المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ ‌ ‌مدخل … باب الأفعال الداخلة على المبتدأ: إذا لم - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ١

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[خطبة المؤلف] :

- ‌[شرح خطبة الكتاب] :

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌مدخل

- ‌باب شرح المعرب والمبني

- ‌مدخل

- ‌باب النكرة والمعرفة

- ‌مدخل

- ‌فصل في المضمر

- ‌باب العلم

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الإشارة

- ‌مدخل

- ‌باب الموصول

- ‌مدخل

- ‌باب المعرف بالأداة

- ‌مدخل

- ‌باب المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

- ‌مدخل

- ‌باب أفعال المقاربة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحرف الثمانية

- ‌مدخل

- ‌باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

- ‌مدخل

- ‌باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة:

- ‌باب الفاعل:

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب الاشتغال:

- ‌باب التعدي واللزوم

- ‌مدخل

- ‌باب التنازع في العمل

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول المطلق

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول له:

- ‌باب المفعول فيه

- ‌مدخل

- ‌المفعول معه

- ‌مدخل

- ‌باب المستثنى

- ‌مدخل

- ‌باب الحال

- ‌مدخل

- ‌باب التمييز

- ‌مدخل

- ‌باب حروف الجر

- ‌مدخل

- ‌باب الإضافة

- ‌مدخل

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ ‌ ‌مدخل … باب الأفعال الداخلة على المبتدأ: إذا لم

‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

‌مدخل

باب الأفعال الداخلة على المبتدأ:

إذا لم يلزم التصدير ولا الحذف، ولا عدم التصرف، ولا الابتدائية بنفسه، أو بغيره، فالأول: كاسم الشرط، والثاني: كالمخبر عنه بنعت مقطوع.

والثالث: نحو طوبى للمؤمن، والرابع: نحو: أقل رجل يقول ذلك إلا زيدًا، والخامس: كمصحوب إذا الفجائية، والخبر إذا لم يكن طلبًا ولا إنشاء، "فترفع المبتدأ تشبيهًا بالفاعل، ويسمى اسمها" حقيقة، وفاعلها مجازًا، "وتنصب خبره تشبيهًا بالمفعول، ويسمى خبرها" حقيقة، ومفعولها مجازًا؛ لأنها أشبهت بالفعل التام المتعدي لواحد، كـ: ضرب زيد عمرًا، هذا مذهب البصريين، وذهب جمهور الكوفيين إلى أنها لا تعمل في المرفوع شيئًا، وإنما هو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها، وخالفهم الفراء فذهب إلى أنها عملت فيه الرفع تشبيهًا بالفاعل، واتفقوا على نصبها الجزء الثاني. ثم اختلفوا في نصبه، فقال الفراء: تشبيهًا بالحال؛ لأنها شبيهة بـ "قام". وقال بقية الكوفيين: منصوب على الحال. والصحيح مذهب البصريين لوروده مضمرًا ومعرفة وجامدً1، ولكونه لا يستغنى عنه، وليس ذلك من شأن الحال. وعورض بوقوعه جملة وشبهها، ولا يقع المفعول به كذلك. وأجيب بأن الجملة تقع موقع المفعول به، كالمحكية بالقول، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30] ، وكذلك شبهها، كمررت بزيد، ودخلت الدار، وإلى اختيار مذهب البصريين أشار الناظم بقوله:

143-

ترفع كان المبتدأ اسمًا والخبر

تنصبه...........................

انظر الإنصاف 2/ 821.

ص: 233

وهذه الأفعال هنا ثلاثة عشر فعلًا. "وهي ثلاثة أقسام:"

"أحدها: ما يعمل هذا العمل"، وهو رفع الاسم ونصب الخبر "مطلقًا" من غير شرط، سواء كانت مثبتة أو منفية صلة لـ "ما" الظرفية أو "لا"، "وهو ثمانية، كان، وهي أم الباب" لاختصاصها بأمور لا تكون لأخواتها كما سيأتي: "وأمسى، وأصبح، وأضحى، وظل، وبات، وصار، وليس، نحو: {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} "[الفرقان: 54]، و:[من البسيط]

155-

أمست خلاء............

......................

و: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]، و:[من البسيط]

156-

أضحى يمزق أثوابي.........

...............................

و: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 85]، [الزخرف: 17] ، و:[من البسيط]

157-

أبيت ريان الجفون....

............................

و: صار السعر رخيصًا: و: {لَيْسَ مَصْرُوفًا} [هود: 8] .

والقسم "الثاني: ما يعمله"، أي: هذا العمل، "بشرط أن يتقدمه نفي" بحرف أو اسم أو فعل موضوع للنفي أو عارض فيه بنقل أو استلزام، "أو نهي، أو دعاء" بـ "لا" خاصة، كما في الارتشاف1. "وهو أربعة: زال ماضي يزال، وبرح،

155- تمام البيت:

"أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا

أخنى عليها الذي أخنى على لبد"

وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص1057، والحيوان 6/ 325، 7/ 51، وخزانة الأدب 4/ 5، والدرر 1/ 213، ولسان العرب 3/ 386، "لبد"، 14/ 245 "خنا"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 78، وشرح الأشموني 1/ 111، وشرح التسهيل 1/ 344، وشرح عمدة الحافظ ص210، وشرح قطر الندى ص134، وهمع الهوامع 1/ 114، وثمار القلوب ص694، وعمدة الحفاظ "لبد":"مسي".

156-

تمام البيت:

"أضحى يمزق أثوابي ويضربني

أبعد شيبي يبغي عندي الأدبا"

،وهو لأم ثواب الهزانية في الحماسة البصرية 2/ 305 وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص756، والعققة والبررة 2/ 364، "ضمن نوادر المخطوطات"، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 78، وشرح قطر الندى ص135.

157-

تمام البيت:

"أتبيت ريان الجفون من الكرى

وأبيت منك بليلة الملسوع"

وهو للشريف الرضي في ديوانه 1/ 652، وحاشية يس 1/ 184، وللشريف المرتضى في مغني اللبيب 2/ 668، وبلا نسبة في الدرر 2/ 23، 294، وشرح الأشموني 3/ 566، وهمع الهوامع 2/ 13، 90.

1 الارتشاف 2/ 72.

ص: 234

وفتئ، وانفك"، وإنما اشترطوا فيها ذلك؛ لأنها بمعنى النفي، فإذا دخل عليها النفي إثباتًا، فمعنى: ما زال زيد قائمًا، وهو قائم فيما مضى، والدليل على انقلابه أنه لا يجوز: ما زال زيد إلا قائمًا، كما يجوز: ما كان زيد إلا قائمًا، هذا قول البصريين، وصححه أبو البقاء، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

145-

....... وهذي الأربعه

لشبه نفي أو لنفي متبعه

"مثالها بعد النفي" بالحرف: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118] ، فـ "يزال" فعل مضارع، والواو اسمه، و"مختلفين" خبره، " {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} " [طه: 91] ، فـ "نبرح" مضارع برح، واسمه مستتر فيه وجوبًا، و"عاكفين" خبره. ولو اقتصر على المثال الثاني كفاه، ولكنه حاول التنصيص على أن ذلك يسوغ مع ذكر "لا" وحذفها، "ومنه:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85]"وقوله" وهو امرؤ القيس الكندي: [من الطويل]

158-

"فقلت يمين الله أبرح قاعدًا

ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

"إذ الأصل: لا تفتؤ، ولا أبرح" ولا ينقاس حذف النافي إلا بثلاثة شروط: كون الفعل مضارعًا، وكونه جواب قسم، وكون النافي "لا"، وهذه الشروط مستفادة من الآية والبيت، و"يمين" يروى بالرفع على أنه مبتدأ حذف خبره، أي: يمين الله قسمي، وبالنصب على أن أصله: أقسم بيمين الله فحذف حرف الجر أولًا، فوصل الفعل بنفسه، ثم حذف الفعل، وبقي النصب بحاله، "ولا أبرح" جواب القسم، وجواب "لو" محذوف لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: ولو قطعوا رأسي لا أبرح، ومثالها بعد النفي بالاسم قوله:[من المديد]

159-

غير منفك أسير هوى

كل فان ليس يعتبر

ومثالها بالفعل الموضوع للنفي قوله: [من الخفيف]

158- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص32، وخزانة الأدب 9/ 238، 239، 10/ 43، 44، 45، والخصائص 2/ 248، والدرر 2/ 106، وشرح أبيات سيبويه 2/ 220، وشرح الجواليقي ص380، وشرح شواهد المغني 1/ 341، وشرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104، والكتاب 3/ 504، ولسان العرب 13/ 463، "يمن"، واللمع ص259، والمقاصد النحوية 2/ 13، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، وخزانة الأدب 10/ 93، 94، وشرح الأشموني 1/ 110، ومغني اللبيب 2/ 637، والمقتضب 2/ 362، وهمع الهوامع 2/ 38.

159-

البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 205، وهمع الهوامع 1/ 111، والارتشاف 2/ 81.

ص: 235

160-

ليس ينفك ذا غنى واعتزاز

كل ذي عفة مقل قنوع

ومثالها بالفعل العارض للنفي قوله: [من الخفيف]

161-

قلما يبرح اللبيب إلى ما

يورث الحمد داعيًا أو مجيبًا

فإن "قلما" خلع منه معنى التقليل، وصير بمعنى "ما" النافية، ومثالها بالفعل المستلزم للنفي: أبيت أزال أستغر الله، أي: لا أزال، قاله الفراء، ووجهه أن من أبى شيئًا لم يفعله، والإباء مستلزم للنفي؛ ولهذا ساغ بعد أبي تغريغ الاستثناء، قاله الموضح في الحواشي.

"ومثالها بعد النهي قوله": [من الخفيف]

162-

"صاح شمر ولا تزل ذاكر المو

ت" فنسيانه ضلال مبين

"صاح" مرخم صاحب على غير القياس. و"شمر" بكسر الميم أمر لا نهي، واسم "تزل" مستتر فيها وجوبًا تقديره: أنت. و"ذاكر الموت" خبرها.

"ومثالها بعد الدعاء قوله" وهو ذو الرمة: [من الطويل]

163-

ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى

"ولا زال منهلًا بجرعائك القطر"

فـ "القطر": اسم "زال" مؤخر، و"منهلًا": خبرها مقدم، والأصل: ولا زال القطر منهالًا بجرعائك، و"ألا": حرف استفتاح، و"يا": حرف نداء، والمنادى محذوف، أي: يا هذه، أو حرف تنبيه مؤكد لـ "ألا" الاستفتاحية لما فيها من معنى التنبيه، و"اسلمي" فعل أمر من السلامة وهي: البراءة من العيوب، ومعناه الدعاء لدار مي بالسلامة، و"مي": اسم امرأة وليس ترخيم مية كما قد يتوهم، و"على": للمصاحبة، أي: اسلمي مع بلائك، و"المنهل": السائل بشدة، و"الجرعاء": تأنيث الأجرع رملة مستوية لا تنبت شيئًا و"القطر": جمع قطرة المطر. وهذا البيت خاتمة كتاب الصحاح1 لما

160- البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص230، والدرر 1/ 205، وشرح الأشموني 1/ 109، والمقاصد النحوية 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 111، وشرح التسهيل 1/ 334.

161-

البيت بلا نسبة في تذكرة النحاة ص304، وشرح شواهد المغني 306، والنكت الحسان ص66.

162-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 334، وتخليص الشواهد ص230، والدرر 1/ 205، وشرح ابن الناظم ص94، وشرح الأشموني 1/ 110، وشرح التسهيل 1/ 334، وشرح ابن عقيل 1/ 265، وشرح عمدة الحافظ ص199، وشرح قطر الندى ص127، والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111.

163-

تقدم تخريج البيت برقم 12.

1 الصحاح 6/ 2563 "يا".

ص: 236

فيه من الدعاء بالسلامة من العيوب، وباستمرار النفع به1، وإنما قام النهي والدعاء بـ"لا" مقام النفي لأن المطلوب بهما ترك الفعل؛ وترك الفعل نفي.

"وقيدت "زال" بماضي "يزال" احترازًا من "زال" ماضي "يزيل" بفتح الياء "فإنه فعل تام متعد إلى مفعول" واحد، وزنه "فعل" بفتح العين "ومعناه: "ماز" بمعنى "ميز""تقول: زل ضأنك من معزك" أي: ميز بعضها من بعض "ومصدره" الزيل" بفتح الزاي؛ لأنه من باب ضرب يضرب ضربًا""و" احترازًا من "زال""ماضي "يزول" فإنه فعل تام قاصر"، ووزنه "فعل" بفتح العين أيضًا؛ لأنه من باب: نصر ينصر، "ومعناه الانتقال"، تقول1: زل عن مكانك؛ أي: انتقل عنه "ومنه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} " أي: تنتقلا. {وَلَئِنْ زَالَتَا} [فاطر: 41]، أي: انتقلتا، "ومصدره "الزوال"، أي: الانتقال بخلاف "زال" ماضي "يزال" فإنه وزنه "فعل" بكسر العين؛ لأنه من باب: علم يعمل، ولا يوصف بتعد ولا قصور، وليس له مصدر. وحكى الكسائي والفراء2 لـ "زال" الناقصة مضارعًا آخر وهو "يزيل" فيكون مشتركًا بين التام والناقص، بل قال الفراء3: غيرت "زال" الناقصة من "زال" التامة بتحويلها إلى "فعل" بكسر العين، بعد أن كانت "فعل" بفتح العين، فرقًا بين التام والناقص.

وقال ابن خروف4: يجوز كون الناقصة منقولة من: "زال يزيل" فعلى هذا عينهما ياء و"زال يزول" عينه واو.

والقسم "الثالث: ما يعمل" هذا العمل "بشرط تقدم "ما" المصدرية الظرفية، وهو "دام" خاصة "نحو": {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ " مَا دُمْتُ حَيًّا "} [مريم: 31] فـ "ما" مصدرية ظرفية، و"دمت"، دام واسمها، و"حيا" خبرها، والدليل على مصدرية "ما" وظرفيتها أنها تؤول بمصدر مضاف إليه الزمان، "أي: مدة دوامي حيا، وسميت "ما" هذه مصدرية؛ لأنها تقدر بالمصدر. وهو: الدوام، وسميت ظرفية لنيابتها عن الظرف؛ وهو: المدة" فأصل "ما دمت حيا" مدة ما دمت حيا، فحذف المضاف وهو "المدة" وناب المضاف إليه وهو: "ما" وصلتها عنها في

1 سقطت من "ب".

2 حاشية الصبان 1/ 237.

3 الارتشاف 2/ 79.

4 الارتشاف 2/ 79.

ص: 237

الانتصاب على الظرفية، كما ناب المصدر الصريح عن ظروف الزمان، كجئتك صلاة العصر، أي: وقت صلاة العصر، قاله في المغني، وأطلق الناظم "ما" واعتمد على المثال فقال:

146-

ومثل كان دام مسبوقًا بما

كاعط ما دمت مصيبًا درهما

فلو كانت "ما" مصدرية غير ظرفية لم تعمل عمل "دام" بعدها العمل المذكور، فإن ولي مرفوعها منصوب فهو حال، نحو: يعجبني ما دمت صحيحًا، أي: يعجبني دوامك صحيحًا، ولو لم تذكر "ما" أصلًا فأحرى بعدم العمل، نحو: دام زيد صحيحًا، فـ "دام" فعل ماض تام بمعنى "بقي" و"زيد" فاعله، و"صحيحًا" حال من "زيد"، ولا يلزم من وجود "ما" المصدرية الظرفية العمل المذكور، بدليل {مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] إذ لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط، ولا توجد الظرفية بدون المصدرية.

ص: 238

"فصل":

"وهذه الأفعال" الثلاثة عشر "في التصرف" وعدمه. "ثلاثة أقسام:

ما لا يتصرف بحال، وهو "ليس" باتفاق" لأنها وضعت وضع الحروف في أنها لا يفهم معناها، إلا بذكر متعلقها. "و "دام" عند الفراء وكثير من المتأخرين"1؛ لأنها صلة لـ"ما" الظرفية، وكل فعل وقع صلة لـ"ما" التزم مضيه، قال أبو حيان في النكت الحسان2. وأما: يدوم ودم ودائم ودوام، فمن تصرفات التامة.

"وما يتصرف تصرفًا ناقصًا، وهو "زال" وأخواتها" الثلاثة، "فتئ" و"برح"، و"انفك"، "فإنها لا يستعمل منها أمر"؛ لأن من شرط عملها النفي، وهو لا يدخل الأمر، "ولا مصدر" لعدم دلالتها على الحدث عند جمهور البصريين. "و "دام" عند الأقدمين" وقليل من المتأخرين "فإنهم أثبتوا لها مضارعًا" وهو يدوم". "وما يتصرف تصرفًا تاما وهو الباقي". بناء على أن لها مصادر، فمصدر كان: الكون والكينونة، ومصدر أضحى، وأمسى، وأصبح: الإضحاء، والإمساء، والإصباح، ومصدر صار: الصير والصيرورة، ومصدر بات: البيات والبيتوتة، ومصدر ظل الظلول؛ قاله أبو حيان3.

"وللتصاريف في هذين القسمين" وهما: المتصرف التصرف التام والناقص، "ما للماضي من العمل" بشرط وغيره، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

147-

وغير ماض مثله قد عملا

إن كان غير الماضي منه استعملا

1 في همع الهوامع 1/ 114: "قال ابن الخباز: لا تنصرف "ما دام" لأنها للتوقيت وللتأبيد، فتفيد المستقبل. قال أبو حيان: وما ذكر عدم تصرفها لم يذكره البصريون".

2 النكت الحسان ص69.

3 انظر الارتشاف 2/ 75، وهمع الهوامع 1/ 114.

ص: 239

فالمضارع؛ نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} "، [مريم: 20] فـ"أك" مضارع "كان" وأصله: كون، حذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين، والنون للتخفيف، واسمه مستتر فيه وجوبًا، و"بغيًا" خبره، وأصله: بغويا، اجتمع فيه الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، وقلبت الضمة كسرة.

"والأمر نحو: {كُونُوا حِجَارَةً} [الإسراء: 50] ، أصله قبل اتصال الواو: كون، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، فصار: كن، فلما اتصل به واو الجماعة حركت النون بالضم لمناسبة الواو، فرجعت الواو المحذوفة لزوال التقاء الساكنين والواو اسمه، و"حجارة" خبره، ومثله:{كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] ولو مثل به لكان حسنًا.

"والمصدر كقوله": [من الطويل]

164-

ببذل وحلم ساد في قومه الفتى

"وكونك إياه عليك يسير"

"كونك" مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى اسمه، وهو كاف المخاطب، و"إياه" خبره، من جهة نقصانه، والأصل: وكونك فاعله، فحذف المضاف، وانفصل الضمير، وفيه رد على أبي البقاء في زعمه: أن المنصوب بعد مصدر "كان" حالًا؛ لأن الضمير لا ينتصب على الحال، و"يسير" خبره من جهة ابتدائيته، و"البذل" بالذال المعجمة: العطاء "والباء" متعلقة بـ"ساد" و"عليك" متعلق بـ"يسير" مقدم من تأخير. "واسم الفاعل كقوله": [من الطويل]

165-

"ومات كل من يبدي البشاشة كائنا

أخاك" إذا لم تلفه لك منجدا

فـ "كائنا" خبر "ما" الحجازية، واسمه مستتر فيه جوازًا تقديره: هو، و"أخاك" خبره، و"البشاشة" بفتح الباء الموحدة وشينين معجمتين: طلاقه الوجه، "وتلفه" بالفاء بمعنى: تجده متعد لاثنين. وفي التنزيل: {أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} [الصافات: 69]، و"منجدًا" بالجيم: مفعوله الثاني لا حال، خلافًا للعيني1. واسم المفعول كقول سيبويه2 في الظرف:

164- البيت بلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 75، وأوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص233، والدرر 1/ 213، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح التسهيل 1/ 339، وشرح ابن عقيل 1/ 270، والمقاصد النحوية 2/ 15، وهمع الهوامع 1/ 114.

165-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص234، والدرر 1/ 214، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح ابن عقيل 1/ 270، والمقاصد النحوية 2/ 17، وهمع الهوامع 1/ 114.

1 المقاصد النحوية 2/ 18.

2 الكتاب 1/ 46.

ص: 240

مكون فيه، قاله أبو حيان1.

"وقوله" وهو الحسين بن مطير الأسدي: [من الطويل]

166-

"قضى الله يا أسماء أن لست زائلًا

أحبك" حتى يغمض العين مغمض

فـ"زائلًا" اسم فاعل "زال" الناقصة، واسمه مستتر فيه تقديره: أنا، وجملة "أحبك" خبره.

1 النكت الحسان ص69.

166-

البيت للحسين بن مطير في ديوانه 170، والدرر 1/ 215، وشرح التسهيل 1/ 340، ولسان العرب 7/ 199، "غمض" ومجالس ثعلب 1/ 265، والمقاصد النحوية 2/ 18، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 240، وتخليص الشواهد ص234، وشرح ابن الناظم ص95، وشرح عمدة الحافظ ص197، وهمع الهوامع 1/ 114.

ص: 241

"فصل":

"وتوسط أخبارهن" بينهن وبين أسمائهن. "جائز خلافًا لابن درستويه1 في "ليس" ولابن معط2 في "دام" نص عليه في ألفيته. قيل: ولم يعرف لغيره.

والصحيح الجواز من غير استثناء وعليه قول الناظم:

148-

وفي جميعها توسط الخبر

أجز.........................

"قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] ، فـ"حقا" خبر "كان" مقدم، و"نصر المؤمنين" اسمها مؤخر، ومن لازم تقديم خبرها على اسمها توسطه بينها وبين اسمها، إذا لم يتقدم عليها، "وقرأ حمزة وحفص {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب: البر3" على أنه خبر "ليس" مقدم، و"أن تولوا" اسمها مؤخر، فقد توسط خبر "ليس" بينها وبين اسمها، وهو خلاف ما منعه ابن درستويه. ويؤخذ من كلام المغني4 أن رفع "البر" ضعيف كضعف الإخبار بالضمير عما هو دونه في التعريف، فإنه قال: واعلم أنهم حكموا لـ"أن" و"أنّ" المقدرتين بمصدر معرف بحكم الضمير؛ [لأنه لا يوصف كما أن الضمير كذلك] 5، فلهذا قرأت

1 في الارتشاف 2/ 86: "وأما توسيط "ليس" فثابت من كلام العرب، فلا التفات لمن منع ذلك...........

ودعوى الفارسي وابن الدهان وابن عصفور وابن مالك الإجماع على جواز توسيط خبر "ليس" ليست بصحيحة، بل ذكر الخلاف فيها ابن درستويه تشبيهًا بـ"ما".

2 في شرح التسهيل 1/ 349: "وقد وقع في ذلك ابن معط رحمه الله فضمن ألفيته منع توسيط خبر "ليس وما دام" وليس له في ذلك متبوع، بل هو مخالف للمقيس والمسموع".

3 هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي وابن مسعود وغيرهم. انظر البحر المحيط 2/ 2، والنشر 2/ 226.

4 مغني اللبيب ص590.

5 إضافة من المصدر السابق.

ص: 242

السبعة: {مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [الجاثية: 25] ، بالنصب، والرفع ضعيف. "وقال الشاعر":[من البسيط]

167-

"لا طيب للعيش ما دامت منغصة

لذاته" بادكار الموت والهرم

فـ "منغصة" خبر "دام" مقدم، "ولذاته" اسمها مؤخر، فقد توسط خبر "دام" بينها وبين اسمها، وهو خلاف ما منعه ابن معط، وله أن يقول:"لذّاته" مرفوع على النيابة عن الفاعل بـ" منغصة"، واسم "دام" مستتر فيها على طريق التنازع في السببي المرفوع، إلا أن يكون لا يراه.

وأولى منه قول الآخر: [من البسيط]

168-

ما دام حافظ سري من وثقت به

فهو الذي لست عنه راغبًا أبدًا

فقدم الخبر على الاسم. "إلا أن يمنع" من جواز التوسط "مانع"، كحصر الخبر، "نحو:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً} " [الأنفال: 35] أي: صفير، أو كخفاء إعرابهما، نحو: كان موسى فتاك، وقد يكون التوسط واجبًا، نحو: كان في الدار ساكنها، فتحصل ثلاثة أقسام: قسم يجوز، وقسم يمتنع، وقسم يجب1.

167- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 242، وتخليص الشواهد 241، والدرر 1/ 221، وشرح ابن الناظم ص96، وشرح الأشموني 1/ 112، وشرح ابن عقيل 1/ 274، وشرح عمدة الحافظ 204، وشرح قطر الندى ص131، والمقاصد النحوية 2/ 20، وهمع الهوامع 1/ 177.

168-

البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص240.

1 انظر الارتشاف 2/ 85، 86، وشرح عمدة الحافظ ص205، 206.

ص: 243

"فصل":

"وتقديم أخبارهن" عليهن "جائز" عند البصريين1، إذا عريت مما يوجب التقديم أو التوسط أو التأخير، "بدليل" نحو:{أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} [سبأ: 40]، " {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} " [الأعراف: 177] ، فـ"إياكم" و"أنفسكم" معمولان لخبر "كان"، وقد تقدما عليها، وتقديم المعمول يؤدن بجواز تقديم العامل، قاله

ابن مالك في شرح التسهيل2، وسبقه إلى ذلك الفارسي، وابن جني3، وغيرهما من البصريين، وهو غير لازم، فإن البصريين أجازوا: زيدًا عمرو ضرب، مع قولهم: لا يتقدم الخبر إذا كان فعلًا، فأجازوا تقديم المعمول، ولم يجيزوا تقديم العامل، وفي التنزيل:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] فتقدم معمول الفعل مع أن الفعل لا يجوز تقديمه؛ لأن "أما" لا يليها فعل، قاله الموضح في الحواشي.

"إلا خبر "دام" فلا يجوز تقديمه على "ما دام" "اتفاقًا" لأن معمول صلة الحرف المصدري. لا يتقدم عليه، ولا يجوز توسطه بين "ما" و"دام" على الصواب إن قلنا إن الموصول الحرفي لا يفصل من صلته بمعمولها، وإن قلنا يفصل إذا لم يكن عاملًا، وهو اختيار ابن عصفور4، فإن قلنا بعدم تصرف "دام" فينبغي أن يجري فيه الخلاف الذي في "ليس"، وإن قلنا بتصرفها فينبغي أن يجوز قطعًا، قاله الموضح في حواشيه.

وحكى الناظم الاتفاق على المنع فقال:

148-

.................

............. وكل سبقه دام حظر

1 انظر الارتشاف 2/ 86.

2 شرح التسهيل 1/ 354.

3 الخصائص 2/ 382.

4 المقرب 1/ 96.

ص: 244

"وإلا" خبر "ليس" فلا يجوز أن يتقدم عليها "عند جمهور البصريين" من متأخريهم، وجمهور الكوفيين1، وهو المختار، وإليه أشار الناظم بقوله:

150-

ومنع سبق خبر ليس اصطفي

...................................

وحجتهم أنهم "قاسوها على "عسى" وخبر "عسى" لا يتقدم عليها اتفاقًا، والجامع بينهما الجمود "واحتج المجيز" من قدماء البصريين، والفراء، وابن برهان، والزمخشري، والشلوبين، وابن عصفور من المتأخرين "بنحو قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] ، وتقدير الحجة منه أن "يوم يأتيهم" معمولًا لـ"مصروفًا" وقد تقدم على "ليس"، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على العذاب، "ومصروفًا" خبرها، وتقديم المعمول لا يصح إلا حيث يصح تقديم عامله، فلولا أن الخبر؛ وهو "مصروفًا" يجوز تقديمه على "ليس"، لما جاز تقديم معموله عليها، "وأجيب" بالمنع وسنده ما تقدم، وعلى تقدير تسليمه يجاب "بأن المعمول ظرف، فيتسع فيه" ما لا يتسع في غيره. أو بأن "يوم" معمول لمحذوف تقديره: يعرفون يوم يأتيهم، و"ليس مصروفًا" جملة حالية مؤكدة أو مستأنفة، أو بأن "يوم" في محل رفع على الابتدء، وبني على الفتح لإضافته إلى جملة "يأتيهم" و"ليس مصروفًا" خبره.

"وإذا نفي الفعل بـ"ما" النافية "جاز توسط الخبر بين النافي" وهو "ما" "و" الفعل "المنفي مطلقًا"، سواء كان النفي شرطًا في العمل أم لا، "نحو: ما قائمًا كان زيد". ونحو: ما قائمًا زال زيد، "ويمتنع التقديم على" نفس "ما عند البصريين، والفراء" من الكوفيين2؛ لأنها من ذوات الصدور، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

149-

كذاك سبق خبر ما النافيه

..............................

"وأجازه بقية الكوفيين" بناء على أنها لا تستحق التصدير، قياسًا على أخواتها "وخص ابن كيسان" من الكوفيين "المنع بغير "زال" وأخواتها؛ لأن نفيها إيجاب"، بدليل أنه لا يجوز: ما زال زيد إلا قائمًا، كما لا يجوز: كان زيد إلا قائمًا، ورد بأن ذلك لا يخرجها عما ثبت لها من التصدير اعتبارًا بأصل الوضع3.

"وعمم الفراء المنع في جميع حروف النفي4، ويرده قوله" وهو المعلوط

1 الإنصاف 1/ 160، وشرح التسهيل 1/ 351.

2 انظر التسهيل ص54.

3 الارتشاف 2/ 87، وشرح ابن عقيل 1/ 276.

4 الارتشاف 2/ 87، وشرح التسهيل 1/ 355.

ص: 245

القريعي: [من الطويل]

169-

ورج الفتى للخير ما إن رأيته

"على السن خيرًا لا يزال يزيد"

فقدم معمول الخبر على "لا" النافية؛ والأصل: لا يزال يزيد خيرًا، ورج: أمر من الرجاء، والفتى: الشاب؛ يقال: فتي فهو فتى بالقصر، والسن: هو العمر، "وخيرًا" مفعول "يزيد" يعني: أنك إذا رأيت الشاب يزيد خيرًا كلما زاد عمره فرجه للخير. و"ما" يحتمل أن تكون مصدرية ظرفية، وزيدت "أن" بعدها لشبهها في اللفظ بـ"ما" النافية، وجزم به في المغني1. ويحتمل أن تكون زائدة و"أن" شرطية وجوابها محذوف.

169- البيت للمعلوط القريعي في شرح شواهد المغني ص85، 716، ولسان العرب 13/ 35 "أنن"، والمقاصد النحوية 2/ 22، وبلا نسبة في الأزهية ص52، 96، والأشباه والنظائر 2/ 187، وأوضح المسالك 2/ 22، والجنى الداني ص211 وجواهر الأدب ص208 وخزانة الأدب 8/ 443، والخصائص 1/ 110، والدرر 1/ 274 وسر صناعة الإعراب 1/ 378، وشرح المفصل 8/ 130، والكتاب 4/ 222، ومغني اللبيب 1/ 25، والمقرب 1/ 97، وهمع الهوامع 1/ 125، وشرح التسهيل 1/ 371، والارتشاف 3/ 283.

1 مغني اللبيب 1/ 25.

ص: 246

"فصل":

"ويجوز باتفاق أن يلي هذه الأفعال معمول خبرها، إن كان" المعمول "ظرفًا أو" جارا و"مجرورًا" للتوسع، "نحو: كان عندك أو في المسجد زيد معتكفًا"، والأصل: كان زيد معتكفًا عندك؛ أو في المسجد، فقدم معمول خبر "كان" على اسمها، فوليها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

152-

ولا يلي العامل معمول الخبر

إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر

"فإن لم يكن" المعمول "أحدهما: فجمهور البصريين يمنعون مطلقًا"، لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منهما، "والكوفيون يجيزون مطلقًا"؛ لأن معمول معمولها في معنى معمولها1.

"وفصل ابن السراج2 والفارسي3" من البصريين "وابن عصفور4" من المتأخرين، "فأجازوه إن تقدم الخبر معه، نحو: كان طعامك آكلًا زيد" لأن المعمول من كمال الخبر، وكالجزء منه، "ومنعوه إن تقدم وحده، نحو: كان طعامك زيد آكلًا"، إذ لا يفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي.

ويتحصل من هذه المسألة أربع وعشرون صورة ذكرها المرادي في شرح التسهيل.

"واحتج الكوفيون" القائلون بالجواز مطلقًا" "بنحو قوله" وهو الفرزدق: [من الطويل]

170-

قنافذ هداجون حول بيوتهم

"بما كان إياهم عطية عودا"

1 التسهيل ص54، وحاشية الصبان 1/ 237.

2 في كتابه الأصول 1/ 86-89.

3 في كتابه المسائل البصريات 1/ 434.

4 المقرب 1/ 97.

170-

البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 181، وتخليص الشواهد ص245، وخزانة الأدب 9/ 268، 269، والدرر 1/ 222، وشرح التسهيل 1/ 367، والمقاصد النحوية 2/ 24، والمقتضب 4/ 101، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 248، وشرح ابن الناظم ص99، وشرح ابن عقيل 1/ 281، ومغني اللبيب 2/ 610، وهمع الهوامع 1/ 118.

ص: 247

وجه الحجة منه أن "إياهم" معمول "عود" و"عود" خبر "كان"، فقد ولي "كان" معمول خبرها، وليس ظرفًا، ولا جارا ومجرورًا، و"قنافذ" بالذال المعجمة: جمع قنفذ بضم الفاء وفتحها، خبر مبتدأ محذوف، أي: هم قنافذ، و"هداجون" جمع هداج بتشديد الدال وفي آخره جيم؛ من الهدجان، وهو: مشية الشيخ، "وعطية": أبو جرير، وأراد الفرزدق بهذا البيت هجو رهط جرير، وشبههم بالقنافذ في مشيهم بالليل، وطوى ذكر المشبه، فهو من الاستعارة بالكناية، "وخرج" هذا البيت "على زيادة "كان"" بين الموصول وصلته، "أو" على "إضمار اسم" في "كان" حال كونه "مرادًا به الشأن1"، وعلى ذلك اقتصر الناظم فقال:

153-

ومضمر الشأن اسما انو إن وقع

موهم ما استبان أنه امتنع

"أو راجعًا إلى "ما" الموصولة "وعليهن فـ"عطية" مبتدأ" و"عود" خبره، و"إياهم" معمول الخبر مقدم على المبتدأ، وتقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جائز عند البصريين2، "وقيل": التقديم "ضرورة، وهذا" التخريج الأخير، وهو دعوى الضرورة. "متعين في قوله": [من البسيط]

171-

"باتت فؤادي ذات الخال سالبة"

فالعيش إن حم لي عيش من العجب

فلا يجوز دعوى زيادة "بات"، ولا إضمار اسمها مرادًا به الشأن "لظهور نصب الخبر" وهو "سالبة" لأن ضمير الشأن لا يخبر عنه بمفرد، و"حم" بالبناء للمفعول بمعنى: قدر، ولا يتعين دعوى الضرورة، لجواز أن يكون "فؤادي" منادى سقط منه حرف النداء، ومعمول الخبر محذوف أي: سالبة لك.

1 انظر شرح ابن عقيل 1/ 281، وشرح ابن الناظم ص99.

2 انظر خزانة الأدب 9/ 268، 269.

171-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251، وتخليص الشواهد ص248، وخزانة الأدب 9/ 269، وشرح الأشموني 1/ 116، والمقاصد النحوية 2/ 28.

ص: 248

"فصل":

"قد تستعمل هذه الأفعال تامة، أي: مستغنية بمرفوعها" عن منصوبها، وهذا هو الصحيح عند ابن مالك، وإليه أشار بقوله في النظم:

150-

..................

وذو تمام ما برفع يكتفي

وتبعه الموضح وهو مخالف لمذهب سيبويه وأكثر البصريين، من أن معنى تمامها دلالتها على الحدث والزمان، وكذا الخلاف في تسمية ما ينصب الخبر ناقصًا، لم سمي ناقصًا؟ فعلى الأول: لكونه لم يكتف بمرفوعه، وعلى قول الأكثرين: لكونه سلب الدلالة على الحدث، وتجرد للدلالة على الزمان، واستدل ابن مالك على بطلان مذهب الأكثرين بعشرة أوجه مذكورة في شرحه على التسهيل1.

وإذا استعملت تامة كانت بمعنى فعل لازم. فـ"كان" بمعنى: حصل "نحو: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] أي: وإن حصل ذو عسرة" و"أمسى" بمعنى: دخل في المساء، و"أصبح" بمعنى: دخل في الصباح، نحو:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] أي: حين تدخلون في المساء، وحين تدخلون في الصباح". و"دام" بمعنى: بقي نحو: " {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107] أي: ما بقيت". و"بات" بمعنى: عرس؛ وهو النزول ليلًا، نحو قول عمر رضي الله عنه:"أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بات بمنى" أي: عرس بها، "وقوله" وهو امرؤ القيس بن عانس؛ بالنون؛ وفاقًا لابن دريد2، لا ابن حجر الكندي خلافًا لمن زعمه:[من المتقارب]

1 انظر شرح شواهد ابن الناظم ص248.

2 في الاشتقاق 370: "امرؤ القيس بن عابس -بالباء- بن المنذر الشاعر، أدرك الإسلام ولم يرتد".

ص: 249

172-

"وبات وباتت له ليلة"

كليلة ذي العائر الأرمد

أي: وعرس، و"العائر" بالعين المهملة اسم فاعل من العور، وهو القذى في العين تدمع له، وقيل: الرمد والأرمد صفة له مخصصة على الأول، وكاشفة على الثاني، "وقالوا: بات بالقوم؛ أي: نزل بهم" ليلًا. و"ظل" بمعنى: دام واستمر، نحو: "ظل اليوم" بالرفع، "أي: دام ظله. و" "أضحى" بمعنى: دخل في الضحى، نحم: "أضحينا؛ أي: دخلنا في الضحى". و"صار" بمعنى: انتقل، نحو: صار الأمر إليك، أي: انتقل، وبمعنى: رجع نحو: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] أي: ترجع.

"وبرح" بمعنى: "ذهب، نحو: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ} [الكهف: 60] أي: لا أذهب. و"أنفك" بمعنى: انفصل، نحو: فككت الخاتم فانفك، أي: انفصل. وتكون هذه الأفعال التامة لمعان أخر عنه ما ذكر1.

وجميع أفعال هذا الباب استعملت تامة وناقصة. "إلا ثلاثة أفعال فإنها ألزمت النقص" ولم تستعمل تامة أصلًا، "وهي: فتئ، وزال، وليس" وما أوهم خلاف ذلك يؤول، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

151-

........... والنقص في

فتئ ليس زال دائمًا قفي

وذهب أبو حيان في نكته إلى أن "فتئ" تكون تامة بمعنى: سكن. وذهب أبو علي في الحلبيات إلى أن "زال" تكون تامة، نحو: ما زال زيد عن مكانه، أي: لم ينتقل عنه.

وذهب الكوفيون إلى أن "ليس" تكون عاطفة لا اسم ولا خبر، نحو:[من الرمل]

173-

..................

إنما يجزي الفتى ليس الجمل

172- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص185، وتخليص الشواهد ص243، وشرح قطر الندى ص136، ولعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص200، ولعمرو أو لامرئ القيس في سمط اللآلي ص531، ولامرئ القيس بن عابس في المقاصد النحوية 2/ 30، وله أو لامرئ القيس الكندي أو لعمرو بن معد يكرب في شرح شواهد المغني 2/ 732، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 254، وجمهرة اللغة ص775، وشرح ابن الناظم ص98، وشرح الأشموني 1/ 115.

1 انظر الارتشاف 2/ 77، 78، وحاشية الصبان 1/ 326، وهمع الهوامع 1/ 115.

173-

صدر البيت:

"وإذا أقرضت قرضًا فاجزه"

والبيت للبيد في ديوانه ص179، ولسان العرب 6/ 211 "ليس"، 7/ 217 "قرض"، 15/ 469 "إما لا"، وتهذيب اللغة 8/ 34، 13/ 72، 73، وأساس البلاغة "جزي"، وتاج العروس 19/ 17 "قرض"، وجمهرة الأمثال 1/ 57، والأزهية ص182، 196، وخزانة الأدب 9/ 296، 297، 300، 11/ 190، 191، وشرح أبيات سيبويه 2/ 40، والكتاب 2/ 323، ومجالس ثعلب ص169، 515، والمقاصد النحوية 4/ 176، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 354، والمقتضب 4/ 410 والارتشاف 2/ 96.

ص: 250

"فصل":

"تختص "كان" بأمور. منها: جواز زيادتها بشرطين:

أحدهما: كونها بلفظ الماضي"، لتعيين الزمان فيه دون المضارع. "وشذ قول أم عقيل" بن أبي طالب وهي ترقصه: [من الرجز]

174-

"أنت تكون ماجد نبيل"

إذا تهب شمأل بليل

أنشده ابن مالك شاهدًا على ذلك1. فـ"أنت" مبتدأ، و"ماجد" خبره، و"تكون" زائدة بين المبتدأ والخبر، ونبيل" فعيل من النبالة، بمعنى: الفضل، خبر بعد خبر، و"شمأل" كجعفر: ريح تهب من ناحية القطب، و"بليل" كقتيل، بمعنى: مبلولة.

"و" الشرط "الثاني: كونها بين شيئين متلازمين، ليسا جارا ومجرورًا"، وليس المراد بزيادتها أنها لا تدل على معنى البتة، بل أنها لم يؤت بها للإسناد، وإلا فهي دالة على المضي، ولذلك كثرت زيادتها بين "ما" التعجبية وفعل التعجب، لكونه سلب الدلالة على المضي2، "نحو: ما كان أحسن زيدًا" فـ"كان" زائدة بين المبتدأ وخبره. "و" قد تزاد بين الفعل ومرفوعه، نحو: "قول بعضهم: لم يوجد كان مثلهم". فزاد "كان" بين الفعل ونائب الفاعل تأكيدًا للمضي. "وشذ" زيادتها بين الجار والمجرور، ومنه "قوله": [من الوافر]

174- الرجز لأم عقيل في أوضح المسالك 1/ 255، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 225، 226، والدرر 1/ 226، وشرح ابن الناظم ص100، وشرح الأشموني 1/ 118، وشرم ابن عقيل 1/ 292، والمقاصد النحوية 2/ 39، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 120.

1 شرح التسهيل 1/ 362.

2 أجاز الفراء ذلك. انظر الارتشاف 2/ 96.

ص: 251

175-

جياد بني أبي بكر تسامى

"على كان المسومة العراب"

أنشده الفراء، فزاد "كان" بين الجار والمجرور، وهما كالشيء الواحد، و"الجياد": جمع جيد، و"تسامى" أصله: تتسامى، حذفت إحدى التاءين، من السمو، وهو: العلو، و"المسومة": اسم مفعول من السومة1، وهي: العلامة، و"العراب" بكسر العين المهملة نعت "المسومة" وهي: الخيل العربية التي جعلت عليها علامة، وتركت في المرعى، وأطلق الناظم المسألة اعتمادًا على المثال فقال:

154-

وقد تزاد كان في حشو كما

كان أصح علم من تقدما

"وليس في زيادتها قوله" وهو الفرزدق: [من الوافر]

176-

فكيف إذا مررت بدار قوم

"وجيران لنا كانوا كرام"

"لرفعها الضمير" وهو الواو، والزائد لا يعمل شيئًا عند الجمهور، وهذا مذهب أبي العباس المبرد2، وأكثر النحويين، حيذ ذهبوا إلى أن "كان" في هذا البيت ليست بزائدة، بل هي الناقصة، و"الواو" اسمها، و"لنا" خبرها، والجملة في موضع الصفة لـ"جيران" و"كرام" صفة بعد صفة3، فهو نظير قوله تعالى:{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92، 155]"خلافًا لسيبويه" والخليل4، حيث ذهبا إلى أنها في

175- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 96، والأزهية ص187، وأسرار العربية ص136، والأشباه والنظائر 4/ 303، وأوضح المسالك 1/ 257، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 207، 210، 10/ 187، والدرر 1/ 227، ورصف المباني ص140، 141، 217، 255، وشرح ابن الناظم ص100، وشرح الأشموني 1/ 118، وشرح ابن عقيل 1/ 291، وشرح التسهيل 1/ 361، وشرح المفصل 7/ 98، ولسان العرب 13/ 370 "كون"، واللمع في اللغة العربية ص122، والمقاصد النحوية 2/ 41، وهمع الهوامع 1/ 120.

1 في "ب": "الوسم"، وفي "ط":"السمة".

176-

البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 290، والارتشاف 3/ 290، والأزهية ص188، وتخليص الشواهد ص252، وخزانة الأدب 9/ 217، 221، 222، وشرح الأشموني 1/ 117، وشرح شواهد المغني 2/ 693، والكتاب 2/ 153، ولسان العرب 13/ 370 "كنن" والمقاصد النحوية 2/ 42، والمقتضب 4/ 116، وبلا نسبة في أسرار العربية ص136، والأشباه والنظائر 1/ 165، وأوضح المسالك 1/ 258، وشرح ابن عقيل ص146، والصاحبي في فقه اللغة ص161، ولسان العرب 13/ 367 "كون" ومغني اللبيب 1/ 287.

2 المقتضب 4/ 116.

3 انظر خزانة الأدب 9/ 217، والمقتضب 4/ 116.

4 الكتاتب 2/ 153، وانظر شرح التسهيل 1/ 361.

ص: 252

البيت زائدة، واختلف في إطلاقهما الزيادة فيها. والذي فهمه النحويون أنهما أرادا حقيقة الزيادة، واختلفوا في تخريج ذلك، فقال ابن مالك: لا يمنع من زيادتها إسنادها إلى الضمير، كما لم يمنع من إلغاء "ظن" إسنادها إلى الفاعل في نحو: زيد ظننت قائم، وقال الفارسي في التذكرة: فإن قلت: كيف تلغى وقد عملت في الضمير؟ قلت: تكون لغوًا، والضمير الذي فيها توكيد لما في "لنا"؛ لأنه مرتفع بالفاعل، ألا ترى أنه لا خبر له1. وقال أبو الفتح محتجا للخليل: وجه زيادتها في هذا البيت: أن يعتقد أن الضمير المتصل وقع موقع المنفصل، والضمير مبتدأ، و"لنا" الخبر، ولكنك لما وصلت أعطيت اللفظ حقه، ولم يعتقد أن الواو مرفوعة بـ"كان".

وقال ابن عصفور: أصل المسألة: وجيران لنا هم، فـ"لنا" في موضع الصفة، و"هم" فاعل بـ"لنا"، على حد: مررت برجل معه صقر، ثم زيدت "كان" بين "لنا" و"هم" لأنها تزاد بين العامل والمعمول، فصار: لنا كان هم، ثم اتصل الضمير بـ"كان" وإن كانت غير عاملة فيه؛ لأن الضمير قد يتصل بغير عامله في الضرورة، نحو قوله:[من البسيط]

177-

................

أن لا يجاورنا إلاك ديار

والأص: إلا إياك، وإذا كان يتصل بالحرف فأحرى أن يتصل بالفعل، ا. هـ.

قال المرادي في شرح التسهيل: وهذه تخريجات متكلفة، ثم قال: وقال بعضهم: لا يعني الخليل وسيبويه ما فهمه النحويون، إنما أراد بالزيادة أنه لو لم تدخل هذه الجملة بين "جيران" و"كرام" لفهم أن هؤلاء القوم كانوا جيرانه فيما مضى، وأنه فارقهم، فالجيرة كانت في الزمن الماضي، فجيء بقوله: كانوا لنا، لتأكيد ما فهم من المضي، قبل دخولها، فأطلق الخليل الزيادة بهذا المعنى، ويدل على أنه يصف حالًا ماضية قوله قبل هذا:[من الوافر]

هل أنتم عائجون بنا لعنا

نرى العرصات أو أثر الخيام2

1 انظر قوله في خزانة الأدب 9/ 219.

177-

تقدم تخريج البيت برقم 52.

2 البيت للفرزدق في ديوانه 2/ 260، وخزانة الأدب 9/ 222، وسمط اللآلي ص758، وشرح شواهد الشافية ص46، واللامات ص136، ولسان العرب 13/ 390 "لعن" ولجرير في ملحق ديوانه ص1039، ولسان العرب 13/ 34 "أنن"، وبلا نسبة في الإنصاف ص251، وجواهر الأدب ص402، وخزانة الأدب 10/ 422.

ص: 253

ولا يمتنع أيضًا في البيت أن تكون "كان" تامة على حذف مضاف تقديره: "وجدت جيرتهم" ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه فقال: "كانوا" والجملة صفة. ا. هـ. كلام المرادي.

والحاصل على القول بزيادة "كان" في البيت قولان في الإعمال والإهمال، وفي كل واحد منهما قولان. فعلى الإهمال قيل: الأصل: هم لنا، ثم وصل الضمير بـ"كان" الزائدة إصلاحًا للفظ، لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل إلى جانب الفعل.

وقيل: بل الضمير توكيد للمستتر في "لنا" على أن "لنا" صفة لـ"جيران"، ثم وصل لما ذكر. وعلى الإعمال قيل: إن الضمير معمول لـ"كان" بالحقيقة على أنها ناقصة، و"لنا" خبرها. وقيل: تامة، وإنها تعمل في الفاعل، كما يعمل فيه العامل الملغى نحو: زيد ظننت عالم، هذا ما في المغني مرتبًا1. "ومنها"، أي: من الأمور المختصة بها "كان" "أنها تحذف ويقع ذلك" الحذف "على أربعة أوجه:

أحدها؛ وهو الأكثر؛ أن تحذف مع اسمها" ضميرًا كان أو ظاهرًا، "ويبقى الخير" دالا عليهما، ويكثر "ويكثر، "وكثر ذلك بعد "إن" و"لو" الشرطيتين"؛ لأنهما من الأدوات الطالبة لفعلين، فيطول الكلام، فيخفف بالحذف. وخص ذلك بـ"إن" و"لو" دون بقية أدوات الشرط؛ لأن "إن" أم أدوات الشرط الجازمة. و"لو" أم أدوات الشرط غير الجازمة، كما أن "كان" أم بابها، وهم يتسعون في الأمهات ما لا يتسعون في غيرها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

155-

ويحذفونها ويبقون الخبر

وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر

"مثال "إن"" والغالب فيها أن تكون تنويعية. "قولك: سر مسرعًا إن راكبًا وإن ماشيًا" أي: إن كانت راكبًا وإن كنت ماشيًا، "وقوله":[من الكامل]

178-

لا تقربن الدهر آل مطرف

"إن ظالمًا أبدًا وإن مظلومًا"

أي: إن كنت ظالمًا وإن كنت مظلوما، وقال أبو حيان: يمكن أن لا يكونا من إضمار "كان" وإنما انتصبا على الحال، و"إن" بقية "أما". وهذا البيت قالته ليلى الأخيلية.

"وقولهم: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وأن شرا فشر2"،

1 مغني اللبيب 1/ 288.

178-

البيت لليلى الأخيلية في ديوانها ص109، وشرح أبيات سيبويه 1/ 345، ولليلى أو لحميد بن ثور في الدرر 1/ 131، ولحميد بن ثوب في ديوانه ص130.

2 ورد هذا القول في الكتاب 1/ 258، وأوضح المسالك 1/ 261، والدرر 1/ 229.

ص: 254

بنصب الأول على الخبرية لـ"كان" المحذوفة مع اسمها، ورفع الثاني على الخبرية لمبتدأ محذوف، "أي: إن كان عملهم خيرًا فجزاؤهم خير"، وإن كان عملهم شرا فجزاؤهم شر. وفيه رد على التسهيل، حيث قيد اسم "كان" بكونه ضميرًا، وهو معدود من مفرداته1.

"ويجوز: إن خير فخيرًا" وإن شر فشرا، برفع الأول على أنه اسم لـ"كان" المحذوفة مع خبرها، ونصب الثاني على أنه مفعول ثان لفعل محذوف أي:"إن كان في عملهم خير فيجزون خيرًا، ويجوز نصبهما" معًا بتقدير: إن كان عملهم خيرا فيجزون خيرا، ورفعهما معا بتقدير: إن كان في عملهم خير فجزاؤهم خير، "و" الوجه "الأول" من الأوجه الأربعة "أرجحها"؛ لأن فيه إضمار "كان" واسمها بعد "إن" وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء، وكلاهما2 كثير مطرد.

"و" الوجه "الثاني أضعفها"؛ لأن فيه حذف "كان" وخبرها بعد "إن" وحذف فعل ناصب بعد الفاء، وكلاهما قليل غير مطرد، ولذلك لم يذكره سيبويه3، "و" الوجهان "الأخيران متوسطان" بين القوة والضعف. ثم قال الشلوبين: هما متكافئان، يعني على حد سواء4.

قال تلميذه ابن الضائع: لأن في كل منهما الأقوى والأضعف، ففي نصبهما قوة نصب الأول، وضعف نصب الثاني، وفي رفعهما قوة رفع الثاني، وضعف رفع الأول، فتساويا.

وقال ابن عصفور: رفعهما أحسن من نصبهما4. ومثال "إن" غير التنويعية قولهم: [من البسيط]

179-

انطق بحق وإن مستخرجًا إحنا

....................................

أي: وإن كنت مستخرجًا، "ومثال "لو"" قوله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: "التمس

1 التسهيل ص56.

2 سقطت من "ب".

3 انظر الكتاب 1/ 258.

4 الارتشاف 2/ 89.

179-

عجز البيت: "#فإن ذا الحق غلاب وإن غلبا"#، والبيت بلا نسبة في الدرر 1/ 232، وهمع الهوامع 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 363.

ص: 255

ولو خاتمًا من حديد1" أي: التمس شيئًا ولو كان ما تلتمسه خاتمًا من حديد. "وقوله": [من البسيط]

180-

"لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا"

جنوده ضاف عنها السهل والجبل

أي: ولو كان صاحب البغي ملكًا ذا جنود كثيرة. وقولهم: الأحشف ولو تمرًا، وفيهما رد على أبي حيان، حيث شرط أن لا يكون ما بعد "لو" أعلى مما قبلها، ولا أعم، فإن الملك أعلى مما قبله، والتمر أعم من الحشف. "وتقول" فيما إذا كان ما بعد "لو " مندرجًا فيما قبلها، ولا أعم ولا أعلى على ما مثل به سيبويه من قولهم2:"ألا طعام ولو تمرًا"، فإن الطعام أعم من التمر. "وجوز سيبويه" فيه "الرفع بتقدير: ولو يكون عندنا تمر" فحذف "يكون" وخبرها وبقي اسمها. و"يقل الحذف المذكور" وهو حزف "كان" واسمها "بدون "إن" و"لو"" الشرطيتين "كقوله: [من الرجز]

181-

من لد شولًا فإلى إتلائها

"قدره سيبويه3: من لد أن كانت شولًا" بفتح الشين المعجمة وسكون الواو والقصر والتنوين، جمع شائلة على غير قياس، وهي النوق التي جف لبنها، وارتفع ضرعها، وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. وأما الشائل: بلا هاء فهي الناقة التي تشول بذنبها للقاح، ولا لبن لها أصلًا، وجمعها: شول، بتشديد الواو؛ كراكع وركع، والإتلاء: مصدر أتلت الناقة إذا تلاها ولدها، أي: من زمن كونها شولًا إلى زمن كونها متلوة بأولادها، وإنما قدره "سيبويه: من لد أن كانت شولًا، ولم يقدره: من لد كانت؛ لأنه لا يرى إضافة "لدن" إلى الجمل، نقله في المغني عن الغرة لابن الدهان، واعترض على سيبويه في تقديره "أن" إذ يلزم منه حذف بعض الاسم، وبقاء بعضه، بل نص سيبويه في باب الاستثناء4 على أن الموصول الحرفي لا يجوز حذفه، وإن حمل على أنه تقدير معنى لا تقدير إعراب لزم منه أن ما فر منه وقع فيه.

1 أخرجه البخاري في كتاب النكاح برقم 4741.

180-

البيت للعين المنقري في خزانة الأدب 1/ 257، والدرر 2/ 85، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 97، وأوضح المسالك 1/ 262، وتخليص الشواهد ص260، وشرح ابن الناظم ص101، وشرح الأشموني 1/ 119، وشرح التسهيل 1/ 363، وشرح شواهد المغني 2/ 658، وشرح قطر الندى ص142، ومغني اللبيب 1/ 268، والمقاصد النحوية 2/ 50.

2 الكتاب 1/ 269.

181-

تقدم تخريج الرجز برقم 152.

3 الكتاب 1/ 265.

4 الكتاب 2/ 335.

ص: 256

الوجه "الثاني: أن تحذف "كان" مع خبرها، ويبقى الاسم، وهو ضعيف، ولهذا ضعف: ولو تمر، وإن خير" برفعهما.

الوجه "الثالث: أن تحذف وحدها" ويبقى اسمها وخبرها، "وكثر ذلك بعد "أن" المصدرية" الواقعة في موضع المفعول لأجله في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بفعل، "في مثل" قولهم:"أما أنت منطلقًا انطلقت"، فـ"انطلقت" معلول، وما قبله علة له مقدمة عليه، "وأصل انطلقت: لأن كنت منطلقًا، ثم قدمت اللام" التعليلية "وما بعدها"، المجرور بها، "على انطلقت للاختصاص" عند النحويين، أو الاهتمام بالفعل عند البيانيين1، فصار: لأن كنت منطلقًا انطلقت، "ثم حذفت: "كان": لذلك" الاختصار "فانفصل الضمير" الذي هو اسم "كان" فصار: أن أنت منطلقًا، "ثم زيد "ما" للتعويض" من "كان" فصار: أن ما أنت، "ثم أدغمت النون" من "أن" "في الميم" من "ما" "للتقارب" في المخرج، فصار: أما أنت. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

156-

وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب

.............................

وقد يحذف متعلق الجار إذا فهم من المقام، "وعليه قوله" وهو عباس بن مرداس:[من البسيط]

182-

"أبا خراشة أما أنت ذا نفر"

فإن قومي لم تأكلهم الضبع

"أي: لأن كانت ذا نفر فخرت، ثم حذف" فخرت، وهو "متعلق الجار"

1 في "ب"، "ط": للاختصاص عند البيانيين، أو للاهتمام بالفعل عند النحويين.

182-

البيت لعباس بن مرداس في ديوانه ص128، والأشباه والنظائر 2/ 113، والاشتقاق 313، وخزانة الأدب 4/ 13، 14، 17، 200، 5/ 445، 6/ 532، 11/ 62، والدرر 1/ 235، وشرح شذور الذهب 242، وشرح شواهد الإيضاح 479، وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179، وشرح قطر الندى 140، ولجرير في ديوانه 1/ 349، والخصائص 2/ 381، وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132، والشعر والشعراء 1/ 341، والكتاب 1/ 293، واللسان 6/ 294 "خرش"، 8/ 217، "ضبع" والمقاصد النحوية 2/ 55، وبلا نسبة في الأزهية 147، وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71، وأوضح المسالك 1/ 265، وتاج العروس "ما" وتخليص الشواهد ص260، والجنى الداني ص528، وجواهر الأدب ص198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101، وشرح ابن الناظم ص102، وشرح الأشموني 1/ 119، وشرح ابن عقيل 1/ 297، ولسان العرب 14/ 47 "أما" ومغني اللبيب 1/ 35، والمنصف 3/ 116، وهمع الهوامع 1/ 23.

ص: 257

لـ"أن" وما بعدها، و"أبا خراشة" منادى سقط منه حرف النداء، وهو بضم الخاء المعجمة، وحكي كسرها، وبراء مهملة وشين معجمة: كنية شاعر مشهور اسمه خفاف، بخاء معجمة مضمومة، وفاءين خفيفتين بينهما ألف. والنفر بفتح النون والفاء: الرهط هنا، والضبع؛ على وزن العضد: السنين المجدبة، وفيه تورية؛ لأنه أوهم أنه يريد الحيوان المعروف، ورشح بقوله: لم تأكلهم، وهو مجاز عن الشدة التي تحصل من جدب السنة، شبهها بالأكل، فهو استعارة تبعية، ودخلت الفاء في "فإن قومي" لأن الثاني مستحق بالأول، فهو مسبب عنه، والأول سبب فيه، فأشبه الشرط والجزاء، هذا قول البصريين. وذهب الكوفيون إلى أن "أن" المفتوحة هنا شرطية، ولذلك دخلت الفاء في جوابها1: ومعنى المثال المذكور عندهم: إن كنت منطلقًا انطلقت معك، والأول أشهر.

ونقل أبو الفتح عن أبي علي أن "ما" الخالفة عن "كان" عاملة في الجزأين عمل ما خلفته. وحجته أن "ما" لما نابت في اللفظ نابت في العمل. وزعم أنه مذهب سيبويه2.

"وقل" حذف "كان" وحدها "بدونها" أي: بدون "أن" المصدرية "كقوله" وهو عبيد بن حصين الراعي: [من الكامل]

183-

"أزمان قومي والجماعة كالذي"

لزم الرحالة أن تميل مميلًا

"قال سيبويه3: أراد أزمان كان قومي" مع الجماعة، فحذف "كان" التامة، وأبقى فاعلها وهو "قومي"، و"الجماعة" مفعول معه، والناصب له "كان" المحذوفة.

والرحالة: بكسر الراء وبالحاء المهملة: سرج من جلود ليس فيها خشب، يتخذ للركض الشديد، وتميل؛ بفتح التاء؛ منصوب بـ"أن" وهي ومنصوبها في موضع التعليل، "ومميلًا" بفتح الميم الأولى بمعنى: ميل، مفعول مطلق.

1 في الارتشاف 2/ 100: "وزعم الكوفيون أن "أن" هذه المفتوحة الهمزة أداة شرط كـ"إن" المكسورة، وجاز حذف الفعل في المذهبين للعلم بأن "أن" لا يقع بعدها إلا الأفعال، واتفقوا على أنه إذا حذفت "ما" وأتي بالفعل كانت "إن" مكسورة، وهي عند البصريين غير "أن" المفتوحة".

2 انظر قول أبي الفتح في الخصائص 2/ 381.

183-

البيت للراعي النميري في ديوانه ص234، والأزهية ص71، وخزانة الأدب 3/ 145، 148، والدرر 1/ 234، 2/ 505، وشرح التسهيل 1/ 195، والكتاب 1/ 365، 2/ 259، 3/ 253، والمقاصد النحوية 2/ 99، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 99، وأوضح المسالك 1/ 266، وشرح ابن الناظم ص207، وشرح الأشموني 1/ 225، وشرح عمدة الحافظ ص405، والمقرب 1/ 160، وهمع الهوامع 1/ 122،/ 2/ 156.

3 الكتاب 1/ 305.

ص: 258

الوجه "الرابع" أن تحذف" كان "مع معموليها" جميعا، "وذلك بعد: إن" الشرطية "في قولهم: افعل هذا إما لا، أي: إن كنت لا تفعل غيره فـ"ما" عوض" عن "كان" واسمها، وأدغمت نون "إن" فيها لتقارب مخرجيهما، "ولا" هي "النافية للخبر" وهو "تفعل"، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره: فافعله. قال الجاربردي1: تقول: اخرج، فإذا امتنع تقول: إما لا فتكلم، أي: إن كنت لا تفعل الخروج فتلكم، هكذا ذكر في بعض شروح المفصل، وهو يدل على أن الهمزة من "إما" مكسورة.

وقال بعض شراح الشافية: أما لا بفتح الهمزة، قال: معنى أما لا هو: أن كنت لا تفعل ذلك افعل هذا، أي: لأن كنت، فحذف اللام، ثم حذف "كان" فصار الضمير المتصل منفصلًا، وزيد "ما" عوضًا من الفعل المحذوف وقلبت النون ميمًا، وأدغمت في الميم. ا. هـ. كلام الجاربردي في باب الإمالة. وهو عجيب، فإن صيرورة الضمير المتصل منفصلًا إنما هو في أما أنت، لا في إما لا، والحذف في هذا الوجه والذي قبله واجب، وفيما قبلهما جائز، قاله الخضراوي. وحكى الكوفيون أنه يقال: لا تأت الأمير فإنه جائر، فتقول: أنا آتيه وإن، أي: وإن كان جائزًا، فتحذف "كان" مع معموليها من غير تعويض، وعليه قوله:[من الرجز]

184-

قالت بنات العم يا سلمى وإن

كان فقيرًا معدمًا قالت وإن

أي: وإن كان فقيرًا معدما، ولا يجوز هذا الحذف مع غير "كان" عند البصريين.

"ومنها" أي: من الأمور المختصة بها "كان""أن لام مضارعها" وهي النون "يجوز حذفها" تخفيفًا وصلًا لا وقفًا. نص على ذلك ابن خروف. وإلى الجواز أشار الناظم بقوله:

157-

ومن مضارع لكان منجزم

تحذف نون وهو حذف ما التزم

"وذلك بشرط كونه مجزوما بالسكون"، حال كونه "غير متصل بضمير نصب، ولا" متصل "بساكن، نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20] ، {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} [النساء: 40] أصلهما: أكون وتكون، بالرفع فحذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين، والنون للتخفيف، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعًا "بخلاف: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ} [الأنعام: 135]{وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ} [يونس: 78] لانتفاء الجزم" فيهما؛ لأن الأول مرفوع. والثاني منصوب، وبخلاف نحو: "{وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: 9] لأن جزمه بحذف النون" بالعطف على "يخل" المجزوم في جواب الأمر، وإنما لم تحذف نون تكون فيهن؛ لأنها محركة في الأولين

1 في كتابه شرح الشافية ص384، مع اختلاف يسير عما ورد هنا.

184-

تقدم تخريج الرجز برقم 9.

ص: 259

بحركة الإعراب، وفي الثالث بحركة المناسبة، فتعاصت عن الحذف بخلاف ما إذا كانت ساكنة فإنها شبيهة بأحرف المد واللين في سكونها وامتداد الصوت بها، فتحذف كما يحذفن بجامع أنها تكون إعرابًا مثلهن، وتحذف للجازم كما يحذفن. "و" بخلاف "نحو: إن يكنه فلن تسلط عليه"، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالضمير" المنصوب. والضمائر ترد الأشياء إلى أصولها، فلا يحذف معها بعض الأصول، وبخلاف "نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} " [النساء: 137] ، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالساكن"، وهو لام التعريف، فالنون مكسورة لأجله، فهي متعاصية على الحذف لقوتها بالحركة قلله الموضح في شرح القطر1.

"وخالف في هذا" الأخير "يونس" بن حبيب "فأجاز الحذف" ولم يعتد بالحركة العارضة لالتقاء الساكنين2 " تمسكا بنحو قوله" وهو الخنجر بن صخر الأسدي: [من الطويل]

185-

"فإن لم تك المرآة أبدت وسامة"

فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم

فحذف النون مع ملاقاة الساكن، والمرآة، بكسر الميم ومد الهمزة: آلة الرؤية، فكأنه نظر وجهه فيها فلم يره حسنًا، فتسلى بأنه يشبه الضيغم وهو: الأسد، والوسامة بفتح الواو: الحسن والجمال. "و" هذا البيت "حمله الجماعة" المعتدون في المنع بمطلق الحركة "على الضرورة. كقوله" وهو النجاشي: [من الطويل]

186-

فلست بآتيه ولا أستطيعه

"ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل"

فحذف نون "لكن" ضرورة3، واستدل به الفراء على أن "لكن" المشددة مركبة، وأصلها: لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف، ونون "لكن" للساكنين قاله في المغني4.

وقيل: هذه أبيات تتضمن أن النجاشي عرض له ذئب في سفره فحكى أنه دعا الذئب إلى الطعام، وقال له: له لك من أخ؟ يعني نفسه، يواسيك بطعامه بغير من ولا بخل، فقال له الذئب، دعوتني إلى شيء لم تفعله السباع قبلي من مؤاكلة بني آدم، ولست بآتيه ولا أستطيعه ولكن إن كان في مائك الذي معك فضل عما تحتاج إليه فاسقني منه.

1 شرح قطر الندى ص138.

2 شبرح التسهيل 1/ 366، والارتشافغ 1/ 31، وشرح ابن عقيل 1/ 229.

185-

البيت للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 1/ 237،/ وسر صناعة الإعراب 2/ 542، ولسان العرب 13/ 364 "كون" والمقاصد النحوية 2/ 63، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 269، وتخليص الشواهد ص 268، وشرح ابن الناظم ص102، وشرح الأشموني 1/ 120.

186-

البيت للنجاشي الحارثي في ديوانه 111، والأزهية 296، وخزانة الأدب 10/ 418، 419، وشرح أبيات سيبويه 1/ 195، وشرح شواهد المغني 2/ 701، والكتاب 1/ 27، والمنصف 2/ 229، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 133، 361، والإنصاف 2/ 684، وأوضح المسالك 1/ 671، وتخليص الشواهد 269، والجنى الداني 592، وخزانة الأدب 5/ 265، ورصف المباني ص277، 310.

3 انظر الخصائص 1/ 310.

4 مغني اللبيب 1/ 291.

ص: 260

"فصل": "في ما ولا ولات وإن المعملات عمل ليس تشبيهًا بها" في النفي

"أما "ما" فأعملها الحجازيون، وبلغتهم جاء التنزيل، قال الله تعالى:{مَا هَذَا بَشَرًا} [يوسف: 31]، {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] ، ثم اختلف النحاة، فقال البصريون: عملت في الجزأين، وقال الكوفيون: عملت في الأول فقط، وأما نصب الثاني فعلى إسقاط الخافض، كذا قاله الشاطبي، وفيه نظر، فإن المنقول عنهم أن المرفوع بعدها مبتدأ والمنصوب خبره. ونصب بإسقاط الخافض، وأهملها التميميون، قال سيبويه1: وهو القياس. كما أهملوا ليس حملًا عليها، فقالوا: ليس الطيب إلا المسك بالرفع، قاله في المغني2.

"و" لا يعملها الحجازيون مطلقًا، بل "لإعمالهم إياها" عندهم "أربعة شروط:

أحدها: أن لا يقترن اسمها بـ"إن" الزائدة"، فإن اقترن بها بطل عملها وجوبا عند البصريين3 "كقوله": [من البسيط]

187-

"بني غدانة ما إن أنتم ذهب"

ولا صريف ولكن أنتم خزف

1 الكاب 1/ 57.

2 مغني اللبيب 1/ 291.

3 انظر شرح التسهيل 1/ 369.

187-

البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 340، وأوضح المسالك 1/ 274، وتخليص الشواهد 277؛ والجنى الداني ص328، وجواهر الأدب 207، 208، وخزانة الأدب 4/ 119، والدرر 1/ 24، وشرح ابن الناظم ص103، وشرح الأشموني 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 370، وشرح شذور الذهب ص252، وشرح شواهد المغني 1/ 84، وشرح عمدة الحافظ ص214، وشرح قطر الندى ص143، ولسان العرب 9/ 190، "صرف" ومغني اللبيب 1/ 25، والمقاصد النحوية 2/ 91، وهمع الهوامع 1/ 13، وتاج العروس 24/ 15 "صرف".

ص: 261

برفع "ذهب" على الإهمال، وإنما لم تعمل حينئذ؛ لأنها محمولة على "ليس" في العمل، و"ليس" لا يقترن اسمها بـ"إن". "وأما رواية يعقوب" بن السكيت "ذهبًا؛ بالنصب فتخرج على أن "إن" نافية مؤكدة لـ: ما" لا مؤسسة؛ لأن نفي النفي إيجاب. و"لا زائدة" كافة لـ"ما"، وهذا التخريج إنما يتمشى على قول الكوفيين إن "إن" المقرونة بـ"ما" هي النافية، جيء بها بعد "ما" توكيدًا، وهو مردود، فإن العرب قد استعملت "إن" الزائدة بعد:ما" الموصولة الاسمية والحرفية لشبهها في اللفظ بـ"ما" النافية، فلو لم تكن "إن" المقترنة بـ"ما" النافية زائدة لم يكن لزيادتها بعد الموصولتين مسوغ، قاله المرادي.

وغدانة: بضم الغين المعجمة وبالدال المهملة والنون قبل هاء التأنيث: حي من يربوع، والصريف بالصاد المهملة: الفضة الخالصة، والخزف، بفتح الخاء والزاي المعجمتين وبالفاء قال الجوهري1: هو الجر. زاد في القاموس2: وكل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارًا.

الشرط "الثاني: أن لا ينتقض نفي خبرها بـ"إلا"، فإن انتقض بطل عملها، كبطلان معنى "ليس" "فلذلك وجب الرفع في" "واحدة" من قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} [القمر: 50] وفي "رسول" من قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، "فأما قوله: [من الطويل]

188-

وما الدهر إلا منجنونا بأهله

وما صاحب الحاجات إلا معذبًا

1 الصحاح 4/ 1349 "خزف".

2 القاموس المحيط "خزف".

188-

البيت لأحد بني سعد في شرح شواهد المغني ص219، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 276، وتخليص الشواهد ص271، والجنى الداني 325، وخزانة الأدب 4/ 130، 9/ 249، والدرر 1/ 239، 459، ورصف المباني ص311، وشرح ابن الناظم ص104، وشرح الأشموني 1/ 121، وشرح التسهيل 1/ 374/ وشرح المفصل 8/ 75، ومغني اللبيب ص73، والمقاصد النحوية 2/ 92، وهمع الهوامع 1/ 123، 230.

ص: 262

فمن باب" المفعول المطلق الواقع عامله المحذوف خبرا عن اسم مبتدأ على حد: "ما زيد إلا سيرًا، أي:" ما زيد "إلا يسير سيرًا، والتقدير:" وما الدهر "إلا يدور دوران منجنون"، فـ"الدهر" مبتدأ و"يدور" خبره، و"دوران مفعول مطلق، وعامله "يدور" فحذف وأقيم المضاف إليه "دوران" مقامه، والباعث على نصب "منجنون" على هذا التقدير أمران: كونه لا يصح أن يكون خبرًا عن "الدهر" وكونه واقعًا بعد الإيجاب، والباعث على تقدير "دوران" أن "منجنونا" لا يصح كونه مفعولًا مطلقا؛ لأنه اسم للدواب الذي يسقى عليها الماء، فتارة يجعل السافل عاليا، وتارة يعكس، وأسماء الذوات لا تنصب إلى المفعولية المطلقة، إلا أن تكون آلة لها نحو: ضربته سوطًا. "و" كذا القول في:

.............................

وما صاحب الحاجات إلا معذبًا

فإنه في تقدير "إلا يعذب معذبًا، أي: تعذيبًا"، والباعث على نصبه وقوعه بعد الإيجاب، والباعث على تأويله بالمصدر ما تقدم؛ لأن "معذب" اسم مفعول، وهو لا يقبل النصب على المفعولية المطلقة، وهذا ظاهر على مذهب الأخفش، وأما مذهب سيبويه فلا؛ لأنه لا يرى أن صيغة المفعول تكون بمعنى المصدر. وأجاز يونس النصب بعد الإيجاب1، وهذا البيت يشهد له، والأصل عدم التأويل وأنشده ابن مالك:

أرى الدهر إلا منجنوبًا..........

................................

وحكم بزيادة "إلا".

واعترضه في المغني2، وما ذكره من وجوب الرفع مطلقًا في الخبر المنتقض نفيه هو قول الجمهور3.

والثاني: جواز النصب مطلقًا وهو قول يونس4.

والثالث: جواز النصب بشرط كون الخبر وصفًا، وهو قول الفراء5.

والرابع: جواز النصب بشرط كون الخبر مشبهًا به، وهو قول بقية الكوفيين6.

1 شرح التسهيل 1/ 373، 374.

2 مغني اللبيب 1/ 73.

3 الارتشاف 2/ 104.

4 وكذلك رأي الشلوبين، انظر همع الهوامع 1/ 123.

5 معاني القرآن للفراء 3/ 111.

6 انظر الارتشاف 2/ 105.

ص: 263

"ولأجل هذا الشرط أيضًا" وهو: أن لا ينتقض نفي الخبر "وجب الرفع بعد "بل" و"لكن" في نحو: ما زيد قائمًا بل قاعد، ولكن قاعد، على أنه خبر لمبتدأ محذوف" أي: بل هو قاعد، أو لكن هو قاعد، "ولم يجز" في "قاعد" "نصبه بالعطف" على "قائمًا" لأنه" واقع بعد "بل" أو "لكن" والواقع بعدهما "موجب" بفتح الجيم: أي مثبت، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

160-

ورفع معطوف بلكن أو ببل

من بعد منصوب بما الزم حيث حل

وأجاز المبرد كون "بل" ناقلة معنى النفي إلى ما بعدها، فيجوز على قوله: ما زيد قائمًا بل قاعدًا بالنصب على معنى: بل ما هو قاعدًا، نقله الموضح عنه في باب العطف من هذا الكتاب.

الشرط "الثالث: أن لا يتقدم الخبر" على الاسم، خلافًا للفراء، وإن كان ظرفًا أو جارا ومجرورًا على الأصح، خلافًا لابن عصفور1، فإن تقدم بطل العمل، "كقولهم: ما مسيء من أعتب" فـ"مسيء" خبر مقدم. و"من أعتب" مبتدأ مؤخر.

وحكى الجرمي: ما مسيئا من أعتب. على الإعمال، وقال: إنه لغة2. والمعتب: الذي عاد إلى مسرتك بعد ما ساءك. "وقوله": [من الطويل]

189-

"وما خذل قومي فأخضع للعدى"

ولكن إذا أدعوهم فهم هم

فـ"خذل" بتشديد الذال المعجمة، جمع خاذل، خبر مقدم و"قومي" مبتدأ مؤخر، "فأما قوله" وهو الفرزدق:[من البسيط]

190-

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

"إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر"

1 المقرب 1/ 102.

2 الارتشاف 2/ 103.

189-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 279، وشرح الأشموني 1/ 122، والمقاصد النحوية 2/ 94.

190-

البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 185، والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122، وتخليص الشواهد ص281، والجنى الداني ص189، 324، 446، وخزانة الأدب 4/ 133، 138، والدرر 1/ 242، 477، وشرح ابن الناظم ص104، وشرح أبيات سيبويه 1/ 162، وشرح التسهيل 1/ 373، وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782، والكتاب 1/ 60، ومغني اللبيب ص363، 517، 600، والمقاصد النحوية 2/ 96، والمقتضب 4/ 191، والهمع 1/ 124، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 235، وأوضح المسالك 1/ 280، ورصف المباني ص312، وشرح الأشموني 1/ 122، ومغني اللبيب ص82، والمقرب 1/ 102.

ص: 264

بنصب "مثلهم" مع تقدمه، "فقال" سيبويه1: شاذ" ولا يكاد يعرف. "وقيل: غلط، وإن الفرزدق" تميمي "لم يعرف شرطها عند الحجازيين"، فقصد أن يتكلم بلغة الحجازيين، فغلط فيها، وفيه نظر، فإن العربي لا يطاوعه لسانه أن ينطق بغير لغته كما قاله سيبويه، "وقيل" بشر: خبر، "ومثلهم: مبتدأ2، ولكن بني" على الفتح "لإبهامه مع إضافته للمبني"، هو الضمير، والمبهم المضاف المبني يجوز بناؤه وإعرابه، "ونظيره" في البناء على الفتح: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 3 [الذاريات: 23] ، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} 4 [الأنعام: 94] ، في قراءة من فتحهما" مع أنهما يستحقان الرفع على التبعية لـ"حق" في الأول. والفاعلية في الثاني، وأتى بنظيرين لئلا يتوهم أن ذلك خاص بلفظة "مثل"، "وقيل": مثلهم" حال"؛ لأن إضافة "مثل" لا تفيد التعريف، وهو في الأصل نعت لـ"بشر" ونعت النكرة إذا تقدم عليها انتصب على الحال، و"بشر" مبتدأ "والخبر محذوف" مقدم على المبتدأ لئلا يلزم تقديم الحال على عاملها الظرف، وهو ممتنع أو نادر، "أي: ما في الوجود بشر مثلهم"، أي: مماثلًا لهم. قاله المبرد5، ورد بأن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع، قاله في المغني6. وقيل: "مثلهم" ظرف زمان تقديره: وإذ هم في زمان ما في مثل حالهم بشر قاله أبو البقاء. وقيل: ظرف مكان، والتقدير: وإذ ما مكانهم بشر، أي: في مثل حالهم. واسم الفرزدق: همام بن غالب، وقال ابن قتيبة، هميم بن غالب. ويكنى أبا فراس7. واختلف كلام ابن قتيبة في سبب تلقيبه بالفرزدق، فقال في أدب الكاتب8: الفرزدق قطع العجين، واحدتها فرزدقة؟

1 الكتاب 1/ 60.

2 في "ب": "مبتدأ مؤخر".

3 الرسم المصحفي: {مثلَ} ، بالنصب وقرأها بالرفع: حمزة والكسائي وعاصم الأعمش، انظر الاتحاف ص399.

4 الرسم المصحفي: {بينَكم} ، بالنصب وقرأها بالرفع: ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وعاصم. انظر الإتحاف ص213.

5 المقتضب 4/ 191، 192.

6 مغني اللبيب ص475.

7 كذا نقل عنه ابن السيد في الاقتضاب 633، وفي الشعر والشعراء 1/ 471:"هو همام بن غالب". قلت: أما "هميم" فهو اسم أخيه، كما في الأغاني 21/ 276.

8 أدب الكاتب ص78.

ص: 265

ولقب به لأنه كان جهم الوجه. وقال في كتاب طبقات الشعراء1: إنما لقب بالقرزدق لغلظه وقصره. وقال أبو محمد بن السيد2: والأول أصح لأنه كان أصابه جدري في وجهه ثم برئ منه، فبقي وجهه جهمًا.

وهذه الشروط الثلاثة مستفادة من قول الناظم:

158-

إعمال ليس أعملت ما دون إن

مع بقا النفي وترتيب زكن

أي: علم.

الشرط "الرابع: أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها"، فإن تقدم بطل عملها، "كقوله" وهو: مزاحم بن الحارث العقيلي: [من الطويل]

191-

وقالوا تعرفها المنازل من منى

"وما كل من وافى منى أنا عارف"

والأصل: ما أنا عارف كل من وافى منى، فـ"كل" منصوبة على المعفولية بـ"عارف"، يقال: تعرفت ما عند فلان، بتشديد الراء، تطلبت حتى عرفت، و"المنازل" مفعول فيه. وذلك أن مزاحمًا لما اجتمع بمحبوبته في الحج ثم فقدها. فسأل عنها، فقالوا له: تعرفها في منازل الحج من منى، فقال أنا لا أعرف كل من وافى منى حتى أسأله عنها. "إلا إن كان المعمول ظرفًا أو" جارا و"مجرورًا، فيجوز" العمل للتوسع فيهما، "كقوله":[من الطويل]

192-

بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا

"فما كل حين من توالي مواليا

والأصل: فما من توالي مواليًا كل حين، فـ"ما" نافية، و"من توالي" اسمها و"مواليا" خبرها، و"كل حين" ظرف زمان منصوب بـ"مواليًا". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

159-

وسبق حرف جر أو ظرف كما

بي أنت معنيا أجاز العلما

1 الشعر والشعراء 1/ 472.

2 الاقتضاب ص633.

191-

البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي في ديوانه ص28، وخزانة الأدب 6/ 268، وشرح أبيات سيبويه 1/ 43، وشرح شواهد الإيضاح ص154، وشرح شواهد المغني 2/ 970، والكتاب 1/ 72، 146، والمقاصد النحوية 2/ 98، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233، وأوضح المسالك 1/ 282، والخصائص 2/ 354، 376، وشرح ابن الناظم ص105، وشرح الأشموني 1/ 122، ولسان العرب 9/ 237 "عرف"، ومغني اللبيب 2/ 694.

192-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 283، وشرح الأشموني 1/ 122، والمقاصد النحوية 2/ 101، وشرح التسهيل 1/ 370.

ص: 266

والأصل: ما أنت معنيا بي. وفهم منه أن المعمول إذا لم يكن أحدهما أنهم لا يجيزون العمل وهو الشرط الرابع.

"وأما "لا" فإعمالها ليس قليل" جدا عند الحجازيين، وإليه ذهب سيبويه1 وطائفة من البصريين، وذهب الأخفش والمبرد إلى منعه2، وعلى الإعمال "يشترط له الشروط السابقة" في عمل "ما""ما عدا الشرط الأول"، وهو أن لا يقترن اسم "لا" بـ"إن" الزائدة، "و" يشترط "أن يكون المعمولان نكرتين"، نحو: لا أحد أفضل منك، وإلى هذا أشار الناظم بقوله:

162-

في النكرات أعملت كليس لا

...................................

وأما قول النابغة: [من الطويل]

193-

.......... لا أنا باغيا

سواها ولا في حبها متراخيا

وقول المتنبي: [من الطويل]

194-

......................

فلا الحمد مكسوبًا ولا المال باقيا

فمن النوادر.

فإن قلت: كيف جعلته نادرًا وفي مثل سيبويه3: ما زيد ذاهبا ولا أخوه قاعدًا.

قلت: لا عمل للا بل هي زائدة، والاسمان تابعان لمعمولي "ما""والغالب" في "لا""أن يكون خبرها محذوفًا حتى قيل بلزوم ذلك كقوله"، وهو سعد بن مالك، جد طرفة بن العبد:[من م. الكامل]

1 الكتاب 2/ 295.

2 المقتضب 4/ 360.

193-

تمام صدر البيت:

"وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا"

، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص171، والأشباه والنظائر 8/ 110، وتخليص الشواهد ص294، والجنى الداني ص293، وخزانة الأدب 3/ 337، والدرر 1/ 249، وشرح الأشموني 1/ 125، وشرح شواهد المغني 2/ 613، ومغني اللبيب 1/ 340، والمقاصد النحوية 2/ 141، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص247، وشرح ابن عقيل 1/ 315، وهمع الهوامع 1/ 125.

194-

صدر البيت: "

"إذا الجواد لم يرزق خلاصًا من الأذى"

، وهو للمتنبي في ديوانه 4/ 419، وتخليص الشواهد ص299، والجنى الداني ص294، وشرح شذور الذهب ص257، وشرح قطر الندى ص145، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 108، ومغني اللبيب 1/ 240.

3 الكتاب 1/ 60.

ص: 267

195-

من صد عن نيرانها

"فأنا ابن قيس لا براح"

فـ"براح" اسم "لا" وخبرها محذوف، أي: لا براح لي، "والصحيح جواز ذكره"، أي: الخبر، "كقوله:[من الطويل]

196-

تعز فلا شيء على الأرض باقيا

ولا وزر مما قضى الله واقيا

فـ"تعز" فعل أمر من التعزية، وهي: التسلية، ومعناه: تصبر، و"لا" نافية للجنس هنا، وهي عاملة عمل "ليس" وربما ظن كثير أن "لا" العاملة عمل "ليس" لا تكون إلا نافية للوحدة، وليس كذلك نبه عليه في المغني1. و"شيء" اسمها و"على الأرض" ظرف مستقر صفة لـ"شيء"، أو لغو متعلق بـ"باقيًا" و"باقيًا" خبر "لا" والأول أولى، وكذا القول فيما بقي، والوزر: الملجأ، والواقي: الحافظ.

"وإنما لم يشترط الشرط الأول"، وهو أن لا يقترن اسمها بـ"إن"؛ "لأن "إن" لا تزداد بعد "لا" "أصلًا" فلا حاجة لاشتراط ذلك فيها.

"وأما "لات" فأصلها "لا" النافية. "ثم زيدت" عليها "التاء" لتأنيث اللفظ أو للمبالغة في معناه أو لهما وخصت بنفي الأحيان، وزيادة التاء هنا أحسن منها في ثمت وربت؛ لأن "لا" محمولة على ليس وليس تتصل بها التاء، ومن ثم لم تتصل بـ"لا" المحمولة على "إن". قال صاحب الكافي2:""لات" فرع "لا" و"لا"

195- البيت لسعد بن مالك في شرح المفصل 1/ 109، والكتاب 1/ 85، والأشباه والنظائر 8/ 109، 130، وخزانة الأدب 1/ 467، والدرر 1/ 248، وشرح أبيات سيبويه 2/ 8، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص509، وشرح شواهد المغني ص582، 612، ولسان العرب 2/ 409 "برح"، والمؤتلف والمختلف ص135، والمقاصد النحوية 2/ 150، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص326، والإنصاف 367، وأوضح المسالك 1/ 285، وتخليص الشواهد 293، ورصف المباني 266، وشرح ابن الناظم ص107، وشرح الأشموني 125، وشرح التسهيل 1/ 376، وشرح المفصل 1/ 108، وكتاب اللامات ص105، ومغني اللبيب ص239، 631، والمقتضب 4/ 360.

196-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 286، وتخليص الشواهد ص294، والجنى الداني ص292، وجواهر الأدب ص238، والدرر 1/ 247، وشرح ابن الناظم ص107، وشرح الأشموني 1/ 247، وشرح شذور الذهب ص256، وشرح شواهد المغني 2/ 621، وشرح ابن عقيل 1/ 313، وشرح عمدة الحافظ ص216، وشرح قطر الندى ص114، ومغني اللبيب 1/ 239، والمقاصد النحوية 2/ 102، وهمع الهوامع 1/ 125.

1 مغني اللبيب 1/ 240.

2 الكافي في النحو لأبي جعفر النحاس. انظر كشف الظنون ص1379.

ص: 268

فرع ليس، وليس فرغ ضرب، فهي في المرتبة الرابعة. وهي كلمتان عند الجمهور "لا" النافية وتاء التأنيث. وحركت لالتقاء الساكنين. وقال أبو عبيدة وابن الطراوة: كلمة وبعض كلمة وذلك أنها "لا" النافية والتاء الزائدة في أول الحين1، وقيل: كلمة واحدة، وهي فعل ماض، وعلى هذا هل هي ماضي: يليت، بمعنى ينقص. استعملت للنفي2 أو هي ليس بكسر الياء قلبت الياء ألفًا، وأبدلت السين تاء، كما قاله ابن أبي الربيع3، قولان حكاهما في المغني.

"وعملها إجماع من العرب"، وفيه خلاف عند النحاة، فنمهم من ذهب إلى أنها لا تعمل شيئًا وإن وليها مرفوع، فمبتدأ حذف خبره أو منصوب فمفعول لفعل محذوف، وهذا أحد قولي الأخفش4، وعنه أيضًا أنها تعمل عمل "إن" فتنصب الاسم وترفع الخبر، ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر. "وله" عندهم "شرطان: كون معموليهما اسمي زمان وحذف أحدهما، والغالب" في المحذوف "كونه المرفوع، نحو:{وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] بنصب "حين" على أنه خبرها واسمها محذوف، وهي بمعنى: ليس، و"مناص" بمعنى: فرار، "أي: ليس الحين حين فرار. ومن القليل قراءة بعضهم" وهو عيسى بن عمر في الشواذ5: "ولات حينُ مناص" "برفع الحين" على أنه اسمها وخبرها محذوف، أي: ليس حين فرار حينا لهم6، وكان القياس أن يكون هذا هو الغالب، بل كان ينبغي أن حذف المرفوع لا يجوز البتة؛ لأن مرفوعها محمول على مرفوع ليس، ومرفوع ليس لا يحذف، فهذا فرع تصرفوا فيه ما لم يتصرفوا في أصله، وقرئ أيضًا: "ولات حينِ مناص" بخفض "حين" فزعم الفراء أن "لات" تستعمل حرفًا جارا لاسم الزمان خاصة، كما أن منذ ومذ كذلك، فتحصل في "حين" ثلاث قراءات: الرفع والنصب والخفض، وفي الواقع ثلاثة أقوال.

إما على الابتداء أو على الاسمية لـ"لات" إن كانت عاملة عمل ليس، وعلى الخبرية لها إن كانت عاملة عمل إن. وفي النصب ثلاثة أقوال أيضًا: إما على الاسمية لـ"لات" إن

1 انظر الارتشاف 2/ 111.

2 انظر الارتشاف 2/ 111.

3 البسيط في شرح الجمل 2/ 753.

4 معاني القرآن للأخفش 2/ 670.

5 مختصر الشواذ ص129.

6 انظر الكتاب 1/ 58، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 670.

ص: 269

كانت عاملة عمل إن، أو على الخبرية لها إن كانت عاملة عمل ليس، أو على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: لا أرى حين مناص. وفي الخفض وجه واحد، وعلى كل حال لا تعمل إلا في أسماء الزمان، كما يؤخذ من قول الناظم:

162-

وما للات في سوى حين عمل

...................................

"فأما قوله" وهو شمردل الليثي: [من الكامل]

197-

لهفي عليك للهفة من خائف

"يبغي جوارك حين لات مجير"

"فارتفاع "مجير" على الابتداء"، وسوغ الابتداء به تقدم خبره في المجرور قلبه تقديرًا "أو على الفاعلية" بفعل محذوف. "والتقدير: حين لات له مجير"، على الابتدائية "أو يحصل له مجير"، على الفاعلية، "و "لات" مهملة، لعدم دخولها على الزمان"، و"مجير" بالجيم، اسم فاعل من أجار. "ومثله" في إهمال "لات" "قوله"، وهو الأعشى ميمون:[من الخفيف]

198-

"لات هنا ذكرى جبيرة" أو

جاء منها بطائف الأهوال

"إذ المبتدأ" ههنا "ذكرى" بفتح الراء مصدر: ذكر، "وليس" هو "بزمان" وخبره "هنّا" بفتح الهاء وتشديد النون، وهي ههنا محتملة للمكان والزمان، أي: ليس في هذا المكان أو الزمان ذكرى جبيرة بضم الجيم وفتح الموحدة والراء مصغر جبيرة، وقيل مكبر، هي: بنت عمرو بن حزم بن بكر بن وائل. قيل: هي امرأة قائل هذا البيت وأو من عطف على مقدر، أي: الجبيرة تذكر أو من جاء منها بطائف الأهوال، والطائف: الذي يطرق بالليل، وأراد به هنا: الخيال الذي رآه في النون، فكأنه رآها وهي غضبي ففزع من ذلك، والأهوال، جمع هول، وهو الخوف.

"وأما "إن"" النافية. "فإعمالها نادر" عند ابن مالك1، وقال غيره: إنه أكثر

197- البيت للشمردل بن عبد الله الليثي في شرح شواهد المغني 2/ 927، والمقاصد النحوية 2/ 103، وللتميمي الحماسي في الدرر 1/ 217، وللتميمي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص950، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 82، وأوضح المسالك 1/ 287، وجواهر الأدب ص205، وشرح الأشموني 1/ 126، ومغني اللبيب 2/ 631، وهمع الهوامع 1/ 116.

198-

البيت للأعشى في ديوانه ص53، وخزانة الأدب 4/ 196، 198، والخصائص 2/ 474، والدرر 1/ 252، وشرح ابن الناظم ص399 وشرح المفصل 3/ 17، والمحتسب 2/ 39، والمقاصد النحوية 2/ 106، 4/ 198.

1 شرح التسهيل 1/ 375.

ص: 270

أكثر من عمل "لا""وهو لغة أهل العالية"1، بالعين المهملة والياء المثناة تحت، وهي ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما والاها والنسبة إليهما عالي وعلوي على غير قياس كذا في الصحاح2. واختلف في جواز إعمالها فذهب الكسائي وأكثر الكوفيين وأبو بكر3 وأبو علي4 وأبو الفتح إلى الجواز1، وذهب الفراء5، وطائفة وأكثر أهل البصرة إلى المنع، واختلف النقل عن سيبويه والمبرد، فنقل السهيلي الإجازة عن سيبويه والمنع عن المبرد وعكس ذلك النحاس، ونقل ابن مالك عنهما الإجازة6، وسمع ذلك من أهل العالية7، "كقول بعضهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية"، وإن ذلك نافعك ولا ضارك، وإن قائمًا أي: إن أنا قائمًا. "وكقراءة سعيد" بن جبير: "إِنْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادًا أَمْثَالُكُمْ"[الأعراف: 194] بسكون نون "إن" ونصب "عبادًا"8 وخرجها بعضهم على أنها المخففة من الثقلية، وأنها تنصب الجزأين مثل:[من الطويل]

199-

................

........ إن حراستا أسدًا

وجعله أحسن لتتوافق القراءتان إثباتا، وهو تخريج على شاذ. "وقول الشاعر":[من المنسرح]

200-

"إن هو مستوليا على أحد"

إلا على أضعف المجانين

أنشده الكسائي شاهدًا على عمل "إن" عمل "ليس".

1 الارتشاف 2/ 109.

2 الصحاح 6/ 2436 "علا".

3 الأصول 1/ 109، 110.

4 المسائل البصريات 1/ 446-648.

5 معاني القرآن للفراء 2/ 144.

6 شرح التسهيل 1/ 375.

7 الارتشاف 2/ 109.

8 الرسم المصحفي: "إنَّ.... عبادٌ"، انظر قراءة ابن جبير في المحتسب 1/ 270، وشرح ابن الناظم 109.

199-

تمام البيت:

"إذا التف جنح الليل فلتأت ولتكن

خطاك خفافًا إن حراستا أسدا"

وهو لعمر بن أبي ربيعة في الجنى الداني ص394، والدرر 1/ 282، وشرح شواهد المغني 122، ولم أقع عليه في ديوانه، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 167، 10/ 242، وشرح الأشموني 1/ 135، ومغني اللبيب ص37.

200-

البيت بلا نسبة في الأزهية 46، وأوضح المسالك 1/ 291، وتخليص الشواهد 306، والجنى الداني 209، وجواهر الأدب ص206، وخزانة الأدب 4/ 166، والدرر 1/ 102، 425، ورصف المباني ص108، وشرح ابن الناظم ص109، وشرح الأشموني 1/ 126، وشرح شذور الذهب ص360، وشرح عمدة الحافظ ص216، والمقاصد النحوية 2/ 113، والمقرب 1/ 105، وهمع الهوامع 1/ 125.

ص: 271

"فصل":

"وتزاد الباء بكثرة في خبر: ليس" غير الاستثنائية، "و" في خبر ""ما" نحو:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ} [البقرة: 74] ، وذلك عند البصريين لرفع توهم الإثبات، فإن السامع قد لا يسمع أول الكلام، وعند الكوفيين لتأكيد النفي. قالوا: ليس زيد بقائم، رد لأن زيدًا لقائم، فالباء بمنزلة اللام.

وخرج بقولنا: غير الاستثنائية: قاموا ليس زيدًا، فإن الباء لا تدخل هنا لأن مصحوب [ليس] 1 الاستثنائية كمصحوب "إلا" فكما لا تقول: ما زيد إلا بقائم، لا تقول: قاموا ليس بزيد، وكما تزاد الباء في خبر "ليس" تزاد في اسمها إذا تأخر إلى موضع الخبر، كقراءة بعضهم:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب "البر2"، وقوله:[من المتقارب]

201-

أليس عجيبًا بأن الفتى

يصاب ببعض الذي في يديه

وهذا من الغريب، كما قاله في المغني3.

"و" تزاد الباء "بقلة في خبر "لا"، و" الجزء الثاني من معمولي "كل ناسخ منفي، كقوله" وهو سواد بن قارب يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: [من الطويل]

1 إضافة من "ط".

2 هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي وابن مسعود وغيرهم. انظر البحر المحيط 2/ 2، والنشر 2/ 226.

201-

البيت لمحمود الوراق في البيان والتبيين 3/ 197، وأمالي القالي 1/ 108، وأمالي المرتضى 1/ 608، وفوات الوفيات 4/ 80، وشرح شواهد المغني 1/ 338، والكامل ص705، ولمحمد بن حازم الباهلي في ديوانه ص107، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 110.

3 مغني اللبيب 1/ 110.

ص: 272

202-

"وكن لي شفيعًا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب"

فأدخل الباء في "مغن" وهو خبر "لا" و"فتيلًا" بفتح الفاء: هو الخيط الذي يكون في شق النواة وهو مفعول مطلق، أي: بمغن إغناء ما، كأحد الوجهين في:{وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77] والمعنى: يوم لا صاحب شفاعة مغنيًا عني شيئًا، فأقام الظاهر مقام المضمر، وكقول بعض العرب: لا خير بخير بعده النار. فزاد الباء في خبر "لا" التبرئة، إذا لم تجعل الباء بمعنى "في" قاله ابن مالك1.

"وقوله"، وهو عمرو بن براق الأزدي:[من الطويل]

203-

"وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم" إذ أجشع القوم أعجل

فزاد الباء في "أعجلهم" وهو خبر "أكن" و"أجشع" بتقديم الجيم على الشين المعجمة: الفائق في الجشع، وهو شدة الحرص على الأكل، و"أعجل" بمعنى: عجل، لا للتفضيل، "وقوله"، وهو دريد بن الصمة:[من الطويل]

204-

دعاني أخي والخيل بيني وبينه

"فلما دعاني لم يجدني بقعدد"

فزاد الباء في "قعدد" وهو المفعول الثاني لـ"وجد" والقُعْدُد، بضم القاف وسكون العين المهملة وضم الدال الأولى وفتحها: الضيف.

202- البيت لسواد بن قارب في الجنى الداني ص54، والدرر 1/ 257، 475، وشرح ابن الناظم ص105، وشرح التسهيل 1/ 376، وشرح عمدة الحافظ 215، والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 522، والأشباه والنظائر 3/ 125، وأوضح المسالك 1/ 294، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح شواهد المغني 835، وشرح ابن عقيل 1/ 310، ومغني اللبيب ص419، وهمع الهوامع 1/ 127، 218.

1 شرح التسهيل 1/ 383.

203-

البيت للشنفرى في ديوانه ص59، وتخليص الشواهد ص258، وخزانة الأدب 3/ 340، والدرر 1/ 256، وشرح شواهد المغني 2/ 899، والمقاصد النحوية 2/ 117، 4/ 51، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 114، والأشباه والنظائر 3/ 124، وأوضح المسالك 1/ 295، والجني الداني 54، وجواهر الأدب ص54، وشرح ابن الناظم ص106، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح التسهيل 1/ 382، 2/ 126، وشرح قطر الندى ص188، ومغني اللبيب 2/ 560، وهمع الهوامع 1/ 127.

204-

البيت لدريد بن الصمة في ديوانه ص48، وتخليص الشواهد ص268، وجمهرة أشعار العرب 1/ 590، والدرر 1/ 256، ولسان العرب 3/ 362 "قعد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 212، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 114، وأوضح المسالك 1/ 296، وجواهر الأدب ص55، وشرح ابن الناظم ص106، وهمع الهوامع 1/ 127.

ص: 273

"وتزاد الباء بندور في غير ذلك كخبر: إن" المكسورة "ولكن و"ليت" في قوله"، وهو امرؤ القيس الكندي:[من الطويل]

205-

فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها

"فإنك مما أحدثت بالمجرب"

فزاد الباء في "المجرب" وهو خبر "إن"، وتنأ، من النأي وهو: البعد، والهاء في "عنها" عائدة على أم جندب المذكورة في قوله أولًا:[من الطويل]

خليلي مرا بي على أم جندب

لتقضي حاجات الفؤاد المعذب1

و"حقبة" بكسر الحاء المهملة، نصب على الظرفية بمعنى السنة وجمعها حقب.

و"تلاقها" مجزوم؛ لأنه بدل من تنأ، قاله الموضح في شرح الشواهد. والمجرب بكسر الراء من التجربة: الاختبار. "و" في "قوله": [من الطويل]

206-

"ولكن أجرا لو فعلت بهين"

وهل ينكر المعروف في الناس والأجر

فزاد الباء في "هين" وهو خبر "لكن" المشددة و"لو فعلت" شرط معترض بين اسم "لكن" وخبرها، وجوابه محذوف، كما حذف مفعول "فعلت" والأصل: ولكن أجرًا هين لو فعلته أصبت.

"و" في "قوله"، وهو الفرزدق يهجو جريرًا وكليبًا رهطه، ويرميهم بإتيان الأتن بالمثناة: إناث الحمير، كما أن بني فزارة يرمون بإتيان الإبل:[من الطويل]

207-

يقول إذا اقلولى عليها وأقردت

"ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم"

205- البيت لامرئ القيس في ديوانه 42، وتخليص الشواهد 286، والدرر 1/ 170، 258،وشرح ابن الناظم 107، وشرح التسهيل 1/ 385، والارتشاف 2/ 116، والصاحبي في فقه اللغة 107، والمقاصد النحوية 2/ 126، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 125، وأوضح المسالك 1/ 297، وجواهر الأدب ص54، ورصف المباني ص257، وشرح الأشموني 1/ 123، وهمع الهوامع 1/ 88، 127.

1 ديوانه ص41، والأشباه والنظائر 8/ 85، وأساس البلاغة "قضى".

206-

البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 126، وأوضح المسالك 1/ 298، وخزانة الأدب 9/ 523، والدرر 1/ 257، وسر صناعة الإعراب 1/ 142، وشرح الأشموني 1/ 124، وشرح المفصل 8/ 23، 139، ولسان العرب 15/ 226 "كفي" والمقاصد النحوية 2/ 134، وهمع الهوامع 1/ 127، والارتشاف 2/ 116.

207-

البيت للفرزدق في ديوانه ص863، والأزهية ص210، وتخليص الشواهد ص286، وجمهرة اللغة ص336، وخزانة الأدب 4/ 142، والدرر 1/ 257، 258، وشرح شواهد المغني 2/ 772، واللسان 15/ 200 "فلا" والمقاصد النحوية 2/ 135، 149، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 115، وأساس البلاغة ص361 "قرد" والأشباه والنظائر 3/ 126، وأوضح المسالك 1/ 299، والجنى الداني ص55، وجواهر الأدب ص52، وخزانة الأدب 5/ 14، والدرر 1/ 257، وشرح ابن الناظم ص106، وشرح التسهيل 1/ 272، 383، وشرح الأشموني 1/ 124، واللسان 3/ 350 "قرد" 11/ 707، "هلل"، والمنصف 3/ 67، وهمع الهوامع 1/ 127، 2/ 77، وتاج العروس "هلل".

ص: 274

فزاد الباء في "دائم" وهو خبر "ليت" و"ذا" اسمها و"العيش" عطف بيان على "ذا" أو نعت له، و"اللذيذ" نعت العيش و"اقلولى" بالقاف، ارتفع و"أقردت" بالقاف والراء: سكنت وذلت. وفي اليواقيت للزاهد: المقلولي المجافي المستوفز، وفي أثر ابن عمر كان إذا سجد اقلولى1، قال الفراء: هو أن يرفع مقعدته ويتجافى قليلًا، وأنشد:[من الرجز]

208-

لما رأتني خلقًا مقلوليا

أي: متجافيًا عن النساء، والمقلولي أيضًا: الراكب على الشيء العالي عليه ومنه هذا. ومعنى البيت يقول الكلبي: إذا ارتفع على الأتان وسكنت له قال ألا ليت هذا العيش اللذيذ بدائم ويروى:

ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم2

وعليه تكون الباء زائدة في خبر المبتدأ الداخلة عليه "هل" وهي هنا جحد، وعليه شراح التسهيل3. قال الكسائي: تأتي "هل" استفهامًا وجحدًا وشرطًا وأمرًا وتوبيخًا وتقريرًا وبمعنى "قد".

واقتصر الناظم في زيادة الباء على خبر ليس وما ولا وكان المنفية فقال:

161-

وبعد ما وليس جر البا الخبر

وبعد لا ونفي كان قد يجر

"وإنما دخلت في خبر "أن" المفتوحة "في: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} [الأحقاف: 33]، لما كان:

1 في النهاية 3/ 309: "يروى: لو رأيت ابن عمر ساجدًا لرأيته مقلوليًا".

208-

الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 28، وشرح ابن الناظم ص470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 139، والخصائص 1/ 6، وشرح الأشموني 2/ 541، والكتاب 3/ 315، ولسان العرب 15/ 94 "علا" 15/ 200 "قلا"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص114، والمقتضب 1/ 142، والممتع في التصريف 2/ 557، والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67، وهمع الهوامع 1/ 36، وتهذيب اللغة 9/ 297، وكتاب العين 5/ 212، وتاج العروس "علا""قلا".

2 وردت هذه الرواية في المقاصد النحوية 2/ 135، 149.

3 شرح التسهيل 1/ 383.

ص: 275

"أولم يروا أنّ الله" في معنى: أوليس الله" بقادر، بدليل أنه جاء مصرحًا به في موضع آخر. كقوله تعالى:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} [يس: 81] ، فالنفي متناول لها مع ما في حيزها، فليست حينئذ من النوادر، وهي نظير ما أجازه الزجاج من قولك: ما ظننت أن أحدًا بقائم، لما كان في معنى: ليس في ظني أحد بقائم1.

1 معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/ 447.

ص: 276

واختلف في قائله: فنسبه سيبويه في الكتاب1 إلى رجل من بني مذحج، ونسبه أبو رياش إلى همام بن مرة، ونسبه ابن الأعرابي إلى رجل من بني عبد مناة، ونسبه الحاتمي إلى ابن الأحمر، ونسبه الأصفهاني إلى ضمرة.

والصغار بفتح الصاد: الذل، و"بعينه" توكيد له، والباء زائدة "وقوله" وهو جرير يهجو نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وهو أبو قبيلة من قيس:[من الطويل]

270-

بأي بلاء يا نمير بن عامر

"وأنتم ذنابي لا يدين ولا صدر"

بأي متعلق بمحذوف، والتقدير: بأي بلاء تفتخرون، وذنابي: بضم الذال المعجمة وتخفيف النون، وبعد الألف باء موحدة مفتوحة، أي: أتباع، وجملة "لا يدين" و"لا صدر" تفسير للذنابي، والمعنى: لستم برءوس بل أتباع لا يدين ولا صدر.

"الرابع: عكس الثالث"، وهو رفع الأول، وفتح الثاني، "كقوله" وهو أمية بن أبي الصلت في أحوال الجنة:[من الوافر]

271-

"فلا لغو ولا تأثيم فيها"

وما فاهوا به أبدًا مقيم

واللغو: الباطل، والتأثيم: من أثمته، إذا قلت له أثمت، وفاهوا تلفظوا، والمعنى: ليس في الجنة قول باطل ولا تأثيم أحد، وما تلفظوا به من طلب شهوة حاصل مقيم على التأبيد.

= من مذحج أو لهمام أخي حسان بن مرة أو لضمر بن ضمرة أو لابن أحمر في شرح شواهد المغني 921، ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256، ولعامر بن جوين الطائي أو منقذ بن مرة الكناني في حماسة البحتري 78، ولرجل من بني عبد مناة بن كنانة في سمط اللآلي 288، ولعمرو بن طيئ في معجم البلدان 1/ 98 "أجأ"، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص136، وشرح المفصل 2/ 110، 292، وجواهر الأدب ص241، 245، والأشباه والنظائر 4/ 162، وأمالي ابن الحاجب ص593، 847، وأوضح المسالك 2/ 16، ورصف المباني ص276، وشرح الأشموني 1/ 151، وكتاب اللامات ص106، واللمع في العربية ص129، ومغني اللبيب ص593، والمقتضب 4/ 371.

1 الكتاب 2/ 292.

270-

البيت لجرير في ديوانه 1/ 179، والمقاصد النحوية 2/ 343، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 17.

271-

البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص54، وتخليص الشواهد 406، 411، والدرر 2/ 478، واللسان "12/ 6 "أثم"، والمقاصد النحوية 2/ 346، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 165، وأوضح المسالك 2/ 19، وجواهر الأدب ص93، 245، وخزانة الأدب 4/ 494، وسر صناعة الإعراب 1/ 415، وشرح ابن الناظم ص136، وشرح الأشموني 1/ 152، وشرح شذور الذهب ص88، وشرح ابن عقيل 1/ 403، ولسان العرب 13/ 526، "فوه" واللمع ص129، وهمع الهوامع 2/ 144.

ص: 246