الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب أفعال المقاربة
مدخل
…
باب أفعال المقاربة:
"وهذا" مجاز مرسل. "من باب تسمية الكل باسم الجزء، كتسميتهم الكلام كلمة"، وكتسميتهم ربيئة القوم عينًا. "وحقيقة الأمر" في ذلك "أن أفعال" هذا "الباب ثلاثة أنواع":
أحدها: "ما وضع للدلالة": بتثليث الدال "على قرب الخبر" للمسمى باسمها، "وهو ثلاثة: كاد وكرب" بفتح الراء وكسرها. "وأوشك".
"و" الثاني: "ما وضع للدلالة على رجائه"، أي: رجاء المتكلم الخبر في الاستقبال، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله وحذف فاعله. "وهو ثلاثة" أيضًا:"عسى وحرى" بفتح الحاء والراء المهملتين، نص عليها ابن طريف في كتاب الأفعال. وأنكرها أبو حيان مع أنه ذكرها في لمحته. "واخلولق" بخاء معجمة وقاف.
"و" النوع الثالث: "ما وضع للدلالة على الشروع فيه"، أي: على شروع المسمى باسمها في خبرها. "وهو "كثير"، وأنهاه بعضهم إلى نيف وعشرين فعلًا1، "ومنه: أنشأ" وأنشى "وطفق" بفتح الفاء وكسرها. وطبق بكسر الباء الموحدة2، "وجعل وهب "وعلق" وهلهل "وأخذ وقام.
"و" جميع أفعال هذا الباب "تعمل عمل كان" من رفع الاسم ونصب الخبر، "إلا أن خبرهن يجب كونه جملة" ليتوجه3 الحكم إلى مضمونها، "وشذ مجيئه مفردًا" عن "الجملة:"بعد: كاد4 وعسى" وأوشك، "كقوله"، وهو تأبط شرا، واسمه
1 في "ب": "موضعًا.
2 في الارتشاف 2/ 118: "وكسر الفاء لغة القرآن، وقالوا: طبق، بالباء المكسورة بدلًا من الفاء".
3 في "ط": "لتوجه".
4 في "ط": "كان".
ثابت بن جابر: [من الطويل]
209-
"فأبت إلى فهم وما كدت آيبا
…
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
فأتى بخبر "كاد" مفردًا، وهو "آيبا" اسم فاعل من "آب" إذا رجع، ويروى:
................ وما كنت آيبا
…
..............................
و"أبت" بضم الهمزة وسكون الموحدة، بمعنى: رجعت، و"فهم" بفتح الفاء وسكون الهاء: أبو قبيلة وهو فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان. و"كم" خبرية، و"مثلها" تمييز مجرور، بإضافة، والهاء المضاف إليها ترجع إلى القبيلة. و"تصفر" من صفر الطائر. والمعنى: فرجعت إلى القبيلة المسماة بفهم، وما كدت راجعًا، وكم مثل هذه القبيلة فارقتها وهي تصفر. "وقولهم" في المثل:"عسى الغوير أبؤسا1 فـ "أبؤسا" جمع بؤس ومعناه: العذاب أو الشدة خبر "عسى" وهو مفرد؛ لأنه ليس جملة. هذا قول سيبويه2 وأبي علي3 من البصريين، وقال الكوفيون: خبر يكون محذوفة، والتقدير: أن يكون أبؤسًا4.
وقال الأصمعي: خبر "يصير" محذوفة. وقيل: مفعول به، والتقدير عسى الغوير يأتي بأبؤس، فحذف الناصب والجار توسعًا، وتلخص أن "أبؤسًا" خبر لعسى أو لكان أو لصار أو مفعولًا به. قال الموضح في شرح الشواهد: والأحسن من ذلك كله. أن يقدر يبأس أبؤسًا، فيكون مفعولًا مطلقًا، على حد:{فَطَفِقَ مَسْحًا} [ص: 33] أي: يمسح مسحًا ا. هـ. وقال في المغني5: الصواب أنه مما حذف فيه "كان" أي: يكون أبؤسًا،
209- البيت لتأبط شرا في ديوانه ص91، والأغاني 21/ 159، وتخليص الشواهد ص309، وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376، والخصائص 1/ 391، والدرر 1/ 272، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص83، وشرح شواهد الإيضاح ص629، ولسان العرب 3/ 383 "كيد" والمقاصد النحوية 2/ 165، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 120، والإنصاف 2/ 544، وأوضح المسالك 1/ 302، وخزانة الأدب 9/ 347، ورصف المباني 190، وشرح ابن عقيل 1/ 325، وشرح ابن الناظم 111، وشرح التسهيل 1/ 393، وشرح عمدة الحافظ 822، وشرح المفصل 7/ 13، وهمع الهوامع 1/ 130.
1 المثل في مجمع الأمثال 2/ 17، وجمهرة الأمثال 2/ 50، والمستقصى 2/ 161، وفصل المقال 424.
2 الكتاب 3/ 158.
3 المسائل الحلبيات ص250.
4 المقتضب 3/ 70، وإليه ذهب المبرد فيه.
5 مغني اللبيب ص203.
لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي ا. هـ. وسبقه إلى ذلك ابن جني، فقال في البيت1: التقدير: وما كدت أكون آيبًا ا. هـ. والغوير: تصغير غار بالغين المعجمة. وأصل هذا المثل فيما قيل: أن الزباء قالت لقومها عند رجوع قصير من الغزو إليها ومعه الرجال، وكان الغوير وهو ماء لكلب على طريقه: عسى الغوير أبؤسًا. تريد: لعل الشرك يأتيكم من قبل الغوير، فصار مثلًا يضرب للرجل يتوقع الشر من جهة يعينها، وكقول حسان رضي الله عنه:[من السريع]
210-
من خمر بيسان تخيرتها
…
ترياقة توشك فقر العظام
أنشد محمد بن بري في حواشي الصحاح، وقد يقال: إنه على حذف كان، أي: توشك أن تكون فقر العظام، "وأما:{فَطَفِقَ مَسْحًا} ، فالخبر" فعل "محذوف" لدلالة مصدره عليه، و"مسحًا" مفعول مطلق، لا خبر "أي": فطفق "يمسح مسحًا"، وفيه رد على الناظم في قوله:
113-
وحذف عامل المؤكد امتنع
…
.................................
كما سأيتي في بابه. وفي قوله: وشذ مجيئه مفردًا بعد كاد وعسى تقييد لقول الناظم:
164-
ككان كاد وعسى لكن ندر
…
غير مضارع لهذبن خبر
"وشرط الجملة" الواقعة خبرًا لهذه الأفعال. "أن تكون فعلية" لتدل على الحدث، "وشذ مجيئ" الجملة "الاسمية" خبرًا "بعد "جعل" في قوله" في الحماسة:[من الوافر]
211-
"وقد جعلت قولص بني سهيل
…
من الأكوار مرتعها قريب"
فـ "قلوص" بفتح القاف: الشابة من النوق، اسم "جعل"، و"مرتعها قريب" جملة اسمية خبر "جعل" وأصله: يقرب مرتعها، فأقام الجملة الاسمية مقام الفعلية، قاله الموضح في شرح الشواهد. ويروى ابني سهيل بالتثنية، و"من الأكوار"
1 في الخصائص 3/ 391: "..... ألا ترى أن معناه: فأبت وما كدت أؤوب".
210-
البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص186، ولسان العرب 6/ 32 "بيس"، 10/ 513، "وشك".
211-
البيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص320، وخزانة الأدب 5/ 120، 9/ 352، والدرر 1/ 273، وشرح ابن الناظم ص111، وشرح الأشموني 1/ 128، وشرح التسهيل 1/ 393، والارتشاف 2/ 121، وشرح ديوان الحماسة للمزروقي ص310، وشرح شواهد المغني ص606، ومغني اللبيب ص235، والمقاصد النحوية 2/ 170، وهمع الهوامع 1/ 130.
متعلق بـ"قريب"، هي إما جمع كور، بضم الكاف، وهو: الرجل بأداته، أو جمع كور بفتحها، وهو: الجماعة الكثيرة من الإبل: والمرتع: مكان الرتوع. والمعنى: أن هذه القلوص حصل لها إعياء وتعب وكلال، فلم تبعد من الأكوار، بل رتعت بالقرب منها.
قال ابن ملكون فيما له على الحماسة: وقيل: "جعل" بمعنى: صير، ثم اختلف، فقيل ألغيت على حد إجازة الأخفش: ظننت زيد قائم: وقيل الأصل جعلته، أي: جعلت القلوص الأمر والشأن، كما قالوا: إن بك زيد مأخوذ ا. هـ.
واعترضه الموضح في الحواشي بأن أفعال التصير لا تلغى. "وشرط الفعل" المشتمل عليه الجملة "ثلاثة أمور:
أحدها: أن يكون رافعًا لضمير الاسم" الذي لهذه لأفعال. نحو: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، وذلك لأن أفعال هذا الباب إنما جاءت لتدل على أن مرفوعها هو الذي قد تلبس بالفعل. أو شرع فيه لا غيره. فلا بد في الفعل من ضمير يعود على المرفوع. ليتحقق ذلك. "فأما قوله"، وهو أبو حية النميري:[من البسيط]
212-
"وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني
…
ثوبي" فأنهض نهض الشارب الثمل
"وقوله"، وهو ذو الرمة:[من الطويل]
213-
"وأسقيه حتى كاد مما أبثه
…
تكلمني أحجاره وملاعبه"
"فـ ثوبي" في البيت الأول. "وأحجاره" في البيت الثاني "بدل من اسمي "جعل" في الأول، "و "كاد" في الثاني بدل اشتمال، لا فاعلان بـ"يثقلني" و"تكلمني" بل فاعلهما ضمير مستتر فيهما، والتقدير: جعل ثوبي يثقلني، وكادت أحجاره تكلمني، فعاد الضمير على البدل دون المبدل منه؛ لأنه المقصود بالحكم، والمعتمد
212- البيت لعمرو بن أحمر في ملحق ديوانه ص182، وخزانة الأدب 9/ 359، 362، ولأبي حية النميري في ملحق ديوانه ص186، والحيوان 6/ 483، وشرح شواهد الإيضاح ص74، والمقاصد النحوية 2/ 173، ولأحدهما في الدرر 1/ 261، ولأبي حية أو للحكم بن عبدل في شرح شواهد المغني 2/ 911، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 305، وشرح الأشموني 1/ 130، ومغني اللبيب 2/ 579، والمقرب 1/ 101، ويروى البيت بقافية "السكر" مكان "الثمل".
213-
البيت لذي الرمة في ديوانه ص821، وأدب الكاتب ص462، والدرر 1/ 275، والاقتضاب ص657، وشرح أبيات سيبويه 2/ 364، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 91، 92، وشرح شواهد الشافية ص41، والكتاب 4/ 59، والمقاصد النحوية 2/ 176، والممتع في التصريف ص187، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 307، وشرح الأشموني 1/ 130، وهمع الهوامع 1/ 131.
عليه في الإخبار غالبًا، وأغنى ذلك عن عوده إلى المبدل منه فسقط ما قيل إنه ليس في الفعل ضمير يعود إلى اسمي "جعل" و"كاد"، وتقدم أن ذلك شرط. وفي البيت الأول تأويلات آخران ذكرهما الموضح في الحواشي. وفي البيت الثاني ستة تآويل أخر ذكرها الخضراوي، وتركت الجميع خوف الإطالة.
"ويجوز في" خبر ""عسى" خاصة أن يرفع السببي"، وهو الاسم الظاهر المضاف إلى ضمير يعود على اسمها، "كقوله"، وهو الفرزدق، حين هرب من الحجاج لما توعده بالقتل:[من الطويل]
214-
"وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده"
…
إذا نحن جاوزنا حفير زياد
"ويروى بنصب "جهده"" على المفعولية بـ"يبلغ"، "ورفعه" على
الفاعلية به، وهو محل الاستشهاد، فإنه متصل بضمير يعود على "الحجاج" الذي هو اسم "عسى"، وفيه رد على أبي حيان حيث منع من ذلك في النكت الحسان1.
و"حفير زياد" موضع بين الشام والعراق، وزياد: هو ابن أبي سفيان، أخو معاوية، كان أميرًا بالعراق. نيابة عن معاوية.
والأمر "الثاني: أن يكون" الفعل "مضارعًا"، ليدل على الحال أو الاستقبال، "وشذ في "جعل" قول ابن عباس رضي الله عنهما: فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا2" فـ "أرسل" خبر "جعل" وهو فعل ماض. قال الموضح في شرح الشواهد: وهذا لم أر من يحسن تقريره. ووجهه أن "إذا" منصوبة بجوابها على الصحيح، والمعمول مؤخر في التقدير عن عامله، فأول الجملة في الحقيقة "أرسل"، فافهموه3، ا. هـ.
وفيه رد على ابن مالك، حيث قال في التسهيل4: أو فعلية مصدرة
214- البيت للفرزدق في ديوانه 1/ 160، والدرر 1/ 274، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص677، والمقاصد النحوية 2/ 180، ولمالك بن الريب في ملحق ديوانه ص51، وخزانة الأدب 2/ 211، والشعر والشعرء 1/ 361، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 308، وشرح الأشموني 1/ 130، وهمع الهوامع 1/ 131.
1 النكت لحسان ص72، 73.
2 النهاية 4/ 194.
3 لم أجد قوله في شرح الشواهد، وهو في حاشية الصبان 1/ 260.
4 التسهيل ص59.
بـ"إذا" قال الموضح في الحواشي: الصواب أن يقال أو جملة فعلية فعلها ماض، فإن هذا هو محط الشذوذ. وأما نفس "إذا" فلا وجه لكونها مرجعا للشذوذ،
ولهذا لم يقل أحد فيما علمنا إن قوله:
215-
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني
…
ثوبي...............................
شاذ من جهة التصدير بـ"إذا"، وإنما جعلوا شذوذه من جهة رفع السببي، خاصة فافهمه، ا. هـ.
والأمر "الثالث: أن يكون" المضارع "مقرونًا بـ"أن" المصدرية وجوبا، "إن كان الفعل" الدال على الترجي، "حرى واخلولق"؛ لأن الفعل المرجى1 وقوعه قد يتراخى حصوله، فاحتيج إلى "أن" المشعرة بالاستقبال. "نحو: حرى زيد أن يأتي، و: اخلولقت السماء أن تمطر"، واستشكل الاقتران بـ"أن" لأنه يؤدي إلى جعل الحديث خبرًا عن الذات، وهو غير جائز. وأجيب بأنه من باب: زيد عدل، أو على تقدير مضاف. إما قبل الاسم، أو قبل الخبر، والتقدير: حرى أمر زيد الإتيان، واخلولق أمر السماء الإمطار، أو حرى زيد صاحب الإتيان، واخلولقت السماء صاحبة الإمطار، بكسر الهمزة وكذا البواقي.
"وأن يكون الفعل مجردا منها"، أي: من "أن" وجوبًا، "إن كان الفعل دالا على الشروع، نحو: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} [الأعراف: 22] لأنه للأخذ في الفعل والشروع فيه، وذلك ينافي الاستقبال، "والغالب في خبر "عسى" و" "أوشك الاقتران بها"، أي: بـ"أن" لأن "عسى" من أفعال الترجي، وكان القياس وجوب اقتران خبرها بـ"أن" حتى ذهب جمهور البصريين إلى أن التجريد من "أن" خاص بالشعر2. وأما "أوشك" فإنما يغلب معها الاقتران بـ"أن" حيث جعلت للترجي أختًا لـ"عسى".
قال الشاطبي: والصحيح ما ذكره الشلوبيين وتلاميذه ابن الضائع والأبذي وابن أبي الربيع أن "أوشك" من قسم "عسى" الذي هو الرجاء، قال ابن
215- تقدم تخريج البيت برقم "212".
1 في "ب"، "ط":"المترجى".
2 في الارتشاف 2/ 120: "فجمهور البصريين على أن حذف "أن" من خبرها لا يكون إلا في الضرورة، قاله الفارسي، وأجاز حذفها في التذكرة في الكلام، وهو ظاهر قول سيبويه". وانظر الكتاب 3/ 158.
الضائع: والدليل على ذلك أنك تقول: عسى زيد أن ينجح، ويوشك زيد أن يحج ولم يخرج من بلده، ولا تقول: كاد زيد يحج، إلا وقد أشرف عليه، ولا يقال ذلك وهو في بلد، انتهى كلام الشاطبي؟
وأما إذا جعلت للمقاربة كما ذهبت إليه الموضح1 هنا تبعًا للناظم وابنه2، فيشكل كون الغالب معها الاقتران كالاقتران الغالب في "عسى"، نحو:{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} [الإسراء: 8]، "و" نحو "قوله:[من الطويل]
216-
"ولو سئل الناس التراب لأوشكوا
…
إذ قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا"
فإن "يملوا" خبر "أوشك"، وهو مقرون بـ"أن" وفيه رد على الأصمعي إذ قال3: لم يستعمل ماض لـ"يوشك"، والمعنى: أن من طبع الناس الحرص على أنهم لو سئلوا4 في إعطاء التراب بالموحدة لقاربوا الامتناع من ذلك والملل إذا قيل لهم هاتوه.
"و" التجرد من "أن" قليل، كقوله، وهو هدبة بن خشرم العذري:[من الوافر]
217-
"عسى الكرب الذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريب"
"فيكون" خبر "عسى" وهو مجردًا من "أن"، و"الكرب" بفتح الكاف، وسكون الراء: الحزن بالنفس، و"أمسيت" قال الموضح تبعًا لليمني: الرواية بفتح التاء على الخطاب. و"فرج" بالجيم: كشف الغم، وهو مبتدأ تقدم خبره في الطرف قبله،
1 شرح التسهيل 1/ 389.
2 شرح ابن الناظم ص113.
216-
البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 311، وتخليص الشواهد ص322، والدرر 1/ 268، وشرح ابن الناظم ص113، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح شذور الذهب ص350، وشرح ابن عقيل 1/ 332، وشرح عمدة الحافظ ص817، ولسان العرب 10/ 513، "وشك"، والمقاصد النحوية 2/ 182، وهمع الهوامع 1/ 130، وتاج العروس "وشك".
3 الارتشاف 2/ 119.
4 في "ط": "حتى لو أنهم سئلوا".
217-
البيت لهدبة بن خشرم في ديوانه ص54، والكتاب 3/ 159، وخزانة الأدب 9/ 328، 330، وشرح أبيات سيبويه 1/ 142، والدرر 1/ 268، وشرح شواهد الإيضاح 97، وشرح شواهد المغني 443، واللمع 225، والمقاصد النحوية 2/ 184، وبلا نسبة في شرح ابن الناظم ص111، وشرح المفصل 7/ 117، 121، وأسرار العربية 128، وأوضح المسالك 1/ 312، وتخليص الشواهد 326، وخزانة الأدب 9/ 316، والجنى الداني 462، وشرح ابن عقيل 1/ 327، وشرح عمدة الحافظ 816؛ والمقرب 1/ 98، ومغني اللبيب 152، والمقتضب 3/ 70، وهمع الهوامع 1/ 130.
والجملة في محل نصب خبر "يكون"، واسمها مستتر فيها عائد على "الكرب"، و"قريب" نعت لـ"فرج"، وفي نتيجة القواعد لابن أياز "يكون" تامة و"وراءه" متعلق بها، ويجوز أن يكون "وراءه" في الأصل صفة لـ"قريب" ثم قدم عليه فانتصب حالًا، فيتعلق بمحذوف، وفيه ضمير وأجاز بعض المغاربة أن يكون حالًا من ضمير "قريب"، وفيه نظر، ا. هـ. ووجه النظر تقديم معمول الصفة على الموصوف، ولا يجوز أن يكون "فرج" مرفوعًا بـ"يكون" لا على التمام، ولا على النقصان؛ لأن ذلك يخلي "يكون من ضمير يعود على اسمها، وتقدم أن شرط خبر "عسى" أن يرفع الضمير أو السببي.
"وقوله" وهو أمية بن أبي الصلت الثقفي: [من المنسرح]
218-
"يوشك من فر من منيته
…
في بعض غراتها يوافقها"
فـ"يوافقها" بالفاء فالقاف من الموافقة خبر "يوشك"، وهو مجرد من "أن" و"من فر" بمعنى: هرب، اسم "يوشك"، والمنية: الموت، والغرات بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء، جمع غرة، وهي الغفلة، والمعنى: أن من هرب من الموت في الحرب، يوشك أن يوافقه الموت في بعض غفلاته.
"وكاد وكرب بالعكس"، فيكون الغالب في خبرهما التجرد من "أن"؛ لأنهما يدلان على شدة مقاربة الفعل ومداومته، وذلك يقرب من الشروع في الفعل والأخذ فيه، فلم يناسب خبرهما أن يقترن بـ"أن" غالبًا، ويقل اقترانه بـ"أن" نظرًا إلى أصلهما، "فمن الغالب قوله تعالى:{وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71] ، وقول الشاعر"، وهو كلحبة اليربوعي، وقيل رجل من طيئ:[من الخفيف]
219-
"كرب القلب من جواه يذوب"
…
حين قال الوشاة هند غصوب
218- البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه، 42، وشرح أبيات سيبويه 2/ 167، 207، وشرح المفصل 7/ 126، والعقد الفريد 3/ 187، والكتاب 3/ 161، ولسان العرب 6/ 32، ولسان العرب 6/ "بيس"، 188 "كأس" والمقاصد النحوية 2/ 187، ولعمران بن حطان في ديوانه 123، ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص323، والدرر 1/ 263، 270، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 313، وشرح ابن الناظم 114، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص271، وشرح ابن عقيل 1/ 333، وشرح عمدة الحافظ ص818، والمقرب 1/ 98، وهمع الهوامع 1/ 129، 130.
219-
البيت للكلحبة اليربوعي أو لرجل من طيئ في الدرر 1/ 166، والمقاصد النحوية 2/ 189، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 314، وتخليص الشواهد ص330، وشرح ابن الناظم ص112، وشرح الأشموني 1/ 130، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص272، وشرح ابن عقيل 1/ 335، وشرح عمدة الحافظ ص814، وهمع الهوامع 1/ 130.
فـ"يذوب" خبر "كرب" مجرد من "أن"، و"القلب" اسمها، والجوى: شدة الوجه، والوشاة جمع واش من وشى به إذا نم عليه، وعضوب: فعول بمعنى فاعل، كصبور، يستوي فيه المذكر والمؤنث. والمعنى: كاد القلب يذوب ويضمحل من شدة وجده وشوقه حين قال الواشون: محبوبتك هند غضوب عليك. "ومن القليل قوله" يرثي ميتًا: [من الخفيف]
220-
"كادت النفس أن تفيض عليه"
…
إذ غدا حشو ريطة وبرود
فـ"أن تفيض" خبر "كاد" وهو مقرون بـ"أن"، وأوله فاء، وثانيه ياء مثناة تحت، وثالثه ضاد معجمة على لغة تميم، ومشالة على لغة قيس، قاله أبو زيد، وأبو عبيدة. يقال: فاظ الميت يفيظ فيظًا إذا قضى، قاله أبو الفرج بن سهيل. "وغدا" بمعنى صار، واسمه مستتر فيه، يعود إلى ما عاد عليه ضمير "عليه" قبله، وهو الميت المرثي، "وحشو" خبر "غدا"، والريطة بفتح الراء وسكون الياء المثناة تحت وبالطاء المهملة: الملاءة إذا كانت شقة واحدة، والبرود بضم الموحدة جمع برد، نوع من الثياب، والمراد بهما: الكفن، ويروى: مذ ثوى، بالمثلثة، بمعنى: أقام. "وقوله" وهو أبو زيد الأسلمي: [من الطويل]
221-
سقاها ذوو الأحلام سجلًا على الظما
…
"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"
فـ"أن تقطعا" خبر "كربت" وهو مقرون بـ"أن"، وفيه رد على سيبويه حيث زعم أن خبر كرب لا يقترن بـ"أن" قاله الموضح في شرح الشواهد. وأصل "تقطع" تقطع بتاءين، حذفت إحداهما، وسقى يتعدى إلى اثنين، أولهما الهاء المتصلة به،
220- البيت لأبي زبيد الطائي في الاقتضاب ص614، ونسبه الدسوقي في حاشيته على المغني 2/ 287، والأمير 2/ 183، لمحمد بن مناذر، وهو بلا نسبة في أدب الكاتب ص406، والاقتضاب ص307، وأوضح المسالك 1/ 315، وخزانة الأدب 9/ 348، وشرح الأشموني 1/ 129، وشرح شواهد المغني 2/ 948، وشرح شذور الذهب 273، وشرح ابن عقيل 1/ 330، ولسان العرب 6/ 234 "نفس"، 7/ 454، "فيظ"، ومغني اللبيب 2/ 662.
221-
البيت لأبي زيد الأسلمي في تخليص الشواهد 330، والدرر 1/ 267، وشرح عمدة الحافظ 815، والمقاصد النحوية 2/ 193، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 316، وشرح ابن الناظم 113، وشرح الأشموني 1/ 123، وشرح التسهيل 1/ 392، وشرح شذور الذهب ص274، وشرح شواهد المغني ص355، وشرح ابن عقيل 1/ 335، والكامل ص244، والمقرب 1/ 99، وهمع الهوامع 1/ 130.
وهي عائدة على العروق المذكورة في قوله قبل1:
مدحت عروقًا....
…
..................
وسجلا، بفتح السين المهملة، وسكون الجيم مفعوله الثاني، وهو: الدلو المشغول بالماء، والأحلام بالحاء المهملة: العقول. والظما، بالمشالة: العطش. "ولم يذكر سيبويه في خبر "كرب" إلأا التجرد من: أن2". وفي نسخة: وهو مردود بالسماع. والحاصل أن خبر هذه الأفعال بالنسبة إلى اقترانه بـ"أن"، وتجرده منها أربعة أرقام. ما يجب فيه الاقتران. هو: حرى واخلولق، وإليه الإشارة بقول الناظم:
166-
وكعسى حرى ولكن جعلا
…
خبرها حتمًا بأن متصلًا
167-
والزموا اخلولق أن مثل حرى
…
.....................................
وما يجب تجرده من "أن" وهو أفعال الشروع المشار إليها بقول الناظم:
168-
.....................
…
وترك أن مع ذي الشروع وجبًا
وما يجوز فيه الأمران، والغالب الاقتران، وعسى وأوشك وهو المشار إليه بقول الناظم أولًا:
165-
وكونه بدون أن بعد عسى
…
نزر..............................
وثانيًا بقوله:
167-
................
…
وبعد أوشك انتفا أن نزرا
وما يجوز فيه الأمران، والغالب التجرد، وهو: كاد وكرب، وهو المشار إليه بقول الناظم أولًا:
165-
......................
…
........... فكاد الأمر فيه عكسًا
وبقوله ثانيًا:
168-
ومثل كاد في الأصح كربا
…
..................................
1 تمام البيت:
"مدحت عروقًا للندى مصت الثرى
…
حديثًا فلم تهمم بأن تتزعزعا"
وهو له في الكامل ص243.
2 في الكتاب 3/ 159: "وأما كاد فإنهم لا يذكرون فيها أن، وكذلك كرب يفعل، ومعناهما واحد".
"فصل":
"وهذه الأفعال ملازمة لصيغة الماضي إلا أربعة استعمل لها مضارع، وهي: كاد" وعينها واو، وجاءت من باب: خاف يخاف، ومن باب: قال يقول، كدت بكسر الكاف، كخفت، وبضمها كقلت، حكاهما سيبويه، فعلى الأول مضارعها: يكاد، كيخاف، "نحو:{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} [النور: 35]، وعلى الثاني مضارعها: يكود، كيقول حكاه ابن أفلح في منية الألباب. قال الموضح في الحواشي: فإن احتج على أنها يائية العين بقولهم: لا أفعله ولا كيدًا، قلنا: معارض بقولهم: ولا كودًا، وجعل الواو أصلًا، وسيلة إلى مجيء الياء للتخفيف، ا. هـ. "وأوشك، كقوله:[من المنسرح]
222-
يوشك من فر من منيته"
…
...............................
أنشده سيبويه1، وتقدم الكلام عليه قريبًا، "وهو أكثر استعمالًا" من ماضيها، حتى إن الأصمعي وأبا علي أنكرا مجيء ماضيها2، وهما محجوجان بما تقدم، ولقلته يمثل أكثر النحويين لها بالمضارع. "وطفق، حكى" أبو الحسن "الأخفش3: طفق يطفق"، بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع، "كضرب يضرب، وطفق يطفق"، بالعكس، "كعلم يعلم"، وفرح يفرح"، "وجعل، حكى الكسائي: إن البعير ليهرم حتى يجعل" بالرفع، "إذا شرب الماء مجه"، وفيه شذوذ وقوع الماضي خبرًا كما تقدم توجيهه في: أرسل رسولًا، وكرب يكرب كنصر ينصر. قاله ابن أفلح في منية
222- تقدم تمام البيت مع تخريجه برقم 218.
1 الكتاب 3/ 161.
2 في الارتشاف 2/ 119: "وأنكر الأصمعي "أوشك"، وقد نقله الخليل وغيره، وهو مسموع في كلامهم".
3 معاني القرآن للأخفش 2/ 515.
الألباب، وعسى أعسى، حكاه ابن ظفر في شرح المقامات. وزعم غيره أنه يقال: عسى يعسو، وعسى يعسي1، فيكون مما اعتقبت الواو والياء على لامه، قاله قريب الموضح في حاشيته على هذا الكتاب. واقتصر الناظم على اثنين منها، فقال:
170-
واستعملوا مضارعًا لأوشكا
…
وكاد لا غير......................
"واستعمل اسم فاعل لثلاثة وهي: كاد، قاله الناظم" في شرح الكافية2، "وأنشد عليه" قول كبير3؛ بالباء الموحدة والتكبير؛ ابن عبد الرحمن:[من الطويل]
223-
أموت أسى يوم الرجام "وإنني
…
يقينا لرهن بالذي أنا كائد"
فـ"كائد" بصورة الياء المثناة بعد الألف اسم فاعل من: كاد، والأسى، بالقصر: الحزن، والرجام بكسر الراء المهملة وبالجيم، اسم موضع، ويقينا، مفعول مطلق، ورهن بمعنى مرهون خبر "إن"، "وكرب، قاله جماعة، وأنشدوا عليه" قول عبد قيس بن خفاف: [من الكامل]
224-
"أبني إن أباك كارب يومه"
…
فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل
فـ"كارب" اسم فاعل من: كرب الناقصة، واسمه مستتر فيه، وخبره محذوف.
"و "أوشك"" وعليه اقتصر الناظم فقال:
170-
.................
…
........... وزادوا موشكا
1 في شرح ابن عقيل 1/ 340، 341:"فحكى صاحب الإنصاف استعمال المضارع واسم الفاعل من "عسى" قالوا: عسى يعسي فهو عاس".
2 شرح الكافية 1/ 459.
3 في حاشية الصبان 1/ 265: "إن تسميته كبير لا ينافيه قول الشارح بعد: "في شرح ديوان كثير" أي: بالمثلثة والتصغير، لاحتمال أن تكلمه على هذا البيت استطرادي، لا لكونه في الديوان، لكن نقل شيخنا عن شرح التوضيح للشارح أنه قول كثير عزة".
223-
البيت لكثير عزة في شرح الشافية 1/ 1459، والارتشاف 2/ 126، وأوضح المسالك 1/ 318، وشرح ابن عقيل 1/ 339، والمقاصد النحوية 2/ 198، والهمع 1/ 129، وشرح الأشموني 1/ 131، وتخليص الشواهد ص336، وشرح عمدة الحافظ ص824، والدرر 1/ 265.
224-
البيت لعبد قيس بن خفاف في الأصمعيات ص229، والحماسة الشجرية 1/ 469، وسمط اللآلي ص937، وشرح اختيارات المفصل ص1555، وشرح شواهد المغني 1/ 271، ولسان العرب 1/ 712، "كرب" والمقاصد النحوية 2/ 202، ونوادر أبي زيد ص114، ولعبد الله بن خفاف في تخليص الشواهد ص336، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 319، وجمهرة اللغة ص328، وشرح الأشموني 1/ 131.
"كقوله" وهو كبير بن عبد الرحمن: [من الوافر]
225-
"فإنك موشك أن لا تراها"
…
وتعدو دون غاضرة العوادي
فـ"موشك" اسم فاعل أوشك، و"تعدو" مضارع عدا: إذا جاوز، و"غاضرة" بغين فضاد معجمتين جارية أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر بن عبد العزيز، و"العوادي" بالعين المهملة: عوائق الدهر فاعل "تعدو"، "والصواب أن الذي في البيت الأول كابد بالباء الموحدة من المكابدة والعمل، وهو" اسم "للفاعل غير جار على الفعل"؛ لأن فعله كابد وقياس اسم فاعله الجاري عليه "مكابد"، "كابد" وبهذا جزم1 يعقوب" بن السكيت "في شرح ديوان كثير"، عزة، فلا دليل للناظم فيه، وقد ثبت عن الموضح أنه رجع لقول الناظم أخيرًا فقال في شرح الشواهد الكبرى: والظاهر ما أنشده الناظم، وقد كنت أقمت مدة على مخالفته، وذكرت ذلك في توضيح الخلاصة، ثم اتضح لي أن الحق معه ا. هـ.
"و" الصواب "أن "كاربا" في البيت الثاني اسم فاعل "كرب" التامة، في نحو قولهم: "كرب الشتاء"، إذا قرب، وبهذا جزم الجوهري" في الصحاح2، وأصله: كارب يومه، برفع يوم، أي: قريب، وفي كرب استعمالان: ناقصة، وتامة، والتامة قاصرة ومتعدية، فالقاصرة نحو: كرب الشتاء، وقولهم: كل دان قريب فهو كارب، والمتعدية نحو: كربت القيد إذا ضيقته على المقيد.
"واستعمل مصدرًا لاثنين وهما: طفق وكاد، حكى الأخفش: طفوقًا" كقعودًا "عمن قال: طفق بالفتح3" فإن قياسه الفعول، {وَطَفِقَا} [الأعراف: 22] بفتحتين1، كفرحا، "عمن قال: طفق، بالكسر4" فإن قياسه الفعل بفتحتين "وقالوا: كاد كودا"، كقال قولًا، "ومكادا" كمقالًا، "ومكادة" كمقالة، كيدًا بقلب الواو ياء، وفي حواشي سنن أبي داود للمنذري حكاية إيشاك، مصدر "أوشك" قاله الموضح في الحواشي.
225- البيت لكثير عزة في ديوانه ص220، والارتشاف 2/ 126، والدرر 1/ 264، وشرح عمدة الحافظ ص823، والمقاصد النحوية 2/ 205، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 321، وتخليص الشواهد ص336، وشرح الأشموني 1/ 131، وهمع الهوامع 1/ 129، وشرح الكافية الشافية 1/ 460.
1 سقطت من "ب".
2 الصحاح 1/ 211 "كرب".
3 في المساعد 1/ 292: "قال الأخفش: وبعضهم يقول طفق بالفتح، يطفق طفوقًا".
4 في معاني القرآن للأخفش 2/ 514: "قال: طفقا، وقال بعضهم، طَفَقَ، وهذه قراءة أبي السمال".
"فصل":
"وتختص عسى واخلولق وأوشك" من بين أفعال هذا الباب "بجواز إسنادهن إلى "أن يَفْعَلَ" حال كون "أن يفعل" "مستغنى به عن الخبر"، فتكون تامة، وهذا معنى قول الناظم:
171-
بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد
…
غنى بأن يفعل غن ثان فقد
"نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: 216] "وينبني على هذا الأصل فرعان: أحدهما: أنه إذا تقدم على إحداهن اسم هو المسند إليه" الفعل "في المعنى، وتأخر عنها "أن" والفعل، نحو: زيد عسى أن يقوم، جاز تقديرها خالية من ضمير ذلك الاسم" المتقدم عليها، "فتكون" "عسى" "مسندة إلى "أن" والفعل مستغنى بهما عن الخبر"، فتكون تامة، وهذه لغة أهل الحجاز، "وجاز تقديرها مسندة إلى الضمير" العائد إلى الاسم المتقدم عليها، فيكون الضمير اسمها، "وتكون "أن" والفعل في موضع نصب على الخبر"، فتكون ناقصة، وهذه لغة بني تميم، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
172-
وجردن عسى أو ارفع مضمرًا
…
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا
"ويظهر أثر" هذين "التقديرين" في حال "التأنيث والتثنية والجمع" المذكر والمؤنث، "فتقول على تقدير الإضمار" في "عسى":"هند عست أن تفلح"، فـ"هند" مبتدأ، و"عسى" فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر فيها يعود على "هند"، و"أن تفلح" في موضع نصب على أنه خبر "عسى"، و"عسى" ومعمولاها في موضع رفع على أنه خبر المبتدأ. "والزيدان عسيا أن يقوما"، فـ"الزيدان" مبتدأ، و"عسى" فعل ماض ناقص، والألف المتصلة بها اسمها، و"أن يقوما" خبرها، وجملة "عسى" ومعمولاها خبر المبتدأ، "والزيدون عسوا أن يقوموا" كذلك، "والهندات عسين أن يقمن" كذلك، "وتقول على تقدير الخلو من المضمر" في "عسى": هند
"عسى" أن تفلح، والزيدان عسى أن يقوما، والزيدون عسى أن يقوموا، والهندات عسى أن يقمن، فتقدر عسى خالية من الضمير "في" الأمثلة "الجميع"، وهي تامة.
وأن والفعل بعدها في موضع رفع على الفاعلية بها، وهي ومرفوعها في موضع رفع على الخبرية للمبتدأ قبلها، "و" الخلو من الضمير "هو الأفصح"، وبه جاء التنزيل، "قال الله تعالى:{لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11] . "و" الفرع "الثاني أنه إذا ولي إحداهن أن والفعل، وتأخر عنها اسم هو المسند إليه في المعنى، نحو عسى أن يقوم زيد، جاز" الوجهان السابقات فيما إذا تقدم المسند إليه في المعنى، وعلى هذا يكون المبتدأ مؤخرًا لا غيره وجاز إيضًا وجهان آخران. أحدهما: أنه يجوز "في ذلك الفعل" المقرون بـ"أن""أن يقدر خاليًا من الضمير" العائد إلى الاسم المتأخر، "فيكون" الفعل "مسندًا إلى ذلك الاسم" المتأخر، "و" تكون ""عسى" مسندة إلى "أن"، والفعل مستغنى بهما عن الخبر"، فتكون تامة.
"و" الثاني: أنه يجوز "أن يقدر" ذلك الفعل "متحملًا لضمير ذلك الاسم" المتأخر. "فيكون الاسم" المتأخر "مرفوعًا، بـ"عسى" وتكون "أن" والفعل في موضع نصب على الخبرية" لـ"عسى" مقدمًا على اسمها، فتكون ناقصة.
"ومنع الشلوبين هذا الوجه" الثاني "لضعف هذه الأفعال عن توسط الخبر1، وأجازه" أبو العباس "المبرد2، و" أبو سعيد "السيرافي، و" أبو علي "الفارسي3، ويظهر أثر الاحتمالين أيضًا في" حال "التأنيث والتثنية والجمع" المذكر والمؤنث، "فتقول على وجه الإضمار" في الفعل المقرون بأن:"عسى أن يقوما أخواك"، فـ"أخواك" اسم "عسى" مؤخر، و"أن يقوما" في موضع نصب خبر "عسى" متقدم على اسمها "وعسى أن يقوموا إخوتك" فـ"إخوتك" اسم "عسى"، و"أن يقوموا" خبرها، "و: عسى أن يقمن نسوتك"، فـ" نسوتك"، اسم "عسى"، و"أن يقمن" خبرها، "و: عسى أن تطلع الشمس، بالتأنيث، لا غير" فـ"الشمس" اسم "عسى"، و"أن تطلع" خرها، وإنما وجب تأنيث الفعل؛ لأنه إذا
1 في شرح ابن عقيل 1/ 341، "ذهب الأستاذ أبو علي الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الظاهر مرفوعًا بالفعل الذي بعد "أن"، فـ"أن" وما بعدها فاعل لـ"عسى" وهي تامة ولا خبر لها".
2 المقتضب 3/ 70.
3 شرح ابن عقيل 1/ 342.
أسند إلى ضمير متصل وجب تأنيثه لئلا يلتبس بالإسناد إلى الظاهر. كما سيجيء في باب الفاعل.
"و" تقول "على الوجه الآخر" وهو عدم الإضمار في الفعل: عسى أن يقوم أخواك، وعسى أن يقوم إخوتك، وعسى أن تقوم نسوتك، وعسى أن تطلع الشمس، فالاسم المتأخر في هذه الأمثلة فاعل، "يقوم"، و"تطلع" مسندة إلى "أن"، والفعل مستغنى بهما عن الخبر، ففي الأمثلة الثلاثة، الأول "توحد "يقوم"؛ لأنه مسند إلى الظاهر، وسيأتي أن الأفصح توحيده، "و" في المثال الأخير "تؤنث "تطلع" أو تذكره"؛ لأنه أسند إلى ظاهر مجازي التأنيث، وسيأتي أنه يجوز تذكيره وتأنيثه، لا يقال إذا تأخر المسند إليه في المعنى يكون مطلوبًا لكل من الفعلين فلا يتأتى فيه ما تقدم؛ لأنا نقول دعوى التنازع فيه ممنوعة؛ لأن أحد الفعلين جامد، وسيأتي أن التنازع لا يكون بين جامدين ولا بين جامد وغيره.
مسألة:
يجوز كسر سين: عسى" في لغة من قال: هو عس بكذا، مثل: شج، من شجى، "خلافًا لأبي عبيدة" في منعه الكسر، "وليس ذلك" الجواز "مطلقًا"، سواء أسندته إلى ظاهر أو مضمر، "خلافًا للفارسي" في إجازته الكسر مطلقًا1، فيجيز: عسي زيد، بكسر السين، كرضي زيد، "بل يتقيد بأن يسند إلى" ضمير يسكن معه آخر الفعل. فيشمل ما إذا كان مسندا إلى "التاء أو النون أو نا، نحو:" عسيت بالحركات الثلاث في التاء، وعسيتما وعسيتم وعسيتن وعسين وعسينا، بفتح السين وكسرها في الجميع2، وبهما قرئ في السبع: قال الله تعالى: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 246]، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محمد: 22] ، قرأهما نافع بالكسر لمناسبة الياء3، وغيره بالفتح وهو المختار لجريانه على القياس، وهو عدم اختلافه مع الظاهر والمضمر، بخلاف الكسر؛ ولأنه اللغة الشائعة، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
173-
والفتح والكسر أجز في السين من
…
نحو عسيت وانتقا الفتح زكن
1 انظر الحجة 2/ 350.
2 انظر الارتشاف 2/ 142.
3 وقرأها كذلك: الحسن وطلحة، انظر البحر المحيط 2/ 255.