الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الأول
المقدمات
مقدمة المحقق
…
المقدمات:
مقدمة المحقق:
الحمد لله وحده لا شريك له، أستعينه وأستغفره وأتوب إليه، والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
وبعد:
فإن الألفية "الخلاصة" لابن مالك "هي منظومة تعليمية للنحو في حوالي ألف بيت، قلد فيها ألفية ابن معط، وألفها لابنه محمد الأسد"1.
وقد حظيت الألفية باهتمام العلماء وعنايتهم ما لم يحظ به كتاب آخر، فقد أحصى بروكلمان في تاريخ الأدب العربي2 تسعا وأربعين كتابا شرحت فيه الألفية.
ولعل أقدم هذه الشروح هو شرح ابن الناظم الذي قال فيه الصفدي: "وهو شرح فاضل منقى منقح. وخطأ والده في بعض المواضع، ولم تشرح الخلاصة بأحسن ولا أسد ولا أجزل على كثرة شروحها، وأراها في الشروح كالشرح الذي لابن يونس للتنبيه"3.
ولقي هذا الشرح الجليل اهتمام العلماء أيضا، فوضعوا له تعليقات وشروحات4.
وجاء ابن هشام بعد ابن الناظم، وشرح الألفية في كتابه التوضيح "أوضح المسالك".
1 تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 277، والوافي بالوفيات 1/ 206 سطر 11.
2 تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 278-291.
3 الوافي بالوفيات 1/ 205.
4 ذكر بروكلمان في تاريخه 5/ 278-279 أسماء خمسة كتب قامت على شرح ابن الناظم.
ولقي هذا الكتاب من علماء العربية فتصدوا لشرحه والتعليق عليه، ولعل من أهم هذه الشروح الكتاب الذي بين يدينا، أي:"شرح التصريح بمضمون التوضيح" للشيخ خالد الأزهري. وقد عرف لهذا الكتاب طبعتان خلتا من الضبط.
وكنت أرغب أن يوفقني الله تعالى إلى تحقيق هذا السفر العظيم من التراث، فأخذت على عاتقي خدمة الكتاب بما يليق به من تحقيق وضبط وشرح وفهرسة.
وقد بدأت الكتاب بمقدمة تضمنت ترجمة للمؤلف ذكرت فيها اسمه ونسبه وحياته العلمية والثقافية، ثم تحدثت عن منهجه في هذا الشرح وعن أهمية هذا الشرح.
ثم ذكرت منهج التحقيق الذي اتبعته، وهو منهج اتبعته في الكتب التي قمت بتحقيقها مثل "الاقتضاب، والدرر اللوامع، وأساس البلاغة، وشرح ابن الناظم
…
".
ولا أدعي الكمال في عملي هذا، وحسبي أني أخلصت في العمل، وبذلت جهدا تشي به صفحات هذا الشرح، وينم عنه ما أودعته في الحواشي.
وأرجو من الله أن يكون التوفيق حالفني في إخراج هذا الكتاب على نحو يرضى به العلماء.
والله أسأل أن يهدينا إلى الحق وإلى ما فيه مرضاته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد باسل عيون السود
دمشق 11/ 2/ 2000
المبحث الأول: حياته
أ- اسمه ونسبه وكنيته1:
هو زين الذين خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاوي الأزهري الشافعي، النحوي، المصري، المعروف بالوقاد، وبصاحب كتاب التراكيب.
ب- مولده ونشأته:
ولد الأزهري في جرجة بصعيد مصر 838هـ. وكان طفلا حين رحل مع أبويه إلى القاهرة التي قرأ فيها القرآن، ومختصر أبي شجاع، ثم تحول إلى جامع الأزهر ليعمل وقادا، فعرف بذلك، وأثناء قيامه بهذه المهنة سقطت منه فتيلة على كراس أحد الطلبة، فشتمه وعيره بالجهل، فترك الوقادة، وأكب على طلب العلم، فبرع وأشغل الناس، وكان عمره حينذاك ستا وثلاثين سنة.
جـ- وفاته:
توفي الأزهري في اليوم الرابع عشر من شهر محرم سنة 905هـ، بعد أن حج، ووصل إلى بركة الحاج خارج القاهرة، وله من العمر سبعة وستون عاما.
المبحث الثاني: شيوخه وتلاميذه
أ- شيوخه2:
1-
إبراهيم العجلوني.
2-
الزين الأبناسي3.
3-
أحمد بن محمد الشمني4: من علماء التفسير والحديث والنحو، توفي سنة 872هـ.
4-
التقي الحصيني5: تلقى منه علوم البيان والمعاني.
1 انظر ترجمته في: الأعلام 2/ 297. بدائع الزهور 3/ 425. الخطط الجديدة لعلي مبارك 10/ 53. دائرة المعارف الإسلامية 2/ 75. روضات الجنات 3/ 266-267. شذرات الذهب 8/ 26. الكواكب السائرة 1/ 188. المدارس النحوية لشوقي ضيف ص359. معجم المؤلفين 4/ 96. هدية العارفين 1/ 343.
2 الضوء اللامع 3/ 171-172.
3 ترجمته في الأعلام 1/ 75.
4 الضوء اللامع 2/ 174.
5 ترجمته في الأعلام 2/ 96.
[خطبة المؤلف] :
بسم الله الرحمن الرحيم
[2]
الحمد لله الملهم لتحميده حمدا موافيا لنعمه ومكافئا لمزيده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. [3] شهادة مخلص في توحيده. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، أشرف خلقه وأعظم عبيده، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وجنوده.
وبعد؛ فيقول العبد الفقير إلى مولاه الغني؛ خالد بن عبد الله الأزهري؛ عامله الله بلطفه الخفي وأجراه على عوائد بره الحفي: إن الشرح المشهور بـ"التوضيح على ألفية ابن مالك في علم النحو" للشيخ الإمام العلامة الرباني جمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري؛ تغمده الله بالرحمة والرضوان؛ في غاية حسن الموقع عند جميع الإخوان، لم يأت أحد بمثاله؛ ولم ينسج ناسج على منواله، ولم يوضع في ترتيب الأقسام مثله، ولم يبرز للوجود في هذا النحو شكله. غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته ما وراء الحجاب، وقد ذكرت ذلك لمصنفه في المنام، فاعترف بهذا الكلام، ووعد بأنه سيكتب عليه ما يبين مراده، ويظهر مفاده، فقصصت هذه الرؤيا على بعض الإخوان، فقال: هذا إذن لك يا فلان، فإن إسناد الشيخ الكتابة إلى نفسه مجاز، كقولهم: بني الأمير المجاز؛ وليس هو الباني بنفسه، وإنما يأمر العَمَلَة من أبناء جنسه، وكنت أنت المشار إليه لما تمثلت بين يديه، وخاطبك بهذا الخطاب، فانهض وبادر للأجر والثواب. فاستخرت رب العباد، وشمرت ساعد الاجتهاد، وشرحته شرحا كشف خفاياه، وأبرز أسراره وخباياه، وباح بسره المكتوم، وجمع شمله بأصله المنظوم، وسميته "التصريح بمضمون التوضيح"، ووشحته بعشرة أمور مهمة، مشتملة على فوائد جمة:
أحدها: أني مزجت شرحي بشرحه، حتى صارا كالشيء الواحد، لا يميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة. ومن فوائد ذلك حَلُّ تراكيبه العسيرة.
ثانيها: أنني تتبعت أصوله التي أخذ منها، وربما شرحت [4] كلامه بكلامه. ومن فوائد ذلك بيان قصده ومرامه.
ثالثها: أنني ذكرت ما أهمله من الشروط في بعض المسائل المطلقة، ومن فوائد ذلك تقييد ما أطلقه.
رابعها: أنني كمّلت بيت كل شاهد مما اقتصر على شطره؛ وعزوته إلى قائله، إلا قليلا لم أظفر بذكره، وشرحت منه الغريب. ومن فوائد ذلك معرفة كونه غريبا، حتى يتم به التقريب، وهو سوق الدليل على طبق المدعي.
خامسها: أنني ضبطت الألفاظ الغريبة بالحرف، وبينت جميع معانيها، ومن فوائد ذلك الأمن من التحريف، وحفظ مبانيها.
سادسها: أنني طبقت الشرح على النظم، وقد كان أغفله، ومن فوائد ذلك معرفة شرح كل مسألة.
سابعها: أنني ذكرت حجج جميع المخالفين وقوة الترجيح. ومن فوائد ذلك العلم بما يفتى به على الصحيح.
ثامنها: أنني ذكرت غالبا علل الأحكام وأدلتها. ومن فوائد ذلك تمكينها في الأذهان، والجزم بمعرفتها.
تاسعها: أنني بينت المعتمد من المواضع التي تناقض كلامه فيها وما خالف فيه التسهيل. ومن فوائد ذلك معرفة ما عليه التعويل.
عاشرها: أنني بينت المواضع التي اعتمدها مع أنها من أبحاثه. ومن فوائد ذلك معرفة كونها من عندياته.
أقول قولي هذا وأستغر الله مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة، وأعوذ بالله من شر الحاسدين، الذين {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] ، وأسأل فضل من حسن خِيْمُه1؛ وسلم من داء الحسد أديمه، إذا عثر على شيء مما طغى به القلم؛ أو زلت به القدم، أن يدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر قلبه؛ إن الإنسان محل النسيان، وإن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وإن الحسنات يذهبن السيئات. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
1 الخيم: السجية والخلق والأصل.
وينحصر في علمي النحو والتصريف، وقد تضافرت الروايات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود، وأنه أخذه أولا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان أبو الأسود كوفي الدار، بصري المنشأ، ومات وقد أسن، واتفقوا على أن أول من وضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء؛ بفتح الهاء وتشديد الراء، نسبة إلى بيع الثياب الهروية؛ وكان تخرج بأبي الأسود؛ وأدب عبد الملك بن مروان، ثم خلف أبا الأسود خمسة نفر؛ أولهم عنبسة الفيل، كان اسم أبيه معدان، قتل فيلا لعبد الله بن عامر بن كريز فسمي معدان الفيل؛ وسمي ابنه عنبسة الفيل. وثانيهم ميمون الأقرن، وثالثهم يحيى بن يعمر العدواني، والرابع والخامس ولدا أبي الأسود عطاء وأبو الحارث، ثم خلف هؤلاء عبد الله بن إسحاق الحضرمي؛ وعيسى بن عمر الثقفي؛ وأبو عمرو بن العلاء؛ ثم الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ ثم سيبويه؛ والكسائي، ثم صار الناس بعد ذلك فريقين، كوفيا وبصريا، ثم خلف سيبويه أبو الحسن الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، وخلف الكسائي الفراء. ثم جاء بعد ذلك صالح بن إسحاق الجرمي، وبكر بن عثمان المازني، ثم جاء بعدهما محمد بن يزيد المبرد، وجاء بعد إسحاق الزجاج؛ وأبو بكر بن السراج؛ وابن درستويه؛ وأبو بكر محمد بن مبرمان، ثم جاء بعد هؤلاء أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي؛ وأبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي؛ وعلي بن عيسى الرماني؛ ثم أبو الفتح بن جني؛ ثم الشيخ عبد القاهر الجرجاني؛ ثم الزمخشري؛ ثم ابن الحاجب؛ ثم ابن مالك؛ ثم ابن هشام مصنف هذا الكتاب.
ولد رحمه الله بالقاهرة المحروسة يوم السبت خامس ذي القعدة الحرام سنة ثمان وسبعمائة، ووافق بوفاته خامس ذي القعدة أيضا سنة إحدى وستين وسبعمائة. وله من المصنفات المغني؛ والتوضيح؛ وعمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب في مجلدين؛ ورفع الخصاصة عن قراء الخلاصة في أربعة مجلدات؛ وشرح التسهيل في عدة مجلدات؛ قيل: ولم يكمل، وشرح الشواهد الكبرى؛ والصغرى؛ والشذور؛ والقطر وشرحاهما؛ وشرح لمحة أبي حيان؛ وأحكام لو وحتى؛ وانتصاب لغة؛ وفضلا وجرا في قولهم: الدليل لغة؛ وفضلا عن أن يكون كذا، وهلم جرا؛ كل منها في جزء لطيف، وشرح بانت سعاد، وشرح البردة، وإقامة الدليل على صحة التحليل، والتذكرة في خمسة عشر جزءا؛ والجامع الصغير؛ وحواشي التسهيل في مجلدين، وغير ذلك. وكان شافعي المذهب ثم تقلد للإمام أحمد بن حنبل قبل وفاته بخمس سنين.