الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النسخ المعتمدة في تحقيق شرح التصريح:
تعددت النسخ الخطية لشرح التصريح وتوزعت في كثير من مكتبات العالم، وقد وجدت في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق عشر نسخ خطية لهذا الكتاب، فاخترت منها نسختين هما:
1-
النسخة "أ": تقع في مجلدين، يضم الأول 365 ورقة، والثاني 350 ورقة ورقمها 6931، كتبت هذه النسخة بخط معجم مع بعض الشكل، وكتب المتن والفواصل باللون الأحمر، وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة حوالي عشرين سطرا، في كل سطر حوالي عشر كلمات، ولهذه النسخة هامش بعرض 4سم، والنسخة مصححة من قبل محمد أمين عابدين سنة 1218هـ، واسم ناسخها محمد بن خضير بن خضر الوليلي الذي انتهى من نسخها سنة 1048هـ، وعلى خلاف النسخة قيود تملك باسم إسماعيل بن مصطفى الميداني ومحمد أمين عابدين وعبد الرزاق الحموي ومحمد العمري ومحمد راغب القتابي.
واتخذت هذه النسخة أصلا أقمت عليه النص المحقق، ورمزت لها بالحرف "أ".
2-
النسخة "ب": تضم 351 ورقة، ورقمها 9872، كتبت بخط نسخي متفاوت خالية من الضبط، وكتب اللون والفواصل باللون الأحمر، وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة حوالي خمس وعشرون سطرا، في كل سطر حوالي تسع عشرة كلمة، ولهذه النسخة هامش بعرض 3سم، واسم ناسخها أحمد بن يحيى بن محمد الأكرم الحنفي الذي انتهى من نسخها سنة 1046هـ.
3-
النسخة "ط": والمقصود بها النسخة المطبوعة، وتقع في جزأين، وهي طبعة مصورة في دار الفكر ببيروت عن طبعة مصرية قديمة، وبهامشها حاشية للشيخ ياسين على شرح التصريح، وهي نسخة لم تسلم من التصحيف والتحريف والسقط، وخالية من الضبط والشكل.
وقد عارضت النسخة الأصل "أ" مع النسختين "ب"، "ط"؛ وذكرت فروقات النسخ في الحواشي. وقد استفدت منهما أو من إحداهما في تقويم نص النسخة
"أ"، وحصرت ما أضفته منهما بين قوسين معكوفتين [] .
منهج التحقيق:
حاولت جاهدا أن أخرج هذا الكتاب إخراجا علميا، متحريا الدقة فيما أكتبه أو أعرض له من تخريج، وأوجز هذا المنهج في النقاط التالية:
1-
أثبت فروق النسخ، وإن كان بعضها ضئيلا، لاختلاف روايات الكتاب، ولما في ذلك من فائدة يعرفها أهل العلم.
2-
أثبت أرقام مطبوعة بيروت بين معكوفتين تسهيلا للباحث والمراجع.
3-
خرجت الآيات القرآنية والقراءات التي وردت في بعض الآي، والأحاديث النبوية الشريفة، والأشعار، والأمثال، والأخبار، ومقالات العلماء من كتبهم أو من مظانها. وفي تخريج الشعر أحلت على الديوان إن كان للشاعر ديوان مطبوع، ثم أحلت على كتب العربية إن كان من شواهدها، ثم أحلت على أمهات المصادر، واستقصيت التخريج.
4-
رقمت الشواهد الشعرية المشروحة والتي استشهد بها الأزهري، واستثنيت من الترقيم أبيات الشعر التي كان يسوقها الأزهري تتمة لشاهد استشهد به.
5-
رقمت أبيات الألفية، مثلما فعلت في تحقيقي لشرح ابن الناظم. ولم أتمم أبيات الألفية في الحواشي؛ لأني ذكرت الألفية كاملة في الفهارس؛ وإن كان الأزهري أسقط بعض أبياتها؛ ليستفيد منها الباحثون.
6-
ميزت قول ابن هشام الذي شرحه الأزهري بتحبيره وجعله بحرف مختلف أسود غامق، وبين قوسين "".
7-
ضبط الكلمات التي تحتاج إلى ضبط، وعنيت بشكل خاص بضبط الآيات القرآنية، وكلمات شواهد الشعر.
8-
زدت في مواضع قليلة ما رأيت أن النص لا يقوم إلا به، وجعلته بين معكوفتين [] .
والله الموفق
"والمراد بالمفيد" هنا "ما" أي: لفف "دل على معنى يحسن السكوت" من المتكلم "عليه" أي: على ذلك اللفظ، بحيث لا يصير السامع منتظرًا لشيء آخر، وعلم من تفسير المفيد بما ذكر لا يحتاج إلى قولهم المركب؛ لأن المفيد الفائدة المذكورة يستلزم التركيب، ولا إلى قولهم المقصود؛ لأن حسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدًا لما تكلم به، وبين اللفظ والإفادة عموم وخصوص من وجه فيجتمعان في مثل: زيد قائم. ويوجه اللفظ بدون الإفادة، كما في المفرد. وتوجد الإفادة بدون اللفظ، كما في الإشارة، وكل شيئين كان كل واحد منهما أعم من الآخر. من وجه يجعل أحدهما جنسًا والآخر فصلًا، فيحترز بكل عما يشارك الآخر من غيره، فيحترز باللفظ عن الدوال الأربع؛ وهي الإشارة والكتابة والعقد والنصب، إذ كل منها مفيد وليس بلفظ، ويحترز بالمفيد عن المفرد والمركب غير المفيد كالإضافي نحو: غلام، والمزجي كبعلبك، والإسنادي المسمى به كبرق نحره، والمعلوم للمخاطب كالسماء فوقنا والأرض تحتنا، إذ كل منهما لفظ وليس بمفيد، ولعل هذا هو الحاصل له على التعبير بالاجتماع، ولا يحتاج إلى ذكر الوضع؛ لأن الأصح أن دلالة الكلام عقلية لا وضعية، فإن من عرف مسمى زيد، وعرف مسمى قائم، وسمع زيد قائم بإعرابه المخصوص فهم بالضرورة معنى هذا الكلام، وهو نسبة القيام إلى زيد.
وصور تأليف الكلام ستة: اسمان فعل واسم، فعل واسمان، فعل وثلاثة أسماء، فعل وأربعة أسماء، جملة القسم وجوابه؛ أو الشرط وجوابه.
"وأقل ما يتألف الكلام" خبرًا كان أو إنشاء "من اسمين"، حقيقة كهيهات العقيق، أو حكمًا "كزيد قائم". فإن الوصف مع مرفوعه المستتر في حكم الاسم المفرد، بدليل أن الضمير المستتر فيه لا يبرز مع التثنية، والجمع بخلاف الفعل مع مرفوعه المستتر
فيه، فسقط ما قيل إن زيدًا قائم ثلاثة أسماء لا اسمان فقط، "ومن فعل واسم كقام زيد"، ونعم العبد. "ومنه" أي: من التأليف من فعل واسم "استقم، فإنه" أي: فإن
استقم مع مرفوعه المستتر فيه كلام مؤلف "من فعل الأمر المنطوق به"، وهو استقم
"ومن ضمير" المفرد "المخاطب" المستتر فيه "المقدر بأنت"، ولا يجوز التلفظ به وإنما
فصله بقوله: "ومنه" لأمور:
أحدها: التنبيه على أنه مثال لا من تتميم الحد خلافًا للشارح والمكودي.
ثانيها: أنه لا فرق في التأليف بين أن يكون الجزآن مذكورين أو أحدهما.
ثالثها: أنه لا فرق في الكلام بين الإخبار والإنشاء.
رابعها: أن شرط حصول الفائدة مع الفعل والضمير المنوي أن يكون الضمير واجب الاستتار، فقام على تقدير أن يكون فيه ضمير لا يسمى كلاما على الأصح.
خامسها: الرد على أبي حيان حيث قال: إن مقتضى تمثيله؛ يعني الناظم؛ باستقم أنه بسيط؛ لأن التركيب من عوارض الألفاظ ويستدعي تقدير وجود ولا وجود، ورد بأن المراد بالألفاظ ما يكون بالقوة أو بالفعل، والضمائر المستترة ألفاظ بالقوة، ألا ترى أنها مستحضرة عند النطق بما يلابسها من الأفعال استحضارا لا خفاء معه ولا لبس، قاله الموضح في شرح اللمحة.
"والكلم" الذي يتألف الكلام منه "اسم جنس"؛ لأنه يدل على الماهية من حيث هي هي، وليس بجمع، خلافا لما وقع في شرح الشذور؛ لأنه يجوز تذكير ضميره، والجمع يغلب عليه التأنيث، ولا اسم جمع خلافا لبعضهم؛ لأن له واحدا من لفظه، والغالب على اسم الجمع خلاف ذلك "جمعي"، لدلالته على أكثر من اثنين، وليس بإفرادي لعدم صدقه على القليل والكثير، واستفيد كونه اسم جنس للأنواع الثلاثة من قول الناظم:
8-
.....................
…
واسم وفعل ثم حرف الكلم
وكونه جميعا من قوله:
9-
واحده كلمة..........
…
...........................
وظاهر النظم أن الكلم مبتدأ، وما قبله خبر عنه، فتتوقف ماهية الكلم على الأنواع الثلاثة. ونحن نجد الكلم قد يوجد من نوعين منها؛ بل من نوع واحد فقط، فلا جرم عدل الموضح عن ذلك، وجعل الأقسام الثلاثة خبرا لمبتدأ محذوف، وجعل جملة قوله:
9-
"واحده كلمة"...............
…
..................................
خبرا ثانيا عن الكلم. وقال: "واحده" بتذكير الضمير تبعا للناظم، ولو قال "واحدها" تبعا لابن معط لجاز، فإن اسم الجنس الجمعي يجوز في الوجهان. وقد ورد القرآن بهما قال الله تعالى:{كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]، و {نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] "وهي" أي: الكلمة جنس تحته ثلاثة أنواع؛ "الاسم والفعل والحرف". ونقل عن الفراء أن "كلا" ليست واحدا من هذه الثلاثة، بل هي بين الأسماء والأفعال1.
1 من تأمل كلام الفراء ظهر له أنه لم يحكم عليها بأنها غير الثلاثة، وإنما توقف فيها؛ هل هي اسم أو فعل؟ لتعارض الأدلة. والقول بأنها أحدهما ليس حكما بأنها غيرهما. "حاشية يس 1/ 25".
وقال الفخر الرازي: "لا يصح أن تكون الكلمة جنسا لهذه الأنواع الثلاثة؛ لأنها لو كانت جنسا لها لكان امتياز كل واحد من هذه الثلاثة بفصل وجودي، مع أن الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بقيد عدمي، وهو كون مفهومه غير مستقل بالمفهومية، والاسم أيضا يمتاز عن الفعل بقيد عدمي، وهو كونه غير دال على زمانه المعين". ا. هـ.
وحاصل كلامه أن الماهيات لا تتقوم بالعدم، لكنه قال قبل هذا الكلام:"اللهم إلا إذا عنى بالجنس مجرد القدر المشترك بين هذه الثلاثة، فحينئذ يستقيم". ا. هـ.
وينقسم اسم الجنس الجمعي إلى ثلاثة أقسام: ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في مفرده كرُطَب ورَطْبة، وما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء، والتاء في الجمع ككمأة وكمء. وما يفرق بينه وبين مفرده بياء النسب، وهي في المفرد نحو: روم ورومي وزنج وزنجي.
فأطلق الموضح اسم الجنس؛ وأراد الأول لغلبته، ويدل على ذلك قوله:"ومعنى كونه اسم جنس جمعي أنه يدل على جماعة" من الكلمات أقلها ثلاثة ولم يغلب عليه التأنيث، "و" أنه "إذا زيد على لفظ تاء التأنيث فقيل" فيه "كلمة نقص معناه" عن الجمع، "وصار" مع زيادة التاء "دالا على الواحد" فقط، "ونظيره" من أسماء الأجناس الجمعية من المصنوعات وهي غير مطردة، نحو "لَبِن ولَبِنة"، وهي الطوبة النيئة، "و" من المخلوقات وهي مطردة، نحو:"نَبْق ونبْقة"، وليس نظيره نحو كمء وكمأة، مما يدل على الجمع بالتاء، وعلى الواحد بتركها، ولا نحو: زنج وزنجي، مما يدل على الواحد بياء النسب، وعلى الجمع بتركها، فتبين أن الضابط المذكور للقسم الأول فقط، فسقط ما قيل إن هذا الضابط غير جامع لخروج نحو كمء وكمأة، وغير مانع لدخول نحو تخم وتخمة، من الجموع الغالب عليها التأنيث.
"وقد تبين بما ذكرناه" من قبل "في تفسير" ماهية "الكلام من أن شرطه" أن يجتمع فيه اللفظ و"الإفادة"، وبهذا التقدير سقط ما قيل إنه جعل الإفادة أولا شطرا وهنا شرطا، "و" من "أنه" قد يتألف "من كلمتين، و" تبين "بما هو" قول "مشهور" عندهم "من أن أقل الجمع ثلاثة" من الآحاد، أي: من مجموع هذين الأمرين تبين "أن بين الكلام والكلم" من النسب الأربع "عموما" من وجه، "وخصوصا من وجه".
"فالكلم أعم من جهة المعنى لانطلاقه على المفيد"، كضربت زيدا "و" على "غيره" أي: غير المفيد، كان قام زيد "وأخص من جهة اللفظ لكونه لا ينطلق على المركب من كلمتين"، كقام زيد.
والكلام أعم من جهة اللفظ، لانطلاقه على المركب من كلمتين فأكثر، وأخص من جهة المعنى لكونه لا ينطلق على غير المفيد، "فنحو:"زيد قام أبوه" كلام لوجود الفائدة، وكلم لوجود" الأفراد "الثلاثة"؛ التي هي زيد وقام وأب بدون الهاء، "بل الأربعة" بالهاء من أبوه، و"بل" هنا انتقالية لا إبطالية، ولم يقل ابتداء، لوجود الأربعة لقوله أولا: أقل الجمع ثلاثة، "و: قام زيد: كلام" لوجود الفائدة، "لا كلم" لعدم التركيب من الثلاثة، "وإن قام زيد بالعكس" أي: كلهم لوجود الثلاثة، لا كلام لعدم الفائدة. وفي كلامه ثلاث مناقشات:
إحداها: أن ذكر هذه النسبة ههنا: قال الحلواني؛ يعد من فضول الكلام. قال تلميذه الشيخ عز الدين ابن جماعة: لا بد في اللذين بينهما في عموم وخصوص من وجه من معرفة أمور معروضين وعارضين1، وثلاث ما صدقات2، ومادة3، ومتعلق4، وهذا البحث بمعزل عن موضوع الفن. ا. هـ.
الثانية: أنه جعل جهة العموم في الكلم راجعة إلى المعنى، وجهة الخصوص فيه راجعة إلى اللفظ، وهذا مما لا يليق؛ لأن النسبة بين اللفظين إنما هي بحسب المعنى لا بحسب اللفظ، فكان ينبغي أن يقول: الكلم أعم اعتبار انطلاقه على اللفظ المفيد وغيره، وأخص باعتبار عدم انطلاقه على اللفظ المركب من كلمتين، قاله بعض المتأخرين.
الثالثة: أن ما صدق الاجتماع يفسد حد كل منهما، لدخول كل منهما في حد الآخر، والمتغايران في المفهوم ينبغي أن يتغايرا في الما صدق، ويمكن أن يدفع بأن الحيثية في التعريفات مرعية.
"والقول" على الأصح "عبارة5 عن اللفظ" المفرد والمركب "الدال على معنى" يصح السكوت عليه أو لا، ولهذا قال في النظم:
9-
...................... والقول عم
…
.....................................
1 المعروضان هما: ماهية الكلام والكلم، والعارضان: الإفادة وجمع الكلمات الثلاثة فأكثر، فالإفادة عارض الكلام، والجمع المذكور؛ عارض الكلم. "حاشية يس 1/ 27".
2 الما صدقات ثلاث صور: قد أفلح المؤمنون، قام زيدان، قام زيد. "حاشية يس 1/ 27".
3 المادة: الكلمات الثلاث: الاسم والفعل والحرف، أو الأسماء والأفعال والحروف. "حاشية يس 1/ 27".
4 الصورة هي المتعلق، والمراد بها الصورة الحاصلة من اجتماع كلمتين، أو كلمات، والنسبة الحكمية حالة في هذه الصور. "حاشية يس 1/ 27".
5 كذا في "ط"، وفي الأصل:"والقول عبارة على الأصح".
"فهو أعم من الكلام"؛ لانطلاقه على المفيد وغيره، "و" أعم "من الكلم"؛ لانطلاقه على المركب من كلمتين فأكثر، "و" من "الكلمة"؛ لانطلاقه على المفرد المركب "عموما مطلقا"؛ لصدقه على الكلام والكلم والكلمة، وانفراده في مثل:"غلام زيد"، فإنه ليس كلاما لعدم الفائدة، ولا كلما لعدم الثلاثة، ولا كلمة؛ لأنه ثنتان، "لا عموما من وجه" دون وجه، إذ لا يوجد شيء من الكلام والكلم والكلمة بدون القول، فكلما وجد واحد منهما وجد القول، ولا عكس، وفيه إيماء إلى أن "عم" في قول الناظم:"والقول عم" أفعل تفضيل، أصله "أعم" حذفت الهمزة ضرورة كما حذفت تخفيفا من خير وشر.
ولي هنا تشكيك، وهو أن يقال: دلالة اللفظ على المعنى تنقسم إلى وضعية، كما في المفردات الحقيقية، وإلى عقلية في المركبات والمفردات المجازية، وإلى طبيعية كأخ،
فإنه يدل على ألم الصدر دلالة طبيعية، فإن أراد الأول، كما هو ظاهر قوله في
شرح القطر1، والقول خاص بالموضوع، خرج عنه المركبات والمفردات المجازية. وإن أراد الثاني خرج عنه المفردات الحقيقية.
وقد يقال: إن القول أعم من الكلام والكلم والكلمة، وإن أراد مطلق الدلالة دخل نحو: أخ، واللفظ المصحف إذا فهم معناه، والمهمل كزيد، فإنه يدل على حياة الناطق به، وجميع ذلك لا يسمى كلمة، كما قاله المرادي في شرح التسهيل، فضلا عن أن يسمى قولا.
ويطلق القول لغة ويراد به الرأي والاعتقاد نحو: قال الشافعي يحل كذا، أي: رأى ذلك واعتقده.
ويطلق الكلام لغة ويراد به المفرد نحو: زيد في نحو قولهم: من أنت؟ زيد عند سيبويه، قاله ابن الناظم في نكت الحاجبية، ونقله أيضا عن أبي الحسين البصري الأصوليون.
ويطلق الكلم لغة ويراد به الكلام، نحو:{الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]"وتطلق الكلمة لغة ويراد بها الكلام"، مجازا من تسمية الشيء باسم جزئه، "نحو" قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ" هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] أي: إن مقالة من قال: {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99، 100] كلمة، ونحو قوله
1 شرح قطر الندى ص13.
صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة" قالها شاعر كلمة لبيد: [من الطويل]
4-
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
…
.................................
وقولهم: "كلمة الشهادة" يريدون: لا إله إلا الله محمد رسول الله1، "وذلك كثير" في الورود "لا قليل"، كما يفهم من قول الناظم:
9-
.................
…
وكلمة بها كلام قد يؤم
لأن "قد" تشعر بالتقليل في عرف المصنفين، كما ذكره الموضح في باب الإمالة. ولك أن تقول: إطلاق الكلمة على الكلام وإن كان كثيرا في نفسه، لكنه قليل بالنسبة إلى إطلاقها على المفردات.
4- عجز البيت: "وكل نعيم لا محالة زائل"، والبيت للبيد بن ربيعة في ديوانه 256، وجواهر الأدب ص382، وخزانة الأدب 2/ 255-257، والدرر 1/ 5، وديوان المعاني 1/ 118، وسمط اللآلي ص253، وشرح ابن الناظم ص7، وشرح الأشموني 1/ 11، وشرح شذور الذهب ص261، وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392، وشرح المفصل 2/ 78، والعقد الفريد 5/ 273، ولسان العرب 5/ 351 "رجز"، والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291، ومغني اللبيب 1/ 133، وهمع الهوامع 1/ 3، وبلا نسبة في أسرار العربية ص221، وأوضح المسالك 2/ 289، والدرر 1/ 491، 501، ورصف المباني 269، وشرح شواهد المغني 2/ 531، وشرح عمدة الحافظ ص263، وشرح قطر الندى ص248، واللمع ص154، وهمع الهوامع 1/ 226.
1 شرح ابن الناظم ص7.
الكلام وما يتألف منه
مدخل
…
الكلام وما يتألف منه:
قال الناظم: الكلام وما يتألف منه. هذه الترجمة فيها حذف، وأصلها:"هذا باب شرح" ماهية "الكلام، وشرح" ماهية "ما يتألف الكلام منه"، وهو الكلم الثلاث. والتألُّف والتأليف: وقوع الألفة والتناسب بين الجزأين. وهو أخص من التركيب، إذ التركيب ضم كلمة إلى أخرى فأكثر، فكل مؤلف مركب من غير عكس.
"والكلام في" اصطلاح اللغويين: عبارة عن القول، وما كان مكتفيا بنفسه، كما ذكره في القاموس. وفي اصطلاح المتكلمين: عبارة عن المعنى القائم بالنفس. و"اصطلاح النحويين عبارة عما" أي: مؤلف "اجتمع في أمران: اللفظ والإفادة" والظرفية هنا مجازية كقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} {الأحزاب: 21] أي: إنه صلى الله عليه وسلم في نفسه أسوة حسنة، كما قاله في الكشاف1. والمعنى: الكلام في نفسه اللفظ والإفادة، لا أن هناك ظرفا ومظروفا حقيقة، ولو قال: عبارة عن اللفظ والإفادة، كما قال الناظم:
8-
.......... لفظ مفيد.......
…
...............................
كان أجود، واللفظ في الأصل: مصدر لَفَظت الرَّحَى الدقيق، إذا رمته إلى خارج.
"والمراد باللفظ" هنا الملفوظ به، وهو "الصوت" من الفم "المشتمل على بعض الحروف" الهجائية، "تحقيقا" كزيد، "أو تقديرا" كألفاظ الضمائر المستترة. وسمي الصوت لفظا لكونه يحدث سبب رمي الهواء من داخل الرئة إلى خارجها، إطلاقا لاسم السبب على المسبب، قاله الفخر الرازي. والإفادة: مصدر أفاد بمعنى دل دلالة مطلقة. والمفيد الدال على معنى مطلقا.
1 الكشاف 2/ 196.
"فصل":
"يتميز الاسم عن" قسيميه "الفعل والحرف بخمس علامات"، وهي المشار إليها في النظم بقوله:
10-
بالجر والتنوين والندا وأل
…
ومسند للاسم................
"إحداها الجر": وهو في الأصل مصدر جر "وليس المراد به" في النظم "حرف الجر"، أي: دخول حرف الجر كما قدره صاحب المكمل1 في عبارة المفصل حيث قال: وأراد بالجر دخول حرف الجر. ا. هـ. وكما قال الموضح في النداء، وليس المراد به دخول حرف النداء، كما سيأتي فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، بدليل قوله "لأنه"، أي: حرف جر، "قد يدخل في اللفظ على ما ليس باسم" على التقديم والتأخير، والأصل قد يدخل على ما ليس باسم في اللفظ؛ لأن الغرض نفي الاسمية في اللفظ؛ وإن كانت ثابتة في التقدير، لا الدخول في اللفظ فليتأمل "نحو: عجبت من أن قمت" فدخل حرف الجر وهو "من" على "أن قمت" وهو ليس باسم في اللفظ، وإن كان اسما بالتأويل، أي: من قيامك، "بل المراد به" أي: بالجر "الكسرة التي يحدثها عامل الجر"، أو نائبها. ونسبة الأحداث إلى العامل استعارة؛ لأنه مجاز مبني على التشبيه، كنسبة الإرادة إلى الجدار في قوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف: 77] "سواء كان" ذلك "العامل" للجر "حرفا"، نحو: مررت بزيد، "أم إضافة" نحو: غلام زيد، "أم تبعية" نحو: مررت بزيد الفاضل، "و" هذه العوامل الثلاثة "قد اجتمعت في البسملة"، فـ"اسم": مجرور بالحرف، و"الله": مجرور بالإضافة، و"الرحمن الرحيم": مجروران بالتبعية للموصوف. هذا هو الجاري على الألسنة، والتحقيق خلافه. قال الموضح في باب الإضافة من هذا الكتاب2: "ويجر المضاف إليه بالمضاف وفاقا لسيبويه". وقال في شرح الشذور3: "وإنما لم أذكر الجر بالتبعية كما فعل جماعة؛ لأن التبعية ليست عندنا العامل4
1 كتاب المكمل هو لمظهر الدين الشريف الرضي محمد، أكمله سنة 659هـ/ 1261م. انظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 226.
2 أوضح المسالك 3/ 84، وسيشرح الأزهري هذا القول فيما سيأتي 2/ 24 من المطبوع.
3 شرح شذور الذهب ص317.
4 في شرح شذور الذهب ص317: "ليست عندنا هي العاملة".
وإنما العامل عامل المبتوع، وذلك في غير البدل". وقال في شرح اللمحة في باب المجرورات:"كان ينبغي للمؤلف؛ يعني أبا حيان؛ أن لا يذكر الجر بالتبعية، كما لم يذكر في باب المرفوعات والمنصوبات الرفع والنصب بها، يعني بالتبعية كـ"جاء زيد الفاضل" و"رأيت زيدا الفاضل". ا. هـ. ولم يذكر الجر بالمجاورة وبالتوهم؛ لأنهما يرجعان عند التحقيق إلى الجر بالمضاف؛ والجر بالحرف، كما قاله في شرح اللمحة. لكن قال في شرح الشذور1: "وقسمتها؛ يعني المجرورات؛ إلى ثلاثة أقسام: مجرور بالحرف؛ ومجرور بالإضافة؛ ومجرور بالمجاورة2"، فجعله قسما برأسه [حينئذ] 3 مجازا.
العلامة "الثانية: التنوين، وهو" في الأصل مصدر نونت الكلمة، أي: أدخلت نونا، وفي الاصطلاح "نون ساكنة" أصالة "تلحق الآخر"، أي: تتبعه "لفظا لا خطا لغير توكيد، فخرج بقيد السكون" وبقيد عدم الخط أيضا "النون" الأولى "في ضيفن للطفيلي" وهو الذي يجيء مع الضيف متطفلا. قاله في القاموس4. "و" النون الأولى في "رعشن للمرتعش"، لتحركهما وصلا وثبوتهما خطا وهاتان النونان المتحركتان زائدتان فيهما للإلحاق بجعفر، وما بعدهما تنوين، وقيدت السكون بالأصالة لئلا يخرج بعض أفراد التنوين إذا حرك لالتقاء الساكنين، نحو: محظورا انظر. "و" خرج "بقيد" لحوق "الآخر"، وبقيد عدم الخط أيضا "النون في: انكسر ومنكسر"؛ لأنها لا تلحق الآخر، وتثبت في الخط، لا يقال: يخرج بقيد الآخر قول بعضهم: "شربت ما" بالقصر والتنوين، فإن الميم أول الاسم لا آخره، وقد لحقها التنوين؛ لأنا نقول: إن التنوين لحق الألف وهي آخر، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، قاله الموضح في الحواشي. والمراد بالآخر ما كان آخرا في اللفظ، حقيقة كزيد أو حكما كيد، "و" خرج "بقولي لفظا لا خطا النون اللاحقة لآخر القوافي، وستأتي" قريبا، والنون الخفيفة اللاحقة لآخر الأفعال توكيدا لها المصورة نونا، والنون اللاحقة لآخر الكلمة من كلمة أخرى، نحو "أحمد انطلق" لثبوتها في الخط، فلا حاجة إلى زيادة الحديثي في حد التنوين، ولا يكون جزء غيرها، ولا إلى اعتذار الدماميني عنه بأن المراد باللحوق التبعية.
1 شرح شذور الذهب ص317.
2 في المصدر السابق: "ومجرور بمجاورة مجرور".
3 "حينئذ"؛ سقطت من الأصل، وأثبتها من "ط".
4 القاموس المحيط "ضيف".
"و" خرج "بقولي لغير توكيد نون نحو: {لَنَسْفَعًا} [العلق: 15] خاصة على تقدير رسمها في الخط ألفا، لوقوعها بعد الفتحة، بخلاف الواقعة بعد الضمة والكسرة، فإنها تصور نونا، فتثبت في الخط. فتخرج بقوله: "لا خطا". ومن ثم قيل إن الموضح ضرب بالقلم على قوله "لتضربن يا قوم ولتضربن يا هند" بضم الباء الأول وكسرها في الثاني من نسخة تلميذه الزيلعي عند القراءة عليه. ولهذا لم يجد في بعض النسخ المعتمدة ولا عرج عليهما في المغني وغيره.
"وأنواع التنوين" الخاصة بالاسم "أربعة:
أحدها: تنوين التمكين" والأَوْلى التمكن مصدر تمكن لقوله بعد لتمكنه والوصف متمكن لا ممكن، ويسمى تنوين الأمكنية وتنوين الصرف، وهو اللاحق لفظا لغالب الأسماء المعربة المنصرفة معرفة "كزيد، و" نكرة؛ نحو:"رجل" ورجال، والذي يدل على أن تنوين نحو:"رَجُل" للتمكين لا للتنكير بقاء مع العلمية بعد النقل، قاله ابن الحاجب وغيره، ورُدّ1. "وفائدته الدلالة" بتثليث الدال "على خفة الاسم" بكونه معربا منصرفا، "و" على "تمكنه في باب الاسمية؛ لكونه لم يشبه الحرف" شبها قويا "، فيبنى، ولا" يشبه "الفعل" في فرعيتين؛ "فيمنع من الصرف"، وهو التنوين.
النوع "الثاني: تنوين التنكير، وهو اللاحق لبعض" الأسماء "المبنيات للدلالة على التنكير"، قياسا في باب العلم المختوم بـ"وَيْه" وسماعا في باب اسم الفعل المختوم بالهاء أو غيرها، وفي اسم الصوت، "تقول: سيبويه"، بلا تنوين، "إذا أردت شخصا
معينا اسمه ذلك" أي: اسمه سيبويه. "و" تقول "إيه"، بكسر الهمزة وسكون الياء
المثناة تحت وكسر الهاء، بلا تنوين، "إذا استزدت مخاطبك"، أي: طلبت منه زيادة
"من حديث معين، فإذا أردت شخصا ما" أي: شخص كان "اسمه سيبويه، أو"
أردت "استزادة من حديث ما" أي: حديث كان، "نونتهما" فقلت:"سيبويه" و"إيه" بالتنوين فيهما، فـ"سيبويه" بلا تنوين معرفة بالعلمية، و"إيه" بلا تنوين معرفة من قبيل المعرف بـ"أل" العهدية، أي: الحديث المعهود، كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل، فلا؛ لأن جميع الأفعال نكرات، وتقول:"صاح الغراب غاق غاق"، فإذا لم تنونها كانت معرفة؛ ودلت على معنى مخصوص، وإذا نونتها كانت نكرة مبهمة، ودلت على معنى مبهم قاله الثمانيني.
1 وجه الرد أن التنوين مع العلمية هو ما كان قبلها. "حاشية يس 1/ 32".
النوع "الثالث: تنوين المقابلة، وهو اللاحق لنحو: مسلمات" مما جمع بألف وتاء مزيدتين، سمي بذلك؛ لأن العرب جعلوه في مقابلة النون، "في نحو: مسلمين"، مما جمع بالواو والنون أو الياء والنون. قال الرضي1: "معناه أنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد، في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط، وهو كونه علامة لتمام الاسم، [كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك] 2". ا. هـ. والذي يدل على أنه لتمام الاسم ليس غير أنه ليس بتمكين خلافا للربعي3، لثبوته فيما فيه فرعيتان كـ"عرفات"، ولا تنكير لثبوته مع المعربات، ولا عوض عن شيء، والقول بأنه عوض عن الفتحة نصبا مردود بأن الكسرة عوضت منها. وقال الشارح اللباب في توجيه المقابلة: أن جمع المذكر السالم زيد فيه حرفان، وفي المؤنث لم يزد فيه إلا حرف واحد؛ لأن التاء موجودة في مفرده، فزيد التنوين فيه ليوازي النون في جمع المذكر، كما أن الحركة في "مسلمات" موازية لحرف العلة في "مسلمين". ا. هـ. وفيه نظر؛ لأن التاء التي في المفرد ليست هي التاء التي في الجمع، بل غيرها، ولو سلم؛ فهذا الجمع لا يختص بما في مفرده التاء لفظا، بل يكون فيه وفيما فيه التاء تقديرا كـ"هندات"، بل قد يكون لمذكر كـ"اصطبلات"، والحكم واحد في الجميع. وقال آخر: إن الألف والتاء في مقابلة الواو لدلالتهما على الجمع، وإن التنوين في مقابلة النون. ولا يخفى ضعفه.
النوع "الرابع: تنوين التعويض": وهو تفعيل من العوض، والتعويض فعل الفاعل، وليس هو عوضا عن شيء، فأولى التعبير بالعوض كما عبر به في المغني4، ولكنه قصد هنا المناسبة لقوله:"التمكين والتنكير مع المقصود حاصل والخطب سهل". "وهو اللاحق لنحو: غواش وجوار"، من الجموع المعتلة الآتية على وزن فواعل، حال كونه "عوضا"، أو لأجل العوض "عن الياء" المحذوفة اعتباطا رفعا وجرا؛ وفاقا لسيبويه والجمهور4، لا عن ضمة الياء وفتحها النائبة عن الكسرة. خلافا للمبرد، ولا هو تنوين صرف لصيرورته بعد الحذف، وكلام عند قطع النظر عن المحذوف خلافا للأخفش. وينتظم في سلك تنوين العوض عن الياء التنوين اللاحق لمثل: أُعَيْم ويُعَيْل، مصغَّرَيْ:
1 شرح الرضي 1/ 46.
2 ما بين المعقوفتين لم يرد في شرح الرضي، وورد مكانه:"وليس في النون شيء من معاني الأقسام الخمسة المذكورة".
3 قال الربعي: إن التنوين في نحو "مسلمات" للصرف. "شرح الرضي 1/ 46".
4 الكتاب 3/ 310.
أعمى ويَعْلى، فإنهما ممنوعان من الصرف للوصف، ولكونهما يشبهان الفعل في زينة، نحو: أَبْيَطِرّ ويَبْيَطِرّ وتنوينهما عوض عن الياء المحذوفة، وسيأتي بيانهما في باب ما لا ينصرف "و" اللاحق "لـ: إذ، في نحو:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 4] عوضًا عن الجملة التي تضاف "إذ" إليها"، والأصل والله أعلم: ويوم إذ غلبت الروم يفرح المؤمنون. فحذفت جملة: "غلبت الروم"، وجيء بالتنوين عوضًا عن الجملة المحذوفة إيجازًا وتحسينًا، فالتقى ساكنان؛ ذال "إذ" والتنوين، فكسرت الذال على أصل التقاء الساكنين، وليست هذه الكسرة كسرة إعراب بإضافة "يوم" إليها خلافًا للأخفش؛ لأن "إذ" ملازمة للبناء لشبهها بالحرف في الافتقار إلى جملة؛ وفي الموضع على حرفين، وليست الإضافة في "يومئذ" ونحوها من إضافة أحد المترادفين للآخر، خلافًا لابن مالك، بل من إضافة الأعم إلى الأخص، كـ"شجر أراك" وفاقًا للدماميني، ولم يذكر العوض عن مفرد؛ وهو اللاحق لـ"كل وبعض" إذا قطعا عن الإضافة مع أنه ذكره في المغني؛ لأن التحقيق أن تنوينهما تنوين تمكين يذهب مع الإضافة، ويثبت مع عدمها، ولا العوض عن ألف، كـ"جندل" أصله: جنادل، بغير تنوين، حذفت منه الألف، وعُوّض عنه التنوين. كذا قال ابن مالك واختار في المغني أنه للصرف.
"وهذه الأنواع الأربعة" فقط "مختصة بالاسم"، فلا تدخل على غيره لدلالتها على معانٍ لا توجد في غيره. ولو قال: يختص الاسم بهذه الأربعة لنا في ذلك كون الاسم يلحقه تنوين الحكاية، وتنوين الضرورة، وتنوين الشذوذ.
"وزاد جماعة" من النحويين منهم الموضح في المغني على هذه الأربعة "تنوين الترنم"1، أي: المحصل للترنم، كما صرح به ابن يعيش2 مدعيًا أن الترنم يحصل بالنون نفسها؛ لأنها حرف أَغَنّ. وكذا قال شارح اللباب، إنما جيء به لوجود الترنم، وذلك لأن حرف العلة مدة في الحلق، فإذا أبدل منها التنوين حصل الترنم؛ لأن التنوين غُنّة في الخيشوم. ا. هـ. وقال جماعة: هو بدل من الترنم. ثم اختلفوا في التعبير عنه، فقيل: الصواب أن يقال تنوين ترك الترنم، واختاره عبد اللطيف من شيوخ الموضح في اللمع الكاملية. وقيل: يجوز أن يقال: "تنوين الترنم" على حذف مضاف. وهو اختيار ابن مالك
1 منهم ابن الناظم الذي قال في شرح الألفية ص8: "تنوين الترنم: وهو المبدل من حرف الإطلاق". وانظر الكتاب 4/ 207.
2 شرح المفصل 1/ 64، 9/ 33.
في شرح الكافية، "وهو اللاحق للقوافي". جمع قافية، وهي من آخر متحرك في اليبت إلى أول ساكن يليه مع المتحرك الذي قبل الساكن، هذا مذهب الخليل1؛ وعند غيره2: آخر كلمة في البيت "المطلقة، أي: التي آخرها حرف مد"، وهو الألف والواو والياء المولدات من إشباع الحركة. وتسمى أحرف الإطلاق، وقد تلحق الأعاريض المصرعة، وهي التي غيرت لتوازي ضروبها عند حذف حرف الإطلاق، "كقوله"؛ وهو جرير:[من الوافر]
5-
"أقلي اللوم عاذل والعتابن
…
وقولي إن أصبت لقد أصابن"
فلحق العروض والقافية وهما "العتابن وأصابن""الأصل: "العتابا وأصابا"، فجيء بالتنوين بدلا من الألف"، والأول اسم، والثاني فعل، و"أقلي": أمر من الإقلال، و"اللوم" بفتح اللام، العذل، و"عاذل": بفتح اللام، ترخيم عاذلة، و"لقد أصابن": مقول: "قولي"، وجواب الشرط محذوف، تقديره: إن أصبت أنا أو إن كنت نطقت بالصواب فلا تعذلي، وقولي لقد أصاب.
وقد يدخل الحرف كقوله النابغة: [من الكامل]
6-
أفد الترحل غير أن ركابنا
…
لما تزل برحالنا وكأن قد
1 الكافي في العروض والقوافي ص149.
2 هو الأخفش، كما في المصدر السابق ص149.
5-
البيت لجرير في ديوانه ص813، وخزانة الأدب 1/ 69، 338، 3/ 151، والخصائص 2/ 96، والدرر 2/ 253، 2/ 515، 2/ 569، وشرح أبيات سيبويه 2/ 349، وسر صناعة الإعراب ص471، 479، 780، 481، 493، 501، 503، 513، 677، 726، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح شواهد المغني 2/ 762، وشرح المفصل 9/ 29، والكتاب 4/ 205، 208، والمقاصد النحوية 1/ 91، وهمع الهوامع 2/ 80، 212، وبلا نسبة في الإنصاف ص655، وجواهر الأدب ص139، 141 وأوضح المسالك 1/ 16، وخزانة الأدب 7/ 432، 11/ 374، ورصف المباني ص29، 353، وشرح ابن عقيل 1/ 18، وشرح عمدة الحافظ ص98، وشرح المفصل 4/ 15، 145، 7/ 9، 9/ 33، ولسان العرب 14/ 244 "خنا"، والمنصف 1/ 224، 2/ 70، ونوادر أبي زيد ص127.
6-
البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص89، والأزهية ص211، الأغاني 11/ 8، والجنى الداني ص146، 260، وخزانة الأدب 7/ 197، 198، 10/ 407، والدرر اللوامع 1/ 305، 2/ 179، 254، وشرح شواهد المغني ص490، 764، وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52، ولسان العرب 3/ 346 "قدد"، ومغني اللبيب ص171، والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356، وأمالي ابن الحاجب 1/ 455، وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260، ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الإعراب ص334، 490، 777، وشرح ابن عقيل 1/ 19، وشرح قطر الندى ص160، وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب 1/ 342، والمقتضب 1/ 42، وهمع الهوامع 1/ 143، 2/ 80.
الأصل "قَدِي" فجيء بالتنوين بدلا من الياء "لترك الترنم"، على ما صرح به سيبويه1 وغيره من المحققين من أن الترنم؛ وهو التغني؛ إنما يحصل بأحرف الإطلاق لقبولها لمد الصوت بها، فإذا أنشدوا ولم يترنموا جاءوا بالنون في مكانها، في لغة تميم، أكثرهم أو جميعهم، وكثير من قيس، وأما الحجازيون فلا؛ لأنهم يَدَعون القوافي على حالها في الترنم، فعبر أولا بتنوين الترنم موافقة لابن مالك في شرح العمدة؛ نظرا إلى توجيه ابن يعيش2 ومن وافقه، وثانيا بترك الترنم موافقة للتسهيل؛ نظرا إلى ما صرح به سيبويه3 وأصحابه. وقد يبدل التنوين من حرف الإطلاق في غير القوافي، كقراءة بعضهم:"وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرٍ"[الفجر: 4] بالتنوين4 كما ذكره في المغني5 في حرف الكاف.
"وزاد بعضهم" وهو الأخفش والعروضيون، كما قاله في المغني، "التنوين الغالي، وهو اللاحق للقوافي المقيدة6"، أي: التي يكون حرف رويها ساكنا ليس حرف مد، والأعاريض المصرعة "زيادة على الوزن"، فهو في آخر البيت كالخزم7؛ بمعجمتين، في أوله، "ومن ثم سمي غاليا"، وسمى الأخفش الحركة التي قبل لحاقه غلوا8، وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غاليا لقلته، ونفاه السيرافي والزجاج وزعما أن الشاعر زاد "أن" في آخر البيت إيذانا بتمامه، فضعف صوته بالهمزة. واختاره ابن مالك. قال الموضح: وفي هذا توهيم الأخفش والعروضيين وغيرهم بمجرد الظن، والمشهور تحريك ما قبله بالكسرة كما في "صه ويومئذ". واختار ابن الحاجب الفتح حملا على حركة ما قبل نون التوكيد، كـ"اضْرِبا"، وقال هو أشبه قياسا على ما له أصل في المعنى، ثم قال الموضح: وسمعت بعض العصريين يسكن ما قبله، ويقول: الساكنان يجتمعان في الوقف، وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. وقد مضى أن الحركة قبله تسمى غلوا، واختلف مثبتوه تنوينا في فائدته، فقال
1 الكتاب 4/ 206، 207.
2 شرح المفصل 9/ 33.
3 الكتاب 4/ 206.
4 هي قراءة أبي الدينار الأعرابي، انظر البحر المحيط 8/ 467، والكشاف 4/ 249.
5 مغني اللبيب 1/ 162.
6 نسب التنوين الغالي إلى الأخفش في شرح ابن الناظم ص11، والكافي في العروض ص159، وشرح المفصل 9/ 34.
7 الخزم: زيادة في أول البيت لا يعتد بها في التقطيع. انظر الكافي في العروض ص143.
8 في الكافي ص160: "الغلو: حركة ما قبل الغالي، كحركة القاف في: المخترقن"، أي: في قول رؤبة:
"وقاتم الأعماق خاوي المخترقن"
ابن يعيش1: فائدته الترنم أيضا. ورد على من جعله قسيم تنوين الترنم.
وقال الجرجاني: لحق أمارة على الوقف، إذ لا يعلم في الشعر المسكن الآخر: أواصل أنت أم واقف؟ قال: وهو نظير فصلهم بينهما بالحذف في نحو: قام زيد.
ووقع في شرح اللب2 أن هذا التنوين إنما يلحق الكَلِم إذا أريد به ترك الوقف، ووصل آخر البيت الأول بأول البيت الثاني. ا. هـ. والتحرير هو الأول.
7-
وهذا التنوين يدخل الاسم كقول رؤبة: [من الرجز]
وقاتم الأعماق خاوي المخترقن
8-
والفعل كقول العجاج: [من الرجز]
من طلل كالأتحمي أنهجن
1 شرح المفصل 9/ 33.
2 يقصد أنه رد قول الزمخشري في المفصل ص328، 329، وانظر شرح ابن يعيش 9/ 34.
7-
الرجز لرؤبة في ديوانه ص104، والأشباه والنظائر 2/ 35، والأغاني 10/ 158، وجمهرة اللغة ص408، 614، 941، وخزانة الأدب 10/ 25، والخصائص 2/ 228، وشرح ابن الناظم ص9، وشرح أبيات سيبويه 2/ 353، وشرح شواهد الإيضاح ص223، وشرح شواهد المغني 2/ 764، 782، ولسان العرب 10/ 80 "خفق"، 10/ 271 "عمق"، 15/ 133 "غلا"، ومغني اللبيب 1/ 342، والمقاصد النحوية 1/ 38، والمنصف ص312، 308، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 260، 320، ورصف المباني ص355، وسر صناعة الإعراب 2/ 493، 502، 639، وشرح الأشموني 1/ 12، وشرح ابن عقيل 1/ 20، وشرح المفصل 2/ 118، والعقد الفريد 5/ 506، والكتاب 4/ 210، ولسان العرب 1/ 487 "هرجس"، 3/ 373 "قيد"، 12/ 461 "قتم"، 13/ 559 "وجه"، والتاج "غلا".
القاتم: الذي تعلوه القتمة؛ وهي لون فيه غبرة وحمرة. أعماق: جمع عمق، وهو ما بعد من أطراف الصحراء. الخاوي: الخالي. المخترق: مهب الرياح.
8-
الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 13، وتخليص الشواهد ص47، والخصائص 1/ 171، وسر صناعة الإعراب 2/ 154، وشرح أبيات سيبويه 2/ 351، وشرح شواهد المغني 2/ 793، وشرح المفصل 1/ 64، والكتاب 4/ 207، والمقاصد النحوية 1/ 26، وتاج العروس "بلل"، ولرؤبة في معاهد التنصيص 1/ 14، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في رصف المباني ص354، ولسان العرب 8/ 27 "بيع"، وكتاب العين 3/ 393.
الأتحمي: موضع باليمن تعمل فيه البرود، والأتحمي ينسب إليه، وهي برود من اليمن عصب غير وشي. أنهج: أخلق وبلى.
والحرف "كقوله" وهو رؤبة على ما قيل: [من الرجز]
9-
"قالت بنات العم يا سلمى وانن
…
كان فقيرا معدما قالت وانن"
فلحق العروض والقافية زيادة على حد الوزن، والمعنى: قالت بنات العم: يا سلمى؛ أترضين به وإن كان هذا البعل فقيرا معدما؟ قالت: رضيت به وإن كان فقيرا معدما.
واختلف في هذين التنوينين المسميين بالترنم والغالي على أقوال:
أحدها: أنهما تنوينان لهما خصوصيات، منها مجامعة "أل" والاتصال بغير الاسم.
والثاني: أن الترنم نون مبدلة من حرف العلة، كما يبدل منه في نحو: رأيت زيدا. قاله ابن معزوز، وزعم أنه ظاهر قول سيبويه. وأن الغالي نون "إن" حذفت منه الهمزة.
والثالث: "و" هو "الحق" كما قاله ابن مالك في التحفة، وتبعه ابنه في نكت الحاجبية:"أنهما" ليسا بتنوين، بل هما "نونان زيدتا في الوقف". وتقدم حكاية ما في شرح اللب "كما زيدت نون ضيفن"، للطفيلي، "في الوصل والوقف"، وجه التشبيه الزيادة في الوقف خاصة، "وليسا من أنواع التنوين" حقيقة "في شيء، لثبوتهما مع: أل"، كـ"العتابن والمخترقن"، "وفي الفعل"، كـ"أصابن وأنهجن""وفي الحرف" كـ"قدن وإنن"، أول الأمثلة للترنم، وثانيهما للغالي، "وفي الخط والوقف، ولحذفهما في الوصل"، وليس شيء من أقسام التنوين كذلك، "وعلى هذا" التقرير "فلا يردان على من أطلق" من النحويين كالناظم "أن الاسم يعرف بالتنوين إلا من جهة أنه يسميهما تنوينين، أما باعتبار ما في نفس الأمر فلا" يردان عليه. وزاد بعضهم سابعا وثامنا، وهما تنوين الضرورة فيما لا ينصرف، كقوله:[من الطويل]
10-
ويود دخلت الخدر خدر عنيزة
…
...................................
9- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186، وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216، والدرر 2/ 192، وشرح شواهد المغني 2/ 936، والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18، والدرر 2/ 256، ورصف المباني ص106، وشرح ابن الناظم ص502، وشرح الأشموني 3/ 592، وشرح عمدة الحافظ ص370، ومغنى اللبيب 2/ 649، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 62، 80.
10-
عجز البيت: "فقالت لك الويلات إنك مرجلي"، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11، وخزانة الأدب 9/ 345، وشرح شواهد المغني 2/ 766، ولسان العرب 5/ 384 "عنز"، والمقاصد النحوية 4/ 374، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136، وشرح الأشموني 2/ 541، ومغني اللبيب 2/ 343، وكتاب العين 6/ 104.
وفي المنادى المضموم كقوله: [من الوافر]
11-
سلام الله يا مطر عليها
…
..........................
وتاسعا: وهو التنوين الشاذ، كقول بعضهم:"هؤلاء قومك"، حكاه أبو زيد.
وعاشرا: وهو تنوين الحكاية، مثل أن تسمي رجلا بعاقلة لبيبة، فإنك تحكي اللفظ المسمى به، قاله ابن الخباز، وقد جمعها بعضهم في قوله:[من البسيط]
مكن وقابل وعوض والمنكر زد
…
ورنم اضطر غال واحك ما همزا
العلامة "الثالثة" من علامات الاسم "النداء"، بالمد مع كسر النون وضمها، "وليس المراد به"، أي: بالنداء، "دخول حرف النداء"، كما يوهمه قول ابن مالك في شرح العمدة؛ لأن النداء قد يباشر الفعل والحرف حين يحذف المنادى. ا. هـ.
"لأن يا"، خاصة، "قد تدخل في اللفظ على ما ليس باسم"، حرفا كان أو فعلا، فالأول "نحو:{يَا لَيْتَ قَوْمِي} [يس: 26]، والثاني نحو:""أَلَّا يَا اسْجُدُوا"1 لِلَّهِ"[النمل: 25]"في قراءة الكسائي" رحمه الله، فإنه يقف على "يا" ويبتدئ "اسجدوا"، واختلف في توجيه ذلك فقيل:"يا" فيهما حرف تنبيه لا للنداء، وقيل: للنداء والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليت قومي، ويا هؤلاء اسجدوا، وهو مقيس في الأمر كالآية.
والدعاء كقوله: [من الطويل]
12-
ألا يا اسلمي.....................
…
.......................................
11- عجز البيت:
"وليس عليك يا مطر السلام"
، وهو للأحوص في ديوانه 189، والكتاب 2/ 202، والأغاني 15/ 234، وخزانة الأدب 2/ 150، 152، 6/ 507، والدرر 1/ 376، وشرح أبيات سيبويه 2/ 25، 605، وشرح شواهد المغني 2/ 766، وبلا نسبة في الأزهية 164، والأشباه والنظائر 3/ 213، والإنصاف 1/ 311، وأوضح المسالك 4/ 28، والجنى الداني ص149، والدرر 2/ 257، ورصف المباني ص177، 355، وشرح ابن الناظم ص405، وشرح الأشموني 2/ 448، وشرح شذور الذهب ص113، وشرح ابن عقيل 2/ 262، ومجالس ثعلب ص92، 542، والمحتسب 2/ 93.
1 والرسم المصحفي: {أَلَّا يَسْجُدُوا} ، والقراءة المستشهد بها قرأها: الكسائي ورويس وأبو جعفر والحسن والمطوعي وابن عباس. انظر الإتحاف ص336، ومعاني القرآن للفراء 2/ 290، والنشر 2/ 337، وشرح شذور الذهب ص18.
12-
تمام البيت:
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى
…
ولا زال منهلا بجرعائك القطر
وهو لذي الرمة في ديوانه ص559، والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد 231، 232، والخصائص 2/ 278، والدرر 1/ 206، 2/ 6، 212، وشرح شواهد المغني 2/ 617، والصاحبي في فقه اللغة ص232، واللامات ص37، ولسان العرب 15/ 494 "يا"، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص290، وشرح ابن الناظم ص93، وشرح الأشموني 1/ 178، وشرح ابن عقيل 1/ 266 وشرح عمدة الحافظ ص199، وشرح قطر الندى ص128، ولسان العرب 15/ 434 "ألد"، ومغني اللبيب 1/ 243، 111، 2/ 4، 70.
"بل المراد" بالنداء "كون الكلمة مناداة"، أي: مطلوبا إقبالها بحرف مخصوص، "نحو: يا أيها الرجل"، ويا أيتها المرأة، "ويا فُلُ" بضم الفاء واللام، ويا فُلَة، بمعنى يا رجل، ويا امرأة. وقول ابن مالك: "بمعنى يا زيد ويا هند"، قال الموضح وهم، "ويا مكرمان"، بفتح الراء، الكريم الواسع الخلق، حكاه سيبويه والأخفش وصاحبا الصحاص والقاموس، ويا ملأمان، للئيم الدنيء الأصل، الشحيح النفس، وإنما خص هذه الأسماء بالذكر لملازمتها للنداء، فلم تقبل من علامات الاسم المذكورة إلا كونها مناداة.
العلامة "الرابعة: أل"، بجميع أقسامها "غير الموصولة" والاستفهامية، "كالفرس" من غير العقلاء، "والغلام" من العقلاء.
"فأما""أل""الموصولة فقد تدخل على" الفعل "المضارع" اختيارا عند الناظم وبعض الكوفيين، واضطرارا عند الجمهور، حتى قال الشيخ عبد القاهر: إنه من أقبح الضرورات كما نقله الموضح عنه في شرح الشذور1، "كقوله" وهو الفرزدق يخاطب رجلا من بني عذرة هجاه بحضرة عبد الملك بن مروان:[من البسيط]
13-
"ما أنت بالحكم الترضي حكومته"
…
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
فأدخل "أل" على "ترضى" وهو فعل مضارع. و"الحكم" بفتحتين: المحكم يحكمه الخصمان في الأمر. و"الترضى" بإدغام اللام في التاء والبناء للمفعول؛
1 في شرح شذور الذهب ص17: "قال الجرجاني ما معناه: إن استعمال مثل ذلك في النثر خطأ بإجماع، أي: إنه لا يقاس عليه".
13-
البيت للفرزدق في الإنصاف 2/ 521، وجواهر الأدب ص319، وخزانة الأدب 1/ 32 والدرر 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص17، ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 565 "لوم"، والمقاصد النحوية 1/ 111، وتاج العروس "لوم"، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20، وتخليص الشواهد ص154، والجنى الداني ص202 ورصف المباني ص75، 148، وشرح ابن الناظم ص63، وشرح الأشموني 1/ 71، وشرح ابن عقيل 1/ 157، وشرح عمدة الحافظ ص99، والمقرب 1/ 60، وهمع الهوامع 1/ 85، وتهذيب اللغة 3/ 119، 15/ 462.
و"حكومته": مرفوع به على النيابة عن الفاعل. والذي سوغ دخول "أل" على "ترضى"؛ وهو فعل مضارع؛ كونه يشبه الوصف، نحو: مرضي.
حجة الناظم ومن وافقه أن الشاعر متمكن من أن يقول المرضي1. قيل: وقد سبقه إلى هذا التوجيه سيبويه، ثم ابن السراج.
وأما "أل" الاستفهامية فقد تدخل على الفعل الماضي نحو: "أل فعلت" بمعنى: هل فعلت، حكاه قطرب.
العلامة "الخامسة: الإسناد إليه"، أي: إلى الاسم من قوله: "يتميز الاسم"، "و" معنى الإسناد إلى الاسم "هو أن تنسب إليه ما"، أي: حكما "يحصل به الفائدة" التامة، "وذلك" الإسناد "كما في" نسبة القيام إلى تاء "قمت، و" كما في نسبة الإيمان إلى ""أنا" في قولك: أنا مؤمن"، واستفيد من هذين المثلين أنه لا فرق بين تأخر المسند إليه وتقدمه، ولا بين أن يكون المسند إليه فاعلا أو مبتدأ، ولا بين أن يكون المسند فعلا أو وصفا، ثم لا فرق بين الإسناد المعنوي، كما مر؛ واللفظي، في نحو: زيد: ثلاثي، وضرب: فعل ماض، ومن: حرف جر، إذ لا يسند إلا الفعل والحرف إلا محكوما باسميتهما قال في الكافية:[من الرجز]
وإن نسبت لأداة حكما
…
فاحك أو اعرب واجعلنها اسما
فعلى الحكاية تبقيها على ما كانت عليه من حركة أو سكون، وعلى الإعراب ترفعها على الابتداء.
1 انظر هذا الرأي في الدرر اللوامع 1/ 157.
"فصل":
"ينجلي الفعل" ويتضح عن قسيميه الاسم والحرف "بأربع علامات"، ذكرها في النظم بقوله:
11-
بتا فعلت وأتت ويا افعلي
…
ونون أقبلن...................
"إحداها تاء" ضمير "الفاعل" في المعنى، فالدور مدفوع والإيراد ممنوع. أما الدور؛ فلأنه أخذ الفاعل في علامات الفعل، وأخذ الفعل في تعريف الفاعل. وأما الإيراد فلأنه يصدق على أن من قولك:"ما قام إلا أنت" أنها فعل؛ لأنها منسوبة إلى الفاعل، مع أن "أن" هي الفاعل، وهي اسم على الأصح، اتصل بها تاء العلامة، "متكلما كان" الفاعل، "كقمت" بضم التاء "أو مخاطبا نحو: تباركت" بفتح التاء؛ وأحسنت، بكسر التاء.
العلامة "الثانية تاء التأنيث الساكنة" في الأصل. "كقامت وقعدت"، ولا الالتفات إلى عروض الحركة، نحو:{قَالَتْ أُمَّةٌ} [الأعراف: 164] ، بنقل حركة الهمزة إلى التاء، و:{قَالَتِ امْرَأَة الْعَزِيزِ} [يوسف: 51] و {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] بكسر التاء في الأولى وفتحها في الثانية لالتقاء الساكنين فيهما. "فأما المتحركة" بحركة الإعراب "فتخفض بالاسم كقائمة" وقاعدة، والمتحركة بحركة البناء فقد تتصل بالحرف نحو: لات وثمت وربت، وبالاسم نحو: لا قوة، "وبهاتين العلامتين"، وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة. "رد على من زعم" من البصريين "حرفية ليس"، كالفارسي ومن تابعه كأبي بكر بن شقير، قياسا على "ما" النافية بجامع النفي. "و" رد على من زعم حرفية "عسى" من الكوفيين قياسا على لعل بجامع الترجي، والصحيح أن "ليس وعسى" فعلان لقبولهما التاءين المذكورتين، تقول: لست وليست، وعسيت وعست، "وبالعلامة الثانية" فقط وهي تاء التأنيث الساكنة "رد على من زعم" من الكوفيين كالفراء "اسمية نعم وبئس"، لدخول حرف الجر عليهما في بعض المواضع، كقول
بعضهم وقد بشر ببنت: والله ما هي بنعم الولد، وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: نعم السير على بئس العَيْر، وتأولهما المانعون على حذف الموصوف وصفته، ودخول حرف الجر على معمول الصفة. والأصل: ما هي بولد مقول فيه نعم الولد، ونعم السير على غير مقول فيه بئس، فحرف الجر في الحقيقة إنما دخل على الاسم، وإنما لم يقل: وبالعلامتين كالتي قبلها؛ لأن تاء الفاعل لا تدخل على "نعم وبئس" بخلاف "ليس، وعسى" فإنهما يقبلان العلامتين كما مر.
العلامة "الثالثة: ياء" ضمير المؤنثة "المخاطبة، كقومي" يا هند، "وبهذه" العلامة "رد على من قال" كالزمخشري "أن هات" بكسر التاء "وتعال" بفتح اللام "اسما فعلين" للأمر، فهات بمعنى ناوِل1. وتعال بمعنى أقبل، والصحيح أنهما فعلا أمر للمذكر، لدلالتهما على الطلب؛ وقبولهما ياء المخاطبة، تقول هاتي بكسر التاء، وتعالي بفتح اللام، وهما مبنيان على حذف حرف العلة من آخرهما، فالمحذوف من "هات" الياء كما في "ارم" والمحذوف من "تعال" الألف كما في "اخش".
العلامة "الرابعة: نون التوكيد شديدة" كانت نحو: {لَيُنْبَذَنَّ} [الهمزة: 4]، "أو خفيفة" نحو:{لَنَسْفَعًا} [العلق: 15]، ويجمعهما " {لَيُسْجَنَنَّ} " [يوسف: 32] بالتشديد، " {وَلِيَكُونًا} " [يوسف: 32] بالتخفيف. "وأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز]
14-
أريت إن جاءت به أملودا
…
مرجلا ويلبس البرودا
"أقائلن أحضروا الشهودا"
فضرورة نادرة، أي: دخول نون التوكيد على "قائلن" مع أنه اسم. والذي سوغ ذلك شبه الوصف الواقع بعد الاستفهام بالفعل المضارع، نحو: أتقولن، وأريت: أصله: أرأيت، حذفت منه الهمزة الثانية تخفيفا. والأملود؛ بضم الهمزة؛ الغصن الناعم. والمرجل؛ بالجيم؛
1 المفصل ص151، وفي شرح المفصل لابن يعيش 9/ 30:"هات: اسم لـ"أعطني وناولني". وقال بعضهم: هو من آتى يؤاتي، والهاء فيه بدل من الهمزة، ويعزى هذا القول إلى الخليل".
14-
الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه 173، والمقاصد النحوية 1/ 118 3/ 648، 4/ 334، ولرجل من هذيل في حاشية يس 1/ 42، وخزانة الأدب 6/ 5، والدرر 2/ 247، وشرح شواهد المغني 2/ 758، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 422، وبلا نسبة في اللسان 14/ 293 "رأي"، والأشباه والنظائر 3/ 242، وأوضح المسالك 1/ 24، والجنى الداني ص141، والخصائص 1/ 136، وسر صناعة الإعراب 2/ 447، وشرح ابن الناظم ص327، 444 وشرح الأشموني 1/ 16، والمحتسب 1/ 193، ومغني اللبيب 1/ 336، وهمع الهوامع 2/ 79.
الذي شعره بين الجعودة والسبوطة. يقول: أخبرني إن جاءت هذه بشاب يتزوجها مرجل الشعر حسن الملبس كالغصن الناعم؛ أآمر أنت بإحضار الشهود لعقد نكاحها عليه، ينكر وقوع ذلك منه.
ولقائل أن يقول: لا نسلم أن في قوله: "أقائلن" توكيدًا بالنون، لاحتمال أن يكون أصله: أقائل أنا، فحذفت الهمزة اعتباطًا، ثم أدغم التنوين في نون "أنا" على حد قوله تعالى:{لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38]، قاله الدماميني. وقال غيره: نقلت حركة الهمزة إلى التنوين قبلها، ثم حذفت الهمزة، ثم أدغم التنوين في نون "أنا". والأول قصر المسافة، وعليهما اعتراض من وجهين:
أحدهما: أنه يعتبر في المقيس أن يكون على وِزانِ المقيس عليه. وهنا ليس كذلك؛ لأن الألف الثانية في المقيس عليه مذكورة، وفي المقيس محذوفة.
والثاني: أن هذا الاحتمال إنما يتمشى حيث كان المعنى: أقائل أنا، على التكلم. أما إذا كان المعنى على الخطاب، كما تعطيه السوابق واللواحق فلا. على أن العيني قال:"والمعنى هل أنتم قائلون، فأجراه مجرى: أتقولون1". ا. هـ. ويؤخذ منه أن الوصف هنا مسند إلى ضمير جماعة الذكور، بناء على أنه يسلك بالوصف مع نون التوكيد مسلك الفعل من البناء على الفتح مع المفرد، وعلى الضم مع جماعة الذكور، ولم أقف على نص في ذلك.
1 شرح الشواهد للعيني 1/ 42، وانظر الدرر اللوامع 2/ 247-249.
"فصل":
"ويعرف الحرف بأنه لا يحسن فيه شيء من العلامات التسع" المذكورة للاسم والفعل، ولا غيرها، وإليه أشار الناظم بقوله:
12-
سواهما الحرف "كَهَلْ"........
…
...................................
من حروف الاستفهام، "وفي" من حروف الجر، "ولم" من حروف الجزم، "وقد أشير" في النظم "بهذه المثل" الثلاثة. وتعبيره بالمثل مجاز عن استعمال بناء الكثرة للقلة، ولو عبر بالأمثلة كان حقيقة "إلى" بيان "أنواع الحروف" بالنسبة إلى الاختصاص وعدمه، "فإن منها ما لا يختص بالأسماء ولا بالأفعال، فلا يعمل شيئا كـ: هل"، حيث لم يكن في حيزها فعل، فإنها تدخل على الاسم، "تقول: هل زيد أخوك"، بخلاف ما إذا كان في حيزها فعل فتختص به إما صريحا، نحو: هل قام زيد، "وهو يقوم"، وإما تقديرا نحو: هل زيد قام؟ فزيد فاعل بفعل محذوف يفسره المذكور على حد: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} [النساء: 128] عند جمهور البصريين، وبالفعل المذكور عند الأخفش والكوفيين، ولاختصاص "هل" بالفعل إذا كان في حيزها وجب نصب الاسم بعدها في باب الاشتغال، نحو: هل زيدا ضربته؟
ومنها ما لا يختص بالأسماء ولا بالأفعال، ويعمل كـ"ما ولا ولات وإن" المشبهات بـ"ليس".
"ومنها ما يختص بالأسماء، فيعمل فيها" الجر "كـ "في" نحو: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ" لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20]، " {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22] ، أو يعمل النصب والرفع كـ"إن" وأخواتها. ومنها ما يختص بالأسماء ولا يعمل فيها، كـ"لام التعريف".
"ومنها ما يختص بالأفعال فيعمل فيها" الجزم، "كـ"لم" نحو:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} " [الإخلاص: 3] ، أو يعمل فيها النصب كـ "لن" نحو: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا} [الحج: 37] ، ومنها ما يختص بالأفعال ولا يعمل فيها، كـ"قد والسين وسوف".
"فصل":
"والفعل" بكسر الفاء من حيث هو فعل "جنس تحته ثلاثة أنواع" عند جمهور البصريين، ونوعان عند الكوفيين، والأخفش بإسقاط الأمر، بناء على أن أصله مضارع، وانتصر لهم الموضح في المغني، وقواه، وسيأتي تقريره.
"أحدها" الفعل "المضارع"، أي: المشابه، وسيأتي وجه الشبه، "وعلامته أن يصلح لأن يلي: لم"، بأن يقع بعدها من غير فصل، "نحو: لم يَقُم، ولم يَشَم"، وهذه العلامة أنفع علامات المضارع، فلذلك اقتصر عليها في النظم بقوله:
12-
.................
…
فعل مضارع يلي لم كيشم
"والأفصح فيه" أي: في "يشم""فتح الشين" مضارع شَمِم، بكسر الميم "لا ضمها" مضارع شمم، بفتح الميم، "والأفصح في الماضي" منه:"شممت، بكسر الميم لا فتحها"، والحاصل أنه جاء من بابي فرح يفرح ونصر ينصر، والأول أفصح من الثاني، وفيه رد على ابن درستويه حيث أنكر مجيئه من باب نَصَرَ يَنْصر، وقال إنه خطأ. ا. هـ. والصواب وروده. وممن حكاه الفراء وابن الأعرابي وغيرهما كما قال المرادي، "وإنما سُمّي" هذا الفعل "مضارعا لمشابهته للاسم" المصوغ للفاعل من جهتي اللفظ والمعنى، أما من جهة اللفظ فلجريانه عليه في الحركات والسكنات وعدد الحروف مطلقا، وفي تعيين الحروف الأصول والزوائد، وتعيين محالها، ما عدا الزيادة الأولى، وأما من جهة المعنى فلأن كل واحد منهما يأتي بمعنى الحال والاستقبال. قال الشاطبي:"وهذا التوجيه أحسن ما سمعت". ا. هـ.
فلهذا اقتصرت عليه دون غيره من التوجيهات لعدم سلامتها من الطعن فيها، و"لهذا" الشبه "أعرب" المضارع "واستحق التقديم في الذكر على أخويه" الماضي والأمر، فينبغي للشخص أن يتحلى بالأوصاف الجميلة، ليحصل له التقديم على أقرانه، "ومتى دلت كلمة" من الكلمات "على معنى" الفعل "المضارع"، وهو الحدث المقترن بأحد الزمانين الحال والاستقبال، "ولم تقبل" تلك الكلمة ""لم" فهي اسم"، إما لوصف، كـ"ضارب الآن أو غدا"، وإما لفعل "كـ"أَوْهٍ وأُفّ"، بمعنى أتوجع وأتضجر"، فـ"أواه" اسم لأتوجع، و"أف" اسم لأتضجر، وفي أف أربعون لغة ذكرها في الارتشاف. وحاصلها أن الهمزة إما أن تكون مشمومة أو مكسورة أو مفتوحة، فإن كانت مضمومة فاثنتان وعشرون لغة، وحاصل ضبطها أنها إما مجردة عن اللواحق، أو ملحقة بزائد، والمجردة إما أن يكون آخرها ساكنا أو
متحركا، والمتحركة الآخر إما مشددة أو مخففة، وكل منهما مثلث الآخر مع التنوين وعدمه، فهذه اثنتا عشرة في المتحركة. والساكنة إما مشددة أو مخففة، فهذه أربع عشرة، واللواحق لها من الزوائد إما هاء السكت أو حرف المد، فإن كان هاء السكت فالفاء مثلثة مشددة، فهذه سبع عشرة. وإن كان حرف مد فهو إما واو أو ياء أو ألف، والفاء فيهن مشددة، والألف إما مفخمة أو بالإمالة المحضة أو بين بين، فهذه خمس أخرى مع السبع عشرة، وإن كانت مكسورة فإحدى عشرة مثلثة الفاء مخففة مع التنوين وعدمه، فهذه ست، وفتح الفاء وكسرها بالتشديد فيها مع التنوين وعدمه، فهذه أربع لغات، والحادية عشرة "أفي" بالإمالة، وإن كانت مفتوحة فالفاء مشددة مع الفتح والكسر؛ والتنوين وعدمه، والخامسة "أف" بالسكون، والسادسة "أفي" بالإمالة، والسابعة "إفاه" بهاء السكت، فهذه السبع مكملة للأربعين.
النوع "الثاني": الفعل "الماضي؛ ويتميز" عن أخويه المضارع والأمر "بقبول تاء الفاعل، كتبارك وعسى وليس"، تقول: تباركت يا الله، وعسيت أنا ولست، "أو تاء التأنيث الساكنة كنعم وبئس وعسى وليس"، تقول: نعمت وبئست وعسيت وليست، فنبه بتكرير عسى وليس على اشتراك التاءين فيهما كما أومأ إليه سابقا بقوله: وبهاتين العلامتين؛ وبعدم تكرير تبارك ونعم وبئس، على انفراد تبارك بتاء الفاعل؛ وانفراد نعم وبئس بتاء التأنيث؛ كما أومأ إليه أيضا بقوله: وبالعلامة الثانية. وهو في ذلك تابع لابن مالك في شرح الكافية حيث قال: "وقد انفردت؛ يعني تاء التأنيث؛ بلحاقها نعم وبئس، كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها تبارك". وفي شرح الآجرومية للشهاب البجائي: أن "تبارك" يقبل التاءين تقول تباركت يا ألله وتبارت أسماء الله. ا. هـ.
وهذا إن كان مسموعا فذاك، وإلا فاللغة لا تثبت بالقياس.
واستفدنا من تعبير الموضح بالتاءين أن "أل" في التاء في قول الناظم:
13-
وماضي الأفعال بالتا مز...........
…
.........................................
للعهد المتقدم في قوله:
11-
بتا فعلت وأتت............
…
.................................
"ومتى دلت كلمة على معنى" الفعل "الماضي"، وهو الحدث المقترن بالزمن الماضي، "ولم تقبل" تلك الكلمة "إحدى التاءين" المتقدمين، وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة "فهي اسم". أما الوصف كضارب أمس، أو لفعل "كهيهات وشتان،
بمعنى بعد وافترق"، فهيهات بمعنى بعد، وشتان بمعنى افترق، وفي هيهات أربعون لغة ذكرتها في باب اسم الفعل من هذا الكتاب. لا يقال يشكل عليه "أفعل" في التعجب، و"ما عدا وما خلا وحاشا" في الاستثناء، و"حبذا" في المدح، فإنها أفعال ماضية ولا تقبل إحدى التاءين، فليزم أن تكون أسماء؛ لأنا نقول: عدم قبولها لإحدى التاءين عارض، نشأ من استعمالها في التعجب والاستثناء والمدح والعبرة بالأصل.
النوع "الثالث": الفعل "الأمر، وعلامته أن يقبل نون التوكيد؛ مع دلالته على الأمر"، أي: الطلب بصيغته. فالدور مدفوع، وإيراد الأمر باللام ممنوع، فإن دلالته على الطلب نشأت من اللام لا من الصيغة، بخلاف "نحو: قومن"، فإنه دل على الطلب، وقبل نون التوكيد. وهذا معنى قول الناظم:
13-
............... وسم
…
بالنون فعل الأمر إن أمر فهم
"فإن قبلت كلمة النون" المذكورة، "ولم تدل" تلك الكلمة "على الأمر" الذي هو الطلب، "فهي فعل مضارع نحو:{لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُونًا} [يوسف: 32]، أو فعل تعجب نحو: أحسنن بزيد، فإنه ليس أمرا على الأصح، بل على صورته، "وإن دلت" كلمة "على الأمر" الذي هو الطلب، "ولم تقبل النون" المذكورة "فهي اسم" إما لمصدر نحو:[من الرجز]
15-
صبرا بني عبد الدار
بمعنى اصبروا. أو اسم لفعل "كنزال ودراك، بمعنى انزل وأدرك"، أو هي حرف نحو:"كلا" بمعنى انته، "وهذا" التمثيل بنزال ودراك، "أولى من التمثيل بـ: صه، و: حيهل" في قول الناظم:
14-
والأمر إن لم يك للنون محل
…
فيه هو اسم نحو صه وحيهل
قال "اسميتهما"، أي: اسمية صه وحيهل "معلومة مما تقدم" في علامات الاسم، "لأنهما يقبلان التنوين" تقول: صه وحيهلا، بالتنوين، وعلى هذا كان ينبغي للموضح أن لا يمثل فيما تقدم بأف؛ لأنها تقبل التنوين، فاسميتها معلومة مما تقدم أيضا، ثم النظر في "هات وتعال" هل يقبلان نون التوكيد؛ فيدخلان في علامة الأمر؛ أو لا، فيخالف ما اختاره أولا فيهما. ولله دره حيث تمم أقسام اسم الفاعل من الماضي والمضارع ومفهومي علامة الأمر التي أغفلها الناظم.
15- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 5/ 352 "رجز"، 14/ 83 "بكا"، وتهذيب اللغة 10/ 610.