الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المستثنى
مدخل
…
باب المستشنى:
"هذا باب المستثنى":
وهو المخرج تحقيقًا أو تقديرا من مذكور أو متروك بـ"إلا" أو ما في معناها بشرط الفائدة، قاله في التسهيل1. فقوله:"المخرج" جنس يشمل المخرج بالبدل، نحو:"أكلت الرغيف ثلثه" وبالصفة نحو: "أعتق رقبة مؤمنة" وبالشرط نحو: "اقتل الذمي إن حارب"، وبالغاية نحو:{أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وبالاستثناء نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249] . وقوله: "تحقيقًا أو تقديرا" إشارة إلى قسمي المتصل والمنقطع. وقوله: "من مذكور أو متروك" إشارة إلى قسمي التام والمفرغ. وقوله: "بإلا" متعلق بالمخرج، وهو فصل يخرج به ما عدا المستثنى مما تقدم.
وقوله: "أو ما في معناها" يشمل جميع أدوات الاستثناء. وقوله: "بشرط الفائدة" احتراز عن نحو: "جاءني ناس إلا زيدًا"، و"جاءني القوم إلا رجلًا" فإنه لا يفيد2.
قال3 الشاطبي: ومعنى إخراجه ذكره بعد "إلا" مبين أنه لم يرد دخوله فيما تقدم، فبين ذلك للسامع بتلك القرينة، لا أنه كان مرادًا للمتكلم، ثم أخرجه، هذا حقيقة الإخراج عند أئمة اللسان سيبويه4 وغيره، وهو الذي لا يصح غيره. ا. هـ. وبه يتضح الحال، ويزول الإشكال.
"للاستثناء أدوات ثمان"، وهي أربعة أقسام:
1 التسهيل ص101.
2 سقطت من "ط".
3 في "أ"، "ط":"قاله".
4 الكتاب 2/ 310، 330.
الأول: "حرفان، وهما "إلا" عند الجميع" من النحويين، "وحاشا؛ عند سيبويه1" وأكثر البصريين2. وذهب الجرمي والمازني والمبرد3 والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشيباني إلى أنها تستعمل كثيرًا حرفًا جارا، وقليلًا فعلا متعديا جامدا لتضمنه معنى "إلا"4. وذهب جمهور الكوفيين5 إلى أنها فعل دائما "ويقال فيها: حاش" بحذف الألف الأخيرة "و: حشا" بحذف الألف الأولى، وإليهما أشار الناظم بقوله:
331-
...................
…
وقيل حاش وحشا فاحفظهما
واعترض بأن "حاشا" الحرفية الاستثنائية لا يتصرف فيها بالحذف، وإنما ذلك في "حاشا" التنزيهية نحو:{حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31] وهذه عند المبرد وابن جني والكوفيين فعل، قالوا6: لتصرفهم فيها بالحذف، ولإدخالهم إياها على الحرف، وهذان الدليلان ينفيان الحرفية. قاله في المغني7.
"و" الثاني "فعلان وهما: ليس" عند الجمهور، وذهب الفارسي8 وتبعه أبو بكر بن شقير إلى حرفيتها مطلقًا9، وذهب بعضهم10 إلى أنها في باب الاستثناء تكون حرفا ناصبًا للمستثنى بمعنى "إلا" "و: لا يكون" واعترض بأن المركب من حرف وفعل لا يكون فعلا، ويجاب بأنهما لما ركبا غلب الفعل الحرف لشرف الفعل، فسمي الجميع فعلًا.
"و" الثالث "مترددان بين الحرفية والفعلية" تستعملان تارة حرفين وتارة فعلين، "وهما "خلا" عند الجميع" من النحويين، "و "عدا" عند غير سيبويه"، فإنه لم يحفظ فيها إلا الفعلية11.
1 الكتاب 2/ 309، 349.
2 الارتشاف 2/ 317، وهمع الهوامع 1/ 232.
3 المقتضب 4/ 391، 426.
4 انظر شرح ابن عقيل 1/ 323، 324.
5 همع الهوامع 1/ 232.
6 الإنصاف 1/ 278، المسألة رقم 37.
7 مغني اللبيب ص164، 165.
8 شرح الأبيات المشكلة الإعراب 1/ 9، والإيضاح العضدي 1/ 210.
9 انظر الجنى الداني ص494.
10 منهم المرادي، انظر الجنى الداني ص495.
11 الكتاب 2/ 348، 349.
"و" الرابع "اسمان وهما "غير" و "سوى" بلغاتها، فإنه يقال" فيها: "سوى" بكسر السين والقصر "كـ: رضي، و: سوى" بضم السين والقصر، كـ"هدى، و: سواء" بفتح السين والمد، كـ"سَمَاء، و: سِواء" بكسر السين والمد، كـ"بناء، و" هذه الأخيرة "هي أغربها" وقل من ذكرها، وممن نص عليها الفارسي في الحجة1، وتبعه ابن الخباز في النهاية، ومنه أخذ ابن إياز، والحاصل أنها تمد مع الفتح، وتقصر مع الضم، ويجوز الكسر مع الوجهان، قاله في المغني2.
"فإذا استثني بـ"إلا" وكان الكلام" قبلها "غير تام؛ وهو الذي لم يذكر معه المستثنى منه؛ فلا عمل لـ"إلا"، بل يكون الحكم عند وجودها" بالنسبة إلى العمل "مثله عند فقدها"، فإن كان ما قبلها يطلب مرفوعًا رفع ما بعدها، وإن كان يطلب منصوبًا لفظًا نصب، وإن كان يطلب منصوبًا محلا جر بجار يتعلق به، نحو:"ما قام إلا زيد، وما رأيت إلا زيد، وما مررت إلا بزيد"، ويسمى استثناء مفرغًا" لأن ما قبل "إلا" تفرغ لطلب ما بعدها، ولم يشتغل عنه بالعمل في غيره، والاستثناء في الحقيقة من عام محذوف، وما بعد "إلا" بدل من ذلك المحذوف، والتقدير: ما قام أحد إلا زيدًا، وما رأيت أحدا إلا زيدًا، وما مررت بأحد إلا بزيد، إلا أنهم حذفوا المستثنى منه، وأشغلوا العامل بالمستثنى، وسموه استثناء مفرغًا، "وشرطه" عندهم "كون الكلام غير إيجاب" وهو أن يتقدم عليه ما يخرجه عن الإيجاب. "وهو النفي نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] فما قبل "إلا" وهو "محمد" مبتدأ. والمبتدأ يطلب الخبر، فرفع ما بعد "إلا" وهو "رسول" على الخبرية. "والنهي نحو:{وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] فما قبل "إلا" وهو "تقولوا" يطلب مفعولًا صريحًا فنصب ما بعد "إلا" وهو "الحق" على المفعولية، وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئًا إلا الحق. {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] فما قبل "إلا" وهو "تجادلوا" يطلب مجرورًا بالباء فجر بها ما بعد "إلا" وهو "التي" وتقدير المستثنى منه: ولا تجادلوا أهل الكتاب بشيء إلا بالتي هي أحسن. "والاستفهام الإنكاري" لما فيه من معنى النفي "نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} "[الأحقاف: 35] فما قبل "إلا" وهو "يهلك" المبني للمفعول يطلب مرفوعًا نائبًا عن
1 الحجة 1/ 248.
2 مغني اللبيب ص188.
الفاعل، فرفع ما بعد "إلا" وهو "القوم" على النيابة عن الفاعل، وتقدير المستثنى منه: فهل يهلك أحد إلا القوم الفاسقون، والمعنى: ما يهلك إلا القوم الفاسقون. ولا يتأتى التفريغ في الإيجاب؛ لأنه يؤدي إلى الاستبعاد، لا نقول: رأيت إلا زيدًا؛ لأنه يلزم منك أنك رأيت جميع الناس إلا زيدًا، وذلك محال عادة، "فأما قوله تعالى:{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] فحمل "يأبى"" في إفادة النفي "على "لا يريد" لأنهما" أي: لأن "يأبى" و"لا يريد" معناهما النفي فهما "بمعنى" واحد، والمعنى: لا يريد الله إلا إتمام نوره، فلا فرق في النفي بين أن يكون في اللفظ أو في المعنى. وإلى مسألة التفريغ أشار الناظم بقوله:
319-
وإن يفرغ سابق إلا لما
…
بعد يكن كما لو إلا عدما
"وإن كان الكلام تاما"، وهو الذي يذكر فيه المستثنى منه، ففيه تفصيل، "فإن كان الكلام موجبًا" بفتح الجيم، وهو الذي لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه "وجب نصب المستثنى" بـ"إلا" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
316-
ما استثنت إلا مع تمام ينتصب
…
...................................
"نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا} [البقرة: 249] فما قبل "إلا" وهو "شربوا" كلام تام؛ لأن المستثنى منه مذكور، وهو الواو في "شربوا"، وموجب لأنه لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه، وما بعد "إلا" وهو "قليلا" واجب النصب على الاستثناء، ولا يجوز رفعه إلا بتأويل كما سيجيء، فأما قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] بالرفع؛ فـ"إلا" فيه ليست للاستثناء، وإنما هي بمعنى "غير" فهي صفة لـ"آلهة"، ولكن نقل الإعراب منها لما بعدها لكونها على صورة الحرف، "وأما قوله" وهو الأخطل: [من البسيط]
417-
وبالصريمة منهم منزل خلق
…
"عاف تغير إلا النؤي والوتد"
برفع "النؤي" و"الوتد" على الإبدال من الضمير المستتر في "تغير"، والقياس نصبهما؛ لأن الكلام موجب. "فحمل "تغير"" في إفادة النفي "على "لم يبق على حاله"؛ لأنهما" أي: لأن تغير ولم يبق معناهما النفي فهما "بمعنى" واحد. و"الصريمة"
417- البيت للأخطل في ديوانه ص114، وشرح شواهد المغني 2/ 670، وشرح عمدة الحافظ ص380، والمقاصد النحوية 3/ 103، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 313، وأوضح المسالك 2/ 255، وشرح ابن الناظم ص217، وشرح الأشموني 1/ 228، وشرح التسهيل 2/ 281، وشرح الكافية الشافية 2/ 709، ومغني اللبيب 1/ 276.
بالصاد والراء المهملتين: كل رملة انصرمت من معظم الجبل. و"خلق" بفتحتين: بمعنى بال. و"عاف" بمعنى دارس، يقال: عفا المنزل إذا درس، وعفته الريح: درسته، يتعدى ولا يتعدى. و"النؤي" بنون مضمومة فهمزة ساكنة بوزن "قفل": حفيرة حول الخباء، تصنع لئلا يدخله المطر. و"الوتد" بكسر التاء: الخازوق، يدق في الأرض.
واختلف في ناصب المستثنى بـ"إلا" على ثمانية أقوال1:
أحدها: أنه نفس "إلا" وحدها، وإليه ذهب ابن مالك2، وزعم أنه مذهب سيبويه3 والمبرد4.
والثاني: تمام الكلام، كما انتصب درهما بعد عشرين5.
والثالث: الفعل المتقدم بواسطة "إلا"، وإليه ذهب السيرافي6 والفارسي7 وابن الباذش8.
والرابع: الفعل المتقدم بغير واسطة "إلا"، وإليه ذهب ابن خروف9.
والخامس: فعل محذوف من معنى "إلا" تقديره أستثني زيدا، وإليه ذهب الزجاج10.
والسادس: المخالفة، وحكي عن الكسائي11.
والسابع: "أن" بفتح الهمزة وتشديد النون محذوفة هي وخبرها، والتقدير: إلا زيدًا لم يقم، حكاه السيرافي عن الكسائي12.
1 الإنصاف 1/ 260، المسألة رقم 34، وهمع الهوامع 1/ 224.
2 شرح التسهيل 2/ 271-277.
3 الكتاب 2/ 310، 319.
4 المقتضب 4/ 390.
5 الارتشاف 2/ 322.
6 شرح التسهيل 2/ 277، وهمع الهوامع 1/ 224.
7 الإيضاح العضدي 1/ 205.
8 همع الهوامع 1/ 224.
9 شرح التسهيل 2/ 277، والارتشاف 2/ 300.
10 شرح التسهيل 2/ 278، وهمع الهوامع 1/ 224.
11 الارتشاف 2/ 300.
12 شرح التسهيل 2/ 279.
والثامن: أن "إلا" مركبة من "إن" و"لا" ثم خففت "إن"، وأدغمت في اللام؛ حكاه السيرافي عن الفراء1.
وزاد ابن عصفور2: فإذا انتصب ما بعدها فعلى تغليب حكم "إن" وإذا لم ينتصب فعلى تغليب حكم "لا"؛ لأنها عاطفة.
"وإن كان الكلام" التام "غير موجب" ففيه تفصيل، "فإن كان الاستثناء متصلًا"، وهو ما يكون فيه المستثنى بعض المستثنى منه، وكان غير مردود به كلام تضمن معنى الاستثناء، وهو غير متراخ المستثنى من المستثنى منه، ولا متقدم عليه "فالأرجح اتباع المستثنى للمستثنى منه" في إعرابه للمشاكلة "بدل بعض" من كل "عند البصريين، وعطف نسق عند الكوفيين"؛ لأن "إلا" عندهم من حروف العطف في باب الاستثناء خاصة. قاله أبو حيان3. وهي عندهم بمنزلة "لا" العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها.
قاله في المغني4.
ورد ثعلب كلا الوجهين من المذهبين. فقال5 في الرد على البصريين: كيف يكون بدلًا وهو موجب ومتبوعه منفي، والبدل لا بد أن يكون على وفق المبدل منه في المعنى. وأجاب الأبدي: بأن بدل البعض يكون الثاني فيه مخالفًا للأول في المعنى6، ألا ترى أنك إذا قلت:"رأيت القوم بعضهم" فيكون قولك أولا: "رأيت القوم" مجازا ثم بينت بعد ذلك من رأيت منهم، وكما جاز في النعت المخالفة نحو:"مررت برجل لا كريم ولا شجاع" جاز في البدل. وقال في الرد على الكوفيين: بأن "إلا" لو كانت عاطفة لم تباشر العامل في نحو: "ما قام إلا زيد" وليس شيء من أحرف العطف يباشر العوامل. قال في المغني7: وقد يجاب بأنه ليس تاليها في التقدير، إذ الأصل: ما قام أحد إلا زيد، ا. هـ. وإلى ترجيح الاتباع أشار الناظم بقوله:
316-
.................
…
وبعد نفي أو كنفي انتخب
1 شرح التسهيل 2/ 279.
2 شرح الجمل 2/ 253، 254.
3 الارتشاف 2/ 294، 295، والنكت الحسان ص106، 107.
4 مغني اللبيب ص98.
5 شرح التسهيل 2/ 282، وشرح ابن الناظم ص216.
6 كذلك يرى السيرافي، انظر شرح ابن الناظم ص216.
7 مغني اللبيب ص99.
317-
إتباع ما اتصل.........
…
................................
مثال النفي "نحو: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} "[النساء: 66] بالرفع في قراءة السبعة غير ابن عامر1، فـ"قليل"2 بدل من الواو في "فعلوه" بدل بعض من كل عند البصريين، وهو في نية تكرير العامل، والتقدير: ما فعلوه إلا قليل منهم، وعطف نسق عند الكوفيين. وشبه النفي النهي والاستفهام، مثال النهي ""وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتُكَ"" [هود: 81] بالرفع3 في قراءة أبي عمرو وابن كثير، فـ"امرأتك" بدل من "أحد"، بدل بعض من كل، ولم يصرح معه بضمير؛ لأن قوة تعلق المستثنى بالمستثنى منه تغني عن الضمير غالبًا، ومثال الاستفهام " {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} " [الحجر: 56] بالرفع في قراءة الجميع، فـ"الضالون" بدل من الضمير المستتر في "يقنط" بدل بعض من كل، ولم يؤت معه بضمير لما قلنا.
"والنصب عربي جيد وقد قرئ به في السبع في: قليل" من قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66]"وفي: امرأتك" من قوله تعالى: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود: 81] ولا يتأتى الإتباع في الموجب. فأما قراءة بعضهم: "فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ"[البقرة: 249] بالرفع محمولة على أن "شربوا" في معنى: لم يكونوا4 منه، بدليل {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] قاله في المغني5.
وخرج بالمتصل المنقطع وسيأتي، وبغير المردود نحو:"ما قام القوم إلا زيدًا" بالنصب وجوبًا؛ ردا على من قال: "قام القوم إلا زيدًا" قصدًا للتطابق بين الكلامين، ولم يجز الإبدال، نقله المرادي عن السراج6، ورده ابن عصفور: وخرج بغير المتراخي "ما جاءني أحد حين كنت جالسًا هنا إلا زيدا" فإن البدل فيه غير مختار؛ لأن البدل إنما كان مختارًا لقصد التطابق بينه وبين المستثنى منه، ومع التراخي لا يظهر التطابق
1 قرأها ابن عامر "قليلا" بالنصب، وكذلك قرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق وأبي وأنس. انظر الإتحاف ص192، والنشر 2/ 250، وشرح ابن الناظم ص117.
2 في "ط": "فقيل".
3 الرسم المصحفي: {امْرَأَتَكَ} بالنصب، وقرأها بالرفع أبو عمرو وابن كثير، انظر الإتحاف ص259، والنشر 2/ 290.
4 بعده في "ط": "شربوا".
5 مغني اللبيب ص887.
6 الأصول 1/ 283.
قاله الرضي1 وغيره2. وخرج بقيد التقدم "ما جاء إلا زيدًا القوم" فإنه لا يجوز الإبدال كما سيجيء.
"وإذا تعذر الإبدال على اللفظ" لمانع "أبدل على الموضع، نحو: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] ، ونحو: "ما فيها من أحد إلا زيد" برفعهما، و"ليس زيد بشيء إلا شيئًا لا يعبأ به" بالنصب". قال ابن مالك في شرح التسهيل3: رفعت4 البدل يعني الجلالة من اسم "لا"؛ لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتنصبه؛ "لأن "لا"، الجنسية لا تعمل في معرفة ولا في موجب".
وتبعه على ذلك أبو حيان والمرادي وناظر الجيش والسمين، وهو مشكل، فإن اعتبار محل اسم "لا" على أنه مبتدأ قبل دخول "لا" قد زال بدخول الناسخ، كما قال الموضح في باب "إن"5 واعتبار محل "لا" مع اسمها على أنهما في محل مبتدأ عند سيبويه6 لا يتوجه عليه تقدير دخول "لا" على الجلالة. والمختار عند أبي حيان7 أن الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم "لا"، و"زيد" في المثال الثاني مرفوع على البدلية من محل "أحد"؛ لأنه في موضع رفع بالابتداء، و"شيئًا" في المثال الثالث منصوب على البدلية من محل "شيء"؛ لأنه في موضع نصب على الخبرية لـ"ليس".
ولم يجز خفضهما حملًا على اللفظ؛ لأنهما موجبان بدخول "إلا" عليهما، "و" لأن ""من" و"الباء" الزائدتين" بعد نفي أو شبهه لا يعملان في موجب "كذلك".
فإن قلت: مقتضى قوله: "فالأرجح الاتباع" أن النصب على الاستثناء في هذه الأمثلة، مرجوح. قلت أما الأخيران فواضح ذلك فيهما، ويجوز فيهما الجر على الصفة، أنشد الكسائي:[من الكامل]
1 شرح الرضي 2/ 96.
2 منهم ابن مالك في شرح التسهيل 2/ 282، وسيبويه في الكتاب 2/ 319، وابن الناظم في شرحه 216.
3 شرح التسهيل 2/ 285.
4 بعده في "ب": "على".
5 أوضح المسالك 1/ 358.
6 الكتاب 2/ 317.
7 الارتشاف 2/ 302.
418-
أبني لبينى لستما بيد
…
إلا يد ليست لها عضد
بالخفض، وأما الأول فقد قال أبو القاسم السهيلي في أماليه. لا يجوز في نحو:{لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصافات: 35] من نصب المستثنى ما جاز في نحو: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [النساء: 66]، كما لم يجز في:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] إلا بالرفع، وذلك لنكتة بديعة لم ينبه عليها من حذاق النحويين إلا القليل، وهو أن النصب إنما حقه الإيجاب، فإذا دخل النفي على كلام قائم1، بنفسه جاز لك من النصب ما جاز قبل دخول النافي، وإذا دخل على كلام لا يستقيم تقديره عريا عنه تعين اعتبار حكم النفي، وامتنع اعتبار حكم الإيجاب. ا. هـ.
"فإن قلت: "لا إله إلا الله واحد" فالرفع أيضًا" في "إله واحد" على البدل من المحل، ولا يجوز النصب حملًا على اللفظ، وإن كان البدل نكرة موصوفة "لأنها" موجبة لوقوعها بعد "إلا" و"لا" الجنسية "لا تعمل في موجب".
"ولا يترجح النصب على الاتباع لتأخر صفة المستثنى منه عن المستثنى نحو: "ما فيها رجل إلا أخوك صالح" خلافًا للمازني" فإنه قال2: إذا تأخرت صفة المستثنى منه عن المستثنى فإنه يختار النصب. فتقول "ما فيها رجل إلا أخاك صالح"، فـ"رجل" مبتدأ تقدم خبره في المجرور قبله، و"صالح" نعت رجل المستثنى منه، و"أخاك" منصوب على الاستثناء، مقدم على صفة المستثنى منه، والأصل: ما فيها رجل صالح إلا أخاك.
ونقل عن ابن الخباز في النهاية عن المازني أنه يوجب النصب، وأنه ينزل التقديم على الصفة منزلة التقديم على الموصوف؛ لأن المبدل منه يلغى في بعض الوجوه، والموصوف مرعي الجانب فتدافعا. والصواب ما نقله الموضح عنه، فقد قال أبو حيان3: إن ما نقله صاحب النهاية عن المازني غلط. وقال ابن مالك في شرح الكافية4: إذا تقدم المستثنى على صفة المستثنى منه ففيه مذهبان:
418- البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص21، وشرح أبيات سيبويه 2/ 68، ولطرفة بن العبد في ديوانه ص45، وشرح المفصل 2/ 90، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص441، والكتاب 2/ 317، والمقتضب 4/ 421، وشرح التسهيل 2/ 285، والارتشاف 2/ 303، 619.
1 في "ب"، "ط":"تام ".
2 المقتضب 4/ 399، وشرح التسهيل 2/ 284.
3 الارتشاف 2/ 302.
4 شرح الكافية الشافية 2/ 706، 707.
أحدهما: ألا يكترث بالصفة، بل يكون البدل كما يكون إذا لم تذكر الصفة، وذلك كقولك:"ما فيها رجل إلا أبوك صالح" كأنك لم تذكر صالحًا، هذا رأي سيبويه1.
والثاني: ألا يكترث بتقديم الموصوف. بل يقدر المستثنى مقدما بالكلية على المستثنى منه، فيكون نصبه راجحًا، وهذا اختيار المبرد2.
وعندي أن النصب والبدل عند ذلك مستويان؛ لأن لكل واحد منهم مرجحًا فتكافآ. ا. هـ. فلو أوقعت المستثنى بين صفتي المستثنى منه، نحو:"ما مررت بأحد خير من زيد3 إلا ابنك بر بوالديه" فظاهر4 أن الخلاف قائم فليتأمل5.
"وإن كان الاستثناء منقطعا" وهو ما لا يكون المستثنى بعض المستثنى منه بشرط ألا يكون ما قبل "إلا" دالا على ما يستثنى، فيجوز:"قام القوم إلا حمارًا"، ويمتنع:"قام القوم إلا ثعبانًا"، وفي ذلك تفصيل؛ فإنه تارة يمكن تسليط العامل على المستثنى، وتارة لا يمكن، "فإن لم يكن تسليط العامل على المستثنى وجب النصب" في المستثنى "اتفاقًا" من الحجازيين والتميميين6، "نحو: ما زاد هذا المال إلا ما نقص"، فـ"ما" مصدرية، و"نقص" صلتها، وموضعهما نصب على الاستثناء. ولا يجوز رفعه على الإبدال من الفاعل؛ لأنه لا يصح تسليط العامل عليه. "إذ لا يقال: زاد النقص، ومثله" في القياس "ما نفع زيد إلا ما ضر، إذ لا يقال: نفع الضر".
وزعم السيرافي ومبرمان في حواشيه أن المصدر المنسبك من "ما" والفعل هنا في موضع رفع على الابتداء وخبره محذوف، تقديره: ما زاد هذا المال لكن النقصان شأنه، وما نفع زيد ولكن الضر شأنه. وزعم الشلوبين أن المصدر هنا مفعول به حقيقة تقديره: ما زاد المال شيئا إلا النقصان، ثم فرغه له، وجعله متصلًا. ورد بأنه لا نسبة بين النقصان والزيادة. وزعم ابن الطراوة أن "ما" زائدة واستغني عن الواو، كما في قولك:"ما قام زيد إلا وقعد عمرو"7.
1 الكتاب 2/ 336.
2 في المقتضب 4/ 400: "والقياس عندي قول سيبويه" وهذا الرأي يخالف ما نسبه المؤلف هنا.
3 سقطت من "ب".
4 في "ب"، "ط":"فالظاهر".
5 بعده في "ط": "قاله الموضح في الحواشي".
6 انظر الارتشاف 2/ 303، 304.
7 انظر ما زعمه السيرافي ومبرمان والشلوبين وابن الطراوة في الارتشاف 2/ 304.
"وأن أمكن تسليطه" أي: العامل؛ على المستثنى نحو: "ما قام القوم إلا حمارًا" إذ يصح أن يقال: "قام حمار" فالحجازيون يوجبون النصب1" لأنه لا يصح فيه الإبدال حقيقة من جهة أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه، "و" النصب "عليه قراءة السبعة: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} " [النساء: 157] بنصب "اتباع"، "وتميم ترجحه، وتجيز الاتباع" ويقرءون:"إِلَّا اتِّبَاعُ الظَّنِّ" بالرفع2 على أنه بدل من العلم باعتبار الموضع، ولا يجوز أن يقرأ بالخفض على الإبدال منه باعتبار اللفظ؛ لما تقدم من أنه معرفة موجبة، و"من" الزائدة التي لا تعمل فيها، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:
317-
........... وانصب ما انقطع
…
وعن تميم فيه إبدال وقع
"كقوله" وهو جران العود عامر بن الحارث: [من الرجز]
419-
"وبلدة ليس بها أنيس"
…
إلا اليعافير وإلا العيس
فأبدل اليعافير والعيس من أنيس، و"إلا" الثانية مؤكدة للأولى، "واليعافير" جمع يعفور، وهو ولد البقرة الوحشية و"العيس" بكسر العين: جمع عيساء، كـ"البيض": جمع بيضاء، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة، وذكر سيبويه في توجيه الرفع وجهين3:
1 الكتاب 2/ 323، وشرح التسهيل 2/ 287.
2 انظر شرح ابن الناظم ص216، وشرح التسهيل 2/ 286، وشرح الكافية الشافية 2/ 703، والكتاب 2/ 323، والمقتضب 4/ 413.
419-
الرجز لجران العود في ديوانه ص97، وخزانة الأدب 10/ 15، 18، والدرر 1/ 487، وشرح أبيات سيبويه 2/ 140، وشرح المفصل 2/ 117، 3/ 27، 7/ 21، والمقاصد النحوية 3/ 107، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 91، والإنصاف 1/ 281، وأوضح المسالك 2/ 261، والجنى الداني ص164، وجواهر الأدب ص165، وخزانة الأدب 4/ 121، 123، 124، 7/ 363، 9/ 258، 314، ورصف المباني ص417، وشرح ابن الناظم ص217، وشرح الأشموني 1/ 229، وشرح التسهيل 2/ 286، وشرح شذور الذهب ص265، وشرح الكافية الشافية 1/ 514، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 1/ 263، 2/ 322، ولسان العرب 6/ 198، "كنس"، 15/ 433 "ألا"، ومجالس ثعلب ص452، وهمع الهوامع 1/ 225، وتهذيب اللغة 15/ 426، وتاج العروس 16/ 455، "كنس"، "ألا"، و"الواو".
3 الكتاب 2/ 319، 320.
أحدهما: أنهم حملوا ذلك على المعنى؛ لأن المقصود هو المستثنى، فالقائل:"ما في الدار أحد إلا حمار" المعنى فيه: ما في الدار إلا حمار، وصار ذكر "أحد" توكيدًا، ليعلم أنه ليس ثم آدمي، ثم أبدل من "أحد" ما كان مقصوده من ذكر الحمار.
والوجه الثاني: أنه جعل الحمار إنسان الدار، أي: الذي يقوم مقامه في الأنس، كقوله:[من الوافر]
420-
..................
…
تحية بينهم ضرب وجيع
جعلوا الضرب تحيتهم؛ لأنه الذي يقوم مقام التحية عندهم.
"وحمل عليه" أي: على اتباع المنقطع "الزمخشري1" قوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} [النمل: 65] فـ"من" في محل رفع على الفاعلية بـ"يعلم"، و"الغيب": مفعول به، و"الله" مرفوع على البدلية من "من" على لغة تميم، وهو استثناء منقطع؛ لعدم اندراجه في مدلول لفظه2 "من" لأنه تعالى لا يحويه مكان. وجوز السفاقسي3 أن يكون متصلًا، والظرفية في حقه تعالى مجازية، وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز في الظرفية، وعلى هذا فيرتفع على البدل أو عطف البيان. وكلاهما ضعيف، قال ابن مالك4: والمخلص من هذين المحذورين أن يقدر: قل لا يعمل من يذكر في السموات والأرض. ا. هـ. وفي الآية وجه آخر ذكره في المغني5 وهو: أن يقدر "من" مفعولًا به، و"الغيب" بدل اشتمال، و"الله" فاعل، والاستثناء مفرغ. ا. هـ.
420- صدر البيت:
"وخيل قد دلفت لها بخيل"
، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص149، وخزانة الأدب 9/ 252، 257، 258، 261، 262، 263، وشرح أبيات سيبويه 2/ 200، والكتاب 3/ 50، ونوادر أبي زيد ص150، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 345، والخصائص 1/ 368، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 323، والمقتضب 2/ 20، 4/ 413.
1 الكشاف 3/ 149.
2 في "ب"، "ط":"لفظ".
3 انظر كتابه: غيث النفع في القراءات السبع ص314.
4 شرح التسهيل 2/ 288.
5 مغني اللبيب ص587.
"فصل":
"وإذا تقدم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه" عند البصريين "مطلقًا"، سواء أكان متصلًا أو منقطعا، وامتنع اتباعه؛ لأن التابع لا يتقدم على المتبوع، "كقوله" وهو الكميت يمدح بني هاشم:[من الطويل]
421-
"وما لي إلا آل أحمد شيعة
…
وما لي إلا مشعب الحق مشعب".
والأصل: ما لي شيعة إلا آلا أحمد، وما لي مشعب إلا مشعب الحق، فلما قدم المستثنى على المستثنى منه وجب نصبه، وأراد بـ"أحمد" النبي صلى الله عليه وسلم، "وبعضهم" وهم الكوفيون والبغداديون "يجيز" في المستثنى إذا تقدم على المستثنى منه "غير النصب"، وهو الاتباع "في المسبوق بالنفي، فتقول: ما قام إلا زيد أحد". قال سيبويه1: "سمع يونس" بعض العرب الموثوق بهم يقول: "ما لي إلا أبوك ناصر"، بالرفع "وقال" حسان رضي الله عنه:[من الطويل]
422-
لأنهم يرجون منه شفاعة
…
"إذا لم يكن إلا النبيون شافع"
بالرفع، "ووجهه أن العامل" وهو الابتداء في المثال، و"يكن" التامة في البيت "فرغ لما بعد "إلا"" وهو "أبوك" في المثال، و"النبيون" في البيت "وأن المؤخر" وهو "ناصر" في المثال، و"شافع" في البيت "عام" لوقوعه في سياق النفي "أريد به خاص،
421- البيت للكميت في شرح هاشميات الكميت ص50، والإنصاف ص275، وتخليص الشواهد ص82، وخزانة الأدب 4/ 314، 319، 9/ 138، وشرح أبيات سيبويه 2/ 135، وشرح قطر الندى ص246، ولسان العرب 1/ 502 "شعب"، واللمع في العربية ص152، والمقاصد النحوية 3/ 111، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 266، وشرح الأشموني 1/ 230، وشرح ابن عقيل 1/ 311، ومجالس ثعلب ص62، والمقتضب 4/ 398.
1 الكتاب 2/ 337، وانظر شرح ابن الناظم ص216.
422-
البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص241، والدرر 1/ 488، وشرح ابن الناظم ص218، وشرح التسهيل 2/ 290، والمقاصد النحوية 3/ 114، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 268، وشرح الأشموني 1/ 299، وشرح ابن عقيل 1/ 602، وشرح الكافية الشافية 2/ 405، وهمع الهوامع 1/ 225.
فصح إبداله من المستثنى" منه، "لكنه بدل كل" من كل لا بدل بعض.
"ونظيره في أن المتبوع أخر" من تقديم، "وصار تابعًا" بعدما كان متبوعًا:"ما مررت بمثلك أحد" بالجر، والأصل: ما مررت بأحد مثلك، فـ"مثلك" تابع لـ"أحد" على أنه نعت له، فما قدم النعت على المنعوت أعرب النعت بحسب العامل، وأعرب المنعوت بدلًا من النعت، كقوله تعالى:{إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، اللَّهِ} [إبراهيم: 1، 2] في قراءة الجر1، وإنما ألجأهم إلى دعوى أن المؤخر عام أريد به خاص، ولم يبقوه على عمومه؛ لأن الأعم لا يبدل من الأخص. قال ابن الضائع2: الوجه أن يقال هو بدل من الاسم مع "إلا" مجموعين، فيكون بدل شيء من شيء لعين واحدة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
318-
وغير نصب سابق في النفي قد
…
يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد
1 كما في الرسم المصحفي، وقرأها "الله" بالرفع: نافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن، انظر الإتحاف ص271، والكشاف 2/ 365، والنشر 2/ 398.
2 في "ط": "الصائغ"، وانظر قول ابن الضائع في الارتشاف 2/ 307.
"فصل":
"وإذا تكررت "إلا" فإن كان التكرار للتوكيد، وذلك إذا تلت" واوً "عاطفًا، أو تلاها اسم مماثل لما قبلها". أو بعضه، أو مشتمل عليه، أو مضرب إليه عنه "ألغيت" جواب الشرط الثاني؛ وهو جوابه جواب الشرط الأول؛ ويشملها قول الناظم: 320-
وألغ إلا ذات توكيد.........
…
..................................
"فالأول": وهو العطف، "نحوم: ما جاءني إلا زيد وإلا عمرو، فما بعد "إلا" الثانية" وهو "عمرو" "معطوف بالواو على ما قبلها" وهو "زيد" عطف نسق، "و"إلا" الثانية زائدة للتوكيد"، والأصل: ما جاءني إلا زيد وعمرو.
"والثاني": هو البدل بأقسامه الأربعة: فبدل المماثل؛ وهو بدل الكل من الكل؛ "كقوله" أي الناظم:
320-
............... لا
…
"تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا"
"بالمد، "فـ"الفتى" مستثنى من الضمير المجرور بالباء" وهو الهاء والميم "فالأرجح" في "الفتى" "كونه تابعًا له في جره"، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف. "ويجوز" على مرجوح "كونه" أي: الفتى "منصوبًا" بـ"إلا" "على الاستثناء". وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف. "و"العلا" بدل من "الفتى" بدل كل من كل؛ لأنهما لمسمى واحد. و"إلا" الثانية" زائدة "مؤكدة" لـ"إلا" الأولى.
وبدل البعض من كله نحو: "ما أعجبني أحد إلا زيد إلا وجهه"، فـ"زيد" مستثنى من "أحد" فالأرجح في كونه تابعًا له، ويجوز نصبه على الاستثناء. و"وجهه": بدل من "زيد" بدل بعض من كل. وبدل الاشتمال نحو: "ما أعجبني شيء إلا زيد إلا علمه"، فـ"زيد" مستثنى من "شيء" ففيه الوجهان. و"علمه" بدل من "زيد" بدل اشتمال. وبدل الإضراب نحو:"ما أعجبني أحد إلا زيد إلا عمرو"، فـ"زيد"
مستثنى من "أحد"، و"عمرو" بدل من "زيد" بدل الإضراب، والمعنى: بل عمرو.
"وقد اجتمع العطف والبدل في قوله": [من الرجز]
423-
"ما لك من شيخك إلا عمله
…
إلا رسيمه وإلا رمله"
فـ"رسيمه" بفتح الراء وكسر السين المهملتين "بدل" من "عمله" بدل بعض من كل عند السيرافي1. "و "رمله"" بفتح الراء والميم "معطوف" على "رسيمه".
وذهب ابن خروف2 إلى أن "رسيمه" و"رمله" بدل تفصيل من "عمله"، وهما كل العمل، "و"إلا" المقترنة بكل منهما" زائدة مؤكدة. و"الرسيم" و" الرمل": ضربان من السير، والرسيم في السعي: الركض، والرمل في الطواف: الإسراع.
"وإن كان التكرار لغير توكيد" وهو التأسيس "وذلك في غير بابي العطف والبدل؛ فإن كان العامل الذي قبل "إلا" مفرغًا" بأن لم يشتغل بمعمول قبل "إلا""تركته يؤثر في واحد من المستثنيات" على ما يقتضيه من رفع أو نصب أو جر، "ونصبت" وجوبًا على الاستثناء "ما عدا ذلك الواحد" الذي أثر فيه العامل، "نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا، رفعت الأول" وهو زيد3 "بالفعل" وهو قام "على أنه فاعل" له، "ونصبت الباقي" من المستثنيات؛ وهو "عمرو" و"بكر"؛ على الاستثناء. "ولا يتعين" المستثنى "الأول لتأثير العامل" فيه، "بل يترجح"، لقربه من العامل. "وتقول: "ما رأيت إلا زيدًا إلا عمرا إلا بكرًا" فتنصب واحدا منها بالفعل على أنه مفعول به، وتنصب الباقي" من المستثنيات "بـ"إلا" على الاستثناء"، ولا يتعين المستثنى الأول لتأثير العامل، بل يترجح، فما كان منصوبًا بالفعل لا يطرقه الخلاف المتقدم في ناصب المستثنى، وما كان منصوبًا على الاستثناء يطرقه الخلاف المتقدم، وتقول: "ما مررت إلا بزيد إلا عمرًا إلا بكرًا"، فتخفض واحدا منها بـ"الباء" وتعلقها بالفعل، وتنصب الباقي، ولا يتعين الأول للجر، بل يترجح4، وذلك مستفاد من قول الناظم:
423- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 272، والدرر 1/ 492، ورصف المباني ص89، وشرح الأشموني 1/ 232، وشرح ابن عقيل 1/ 606، وشرح التسهيل 2/ 296، وشرح الكافية الشافية 2/ 712، والكتاب 2/ 341، والمقاصد النحوية 3/ 117، وهمع الهوامع 1/ 227.
1 انظر حاشية الصبان 2/ 151.
2 شرح التسهيل 2/ 295، 296، وشرح ابن عقيل 1/ 314.
3 بعده في "أ": "على الاستثناء".
4 الكتاب 2/ 338، والارتشاف 2/ 310.
321-
وإن تكرر لا لتوكيد فمع
…
تفريغ التأثير بالعامل دع
322-
في واحد مما بإلا استثني
…
وليس عن نصب سواه مغني
وإن "كان العامل غير مفرغ" بأن اشتغل بما يقتضيه قبل "إلا" فإن تقدمت المستثنيات" كلها "على المستثنى منه نصبت كلها" على الاستثناء وجوبًا، "نحو: ما قام إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا أحد"، فـ"أحد" فاعل" قام"، وهو المستثنى منه. وتقدم عليه جميع المستثنيات، ولا يجوز في شيء منها الاتباع، لما مر من أن التابع لا يتقدم على المتبوع، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
323-
ودون تفريغ مع التقدم
…
نصب الجميع احكم به والتزم
"وإن تأخرت" المستثنيات كلها عن المستثنى منه "فإن كان الكلام إيجابًا نصبت أيضًا كلها" وجوبًا "نحو: قاموا إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا"، لما مر من أن جواز الاتباع مختص بغير الإيجاب، "وإن كان" الكلام "غير إيجاب أعطي واحد منها" أي: من المستثنيات "ما يعطاه لو انفرد" من نصب واتباع، "ونصب ما عداه" وجوبًا "نحو:"ما قاموا إلا زيد1 إلا عمرًا إلا بكرًا"، لك في واحد منها الرفع راجحًا والنصب مرجوحًا، ويتعين في الباقي" من المستثنيات "النصب، ولا يتعين الأول لجواز الوجهين بل يترجح"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
324-
وانصب لتأخير وجئ بواحد
…
منها كما لو كان دون زائد
وأجاز الأبدي رفع الجميع على الإبدال2.
"هذا حكم المستثنيات المكررة بالنظر إلى اللفظ" من حيث الإعراب. "وأما بالنظر إلى المعنى" من حيث المفهوم "فهي نوعان: ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض كـ: زيد، و: عمرو، و: بكر" في الأمثلة السابقة، فإن كل واحد منها لا يدخل فيه غيره، فلا يستثنى منه شيء، "وما يمكن" استثناء بعضه من بعض كالأعداد، "نحو: له عندي عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدًا" فإن كل واحد من هذه الأعداد يدخل فيه غيره، فيستثنى منه.
"ففي النوع الأول" وهو ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض "إن كان المستثنى الأول داخلًا" في الحكم "وذلك إذا كان مستثنى من غير موجب فما بعده"
1 في "ب"، "ط":"زيدًا".
2 الارتشاف 2/ 311، وهمع الهوامع 1/ 228.
من المستثنيات "داخل" في الحكم كذلك، نحو:"ما قام أحدا إلا زيدا إلا عمرًا إلا بكرًا" فـ"زيد" هو المستثنى الأول، وهو داخل في إثبات القيام له؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، و"عمرو" و"بكر" داخلان كذلك. "وإن كان" المستثنى الأول "خارجًا" عن الحكم "وذلك إذا كان مستثنى من موجب؛ فما بعده خارج" نحو:"قام القوم إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكرًا" فـ"زيد" هو المستثنى الأول، وهو خارج عن الحكم؛ لأن القيام منفي عنه؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي "وعمرو" و"بكر" خارجان كذلك، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
325-
......................
…
وحكمها في القصد حكم الأول
"وفي النوع الثاني": وهو ما يمكن استثناء بعضه من بعض، النحاة "اختلفوا" على ثلاثة أقوال:"فقيل: الحكم كذلك" وهو إن كان الأول داخلًا فما بعده داخل، وإن كان خارجًا فما بعده خارج "وإن الجميع" من المستثنيات" "مستثنى من أصل العدد"، وهو قول الصيمري، وتبعه القاضي أبو يوسف، ويمكن إدراجه في قول الناظم:
325-
.......................
…
وحكمها في القصد حكم الأول
"وقال البصريون والكسائي1: كل من الأعداد" المستثنيات "مستثنى مما يليه"، أي: من الذي قبله، والذي قبله مستثنى من الذي قبله، وهكذا حتى ينتهي الأول، "و" هذا القول "هو الصحيح؛ لأن الحمل على الأقرب متعين على التردد".
"وقيل: المذهبان" المتقدمان "محتملان" أي: يحتمل عود المستثنيات كلها إلى الأول، وأن الجميع مستثنى من أصل العدد. ويحتمل عود كل منهما إلى ما يليه حتى تنتهي إلى الأول، وصححه بعض المغاربة، وقال: إلا أن الأظهر فيه أن يكون استثناء من استثناء "وعلى هذا" الخلاف "فالمقر به في المثال" المذكور؛ وهو "له عني عشرة إلا أربعة إلا اثنين إلا واحدا""ثلاثة على القول الأول" وهو أن الجميع مستثنى من أصل العدد؛ فتكون الأربعة والاثنان والواحد؛ ومجموعها سبعة مخرجة من أصل العدد، وهو عشرة، يبقى ثلاثة. "وسبعة على القول الثاني" وهو أن كلا من الأعداد مستثنى مما يليه؛ فإذا استثني واحد من اثنين يبقى واحد، وإذا استثني الباقي من الأربعة يبقى ثلاثة، وإذا استثني الثلاثة الباقية من العشرة يبقى سبعة. "ومحتمل لهما" أي: للثلاثة، والسبعة "على" القول "الثالث"، وتوجيهه يعرف مما تقدم. "ولك في معرفة
1 انظر الارتشاف 2/ 312، وهمع الهوامع 1/ 228، وشرح ابن الناظم ص221.
المتحصل على القول الثاني" للبصريين والكسائي "طريقتان1:
إحداهما: أن تسقط" المستثنى "الأول، وتجبر الباقي" بالمستثنى "الثاني" أي: تزيده عليه "وتسقط" المستثنى "الثالث، وإن كان معك" مستثنى "رابع فإنك تجبر به" الثالث، "وهكذا" تفعل إلى أن تنتهي "إلى" المستثنى "الأخير". فالمستثنى الأول في المثال المذكور "أربعة" فأسقطها من العشرة يبقى ستة، فأجبرها بالمستثنى الثاني؛ وهو اثنان؛ تصير ثمانية، فأسقط منها الثالث؛ وهو واحد؛ يبقى سبعة.
"و" الطريق "الثانية" من الطريقتين "أن تَحُطّ" المستثنى "الآخر مما يليه ثم باقيه مما يليه، وهكذا" تفعل حتى تنتهي "إلى الأول" فما تحصل فهو الباقي، ففي المثال المذكور تحط واحدا من اثنين، يبقى واحد، تحطه من الأربعة، يبقى ثلاثة تحطها من العشرة، يبقى سبعة.
وبقي طريق ثالث، وهو أن تجعل كل وتر خارجا وكل شفع داخلا، وما اجتمع فهو الحاصل، ففي المثال المتقدم أخرج أبعة وواحدًا، وأدخل اثنين، يبقى سبعة، وإيضاحه أن تقول له: عندي مائة إلا خمسين إلا عشرين إلا خمسة، أخرج المستثنى الأول والثالث وما أشبههما في الوترية، وأدخل الثاني والرابع وما أشبههما في الشفعية، فالباقي بعد الاستثناء بالعمل المذكور خمسة وستون، وذلك لأنا أخرجنا من المائة "خمسين"؛ لأنها أول المستثنيات، فهي إذن وتر، وأدخلنا "العشرين" لأنها ثاني المستثيات، فهي إذن وتر، فصار الباقي ستين، ثم أدخلنا خمسة؛ لأنها رابع المستثنيات، فهي إذن شفع، فصار الباقي خمسة وستين، وما زاد من المستثنيات عومل بهذه المعاملة. قاله ابن مالك في شرح التسهيل2.
1 شرح ابن الناظم ص221.
2 شرح التسهيل 2/ 296، 297.
"فصل":
"وأصل "غير" أن يوصف بها" لما فيها من معنى اسم الفاعل ألا ترى أن قولك: "زيد غير عمرو"، معناه:"مغاير لـ"عمرو"، والموصوف بها "إما نكرة" محضة "نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} " [فاطر: 37] فـ"غير" وصف "صالحًا"، ولا أثر لإضافتها إلى الموصول؛ لأنها لا تتعرف بالإضافة. "أو" يوصف بها "معرفة" لفظًا "كالنكرة" معنى "نحو": {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ "} [الفاتحة: 7] على القول: بأن "غير المغضوب" صفة لـ"الذين أنعمت عليهم"، "فإن موصوفها "الذين" وهم جنس" مبهم "لا قوم بأعيانهم".
وذهب السيرافي إلى أن "غير" تتعرف بالإضافة إذا وقعت بين شيئين متضادين، كما في قولهم:"الحركة غير السكون"، فعلى قوله "غير" في الآيتين بدل لا صفة.
"وقد تخرج""غير""عن الصفة، وتتضمن معنى "إلا" فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه"، كما تخرج "إلا" من الاستثناء، وتتضمن معنى "غير" فيوصف بها جمع منكر قبلها، نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} [الأنبياء: 22] أي: غير الله، فلما حملت "إلا" على "غير" انتقل إعراب "غير" إلى الاسم الذي بعد "إلا"، كما انتقل إعراب الاسم الذي بعد "إلا" إلى "غير" في الاستثناء، فيعرب الاسم الذي بعد "إلا" بما يستحقه، "وتعرب هي" أي:"غير" نفسها "بما يستحقه المستثنى بـ"إلا" في ذلك الكلام فيجب نصبها" في أربع مسائل:
الأولى: إذا كان الكلام تاما موجبًا كما "في نحو: قاموا غير زيد".
"و" الثانية: إذا كان الاستثناء منقطعًا ولم يمكن1 تسليط العامل على المستثنى كما في نحو: ""ما نفع هذا المال غير الضرر"، عند الجميع" في المسألتين.
1 في "ب": "أمكن".
"و" الثالثة: إذا كان الاستثناء منقطعًا، وأمكن تسليط العامل على المستثنى كما "في نحو:"ما فيها أحد غير حمار"، عند الحجازيين".
"و" الرابعة: إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه "عند الأكثر في نحو: ما فيها غير زيد أحد".
"ويترجح" نصبها في مسألتين:
إحداهما: "عند قوم" من الكوفيين والبغداديين "في نحو هذا المثال" المتقدم، وهو "ما فيها غير زيد أحد".
"و" الثانية: "عند تميم" في الاستثناء المنقطع الذي يمكن فيه تسليط العامل على المستثنى، "نحو: ما فيها أحد غير حمار".
"ويضعف" نصبها "في" مسألة واحدة، وهي ما إذا كان الكلام تاما غير موجب، "نحو: ما قاموا غير زيد". وحيث نصبت فناصبها ما قبلها من العوامل على الحال، وفيها معنى الاستثناء، وهو ظاهر مذهب سيبويه1، وإليه ذهب الفارسي في التذكرة2.
"ويمتنع" نصبها "في" مسألة واحدة، وهي إذا ما كان العامل3 مفرغًا، "نحو: ما قام غير زيد". وفي الصحاح4: قال الفراء: بعض بني أسد وقضاعة ينصبون "غيرا" إذا كانت في معنى "إلا" تم الكلام قبلها أم لم يتم، يقولون: "ما جاءني غيرك"، و"ما جاءني أحد غيرك". انتهى بلفظه.
وإذا كان الفراء نقل ذلك عن العرب فكيف يسوغ منعه؟ قاله الموضح في الحواشي. وأقول: لا شاهد في تمثيله، لجواز أن تكن الفتحة في "غيرك" فتحة بناء لإضافتها إلى المبني، وإلى مسألة "غير" أشار الناظم بقوله:
326-
واستثن مجرورًا بغير معربا
…
بما لمستثنى بإلا نسبا
وتفارق "غير""إلا" في خمس مسائل إحداها:
أن "إلا" تقع بعدها الجمل دون "غير".
1 الكتاب 2/ 343.
2 وهو رأي ابن مالك أيضًا، انظر شرح التسهيل 2/ 278.
3 في "ب": "الكلام".
4 الصحاح "غير".
الثانية: أنه يجوز أن يقال: "عندي درهم غير جيد" على الصفة، ويمتنع "عندي درهم إلا جيد".
الثالثة: أنه يجوز أن يقال: "قام غير زيد" ولا يجوز "قام إلا زيد".
الرابعة: أنه يجوز أن يقال: "ما قام القوم غير زيد وعمرو"، بجر "عمرو" على لفظ "زيد"، ورفعه حملًا على المعنى؛ لأن المعنى: ما قام إلا زيد وعمرو، ومع "إلا" لا يجوز إلا مراعاة اللفظ.
الخامسة: أنه يجوز "ما جئتك إلا ابتغاء معروفك" بالنصب، ولا يجوز مع "غير" إلا بالجر نحو:"ما جئتك لغير ابتغاء معروفك".
"فصل":
"والمستثنى بـ"سوى"" بلغاتها "كالمستثنى بـ"غير" في وجوب الخفض"، ولم يذكر سيبويه الاستثناء بها، قاله1 أبو حيان2، "ثم قال" أبو القاسم "الزجاجي3" في الجمل4، "وابن مالك5: سوى كـ"غير" معنى وإعرابًا"، وإليه أشار الناظم بقوله:
327-
ولسوى سوى سواء اجعلا
…
على الأصح ما لغير جعلا
"ويؤيدهما حكاية الفراء6: أتاني سواك"، وقوله:[من الكامل]
424-
................
…
فسواك بائعها وأنت المشتري
"وقال سيبويه7 والجمهور: هي ظرف" للمكان بمعنى "وسط"، غير متصرف "بدليل وصل الموصول بها كـ: جاء الذي سواك" فليست هنا بمعنى "غير"؛
1 في "ط": "قال".
2 النكت الحسان ص105.
3 في جميع النسخ "الزجاج" وهو تحريف.
4 الجمل ص230-232.
5 شرح التسهيل 2/ 314، وشرح الكافية الشافية 2/ 716.
6 شرح ابن الناظم ص223، وشرح التسهيل 2/ 315.
424-
صدر البيت:
"وإذا تباع كريمة أو تشترى"
، وهو لابن المولى محمد بن عبد الله في الدرر 1/ 432، والحماسة البصرية 1/ 184، والحماسة المغربية ص319، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1761، ومعجم الشعراء ص342، والمقاصد النحوية 3/ 125، وبلا نسبة في الأغاني 10/ 145، وشرح ابن الناظم ص223، وشرح ابن عقيل 1/ 613، وشرح التسهيل 2/ 315، وشرح الكافية الشافية 2/ 718، وهمع الهوامع 1/ 202.
7 الكتاب 1/ 407، 2/ 350.
لأن "غيرًا" لا تدخل ههنا إلا والضمير قبلها، يقولون:"جاء الذي هو غيرك"، فلما وصلوا "سوى" بغير ضمير ادعى أنها ظرف، والتقدير: جاء الذي استقر مكانك.
"قالوا: ولا تخرج عن النصب على الظرفية إلا في الشعر، كقوله" وهو شهل؛ بالمعجمة؛ ابن سنان: [من الهزج]
425-
"ولم يبق سوى العدوا
…
ن دناهم كما دانوا"
فجعلها فاعلا في الشعر. "والعدوان" بضم العين المهلة: الظلم الصريح. و"دناهم" بكسر الدال: جازيناهم. و"دانوا": جازوا. ومنه: "كما تدين تدان1".
وقال الكوفيون: تستعمل "سوى" اسمًا وظرفا، فيجيزون في السعة:"أتاني سواك"، قاله المطرزي.
"وقال الرماني و" أبو البقاء "العكبري: تسعمل ظرفًا غالبا، وكـ"غير" قليلا2".
قال الموضح: وإلى هذا المذهب أذهب؛ لأنه أخلص3.
425- البيت للفند الزماني "شهل بن شيبان" في أمالي القالي 1/ 260، وحماسة البحتري ص56، وخزانة الأدب 3/ 431، والدرر 1/ 433، وسمط اللآلي ص940، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 35، وشرح شواهد المغني 2/ 945، والمقاصد النحوية 3/ 122، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 281، وشرح ابن الناظم ص223، وشرح الأشموني 1/ 236، وشرح ابن عقيل 1/ 613، وشرح التسهيل 2/ 315، 3/ 285، وشرح الكافية الشافية 2/ 719، وهمع الهوامع 1/ 202.
1 مجمع الأمثال 2/ 155، 162، وجمهرة الأمثال 2/ 136، 168، والمستقصى 2/ 231.
2 الارتشاف 2/ 326.
3 الإنصاف 1/ 294 المسألة رقم 39.
"فصل":
"والمستثنى بـ"ليس" و"لا يكون" واجب النصب؛ لأنه خبرهما، وفي الحديث: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا"؛ أي: كلوا ما ذكر اسم الله عليه "ليس السن والظفر" 1" بنصبهما؛ لأنهما مستثنيان من فاعل "أنهر" المستتر فيه، وما بينهما اعتراض، و"الإنهار": الإسالة، شبه خروج الدم يجري الماء في النهر. "وتقول: أتوني لا يكون زيدًا" بالنصب، فـ"السن" في الحديث، و"زيدًا" في المثال خبران لـ"ليس" و"لا يكون"، "واسمهمها ضمير مستتر" فيهما "عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق" عند سيبويه2، كا قاله الموضح في الحواشي. "أو" عائد على "البعض المدلول عليه بكله السابق" عند جمهور البصريين3، أو عائد على المصدر المدلول عليه بالفعل تضمنا عند الكوفيين4 "فتقدير: قاموا ليس زيدًا": ليس هو، أي: "ليس القائم" زيدًا على القول الأول، ورد بأنه غير مطرد لتخلفه في نحو: "القوم إخوتك ليس زيدا"،"أو" ليس هو، أي: "ليس بعضهم" زيدًا على القول الثاني، وفيه بعد
لإطلاقهم حينئذ البعض على الجميع إلا واحدًا، قال الموضح في شرح اللمحة على الكلام على "عدا" و"خلا". أو ليس هون أي: ليس قيامهم قيام زيد، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه على القول الثالث، ورد بما5 رد به الأول. وبأن فيه تقدير محذوف لم يلفظ به قط. "وعلى" القول "الثاني" وهو كونه ضميرًا يعود على بعض المدلول عليه بالكل "فهو نظير {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً} [النساء: 11] بعد تقدم ذكر الأولاد" الشامل للذكور والإناث، فالنون في "كن" اسمها وهو عائد على الإناث
1 أخرجه البخاري في كتاب الشركة برقم 2356.
2 الكتاب 2/ 347.
3 منهم سيبويه في الكتاب 2/ 347، والمبرد في المقتضب 4/ 428.
4 الارتشاف 2/ 320.
5 في "ط": "ربما" مكان "رد بما".
اللاتي هن بعض الاولاد المتقدم ذكرهم في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فإنه في قوة أولادكم الذكور والإناث. و"نساء" خبر "كن". فإن قلت: لا فائدة في قول القائل: فإن كن الإناث نساء. قلت: الفائدة حصلت بوصفه بالظرف بعده.
فإن قلت: إذا كان محط الفائدة هو الظرف فما فائدة ذكر نساء؟ قلت: فائدته التوطئة للوصف بعده، وباب التوطئة يجري في الصفة والخبر والحال.
"وجملتا الاستثناء" من "ليس زيدا" و"لا يكون زيدًا""في موضع نصب على الحال من" المستثنى منه. فإن قلت: كيف حكم على جملة "ليس" بأنها حال، والفعل الماضي لا يقع حالًا إلا مع "قد" ظاهرة أو مقدرة؟ قلت هذه مستثناة كما قال أبو حيان في النكت الحسان1 بحثًا.
"أو مستأنفتان فلا موضع لهما" من الإعراب، فإن قلت: دعوى الاستئناف تخل بالمقصود، قلت: لا يعنون بالاستئناف عدم تعلقها بما قبلها في المعنى بل في الإعراب فقط؛ وذلك لأن هذه الجملة وقعت موقع "إلا زيدًا" فكما أن "إلا زيدًا" لا موضع له من الإعراب مع تعلقه بما قبله فكذلك هذه، وإليهما أشار الناظم بقوله:
328-
واستثن ناصبًا بليس.........
…
.....................................
ثم قال:
328-
.....................
…
....... ويبكون بعد لا
1 النكت الحسان ص104.
"فصل":
"وفي المستثنى بـ"خلا" و"عدا" وجهان:
أحدهما: الجر على أنهما حرفا جر"، وإليهما الإشارة بقول الناظم:
329-
واجرر بسابقي يكون إن ترد
…
....................................
"وهو قليل، و" لقلته "لم يحفظه في سيبويه في "عدا" ومن شواهده قوله": [من الوافر]
426-
تركنا في الحضيض بنات عوج
…
عواكف قد خضعن إلى النسور
"أبحنا حيهم قتلا وأسرا
…
عدا الشمطاء والطفل الصغير"
والقوافي مجرورة، فـ"الشمطاء" مجرورة بـ"عدا"،وهي أنثى الأشمط: وهو الذي يخالط سواد شعره بياض. و"حيهم" بالياء المثناة تحت: مفعول "أبحنا" من الإباحة، و"قتلا" تمييز محول عن المفعول. وقول الآخر:[من الطويل]
427-
خلا الله لا أرجو سواك وإنما
…
أعد عيالي شعبة من عيالكا
بجر الجلالة، و"خلا" و"عدا" موضعهما" جارين "نصب"، ثم اختلف "فقيل: هو نصب عن تمام الكلام"، فيكون الناصب لموضعها هو الجملة المتقدمة عليهما التي انتصبا عن تمامها، كما قيل به في التمييز الرافع لإبهام النسبة "إن العامل فيه هو الجملة
426- البيتان بلا نسبة في أوضح لمسالك 2/ 285، والدرر 1/ 500، وشرح ابن عقيل 1/ 619، وشرح ابن الناظم ص226، وشرح التسهيل 2/ 310، والمقاصد النحوية 3/ 132، وهمع الهوامع 1/ 232، وعمدة الحافظ "حشي".
427-
البيت للأعشى في خزانة الأدب 3/ 314، ولم أقع عليه في ديوانه، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص382، وحاشية يس 1/ 355، والدرر 1/ 490، 500، وشرح التسهيل 2/ 291، 310، وشرح الأشموني 1/ 237، وشرح ابن عقيل 1/ 321، ولسان العرب 14/ 242، "خلا" والمقاصد النحوية 3/ 137، وهمع الهوامع 1/ 226، 232.
التي انتصب عن تمامها" حكاه المرادي في باب التمييز عن قوم1. "وقيل: لأنهما متعلقان بالفعل" أو شبهه "المذكور" قبلهما2 على قاعدة أحرف الجر، فيكونان في موضع المفعول به، كـ"مررت بزيد" إلا أن تعديتهما على جهة السلب، قاله الجرجاني. قال الموضح في المغني3: والصواب عندي الأول، وعلله بأمرين. ورد.
"و" الوجه "الثاني: النصب على أنهما فعلان" ماضيان "جامدان، لوقوعهما موقع "إلا""؛ لأن الفعل إذا وقع موقع الحرف يصير جامدا، كما أن الاسم إذا وقع موقع الحرف يصير مبنيا، قال الموضح في شرح اللمحة: هذا يعني انصب إن صح في "عدا" لكونها كانت متعدية قبل الاستثناء، كقولك:"عدا فلان طوره"، أي: تجاوزه، ولم يصح في "خلا" لكونها قاصرة، فكيف تنصب المفعول به؟ قلت: ضمنوها في الاستثناء معنى "جاوز"، وحسن ذلك؛ لأن كل من خلا من شيء قد جاوزه. ا. هـ.
"وفاعلهما ضمير مستتر" فيهما. "وفي مفسره وفي موضع الجملة" منهما "البحث السابق" في "ليس" و"لا يكون"، فيكون فاعلهما المضمر إما عائدًا على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، فإذا قلت:"قاموا عدا زيدً" فالتقدير: عدا هو، أي4: القائم زيدًا، وإما على مصدر الفعل، أي: عدا القيام زيدًا، وإما على البعض المدلول عليه بكله السابق، أي: عدا هو، أي: بعضهم زيدًا، وفيه نظرًا؛ لأن المقصود من قولك:"قام القوم عدا زيدًا" أن زيدا لم يكون معهم أصلا، ولا يلزم من خلو بعض القوم منه، ومجاوزة بعضهم إياه خلو الكل، ولا مجاوزة الكل، بخلاف قولك:"قاموا ليس زيدًا"؛ لأن البعض هنا في سياق النفي، فيشمل كل بعض من القوم، فحصل المقصود من الاستثناء بخلافه، وجملتا الاستثناء في موضع نصب على الحال أو مستأنفتان، فلا موضع لهما.
"وتدخل عليهما" أي: على "خلا" و"عدا"""ما" المصدرية"، وهو مشكل على ما تقدم من أن "خلا" و"عدا" جامدان، و"ما" المصدرية لا توصل بفعل
1 شرح المرادي 2/ 176.
2 بعده في "ب": "شبهه".
3 مغني اللبيب ص178.
4 سقطت من "ب".
جامد، كما نص عليه في التسهيل1. وعلى القول بجواز دخول "ما" عليهما "فيتعين النصب" في المستثنى عند الجمهور2، "لتعين الفعلية حينئذ". وإليه الإشارة بقوله:
329-
..........................
…
وبعد ما انصب...................
"كقوله" وهو لبيد: [من الطويل]
428-
"ألا كل شيء ما خلا الله باطل"
…
......................................
أي: ذاهب وفان، أخذا من قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] جملة "ما خلا الله" استثنائية، ويحتمل أن تكون صفة للمضاف أو المضاف إليه، و"ما" زائدة، والتقدير: كل شيء غير الله باطل، وعلى هذا فلا استثناء، قاله الشيخ طاهر.
"وقوله": [من الطويل]
429-
"تمل الندامى ما عداني فإنني"
…
بكل الذي يهوى نديمي مولع
فـ"عدا" فعل ماض، "ولهذا دخلت" عليه "نون الوقاية"، و"ما" موصول حرفي، و"عدا" صلته، "وموضوع الموصول وصلته نصب" بلا خلاف، "إما على الظرفية" الزمانية "على حذف مضاف أو على الحالية على التأويل باسم الفاعل"، وتلك الحال فيها معنى الاستثناء، "فمعنى "قاموا ما عدا زيدًا": قاموا وقت مجاوزتهم زيدًا" على الأول، "أو مجاوزين زيدًا" على الثاني وبه قال السيرافي، أوعلى الاستثناء كانتصاب "غير" في "قاموا غير زيدًا"، وإليه ذهب ابن خروف3. والذي ينبغي أن يعتمد عليه هو الأول، فإن كثيرًا ما يحذف اسم الزمان، وينوب عنه المصدر كما تقدم في بابه.
"وقد يجران على تقدير "ما" زائدة"، وبه قال الجرمي والربعي والكسائي والفارسي وابن جني4، وأشار الناظم إليه بقوله:
1 التسهيل ص37.
2 شرح المرادي 2/ 123.
428-
تقدم تخريج البيت برقم 4.
429-
تقدم تخريج البيت برقم 67.
3 انظر ما ذهب إليه ابن السيرافي وابن خروف في الارتشاف 2/ 318، وشرح التسهيل 2/ 278.
4 انظر ما ذهبوا إليه في همع الهوامع 1/ 233.
329-
.................
…
........... وانحرار قد يرد
قال في المغني1: فإن قالوا بالزيادة قياسًا ففاسد؛ لأن "ما" لا تزاد قبل الجار والمجرور بل بعده نحو: {عَمَّا قَلِيْلٍ} [المؤمنون: 40] ، وإن قالوا ذلك سماعًا فهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه انتهى. وهو مخالف لما هنا.
1 مغني اللبيب ص179.
"فصل":
"والمستثنى بـ"حاشا" عند سيبويه مجرور1 لا غير" بالبناء على الضم مع لا، وفي المغني أن ذلك لحن، وأن صوابه: ليس غير، واختار ابن مالك عدم التفرقة، ونقله عن العرب، وأنشد عليه:[من الطويل]
430-
............................
…
............... لا غير...............
"وسمع غيره" أي: غير سيبويه "النصب" رواه الأخفش وغيره2 "كقوله: اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبغ3" بنصب "الشيطان"، و"أبا الأصبغ" بفتح الهمزة وإهمال الصاد وإعجام الغين وليس بمنظوم كما قد يتوهم، فإن قلت: المغفرة أمر حسن لا يتنزه أحد عنه فلم استثنى "حاشا"؟ قلت: تنبيها على أن الشيطان لشدة حساسته وإفراطه في قبح الحال وسوء الصنيع تنزه المفغرة عنه، ويعظم شأنها أن تتعلق به. وجعل "أبا الأصبغ" قرينا للشيطان تنبيها على التحاقه به في خساسة القدر وقبح الفعل مبالغة في الذم، قاله الدماميني، وقد ثبت النصب بنقل أبي زيد والفراء، والأخفش، والشيباني وابن خروف، وأجازه الجرمي والمازني والمبرد والزجاج والناظم4 حيث قال:
331-
وكخلا حاشا............
…
..................................
1 الكتاب 2/ 349.
430-
تمام البيت:
"جوابا به تنجو اعتمد فوربنا
…
لعن عمل اسلفت لا غير تسأل"
وهو بلا نسبة في الدرر 1/ 450، وشرح الأشموني 2/ 321، وشرح التسهيل 3/ 209، وهمع الهوامع 1/ 210.
2 انظر شرح التسهيل 2/ 306، 307، وشرح المفصل 2/ 85، وفيهما أن المازني وأبا عمرو الشيباني روياه بالنصب.
3 أوضح المسالك 2/ 293، وشرح ابن عقيل 1/ 621، وشرح ابن الناظم ص226.
4 انظر آراءهم في شرح المرادي 2/ 127.
"والكلام في موضعها"؛ حال كونها "جارة وناصبة؛ وفي فاعلها كالكلام في أختيها""عدا" و"خلا" وتقدم مشروحًا.
"ولا يجوز دخول "ما" عليها" كما أفاده الناظم بقوله:
331-
............ ولا تصحب ما
…
...................................
"خلافًا لبعضهم"، واستدل له ابن مالك بقوله صلى الله عليه وسلم:"أسامة أحب الناس إلي ما حاشا فاطمة" 1 بناء على أن "ما حاشا فاطمة" من الحديث2، وليس بمدرج، ورده في المغني3 بأن:"ما نافية لا مصدرية، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة" وأن "ما حاشا فاطمة" مدرج من كلام الراوي، ويؤيده في معجم الطبراني4 "ما حاشا فاطمة ولا غيرها". وأما قول الأخطل:[من الوافر]
431-
رأيت الناس ما حاشا قريشا
…
فإنا نحن أفضلهم فعالًا
فنادر.
قال الموضح في شرح اللمحة: ويحتمل أن يكون "حاشا" فيه فعلا متعديا متصرفا من حاشيته بمعنى استثنيته، واشتقاقه من الحاشية، كأن المراد أنك أخرجته منه، وعزلته عنه5. ا. هـ.
"ولا" يجوز "دخول "إلا"" على "حاشا""خلافًا للكسائي" في إجازته ذلك إذا جرت نحو: "قام القوم إلا حاشا زيد"، ومنعه إذا نصبت، وحكاه أيضًا أبو الحسن عن العرب، ومنعه البصريون مطلقًا، وحملوا ما ورد من ذلك على الشذوذ، قاله المرادي في شرح التسهيل، ووجه بعضهم قول الكسائي بأن "حاشا" ضعفت في الاستثناء فقويت بـ"إلا" كما قويت "لكن" العاطفة بـ"الواو" لوقوعها غير عاطفة، وكما قويت "هل" بـ"أم" في الاستفهام نحو: أم هل؟.
1 أخرجه أحمد في المسند 8/ 81، 82 برقم 5707، وهو من شواهد شرح ابن الناظم ص225، وشرح ابن عقيل 1/ 622.
2 شرح التسهيل 2/ 308.
3 مغني اللبيب ص164.
4 في معجم الطبراني الكبير 1/ 159، حديث رقم 372:"أسامة أحب الناس إلي".
431-
البيت للأخطل في خزانة الأدب 3/ 387، والدر 1/ 502، وشرح شواهد المغني 1/ 368، والمقاصد النحوية 3/ 136، وبلا نسبة في الجنى الداني ص565، وشرح الأشموني 1/ 239، وشرح ابن عقيل 1/ 324، وشرح المرادي 2/ 128، ومغني اللبيب 1/ 121، وهمع الهوامع 1/ 233.
5 نقله الشنقيطي في الدرر 1/ 502.