، "أي: يظهر "وئيدًا"، كقولهم: حكمك مسمطًا3" فـ"حكمك" مبتدأ حذف خبره لسد الحال مسده، "أي: حكمك لك مثبتًا قبل أو "مشيها" بدل من ضمير الظرف" المنتقل إليه بعد حذف الاستقرار. وذلك أن "ما" الاستفهامية في محل رفع على الابتداء، و"للجمال" خبره، وهو جار ومجرور، وفيه ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية عائد على "ما"، وهذه التخريجات ضعيفة، أما الضرورة فلا داعي إليها لتمكنها من النصب على المصدرية، أو الجر على البدلية من "الجمال" بدل شتمال، وأما الابتدائية فتخريج على شاذ، كما مر في بابه، وأما الإبدال من الضمير؛ فلأنه إما بدل أو اشتمال، وكلاهما لا بد فيه من ضمير يعود على المبدل منه لفظًا أو تقديرًا، وعلى تقدير تكلفه ففيه ضعف من وجه آخر، وهو أن الضمير المستتر في الظرف ضمير "ما" الاستفهامية، وإذا أبدل "مشيها"

330- الرجز للزباء في لسان العرب 3/ 443، "وأد" 3/ 193، "صرف" 100/ 148، "زهق" وأدب الكاتب ص222، والأغاني 15/ 256، وأوضح المسالك 2/ 86، وجمهرة اللغة ص742، 1237، وخزانة الأدب 7/ 295، والدرر 1/ 355، وشرح الأشموني 1/ 169، وشرح شواهد المغني 2/ 912، وتاج العروس 9/ 248، "وأد"، 24/ 17 "صرف"، وشرح عمدة الحافظ ص179، ومغني اللبيب 2/ 581، وللزباء أو للخنساء في المقاصد النحوية 2/ 448، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 159، ومقاييس اللغة 6/ 78، وكتاب العين 7/ 111، وأساس البلاغة "وأد".

1 الصحاح "وأد".

2 القاموس المحيط "وأد".

3 المثل في مجمع الأمثال 1/ 212، وجمهرة الأمثال 1/ 341، 374.

ص: 397

منه وجب أن يقترن بهمزة الاستفهام؛ لأن حكم ضمير الاستفهام حكم ظاهر كما صرح به في المغني1.

فإن قلت: ما فائدة الخلاف بين أهل البلدين؟ قلت: فائدته تظهر في التثنية والجمع، فتقول على رأي الكوفيين الزيدان قام، والزيدون قام، بالإفراد فيهما، ولا يجوز ذلك على رأي البصريين، بل لا بد من الضمير المطابق في "قام"2.

الحكم "الثالث" من أحكام الفاعل: "أنه" عمدة "لا بد منه" لأن المسند حكم، ولا بد للحكم من محكوم عليه "فإن ظهر" الفاعل "في اللفظ" بأن نطق به ظاهرًا كان أو مضمرًا "نحو: قام زيد والزيدان قاما، فذاك" واضح "وإلا" يظهر في اللفظ "فهو ضمير مستتر راجع إما لمذكور" متقدم على المسند "كزيد قام، كما مر" في الحكم الثاني، ففي "قام" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "زيد" المذكور قبله "أو" راجع "لما دل عليه الفعل" المسند المستتر فيه الضمير، "كالحديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"3.

ففي "يشرب" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "الشارب" الدال عليه "يشرب" بالالتزام، "أي: ولا يشرب هو، أي: الشارب"؛ لأن "يشرب" يستلزم شاربًا، بالإلتزام، "أي: ولا يشرب هو، أي: الشارب"؛ لأن "يشرب" يستلزم شاربًا، وحسن ذلك تقدم نظيره وهو "لا يزني الزاني"، وليس براجع إلى "الزاني" لفساد المعنى، "أو" راجع "لما دل عليه الكلام، أو" دل عليه "الحال المشاهدة"، فالأول "نحو: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} [القيامة: 26] ، ففي "بلغت" ضمير مستتر مرفوع على الفاعلية راجع إلى "الروح" الدال عليها سياق الكلام، "أي: إذا بلغت" هي، أي: "الروح"، و"التراقي" أعالي الصدر. "و" الثاني: "نحو قولهم" أي: العرب "إذا كان غدا فأتني"، بنصب "غدًا"، و"قوله" وهو سوار بن المضرب حين هرب من الحجاج خوفا على نفسه: [من الطويل]

331-

"فإن كان لا يرضيك حتى تردني"

إلى قطري لا إخالك راضيا

1 مغني اللبيب ص758.

2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 456.

3 أخرجه البخاري في كتاب الحدود برقم 6400.

331-

البيت لسوار بن المضرب في المقاصد النحوية 2/ 451، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 90، وخزانة الأدب 10/ 479، والخصائص 2/ 433، وشرح الأشموني 1/ 169، وشرح المفصل 1/ 80، والمحتسب 2/ 192، وشرح التسهيل 2/ 123، 3/ 264.

ص: 398

ففي "كان" فيهما ضمير مستتر مرفوع بـ"كان" مدلول عليه بالحال المشاهدة فيهما، "أي: إذا كان هو، أي: ما نحن الآن عليه من سلامة" في غد، هذا في المثال، "و" في البيت، "فإن كان هو، أي: ما تشاهده مني" ففيه لف ونشر على الترتيب، ويجوز في "كان" فيهما أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة، فإن جعلتها ناقصة كان "غدًا" في المثال و"لا يرضيك" في البيت في موضع خبرها، وإن جعلتها تامة كان "غدًا" منصوبا على الظرفية متعلقًا بـ"كان"، و"لا يرضيك" في موضع الحال من فاعل "كان"، وحكى سيبويه1: إذا كان غد، بالرفع على أنه فاعل "كان" وقد قيل: إن النصب لغة تميم، والرفع لغة غيرهم، وقطري، بفتح القاف والطاء المهملة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف هو قطري بن الفجاءة الخارجي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

226-

وبعد فعل فاعل فإن ظهر

فهو وإلا فضمير استتر

ففهم منه أنه لا يجوز حذف الفاعل.

"وعن الكسائي إجازة حذفه2" وتبعه السهيلي "تمسكًا بنحو ما أولناه" من الآية والحديث والمثال والبيت.

ويطرد حذف الفاعل في أربعة مواضع في باب النائب عن الفاعل، نحو:{قُضِيَ الْأَمْرُ} [يوسف: 41]، وفي الاستثناء المفرغ نحو: ما قام إلا هند، وفي "أفعل" بكسر العين في التعجب إذ دل عليه متقدم مثله، نحو:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: 38]، وفي المصدر نحو:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} [البلد: 14، 15] .

الحكم "الرابع: أنه يصح حذف فعله" جوازًا "إن أجيب به نفي كقولك: بلى زيد" جوابًا "لمن قال: ما قام أحد"، فـ"زيد" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي، والجملة فعلية، "أي: بلى قام زيد" ليطابق الجواب مدخول النفي في الفعلية، ولو جعل مبتدأ حذف خبره لم يطابق، "ومنه قوله:" [من الطويل]

332-

"تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه

من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد"

فـ"أعظم الوجد" فاعل فعل محذوف، دل عليه مدخول النفي، والتقدير: بل عراه أعظم الوجد، و"تجلدت" من التجلد، وهو التصبر على الهموم ونحوها، "ولم يعر"

1 الكتاب 1/ 224.

2 في شرح الكافية الشافية 2/ 600: "أجاز الكسائي وحده حذف الفاعل إذ دل عليه دليل".

332-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 92، وتخليص الشواهد ص478، وشرح الأشموني 1/ 172، والمقاصد النحوية 2/ 453، وشرح التسهيل 2/ 120.

ص: 399

بالعين والراء المهملتين، من: عراه الأمر: إذا غشيه، و"قلبه" مفعول "يعر" و"شيء" فاعله، و"بل" للإضراب، و"أعظم الوجد" شدة الشوق.

"أو" أجيب به "استفهام محقق"، أي: ملفوظ به، "نحو: نعم زيد، جوابًا لمن قال: هل جاءك أحد؟ " فـ"زيد" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام، ولم يجعله مبتدأ حذف خبره لفوات مطابقة الجواب للسؤال، "ومنه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} " [الزخرف: 87] ، فـ"الله" فاعل بفعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام، والتقدير: خلقنا الله؛ لأن مثل هذا الكلام عند تحقق ما فرض من الشرط والجزاء يكون جوابًا عن سؤال محقق، قاله التفتازاني1، وهو متعين لأن القضية الشرطية لا تستدعي الوقوع ولا عدمه، ثم قال: والدليل على أن المرفوع فاعل فعل محذوف لا مبتدأ أنه جاء عند عدم الحذف كذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف: 9] ا. هـ.

وهو معارض بالمثل، فيقال: والدليل على أنه مبتدأ أنه قد جاء كذلك كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 63]، إلى قوله:{قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا} [الأنعام: 64] وما يقال: إنه قدم لإفادة الاختصاص ممنوع؛ لأن الفاعل لا يجوز تقديمه على عامله على الأصح، والأحسن أن يقال إن الجملة الفعلية في هذا الباب أكثر فالحمل عليها أولى وإن كانت لا تطابق جملة السؤال في الاسمية.

"أو" أجيب به استفهام "مقدر" يدل على تقديره لفظ الفعل المبني للمفعول، قاله السيد عبد الله، "كقراءة الشامي وأبي بكر2:"يُسَبَّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ"[النور: 36، 37] ، فـ"يسبح" مضارع مبني للمفعول، و"له" نائب الفاعل، وأوجبه الخفاف لخفاء الإعراب، وعدم القرينة.

وقال الموضح في الحواشي لا يجب، بل هو أولى مما بعده. و"الآصال" جمع أصل، بضمتين، و"أصل" جمع أصيل، ويجمع آصال على أصائل، و"رجال" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، وكأنه لما قيل: يسبح له فيها بالغدو والآصال، قيل: من يسبحه، فقيل، يسبحه رجال، ثم حذف الفعل لإشعار "يسبح" المبني للمفعول به، ولا يصح إسناد "رجال" إلى الفعل المذكور المبني للمفعول لفساد المعنى؛ لأن الرجال ليسوا مسبحين، بفتح الباء، بل مسبحين بكسرها، فالوقف دونهم.

1 انظر المطول "شرح التلخيص" 2/ 14.

2 انظر القراءة في النشر 2/ 332.

ص: 400

"وقوله": وهو ضرار بن نهشل يرثي أخاه يزيد بن نهشل، كما قال التفتازاني1 والنيلي، وقال أبو عبيدة: وهو مهلهل، وقال العيني2: هو نهشل، وقال بعضهم3: هو الحارث بن نهيك النهشلي: [من الطويل]

333-

"ليبك يزيد ضارع لخصومة"

ومختبط مما تطيح الطوائح

فـ"ضارع" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول الاستفهام المقدر، كأنه قيل: من يبكيه: فقيل: ضارع، أي: يبكيه ضارع، ثم حذف الفعل. كما قيل: إن "رجال" فاعل فعل محذوف، "أي: يسبحه رجال، ويبكيه ضارع"، و"يزيد" نائب فاعل "يبك" المجزوم بلام الأمر، والضارع الفقير الذليل، والمختبط: الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة، وتطيح من الإطاحة، وهي: الإذهاب والإهلاك، والطوائح: جمع مطيحة على غير قياس، كلواقح جمع ملقحة، والقياس المطاوح والملاقح، و"من" تعليلية متعلقة بـ"مختبط"، و"ما" مصدرية، والمعنى: ليبك يزيد رجلان ذليل ومتوقع معروف لأجل إذهاب المنايا بيزيد، ويروى: ليبك: ببناء الفعل للفاعل، و"يزيد" مفعوله، و"ضارع" فاعله، وفي كل من الروايتين وجه حسن. أما الأولى فمن جهة جعل "يزيد" الذي هو ملاذ الضعفاء في صورة العمدة وأما الثانية فمن جهة عدم الحذف.

"وهو" أي: حذف فعل الفاعل كما في الآية والبيت "قياسي، وفاقًا للجرمي4" بفتح الجيم، نسبة إلى بني جرم قبيلة مشهورة، واسمه صالح بن إسحاق، وكنيته أبو عمرو، "وابن جني5"، بكسر الجيم وإسكان الياء ليس منسوبًا، وإنما هو معرب،

1 انظر المطول 2/ 14.

2 المقاصد النحوية 2/ 454.

3 خزانة الأدب 1/ 303.

333-

البيت للحارث بن نهيك في خزانة الأدب 1/ 303، وشرح شواهد الإيضاح ص94، وشرح المفصل 1/ 80، والكتاب 1/ 288، وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص362، ولنهشل بن حري في خزانة الأدب 1/ 303، ولضرار بن نهشل في الدرر 1/ 358، ومعاهد التنصيص 1/ 202، وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه 1/ 110، ولنهشل أو للحارث أو لضرار أو لمزرد بن ضرار أو للمهلهل في المقاصد النحوية 2/ 454، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 345، 7/ 24، وشرح ابن الناظم ص161، وأمالي ابن الحاجب ص447، 789، وأوضح المسالك 2/ 93، وتخليص الشواهد ص478، وخزانة الأدب 8/ 139، والخصائص 2/ 353، 424.

4 الارتشاف 2/ 181.

5 الخصائص 2/ 424، وانظر الارتشاف 2/ 181، 182.

ص: 401

كني، واسمه أبو الفتح، وهما من البصريين أجاز: أُكل الطعام زيد، وشرب الماء عمرو، بالبناء للمفعول فيهما، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس1، والمرفوع في الآية والبيت خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: المسبح له رجال، والباكي ضارع صرح بالتقدير الأول أبو حيان2، وبالثاني صاحب البسيط.

"و" على القياس "لا يجوز في نحو: يوعظ" بالبناء للمفعول "في المسجد رجل" أن يجعل "رجل" فاعل فعل محذوف، "لاحتماله للمفعولية"، والرفع بالنيابة عن الفاعل، فيقع اللبس، فيجب أن يكون مرفوعًا على النيابة عن الفاعل، "بخلاف: يوعظ في المسجد رجال زيد"، فإنه يجوز أن يجعل "زيد" فاعل فعل محذوف لعدم احتماله للمفعولية؛ لأن الفعل المبني للمفعول رفع "رجال" على النيابة عن الفاعل ونائب الفاعل لا يكون إلا واحدا، كالفاعل، وكأنه لما قيل: من يعظهم قيل: زيد، أي: يعظهم زيد، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

229-

ويرفع الفاعل فعل أضمرا

كمثل زيد في جواب من قرا

"واستلزمه"، أي: استلزم الفعل الرافع للفاعل "ما" ذكر "قبله" من فعل "كقوله" وهو الفرزدق: [من الطويل]

334-

"غداة أحلت لابن أصرح طعنة

حصين عبيطات السدائف والخمر"

فـ"الخمر" مرفوع بفعل محذوف يستلزمه "أحلت"، "أي: وحلت له الخمر؛ لأن: أحلت" المزيد "يستلزم: حلت" المجرد، وحكي أن الكسائي سئل بحضرة يونس بن حبيب عن توجيه رفع "الخمر" في هذا البيت فقال: بإضمار فعل، أي: وحلت الخمر، فقال يونس: ما أحسن والله ما وجهته غير أني سمعت الفرزدق: ينشده بنصب "طعنة"، ورفع "عبيطات" على جعل الفاعل مفعولًا، نقله محمد بن سلام، و"غداة" نصب على الظرفية، و"طعنة" فاعل "أحلت" و"حصين" بالجر بدل من "ابن أصرم"، أو عطف بيان عليه، "وعبيطات" مفعول "أحلت"، والعبيط، بالعين المهملة: الطري من اللحم، و"السدائف" بالسين المهملة والفاء آخره: سقف السنام، وغيره مما غلب

1 الارتشاف 2/ 181.

2 الارتشاف 2/ 182.

334-

البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 254، وسمط اللآلي ص367، والمقاصد النحوية 2/ 456، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 187، وأوضح المسالك 2/ 96، وشرح المفصل 1/ 32، 8/ 70، وشرح التسهيل 2/ 119، 3/ 254.

ص: 402

عليه السمن، وكان حصين بن أصرم قد قتل له قريب فحرم على نفسه شرب الخمر، وأكل اللحم الطري حتى يقتل قاتل قريبه، فلما طعنه وقتله أحلت له الطعنة شرب الخمر وأكل اللحم الطري.

"أو فسره" أي: فسر الفعل الرافع للفاعل "ما بعده" من فعل نحو: " {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] فـ"أحد" فاعل فعل محذوف يفسره "استجارك" والتقدير: وإن استجارك أحد استجارك. "والحذف في هذه" الصورة الآخيرة "واجب"؛ لأن "استجارك" المذكور كالعوض من "استجارك" المحذوف ولا يجمع بين العوض والمعوض. وتقدم الخلاف فيهما.

والحكم "الخامس" من أحكام الفاعل "أن فعله" وما هو بمنزلته "يوحد مع تثنيته وجمعه، كما يوحد مع إفراده، فكما تقول: قام أخوك" وأقائم أخوك، "كذلك تقول: قام أخواك" وأقائم أخواك. "وقام إخوتك"، وأقائم إخوتك. "وقام نسوتك" وأقائم نسوتك، بتوحيد المسند في الجميع؛ لأنه لو قيل: قاما أخواك وقاموا إخوتك، وقمن نسوتك، لتوهم أن الاسم الظاهر مبتدأ مؤخر، وما قبله فعل وفاعل خبر مقدم، وكذا في تثنية الوصف وجمعه، فالتزم توحيد المسند دفعًا لهذا الإيهام، وهذا هو الفرق بين التثنية والجمع، وبين التأنيث حيث ألحقوا علامة للتأنيث دون علامتي التثنية والجمع؛ لأن علامة التأنيث ليست بعلامة إضمار فلا تلتبس بعلامة الإضمار، ولغة التوحيد هي الفصحى، وبها جاء التنزيل: "قال تعالى: {قَالَ رَجُلَانِ} [المائدة: 23]{وَقَالَ الظَّالِمُونَ} [الفرقان: 8]، {وَقَالَ نِسْوَةٌ} [يوسف: 30] وإليها أشار الناظم بقوله:

227-

وجرد الفعل إذا ما أسندا

لاثنين أو جمع كفاز الشهدا

"وحكى البصريون عن طيئ، و" حكى "بعضهم عن أزد شنوءة"، بفتح الهمزة وسكون الزاي أو السين، قال في الصحاح1: أزد: أبو حي من اليمن، وهو بالسين أفصح، يقال: أزد شنوءة وأزد عمان وأزد السراة. واختلف في تسميته أزدا وأسدا، فقيل: لأنه كثير العطاء، فقيل له ذلك لكثرة من يقول: أسدي إلى كذا، أو أزدي إلى كذا.

وقيل: لأنه كان كثير النكاح، والأزد والأسد: النكاح، وشنوءة بفتح الشين المعجمة وضم النون وفتح الهمزة، "نحو: ضربوني قومك وضربنني نسوتك وضرباني أخواك"، وفي

1 الصحاح "أزد".

ص: 403

الحديث "أو مخرجي هم" 1 قاله صلى الله عليه وسلم لما قال له ورقة بن نوفل: "وددت أن أكون معك إذ يخرجك قومك"، والأصل: أومخرجوي هم، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، "وقال" عمرو بن ملقط الجاهلي:[من السريع]

335-

"ألفيتا عيناك عند القفا"

أولى فأولى لك ذا واقيه

فـ"ألفيتا" بالبناء للمفعول فعل ماض، و"عيناك" نائب الفاعل، فألحق الفعل علامة التثنية مع إسناده إلى الظاهر، ونائب الفاعل كالفاعل، و"عند" ظرف بمعنى: قرب، متعلق بـ"ألفيتا" و"ذا واقيه" حال من مضاف إليه، وهو الكاف، و"واقيه" مصدر معناه الواقية كالكاذبة مصدر معناه الكذب:"وأولى فأولى لك" دعاء، أي: قاربك، وهذ البيت يصف به رجلا يهرب إذا اشتد الوطيس فهو يلتفت إلى ورائه مخافة يتبع فتلفى عيناه عند قفاه من شدة الالتفات، "وقال" أمية:[من المتقارب]

336-

"يلومونني في اشتراء النخيـ

ـل أهلي فكلهم ألوم"

فـ"أهلي" فاعل "يلومونني" فألحق الفعل علامة الجمع مع أنه مسند إلى الظاهر، و"اشتراء" مصدر مضاف إلى مفعوله، وحذف فاعله، ويروى: اشترائي النخيل بإضافة المصدر إلى فاعله، ونصب مفعوله، و"كلهم" مبتدأ، و"ألوم" بفتح الواو غير مهموز خبره، وهو اسم تفضيل من ليم، بالبناء للمفعول، كقيل، أي: وكلهم أكثر ملومية، واللوم: العذل، ويروى: وكلهم يعذل، وبعده2:

وأهل الذي باع يلحونه

كما لحي البائع الأول

1 أخرجه البخاري في بدء الوحي برقم 3.

335-

البيت لعمرو بن ملقط في تخليص الشواهد ص474، وخزانة الأدب 9/ 21، وشرح شواهد المغني 1/ 331، والمقاصد النحوية 2/ 458، ونوادر أبي زيد ص62، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 98، ورصف المباني ص19، وسر صناعة الإعراب 2/ 718، وشرح المفصل 3/ 88، والصاحبي في فقه اللغة ص177، ومغني اللبيب 2/ 371.

336-

البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48، والدرر 1/ 356، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 363، وأوضح المسالك 2/ 100، وسر صناعة الإعراب 2/ 629، وشرح الأشموني 1/ 70، وشرح شواهد المغني 2/ 783، وشرح ابن عقيل 1/ 470، وشرح المفصل 3/ 87، 7/ 7، ومغني اللبيب 2/ 356، والمقاصد النحوية 2/ 460، وهمع الهوامع 1/ 160.

2 ورد هذا البيت في الدرر 1/ 357.

ص: 404

"وقال" آخر: [من الكامل]

337-

"نتج الربيع محاسنًا

ألقحنها غير السحائب"

فـ"غر" جمع غراء، ومؤنث أغر، بمعنى أبيض، فاعل ألقح، وألقحه علامة جمع المؤنث وهي النون، و"السحائب" جمع سحابة، والفعل والفاعل نعت "محاسنًا"، و"محاسن" جمع محسن كـ: مساوئ جمع مسوأ على غير قياس، والوصف في ذلك كالفعل، إلا أن الوصف إذا أسند إلى جماعة الإناث لحقه الألف والتاء دون النون، نحو: أقائمات الهندات.

"والصحيح" عند سيبويه1 ومتابعيه "أن الألف والواو والنون في ذلك" المسموع "أحرف"، وأن طيئًا وأزد شنوءة "دلوا بها على التثنية والجمع" تذكيرا وتأنيثًا، "كما دل الجميع" من العرب "بالتاء في "قامت" على التأنيث" بجامع الفرعية عن الغير، فالمثنى والجمع فرع الإفراد، كما أن المؤنث فرع المذكر. قال سيبويه2: واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك، فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في: قالت فلانة، فكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث علامة، ثم قال: وهي لغة قليلة. وإلى ذلك يشير قول الناظم:

228-

وقد يقال سعدا وسعدوا

والفعل للظاهر بعد مسند

"لا أنها ضمائر للفاعلين، وما بعدها" من الظواهر مبتدأ وهي ما قبلها خبر "على التقديم" للخبر، "والتأخير" للمبتدأ "أو" ما بعدها "تابع" لها "على الإبدال من الضمير" بدل كل من كل. "و" الصحيح أيضًا "أن هذه اللغة" وهي إلحاق العلامات "لا تمتنع من المفردين أو المفردات المتعاطفة" بغير "أو" خلافًا لزاعمي ذلك"، بكسر ميم الجمع، أي: خلافًا لمن زعم أن الظواهر مبتدآت، ولمن زعم أنها إبدال، ولمن زعم امتناع هذه اللغة مع المتعاطفات، وإنما كان الصحيح أنها أحرف لا ضمائر "لقول الأئمة" من أهل اللغة "إن ذلك لغة لقوم معينين، وتقديم الخبر" كما يقول به الأول "والإبدال" من الضمير كما يقول به الثاني يجيزهما جميع العرب "ولا يختصان بلغة قوم بأعيانهم"، قاله ابن مالك في شرح التسهيل3، وإنما كان الصحيح أن هذه اللغة لا تمتنع

337- البيت لأبي فراس الحمداني في ديوانه ص28، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 102، والدرر 1/ 357، والمقاصد النحوية 2/ 460، وهمع الهوامع 1/ 160.

1 الكتاب 2/ 36.

2 الكتاب 2/ 40.

3 شرح التسهيل 2/ 117، وشرح الكافية الشافية 2/ 581.

ص: 405

مع المتعاطفات "لمجيء قوله" وهو عبيد الله بن قيس الرقيات يرثي مصعب بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما: [من الطويل]

338-

تولى قتال المارقين بنفسه

"وقد أسلماه مبعد وحميم"

فألحق علامة التثنية وهي الألف في "أسلماه" مع المتعاطفين وهما "مبعد وحميم" و"المارقين"، الخوارج، من: مرق السهم مروقًا إذا خرج من الجانب الآخر، و"أسلماه": خذلاه، يقال: أسلمت فلانًا إذا لم تعنه ولم تنصره على عدوه، و"المبعد": اسم مفعول من الإبعاد، والمراد به الأجنبي من النسب، و"الحميم": القريب. "وقوله" وهو عروة بن الورد يمدح الغنى ويذم الفقر: [من الوافر]

339-

ذريني للغنى أسعى فإني

رأيت الناس شرهم الفقير

وأحقرهم وأهونهم عليه

"وإن كانا له نسب وخير"

فألحق علامة التثنية وهي الألف في "كانا" مع المتعاطفين وهما "نسب وخير" بكسر الخاء المعجمة أي: الكرم، والمعنى: وإن كان للفقير نسب وكرم فهو أحقر الناس وأهونهم لأجل فقره، وبهذين البيتين رد أبو حيان على الخضراوي حيث قال: لا نعلم أحدًا يجيز: قاما زيد وعمرو، ولا قاموا زيد وعمرو وبكر، وقال الموضح في المغني1: وليس الرد بشيء؛ لأنه يمنع التخريج لا التركيب ا. هـ.

والحكم "السادس" من أحكام الفاعل: "أنه إن كان مؤنثًا أنث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي"، جامدًا كان أو متصرفًا، تاما كان أو ناقصًا، وذلك مستفاد من قول الناظم:

230-

وتاء تأنيث تلي الماضي إذا

كان لأنثى.......................

"وبتاء المضارعة في أول المضارع" ولم يتعرض له في النظم، "ويجب ذلك" التأنيث "في مسألتين: أحدهما: أن يكون" الفاعل "ضميرًا متصلًا" لغائية حقيقية التأنيث أو مجازيته، ونعني بحقيقي التأنيث ما له فرج، والمجازي خلافه فالحقيقة:

338- البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات في ديوانه ص196، وتخليص الشواهد 473، والدرر 1/ 356، وشرح شواهد المغني 2/ 784، 790، والمقاصد النحوية 2/ 461، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 106، والجنى الداني ص175، وجواهر الأدب ص109، وشرح ابن الناظم ص159، وشرح الأشموني 1/ 170، وشرح ابن عقيل 1/ 469، ومغني اللبيب 2/ 367، 371، وهمع الهوامع 1/ 160.

339-

البيتان لعروة بن الورد في ديوانه ص91، والمقاصد النحوية 2/ 462.

1 مغني اللبيب ص481.

ص: 406

"كـ: هند قامت أو تقوم، و" المجازية نحو: " الشمس طلعت أو تطلع"، وإنما وجب تأنيث الفعل في ذلك لئلا يتوهم أن ثم فاعلًا مذكرًا منتظرًا إذ يجوز أن يقال، هند قام أبوها، والشمس طلع قرنها، "بخلاف" الضمير "المنفصل، نحو:" هند "ما قام" إلا هي، "أو ما يقوم إلا هي"، والشمس ما طلع إلا هي، أو ما يطلع إلا هي، فالتذكير واجب في النثر لعدم التوهم المذكور؛ لأن الفعل لا يكون له فاعلان، وبخلاف قول المرأة الحاضرة: قمت أو أقوم، فإنه لا يمكن تأنيثه، وإن كان ضميرًا متصلًا لمؤنث "و" تاء التأنيث "يجوز تركها في الشعر" مع اتصال الضمير:"إن كان التأنيث مجازيا"، وإليه أشار الناظم بقوله:

234-

............... ومع

ضمير ذي المجاز في شعر وقع

"كقوله" وهو عامر بن جوين الطائي يصف سحابة وأرضا نافعتين1: [من المتقارب]

340-

فلا مزنة ودقت ودقها

"ولا أرض أبقل إبقالها"

وكان القياس "أبقلت"؛ لأن الفاعل ضمير مؤنث متصل، ولكنه حذف التاء للضرورة، وقال ابن كيسان: يجوز ترك التاء في الكلام النثر، يقال: الشمس طلع، كما يقال: طلع الشمس؛ لأن التأنيث مجازي ولا فرق بين المضمر والظاهر، واستدل على ذلك بأن الشاعر كان يمكنه أن يقول: أبقلت إبقالها، بالنقل، فلما عدل عن ذلك مع تمكنه منه دل على أنه مختار لا مضطر: وأجيب بأنه إنما يثبت ما ذكره بعد ثبوت أن هذ الشاعر ممن يخفف الهمز بالنقل وغيره، فإن من العرب من لا يجيز في الهمز إلا التحقيق، وقد يعارض بالمثل، فيقال: إنما تثبت دعوى الضرورة بعد ثبوت كونه ممن لا يخفف الهمز بالنقل، ويؤيد ما قاله ابن كيسان أن الأعلم حكى في شرح أبيات كتاب سيبويه أنه روى2: أبقلت إبقالها

1 سقطت من "ب".

340-

البيت لعامر بن جوين في تخليص الشواهد ص483، وخزانة الأدب 1/ 45، 49، 50، والدرر 2/ 540، وشرح شواهد الإيضاح ص339، 460، وشرح شواهد المغني 2/ 943، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب 7/ 111 "أرض"، 11/ 60 "بقل"، والمقاصد النحوية 2/ 464، وتاج العروس "ودق""بقل"، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 352، وأوضح المسالك 2/ 108، وشرح ابن الناظم ص163، وشرح أبيات سيبويه 1/ 57، وشرح ابن عقيل 1/ 480، ومغني اللبيب 2/ 656، وشرح المفصل 5/ 94، وهمع الهوامع 2/ 171.

2 شرح أبيات سيبويه 1/ 240.

ص: 407

بتخفيف الهمزة، قال: ولا ضرورة فيه على هذا، إذ هذا دليل على أن قائله يجيز النقل، قال وعلى رواية تحقيق الهمزة إنما هو لتأويل الأرض بالمكان، فلا ضرورة ا. هـ.

وفي هذا التأويل نظر؛ لأن الهاء في "إبقالها" يأباه. "وقوله" وهو الأعشى ميمون بن قيس في قصيدة يمدح بها رهط قيس بن معد يكرب ويزيد بن عبد الدار الحارثي: [من المتقارب]

341-

فإما تريني ولي لمة

"فإن الحوادث أودى بها"

وكان القياس "أودت"؛ لأن الفاعل ضمير متصل، ولكنه حذف التاء ضرورة، و"اللمة" بكسر اللام، وتشديد الميم: شعر الرأس دون الجمة، و"الحوادث" جمع حادثة، والجمع في معنى الجماعة والجماعة مؤنث مجازي، وقيل: المراد الحدثان الليل والنهار، و"أودى" بمعنى: هلك يتعدى بالباء.

"و" المسألة "الثانية" من وجوب التأنيث "أن يكون" الفاعل ظاهرًا "متصلا" بالفعل، "حقيقي التأنيث نحو:{إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} [آل عمران: 35] وإلى هاتين المسألتين أشار الناظم بقوله:

231-

وإنما تلزم فعل مضمر

متصل أو مفهم ذات جر

"وشذ قول بعضهم: قال فلانة"، حكاه سيبويه عن بعض العرب1، "وهو رديء لا ينقاس"، فيقتصر فيه على السماع، وظاهر قول الناظم:

234-

والحذف قد يأتي بلا فصل.....

.....................................

أنه ينقاس على قلة، "وإنما جاز في" الكلام "الفصيح، نحو: نعم المرأة" في المدح، "وبئس المرأة" في الذم بترك التاء فيهما؛ "لأن المراد" بالمرأة فيهما "الجنس" وهو مؤنث مجازي، "وسيأتي أن الجنس" فيه معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك "يجوز فيه ذلك" الترك، وإليه أشار الناظم قوله:

236-

والحذف في نعم الفتاة استحسنوا

لأن قصد الجنس فيه بين

341- البيت للأعشى في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 11/ 431، 432، 433، وشرح أبيات سيبويه 1/ 477، وشرح شواهد الإيضاح ص346، وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41، والكتاب 2/ 46، ولسان العرب 2/ 132 "حدث"، 15/ 385 "ودي" والمقاصد النحوية 2/ 466، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 764، وأوضح المسالك 2/ 110، ورصف المباني 103، 316، وشرح ابن الناظم ص540، وشرح الأشموني 1/ 175، وشرح المفصل 9/ 6، وأمالي ابن الشجرى 2/ 345.

1 الكتاب 2/ 38.

ص: 408

"ويجوز الوجهان" التأنيث والتذكير "في مسألتين:

إحداهما:" المؤنث الحقيقي الظاهر "المنفصل" من الفعل بفاصل، "كقوله" وهو جرير بن الخطفى يهجو الأخطل: [من الوافر]

342-

"لقد ولد الأخيطل أم سوء"

على باب استها صلب وشام

فترك التاء من "ولدت" جائز لوجود الفصل بالمفعول وهو الأخيطل بالتصغير، والصلب: بضم الصاد المهملة واللام جمع صليب النصارى، والشام جمع شامة، "وقولهم" أي: العرب: "حضر القاضي اليوم امراة"، فامرأة فاعل "حضر" وترك التاء للفصل بالمفعول وذكر الظرف قصدًا لحكاية الشاهد بتمامه. وإنما لم يجب التأنيث مع الفصل؛ لأن الفعل بعد عن الفاعل المؤنث، وضعفت العناية به، وصار الفصل كالعوض من تاء التأنيث، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

232-

وقد يبيح الفصل ترك التاء في

نحو أتى القاضي بنت الواقف

"والتأنيث أكثر" من التذكير لقوة جانبه، "إلا إن كان الفاصل" بين الفعل وفاعله المؤنث "إلا" الاستثنائية الإيجابية، "فالتأنيث خاص بالشعر، نص عليه الأخفش" وأوجب التذكير في الكلام، نحو: ما قام إلا هند؛ لأن ما بعد "إلا" ليس هو الفاعل في الحقيقة، وإنما هو بدل من فاعل مقدر قبل "إلا"، وذلك المقدر هو المستثنى منه وهو مذكر، ولذلك ذكر الفعل، والتقدير: ما

قام أحد إلا هند، "وأنشد" الأخفش "على التأنيث" في الشعر:[من الرجز]

343-

"ما برئت من ريبة وذم

في حربنا إلا بنات العم"

فـ"بنات العم" فاعل "برئت" وأنثه مع وجود الفصل بـ"إلا"، وجوزه ابن مالك في النثر" على قلة فقال1:

233-

والحذف مع فصل بإلا فضلا

كما زكا إلا فتاة ابن العلا

342- البيت لجرير في ديوانه ص283، وشرح شواهد الإيضاح ص338، 405، وشرح المفصل 5/ 92، ولسان العرب 1/ 529، "صلب" والمقاصد النحوية 2/ 468، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 175، وأوضح المسالك 2/ 112، وجواهر الأدب ص113، والخصائص 2/ 414، وشرح الأشموني 1/ 173، والمقتضب 2/ 148، 3/ 349، والممتع في التصريف 1/ 218.

343-

الرجز بلا نسبة في الدرر 2/ 543، وشرح الأشموني 1/ 174، وشرح شذور الذهب ص176، والمقاصد النحوية 2/ 471، وهمع الهوامع 2/ 171.

1 شرح التسهيل 2/ 114.

ص: 409

"وقرئ: "إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ" [يس: 29] بالرفع1، وقرأ مالك بن دينار والحسن وأبو رجاء وعاصم الجحدري بخلاف عنه، وجماعة من التابعين: "فَأَصْبَحُوا لَا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ" [الأحقاف: 25] بضم التاء من "ترى" ورفع "مساكنهم" على النيابة عن الفاعل، وقال ابن جني2: إنها ضعيفة في العربية.

المسألة "الثانية" من جواز الوجهين: "المجازي التأنيث، نحو: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} "[القيامة: 9]، ولو ورد:"وجمعت"، بالتاء، لم يمتنع، "ومنه" أي: من مجازي التأنيث "اسم الجنس" كشجر، "واسم الجمع" المعرب: كقوم ونسوة، "والجمع" المكسر "كإعراب، وهنود""لأنهن في معنى الجماعة، والجماعة مؤنث مجازي، فلذلك جاز التأنيث" في الفعل مع اسم الجمع، "نحو:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} " [ق: 12] ، "و" مع الجمع المكسر نحو: "{قَالَتِ الْأَعْرَابُ} " [الحجرات: 14] "و" مع اسم الجنس نحو: "أورقت الشجر، و" جاز "التذكير" في الفعل مع اسم الجنس "نحو: أورق الشجر، و" مع اسم الجمع المذكر نحو:" {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} "[الأنعام: 66]"و" مع اسم جمع مؤنث نحو: " {وَقَالَ نِسْوَةٌ} [يوسف: 30] ، "و" مع الجمع المكسر المذكر نحو: "قال الرجال، و" مع جمع التكسير المؤنث نحو:"جاء الهنود"، فأتى في جانب التذكير بالنشر مرتبًا على ترتيب اللف، وفي جانب التأنيث مختلطًا، كقوله: هو شمس وأسد وبحر جود وبهاء وشجاعة، وقيدنا اسم الجمع بالمعرب احترازًا من اسم الجمع المبني نحو: الذين، فإنه لا يقال فيه قالت الذين آمنوا، بالتأنيث، وإن قيل إنه جمع "الذي"، وإنما لم يجب التأنيث مع المؤنث المجازي لأمرين: أحدهما: أن التأنيث غير حقيقي، فتضعف العناية به. والثاني: أن هذا المؤنث في معنى المذكر فيحمل عليه كما حمل المذكر على المؤنث في: جاءتني كتاب زيد، أي: صحيفته، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

335-

والتاء مع جمع سوى السالم من

لتاء مع إحدى اللبن

إلا أن سلامة نظم الواحد في جمعي التصحيح" المذكر والمؤنث "أوجبت التذكير" في الفعل "في نحو: قام الزيدون"، وفي التنزيل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] ، "و" أوجبت "التأنيث في" الفعل، "نحو: قامت الهندات" هذا مذهب سيبويه3 وجمهور البصريين، "خلافًا للكوفيين فيهما"، فإنهم أجازوا في

1 قرأها بالرفع: أبو جعفر وشيبة ومعاذ والحارث، انظر الإتحاف ص364، والنشر 2/ 353.

2 المحتسب 2/ 266.

3 الكتاب 2/ 38.

ص: 410

الفعل مع كل من جمعي التصحيح التذكير والتأنيث، "و" خلافًا "للفارسي" من البصريين "في" جمع تصحيح "المؤنث" فإنه انفرد عن أصحابه بجواز الأمرين، ووافق أصحابه في وجوب تذكير الفعل مع تصحيح المذكر، وتبعه الناظم فلم يستثنه، "واحتجوا بنحو:{إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} " [يونس: 90] فأنث الفعل مع جمع تصحيح المذكر، "و" بنحو: "{إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} " [الممتحنة: 12] فذكر الفعل مع جمع تصحيح المؤنث، "و" بنحو "قوله": [من الكامل]

344-

"فبكى بناتي شجوهن وزوجتي"

والطامعون إلي ثم تصدعوا

فذكر الفعل مع إسناده إلى جمع تصحيح المؤنث، و"شجوهن" بمعنى: حزنهن مفعول لأجله، و"تصدعوا": انصرفوا. "وأجيب بأن "البنين"" في قوله: "بنو إسرائيل""و"البنات"" في قوله: "بناتي""لم يسلم فيهما لفظ الواحد"، إذ الأصل، بنو، فحذفت لامه، وزيد عليه واو ونون في التذكير وألف وتاء في التأنيث، فلما لم يسلم فيه بناء الواحد عومل معاملة جمع التكسير، وليس الكلام فيه. قال الشاطبي1: ومحل الخلاف في تصحيح الجمعين إذا لم يحصل تغيير فيهما، أما ما تغير منهما: كبنين وبنات فيجوز فيه الوجهان اتفاقًا ا. هـ. "وبأن التذكير في "جاءك" المؤمنات""للفصل" بالمفعول وهو الكاف على حد قولهم: حضر القاضي امرأة، "أو لأن الأصل النساء المؤمنات" والنساء: اسم جمع، فحذف الموصوف وخلفته صفته، فعوملت معاملته "أو لأن: أل" في "المؤمنات" اسم موصول "مقدرة باللاتي، وهي" أي: اللاتي "اسم جمع" وتقدم أنه يجوز مع الفصل واسم الجمع التذكير والتأنيث، قيل: وفي هذه الأجوبة الثلاثة الأخيرة نظر. أما الأول فلان الفصل بغير "إلا " الأرجح فيه التأنيث وتركه مرجوح، وقد أجمعت السبعة هنا على تركه، فيلزم أن يكونوا قد أجمعوا على وجه مرجوح، وأما الثاني فلأنه يلزم منه حذف الفاعل، والبصري لا يقول به فلا يحسن منه ارتكابه، وفيه نظر؛ لأن الصفة قامت مقام الموصوف، وأما الثالث فلأن "أل" في نحو: المؤمن والكافر معرفة لكون الوصف للثبوت والدوام، لا للحدوث، والتجدد، وسكت الموضح تبعًا للناظم عن إسناد الفعل إلى المثنى، وحكمه حكم مفرده، فإن كان لمذكر وجب

344- البيت لعبدة بن الطبيب في ديوانه ص50، وشرح اختيارات المفضل ص701، ونوادر أبي زيد ص23، ولأبي ذؤيب في المقاصد النحوية 2/ 472، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 116، والخصائص 3/ 295، وشرح الأشموني 1/ 175.

1 حاشية الصبان 2/ 54.

ص: 411

تذكير الفعل نحو: {قَالَ رَجُلَانِ} [المائدة: 23] وإن كان لمؤنث وجب تأنيث فعله، نحو قالت الهندات.

والحكم "السابع" من أحكام الفاعل: "أن الأصل فيه أن يتصل بفعله"؛ لأنه منزل منه منزلة جزئه، "ثم يجيء المفعول" بعدهما، "وقد يعكس" ذلك فيتصل المفعول بالفعل. ثم يجيء الفاعل بعدهما، "وقد" يتأخر الفعل والفاعل، و"يتقدمهما المفعول، وكل من ذلك" المذكور من تقديم الفاعل على المفعول وعكسه، وتقديم المفعول على الفعل والفاعل جميعًا "جائز وواجب" فهذه ست مسائل داخلة تحت قول الناظم:

237-

والأصل في الفاعل أن يتصلا

والأصل في المفعول أن ينفصلا

238-

وقد يجاء بخلاف الأصل

وقد يجيء المفعول قبل الفعل

"فأما جواز الأصل" وهو تقديم الفاعل على المفعول "فتحو: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} "[النمل: 16] ، فـ"سليمان" فاعل و"داود" مفعول. "وأما وجوبه"، أي: الأصل "ففي مسألتين:

إحداهما أن يخشى اللبس" في الفاعل ولا قرينة تميز الفاعل من المفعول، "كـ: ضرب موسى عيسى" فـ"موسى" فاعل، و"عيسى" مفعول، ويمتنع هنا تقديم المفعول على الفاعل خشية التباس أحدهما بالآخر، وصور ذلك ست عشرة صورة، قامت من ضرب أربع في مثلها، وذلك بأن يكونا مقصورين أو إشارتين أو موصولين أو مضافين لياء المتكلم، وكلها داخلة تحت قول الناظم:

239-

وأخر المفعول إن لبس حذر

..................................

فيتعين في هذه الصورة أن يكون الأول منهما فاعلًا، والثاني مفعولًا، "قاله أبو بكر" بن السراج1 "والمتأخرون كالجزولي2 وابن عصفور3 وابن مالك" في النظم وغيره4، "وخالفهم" في ذلك "ابن الحاج" في نقده على المقرب لابن عصفور، فقال5: لا يوجد في كتاب سيبويه شيء من هذه الأغراض الواهية، "محتجا بأن العرب تجيز تصغير عمرو وعمر" على عمير، مع وجود اللبس، "وبأن الإجمال من مقاصد

1 انظر الأصول 2/ 245.

2 الجزولية 50، 51.

3 المقرب 1/ 53.

4 شرح الكافية الشافية 2/ 589.

5 انظر الارتشاف 2/ 199.

ص: 412

العقلاء" فإن لهم غرضًا في الإجمال، كما أن لهم غرضًا في البيان، "وبأنه يجوز" أن يقال: زيد وعمرو "ضرب أحدهما الآخر"، إذ لا يبعد أن يقصد قاصد ضرب أحدهما من غير تعيين، فيأتي باللفظ المحتمل، "وبأن تأخير البيان لوقت الحاجة جائز عقلا باتفاق" عند الأصوليين، ولغة عند النحويين، فلا يمتنع أن يتكلم بالمجمل ويتأخر البيان إلى وقت الحاجة، كـ: مختار ومنقاد، فإنهما مجملان لترددهما بين الفعل والمفعول بقلب عينهما المكسورة أو المفتوحة ألفًا، "و" جائز "شرعًا على الأصح" خلافًا للمعتزلة وكثير من أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الظاهر، وأبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي؛ لأن المراد بالبيان حصول تمكن المكلف من امتثال الأمر، ولا حاجة لذلك إلا عند تعيين الامتثال، فأما قبل ذلك فلا، "وبأن الزجاج نقل" في معانيه "أنه لا خلاف" بين النحويين "في أنه يجوز في نحو: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: 15] كون "تلك" اسمها"، أي: اسم "زال"، "و"دعواهم" الخبر، وبالعكس"، انتهى كلام ابن الحاج.

قال المرادي1: ولا يلزم من إجازة الزجاج الوجهين في الآية جواز مثل ذلك في ضرب موسى عيسى؛ لأن التباس الفاعل بالمفعول ليس كالتباس اسم "زال" بخبرها، وذلك واضح ا. هـ. وكذا يقال في الباقي، فلو زال الالتباس بقرينة لفظية نحو: ضربت موسى سعدى، أو معنوية كأكلت الكمثرى الحبلى جاز التقديم بلا خلاف.

المسألة "الثانية" من مسائل وجوب تقديم الفاعل على المفعول "أن يحصر المفعول بـ"إنما"، نحو: إنما ضرب زيد عمرا"، فيجب تقديم الفاعل على المفعول اتفاقًا؛ لأنه لو أخر انقلب المعنى؛ وذلك لأن معنى قولنا: إنما ضرب زيد عمرًا انحصار ضرب زيد في عمرو، مع جواز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، فإذا أخر وقيل إنما ضرب عمرًا زيد جاز أن يكون زيد ضاربًا لشخص آخر، ولم يجز أن يكون عمرو مضروبًا لشخص آخر، "وكذا الحصر بـ"إلا" عند" أبي موسى "الجزولي2 وجماعة" من المتأخرين فإنهم أوجبوا تأخير المفعول المحصور بـ"إلا" نحو: ما ضرب زيد إلا عمرًا، "وأجاز البصريون والكسائي والفراء وابن الأنباري" من الكوفيين "

تقديمه"، أي: المفعول مع "إلا" "على الفاعل3 كقوله" وهو دعبل بن علي الخزاعي: [من الطويل]

1 شرح المرادي 2/ 17.

2 الجزولية ص51.

3 انظر شرح التسهيل 2/ 134.

ص: 413

345-

"ولما أبى إلا جماحًا فؤاده"

ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل

فقدم المفعول المحصور بـ"إلا" وهو "جماحا" على الفاعل وهو "فؤاده"، والجماح هنا الإسراع، والجموح من الرجال الذي يركب هواه فلا يرده شيء، وقوله وهو مجنون بني عامر:[من الطويل]

346-

تزودت من ليلى بتكليم ساعة

"فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها"

فقدم المفعول المحصور بـ"إلا" وهو "ضعيف" على الفاعل وهو كلامها، و"قوله" وهو زهير بن أبي سلمى بضم السين:[من الطويل]

347-

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه

"ويغرس إلا في منابتها النخل"

فقدم الجار والمجرور وهو بمثابة المفعول المحصور بـ"إلا" على نائب الفاعل، وهو "النخل" لأنه بمثابة الفاعل، "وينبت" بضم الياء مضارع أنبت، و"الخطي" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء الرمح المنسوب إلى الخط، وهو سيف البحر عند عمان، بتخفيف الميم والبحرين مفعول مقدم، و"وشيجه"، بالشين المعجمة والجيم جمع وشيجة وهي عروق شجر الرماح فاعل مؤخر، "ويغرس" بالبناء للمفعول و"النخل" نائب الفاعل، والمانع لتقديم المفعول المحصور مع "إلا" على الفاعل يدعي تقدير عامل للمرفوع: قال في التسهيل1 وتبعه في المغني2: ولا يعمل ما قبل "إلا" فيما بعدها إلا

345- البيت لدعبل بن علي الجزاعي في ملحق ديوانه ص349، والدرر 1/ 360، والمقاصد النحوية 2/ 480، وللحسن بن مطير في ديوانه ص182، وسمط اللآلي ص502، ولابن الدمينة في ديوانه ص94، وللمجنون في ديوانه ص181، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 223، وأوضح المسالك 2/ 121، وتذكر النحاة ص334، والحماسة البصرية 2/ 173، والزهرة ص87، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1292، وهمع الهوامع 1/ 161.

346-

البيت للمجنون في ديوانه ص194، والدرر 1/ 259، وشرح ابن الناظم ص165، والمقاصد النحوية 2/ 481، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 122، وتخليص الشواهد ص486، والدرر 1/ 496، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ابن عقيل 1/ 491، وشرح التسهيل 2/ 134، وشرح الكافية الشافية 2/ 591، وهمع الهوامع 1/ 161، 230.

347-

البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص115، والمقاصد النحوية 2/ 482، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 123، وتذكرة النحاة 334، ولسان العرب 7/ 290، "خطط" وشرح التسهيل 2/ 134، 305.

1 التسهيل ص75.

2 مغني اللبيب ص98.

ص: 414

أن يكون مستثنى نحو: ما قام إلا زيد، أو مستثنى منه، نحو: ما قام إلا زيدًا أحد، أو تابعًا له نحو: ما قام أحد إلا زيدًا فاضل، وما ظن من غير هذه الثلاثة معمولا لما قبلها قدر له عامل، ا. هـ.

ولو قيل المرفوع في هذه الأبيات ليس واقعًا في مركزه الأصلي؛ لأنه مؤخر من تقديم فهو واقع قبل "إلا" تقديرًا لا بعدها لم يبعد، ولكنهم لم ينظروا إلى ذلك محتجين بأن الشيء إذا حل في موضعه لا ينوى مع غيره؛ وإلا لجاز ضرب غلامه زيدًا وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

240-

وما بإلا أو بإنما انحصر

أخر وقد يسبق إن قصد ظهر

"وأما توسط المفعول" بين الفعل والفاعل "جوازًا، فنحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} "[القمر: 41] فـ"النذر" فاعل "جاء" و"آل فرعون" مفعول به متوسط بين الفعل والفاعل، "و" نحو "قولك: خاف ربه عمر"، فـ"عمر" فاعل و"ربه" مفعول. "قال" جرير يمدح عمر بن عبد العزيز: [من البسيط]

348-

جاء الخلافة إذ كانت له قدرًا

"كما أتى ربه موسى على قدر"

فـ"موسى" فاعل و"ربه" مفعول متوسط بين الفعل وفاعله، ولا يضر اتصاله بضمير الفاعل المتأخر لتقدمه في الرتبة، وإليه أشار الناظم بقوله:

241-

وشاعه نحو خاف ربه عمر

.................................

والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

"وأما وجوبه" أي: وجوب توسط المفعول بين الفعل وفاعله "ففي مسألتين:

إحداهما أن يتصل بالفاعل ضمير المفعول نحو: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} " [البقرة: 124] ، فـ"إبراهيم" مفعول مقدم، و"ربه" فاعل مؤخر وجوبًا، "و" نحو: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: 52] فـ"معذرتهم" فاعل مؤخر، و"الظالمين" مفعول مقدم وجوبًا، وإنما وجب تقديم المفعول فيهما لئلا يعود ضمير على المفعول، وهو متأخر لفظا ورتبة، "و" لأجل ذلك "لا يجيز أكثر النحويين نحو: زان نوره الشجر" بتقديم الفاعل على المفعول، "لا في نثر ولا في شعر، وأجازه فيهما

348- البيت لجرير في ديوانه 416، والأزهية 114، وخزانة الأدب 11/ 69، والدرر 2/ 439، وشرح شواهد المغني 1/ 196، ومغني اللبيب 1/ 62، 70، والمقاصد النحوية 2/ 485، 4/ 145، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 124، والجنى الداني 230، وشرح ابن الناظم ص479، وشرح الأشموني 1/ 178، وشرح قطر الندى 184، وهمع الهوامع 2/ 134.

ص: 415

الأخفش وابن جني1" من البصريين "و" أبو عبد الله "الطوال"، بضم الطاء، وتخفيف الواو من الكوفيين "وابن مالك" في التسهيل2 في باب الضمير "احتجاجًا" في النثر بقولهم: ضربوني وضربت قومك، بإعمال الثاني، حكاه سيبويه3، وأجازه البصريون، وضربته زيدًا، بإبدال "زيد" من الهاء بإجماع، حكاه ابن كيسان، وكلاهما فيه ما في: ضرب غلامه زيدًا من تقديم ضمير على مفسر مؤخر الرتبة وفي الشعر، "بنحو قوله" وهو النابغة أو أبو الأسود أو عبد الله بن همارق على اختلاف فيه: [من الطويل]

349-

"جزى ربه عني عدي بن حاتم"

جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

فـ"ربه" فاعل، وهو متصل بضمير عائد إلى "عدي" وهو مفعول، ورتبته التأخير، و"جزاء الكلاب" مفعول مطلق. واختلف في معنى "جزاء الكلاب" فقيل هو الضرب والرمي بالحجارة. وقال الأعلم ليس بشيء، وإنما هو دعاء عليه بالابنة إذ الكلاب تتعاوى عند طلب السفاد، وهذا من ألطف الهجو4. "والصحيح جوازه في الشعر فقط" للضرورة، وهو الإنصاف؛ لأن ذلك إنما ورد في الشعر، فلا يقاس عليه، وأما الإعمال، والبدل فمستثنيان لمجيئهما على خلاف الأصل، إذ الأصل والكثير الشائع تقدم مفسر ضمير الغائب باعتراف ابن مالك وغيره، فمتى جاء ما يخالفه فلا يعول عليه في قياس ما ليس من بابه عليه، كما استثنى بيع العرايا بخرصها تمرًا إلى الجذاذ مما خارج عن القواعد، وإلى ذلك أشار الناظم فقال:

241-

...................

وشذ نحو زان نوره الشجر

"و" المسألة "الثانية" من مسألتي وجوب توسط المفعول بين الفعل وفاعله

1 الخصائص 1/ 293، 294.

2 التسهيل ص28.

3 الكتاب 2/ 40.

349-

البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص191، والخصائص 1/ 294، وله أو لأبي الدؤلي في خزانة الأدب 1/ 277، 278، 281، 287، والدرر 1/ 114، وللنابغة أو لأبي الأسود أو لعبد الله بن همارق في المقاصد النحوية 2/ 487، ولأبي الأسود الدؤلي في ملحق ديوانه ص401، وتخليص الشواهد ص490، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 125، وشرح الأشموني 2/ 59، وشرح شذور الذهب ص137، وشرح ابن عقيل 1/ 496، ولسان العرب 15/ 108، "عوي" وهمع الهوامع 1/ 66.

4 ورد قول الأعلم في شرح الشواهد للعيني 2/ 59.

ص: 416

"أن يحصر الفاعل بـ"إنما"" باتفاق، "نحو {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} " [فاطر: 28] ، فـ"العلماء" فاعل محصور فيه الخشية، فوجب تأخيره فلزم توسط المفعول، والمعنى، ما يخشى الله من عباده إلا العلماء، "وكذا الحصر بـ"إلا" عند غير الكسائي" فإنه يجب تأخير الفاعل المحصور بـ"إلا" نحو: ما ضرب عمرًا إلا زيد، "واحتج" الكسائي على عدم وجوب تأخير الفاعل المحصور بـ"إلا""بقوله"[من البسيط]

350-

"ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم

ولا جفا قط إلا جبأ بطلا"

فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" في الموضعين، والأصل: ما عاب فعل ذي كرم إلا لئيم، ولا جفا بطلًا إلا جبأ، وعاب بالعين المهملة من العيب، واللئيم هنا البخيل، مقابل الكريم، والجبأ بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة وفي آخره همزة غير ممدود: الجبان، ومقابله البطل وهو الشجاع، "وقوله":[من البسيط]

351-

نبئتهم عذبوا بالنار جارهم

"وهل يعذب إلا الله بالنار"

فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" على المجرور بالباء، وطوى ذكر المفعول، و"هل" بمعنى "ما"، والأصل ما يعذب أحد أحدًا بالنار إلا الله، و"نبئتهم" مبني للمفعول، وضمير المتكلم مفعوله الأول قائم مقام الفاعل، وضمير الغائبين مفعوله الثاني، وجملة "عذبوا" في موضع المفعول الثالث، "وجارهم" مفعول "عذبوا" لا المفعول الثالث خلافًا للعيني "وقوله":[من الطويل]

352-

"فلم يدر إلا الله ما هيجت لنا"

عشية إنآء الديار وشامها

فقدم الفاعل المحصور بـ"إلا" على المفعول وهو "ما هيجت"، والأصل: فلم يدر ما هيجت لنا إلا الله و"عشية" منصوب على الظرفية، والإنآء بكسر الهمزة وسكون النون وفتح الهمزة الممدودة كالإبعاد وزنا ومعنى، والوشام، بكسر الواو جمع وشيمة: الكلام الشر والعداوة، والوشام أيضًا من الوشم. يقال وشم يده وشمًا إذا غرزها بالإبرة ثم ذر عليها النيلة، مرفوع على الفاعلية بـ"هيجت"، وغير الكسائي قدر

350- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 129، وتخليص الشواهد ص487، وتذكرة النحاة ص335، والدرر 1/ 361، وشرح الأشموني 1/ 177، والمقاصد النحوية 2/ 490، وهمع الهوامع 1/ 161.

351-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 130، وتذكرة النحاة 335، والمقاصد النحوية 2/ 492.

352-

البيت لذي الرمة في ديوانه ص999، والدرر 1/ 360، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 131، وتخليص الشواهد ص487، وشرح الأشموني 1/ 177، وشرح ابن عقيل 1/ 489، والمقاصد النحوية 2/ 493، والمقرب 1/ 55، وهمع الهوامع 1/ 161.

ص: 417

للمنصوب والمجرور غير المحصورين في هذه الأبيات ونحوها عاملا، فقدر قبل:"فِعَلَ" ذي كرم عاب، وقيل:"بطلا" جفأ، وقبل "بالنار" يعذب، وقبل "ما هيجت" درى، بناء على أن ما قبل "إلا" لا يعمل فيما بعدها إلا في مستثنى أو مستثنى منه، أو تابع له، كما تقدم تمثيله وتقريره عليه جرى في التسهيل1، وخالف هنا فقال:

240-

وما بإلا أو بإنما انحصر

أخر وقد يسبق إن قصد ظهر

"وأما تقديم المفعول" على الفعل والفاعل "جوازا فنحو: {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} "[البقرة: 87] ، فـ"فريقًا" فيهما مفعول مقدم للفعل الذي بعده، ويجوز في غير القرآن تأخيره.

"وأما وجوبًا" أي: وجوب تقديم المفعول على الفعل، والفاعل جميعًا "ففي مسألتين:

إحداهما أن يكون" المفعول "مما له الصدر" كأن يكون اسم استفهام، "نحو: {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} " [غافر: 81] ، "فأي" مفعول مقدم لـ"تنكرون"، أو اسم شرط، نحو: "{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} " [الإسراء: 110] فـ"أيا" اسم شرط مفعول مقدم لـ"تدعوا"، و"ما" صلة، و"تدعوا" مجزوم بـ"أيا"، فكل منهما عامل في عامله من جهتين مختلفتين.

المسألة "الثانية:" من [مسألتي] 2 وجوب تقديم المفعول على عامله "أن يقع عامله بعد الفاء" الجزائية في جواب "أما" ظاهرة أو مقدرة، "وليس له"، أي: العامل المفعول "منصوب غيره" أي: غير المفعول "مقدم" نعت منصوب "عليها" أي: على الفاء، مثال "أما" المقدرة:"نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّر} "[المدثر: 3] فتقديره: وأما ربك فكبر، "و" مثال "أما" الظاهرة "نحو:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} " [الضحى: 9] وإنما وجب تقديم المفعول فيهما حذارًا من أن تلي الفاء "أما" الملفوظة أو المقدرة ففصل بينهما بالمفعول، فإن قيل ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها، فكيف عمل ههنا في المفعول؟ فالجواب أنها إنما تمنع ما بعدها أن يعمل فيما قبلها إذا كانت في مركزها الأصلي، وهي ههنا ليست فيه؛ لأنها مؤخرة من تقديم، وكان حقها أن تدخل على المفعول المتقدم لطلبها المصدر ما أمكن، ولكنها زحلقت إلى الفعل حذرًا من إيلائها أما "

بخلاف" ما إذا كان للفعل منصوب غير المفعول به مقدم على الفاء فإنه يكتفي بالفصل بذلك

1 التسهيل ص75.

2 إضافة من "ب".

ص: 418

المنصوب فلا يجب تقديم المفعول نحو: "أما اليوم فاضرب زيدًا"، فالعامل، وهو فعل الأمر له منصوبان وهما الظرف والمفعول به، وتقدم الظرف وحصل الفصل به فاستغني عن تقديم المفعول.

"تنبيه":

يدرك بالتأمل فيما تقدم "إذا كان الفاعل والمفعول" به "ضميرين" متصلين "ولا حصر في أحدهما وجب تقديم الفاعل" على المفعول كما هو الأصل فيهما، "كضربته"، فالتاء فاعل، والهاء مفعول إذ لو قدم المفعول على الفاعل هنا تعذر الاتصال في الفاعل.

"وإذا كان المضمر" المتصل "أحدهما فإن كان" المضمر "مفعولا" والظاهر فاعلا "وجب" في المضمر "وصله" بالفعل "وتأخير الفاعل" الظاهر عن المفعول "كـ: ضربني" زيد"؛ لأنه لو قدم الفاعل والحالة هذه وجب أن يؤتى بالضمير مفصولا مع إمكان اتصاله.

"وإن كان" المضمر "فاعلا" والظاهر مفعولا "وجب" في المضمر "وصله" بالفعل "و" وجب إما "تأخير المفعول" الظاهر عن الفاعل "أو تقديمه" عليه "وعلى الفعل" معًا، "كـ: ضربت زيدًا وزيدًا ضربت" حذرًا من ارتكاب الانفصال مع التمكن من الاتصال.

"وكلام الناظم" في النظم "يوهم امتناع التقديم" للمفعول على الفعل كزيدًا ضربت؛ "لأنه سوى" في النظم "بين هذه المسألة" وهي مسألة: ضربت زيدًا "ومسألة: ضرب موسى عيسى"، في وجوب تأخير المفعول فيهما عن الفاعل فقال:

239-

وأخر المفعول إن لبس حذر

أو أضمر الفاعل غير منحصر

فاقتضى أنه لا يجوز: زيدًا ضربت، كما لا يجوز: عيسى ضرب موسى بتقديم المفعول على الفعل، "والصواب ما ذكرنا" من جواز نحو: زيدًا ضربت، إذ لا لبس، وامتناع نحو: عيسى ضرب موسى. لئلا يتوهم أن عيسى مبتدأ، وأن الفعل متحمل لضميره، وأن موسى مفعول.

وحاصل ما ذكره الموضح من أول الحكم السابع إلى هنا من أحكام الوجوب أنه يجب تقديم الفاعل على المفعول في ثلاثة مسائل: أن يخشى اللبس، وأن يكون المفعول محصورًا فيه، وأن يكون الفاعل والمفعول ضميرين متصلين، وأنه يجب توسط

ص: 419

المفعول في مسألتين: أن يكون الفاعل ملتبسًا بضمير المفعول، وأن يكون الفاعل محصورًا فيه، وأنه يجب تقديم المفعول على عامله في مسألتين: أن يكون له صدر الكلام، وأن يكون معمولا لما بعد الفاء بشرطه، وأنه يجب تأخير الفاعل في مسألة واحدة، وهي ما إذا كان المفعول ضميرًا متصلا والفاعل اسمًا ظاهرًا، وأنه يجب اتصال الفاعل بالفعل، ويخير في المفعول بين تقديمه على الفعل وتأخيره عن الفاعل في مسألة واحدة، وهي ما إذا كان الفاعل ضميرًا متصلا والمفعول اسما ظاهرًا، والجواز فيما عدا ذلك.

ص: 420