المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ١

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[خطبة المؤلف] :

- ‌[شرح خطبة الكتاب] :

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌مدخل

- ‌باب شرح المعرب والمبني

- ‌مدخل

- ‌باب النكرة والمعرفة

- ‌مدخل

- ‌فصل في المضمر

- ‌باب العلم

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الإشارة

- ‌مدخل

- ‌باب الموصول

- ‌مدخل

- ‌باب المعرف بالأداة

- ‌مدخل

- ‌باب المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

- ‌مدخل

- ‌باب أفعال المقاربة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحرف الثمانية

- ‌مدخل

- ‌باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

- ‌مدخل

- ‌باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة:

- ‌باب الفاعل:

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب الاشتغال:

- ‌باب التعدي واللزوم

- ‌مدخل

- ‌باب التنازع في العمل

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول المطلق

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول له:

- ‌باب المفعول فيه

- ‌مدخل

- ‌المفعول معه

- ‌مدخل

- ‌باب المستثنى

- ‌مدخل

- ‌باب الحال

- ‌مدخل

- ‌باب التمييز

- ‌مدخل

- ‌باب حروف الجر

- ‌مدخل

- ‌باب الإضافة

- ‌مدخل

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما

‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

‌مدخل

هذا باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين:

هذا قول الجمهور1، وذهب السيهلي إلى أن المفعولين في باب "ظن" ليس أصلهما المبتدأ والخبر، بل هما كمفعولي "أعطى" واستدل بـ: ظننت زيدًا عمرًا، فإنه لا يقال: زيد عمرو، إلا على جهة التشبيه وأنت لم ترد ذلك مع ظننت2. وأجيب بالمنع، وأن المراد: ظننت زيدًا عمرا، فتبين خلافه.

وذهب الفراء3 إلى أن الثاني منصوب على التشبيه بالحال، مستدلًا بوقوعه جملة وظرفًا وجارا ومجرورًا. وعورض بوقوعه معرفة وضميرًا وجامدًا، وبأنه لا يتم الكلام بدونه.

"أفعال هذا الباب نوعان:

أحدهما: أفعال القلوب، وإنما قيل لها ذلك؛ لأن معانيها قائمة بالقلب وليس كل قلبي ينصب مفعولين، بل القلبي ثلاثة أقسام: ما لا يتعدى بنفسه، نحو: فكر" في كذا، "وتفكر" فيه، "وما يتعدى لواحد" بنفسه، "نحو: عرف" زيد الحق، "وفهم" المسألة، "وما يتعدى لاثنين" بنفسه، "وهو المراد هنا"، وإليه أشار الناظم بقوله:

206-

انصب بفعل القلب جزأي ابتدا

أعني رأى خال علمت وجدا

207-

ظن حسبت وزعمت مع عد

حجا درى وجعل اللذ كاعتقد

208-

وهب تعلم.......

..........................

1 انظر المساعد 1/ 352.

2 انظر المساعد 1/ 352، والارتشاف 3/ 56.

3 الارتشاف 3/ 56.

ص: 358

"وينقسم" هذا القسم المتعدي لاثنين "أربعة أقسام:

أحدها: ما يفيد في الخبر يقينًا، وهو أربعة: وجد وألفى وتعلم بمعنى: اعلم، ودرى، قال الله تعالى:{تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا} " [المزمل: 20] فالهاء المتصلة به مفعوله الأول، و"خيرًا" مفعوله الثاني، و"هو" ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وإنما ساغ مجيء "وجد" للعلم؛ لأن من وجد الشيء على حقيقته فقد علمه، وقال الله تعالى: "{إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} " [الصافات: 69] ، فـ"آباءهم" مفعول أول، و"ضالين" مفعول ثان، "وقال الشاعر"، وهو زياد بن سيار:[من الطويل]

277-

"تعلم شفاء النفس قهر عدوها"

فبالغ بلطف في التحيل والمكر

فـ"تعلم" أمر بمعنى، اعلم، و"شفاء النفس" مفعوله الأول، و"قهر عدوها" مفعوله الثاني، "والأكثر وقوع""تعلم""هذا على "أن"" المشددة "وصلتها"، فتسد مسد المفعولين لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه، "كقوله" وهو زهير بن أبي سلمى، بضم السين:[من الطويل]

278-

"فقلت تعلم أن للصيد غرة"

وإلا تضيعها فإنك قاتله

فـ"أن" بفتح الهمزة، وتشديد النون حرف موصول، "وللصيد" خبرها مقدم، و"غرة" بكسر الغين المعجمة، وتشديد الراء المهملة اسمها مؤخر، و"أن" وصلتها سدت مسد مفعولي "تعلم"، و"إلا" إلى آخره جملة شرطية، والهاء في "تضيعها" عائدة على "الوصية" فيما قبله، والهاء في "قاتله" عائدة على "الصيد"، وقد تكون "تعلم" بمعنى الماضي، قال يعقوب: تقول: تعلمت أن زيدًا خارج، بمعنى: علمت، "وقال الآخر:[من الطويل]

279-

دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط"

فإن اغتباطًا بالوفاء حميد

277- البيت لزياد بن سيار وهو تصحيف زبان بن سيار في خزانة الأدب 9/ 129، والدرر 1/ 334، وشرح شواهد المغني 2/ 923، والمقاصد النحوية 2/ 374، وبلا نسبة في

الارتشاف 3/ 13، وأوضح المسالك 2/ 31، وشرح ابن الناظم ص142، وشرح الأشموني

1/ 158، وشرح ابن عقيل 1/ 420، وشرح الكافية الشافية 2/ 456، وهمع الهوامع 1/ 149.

278-

البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص134، ولسان العرب 13/ 13 "أذن" والمقاصد النحوية 2/ 374، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 32، وشرح الأشموني 1/ 158.

279-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 33، والدرر 1/ 333، وشرح ابن الناظم ص142، وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح التسهيل 2/ 79، وشرح ابن عقيل 1/ 419، وشرح قطر الندى ص171، وشرح الكافية الشافية 2/ 545، والمقاصد النحوية 2/ 372، وهمع الهوامع 1/ 149.

ص: 359

و"دريت" مبني للمفعول، والتاء مفعوله الأول في موضع رفع على النيابة عن الفاعل، و"الوفي" مفعوله الثاني، وهو صفة مشبهة، و"العهد" بالرفع على الفاعلية، وبالنصب على التشبيه بالمفعول به، وبالجر على الإضافة، "وعرو" مرخم بحذف التاء، و"فاغتبط" جواب شرط مقدر، أي: إن دريته فاغتبط من الغبطة، وهو أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه، فإن أراد زوالها كان حسدًا، "والأكثر في""درى""هذا أن يتعد بالباء"، نحو: دريت بزيد، "فإذا دخلت عليه الهمزة تعدى لآخر بنفسه، نحو: {وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} "[يونس: 16] فضمير المخاطبين مفعوله الأول، والمجرور بالباء مفعوله الثاني.

"و" القسم "الثاني: ما يفيد في الخبر رجحانًا وهو خمسة: جَعَلَ وحجا وعدّ ووهب وزعم، نحو: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 1] ، فـ"الملائكة" مفعوله الأول، و"إناثًا" مفعوله الثاني "و" نحو "قوله" وهو تميم بن مقبل، وقيل: أبو شبل الأعرابي: [من البسيط]

280-

"قد كنت أحجوا أبا عمرو أخا ثقة"

حتى ألمت بنا يومًا ملمات

فـ"أبا عمرو" مفعوله الأول، و"أخا ثقة" مفعوله الثاني، و"الملمات" جمع ملمة، بمعنى النازلة، فاعل "ألمت" بمعنى نزلت، "و" نحو "قوله" وهو النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه:[من الطويل]

281-

"فلا تعدد المولى شريكك في الغنى"

ولكنما المولى شريكك في العدم

فـ"المولى" بمعنى الصاحب، هنا مفعوله الأول، و"شريكك" مفعوله الثاني، و"العدم" بضم العين: الفقر، "و" نحو "قوله" وهو ابن همام السلولي:[من المتقارب]

280- البيت لتميم بن مقبل في تخليص الشواهد ص440، والمقاصد النحوية 2/ 376، ولم أقع عليه في ديوانه، وله أو لأبي شبل الأعرابي في الدرر 1/ 328، وللأزهري في شرح ابن الناظم ص143، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 35، وشرح التسهيل 2/ 77، وشرح شذور الذهب ص357، وشرح ابن عقيل1/ 426، وشرح الكافية الشافية 2/ 543، ولسان العرب 2/ 315، "ضربج"، 14/ 167، "حجا"، وهمع الهوامع 1/ 148.

281-

البيت للنعمان بن بشير في ديوانه ص29، وتخليص الشواهد ص431، والدرر 1/ 329، والمقاصد النحوية 2/ 377، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 36، وخزانة الأدب 3/ 57، وشرح ابن الناظم ص143، وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح التسهيل 2/ 77، وشرح ابن عقيل 1/ 425، وشرح الكافية الشافية 2/ 545، وهمع الهوامع 1/ 148.

ص: 360

282-

فقلت أجرني أبا خالد

"وإلا فهبني امرأ هالكا"

فياء المتكلم: مفعوله الأول، و"امرأ" مفعوله الثاني، و"هالكًا" نعت "امرأ".

والأقل في "هب" هذا وقوعه على "أن" وصلتها، كما في المسألة الحمارية في الفرائض: هب أن أبانا كان حمارًا1، "و" نحو "قوله" وهو أبو أمية الحنفي، واسمه أوسن:[من الخفيف]

283-

"زعمتني شيخًا ولست بشيخ"

إنما الشيخ من يدب دبيبًا

فياء المتكلم مفعوله الأول، و"شيخا" مفعوله الثاني، "ويدب دبيبًا": يدرج في المشي درجًا رويدًا، "والأكثر في""زعم""هذا وقوعه على "أن" بتخفيف النون، "أو: أن" بتشديدها [أي: مع فتح الهمزة فيهما] 2 "وصلتهما"، وإفراد الضمير في مثل هذا أفصح من تثنيته [لأن العطف فيه بـ"أو" وهو رأي البصريين، والتثنية رأي الكوفيين] 2، فالأول "نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} " [التغابن: 7] ، "و" الثاني نحو "قوله" وهو كثير عزة: [من الطويل]

284-

"وقد زعمت أني تغيرت بعدها"

ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

و"عز" منادى مرخم.

282- البيت لعبد الله بن همام السلولي في تخليص الشواهد ص442، وخزانة الأدب 9/ 36، والدرر 1/ 332، وشرح شواهد المغني 2/ 923، ولسان العرب 1/ 804، "وهب"، ومعاهد التنصيص 1/ 285، والمقاصد لنحوية 2/ 378، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 37، وشرح ابن الناظم ص144، وشرح الأشموني 1/ 248، وشرح التسهيل 2/ 78، وشرح شذور الذهب ص361، وشرح ابن عقيل 216، وشرح الكافية الشافية 2/ 456، ومغني اللبيب 2/ 594، وهمع الهوامع 1/ 149.

1 تقوم هذه المسألة على إرث زوج وأم وأخوين لأم وأخوين لأب وأم، وحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيها بالنصف للزوج، والسدس للأم، والثلث للأخوين للأم، وترك الأخوين لأب وأم، فقالا له: هب أن أبانا كان حمارًا، فأشركنا بقرابة أمنا، ففعل. انظر الجامع لأحكام القرآن 5/ 79.

283-

البيت لأبي أمية أوس الحنفي في الدرر 1/ 331، وشرح شواهد المغني ص922، والمقاصد النحوية 2/ 397، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 38، وتخليص الشواهد ص428، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح قطر الندى ص172، ومغني اللبيب ص594.

2 إضافة من "ط".

284-

البيت لكثير عزة في ديوانه ص328، والأغاني 9/ 26، وتخليص الشواهد ص428، وخزانة الأدب 5/ 222، 314، والمقاصد النحوية 2/ 380، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 40، وشرح الأشموني 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص359.

ص: 361

"و" القسم "الثالث: ما يرد بالوجهين، والغالب كونه لليقين، وهو اثنان: رأي وعلم، كقوله جل ثناؤه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 7] الأول للرجحان، والثاني لليقين، "وقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] وقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] الأولى لليقين والثانية للرجحان.

"و" القسم "الرابع: ما يراد بهما"، أي: بالوجهين، "والغالب كونه للرجحان، وهو ثلاثة: ظن، وحسب، وخال" فالرجحان كقوله: [من الطويل]

285-

"ظننتك إن شبت لظى الحرب صاليا"

فعردت فيمن كان عنها معردًا

فالكاف مفعوله الأول، و"صاليًا" مفعوله الثاني، و"إن شبت" بالبناء للمفعول شرط، و"لظى الحرب" نائب الفاعل، وجواب الشرط محذوف، والتعريد بالعين المهملة، الانهزام والجبن، يقال: عرد في الحرب إذا جبن. وقال الخليل: عرد وعرج في الحرب واحد، والمعنى: ظننتك صاليًا الحرب إذا أوقدت نارها فانهزمت فيمن كان منهزمًا، "و" اليقين، "نحو قوله تعالى:{يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} " [البقرة: 46] ، أي: يتيقنون ذلك، "و" الرجحان في حسب، "كقول الشاعر" وهو زفر بن الحارث الكلابي: [من الطويل]

286-

فـ"كل" مفعوله الأول، و"شحمة" مفعوله الثاني، و"عشية" منصوب على الظرفية، و"جذام وحمير" قبيلتان لم ينصرفا للعملية والتأنيث. "و" اليقين فيها نحو "قوله" وهو لبيد العامري:[من الطويل]

287-

"حسبت التقى والوجود خير تجارة"

رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلًا

285- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 42، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح التسهيل 2/ 80، والمقاصد النحوية 2/ 381.

286-

البيت لزفر بن الحارث الكلابي في تخليص الشواهد ص435، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص155، وشرح شواهد المغني 2/ 930، والمقاصد النحوية 2/ 382، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 43، وشرح ابن الناظم ص143، وشرح التسهيل 1/ 344، ومغني اللبيب 2/ 636.

287-

البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص246، وأساس البلاغة ص46 "ثقل"، والدرر 1/ 334، ولسان العرب 11/ 88، "ثقل" والمقاصد النحوية 2/ 384، وتاج العروس "ثقل"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 44، وتخليص الشواهد ص435، وشرح ابن الناظم ص144، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح ابن عقيل 1/ 422، وشرح قطر الندى 274، وهمع الهوامع 1/ 149.

ص: 362

فـ"التقى" مفعول أول، و"الوجود" معطوف عليه، و"خير" مفعوله الثاني، ولم يثن لأنه اسم تفضيل، واسم التفضيل إذا أضيف إلى نكرة لزمه الإفراد والتذكير، و"رباحًا" بالباء الموحدة، والحاء المهملة تمييز، و"إذا" شرطية، و"ما" زائدة، و"المرء" مرفوع بفعل محذوف يفسره "أصبح"، و"ثاقلًا" بمعنى: ثقيلًا1، خبر أصبح المحذوف، والمعنى: تيقنت التقى والجود خير تجارة رباحًا2 إذا أصبح المرء ثقيلًا بسب الموت، ووصف الميت بالثقل؛ لأن الأبدان تخف بالأرواح، فإذا مات صاحبها تصير ثقيلة كالجمادات. "و" الرجحان في "خال" "كقوله":[من الطويل]

288-

"إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى"

يسومك ما لا يستطاع من الوجد

إخالك بكسر الهمزة والقياس فتحها3، والكاف مفعوله الأول، و"ذا الهوى" مفعوله الثاني، و"إن لم تغضض الطرف" شرط، وجوابه محذوف، وجملة "يسومك" بمعنى: يكلفك نعت "هوى"، وفاعله ضمير مستتر يعود على "هوى"، وهو العائد من الصفة إلى الموصوف، و"ما لا يستطاع" في موضع المفعول الثاني لـ"يسومك"، و"من الوجد" بيان لـ"ما"، "و" اليقين فيها، نحو "قوله":[من المنسرح]

289-

"ما خلتني زلت بعدكم ضمنا"

أشكو إليكم حموة الألم

أنشده خلف الأحمر من الكوفيين، وياء المتكلم مفعوله الأول، و"ضمنا" مفعوله الثاني، وهو بفتح الضاد المعجمة، وكسر الميم وبالنون: الزمن المبتلي، وفي نسخة: ظمئا بالظاء المشالة، والهمزة، وهو بمعنى مشتاق4، قاله5 في الصحاح6، وظمئت إلى لقائكم: اشتقت، و"زلت بعدكم" معترض بين المفعولين و"خلتني" معترض بين النافي وهو "ما" والمنفي وهو "زلت"، و"ضمنا" معترض بين اسم "زال" وهو التاء وخبرها

1 في "ب": "ثقيل".

2 سقطت من "ب".

288-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 45، والدرر 1/ 335، وشرح التسهيل 2/ 80، وشرح الأشموني 1/ 155، وهمع الهوامع 1/ 150.

3 في خزانة الأدب 9/ 152 أن فتح الهمزة في "أخال" هي لغة بني أسد.

289-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 47، واللسان 13/ 260 "ضمن"، 14/ 201 "حما"، والمقاصد النحوية 2/ 386، وشرح التسهيل 1/ 335، 2/ 81.

4 في "أ"، "ط":"مشفق".

5 في "ب"، "ط":"قال".

6 الصحاح 1/ 61 "ظمأ" 6/ 2156، "ضمن".

ص: 363

وهو "أشكو"، و"بعدكم" متعلق بـ"ضمنا" وجاز تقدمه على الصفة المشبهة؛ لأنه ظرف و"حموة" بضم الحاء المهملة والميم، وتشديد الواو: الشدة، والتقدير: خلت نفسي ضمنا بعدكم ما زلت أشكو شدة الفراق.

"تنبيهان" اثنان: "الأول: ترد "علم" بمعنى: عرف، و" ترد "ظن؛ بمعنى: اتهم" وإليهما أشار الناظم بقوله:

214-

لعلم عرفان وظن تهمه

تعديه لواحد ملتزمه

"و" ترد ""رأى" بمعنى:" ذهب، من "الرأي، أي: المذهب، و" ترد ""حجا" بمعنى: قصد، فيتعدين" هذه الأفعال الأربعة "إلى" مفعول "واحد" فقط: فأولها "نحو: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78] أي: لا تعرفون شيئًا. "و" ثانيها نحو: ""وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ1"" [التكوير: 24] بالظاء المشالة، أي: بمتهم. "و" ثالثها: "تقول: رأى أبو حنيفة حل كذا، ورأى: الشافعي حرمته"، أي: ذهب أبو حنيفة إلى حل كذا، وذهب الشافعي إلى حرمته. "و" رابعها: نحو: "حجوت بيت الله" أي: نويته وقصدته. "وترد "وجد" بمعنى: حزن أو حقد، فلا يتعديان"، يقال: وجد زيد إذا حزن، أو حقد، ويختلفان في المصدر، فمصدر وجد بمعنى: حزن وجد، ومصدر وجد بمعنى: حقد موجدة.

"وتأتي هذه الأفعال" الخمسة "وبقية أفعال الباب لمعان أخر غير قلبية، فلا تتعدى لمفعولين"، فتأتي "علم" العلمية بضم العين، كعلم الرجل إذا كان مشقوق الشفة العليا، وتأتي "رأى" بمعنى: أبصر، نحو: رأيت زيدًا، أي: أبصرته، وبمعنى: أشار، نحو: رأى زيدٌ كذا، أي: أشار به، وبمعنى: ضرب، نحو: رأيت الصيد، أي: ضربت رئته، وتأتي "حجا" بمعنى: غلب في المحاجة، نحو: حجا زيد عمرًا، أي: غلبه في المحاجة، وبمعنى: رد، نحو: حجيت السائل إذا رددته، وبمعنى: ساق، نحو حجوت الإبل، أي: سقتها وبمعنى: كتم، وبمعنى: حفظ، نحو: حجوت الحديث، أي: كتمته أو حفظته، وبمعنى: أقام، نحو: حجا بمكة، أي: أقام بها، وبمعنى بخل يقال: حجا بماله أي: بخل به، وبمعنى: وقف، كقوله:[من الرجز]

1 الآية من شواهد شرح ابن الناظم ص151، وشرح ابن عقيل 1/ 440، وشرح المفصل 7/ 81، والرسم المصحفي:{بِضَنِيْنٍ} ، بها قرأ بها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي وابن عباس، وغيرهم. انظر الإتحاف ص434، والنشر 2/ 398، 399.

ص: 364

290-

فهن يعكفن به إذا حجا

أي: إذا وقف، وتأتي "وجد" بمعنى: أصاب، نحو: وجد زيد ضالته، أي: أصابها، وبمعنى: استغنى، يقال: وجد فلان، أي: استغنى، وتأتي "عد" بمعنى: حسب، بفتح السين نحو عددت المال، أي: حسبته أحسبه، وفي التنزيل:{وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وفي الحديث: $"الزعيم غارم"1، وبمعنى: رأس، بالهمزة وتركه، نحو: زعم زيد إذا رأس، ومنه: زعيم القوم هو فلان، أي: رئيسهم، وبمعنى: قال، كقول أبي زبيد الطائي:[من البسيط]

291-

يا لهف نفسي إن كان الذي زعموا

حقا وماذا يرد القوم تلهيفي

أي: إن كان الذي قالوه حقا، نص عليه ابن بري2، وبمعنى: سمن وهزل، يقال: زعمت الشاة بمعنى: سمنت وهزلت، وبمعنى: طمع، قاله في الصحاح3. وفي حواشيه لابن بري قال ابن خالويه4: يقال: زعم في غير مَزْعَم، أي: طمع في غير مطمع، وتأتي درى: بمعنى: خدع، نحو: درى الذئب الصيد إذا خدعه واستخفى له ليفترسه. وتأتي "حسب" بمعنى: احمر لونه وابيض، يقال: حسب الرجل إذا احمر لونه وابيض كالبرص.

وتأتي "خال" للعجب، يقال: خال الرجل تكبر وأعجب بنفسه، وبمعنى: ظلع، بالظاء المشالة، يقال: خال الفرس، أي: غمز في مشيه، وغير ذلك. قال الموضح:"وإنما لم نحترز عنها؛ لأنها لم يشملها قولنا أفعال القلوب".

التنبيه "الثاني" من التنبيهين: العرب "ألحقوا "رأى" الحلمية بـ"رأى" العلمية في التعدي لاثنين" بجامع إدراك الحس الباطن، كقوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] ، فـ"أرى" عملت في ضميرين متصلين لمسمى

290- الرجز للعجاج في ديوانه 2/ 24، 25، ولسان العرب 14/ 166 "حجا"، وتاج العروس 24/ 179، "عكف"، "حجا".

1 أخرجه ابن ماجه في كتاب الصدقات برقم 2398، وأحمد في المسند 5/ 276.

291-

البيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص120، وخزانة الأدب 9/ 131، ولسان العرب 4/ 32، "أمر"، 9/ 324 "نجف"، وتاج العروس "زعم".

2 انظر لسان العرب "غرم".

3 الصحاح 5/ 1942 "غزم".

4 لسان العرب "زعم".

ص: 365

واحد، وأحدهما فاعل، وثانيهما مفعول أول، وجملة "أعصر خمرًا" المفعول الثاني1، "وكقوله" وهو عمرو بن أحمر الباهلي يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فرآهم في منامه:[من الوافر]

292-

"أراهم رفقتي حتى إذا ما"

تجافى الليل وانخزل انخزالا

فالهاء والميم مفعول أول، و"رفقتي" بضم الراء وكسرها مفعول ثان، والرفقة: الجماعة ينزلون جملة ويرتحلون جملة، وسموا رفقة لاتفاق بعضهم ببعض، والرؤيا هنا حلمية بدليل قوله: حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل، أي: انطوى وانقطع، وإلى هذا أشار الناظم بقوله:

215-

ولرأي الرؤيا انم ما لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

وذهب بعضهم إلى أن "رأى" الحلمية لا تنصب مفعولين، وأن ثاني المنصوبين حال. ورد بوقوعه كما هنا. واعترض بأن الرفقة الرفقاء، وهم: المخالطون والمرافقون، فهو بمعنى اسم الفاعل. فالإضافة فيه غير محضة، قاله الموضح في الحواشي، وفيه نوع مخالفة لما هنا.

و"رأى" الحلمية لا يدخلها إلغاء ولا تعليق، خلافًا للشاطبي. "ومصدرها الرؤيا، نحو" قوله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 100]"ولا تختص الرؤيا بمصدر الحلمية، بل قد تقع مصدرا للبصرية، خلافًا للحريري وابن مالك، بدليل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] ، "قال ابن عباس" رضي الله عنهما: "هي رؤيا عين"، ولكن المشهور استعمالها في الحلمية.

"النوع الثاني" من أنواع هذا الباب الناصبة للمبتدأ والخبر مفعولين "أفعال التصيير"، وإنما قيل لها ذلك لدلالتها على التحويل والانتقال من حالة إلى أخرى، "كجعل ورد وترك واتخذ وتخذ وصير وهب"، وإليهما الإشارة بقول الناظم:

208-

........... والتي كصيرا

أيض بها انصب مبتدأ وخبرا

1 انظر شرح التسهيل 2/ 92، وهمع الهوامع 1/ 156.

292-

البيت لابن أحمر في ديوانه ص129، والحماسة البصرية 1/ 262، وشرح أبيات سيبويه 1/ 487، والكتاب 2/ 270، ولسان العرب 6/ 689 "حنش" والمقاصد النحوية 2/ 421، وبلا نسبة في الأزمنة والامكنة 1/ 240، والإنصاف 1/ 354، وتخليص الشواهد ص455، والخصائص 2/ 378، وشرح ابن الناظم ص151، وشرح الأشموني 1/ 163، وشرح ابن عقيل 1/ 441.

ص: 366

"قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] ، فالهاء مفعوله الأول، و"هباء" مفعوله الثاني، و"منثورًا" نعت "هباء" وقال تعالى: "{لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا " حَسَدًا} [البقرة: 109] فالكاف والميم مفعول أول، و"كفارًا" مفعول ثان، "وحسدًا" مفعول لأجله، وقال تعالى:" {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} "[الكهف: 99] فـ"بعضهم" مفعول أول، وجملة "يموج في بعض" في موضع المفعول الثاني، وقال الله تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] فـ"إبراهيم" مفعول أول، و"خليلًا" مفعول ثان، "وقال الشاعر" وهو أبو جندب ابن مرة الهذلي:[من الوافر]

293-

تخذت غراز إثرهم دليلًا"

وفروا في الحجاز ليعجزوني

فـ"غراز" بضم الغين المعجمة وتخفيف الراء وفي آخره زاي اسم واد، قاله العيني، وأنشده الموضح مختومًا بنون، وقال: إنه اسم جبل، وهو مفعول أول لا ينصرف على إرادة البقعة، و"دليلًا" مفعول ثان، و"إثرهم" منصوب على الظرفية، والضمير المضاف إليه فاعل، و"فروا" و"يعجزوني" راجع إلى بني لحيان في البيت قبله، "وفي" بمعنى: إلى، واللام في "ليعجزوني" للتعليل، "وقال" رؤبة:[من السريع]

294-

ولعبت طير بهم أبابيل

"فصيروا مثل كعصف مأكول"

وهو من السريع مستفعلن مفعولات، مرتين، والواو في "صيروا" نائب الفاعل، وهو المفعول الأول، و"مثل" المفعول الثاني، و"كعصف" مضاف إليه على زيادة الكاف بين المتضايفين.

293- البيت لأبي جندب الهذلي في شرح أشعار الهذليين 1/ 354، والارتشاف 3/ 61، ولسان العرب 5/ 370 "عجز" والمقاصد النحوية 2/ 400، وتاج العروس 15/ 95، "حجز"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 51، وشرح الأشموني 1/ 158، ولسان العرب 15/ 331 "حجز"، وشرح التسهيل 2/ 82، وشرح الكافية الشافية 2/ 459.

294-

الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181، وخزانة الأدب 10/ 168، 175، 184، 189، وشرح شواهد المغني 1/ 53، والمقاصد النحوية 2/ 402، ولحميد الأرقط في الدرر 1/ 336، والكتاب 1/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 52، والجنى الداني ص90، وخزانة الأدب 7/ 73، ورصف المباني ص201، وسر صناعة الإعراب ص296، وشرح الأشموني 1/ 158، ولسان العرب 9/ 247 "عصف"، ومغني اللبيب 1/ 180، والمقتضب 4/ 141، 350، وهمع الهوامع 1/ 150، وتاج العروس 24/ 161 "عصف".

ص: 367

وقال الدماميني: فينبغي أن تكون الكاف اسمًا أضيف إليه "مثل"، فيكون عمل كل من الكلمتين موفرًا عليها، أما إذا جعلت حرفًا زائدًا، وجعل "مثل" مضافًا إلى "عصف" لزم قطع الحرف الجار عن عمله بلا كاف له، اللهم إلا أن يقال نزل منزلة الجزء من المجرور1. ا. هـ.

وقيل: الكاف اسم بمعنى، "مثل"، و"مثل" الثانية توكيد لها، قاله في المغني في حرف الكاف2.

والعصف: قال الحسن3: زرع أكل حبه، وبقي تبنه، وقال الفراء4 ورق الزرع.

"وقالوا" في الدعاء: "وهبني الله فداءك"، أي: صيرني، حكاه ابن الأعرابي5 عن العرب وهو قليل. فياء المتكلم مفعوله الأول، و"فداءك" مفعوله الثاني، "و" وهب "هذا ملازم للمضي"؛ لأنه إنما سمع في مثل، والأمثال لا ينصرف فيها.

1 نقله الصبان في حاشيته 2/ 25 ولم ينسبه.

2 مغني اللبيب ص328.

3 لسان العرب "عصف".

4 في معاني القرآن 3/ 113، 292:"العصف: أطراف الزرع قبل أن يدرك ويسنبل".

5 انظر الارتشاف 3/ 61، ولسان العرب "وهب".

ص: 368

"فصل":

"لهذه الأفعال ثلاثة أحكام، أحدها: الإعمال، وهو الأصل، وهو واقع في" أفعال هذا الباب "الجميع"، الجامد منها والمتصرف والقلبي والتصييري ويختص الحكمان الباقيان بالقلبي المتصرف، "و" الحكم "الثاني: الإلغاء وهو إبطال العمل لفظًا ومحلا لضعف العامل بتوسطه" بين المبتدأ والخبر، "أو تأخره" عنهما، فالمتوسط "كـ: زيد ضننت قائم، و" المتأخر نحو:"زيد قائم ظننت، قال" منازل بن زمعة المنقري: [من البسيط]

295-

أبالأراجيز يابن اللوم توعدني

"وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور"

فوسط "خلت"، بين المبتدأ المؤخر وهو "اللؤم" والخبر المقدم وهو "في الأراجيز" جمع أرجوزة بمعنى: الرجز، وأراد: القصائد المرجزة الجارية على بحر الرجز، و" اللؤم" بضم اللام اجتماع الشح ومهانة النفس، ودناءة الآباء فهو من أذم ما يهجا به، وقد بالغ هذا الشاعر في هجو رؤبة، أو العجاج على ما قيل، حيث جعله ابنا للؤوم إشارة إلى أن ذلك غريزة فيه، و"الخور" بفتح الخاء المعجمة والواو، وفي آخره راء مهملة: الضعف، والمعنى: أتوعدني يابن اللؤم بالأراجيز وفيها اللؤم والخور.

"وقال" أبو أسيدة الدبيري: [من الطويل]

296-

وإن لنا شيخين لا ينفعاننا

غنيين لا يجدي علينا غناهما

"هما سيدانا يزعمان وإنما"

يسوداننا إن أيسرت غنماهما

295- البيت لجرير في ملحق ديوانه ص1028، وشرح أبيات سيبويه 1/ 407، ولسان العرب 11/ 226، "خيل"، وللعين المنقري في الدرر 1/ 340، وتخليص الشواهد ص445، وخزانة الأدب 1/ 257، وشرح شواهد الإيضاح ص120، وشرح المفصل 7/ 84، 85، والكتاب 1/ 120، والمقاصد النحوية 2/ 404، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 184، وأوضح المسالك 2/ 85، وشرح ابن الناظم ص147، وشرح قطر الندى ص174، واللمع ص137.

296-

البيتان لأبي أسيدة الدبيري في لسان العرب 5/ 296 "يسر"، وتاج العروس 14/ 457 "يسر"، وبلا نسبة في الحيوان 6/ 65، والبيت الثاني له في تخليص الشواهد 446، والدرر 1/ 340، والمقاصد النحوية 2/ 403، ومعاني القرآن للفراء 3/ 271، وشرح التسهيل 2/ 86، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 59، وشرح ابن الناظم ص147، ولسان العرب 12/ 445، "غنم" وهمع الهوامع 1/ 153.

ص: 369

فأخر "يزعم" عن المبتدأ والخبر، و"إن" حرف شرط، حذف جوابها، والمعنى: هذان الشيخان يزعمان أنهما سيدانا، وإنما يكون كذلك إذا أيسرت غنماهما بأن كثرت ألبانها ونسلها، وأجرى علينا من ذلك، "وإلغاء" العامل "المتأخر" عن المبتدأ والخبر "أقوى من إعماله" بلا خلاف لضعفه بالتأخر،"و" العامل "المتوسط بالعكس" فالإعمال فيه أقوى من أهماله؛ لأن العمل اللفظي أقوى من الابتداء، "وقيل: هما"، أي: الإلغاء والإعمال "في المتوسط بين المفعولين سواء" لأن ضعف العامل بالتوسط سوغ مقاومة الابتداء له، فلكل منهما مرجح، قاله أبو حيان1.

"تنبيه":

هذا الإلغاء بالنسبة إلى المفعولين، وأما بالنسبة إلى الفعل ومرفوعه، نحو: قام ظننت زيد، فإنه يجوز عند البصريين، ويجب عند الكوفيين، ووجهه أنه إنما ينصب بـ"ظننت" ما كان مبتدأ قبل مجيئها، ولا يبتدأ بالاسم إذا تقدمه الفعل، قاله الخضراوي وأبو حيان2، وشاهد الجواز قوله:[من الوافر]

297-

شجاك أظن ربع الظاعنينا

................................

يروى برفع "ربع" على الفاعلية، وبنصبه على أنه مفعول أول، و"شجاك" مفعوله الثاني، وفيه ضمير مستتر راجع إلى "ربع"، قاله في المغني3، واعترض بأنا لا نسلم أن "شجاك" فعل ومفعول، بل مضاف ومضاف إليه، و"ربع الظاعنين" خبر عنه على تقدير رفعه، ومفعول أول مقدم و"ربع الظاعنين" مفعول ثان، و"أظن" عامل على تقدير نصبه.

والحكم "الثالث: التعليق، وهو إبطال العمل لفظًا لا محلا لمجيء ما له صدر الكلام بعده" وسمي تعليقًا؛ لأنه إبطال في اللفظ مع تعلق العامل بالمحل، وتقديره إعماله والمانع من إعماله في اللفظ اعتراض ما له صدر الكلام، "وهو لام الابتداء نحو:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} الآية؛ وتمامها {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 102] ،

1 الارتشاف 3/ 63، 64.

2 الارتشاف 3/ 66.

297-

عجز البيت:

"فلم تعبأ بعذل العاذلينا"

، والبيت بلا نسبة في تخليص الشواهد ص446، والدرر 1/ 343، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح شواهد المغني 2/ 807، ومغني اللبيب 1/ 378، والمقاصد النحوية 2/ 419، وهمع الهوامع 1/ 153.

3 مغني اللبيب ص506.

ص: 370

فـ"من" مبتدأ، وهو موصول اسمي، وجملة "اشتراه" صلة "من"، وعائدها فاعل "اشتراه" المستتر فيه، و"ما" نافية، و"له" و"في" متعلقان بالاستقرار خبر "خلاق" و"من" زائدة، وجملة "ما له في الآخرة من خلاق" خبر "من"، والرابط بينهما الضمير المجرور باللام، وجملة "من" وخبره في محل نصب معلق عنها العامل بلام الابتداء؛ لأن لها الصدر فلا يتخطاها عامل، وإنما تخطاها في باب "إن" فرفع الخبر؛ لأنها مؤخرة من تقديم لإصلاح اللفظ، وأصلها التقديم على "إن". "ولام القسم، كقوله" وهو لبيد على ما قيل: [من الكامل]

298-

"ولقد علمت لتأتين منيتي"

إن المنايا لا تطيش سهامها

فاللام في "لتأتين" لام القسم وتسمى لام جواب القسم، والقسم وجوابه جملة1 في محل نصب معلق عنها2 فاللام في "لتأتين" لام القسم وتسمى لام جواب القسم، والقسم وجوابه جملة في محل نصب معلق عنها العامل بلام القسم لا جملة الجواب فقط، فسقط ما قيل: إن جملة جواب القسم لا محل لها، وإن الجملة المعلق عنها العامل لها محل، فيتنافيان، ولهذا قال أبو حيان3 وأكثر أصحابنا لا يذكرون لام القسم في المعلقات، وفي الغزة: ولام القسم لا تعلق، كقوله:[من المتقارب]

299-

لقد علمت أسد أننا

لهم يوم نصر لنعم النصر

بفتح "أن" فهذه لام القسم ولم تعلق، وتقول: علمت أن زيدًا ليقومن، ففتح "أن"، ا. هـ. وفي المغني4: أن أفعال القلوب لإفادتها التحقيق تجاب بما يجاب به القسم، كقوله:[من الكامل]

298- البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص308، وتخليص الشواهد ص453، وخزانة الأدب 9/ 159، 161، والدرر 1/ 344، وشرح شواهد المغني 2/ 828، والكتاب 3/ 110، والمقاصد النحوية 2/ 405، وبلا نسبة في الارتشاف 3/ 69، وأوضح المسالك 2/ 61، وخزانة الأدب 10/ 334، وسر صناعة الإعراب ص400، وشرح ابن الناظم ص149، وشرح الأشموني 1/ 161، وشرح التسهيل 2/ 88، وشرح قطر الندى ص176، ومغني اللبيب 2/ 401، 407، وهمع الهوامع 1/ 154.

1 سقطت من "ب"، "ط".

2 في "ب": "عنهما".

3 الارتشاف 3/ 69.

299-

البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص29، ولسان العرب 8/ 428 "رغغ" وتهذيب اللغة 16/ 66.

4 مغني اللبيب 1/ 407.

ص: 371

300-

ولقد علمت لتأتين منيتي

...............................

ا. هـ. فأخرج لام "لتأتين" عن كونها للقسم، "و "ما" النافية، نحو: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 65] فـ"ما" نافية، و"هؤلاء" مبتدأ، و"ينطقون" خبره، والجملة الاسمية في موضع نصب بـ"علمت"، وهي معلق عنها العامل في اللفظ بـ"ما" النافية. "و "لا" و"إن" النافيتان" الواقعتان "في جواب قسم ملفوظ به"، أي: بالقسم، "أو" قسم "مقدر" بالقسم الملفوظ به، "نحو: علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو" وعلمت والله إن زيد قائم، والقسم المقدر نحو: علمت لا زيد في الدار ولا عمرو، "وعلمت إن زيد قائم"، فهذه أربعة أمثلة لكل واحد من الحرفين مثالان، وجملة القسم وجوابه في الأمثلة الأربعة معلق عنها العامل فهي في محل نصب على المفعولية بـ"علمت".

"والاستفهام، وله صورتان:

إحداهما: أن يعترض حرف الاستفهام بين العامل والجملة" بعده، "نحو: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] ، فـ"قريب" مبتدأ، و"أم بعيد" معطوف عليه، و"ما" موصول اسمي في محل رفع خبر المبتدأ، وما عطف عليه، وجملة "توعدون" صلة الموصول، والعائد محذوف، وجملة المبتدأ وخبره في موضع نصب بـ"أدري" المعلق بالهمزة.

والصورة "الثانية: أن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة كان، نحو: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: 12] فـ"أي" اسم استفهام مبتدأ، و"أحصى" خبره، وهو فعل ماض، وقيل: اسم تفضيل من الإحصاء بحذف الزوائد، وجملة المبتدأ والخبر معلق عنها "نعلم"؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، ولا فرق في العمدة بين المبتدأ، كما مر، والخبر، نحو: علمت متى السفر، والمضاف إليه المبتدأ، نحو: علمت أبو من زيد، أو الخبر، نحو: علمت صبيحة أي يوم سفرك، "أو فضلة" بالنصب عطفًا على عمدة "نحو: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] ، فـ"أي منقلب" مفعول مطلق منصبو بـ"ينقلبون" مقدم من تأخير، والأصل: ينقلبون أي انقلاب، وليست "أي" مفعولًا به لـ"يعلم"، كما قد يتوهم؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وجملة "ينقلبون" معلق عنها العامل، فهي

300- تقدم تخريج البيت برقم 298.

ص: 372

في محل نصب، وإلى ذكر المعلقات أشار الناظم بقوله:

212-

................

والتزم التعليق قبل نفي ما

213-

وإن ولى لام ابتداء أو قسم

كذا والاستفهام ذا له انحتم

"ولا يدخل الإلغاء ولا التعليق في شيء من أفعال التصيير" لقوتها، "ولا في قلبي جامد" لعدم تصرفه "وهو اثنان، هب وتعلّم، فإنهما يلزمان الأمر"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

209-

وخص بالتعليق والإلغاء ما

من قبل هب والأمر هب قد ألزما

210-

كذا تعلّم.........

...........................

واعترض بأن "تعلّم" قد يكون بمعنى الماضي كما تقدم، "وما عداهما من أفعال" هذا "الباب متصرف إلا "وهب"" من أفعال التصيير فإنه ملازم للمضي، "كما مر" في آخر النوع الثاني. "ولتصاريفهن ما لهن" من الإعمال والتعليق، "تقول في الإعمال" للمضارع:"أظن زيدًا قائمًا، و" لاسم الفاعل، "أنا ظان زيدًا قائمًا، و" تقول "في الإلغاء للمضارع" مع التوسط: "زيد أظن قائم، و" مع التأخر له "زيد قائم أظن، و" مع التوسط للوصف: "زيد أنا ظان قائم"، فـ"زيد" مبتدأ، و"قائم" خبره، وجملة "أنا ظان" متوسطة بينهما، "و" مع المتأخر له:"زيد قائم أنا ظان"، فألغي الوصف فيهما مع اعتماده على المبتدأ، "و" تقول "في التعليق" بـ"ما":"أظن ما زيد قائم، وأنا ظان ما زيد قائم"، وقس على ذلك بقية التصاريف.

والمصدر في ذلك كالفعل فيما ذكر من الإعمال والإلغاء والتعليق، قاله أبو موسى الجزولي1، وذلك مأخوذ من قول الناظم:

210-

................. ولغير الماض من

سواهما..................................

يعني "هب" و "تعلم".

210-

.................................

.................... اجعل كل ما له زكن

أي: علم.

"وقد تبين بما قدمناه" في حكمي الإلغاء والتعليق "أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين: أحدهما: أن العامل الملغى لا عمل له البتة"، لا في اللفظ، ولا في المحل، "و" أن "العامل" المعلق له عمل في المحل"، لا في اللفظ، "فيجوز" على

1 انظر الجزولية ص81، 82.

ص: 373

اعتبار المحل: "علمت لزيد قائم، وغير ذلك من أموره بالنصب" لـ"غير""عطفًا على المحل"، أي: محل جملة: زيد قائم، فإنها في محل نصب على المفعولية لـ"علمت"، ولولا ذلك لامتنع العطف على محلها بالنصب وفي هذ المثال فائدتان:

إحداهما: أنه من محل الخلاف، قال أبو حيان: "في الجملة المقرونة بمعلق غير الاستفهام ثلاثة مذاهب: أحدها لسيبويه والبصريين وابن كيسان: أنها في موضع نصب.

الثاني للكوفيين: لا موضع لها وأنه أضمر بين العامل والمعلق قسم، والجملة جواب له.

والثالث للمغاربة: لا موضع لها أيضًا، إلا أن الأفعال أنفسها ضمنت معنى فعل القسم، فصارت قاصرة لا تتعدى، وصارت الجملة جوابًا له، وصححه ابن عصفور في شرح الجمل". ا. هـ.

الفائدة الثانية: أنه إنما يعطف محل على الجملة المعلق عنها العامل مفرد فيه معنى الجملة، فتقول: علمت لزيد قائم، وغير ذلك: من أموره: ولا تقول: علمت لزيد قائم وعمرو؛ لأن مطلوب هذه الأفعال إنما هو مضمون الجمل فإن كان في الكلام مفرد يؤدي معنى الجملة صح أن تتعلق به، وإلا فلا، "قال" كثير عزة:[من الطويل]

301-

"وما كنت أدري قبل عزة ما البكا

ولا موجعات القلب حتى تولت"

فعطف "موجعات" بالنصب بالكسرة على محل قوله: "ما البكا" الذي علق عن العمل فيه قوله: "أدري" هذا مراده هنا، وصرح بذلك في شرح القطر1، وقال في المغني2: هكذا استدل به ابن عصفور، ولك أن تدعي أن "البكا" مفعول، وأن "ما" زائدة، وأن الأصل: ولا أدري موجعات القلب، فيكون من عطف الجمل، أو أن الواو للحال، و"موجعات" اسم "لا"، أي: وما كنت أدري قبل عزة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة ما البكا، ا. هـ.

وعلى الأول فالمعنى: وما كنت أدري أي شيء البكا، وصح عطف "موجعات" على محل الجملة؛ لأنه يؤدي معنى الجملة؛ لأن معنى: ولا موجعات القلب ولا موجعات قلبي، هو في معنى: قلبي له موجعات.

301- البيت لكثير عزة في ديوانه ص95، وخزانة الأدب 9/ 144، وشرح شذور الذهب ص368، وشرح شواهد المغني ص813، 824، وشرح قطر الندى ص178، ومغني اللبيب 1/ 419، والمقاصد النحوية 2/ 408، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 64، وشرح الأشموني ص162.

1 شرح قطر الندى ص197.

2 مغني اللبيب 1/ 419.

ص: 374

"و" الوجه "الثاني": من وجهي الفرق بين الإلغاء والتعليق "أن سبب التعليق موجب" للإهمال لفظًا "فلا يجوز" معه الإعمال نحو: "ظننت ما زيدًا قائمًا"، بنصبهما، "وسبب الإلغاء مجوز" للإعمال، والإهمال، "فيجوز: زيدًا ظننت قائمًا" بنصبهما مع المتوسط، و"زيدًا قائمًا ظننت"، بنصبهما مع المتأخر، "ولا يجوز إلغاء العامل المتقدم"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

211-

وجوز الإلغاء لا في الابتدا

.................................

"خلافًا للكوفيين والأخفش"، فإنهم أجازوا الإلغاء مع التقدم1، نحو: ظننت زيدًا قائم برفعهما، "واستدلوا" على ذلك "بقوله" وهو بعض بني فزارة:[من البسيط]

302-

كذلك أدبت حتى صار من خلقي

"أني وجدت ملاك الشيمة الأدب"

برفع "ملاك" على الابتداء، و"الأدب" على الخبرية مع تقدم "وجدت" عليهما، وفي الحماسة2، بنصبهما على الإعمال. "وقوله" وهو كعب بن زهير:[من البسيط]

303-

أرجو وآمل أن تدنوا مودتها

"وما إخال لدينا منك تنويل"

برفع "تنويل" على الابتدائية، وخبره المجرور قبله، مع تقدم "إخال" بكسر الهمزة، والقياس فتحها، كما مر محكي عن بني أسد خاصة. ووجه الدليل من هذين البيتين أن العامل ألغي فيهما مع تقدمه على المبتدأ والخبر. "وأجيب" عنهما "بأن ذلك محتمل لثلاثة أوجه:

1 انظر الكتاب 1/ 119، ومعاني القرآن للأخفش 2/ 685، والارتشاف 3/ 64.

302-

البيت لبعض الفزاريين في خزانة الأدب 9/ 139، 10/ 335، والدرر 1/ 341، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 133، وأوضح المسالك 2/ 65، وتخليص الشواهد ص449، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص146، وشرح عمدة الحافظ ص249، وشرح ابن عقيل 1/ 437، والمقاصد النحوية 2/ 411، 3/ 89، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 153.

2 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1146.

303-

البيت لكعب بن زهير في ديوانه ص62، وخزانة الأدب 11/ 311، والدرر 1/ 801، 342، وشرح عمدة الحافظ ص248، والمقاصد النحوية 2/ 412، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 422، وأوضح المسالك 2/ 67، وشرح ابن الناظم ص148، وشرح الأشموني 1/ 160، وشرح التسهيل 1/ 75، وهمع الهوامع 1/ 53، 153.

ص: 375

أحدها: أن يكون من التعليق بلام الابتداء المقدرة، والأصل: لملاك وللدنيا، ثم حذف اللام وبقي التعليق" بحاله كما كان مع وجود المعلق، وهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه، قاله في المغني، وعلى هذا حمل سيبويه، قوله:[من الكامل]

304-

..................

وإخال إني لاحق مستتبع

بكسر "إن" على تقدير إني للاحق.

"و" الوجه "الثاني: أن يكون من الإلغاء؛ لأن التوسط المبيح للإلغاء ليس هو التوسط بين المعمولين فقط بل توسط العامل في الكلام مقتض أيضًا" للإلغاء، "نعم الإلغاء للتوسط بين المعمولين أقوى" من الإلغاء مع التقدم عليهما "والعامل هنا" وهو "وجدت" في البيت الأول، و"إخال" في البيت الثاني "قد سبق بـ"إني"، و" أما "إخال" فقد سبق "بـ"ما" النافية" فجاز إلغاؤهما لكونهما لم يتصدرا "ونظيره" في المسبوقية بالغير: "متى ظننت زيدًا قائمًا، فيجوز فيه الإلغاء" لعدم تصدره، والإعمال لتقدمه على المعمولين.

"و" الوجه "الثالث: أن يكون من الإعمال على أن المفعول الأول محذوف، وهو ضمير الشأن، والأصل:" إني "وجدته، و" ما "إخاله" فحذف ضمير الشأن منهما "كما حذف في قولهم"، أي: العرب: "إن بك زيد مأخوذ"، والأصل: إنه، وإلى الوجه الأول والثالث أشار الناظم بقوله:

211-

.....................

وانو ضمير الشأن أو لام ابتدا

212-

في موهم إلغاء ما تقدما

.............................

والوجه الأول أولى؛ لأن حذف اللام قد عهد في الجملة، كقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] والأصل: لقد أفلح، والوجهان الآخران ضعيفان، أما ضعف الإلغاء المذكور؛ فلأنهم نزلوا تقديم المسند إليه في الجملة، وهو الياء من "إني" بمنزلة تقديم المبتدأ المطلوب للعامل، ونزلوا تقديم النفي والاستفهام لكونهما داخلين على الخبر تقديرًا منزلة تقديم الخبر، أما إذا قدرا داخلين على العامل بطل الإلغاء، وأما ضعف الحذف فمن وجهين، ضعف حذف أحد المفعولين دون الآخر، وسيأتي بيانه، وضعف حذف ضمير الشأن؛ لأنه لا يستعمل في مواطن التفخيم، والحذف مناف لذلك.

304- صدر البيت:

"فغبرت بعدهم بعيش ناصب"

، والبيت لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص448، والدرر وشرح أشعار الهذليين 1/ 8، وشرح شواهد المغني 1/ 262، والمقاصد النحوية 3/ 494، والمنصف 1/ 322، ولسان العرب 1/ 758، "نصب" وللهذلي في مغني اللبيب 1/ 231، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 604، وهمع الهوامع 1/ 153.

ص: 376

"فصل":

"ويجوز بالإجماع حذف المفعولين" لأفعال القلوب. "اختصارًا، أي: لدليل" يدل عليهما، "نحو:{أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62]، "وقوله" وهو الكميت يمدح أهل البيت:[من الطويل]

305-

"بأي كتاب أم بأية سنة

ترى حبهم عارًا علي وتحسب"

فحذف في الآية مفعولًا "تزعمون" وفي البيت مفعولًا "تحسب" لدليل ما قبلهما عليهما، "أي: تزعمونهم شركاء، وتحسبـ" ـه، أي: "حبهم عارًا علي"، وعدل عن تقدير تزعمون أنهم شركاء] 1 لأن الكلام في حذف المفعولين معًا لا في حذف ما يسد مسدهما.

"وأما حذفهما اقتصارًا، أي: لغير دليل، فعن سيبويه2" فيما نقل ابن مالك3 "و" عن "الأخفش" والجرمي وابن خروف وشيخه ابن طاهر والشلوبين "المنع مطلقًا"، سواء في ذلك أفعال الظن والعلم. "واختاره الناظم" وحجتهم في ذلك أن العرب تجري هذه الأفعال مجرى القسم، فتلقاها بما يتلقى به القسم، نحو:{وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [فصلت: 48] ، [من الكامل]

306-

ولقد علمت لتأتين منيتي

...............................

305- البيت للكميت في خزانة الأدب 9/ 137، والدرر 1/ 338، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص692، والمحتسب 1/ 183، والمقاصد النحوية 2/ 413، 3/ 112، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 69، وشرح الأشموني ص164، وشرح ابن عقيل 1/ 443، وشرح التسهيل 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 152.

1 سقط من "أ" وهو ثابت في "ب"، "ط".

2 الكتاب 1/ 40.

3 شرح الكافية الشافية 2/ 553.

306-

تقدم تخريج البيت برقم 298.

ص: 377

والجواب لا يحذف، فكذلك ما هو بمنزلته، ورد بأن تضمنها معنى القسم ليس بلازم. "وعن الأكثرين الإجازة مطلقًا" لمجيء ذلك في أفعال العلم؛ "كقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} " [البقرة: 232] ، {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ " فَهُوَ يَرَى} " [النجم: 35] أي: يعلم، والأصل؛ والله أعلم1؛ يعلم الأشياء كائنة ويرى ما نعتقده حقا، أو نحو ذلك مما يعطيه معنى الكلام. وفي أفعال الظن، نحو: "{وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} " [الفتح: 12] فـ"ظن السوء"، مفعول مطلق مفيد للنوع، "وقولهم" في المثل: "من يسمع يخل2"، أي: يقع منه خيلة، قاله الموضح3، وصاحب التقريب4، والمعنى من يسمع خبرًا يحدث له ظن، ومن قاله معناه: يخل مسموعه صادقًا فقد جعله من الحذف الاقتصاري، وليس الكلام فيه. "وعن الأعلم" يوسف الشنتمري تفصيل، فقال5: "يجوز في أفعال الظن" لكثرة السماع فيها "دون أفعال العلم". وعن أبي العلاء إدريس يجوز في "ظن وخال وخسب"؛ لأنه سمع فيها، ويمتنع في الباقي، ونسبه لسيبويه6.

"ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارًا"، أي: لغير دليل؛ لأن المفعولين هنا أصلهما المبتدأ والخبر فكما لا يجوز أن يؤتى بمبتدأ دون خبر، ولا بخبر دون مبتدأ قبل دخول الناسخ فكذلك بعده، وإلى امتناع حذف المفعولين أو أحدهما اقتصارًا أشار بقوله:

216-

ولا تجز هنا بلا دليل

سقوط مفعولين أو مفعول

"وأما" حذف أحدهما "اختصارًا"، أي: لدليل "فمنعه" أبو إسحاق "بن ملكون" من المغاربة وطائفة، وحجتهم أن المفعول في هذا الباب مطلوب من جهتين، من جهة العامل فيه، ومن جهة كونه أحد جزأي الجملة، فلما تكرر طلبه امتنع حذفه، كذا قالوا. وما قالوه منتقض بخبر "كان"، فإنه مطلوب من جهتين، ولا خلاف في جواز حذفه إذا دل عليه دليل، "وأجازه الجمهور7"، كقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِين

1 سقطت من "ب".

2 المثل في المستقصى 2/ 262، وفصل المقال ص412، ومجمع الأمثال 2/ 300، وجمهرة الأمثال 2/ 263.

3 مغني اللبيب ص797.

4 المقرب 1/ 116.

5 الارتشاف 2/ 56.

6 الارتشاف 2/ 56.

7 انظر الارتشاف 2/ 56، والمقرب 1/ 116.

ص: 378

يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ} [آل عمران: 180]، تقديره: ولا يحسبن الذين يبلخون ما يبخلون به هو خيرًا لهم، فحذف المفعول الأول للدلالة عليه، "كقوله" وهو عنترة العبسي:[من الطويل]

307-

"ولقد نزلت فلا تظني غيره

مني بمنزلة المحب المكرم"

تقديره: فلا تظني غيره مني واقعًا، فحذف المفعول الثاني، والتاء في "نزلت" مكسورة والحاء والراء من "المحب المكرم" مفتوحتان.

"فرع1":

إذا قلت: زيدًا ظننته قائمًا، فالتقدير عند الجمهور: ظننت زيدًا قائمًا، وعند ابن ملكون وموافقيه: اتهمت زيدًا ظننته قائمًا، أو لابست، قاله الموضح في الحواشي.

فائدة:

هذا الخلاف في الحذف وعدمه مجرد اصطلاح عند النحويين، وليس من الحذف في شيء عند البيانيين؛ لأن غرض المتكلم في إفادة المخاطب؛ لأنه تارة يقصد مجرد وقوع الحدث من غير تعلق بفاعل، فيسند الفعل إلى المصدر، فيقول: وقع ظن أو علم، وتارة يقصد نسبته إلى فاعله من غير تعلق بمفعول، فيقول2: فلان يظن أو يعلم، فينزل الفعل في هاتين الحالتين منزلة القاصر، وحينئذ فلا يقال: إنه حذف منه شيء، كما يقال في القاصر: إنه حذف منه شيء، وأما إذا لم ينزل منزلة القاصر فلا بد من ذكرهما؛ لأن الغرض تعلق بإفادتهما.

307- البيت لعنترة في ديوانه ص191، وأدب الكاتب ص603، والأشباه والنظائر 2/ 405، والاشتقاق ص38، والأغاني 9/ 212، وجمهرة اللغة ص591، وخزانة الأدب 3/ 227، 9/ 136، والخصائص 2/ 216، والدرر 1/ 339، وشرح شواهد المغني 1/ 480، ولسان العرب 1/ 289، "حبب"، والمقاصد النحوية 2/ 414، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 70، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح ابن عقيل 1/ 444، والمقرب 1/ 117، وهمع الهوامع 1/ 152.

1 في "ط": "فائدة".

2 في "ب": "فيقع".

ص: 379

"فصل":

"تحكى الجملة الفعلية بعد القول" عند جميع العرب، "وكذا الاسمية" عند بعضهم فلا يعمل القول في جزأيها شيئًا، كما يعمل لظن؛ لأن الظن يقتضي الجملة من جهة معناها، فجزآها معه كالمفعولين في باب "أعطيت" فصح أن ينصبهما، وأما القول فيقتضي الجملة من جهة لفظها، فلم يصح أن ينصب جزأيها مفعولين؛ لأنه لم يقتضها من جهة معناها فلم يشبه باب "أعطيت" ولا أن ينصبها مفعولًا واحدًا؛ لأن الجملة لا إعراب لها، فلم يبق إلا الحكاية، قاله ابن الناظم1.

"وسليم" بالتصغير قبيلة من قيس عيلان، وهو سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن عيلان، وسليم أيضًا قبيلة من جذام من اليمن، يجرون بالقول مجرى الظن، "ويعملونه فيها"، أي: في الجملة الاسمية "عمل "ظن"" فينصبون المبتدأ والخبر "مطلقًا" من غير شرط من الشروط الآتية، "وعليه يروى قوله" وهو امرؤ القيس بن حجر الكندي يصف فرسًا:[من الطويل]

308-

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه

"تقول هزيز الريح مرت بأثأب"

"بالنصب لـ"هزيز" على أنه مفعول أول لـ"تقول"، وجملة "مرت بأثأب" مفعول ثان، و"شأوين" تثنية شأو، بسكون الهمزة وهو: السبق، ونصبه على المفعولية المطلقة نيابة عن المصدر، "والعطف": "ألجانب، و"هزيز الريح": دويها عند هبوبها، و"الأثأب" بفتح الهمزتين وسكون التاء المثلثة وفي آخره باء موحدة جمع أثأبة وهي نوع من الشجر، "وقوله" وهو الحطيئة يصف جملا:[من الطويل]

1 شرح ابن الناظم ص150.

308-

البيت لامرئ القيس في ديوانه ص49، ولسان العرب 5/ 424 "هزز"، والمقاصد النحوية 2/ 431، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 220، وأوضح المسالك 2/ 71، وشرح التسهيل 2/ 95.

ص: 380

309-

"إذا قلت أني آيب أهل بلدة"

وضعت بها عنه الولية بالهجر

"بالفتح" لـ"أني" على أنها مع معموليها سدت مسد مفعولي "قلت"، وآيب"، أي: راجع، و"أهل بلدة" مفعول "آيب"، والضمير في "عنه" يعود إلى "الجمل"، و"الولية" بفتح الواو وكسر اللام وتشديد الياء آخر الحروف: البرذعة التي توضع تحت الرحل، و"الهجر" بفتح الهاء وسكون الجيم ضرورة والأصل فتحها: نصف النهار عند اشتداد الحر، وإلى رأي سليم أشار الناظم بقوله:

219-

وأجري القول كظن مطلقًا

عند سليم........................

"وغيرهم يشترط" في إعمال لفظ القول عمل "ظن""شروطًا" ثلاثة، "وهي كونه" فعلا "مضارعًا"، فخرج المصدر والوصف والماضي والأمر، فلا يعمل شيء من ذلك عمل "ظن" لأنها لم تقو قوة المضارع في هذا الباب. "وسوى به السيرافي" بكسر السين. "قلت بالخطاب، و" سوى به "الكوفي قل"، فيجوز على قولهما إعمال الماضي المسند إلى تاء المخاطب، وفعل الأمر، نحو: أقلت زيدًا منطلقًا، بجامع الإسناد إلى ضمير المخاطب. "و" يشترط في المضارع "إسناده للمخاطب" لأن الإعمال إنما يكون مع فعل المخاطب إذا استفهمته عن ظن نفسه، فلا يجوز إعمال المضارع المسند إلى ضمير متكلم، ولا غائب، فلا تقل: أقول زيدًا منطلقًا، ولا: يقول زيد عمرًا منطلقًا لما مر، ولو قال: وإسناده للمخاطب، وسوى به السيرافي إلخ...... كان أبين للتسوية، "و" يشترط في زمن المضارع "كونه حالًا، قاله الناظم" في شرح التسهيل1، "ورد بقوله" وهو عمر بن أبي ربيعة:[من الطويل]

310-

أما الرحيل فدون بعد غد

"فمتى تقول الدار تجمعنا"

أنشده سيبويه بنصب "الدار" على أنها مفعول أول و"تجمعنا" مفعول ثان2

309- البيت للحطيئة في ديوانه ص225، وتخليص الشواهد ص459، وخزانة الأدب 2/ 440، والمقاصد النحوية 2/ 432، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 72، وشرح الأشموني 1/ 165.

1 شرح التسهيل 2/ 95.

310-

البيت لعمرو بن أبي ربيعة في ديوانه ص402، وخزانة الأدب 2/ 439، 9/ 185، وشرح أبيات سيبويه 1/ 179، وشرح المفصل 7/ 78، 80، والكتاب 1/ 124، ولسان العرب 11/ 575 "قول"، والمقاصد النحوية 2/ 434، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 74، وتخليص الشواهد ص457، ورصف المباني ص89، ولسان العرب 11/ 279 "رحل"، 12/ 226 "زعم"، والمقتضب 2/ 349.

2 الكتاب 1/ 124.

ص: 381

قال أبو حيان1: وفيه رد على من اشترط الحال؛ لأنه لم يستفهمه عن ظنه في الحال أن الدار تجمعه وأحبابه، بل استفهمه عن وقوع ظنه في الحال. ا. هـ.

وهذا مبني على أن "متى" ظرف لـ"تقول"، "والحق أن "متى" ظرف لـ"تجمعنا" لا لتقول"، وفيه نظر؛ لأن "تقول" على هذا غير مستفهم عنه فلا يكون عاملا لعدم اعتماده على استفهام إلا على قول من لم يشترط الاعتماد عليه، ويشترط كونه مضارعًا لمخاطب فقط على ما حكاه ابن الخباز في شرح الجزولية، وليس التفريع عليه. "و" يشترط في المضارع المسند إلى ضمير المخاطب "كونه" واقعًا "بعد استفهام بحرف، أو باسم، سمع الكسائي" من العرب "أتقول للعميان عقلا"، فـ"عقلا" مفعول أول، و"للعميان" مفعول ثان على التقدير والتأخير. "وقال" عمرو بن معد يكرب المذحجي:" [من الطويل]

311-

"علام تقول الرمح يثقل عاتقي"

إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

فـ"علام" جار ومجرور، والجار والمجرور "ما" الاستفهامية، ولكن حذفت ألفها لدخول الجار عليها، و" الرمح" بالنصب مفعول أول، وجملة "يثقل عاتقي" في موضوع المفعول الثاني، و"أطعن" بضم العين، يقال: طعن يطعن، بالضم إذا كان بالرمح وغيره، وطعن يطعن بالفتح إذا كان في النسب، و"إذا" في الموضوعين داخلة على فعل محذوف يفسره المذكور، على حد {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] والتقدير: إذا لم أطعن أنا لم أطعن، وإذا كرت الخيل كرت.

"قال سيبويه والأخفش"3 من البصريين "و" يشترط في الاستفهام والمضارع عند جمهور العرب "كونهما متصلين" من غير حاجز بينهما، "فلو قلت: أأنت تقول" زيد منطلق، "فالحكاية" واجبة، "وخولفا"، قال أبو حيان وخالفهما

1 الارتشاف 3/ 78.

311-

البيت لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص72، وخزانة الأدب 2/ 436، والدرر 1/ 351، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص159، وشرح شواهد المغني ص418، واللسان 11/ 575 "قول"، والمقاصد النحوية 2/ 436، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 76، وشرح الأشموني 1/ 164، ومغني اللبيب ص143، وهمع الهوامع 1/ 157.

2 في الكتاب 1/ 123: "فإن قلت: أأنت تقول زيد منطلق، رفعت؛ لأنه فصل بينه وبين حرف الاستفهام، كما فصل في قولك: أأنت زيد مررت به فصارت بمنزلة أخواتها، وصارت على الأصل".

3 انظر همع الهوامع 1/ 157.

ص: 382

وخالفهما الكوفيون وسائر البصريين، فأجازوا النصب، ولم يعتدوا بالضمير فاصلا1، ووجه قولهم بأن الاستفهام يطلب الفعل، و"أنت" فاعل فعل مضمر، وذلك الفعل واقع على الاسمين فينصبهما.

ورد بأن الحكم إنما هو للمذكور، وأما المضمر فلا عمل له إلا في الاسم المشتغل عنه خاصة، والعمل فيما عداه لهذا الظاهر وهو لم يتصل بالاستفهام، نقله الموضح في حواشي التسهيل، ولم يتعقبه، ومن خطه نقلت.

وعلى هذا يشكل قوله هنا: "فإن قدرت الضمير" وهو "أنت""فاعلا بمحذوف والنصب" للمفعولين "بذلك المحذوف جاز اتفاقا"، فليتأمل، "واغتفر الجميع الفصل" بين الاستفهام والفعل "بظرف زماني" أو مكاني "أو مجرور، أو معمول القول"، مفعولا كان أو حالا، أو غيرهما، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

217-

وكتظن اجعل تقول إن ولي

مستفهمًا به ولم ينفصل

218-

بغير ظرف أو كظرف أو عمل

وإن ببعض ذي فصلت يحتمل

فالفصل بالظرف الزماني، "كقوله":[من البسيط]

312-

"أبعد بُعد تقول الدار جامعة"

شملي بهم أم تقول البعد محتوما

فالهمزة للاستفهام، و"بعد" بفتح الباء ظرف زمان، و"بعد" بضم الباء مضاف إليه، وبينهما جناس محرف، و"الدار" مفعول أول لـ"تقول"، و"جامعة" مفعوله الثاني، و"شملي" مفعول "جامعة" و"البعد" مفعول أول لـ"تقول"، و"محتومًا" مفعوله الآخر، فأعمل "تقول" مرتين، والأول منهما مفصول من الاستفهام بالظرف، والثاني متصل بالاستفهام بـ"أم"، والفصل بالظرف المكاني كقولك: أعندك تقول زيدًا جالسًا والفصل بالمجرور كقولك: أفي الدار تقول زيدًا مقيمًا.

"و" الفصل بالمعمول نحو "قوله" وهو الكميت بن زيد الأسدي: [من الوافر]

1 انظر الارتشاف 3/ 79.

312-

البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 232، وأوضح المسالك 2/ 77، وتخليص الشواهد 457، والدرر 1/ 351، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح شواهد المغني 2/ 969، ومغني اللبيب 2/ 692، والمقاصد النحوية 2/ 438، وهمع الهوامع 1/ 157.

ص: 383

313-

"أجهالا تقول بني لؤي"

لعمر أبيك أم متجاهلينا

ففصل بين الاستفهام والمضارع بمفعوله الثاني، والأصل: أتقول بني لؤي جهالا، و"بني لؤي" مفعوله الأول، والمراد بهم قريش، و"الجهال" جمع جاهل، و"المتجاهل" هو الذي يظهر الجهل من نفسه، وليس بجاهل، والمعنى، أتظن بني لؤي جهالا، أم مظهرين الجهل بين استعملوا أهل اليمن على أعمالهم وقدموهم على بني مضر، مع فضلهم عليهم.

والفصل بالحال كقولك: أمسرعا تقول زيدًا منطلقًا؛ لأن المعمول المتقدم في نية التأخير.

"قال السهيلي: و" يشترط أيضًا في المضارع "أن لا يتعدى باللام، كـ: تقول لزيد عمرو منطلق"، برفعهما قال: لأنك إذا عديته باللام بعد عن معنى الظن، ولم يكن إلا قولا مسموعًا؛ لأن الظن من أفعال القلب، وذكر أنه يدل عليه أصول النحاة مع استقراء كلام العرب، نقله المرادي بتعليله في شرح التسهيل وأقره.

"وتجوز الحكاية مع استيفاء الشروط، نحو: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} ، [البقرة: 140] بالتاء المثناة فوق، وكسر "إن" "في قراءة الخطاب" للأخوين وابن عامر وحفص، "وروي":

314-

"علام تقول الربح".......

...................................

"بالرفع"، على الحكاية.

وإذا أعمل القول عمل "ظن" فهل يجرى مجراه في العمل خاصة، أم في العمل والمعنى معًا، مذهب الجمهور أنه لا يعمل عمل "ظن" حتى يتضمن معنى الظن في اللغة السليمية1، وغيرها. وزعم بعضهم أنه قد يجرى مجرى الظن في العمل ولا يتضمن معناه كقوله:[من الرجز]

313- البيت للكميت بن زيد في خزانة الأدب 9/ 183، 184، والدرر 1/ 352، وشرح أبيات سيبويه 1/ 132، وشرح المفصل 7/ 79، 87، والكتاب 1/ 123، والمقاصد النحوية 2/ 429، وليس في ديوانه، وهو لابن أبي ربيعة في شرح ابن الناظم ص153، وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 363، وأوضح المسالك 2/ 78، وتخليص الشواهد ص457، وخزانة الأدب 2/ 439، وشرح الأشموني 1/ 164، وشرح ابن عقيل 1/ 448، والمقتضب 2/ 349، وهمع الهوامع 1/ 157.

314-

تقدم تخريج البيت برقم 311.

1 في حاشية الصبان 2/ 37: "وممن اختار هذا المذهب ابن جني".

ص: 384

315-

قالت وكنت رجلًا فطينا

هاذا لعمر الله إسرائينا

فليس المعنى على "ظننت"؛ لأن هذه المرأة رأت عند هذا الشاعر ضبا فقالت، هذا إسرائين؛ لأنها تعتقد في الضباب أنها من مسخ بني إسرائيل، وإلى هذا ذهب الأعلم وابن خروف، واختاره صاحب البسيط1. قال ابن عصفور: ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون "هذا" مبتدأ، و"إسرائين" على تقدير مضاف، أي: مسخ بني إسرائيل، فحذف المضاف الذي هو الخبر، وبقي المضاف إليه على جره؛ لأنه غير منصرف للعلمية والعجمة؛ لأنه لغة في "إسرائيل". وإذا أجري القول مجرى الظن هل يجوز فيه ما جاز في الظن من الإلغاء والتعليق، وكون الفاعل والمفعول لمسمى واحد، قال في النهاية: نعم، وبحث الشاطبي المنع، ولا يبعد تخريجه على القولين السابقين، فمن قال: إنه يجري مجراه في المعنى والعمل قال بالجواز، ومن قال بالعمل فقط قال بالمنع قلته تفقهًا، ولم أره نصا.

315- الرجز لأعرابي في المقاصد النحوية 2/ 425، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص456، والدرر 1/ 350، وسمط اللآلي ص681، وشرح ابن الناظم ص152، وشرح الأشموني 1/ 156، وشرح ابن عقيل 1/ 450، وشرح التسهيل 2/ 95، ولسان العرب 13/ 323 "فطن"، 459، 460 "يمن"، والمعاني الكبير 646، وهمع الهوامع 1/ 157، وجمهرة اللغة ص293، وتاج العروس "فطن"، "بمن""سرو" والمخصص 13/ 282.

1 انظر حاشية الصبان 2/ 37.

ص: 385