الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المبتدأ والخبر
مدخل
…
هذا باب المبتدأ والخبر:
ولم يحد1 الناظم المبتدأ؛ بل اكتفى فيه بالمثال فقال:
113-
مبتدأ زيد وعاذر خبر
…
............................
وحده الموضح بقوله: "المبتدأ اسم" صريح2، "أو بمنزلته، مجرد عن العوامل اللفظية، أو بمنزلته" أي: بمنزلة المجرد، "مخبر عنه، أو وصف رافع لمكتفى به" عن الخبر، أو بمنزلة الوصف.
"فالاسم" الصريح "نحو" قول من يعتقد السامع عدم إيمانه "الله ربنا ومحمد نبينا". وقيل: المراد بهذا الإسناد التعظيم والإقرار، لا الإخبار، وهذان الوجهان نقلهما أبو البقاء.
"والذي بمنزلته"، أي: بمنزلة الاسم الصريح، هو المصدر المنسبك من "أن" والفعل نحو:" {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} "[البقرة: 184] فـ"أن تصوموا" مبتدأ، وهو بمنزلة الاسم الصريح؛ لأنه في تأويل صومكم، وخبره "خير لكم".
"و" المصدر المتصيد من الفعل نحو: " {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} "[البقرة: 6]، [يس: 10] ، فـ"أنذرتهم" مبتدأ، وهو في تأويل مصدر، و"أم لم تنذرهم" معطوف عليه، و"سواء" خبر مقدم، والتقدير: إنذارك وعدمه سواء عليهم وصح الإخبار به عن الاثنين؛ لأنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء، والمصدر يقع على القليل والكثير.
1 في ط: "يجد" مكان "يحد".
2 قال ابن الناظم في شرحه ص74: الاسم جنس للمبتدأ يعم الصريح والمؤول.
ومنع الفارسي في الحجة1، وتبعه ابن عمرون كون "أأنذرتهم"2 وتاليه مبتدأ، و"سواء" خبرا؛ لأن ما في حيز الاستفهام لا يتقدم عليه.
وأجيب بأن الاستفهام هنا ليس على حقيقته؛ بل هو خبر من حيث المعنى، "و" المصدر المنسبك من الفعل المقدر معه "أن" نحو:"تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"3 فـ"تسمع" مبتدأ، وهو في تأويل "سماعك"، وقبله "أن" مقدرة، والذي حسن حذف "أن" من "تسمع" ثبوتها في "أن تراه"، قاله الموضح في شرح الشذور4.
والفرق بين هذا والذي قبله أن السبك في هذا شاذ، وفي الذي قبله مطرد؛ لأن السبك بدون وجود حرف مصدري مطرد في باب التسوية، شاذ في غيرها5.
"والمجرد" عن العوامل اللفظية "كما مثلنا" للصريح المؤول به، "والذي بمنزلة المجرد" عن العوامل اللفظية ما دخل عليه حرف زائد أو شبهه، فالأول "نحو6:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]، "و" نحو:"بحسبك درهم" لا فرق في ذلك بين الوصف وغيره، فـ"خالق"، و"حسبك" مبتدآن، وإن كانا مجرورين بـ"من"، والباء الزائدتين "لأن وجود" الحرف "الزائد كلا وجود. ومنه" أي: من المبتدأ المجرور بحرف زائد "عند سيبويه" قوله تعالى: " {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} "[القلم: 6] فـ"أيكم" مبتدأ، والباء زائدة فيه، و"المفتون" خبره، ولم يعكس؛ لأن صيغة مفعول لا تكون عنده بمعنى المصدر.
وعند الأخفش بالعكس7، فـ"المفتون" بمعنى الفتنة مبتدأ مؤخر، وبـ"أيِّكُم"
1 الحجة للقراء السبعة 1/ 269، وانظر حاشية يس 1/ 155.
2 في "ب"، "ط":"أنذرتهم".
3 المثل في مجمع الأمثال 1/ 129، 2/ 420، وكتاب الأمثال لابن سلام ص97، 98، والفاخر ص56، وجمهرة الأمثال 1/ 266، والمستقصى 1/ 370، وفصل المقال ص135.
4 شرح شذور الذهب ص19.
5 في حاشية يس 1/ 155، 156:"قال الدماميني في شرح التسهيل في باب القسم: لا نسلم أن السبك بدوم حرف مصدري شاذ في غيرها على الإطلاق، وإنما يكون شاذا إذا لم يطرد في باب، أما إذا اطرد في باب واستمر فيه فإنه لا يكون شاذا، كالجملة التي يضاف إليها اسم الزمان، نحو: جئتك حين ركب الأمير، أي: حين ركوبه، و {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} ، أي: يوم نفع الصادقين. فهذا مطرد....".
6 سقط من "ب".
7 معاني القرآن للأخفش 2/ 712.
خبر مقدم، والباء بمعنى "في" لا زائدة. والمعنى على الأول: أيكم المفتون؛ أي: المجنون. وعلى الثاني: الفتنة بأيكم، أي: الجنون في أيكم.
"و" منه "عند بعضهم" وهو ابن عصفور قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" 1، فـ "الصوم" مبتدأ مؤخر، و"عليه" خبر مقدم، والباء زائدة في المبتدأ. وقيل:"عليه" اسم فعل، وفاعله مستتر فيه، و"الصوم" مفعول به، والباء زائدة في المفعول. وحجة الأول أن إغراء الغائب شاذ، فإن "عليه" إذا كان اسم فعل يكون نائبا عن "ليلزم"، والشيء الواحد لا يقوم مقام شيئين مختلفي الجنس وهما لام الأمر والفعل.
ورد بأن ذلك إذا كان المراد به الغائب، والمراد هنا المخاطب، وإنما جيء بالضمير غائبا على لفظ "من"، وإلا فهو مخاطب في المعنى، قاله أبو إسحاق الجزري في نقده على مقرب ابن عصفور.
والثاني: وهو الذي يشبه الزائد، نحو:[من الطويل]
135-
................................
…
لعل أبي المغوار منك قريب
ونحو: رب رجل صالح لقيته، فمجرور "لعل" و"رب" في موضع رفع بالابتداء؛ لأن "لعل" و"رب" في موضع رفع بالابتداء؛ لأن "لعل" و"رب" أشبها الحرف الزائد2 في كونهما لا يتعلقان بشيء.
"والوصف" يتناول اسم الفاعل، والمفعول، الصفة المشبهة، واسم التفضيل، والمنسوب، "نحو: أقائم هذان"3، وما مضروب العمران، وهل حسن الوجهان، وهل
1 أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب: الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، برقم 1806، وهو في كشف المشكلات ص115، وانظر تخريج المحقق فيه.
135-
صدر البيت:
"فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة"
، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96، والاقتضاب ص761، وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436، والدرر 2/ 80، 348، وديوان المعاني 2/ 179، وسر صناعة الإعراب 1/ 407، وشرح أبيات سيبويه 2/ 269، وشرح شواهد المغني ص691، ولسان العرب 1/ 283 "جوب"، 11/ 473 "علل"، والمقاصد النحوية 3/ 247، وبلا نسبة في رصف المباني ص375، وشرح الأشموني 1/ 56، وشرح ابن عقيل 2/ 4، وكتاب اللامات ص136، ولسان العرب 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب 377، "1/ 286"، وهمع الهوامع 2/ 33، 108، وشرح الجواليقي ص382.
2 في "رب": "الزيدان".
3 قال الشنقيطي في الدرر 2/ 81: "اعتبار زيادتها من هذه الجهة أولى من عدم اعتبار زيادتها من جهة إفادتها لمعنى تأسيسي وهو الترجي؛ كغيرها من الحروف التي هي غير زائدة". وانظر حاشية الصبان 1/ 189، ومصادر تخريج البيت.
أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره، وما قرشي أبواك. والذي بمنزلة الوصف نحو قولهم: لا نولك أن تفعل، فـ"نولك" مبتدأ، وهو بمنزلة الوصف في كونه قائما مقام الفعل، وهو "ينبغي" و"أن تفعل" فاعل بـ"نولك" سد مسد الخبر1، وسيأتي في باب "لا".
"وخرج" بقوله: مخبر عنه أو وصف "نحو: نزال"، [فإنه] 2 من أسماء الأفعال؛ "لأنه لا مخبر عنه ولا وصف"، فلا يكون مبتدأ، بناء على أن اسم الفعل لا محل له من الإعراب، وهو الأصح.
"و" خرج بقوله: رافع لمكتفى به "نحو: أقائم أبواه زيد، فإن المرفوع بالوصف" وهو "أبواه""غير مكتفى به"4 في حصول الفائدة مع قطع النظر عن "زيد""فـ"زيد" مبتدأ" مؤخر، "والوصف خبر" مقدم و"أبواه" فاعله.
"ولا بد للوصف المذكور" وما هو بمنزلته "من" اشتراط "تقدم نفي أو استفهام" عليهما، وهل ذلك شرط في العمل، أو في الاكتفاء بالفاعل عن الخبر قولان، أرجحهما الثاني، قاله في المغني5.
والنفي يشمل النفي بالحرف، وبالفعل، وبالاسم.
فالنفي بالحرف، "نحو" قوله:[من الطويل]
136-
"خليلي ما واف بعهدي أنتما"
…
إذا لم تكونا لي على من أقاطع
1 في حاشية الصبان 1/ 189: ""نول" وإن كان مصدرا بمعنى التناول إلا أنه هنا بمعنى المفعول، أي: ليس متناولك هذا الفعل، أي: لا ينبغي لك تناوله، فنولك: مبتدأ، وأن تفعل: نائب فاعله. وقول المصرح ومن تبعه: "أن تفعل" فاعله غير صحيح".
2 إضافة من "أ".
3 في "أ"، "ط":"فإنه".
4 في حاشية يس 1/ 157: "أي: فلا يحسن السكون عليه، وهذا واضح إذا لم يعلم مرجع الضمير، أما إذا علم كما إذا جرى ذكر زيد فقيل: أقائم أبوه، فإنه يكتفى به ويحسن السكون عليه؛ لأنه بمنزلة: أقائم أبو زيد".
5 مغني اللبيب "723" 2/ 556.
136-
البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189، وتخليص الشواهد ص181، والدرر 1/ 182، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح الأشموني 1/ 89، وشرح التسهيل 1/ 269، وشرح شذور الذهب ص180، وشرح شواهد المغني 2/ 898، وشرح قطر الندى ص121، ومغني اللبيب "723" 2/ 556، والمقاصد النحوية 1/ 516، وهمع الهوامع 1/ 94.
فـ "ما" نافية، و"واف" مبتدأ، و"أنتما" فاعل سد مسد الخبر.
وفيه رد على الزمخشري وابن الحاجب1 حيث شرطا أن يكون المرفوع اسما ظاهرا، قاله الموضح في شرح الشذور2. وجوابه أن المراد بالظهور ضد الاستتار.
والنفي بالفعل، نحو: ليس قائم الزيدان، فـ"قائم" اسم "ليس"، و"الزيدان" فاعل بـ"قائم" سد مسد خبر "ليس" قاله ابن عقيل3.
والنفي بالاسم، نحو: غير قائم الزيدان، فـ"غير" مبتدأ، و"قائم" مضاف إليه و"الزيدان" فاعل بـ"قائم" سد مسد خبر "غير"؛ لأن المعنى ما قائم الزيدان، فعومل "غير قائم" معاملة "ما قائم" قاله ابن عقيل أيضا4.
والنفي في المعنى كالنفي الصريح، نحو: إنما قائم الزيدان؛ لأنه في قوة قولك: ما قائم إلا الزيدان.
والاستفهام يشمل الاستفهام بالحرف والاسم.
فالاستفهام بالحرف "نحو" قوله: [من الطويل]
137-
"أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا"
…
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا
فـ"قاطن" مبتدأ، من: قطن بالمكان إذا أقام به، و"قوم سلمى" فاعل سد مسد الخبر، و"الظعن": السير.
والاستفهام بالاسم، نحو: كيف جالس العمران، وإنما لم يجعل المرفوع بالوصف خيرا فيهن؛ لأن الوصف قائم مقام الفعل، والفعل لا يخبر عنه، فكذا ما قام مقامه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
114-
وأول مبتدأ والثاني
…
فاعل اغنى في أسار ذان
1 انظر قوله في كتاب الموشح على كافية ابن الحاجب للخبيصي ص48.
2 شرح شذور الذهب ص182، وفي همع الهوامع 1/ 94:"ومنع الكوفيون الضمير؛ فلا يجيزون إلا "أقائمان أنتما" بالمطابقة، بجعل الضمير مبتدأ مؤخرا، قالوا: لأن الوصف إذا رفع الفاعل الساد مسد الخبر جرى مجرى الفعل، والفعل لا ينفصل منه الضمير، ورد بالسماع".
3 شرح ابن عقيل 1/ 190.
4 شرح ابن عقيل 1/ 190.
137-
البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190، وتخليص الشواهد ص181، وجواهر الأدب 295، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح الأشموني 1/ 89، وشرح التسهيل 1/ 269، وشرح شذور الذهب ص181، وشرح قطر الندى ص122، والمقاصد النحوية 1/ 512.
115-
وقس وكاستفهام النفي.....1
…
....................................
وإذا لم يتقدم على الوصف نفي ولا استفهام لا يكون مبتدأ2 "خلافا للأخفش والكوفيين"3 في إجازتهم وقوعه مبتدأ من غير أن يتقدمه نفي أو استفهام، "ولا حجة لهم في نحو" قول بعض الطائيين:[من الطويل]
138-
"خبير بنو لهب فلا تك ملغيا
…
مقالة" لهبي إذا الطير مرت
"خلافا للناظم" في شرح التسهيل4 "وابنه" في شرح النظم5 "لجواز كون الوصف" وهو "خبير""خبرا مقدما" و"بنو لهب"، مبتدأ مؤخرا، "وإنما صح الإخبار به"، أي: بـ"خبير" مع كونه مفردا "عن الجمع"، وهو:"بنو لهب"؛ "لأنه" أي: "خبير""على" وزن "فعيل" و"فعيل" على وزن المصدر كـ"صهيل"، والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع، فأعطي حكم ما هو على زنته، "فهو على حد:{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] . و"لهب" بكسر اللام وسكون الهاء: حتى من الأزد.
فإن قلت: إذا جوز الأخفش كون الوصف مبتدأ من غير أن يعتمد على نفي أو استفهام، فما سوغ الابتداء به وهو نكرة؟.
قلت: عمله في المرفوع بعده، وسيأتي
1 يعني أن النفي مسوغ لاستعمال الوصف المذكور كالاستفهام، نحو: ما قائم الزيدان، وأطلق الاستفهام ليتناول جميع أدواته، كـ"هل، ومن، وما"، وأطلق في النفي ليتناول كل ناف يصلح لمباشرة الاسم حرفا وهو "ما، ولا، وإن"، واسما وهو "غير"، وفعلا وهو "ليس". انظر توضيح المقاصد 1/ 269، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 274.
2 في شرح ابن الناظم ص75: "أما إذا لم يعتمد على الاستفهام أو النفي؛ كان الابتداء به قبيحا، وهو جائز على قبحه".
3 انظر الارتشاف 2/ 27، وحاشية الصبان 1/ 192، وشرح ابن عقيل 1/ 192، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 273.
138-
البيت لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182، وشرح ابن الناظم ص75، وشرح التسهيل 1/ 273، 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 518، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191، والدرر 1/ 183، وشرح الأشموني 1/ 90، وشرح ابن عقيل 1/ 195، وشرح عمدة الحافظ ص157، وشرح قطر الندى ص272، وهمع الهوامع 1/ 94.
4 شرح التسهيل 1/ 273، 274.
5 شرح ابن الناظم ص75.
أن العمل من جملة المسوغات. فإن قلت العمل مشروط بالاعتماد، وقد تخلف هنا؟. قلت: الأخفش لا يشترط في عمل الوصف اعتماده على شيء كما حكاه المسيلي عنه. وإلى موافقة الأخفش والكوفيين1 أشار الناظم بقوله:
115-
..................... وقد
…
يجوز نحو فائز أولو الرشد
"وإذا" رفع الوصف ما بعده فله ثلاثة أحوال. وجوب الابتدائية، ووجوب الخبرية، وجواز الأمرين.
وذلك أنه إن "لم يطابق الوصف ما بعده تعينت ابتدائيته، نحو: أقائم أخواك" فـ"قائم" مبتدأ، و"أخوك" فاعله سد مسد خبره، ولا يجوز أن يكون "أخواك" مبتدأ مؤخرا و"قائم" خبر مقدما؛ لأنه لا يخبر عن المثنى بالمفرد "وإن طابقه"، أي: طابق الوصف ما بعده "في غير الإفراد" وهو التثنية والجمع "تعينت خبريته، نحو: أقائمان أخواك، وأقائمون أخوتك" بالتاء الفوقانية، وأقائم2 الزيدون، فالوصف فيهن خبر مقدم، والمرفوع بعده مبتدأ مؤخر، ولا يجوز أن يكون الوصف فيهن مبتدأ، والمرفوع فاعلا سد مسد الخبر؛ لأن الوصف إذا رفع ظاهرا كان حكمه حكم الفعل في لزوم الإفراد على اللغة الفصحى3، ويجوز ذلك على غيرها، ومسألة جمع التكسير نص عليها الشاطبي.
"وإن طابقه" أي: الوصف ما بعده "في الإفراد" تذكيرا وتأنيثا "احتملهما" أي: الابتدائية والخبرية على السواء، "نحو: أقائم أخوك"، وأقائمة أختك، فيجوز أن يجعل الوصف مبتدأ، وما بعده فاعلا سد مسد الخبر. ويجوز أن يجعل المرفوع مبتدأ مؤخرا، والوصف خبرا مقدما، فإن رجح الأول بأن الأصل في المقدم الابتداء عورض بأن الأصل في الوصف الخبرية، فلما تعارض الأصلان تساقطا، وإلى هذا التفصيل أشار الناظم بقوله:
116-
والثاني مبتدأ وذا الوصف خبر
…
إن في سوى الإفراد طبقا استقر
"وارتفاع المبتدأ بالابتداء، وهو التجرد" عن العوامل اللفظية "للإسناد،
1 انظر حاشية الصبان 1/ 192، وحاشية يس 1/ 158.
2 في "ب": "أقيام"، وفي "ط":"أقام".
3 انظر الارتشاف 2/ 26، وتوضيح المقاصد 1/ 272، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 272، وفي شرح ابن عقيل 1/ 199:"ويجوز على لغة "أكلوني البراغيث" أن يكون الوصف مبتدأ، وما بعده فاعل أغنى عن الخبر".
وارتفاع الخبر بالمبتدأ" عند سيبويه1، وإليه ذهب الناظم فقال:
117-
ورفعوا مبتدأ بالابتدا
…
كذاك رفع خبر بالمبتدا
فإذا قلت: زيد أخوك، فـ"زيد" مرفوع بالابتداء، و"أخوك" مرفوع بـ"زيد"، وصح رفعه به وإن كان جامدا؛ لأن أصل العمل للطالب2، والمبتدأ طالب للخبر من حيث كونه محكوما به له طلبا لازما، كما أن فعل الشرط لما كان طالبا للجواب عمل فيه عند طائفة، وإن كان الفعل لا يعمل في الفعل. واعترض بأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو: القائم أبوه ضاحك3، فلو كان رافعا للخبر لأدى إلى رفع شيئين لم يكن أحدهما تابعا للآخر. وأجيب بأن الجهة مختلفة؛ لأن طلبه للفاعل من حيث كون الفاعل محكوما عليه. وطلبه للخبر من حيث كون الخبر محكوما به له "لا" ارتفاعه "بالابتداء" وهو قول ابن السراج4، وصححه أبو البقاء. وحجة من قال به5 أن الابتداء رفع المبتدأ، فيجب أن يرفع الخبر؛ لأنه مقتض لهما، فهو كالفعل لما عمل
في الفاعل عمل في المفعول، "ولا" ارتفاعه "بهما"، أي: بالابتداء والمبتدأ. وحجة من قال به أن الابتداء عامل ضعيف، فقوي بالمبتدأ كما قوي حرف الشرط بفعله حين عملا جميعا في الجزاء عند طائفة، وهذه الأقوال الثلاثة عن البصريين.
"وعن الكوفيين6 أنهما"، أي: المبتدأ والخبر "ترافعا"، فرفع كل منهما الآخر. وحجتهم أن كل واحد منهما مفتقر إلى الآخر، فكان كل واحد منهما عاملا في صاحبه، كما أن "أيا" الشرطية
عامله في الفعل بعدها، وهو عامل فيها في نحو:{أَيًّا مَا تَدْعُوا} [الإسراء: 110]
وهذه الأقوال كلها ضعيفة. أما الأول: فلأن الخبر قد يكون نفس المبتدأ في المعنى، نحو: زيد أخوك، فلو رفع "الأخ" بـ"زيد" كان رافعا لنفسه بنفسه.
1 الكتاب 2/ 127، وانظر الارتشاف 2/ 28، 29، والإنصاف 1/ 44، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 269-272، وشرح ابن عقيل 1/ 200، 201، وحاشية يس 1/ 158، 159، وحاشية الصبان 1/ 193.
2 في "ب"، "ط":"للطلب".
3 في "ط": "صاحبك"، تحريف.
4 انظر كتابه الأصول 1/ 58.
5 يقصد المبرد. انظر شرح ابن الناظم ص76، وشرح التسهيل لابن مالك 1/ 272، والمقتضب 4/ 126، وحاشية الصبان 1/ 194.
6 انظر الإنصاف 1/ 44.
وأما الثاني: فلأن الابتداء عامل ضعيف لا يرفع شيئين.
وأما الثالث فلأن اجتماع عاملين معنوي ولفظي لا يعهد.
وأما الرابع: فلأن العمل تأثير والمؤثِّر أقوى من المؤثَّر فيه، فليزم أن يكون الشيء الواحد قويا ضعيفا من وجه واحد إذا كان مؤثرا فيما أثر فيه من ذلك الوجه، وهو الرفع.
واحترز بقوله: للإسناد عن الأعداد المسرودة، نحو: اثنان ثلاثة، فإنها وإن تجردت فلا إسناد معها، فليست مبتدآت. وإثبات الألف في اثنان من استعمال الشيء في أول أحواله.
"فصل":
"والخبر" هو "الجزء الذي حصلت به" أو بمتعلقه "الفائدة" التامة "مع مبتدأ غير الوصف المذكور" في قوله: أو وصف رافع لمكتفى به، "فخرج" بذكر المبتدأ "فاعل الفعل"، نحو:"زيد" من قولك: قام زيد، "فإنه" وإن حصلت به الفائدة؛ لكنه "ليس مع المبتدأ" بل مع الفعل، ومثله فاعل اسم الفعل، نحو:[من الطويل]
139-
..... هيهات العقيق.........
…
......................................
"و" خرج بقوله: غير الوصف المذكور "فاعل الوصف" المذكور، نحو:"الزيدان" من قولك: أقائم الزيدان، فإنه وإن حصلت به الفائدة، لكنه ليس مع مبتدأ غير الوصف المذكور؛ بل مع مبتدأ هو الوصف المذكور، فلا يكون "الزيدان" خبرا، بل فاعلا سد مسد الخبر، وسلم الحد بعد ذلك للخبر، بخلاف قول الناظم:
118-
والخبر الجزء المتم الفائده
…
................................
فإنه يرد عليه فاعل الفعل، وفاعل الوصف، "وهو إما مفرد"1، وهو ما ليس جملة، فيشمل المثنى والمجموع، "وإما جملة" اسمية وفعلية.
وذكر ابن خروف في شرح الكتاب2 أن الخبر ينقسم إلى نيف وسبعين قسما، كل منها يخالف صاحبه في حكم ما، وكلها ترجع إلى المفرد والجملة، ولذلك اقتصر الناظم
139- تمام البيت:
"وهيهات هيهات العقيق وأهله
…
وهيهات خل بالعقيق نواصله"
والبيت لجرير في ديوانه ص965، والأشباه والنظائر 8/ 133، والخصائص 3/ 42، والدرر 2/ 355، وشرح شواهد الإيضاح ص143، وشرح المفصل 4/ 35، ولسان العرب 13/ 553 "هيه"، والمقاصد النحوية 3/ 7، 4/ 311، وكتاب العين 1/ 64، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 193، 4/ 87، وسمط اللآلي ص369، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1001، وشرح شذور الذهب ص516، وشرح قطر الندى ص256، والمقرب 1/ 134، وهمع الهوامع 2/ 111.
1 في شرح ابن الناظم ص77: "والأصل في الخبر أن يكون اسما مفردا". وفي توضيح المقاصد 1/ 174: "خلافا لابن السراج في إثباته لا مفردا ولا جملة، وهو الظرف والجار والمجرور".
2 اسم كتابه: "تنقيح الألباب في شرح غوامض الكتاب". كشف الظنون ص1427.
عليهما فقال:
119-
ومفردا يأتي ويأتي جمله
…
.........................
"والمفرد إما جامد"، وهو ما لم يشعر بمعنى الفعل الموافق له في المادة بالنظر إلى القياس الاستعمالي، كـ"زيد" فإنه لا يدل على معنى: زاد المال زيادة، وكـ"أسد" إذا أراد به شجاع على رأي، فإنه وإن كان في الاستعمال مشعرا بمعنى الفعل؛ ولكن بمعنى فعل غير موافق له في المادة، وهو "شَجُع" وكـ"صاحب" فإنه وإن كان مشعرا بمعنى "صحب" لكن لا بحسب الاستعمال، فكل من "زيد" و"أسد" و"صاحب" عندهم من قبيل الجوامد، "فلا يتحمل ضميرا المبتدأ، نحو: هذا زيد"، وهذا أسد، وهذا صاحب، فليس في شيء منها ضمير يعود على المبتدأ، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
121-
والمفرد الجامد فارغ
…
..............................
"إلا إن أول" الجامد "بالمشتق" فيتحمل ضمير المبتدأ، "نحو: زيد أسد، إذا أريد به شجاع" عند جمهور البصريين1، فإن أريد به التشبيه على إضمار الكاف، أو أنه نفس الأسد مبالغة، لا يتحمل ضمير المبتدأ عندهم. وذهب الكسائي من الكوفيين، والرماني من البصريين ومن وافقهما إلى أن الجامد يتحمل ضمير المبتدأ مطلقا2، سواء أول بمشتق أم لا.
"وإما مشتق"، وهو ما أشعر بمعنى الفعل الموافق له في المادة بالنظر إلى القياس الاستعمالي، كـ"قائم" فإنه دل على معنى "قام"، إذا أخبر به عن مبتدأ "فيتحمل ضميره"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
121-
........................ وإن
…
يشتق فهو ذو ضمير مستكن
"نحو: زيد قائم"، والزيدان قائمان، والزيدون قائمون، وهند قائمة، والهندان قائمتان، والهندات قائمات، فالخبر في ذلك كله متحمل لضمير مستتر عائد على المبتدأ، والألف في "قائمان" والواو في "قائمون" حرفان دالان على التثنية والجمع، كما في "الرجلان" و"الزيدون"، "إلا إن رفع" المشتق الاسم "الظاهر نحو: زيد قائم
1 شرح ابن عقيل 1/ 205.
2 كذا ذكر ابن عقيل في شرحه 1/ 205، وقال:"والتقدير عندهم: زيد أخوك هو". وانظر الإنصاف 1/ 55، وشرح المفصل 1/ 88.
"أبوه"، أو رفع الضمير البارز نحو: زيد قائم أنت إليه. فإنه لا يحتمل ضمير المبتدأ؛ لأنه لا يرفع فاعلين، "ويبرز الضمير المتحمل"، بفتح الميم، وينفصل "إذا جرى الوصف" الواقع خبرا "على" مبتدأ "غير من هو له" في المعنى، "سواء ألبس" الحال، "نحو: غلام زيد ضاربه هو"، فـ"ضاربه" وصف في المعنى لـ"زيد"؛ لأنه هو الضارب. للغلام، وذلك "إذا كانت الهاء" المفعولة "لـ"الغلام""؛ لأنه المضروب وقد جرى الوصف وهو "ضاربه" على "الغلام" لفظا؛ لأنه خبر عنه، فلو لم يبرز الضمير المستتر في "ضاربه" لتوهم السامع أن "الغلام" بحسب ظاهر الإسناد إليه هو "الضارب لزيد"، وانقلب المعنى فوجب إبراز ضمير الفاعل دفعا لهذا اللبس، فإن كانت الهاء لـ"زيد" فقد جرى الوصف على من هو له لفظا ومعنى، واستغنى عن إبراز الضمير، "أم لم يلبس" الحال، "نحو: غلام هند ضاربته هي"، فتاء التأنيث في "ضاربته"، خارجة تدل على أن الوصف في المعنى لـ"هند"، وكان ينبغي أن لا يبرز ضميرها إلا أن البصري التزم الإبراز مطلقا طردا للبس، وجرى على ذلك الناظم فقال:
122-
وأبرزته مطلقا حيث تلا
…
ما ليس معناه له محصلا
"والكوفي إنما يلزم الإبراز عند الإلباس" خاصة "تمسكا بنحو قوله: [من البسيط]
140-
قومي ذرا المجد بانوها" وقد علمت
…
بكنه ذلك عدنان وقحطان
وجه التمسك1 به أن "قومي" مبتدأ أول، و"ذرا المجد" مبتدأ ثان، و"بانوها" خبر "ذرا المجد"، و"ذرا المجد" وخبره خبر "قومي" والهاء عائدة على "ذرا المجد" والضمير العائد على "قومي" مستتر في "بانوها"، فقد جرى الوصف وهو "بانوها" على "ذرا المجد" وهو في المعنى لـ"قومي" لأنهم "البانون"، ولم يبرز الضمير المستتر في "بانوها" لأن اللبس مأمون، فإن "الذرا" مبنية لا بانية، ولو برز لقيل على اللغة الفصحى: بانيهاهم؛ لأن حكم ضمير الجمع المنفصل كحكم جمعه الظاهر، فيكون الوصف مفردا كالفعل إذا أسند إلى جمع، وعلى لغة أكلوني البراغيث: بانوهاهم2،
140- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 196، وتخليص الشواهد 186، والدرر 1/ 184، وشرح ابن الناظم ص78، وشرح الأشموني 1/ 93، وشرح التسهيل 1/ 308، وشرح ابن عقيل 1/ 208، وهمع الهوامع 1/ 96.
1 هذا التعليق على البيت نقله الشنقيطي بتمامه في الدرر 1/ 184،185.
2 هي لغة طيئ وأزد شنوءة، انظر شرح ابن عقيل 2/ 468.
ولا حجة لهم في ذلك لاحتمال أن يكون "ذرا المجد" منصوبا بوصف محذوف يفسره الوصف المذكور، والتقدير: بانو ذرا المجد بانوها.
و"الذرا": جمع ذروة، وذروة الشيء أعلاه، و"المجد": الكرم، و"بانون": جمع بان؛ اسم فاعل من بني يبني، والأصل: بانيون، أعل إعلال قاضون، وحذفت النون للإضافة. وقال العيني1: من "البون" بضم الباء وهو: الفضل والمزية، يقال: بانه يبونه ويبنه، قاله الجوهري2. ا. هـ.
فإن أراد أنه3 جملة فعلية ماضوية [ولو كان كذلك لاستدعى إثبات الألف في الخط بعد الواو كما في نظائره] 4، فالضمير هو الواو في "بانوها"، إذ ليس ثم فاعل غيره حتى يبرز، وإن أراد الوصف من: بان يبون أو يبين؛ فقياسه: بائن بهمزة بعد الألف بدلا من عين الفعل، والجمع بائنون لا بانون.
"والجملة إما نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج لرابط" يربطها بالمبتدأ5، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
120-
وإن تكن إياه معنى اكتفى
…
بها..............................
"نحو: {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] إذا قدر "هو" ضمير شأن" فـ"هو" مبتدأ، و"الله أحد" جملة خبره، وهي عينه في المعنى؛ لأنها مفسرة له، والمفسر عين المفسر، أي: الشأن الله أحد، [ولا يكون ضمير الشأن الحاضر، وإنما يكون ضمير غيبة مفسرا بجملة بعده خبرية مصرح بجزأيها، فإن كان بلفظ التذكير سمي ضمير الشأن، وإن كان بلفظ التأنيث سمي قصة، وقد يسمى بهما، وأما] 6 إذا قدر "هو" ضمير المسئول عنه فخبره مفرد وهو "الله" و"أحد" خبر بعد خبر أو بدل، "ونحو:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] إذا قدر "هي" ضمير قصة، فـ"هي" مبتدأ، و"شاخصة" خبر مقدم، و"أبصار الذين كفروا" مبتدأ مؤخر، وجملة "أبصار
1 شرح الشواهد للعيني 1/ 199.
2 الصحاح 5/ 2082 "بين".
3 في "ب": "به".
4 ما بين المعقوفتين سقط من "ب"، "ط"، والدرر 1/ 185.
5 في حاشية يس 1/ 162: "يفهم أن الرابط إذا وجد لا يضر، وهو كذلك، ولو قال: فلا يكون لها رابط كان صوابا" وانظر حاشية الصبان 1/ 197، وتوضيح المقاصد 1/ 309.
6 ما بين المعقوفتين سقط من "ب".
الذين كفروا شاخصة" في موضع رفع خبر "هي"، وهي عينها في المعنى، أي: فإذا القصة أبصار الذين كفروا شاخصة، فلا تحتاج إلى رابط، وأما إذا قدر "هي" ضمير الأبصار كما قال الفراء1، أو عماد أو تقدم مع الخبر على المبتدأ، والأصل: فإذا أبصار الذين كفروا هي شاخصة؛ كما قال الكسائي، فالخبر مفرد، "ومنه" قول الناظم:
120-
.............................
…
....... "كنطقي الله حسبي".......
فـ"نطقي" مبتدأ، و"الله حسبي" مبتدأ وخبر، والجملة خبر "نطقي"، وهي نفسه في المعنى؛ "لأن المراد بالنطق المنطوق به"، والمنطوق به هو "الله حسبي"، فلا يحتاج إلى رابط. والتحقيق أن مثل هذا ليس من الإخبار بالجملة؛ بل المفرد على إرادة اللفظ كما في عكسه، نحو: $"لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة"2، قاله الدماميني والمرادي3.
"وإما غيره"، أي: غير المبتدأ في المعنى "فلا بد من احتوائها على معنى المبتدأ الذي هي مسوقة له"، وإلى ذلك الإشارة بقول الناظم:
119-
........................ ويأتي جمله
…
حاوية معنى الذي سيقت له
"وذلك بأن تشتمل على اسم بمعناه"، أي بمعنى المبتدأ، "وهو" أي: الاسم المشتملة عليه بالجملة. "إما ضميره"، أي: ضمير المبتدأ حال كون الضمير "مذكورا"، وهو الأصل، "نحو: زيد قام أبوه". فجملة "قام أبوه" خبر عن "زيد"، والرابط بينهما الهاء. "أو مقدرا"، وهو إما مجرور أو منصوب.
فالأول: "نحو: السمن منوان بدرهم"، فـ"السمن" مبتدأ أول، و"منوان" مبتدأ ثان، وسوغ الابتداء به الوصف المحذوف، "أي" منوان "منه" و"بدرهم" خبر المبتدأ الثاني، وهو وخبره خبر المبتدأ الأول، والرابط بينهما الضمير المجرور بـ"من" المقدرة.
"و" الثاني: نحو: "قراءة ابن عامر "وَكُلٌّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى""
1 معاني القرآن للفراء 2/ 212.
2 الحديث في النهاية لابن الأثير 4/ 203 "كنز"، ولسان العرب "كنز". أي: أجرهما مدخر لقائلها والمتصف بها، كما يدخر الكنز.
3 توضيح المقاصد 1/ 277، وذكره ابن هشام في مغني اللبيب في بحث الجمل التي لا محل لها من الإعراب.
[الحديد: 10] برفع "كل" في سورة الحديد1، فـ"كل" مبتدأ، وجملة "وعد الله الحسنى" من الفعل والفاعل والمفعول خبر المبتدأ، والرابط بينهما الضمير المقدر المنصوب بـ"وعد" على أنه مفعوله الأول، "أي: وعده" الله.
"أو إشارة إليه"، أي: إلى المبتدأ، "نحو:{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26] إذا قدر "ذلك" مبتدأ ثانيا لا تابعا لـ"لباس""، فـ"لباس" مبتدأ، و"التقوى" مضاف إليها، و"ذلك" مبتدأ ثان، و"خير" خبره، وهو وخبره خبر الأول، والرابط بينهما الإشارة إلى المبتدأ.
وخص ابن الحاج المسألة بكون المبتدأ موصولا أو موصوفا والإشارة للبعيد2. ورد بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ} الآية.... [الإسراء: 36] .
إما إذا قدر "ذلك" تابعا لـ"اللباس" على أنه بدل منه أو عطف بيان عليه لا نعت عليه خلافا للفارسي ومن تبعه3؛ لأن النعت لا يكون أعرف من المنعوت4 كما قال الحوفي فالخبر حينئذ مفرد.
"قال الأخفش5: أو غيرهما"، أي: غير الضمير والإشارة وهو إعادة المبتدأ بمعناه، "نحو:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} الآية"، وتمامها {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} [الأعراف: 170] ، فـ"الذين" مبتدأ، وجملة "يمسكون الكتاب" صلة "الذين"، وجملة "وأقاموا الصلاة" معطوفة على الصلة، وجملة "إنا لا نضيع أجر المصلحين" خبر المبتدأ، والرابط بينهما إعادة المبتدأ بمعناه، فإن "المصلحين" هم "الذين يمسكون بالكتاب" في المعنى.
ورد بمنع كون "اللذين" مبتدأ؛ بل هو مجرور بالعطف على "الذين يتقون"[من قوله: {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 169]] 6، ولئن سلط فالرابط
1 الرسم المصحفي {كلَّا} بالنصب، وانظر الإتحاف ص409، والنشر 2/ 384، وفي حاشية يس 1/ 165:"أما في سورة النساء فقرأ بالنصب كالجماعة؛ لأن قبله جملة فعلية وهي "فضل الله المجاهدين" فساوى بين الجملتين في الفعلية، بل بين الجمل؛ لأن بعده "وفضل الله المجاهدين" وهذا مما أغفلوه؛ أعني الترجيح؛ باعتبار ما يعطف على الجملة، قاله في المغني".
2 انظر قوله في الارتشاف 2/ 50.
3 في حاشية الصبان 1/ 196: "وتبعه أبو البقاء وجماعة".
4 في حاشية الصبان 1/ 196: "بناء على أن النعت قد يكون أعرف من المنعوت".
5 في همع الهوامع 1/ 98: "ووافق ابن عصفور الأخفش، كما جاء ذلك في الأصول".
6 سقط ما بين المعقوفتين من الأصل و"ب"، وهو ثابت في "ط".
العموم؛ لأن "المصلحين" أعم من المذكورين، أو ضمير محذوف، أي: منهم، أو الخبر محذوف، والجملة قبله دليله، والتقدير: مأجورون، قاله في المغني1.
"أو" تشتمل الجملة "على اسم بلفظه"، أي: بلفظ المبتدأ، "ومعناه نحو:{الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] فـ"الحاقة" الأولى مبتدأ، و"ما" اسم استفهام مبتدأ ثان، و"الحاقة" الأخيرة خبر "ما" الاستفهامية، و"ما" وخبرها خبر "الحاقة" الأولى، والرابط بينهما إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه.
"أو" تشتمل الجملة "على اسم أعم منه"، أي: من المبتدأ، "نحو: زيد نعم الرجل"2، فـ"زيد" مبتدأ، و"نعم الرجل" خبره، والرابط بينهما العموم الذي في "الرجل" الشامل لـ"زيد".
"و" نحو "قوله" وهو الرماح ابن ميادة: [من الطويل]
141-
ألا ليت شعري هل إلى أم معمر
…
سبيل "فأما الصبر عنها فلا صبررا"
فـ"الصبر" مبتدأ، و"عنها" متعلق به، و"لا" نافية، و"صبرا" اسمها مبني معها على الفتح، والخبر محذوف تقديره "لي"، وجملة "لا صبر لي" خبر المبتدأ، والرابط بينهما العموم الذي في اسم "لا" لأن النكرة المنفية تفيد العموم، والمطرد من هذه الروابط هو الضمير لا غير. أما الإشارة فلأنه لا يقال: زيد قام هذا، والزيدون خرج أولئك. وأما إعادة المبتدأ بمعناه فقد تقدم رده. وأما إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه فقد نص سيبويه على ضعفه3، وهو مخصوص بموضعين، أحدهما: أما العبيد فذو عبيد، وثانيهما: حيث قصد التهويل والتعظيم نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] قاله
1 مغني اللبيب "650"، وانظر حاشية يس 1/ 165.
2 في حاشية يس 1/ 165: "قال الدنوشري: ظاهره أن العموم جاء من قبل أن الألف واللام للاستغراق. قال ابن الحاجب: وهذا غلط؛ لأنا نقطع أن المتكلم بقوله: "نعم العبد صهيب" لم يقصد مدح جميع من في العالم، وإنما قصد مدح هذا الفاعل المذكور، فجعله للعموم غلط. وفي اللباب: أن خبر المبتدأ إذا كان جملة يشتمل على جنس يندرج فيه هو لم يحتج إلى ضمير نحو: زيد نعم الرجل".
141-
البيت لابن ميادة في ديوانه ص134، والأغاني 2/ 237، والحماسة البصرية 2/ 111، وخزانة الأدب 1/ 452، والدرر 1/ 189، وشرح أبيات سيبويه 1/ 269، وشرح شواهد المغني 2/ 876، والمقاصد النحوية 1/ 523، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 28، وأوضح المسالك 1/ 199، والكتاب 1/ 386، ومغني اللبيب 2/ 501، "651"،
وهمع الهوامع 1/ 98.
3 الكتاب 1/ 62.
الشاطبي وأما العموم فلأنه لا يجوز: زيد مات الناس، وزيد نعم الرجال، وهند نعمت النساء، وأما:
..................................
…
........ فأما الصبر عنها فلا صبرا
فمن باب: أما العبيد فذو عبيد، فهو من تكرار المبتدأ بلفظه ومعناه، وليس العموم فيه مرادا، إذ المراد أنه: لا صبر له عنها، لا أنه لا صبر له عن كل شيء، قاله في المغني1.
1 مغني اللبيب 2/ 501 "651".
"فصل":
"ويقع الخبر ظرفا، نحو {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 42] ، ومجرورا نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] . وشرطهما أن يكونا تامين كما مثل، فلا يجوز: زيد مكانا، ولا زيد بك، لعدم الفائدة، ويتعلقان بمحذوف وجوبا، ثم قيل: الخبر نفس الظرف والمجرور وحدهما، والمصحح لذلك تضمنها معنى صادقا على المبتدأ، وقيل: هما ومتعلقهما والمتعلق جزء من الخبر، واختاره الرضي1 والسيد عبد الله. "والصحيح" عند الموضح تبعا لطائفة "أن الخبر في الحقيقة متعلقهما المحذوف"، لا هما، ولا مع متعلقهما.
واختلف في تقديره. فقال الأخفش والفارسي والزمخشري تقديره: كان أو استقر. وحجتهم أن المحذوف عامل النصب في لفظ الظرف ومحل المجرور، والأصل في العامل أن يكون فعلا.
"و" الصحيح عند جمهور البصريين2 "أن تقديره: كائن أو مستقر، لا كان أو استقر". وحجتهم أن المحذوف هو الخبر في الحقيقة، والأصل في الخبر أن يكون اسما مفردا، فكل من الفريقين استند إلى أصل صحيح3، ورجح الاسم بوقوع الظرف والمجرور في موضع لا يصلح للفعل، نحو: أما في الدار فزيد، {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [يونس: 21] لأن "أما" لا تنفصل من الفاء إلا باسم مفرد أو جملة شرط دون جوابه؛ ولأن "إذا" الفجائية لا يليها الأفعال على الأصح.
وقال الموضح في المغني4: والحق عندي أنه لا يترجح تقديره اسما ولا فعلا؛ بل بحسب المعنى. ا. هـ. وإليه يرشد قول الناظم:
1 شرح الرضي 1/ 243.
2 انظر الإنصاف 1/ 245.
3 شرح ابن عقيل 1/ 211.
4 مغني اللبيب 2/ 445 "584".
123-
وأخبروا بظرف أو بحرف جر
…
ناوين معنى كائن أو استقر
وذهب الكوفيون وابنا طاهر وخروف إلى أنه لا تقدير. ثم اختلفوا فقال ابنا طاهر وخروف: الناصب لهما المبتدأ، وزعما أنه يرفع الخبر إذا كان عينه نحو: زيد أخوك، وينصبه إذا كان غيره، نحو: زيد عندك. وقال الكوفيون: الناصب لهما معنوي وهو كونهما مخالفين للمبتدأ1.
قال في المغني2: ولا معمول على هذين القولين. "و" على القول بأن لهما متعلقا محذوفا فالصحيح "أن الضمير الذي كان فيه انتقل" منه "إلى الظرف والمجرور"، وسكن فيهما "كقوله" وهو جميل بن عبد الله:[من الطويل]
142-
فإن يك جثماني بأرض سواكم
…
"فإن فؤادي عندك الدهر أجمع"
وجه الدلالة منه أن "أجمع" مرفوع لا يصلح أن يكون توكيد لـ"فؤادي" ولا لـ"الدهر"؛ لأنهما منصوبان، ولا للضمير المحذوف مع الاستقرار؛ لأن التوكيد والحذف متنافيان، ولا لاسم "إن" على محله من الرفع على الابتداء؛ لأن الطالب للمحل قد زال بدخول الناسخ، وإذا بطلت هذه الأقسام تعين أن يكون توكيدا للضمير المنتقل إلى الظرف وهو المطلوب، ولا يشكل بالفصل بالأجنبي وهو "الدهر" فإنه جائز في الضرورة3.
وقيل: لا ضمير في الظرف والمجرور مطلقا تقدم أو تأخر، وإن الضمير حذف مع المتعلق، وزعم ابن خروف أن الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا لا ضمير فيه عند سيبويه4 والفراء إلا إذا تأخر عن المبتدأ، أما إذا تقدم عليه فلا ضمير فيه؛ واستدل على ذلك بأنه لو كان فيه ضمير إذا تقدم لجاز أن يؤكد، وأن يعطف عليه، وأن يبدل منه، كما يفعل ذلك مع المتأخر، ا. هـ.
1 شرح التسهيل 1/ 314.
2 مغني اللبيب 2/ 446 "585".
142-
البيت لجميل بثينة في ديوانه ص111، وخزانة الأدب 1/ 359، والدرر 1/ 190، والسمط ص505، وشرح شواهد المغني 2/ 846، والمقاصد النحوية 1/ 525، ولكثير عزة ديوانه ص404، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 201، وشرح الأشموني 1/ 93، ومغني اللبيب 2/ 442 "579"، وهمع الهوامع 1/ 98.
3 هذا التعليق على البيت نقله الصبان بتصرف في حاشيته 1/ 200.
4 الكتاب 2/ 145.
ولك أن تقول: إنما امتنع جواز الاتباع للفصل بالأجنبي، ولا يلزم منه عدم وجود المتبوع، فلا يتم التقريب.
"ويخبر" بالمكان عن أسماء الذوات والمعاني، نحو: زيد خلفك، والخير أمامك، ولا يخبر "بالزمان" إلا "عن أسماء المعاني" إذا كان الحديث غير مستمر، "نحو: الصوم اليوم والسفر غدا"، فإن كان الحدث مستمرا امتنع الإخبار به عنه، فلا يقال: طلوع الشمس يوم الجمعة، لعدم
الفائدة. "ولا" يخبر بالزمان "عن أسماء الذوات، نحو: زيد اليوم"، والفرق أن الأحداث أفعال وحركات وغيرهما فلا بد لكل حدث من زمان يختص به، بخلاف الذوات فإن نسبتها إلى جميع الأزمنة على السواء فلا فائدة في الإخبار بالزمان عنها، "فإن حصلت فائدة جاز" الإخبار بالزمان عن أسماء الذوات، وتحصل الفائدة "كأن يكون المبتدأ عاما، والزمان خاصا" إما بالإضافة، "نحو: نحن في شهر كذا"، فـ"نحن" مبتدأ، وهو عام لصلاحيته في نفسه لكل متكلم، إذ لا يختص بمتكلم دون آخر، و"في شهر كذا" خبره. وهو خاص بالمضاف إليه. وإما بالوصف نحو: نحن في زمان طيب. "وأما نحو: الورد في أيار"، بفتح الهمزة وتشديد الياء آخر الحروف، والمنع من الصرف للعلمية والعجمة؛ لأنه شهر رومي، "واليوم خمر والليلة الهلال"، بنصب "اليوم" و"الليلة"، "فـ" التأويل فيها واجب بتقدير مضاف كما قاله الفارسي، و"الأصل: خروج الورد" في أيار، "و" اليوم "شرب خمر و" الليلة "رؤية الهلال"، فالإخبار في الحقيقة إنما هو عن اسم المعنى، لا عن اسم الذات، والتفصيل بين حصول الفائدة وعدمها هو اختيار ابن الطراوة وجماعة1، ووافقهم الناظم2 فقال:
124-
ولا يكون اسم زمان خبرا
…
عن جثة وإن يفد فأخبرا
والصحيح المنع مطلقا، وما ورد من ذلك فيؤول.
1 هذا مذهب جمهور البصريين. انظر شرح ابن عقيل 1/ 214.
2 انظر التسهيل ص46، وتوضيح المقاصد 1/ 281.
"فصل":
"ولا يبتدأ بنكرة" لأنها مجهولة، والحكم على المجهول لا يفيد غالبا "إلا إن حصلت" به "فائدة، كأن يخبر عنها بمختص" بما يصلح للإخبار عنه، "مقدم" نعت لمختص "ظرف أو مجرور" بدل من مختص أو عطف بيان عليه، وظاهر كلامه أن التقديم له دخل في التسويغ. والتحقيق أن المسوغ للابتداء بالنكرة أن يخبر عنها بظرف مختص، والتقديم إنما هو لرفع إلباس الخبر بالصفة، وصرح بذلك في المغني1.
فالظرف "نحو: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} "[ق: 35]، والمجرور نحو:" {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] ، فـ"مزيد" و"غشاوة" مبتدآن، وهما نكرتان، وسوغ الابتداء بهما الإخبار عنهما بظرف ومجرور مختص بإضافتهما إلى ما يصلح للإخبار عنه وهو الضمير، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
125-
ولا يجوز الابتداء بالنكره
…
ما لم تفد كعند زيد نمره
وهو مثال لما يجوز، "ولا يجوز: رجل في الدار" لفوات الاختصاص والتقدم معا، "ولا" يجوز: "عند رجل مال"2 لعدم الاختصاص بما يصلح للإخبار عنه3، "أو" كانت "تتلو نفيا، نحو: ما رجل قائم"، مثله في النظم بقوله:
126-
................. فما خل لنا
…
...................................
فـ"رجل" و"خل" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما تقدم النفي عليهما، وبذلك تحصل الفائدة؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم، وإذا عمت كان مدلول النكرة جميع أفراد الجنس، فأشبهت المعرف بـ"أل" الاستغراقية.
1 مغني اللبيب "611".
2 في "ط": "ماله"، تحريف.
3 في حاشية الصبان 1/ 204: "المراد بالاختصاص هنا أن يكون المجرور في الخبر الجار والمجرور والمضاف إليه في الظرف، والمسند إليه في الجملة صالحا للإخبار عنه، قاله الشمني".
"أو" تتلو "استفهاما، نحو:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60، 64]، ومثله في النظم بقوله:
126-
وهل فتى فيكم..........
…
.................................
فـ"إله" و"فتى" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما وقوعهما في حيز الاستفهام، وبذلك تحصل الفائدة؛ لأن الاستفهام سؤال عن غير معين يطلب تعيينه في الجواب، فأشبه العموم الخاص. وفيه رد على ابن الحاجب حيث قال في شرح منظومته: إن الاستفهام المسوغ للابتداء هو الهمزة المعادلة بـ"أم"، نحو: أرجل في الدار أم امرأة، "أو تكون موصوفة سواء ذكرا"، أي: الموصوف والصفة، "نحو:{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ" خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] ، فـ"عبد" مبتدأ وهو نكرة، وسوغ الابتداء به وصفه بـ"مؤمن" لأن النكرة إذا وصفت قربت من المعرفة.
وقال ابن الحاجب: المسوغ للابتداء بالنكرة في هذه الآية إنما هو معنى العموم1، و"خير" خبر المبتدأ، ومثله الناظم بقوله:
126-
....................................
…
ورجل من الكرام عندنا
"أو حذفت الصفة" وذكر الموصوف، "نحو: السمن منوان بدرهم، ونحو:{وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] ، فـ"منوان" و"طائفة" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما كون كل منهما موصوفا بصفة محذوفة، "أي: منوان منه، وطائفة من غيركم"، بدليل: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} [آل عمران: 154] ، وفيه رد على ابن مالك حيث مثل بالآية للتسويغ بواو الحال، كما قاله في المغني2. "أو" حذف "الموصوف"، وذكرت الصفة "كالحديث: سوآء ولود خير من حسناء عقيم"3، فـ"سوآء" بالمد، مبتدأ، وسوغ الابتداء بها كونها صفة لموصوف، "أي: امرأة سوآء"، فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه، و"ولود" صفة ثانية لـ"امرأة" و"خير" خبر المبتدأ.
1 الإيضاح في شرح المفصل 1/ 184، 185.
2 مغني اللبيب "613".
3 ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال: رواه الطبراني، وأشار إليه بالضعف، فيض القدير 4/ 114. وقال ابن الأثير في النهاية 2/ 416 "سوأ":"أخرجه الأزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه غيره من عمر".
وفي حاشية يس 1/ 169: "قال الدنوشري: ذكره في الإحياء بلفظ: سوداء ولود خير من حسناء لا تلد. قال العراقي في تخريجه: أخرجه في الضعفاء من رواية شهر بن حكيم عن أبيه عن جده".
"أو" كانت النكرة "عاملة [عمل الفعل] 1، كالحديث: "أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة" 2، فـ"أمر" و"نهي" مبتدآن، وسوغ الابتداء بهما كونهما عاملين في محل المجرور بعدهما؛ لأنهما مصدران، والمصدر يعمل عمل فعله، ومثله الناظم بقوله:
127-
ورغبة في الخير خير............
…
........................................
"ومن" النكرة "العاملة" النكرة "المضافة"؛ لأن المضاف عامل في المضاف إليه الجر، "كالحديث:"خمس صلوات كتبهن الله"" على العباد في [اليوم والليلة] 3، فـ"خمس" مبتدأ، وسوغ الابتداء به كونه عاملا في المضاف إليه، ومثله الناظم بقوله:
127-
...................... وعمل
…
بر يزين...........................
ولا بد في هذه المسوغات من مراعاة معنى صحيح مقصود، وإلا ورد على الظرف والمجرور: عند الناس درهم، وفي الدنيا رجل، وعلى النفي: ما حمار ناطق، وعلى الاستفهام: هل امرأة في الأرض، وعلى الموصوف: رجل ذكر واضح، وعلى العمل: شرب للماء نافع، وغلام إنسان موجود، فهذه كلها لا تصلح لأن تكون أمثلة لحصول الفائدة، مع أنها مشتملة على المسوغات المذكورة.
"ويقاس على هذه المواضع" المذكورة في كلام الموضح "ما أشبهها" في المعنى، فيقاس على {لَدَيْنَا " مَزِيدٌ "} [ق: 35] ، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 6] "نحو: قصدك غلامه رجل، و" على: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60، 64] نحو: "كم رجلا في الدار و" على: ما رجل في الدار، نحو "قوله:[من البسيط]
143-
لولا اصطبار لأودي كل ذي مقة"
…
لما استقلت مطاياهن للظعن
"و" على {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ} [البقرة: 221] نحو: "رجيل في الدار"، بالتصغير. وعلى العاملة النصب أو الجر العاملة الرفع، نحو: قائم الزيدان، عند من لا يشترط الاعتماد، وإنما قيست عليها "لشبه الجملة"، وهي: قصدك غلامه
1 ما بين المعقوفتين إضافة من "ط".
2 صحيح مسلم 1/ 499، وكتاب صلاة المسافرين وقصرها "6"، باب 13: استحباب صلاة الضحى.
3 ما بين المعقوفتين إضافة من "ط". وانظر الموطأ 1/ 123.
143-
البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112، وأوضح المسالك 1/ 204، والدرر 1/ 193، وشرح الأشموني 1/ 98، وشرح ابن عقيل 1/ 224، والمقاصد النحوية 1/ 532، وهمع الهوامع 1/ 101.
أودى: هلك. كل ذي مقة: كل ذي محبة. استقلت: نهضت. الظعن: الرحيل والسفر
رجل "بالظرف والمجرور"، في التقديم والاختصاص بالمعمول، "و" لشبه "اسم الاستفهام" وهو:"كم""بالاسم المقرون بحرفه" وهو: "أإله". "و" لشبه "تالي لولا" وهو: "اصطبار""بتالي النفي" وهو: "رجل" في: ما رجل، "و" لشبه "المصغر" وهو:"رجيل""بـ" الاسم "الموصوف" وهو: "لعبد مؤمن"،؛ لأن التصغير وصف في المعنى بالصغر، هكذا ثبت في بعض النسخ، وفيه لف ونشر مرتب وهو [أخص من قول الناظم:
127-
.............................
…
........... وليقس ما لم يقل] 1
ولم يذكر مسوغ الإخبار بالنكرة غير المفيدة تبعا للنظم، ومن ذلك التسويغ بالنعت نحو قوله سبحانه وتعالى:{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل: 47] . ذكره الموضح في شرح بانت سعاد2.
1 سقط ما بين المعقوفتين من "ب".
2 قال الموضح في شرح بانت سعاد ص124: "ونظيرها الجملة التي بعد "قوم"، في قوله تعالى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} ، وعلم بذلك أن الفائدة كما تحصل من الخبر كذلك تحصل من صفته".
"فصل":
"وللخبر ثلاث حالات: إحداها: التأخر، وهو الأصل". وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
128-
والأصل في الأخبار أن تؤخرا
…
....................................
لأن المبتدأ محكوم عليه، فحقه التقديم ليتحقق تعقله، فيكون حق الخبر التأخير؛ لأن محكوم به "كـ"زيد قائم" ويجب" تأخير الخبر "في أربع مسائل:
إحداها: أن يخاف التباسه بالمبتدأ، وذلك إذا كانا معرفتين، أو" نكرتين "متساويين" في التخصيص، "ولا قرينة" تمييز أحدهما عن الآخر، فالمعرفتان "نحو: زيد أخوك"، فإن كلا من هذين الجزأين صالح لأن يخبر عنه بالآخر، ويختلف المعنى باختلاف الغرض، فإذا عرف السامع زيدا بعينه واسمه ولا يعرف المخاطب اتصافه بأنه أخو المخاطب، وأردت أن تعرفه ذلك قلت: زيد أخوك: ولا يصح لك أن تقول: أخوك زيد، وإذا عرف أخا له ولا يعرفه على التعيين باسمه، وأردت أن تعينه عنده قلت: أخوك زيد، ولا يصح لك أن تقول: زيد أخوك. هذا هو المشهور. وقيل: يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرا مطلقا. وقيل: إن كان أحدهما مشتقا فهو الخبر وإن تقدم، نحو: القائم زيد، وقيل: إن كان أحدهما أعرف فهو المبتدأ، نحو: هذا زيد، وإن استويا في الرتبة وجب الحكم بابتدائية المتقدم، نحو:{اللَّهُ رَبُّنَا} [الشورى: 15] ، قاله في المغني1.
"و" النكرتان المتساويتان، نحو:"أفضل منك، أفضل مني"، فإن كل واحد من هذين الوصفين صالح لأن يخبر عنه بالآخر لعمله في المجرور بعده، فإذا جعلت "أفضل منك" مبتدأ، و"أفضل مني" خبره امتنع تقديم الخبر لئلا يتوهم ابتدائيته، فينعكس المعنى لعدم القرينة2، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
129-
فامنعه حين يستوي الجزآن
…
عرفا ونكرا عادمي بيان
1 مغني اللبيب 2/ 452 "588، 589".
2 هذا على مذهب الجمهور. انظر حاشية الصبان 1/ 209.
"بخلاف" ما إذا كان معه قرينة لفظية أو معنوية. فالأول نحو: "رجل صالح حاضر"، فإن القرينة اللفظية وهي الصفة قاضية على النكرة الموصوفة بالابتدائية تقدمت أو تأخرت. والثاني نحو:"أبو يوسف أبو حنيفة"، فإن القرينة المعنوية وهي التشبيه الحقيقي قاضية بأن "أبو يوسف" مبتدأ؛ لأنه مشبه، و"أبو حنيفة" خبره؛ لأنه مشبه به تقدم أو تأخر، "وقوله:[من الطويل]
144-
بنونا بنو أبنائنا" وبناتنا
…
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
فإن قرينة التشببيه الحقيقي قاضية بأن بني الأبناء مشبهون بالأبناء، فـ"بنو أبنائنا" مبتدأ مؤخر، و"بنونا" خبر مقدم، "والمعنى: بنو أبنائنا مثل بنينا"، هذا على حقيقة التشبيه، ويضعف أن يكون على عكس التشبيه للمبالغة؛ لأن ذلك نادر الوقوع، ومخالف للأصول، اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة فلا شاهد فيه حينئذ. و"بناتنا" مبتدأ أول، و"بنوهن" مبتدأ ثان، و"أبناء الرجال" خبر الثاني1، وهو وخبره خبر الأول، و"الأباعد" نعت "الرجال".
المسألة "الثانية": مما يجب فيه تأخير الخبر "أن يخاف التباس المبتدأ بالفاعل" إذا تقدم الخبر وكان فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ المستتر، "نحو: زيد قام"، أو يقوم، فلو قدم والحالة هذه، وقيل: "قام أو يقوم زيد" لالتبس المبتدأ بالفاعل، "بخلاف" ما إذا كان الخبر صفة، نحو: "زيد قائم، أو" كان فعلا رافعا لظاهر أو لضمير بارز، فالأول نحو: زيد "قام أبوه"، والثاني نحو: "أخواك قاما" على اللغة الفصحى، فلا لبس فيهن، فيجوز تقديمه2، فتقول: قائم زيد، وقام أبوه زيد، وقاما أخواك، وهذا التقييد لا بد منه في قول الناظم:
130-
كذا إذا ما الفعل كان الخبرا
…
...................................
144- البيت للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 41، والإنصاف 1/ 66، وأوضح المسالك 1/ 106، وتخليص الشواهد 198، والحيوان 1/ 230، والدرر 1/ 193، وشرح ابن الناظم ص82، وشرح الأشموني 1/ 99، وشرح التسهيل 1/ 206، وشرح شواهد المغني 2/ 848، وشرح ابن عقيل 1/ 233، وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132، ومغني اللبيب 2/ 452، وهمع الهوامع 1/ 102.
1 في "ط": "خبر المبتدأ الثاني".
2 في الارتشاف 2/ 41: "الإجازة مذهب الأخفش والمبرد، أما من منع فهم باقي البصريين". وانظر شرح ابن عقيل 1/ 235، وشرح ابن الناظم ص82.
المسألة "الثالثة: أن يقترن" الخبر "بـ"إلا" معنى نحو: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} "[هود: 12] ، فلا يجوز تقديم الخبر؛ لأنه محصور فيه بـ"إلا" معنى، إذ1 التقدير: ما أنت إلا نذير، "أو" يقترن بـ"إلا" "لفظا نحو:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144] ، فلا يجوز تقديم الخبر لما مر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
130-
..............................
…
أو قصد استعماله منحصرا
"فأما قوله"، وهو الكميت بن زيد:[من الطويل]
145-
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى
…
عليهم "وهل إلا عليك المعول
فضرورة"؛ لأنه قدم الخبر المقرون بـ"إلا" لفظا، والأصل: وهل المعول إلا عليك2، ولا يجوز أن يكون "المعول" مرفوعا على الفاعلية بالجار والمجرور قبله لاعتماده على الاستفهام؛ لأن "إلا" مانعة من ذلك، فكما يقال: هل إلا قام زيد، لا يقال: هل إلا في الدار زيد، من باب أولى.
المسألة "الرابعة": مما يجب فيه تأخير الخبر "أن يكون المبتدأ مستحقا للتصدير، إما بنفسه"، بأن يكون له صدر الكلام، "نحو: ما أحسن زيدا"، فـ"ما" مبتدأ، وسوغ الاتبداء بها ما فيها من معنى التعجب، و"أحسن زيدا" خبره، "و: من في الدار"، فـ"من" اسم استفهام مبتدأ، و"في الدار" خبره، "و: من يقم أقم معه"، فـ"من" اسم شرط، وهو مبتدأ، و"يقم" خبره على الأصح، وقيل: الجواب، وقيل هما، "و: كم عبيد لزيد" فـ"كم" مبتدأ، وهي خبرية، و"عبيد" مضاف إليه، و"لزيد"
خبر "كم"، فالخبر في هذه الأمثلة واجب التأخير، وهو في الأول فعل ماض، وفي الثاني جار ومجرور، وفي الثالث فعل مضارع، وفي الرابع جار ومجرور، والمبتدأ فيها لازم الصدر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
131-
...............................
…
أو لازم الصدر.........................
1 في "ب": "والتقدير".
145-
البيت للكميت في تخليص الشواهد 192، والدرر 1/ 195، وسر صناعة الإعراب 1/ 139، والمقاصد النحوية 1/ 534، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 42، وأوضح المسالك 1/ 209، وشرح ابن الناظم ص83، وشرح الأشموني 1/ 99، وشرح ابن عقيل 1/ 235، وشرح التسهيل 1/ 298، وهمع الهوامع 1/ 102.
2 في المقاصد النحوية 1/ 534: "الاستشهاد به على جواز تقديم الخبر المحصور بـ"إلا" للضرورة، وإنما كان حقه أن يقول: وهل النصر يرتجى إلا بك، و: هل العول إلا إليك". وانظر الدرر 1/ 195 حيث نقل ذلك القول.
"أو مشبها به"، أي: بما يستحق التصدير، "نحو: الذي يأتيني فله درهم"، فـ"الذي" مبتدأ، وهو اسم موصول، و"يأتيني" صلته، وجملة "فله درهم" خبره، وهو واجب التأخير، "فإن المبتدأ هنا" وهو "الذي" "مشبه باسم الشرط لعمومه" وإبهامه، "واستقبال الفعل الذي بعده" وهو "يأتيني"، "وكونه" أي: الفعل الذي بعده "سببا" لما بعده، وهو جملة الخبر كما أن الشرط سبب للجواب، "ولهذا" الشبه "دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في الجواب" لتفيد التنصيص على أن استحقاق "الدرهم" مسبب عن الإتيان، فلو لم تذكر الفاء احتمل ذلك، واحتمل الإقرار.
"أو" يكون مستحقا للتصدير "بغيره"، وذلك الغير الذي له الصدر "إما" أن يكون "متقدما عليه" أي: على المبتدأ، "نحو: لزيد قائم"، فـ"زيد" مبتدأ، و"قائم" خبره1، وهو واجب التأخير؛ لأن المبتدأ تقدم عليه لام الابتداء، وهي مانعة من تأخيره، فإن لام الابتداء ملازمة لصدر الكلام، وما اقترن بلازم الصدر وجب تقديمه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
131-
أو كان مسندا لذي لام ابتدا
…
....................................
"فأما قوله" وهو رؤبة: [من الرجز]
146-
"أم الحليس لعجوز شهربه"
…
ترضى من اللحم بعظم الرقبه
"فا" للام داخلة على مبتدأ محذوف، وا "التقدير: لهي2 عجوز"، والجملة خبر "أم الحليس"، ولا يمتنع دخول اللام في الخبر إذا كان جملة، بخلاف المفرد، "أو" لا حذف "واللام زائدة، لا لام الابتداء" كقوله:[من الكامل]
1 في الأصل: "زيد قائم، مبتدأ خبره".
146-
الرجز لرؤبة في ديوانه ص170، وشرح المفصل 3/ 130، 8/ 23، وله أو لعنترة بن عروس في خزانة الأدب 10/ 323، والدرر 1/ 295، وشرح شواهد المغني 2/ 604، والمقاصد النحوية 1/ 535، 2/ 251، وبلا نسبة في لسان العرب 1/ 510 "شهرب" وجمهرة اللغة ص1121، وتاج العروس 3/ 169 "شهرب"، "لوم"، والارتشاف 2/ 147، وأوضح المسالك 1/ 210، وتخليص الشواهد ص358، والجنى الداني 128، ورصف المباني ص336، وسر صناعة الإعراب 1/ 378، 381، 1/ 229، 2/ 30، وشرح المفصل 7/ 57، ومغني اللبيب 1/ 230، 233، وهمع الهوامع 1/ 140.
2 في الأصل: "كل"، تحريف.
147-
خالي لأنت ومن جرير خاله
…
ينل العلاء ويكرم الأخوالا
ويضعف التقدير الأول أن الجمع بين لام التوكيد وحذف المبتدأ كالجمع بين متنافيين، ويضعف التقدير الثاني1 أن زيادة اللام في الخبر خاصة بالشعر، قاله في المغني2. وإذا دار الأمر بين التقديرين فدعوى الزيادة أولى من دعوى الحذف، لئلا يجتمع التوكيد والحذف، وهو ممتنع عند الجمهور، "أو" يكون ذلك الغير الذي في الصدر "متأخرا عنه"، أي: عن المبتدأ بأن يكون ما في الصدر مضافا إليه مبتدأ، "نحو: غلام من في الدار"، فـ"غلام" مبتدأ، و"من" اسم استفهام مضاف إليه، و"في الدار" خبر المبتدأ، "وغلام من يقم أقم معه"، فـ"غلام" مبتدأ، و"من" اسم شرط مضاف إليه، و"يقم" خبر المبتدأ، و"أقم معه" جواب الشرط، "و: مال كم رجل عندك"، فـ"مال" مبتدأ، و"كم" خبرية مضاف إليها، و"رجل" تمييزها مخفوض بإضافته إليها، و"عندك" خبر مقدم.
وحاصل ما أتى به [من أمثلة] 3 ما يستحق التصدير سبعة أضرب4: ما التعجبية، ومن الاستفهامية والشرطية، وكم الخبرية، والموصول الذي في خبره الفاء، ولام الابتداء، والمضاف إلى ما في الصدر وبقي عليه ضمير الشأن نحو:[ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ] 5 [الإخلاص: 1] فإنه يلزم صدر الكلام، والإخبار بالجمل وإذا أخبر عنه بجملة لا يجوز أن تتقدم عليه6.
147- البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323، وسر صناعة الإعراب ص378، وشرح الأشموني 1/ 100، وشرح ابن عقيل 1/ 237، وشرح التسهيل 1/ 258، ولسان العرب 1/ 510 "شهرب"، والمقاصد النحوية 1/ 556.
1 في الأصل: "الأول".
2 مغني اللبيب 1/ 238.
3 سقط ما بينهما من الأصل.
4 انظر الارتشاف 2/ 42، 43.
5 سقط من "أ"، "ب"، وهو ثابت في "ط".
6 في الإنصاف 1/ 65: "ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه، مفردا كان أو جملة، فالمفرد نحو: قائم زيد، وذاهب عمرو، والجملة نحو: أبوه قائم زيد، وأخوه ذاهب عمرو. وذهب البصريون إلى أنه يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه، المفرد والجملة"، وانظر شرح ابن عقيل 1/ 227، 228.
"الحالة الثانية: التقدم: ويجب في أربع مسائل" أيضا. وفي غالب النسخ إسقاط الحالة الثانية التقدم، وإثبات1: ويمتنع: يعني تأخير الخبر في أربع مسائل:
"إحداها: أن يوقع تأخيره في لبس ظاهر، نحو: في الدار رجل"، فـ"في الدار" خير مقدم، و"رجل" مبتدأ مؤخر وجوبا، "و: عندك مال"، فـ"عندك" خبر مقدم، و"مال" مبتدأ مؤخر وجوبا، "وقصدك غلامه رجل"، فجملة "قصدك غلامه" خبر مقدم، و"رجل" مبتدأ مؤخر2. قال أبو حيان3: ولا أعلم لابن مالك سلفا في هذه الأخيرة، "وعندي أنك فاضل"، فـ"عندي" خبر مقدم، و"أنك فاضل" بفتح "أن" مبتدأ مؤخر، ولا يجوز تأخير الخبر في شيء من ذلك، "فإن تاخير الخبر في مثل هذا المثال" الأخير، وهو "عندي أنك فاضل" "يوقع في إلباس "أن" المفتوحة بـ"إن" المكسورة" لفظا، "و" إلباس ""أن" المؤكدة" المفتوحة "بـ"أن"" المفتوحة "التي بمعنى "لعل"" يعني: فإذا قدم المبتدا وأخر الخبر يصير: أنك فاضل عندي، فيحتمل أن تكون "أن" مفتوحة، وهي وصلتها مبتدأ، والظرف خبره، ويحتمل أن تكون مكسورة لكونها وقعت في ابتداء الجملة، والظرف متعلق بـ"فاضل"، وعلى الفتح يحتمل كونها مؤكدة بمعنى "لعل" لأنها أحد لغاتها، والمعنى: لعلك فاضل عندي، وهذا الإلباس لا يتأتى مع تقدم الظرف لأن "إن" المؤكدة المكسورة و"أن" التي بمعنى "لعل" لا يتقدم معمول خبرهما عليهما، "ولهذا يجوز تأخره"، أي: الخبر عن المبتدأ، "بعد: أما" الشرطية المفتوحة الهمزة المشددة الميم، كقوله:[من البسيط]
148-
عندي اصطبار "وأما أنني جزع
…
يوم النوى فلوجد كاد يبريني"
فـ"أما أنني جزع" بكسر الزاي، مبتدأ، و"يوم النوى" بالنون بمعنى: البعد والفراق، يتعلق بـ"جزع" لأنه صفة مشبهة من "الجزع" بفتحتين، وهو نقيض الصبر، و"فلوجد" جار ومجرور خبر "أنني جزع" على حد: أما زيد ففي الدار، و"يبريني" من:
1 في "ط": "والإثبات".
2 في شرح التسهيل 1/ 301: "فلولا "الكاف" من "قصدك" لم يفد الإخبار بالجملة، كما أنه لولا اختصاص الظرف والمجرور لم يفد الإخبار بهما".
3 الارتشاف 2/ 43.
148-
البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 213، والدرر 1/ 195، وحاشية يس 2/ 259، وشرح الأشموني 1/ 101، 3/ 602، وشرح شواهد المغني 2/ 661، ومغني اللبيب 1/ 270، والمقاصد النحوية 1/ 536، وهمع الهوامع 1/ 103.
بربت القلم: إذا نحته، وأصل البري: القطع، والمعنى: وأما جزعي يوم الفراق فلأجل وجد قارب أن ينحلني. وإنما جاز تأخير الخبر عن المبتدأ1 هنا "لأن "إن" المكسورة، و"أن" التي بمعنى "لعل" لا يدخلان هنا"؛ لأن كلا منهما مع معموليهما جملة تامة مستقلة، و"أما" لا تفصل من الفاء بجملة تامة، وإنما تفصل باسم مفرد أو جملة شرط دون جوابه، نحو:{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ} [الواقعة: 88، 89] ، و"تأخره"، أي: الخبر عن المبتدأ "في الأمثلة" الثلاثة "الأول"، بضم الهمزة، وهي: في الدار رجل، و: عندك مال، و: قصدك غلامه رجل، "يوقع في إلباس الخبر بالصفة"؛ لأن النكرة تطلب الظرف والجار والمجرور والجملة لتختص بها طلبا حثيثا، فلو تأخر الخبر لتوهم أنه صفة؛ لأن الجملة وشببها بعد النكرات صفات، فالتزم التقديم دفعا لهذا الإلباس، وإليه أشار الناظم بقوله:
132-
ونحو عندي درهم ولي وطر
…
ملتزم فيه تقدم الخبر
"وإنما لم يجب تقديم الخبر في نحو: {وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ} [الأنعام: 2] لأن النكرة" وهي "أجل""قد وصفت بمسمى"، فضعف طلبها للظرف، "فكان الظاهر في الظرف" وهو "عنده""أنه خبر" لـ"أجل"، "لا صفة" ثانية له2.
وفي الكشاف 3: أن تقديم المبتدأ هنا واجب؛ لأن المعنى: وأي أجل مسمى عنده، تعظيما لشأن الساعة، فلما جرى فيه هذا المعنى وجب التقديم.
المسألة "الثانية" مما يجب فيه تقديم الخبر "أن يقترن المبتدأ بـ"إلا" لفظا نحو:
135-
....................................
…
........... ما لنا إلا اتباع أحمدا"
صلى الله عليه وسلم، فـ"لنا" خبر مقدم، و"اتباع أحمدا" مبتدأ مؤخر، "أو" يقترن بـ"إلا" "معنى" نحو: إنما عندك زيد، فـ"عندك" خبر مقدم، و"زيد" مبتدأ مؤخر، وهو محصور فيه، والمعنى: ما عندك إلا زيد، وشمل ذلك قول الناظم:
135-
وخبر المحصور قدم أبدا
…
...............................
المسألة "الثالثة: أن يكون" الخبر "لازم الصدرية" بنفسه4 "نحو: أين زيد"، أو بغيره، إما مقدما عليه نحو: لقائم زيد، "أو" متأخرا عنه، وذلك إذا كان
1 سقطت من الأصل.
2 سقطت من "ط".
3 الكشاف 1/ 353.
4 خلافا للأخفش والمازني، فإنهما أجازا: زيد كيف؟ وعمرو أين؟. انظر الارتشاف 2/ 43.
الخبر "مضافا إلى لازمها" أي: الصدرية "نحو: صبيحة أي يوم سفرك" فـ"صبيحة" خبر مقدم، و"أي" اسم استفهام مضاف إليه، و"سفرك" مبتدأ مؤخر، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
134-
كذا إذا يستوجب التصديرا
…
...................................
المسألة "الرابعة: أن يعود ضمير متصل بالمبتدأ على بعض" متعلق "الخبر1، كقوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] ، فـ"أقفالها" مبتدأ مؤخر، و"على قلوب" خبر مقدم، ولا يجوز تأخيره لئلا تعود الهاء المتصلة بـ"أقفالها" على "قلوب" وهي متأخرة في الرتبة؛ لأنها بعض متعلق الخبر؛ لأن الخبر على الصحيح المتقدم هو الاستقرار، والجار والمجرور متعلق به، ومتعلق الخبر رتبته التأخير، فيعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، "و" كذا إذا عاد على مضاف إليه الخبر، نحو "قول الشاعر" وهو نصيب بالتصغير الأكبر ابن رباح، وهو عبد أسود لبني مروان لا نصيب الأصغر مولى المهدي، يخاطب امرأة:[من الطويل]
149-
أهابك إجلالا وما بك قدرة
…
علي "ولكن ملء عين حبيبها"
فـ"ملء" خبر مقدم، و"حبيبها" مبتدأ مؤخر، ولا يجوز تقديمه على الخبر2 لئلا يعود الضمير على "عين"، وقد أضيف إليها الخبر وهو متأخر في الرتبة، وتسميتها بعض الخبر مجاز، وإنما الخبر المضاف لا غير، وقول الخطيب التبريزي إن الضمير المضاف إليه المبتدأ يجوز أن يرجع إلى المرأة بعيد3، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
133-
كذا إذا عاد عليه مضمر
…
مما به عنه مبينا يخبر
ويوجد في بعض النسخ الحالة الثالثة جواز التقديم والتأخير، وذلك فيما فقد فيه موجبهما كقولك: زيد قائم فيترجح تأخيره على الأصل، ويجوز تقديمه لعدم المانع. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
128-
........................................
…
وجوزوا التقديم إذ لا ضررا
1 انظر حول هذه المسألة ما جاء في شرح ابن عقيل 1/ 240، 241، وشرح ابن الناظم ص84.
149-
البيت للمجنون في ديوانه ص71، وديوان المعاني 1/ 144، ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68، وتخليص الشواهد ص201، وسمط اللآلي ص401، وشرح التسهيل 1/ 302، والمقاصد النحوية 1/ 537، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 44، وأوضح المسالك 1/ 215، وشرح ابن الناظم ص84، وشرح الأشموني 1/ 101، وشرح ابن عقيل 1/ 241، وشرح عمدة الحافظ ص173.
2 في شرح ابن الناظم ص84: "وتأخير المبتدأ واجب؛ لأنه لو قدم لعاد الضمير معه إلى متأخر في اللفظ والرتبة". وانظر شرح ابن عقيل 1/ 242.
3 في شرح الحماسة للتبريزي 3/ 170: "والضمير من "حبيبها" للعين، وإن جعلته للمرأة جاز".
"فصل":
وما علم من مبتدأ أو خبر جاز حذفه، وإلى ذلك أشار النظم بقوله:
136-
وحذف ما يعلم جائز.......
…
.....................................
" وقد يجب" حذف المعلوم منهما1، "فأما حذف المبتدأ جوازا2 فنحو:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46]، [الجاثية: 15] ، "ويقال: كيف زيد؟ فتقول" في الجواب: "دنف"، بكسر النون، فـ"لنفسه" و"عليها" و"دنف" أخبار لمبتدآت محذوفة جوازا للعلم بها، "والتقدير: فعمله لنفسه، وإساءته عليها، وهو دنف"، أي: مريض من العشق، وطريق العلم بها أن عمله وإساءته مصدران مأخوذان من فعلهما السابق، ودخول الفاء على ما لا يصلح أن يكون مبتدأ قرينة دالة على حذفه، وأن الضمير معلوم من العائد عليه في السؤال، وذلك أشار الناظم بقوله:
137-
وفي جواب كيف زيد قل دنفن
…
فزيد استغنى عنه إذ عرف
"وأما حذفه"، أي: المبتدأ "وجوبا فإذا أخبر عنه بنعت مقطوع" عن متبوعه "لمجرد مدح، نحو: الحمد لله الحميد، أو ذم، نحو: أعوذ بالله من إبليس عدو المؤمنين، أو ترحم، نحو: مررت بعبدك المسكين"، برفع "الحميد" و"عدو" و"المسكين"، على أنها أخبار لمبتدآت محذوفة وجوبا، والتقدير: هو الحميد، هو عدو المؤمنين، هو المسكين، وإنما وجب حذفه لأنهم لما [قطعوا هذه النعوت إلى النصب التزموا إضمار الناصب أمارة على أنهم] 3 قصدوا إنشاء المدح أو الذم أو الترحم، كما فعلوا في النداء؛ إذ لو أظهروا الناصب لأوهم الإخبار، وأجروا الرفع في وجوب الحذف
1 شرح ابن الناظم ص86، 87، وشرح ابن عقيل 1/ 246.
2 في شرح التسهيل 1/ 214: "ومن حذفه عند شم طيب، أو سمع صوت، أو رؤية شبح، فيقال: مسك، وقراءة، وإنسان، بإضمار "هذا" ونحوه".
3 سقط ما بينهما من "ط".
مجرى النصب، واحترز بقوله:"لمجرد مدح...... إلخ"؛ من أن يكون النعت للإيضاح أو التخصيص، فإنه إذا قطع إلى الرفع جاز ذكر المبتدأ وحذفه، كإظهار الناصب وإضماره، "أو" أخبر عنه "بمصدر جيء به" أي: بالمصدر "بدلا"، أي: عوضا "من اللفظ بفعله" أي: بفعل المصدر، والمراد أنهم تلفظوا بالمصدر عوضا عن تلفظهم بالفعل، "نحو: سمع وطاعة1، وقوله:[من الطويل]
150-
فقالت حنان ما أتى بك ههنا"
…
أذو نسب أم أنت بالحي عارف
فـ"سمع" و"حنان" خبران لمبتدأين محذوفين وجوبا، "والتقدير: أمري حنان، وأمري سمع وطاعة"، وأصل هذه المصادر النصب بفعل محذوف وجوبا؛ لأنها من المصادر التي جيء بها بدلا من اللفظ بأفعالها2، ولكنهم قصدوا الثبوت والدوام، فرفعوها وجعلوها أخبارا عن مبتدآت محذوفة وجوبا حملا للرفع على النصب، وفاعل "قالت" مستتر عائد على المرأة المعهودة، والمعنى: إني أحن عليك أي شيء جاء بك ههنا، ألك قرابة، أم معرفة بالحي، وإنما قالت له ذلك خوفا من إنكار أهل الحي فيقتلونه3، "أو" أخبر عنه "بمخصوص بمعنى "نعم"" في إفادة المدح، "أو بئس" في إفادة الذم "مؤخر" المخصوص "عنهما"، أي: عن "نعم" و"بئس"، "نحو: نعم الرجل زيد، وبئس الرجل عمرو، إذا قدرا"، أي: زيد وعمرو "خبرين" لمبتدأين محذوفين وجوبا، كأن سامعا سمع: نعم الرجل، أو بئس الرجل، فسأل عن المخصوص بالمدح أو الذم من هو؟ فقيل له: هو زيد، وهو عمرو، أما إذا قدرا مبتدأين وخبرهما الجملة قبلهما، أو محذوف
1 أي: أمري سمع وطاعة، انظر شرح ابن الناظم ص86.
150-
البيت لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112، وشرح أبيات سيبويه 1/ 235، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 29، 208، وأمالي الزجاج ص131، وأوضح المسالك 1/ 217، والدرر اللوامع 1/ 412، وشرح ابن الناظم ص86، وشرح الأشموني 1/ 106، وشرح التسهيل 1/ 287، وشرح عمدة الحافظ ص190، وشرح المفصل 1/ 118، والصاحبي في فقه اللغة ص255، والكتاب 1/ 320، 349، واللسان 13/ 129 "حنن"، والمقاصد النحوية 1/ 539، والمقتضب 3/ 225، وهمع الهوامع 1/ 189.
2 في شرح ابن الناظم ص86: "قال سيبويه: وسمعت ممن يوثق بعربيته يقال له: كيف أصبحت؟ فقال: حمد الله وثناء عليه. أي: حالي حمد الله". وانظر الكتاب 1/ 319، 320، وشرح التسهيل 1/ 288.
3 في "ب": "فيغتالوه".
على رأي عصفور1 فليسا مما نحن فيه، "فإن كان" المخصوص "مقدما" عنهما، أي: نعم أو بئس، "نحو: زيد نعم الرجل"، وعمرو بئس الرجل، "فمبتدأ"، أي: فهو مبتدأ "لا غير"، والجملة بعده خبره، والرابط بينهما العموم الذي في "الرجل".
"ومن ذلك"، أي: من حذف المبتدأ وجوبا "قولهم: من أنت زيد" بالرفع، فـ"زيد" خبر لمبتدأ محذوف وجوبا، "أي: مذكورك زيد، وهذا" التقدير "أولى من تقدير سيبويه: كلامك زيد"2؛ لأن المعاني لا يخبر عنها بالذوات؛ ولأن "زيدا" ليس بكلام لعدم تركيبه. وأجيب بأنه من باب إطلاق الكلام على المفرد، وهو جائز لغة، كما جاء عكسه وهو إطلاق الكلمة على الكلام، والمعنى على التقديرين: أن شخصا ذكر زيدا وهو ليس أهلا لذكره، فقيل له: من أنت زيد، برفع "زيد" ونصبه، فالرفع على ما مر، والنصب بفعل محذوف وجوبا، والتقدير: من أنت تذكر زيدا، ومن ثم قال ابن طاهر في الرفع والتقدير: مذكورك زيد، فيكون المقدر في الرفع من لفظ المقدر في النصب، والتزم حذف الرافع، كما التزم الناصب، نص عليه سيبويه2، وأفاد ذلك تعظيم زيد وإجلاله، وتحقير المخاطب وإذلاله.
"و" من حذف المبتدأ وجوبا "وقولهم: في ذمتي" لأفعلن"، فـ"في ذمتي" خبر لمبتدأ محذوف وجوبا لسد جواب القسم مسده، "أي: في ذمتي ميثاق أو عهد"، ذكره أبو علي3.
"وأما حذف الخبر جوازا فنحو: خرجت فإذا الأسد" فـ"الأسد" مبتدأ وخبره محذوف جوازا، "أي: حاضر"؛ لأن "إذا" الفجائية تشعر بالحضور، "ونحو: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35] ، فـ"ظلها" مبتدأ، وخبره محذوف جوازا لدلالة ما قبله عليه، "أي: كذلك"، أي: دائم، "ويقال: من عندك؟ فتقول زيد"، فـ"زيد" مبتدأ، وخبره محذوف جوازا لدلالة "من" عليه، "أي: عندي"، وإليه أشار الناظم بقوله:
136-
..................... كما
…
تقول زيد بعد من عندكما
1 في مغني اللبيب "785": "وجوّز ابن عصفور في المخصوص المؤخر أن يكون مبتدأ حذف خبره، ويرده أن الخبر لا يحذف وجوبا إلا إن سد شيء مسده"، وانظر شرح ابن الناظم ص89.
2 الكتاب 1/ 321.
3 شرح التسهيل 1/ 88.
ويقال: ما عندك؟ فتقول: درهم، أي: عندي درهم، فيقدر الخبر متأخرا. قال ابن مالك1:"ولا يجوز أن يكون التقدير: عندي درهم إلا على ضعف؛ لأن الجواب ينبغي أن يسلك به مسلك السؤال، والمقدم في السؤال هو المبتدأ، فيكون هو المقدم في الجواب؛ ولأن الأصل تأخير الخبر، فترك في مثل: عندي درهم؛ لأن التأخير يوهم الوصفية، وذلك مأمون فيما هو جواب، فلم يعدل عن الأصل بلا سبب" ا. هـ. فإن قلت: إذا قدر الخبر متأخرا فما سوغ الابتداء بدرهم؟. قلت: كونه جوابا للاستفهام.
"وأما حذفه"، أي: الخبر "وجوبا، ففي أربع مسائل:
إحداها: أن يكون" الخبر "كونه مطلقا، والمبتدأ" واقع "بعد: لولا" الامتناعية، والمراد بالكون الوجود، وبالإطلاق عدم التقييد بأمر زائد على الوجود، وإيضاح ذلك أن يقال: إن كان امتناع الجواب لمجرد وجود المبتدأ فالخبر كون مطلق، "نحو: لولا زيد لأكرمتك"، فـ"الإكرام" ممتنع لوجود "زيد"، فـ"زيد" مبتدأ، وخبره محذوف وجوبا، وهو كون مطلق، "أي: لولا زيد موجود"، وإن كان امتناع الجواب لمعنى زائد على وجود المبتدأ؛ فالخبر كون مقيد، كما إذا قيل: هل زيد محسن إليك؟ فتقول: لولا زيد لهلكت، تريد: لولا إحسان زيد إلي لهلكت، فـ"الهلاك" ممتنع لـ"إحسان زيد"، فالخبر كون مقيد بـ"الإحسان"، وإنما حذف الخبر بعد "لولا" إذا كان كونا مطلقا؛ لأنه معلوم بمقتضى "لولا" إذ هي دالة على امتناع لوجود، والمدلول على امتناعه هو الجواب، والمدلول على وجوده هو المبتدأ، فإذا قيل: لولا زيد لأكرمتك، لم يشك في أن وجود "زيد" منع من "الإكرام"، فصح الحذف لتعيين المحذوف، وإنما وجب لسد الجواب مسده وحلوله محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
138-
وبعد لولا غالبا حذف الخبر
…
حتم..............................
"فلو كان" الخبر "كونا مقيدا"، بمعنى زائد على الوجود "وجب ذكره إن فقد دليله، كقولك: لولا زيد سالمنا ما سلم" من القتل، فـ"زيد" مبتدأ، وجملة "سالمنا" خبره، وهو كون مقيد؛ لأن وجود "زيد" مقيد بـ"المسألة"، ولا دليل يدل على خصوصيتها، فلذلك وجب ذكره، "وفي الحديث" خطابا لعائشة رضي الله عنها "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" 2، وحكاه في المغني3
1 شرح التسهيل 1/ 295.
2 أخرجه البخاري في العلم برقم 126، وأعاده في الحج برقم 1506، 1509، وأخرجه مسلم في الحج باب نقض الكعبة برقم 1333، والحديث من شواهد أوضح المسالك 1/ 221، ومغني اللبيب 1/ 272، وهو في النهاية في غريب الحديث 1/ 350 "حدث".
3 مغني اللبيب 1/ 272 "360".
بلفظ: "لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة" فـ"قومك" مبتدأ، و"حديثو" خبره، وهو كون مقيد بـ"الحداثة"، "وجاز الوجهان" وهما: ذكر الخبر وحذفه، "إن وجد الدليل" الدال عليه، "نحو: لولا أنصار زيد حموه ما سلم"، فـ"حموه" خبر "أنصار" وهو كون مقيد بـ"الحماية"، والمبتدأ دال عليها، إذ من شأن الناصر أن يحمي من ينصره، "ومنه قول أبي العلاء" أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي "المعري" في وصف السيف: [من الوافر]
151-
يذيب الرعب منه كل عضب
…
"فلولا الغمد يمسكه لسالا"
فـ"يمسكه" خبر "الغمد"، وهو كون مقيد بـ"الإمساك"، والمبتدأ دال عليه، إذ من شأن غمد السيف إمساكه، و"يذيب" نقيض "يجمد" ومعناه: يسيل، و"الرعب" بضم الراء وسكون العين المهملة: الخوف، فاعل "يذيب" و"كل عضب" مفعوله، وهو بعين مهملة فضاد معجمة ساكنة فموحدة وهو: السيف القاطع، و"الغمد" بكسر الغين المعجمة: غلاف السيف، و"الإسالة": إيجاد السيلان، والهاء في "يمسكه" عائدة على "كل عضب"1. قال الموضح في شرح الشواهد2: والمعنى أن هذا السيف تفزع منه السيوف، فلولا أن أغمادها تمسكها لسالت لذوبانها من فزعها منه. ا. هـ.
وهذا التفصيل مذهب الرماني وابن الشجري والشلوبين وابن مالك، وإليه أشار في النظم بقوله: غالبا. "وقال الجمهور: لا يذكر الخبر بعد "لولا"" أصلا، بناء عندهم على أنه لا يكون إلا كونا مطلقا. "وأوجبوا جعل الكون الخاص"، أي: المقيد "مبتدأ فيقال" في: لولا زيد سالمنا ما سلم: "لولا مسالمة زيد إيانا، أي: موجودة"، ويقال في: لولا أنصار زيد حموه ما سلم: لولا حماية أنصار زيد إياه، أي: موجودة. "ولحنوا المعري" في قوله: فلولا الغمد يمسكه3. قال الموضح في المغني4: وليس؛ يعني التلحين؛
151- البيت لأبي العلاء المعري في الارتشاف 2/ 31، وأوضح المسالك 1/ 221، والجنى الداني ص600، والدرر 1/ 196، ورصف المباني 295، وشرح ابن الناظم ص87، وشرح التسهيل 1/ 276، وبلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 102، وشرح ابن عقيل 1/ 251، ومغني اللبيب 1/ 273، والمقرب 1/ 84.
1 في شرح ابن الناظم ص88: "ولو قيل في الكلام: "لولا الغمد لسال" لصح، ولكنه آثر ذكر الخبر، رفعا لإيهام تعليق الامتناع على نفس الغمد بطريق المجاز".
2 أي: في كتابه تخليص الشواهد ص209.
3 في حاشية يس 1/ 179: "ظاهر قوله: لحنوا، أن الجمهور جميعهم وقع منهم ذلك".
4 مغني اللبيب 1/ 273.
بجيد، لاحتمال تقدير "يمسكه" بدل اشتمال [من "الغمد"] 1 على أن الأصل: أن يمسكه، ثم حذفت "أن" فارتفع الفعل، أو تقدير "يمسكه" جملة معترضة، [أي: بين المبتدأ والخبر المحذوف] 1. ا. هـ. وفي الاحتمال الأول نظر، فقد قال الموضح نفسه في شرح شواهد ابن الناظم في:[من الرجز]
152-
من لد شولا....................
قدره سيبويه: من لد أن كانت2. واعترض عليه في تقديره "أن" أنه يلزم منه حذف بعض الاسم، وبقاء بعضه، هذا كلامه، ومن خطه نقلت.
وبهذا يعترض أيضا على الدماميني في قوله: ويحتمل أن يخرج على حذف "أن" الناصبة للاسم، الرافعة للخبر، والأصل: فلولا أن الغمد يمسكه، فحذفت، وارتفع الاسم بعدها. ا. هـ. [وهذا أقعد في الرد من قول الشمني، ردا لتخريج الدماميني، وهذا التخريج غير متأت في بيت المعري لكونه من المولدين، فيقال له: لا خصوصية بهذا لتخريج الدماميني، بل يقال ذلك في تخريج الموضح أيضا]3. ولا يجوز أن يكون "يمسكه" حالا من الخبر المحذوف؛ لأنهم لا يذكرون الحال بعد "لولا" لأنها خبر في المعنى، نقله الموضح في المغني4 عن الأخفش، وأقره5. "وقالوا: الحديث المتقدم مروي بالمعنى"، لا باللفظ، قال ابن أبي الربيع6: لم أر هذه الرواية؛ يعني بهذا اللفظ؛ من طريق صحيح. والروايات المشهورة في ذلك: لولا حدثان قومك، لولا حداثة قومك، لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، ونحو ذلك، نقله المرادي في شرح النظم7.
1 ما بين المعقوفتين زيادة من "ط".
152-
تمام الرجز: "من لد شولا فإلى إتلائها"، وهو بلا نسبة في ارتشاف الضرب 2/ 266، وشرح ابن الناظم ص101، وشرح التسهيل 1/ 365، 3/ 130، وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35، والكتاب 1/ 264، واللسان 13/ 384 "لدن"، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 2/ 51، وهمع الهوامع 1/ 122.
2 الكتاب 1/ 265.
3 سقط بين المعقوفتين من الأصل، وهو إضافة من "ب" و"ط".
4 مغني اللبيب 1/ 273.
5 في الارتشاف 2/ 31، 32:"وزعم الأخفش أنه إن ورد خبر لمبتدأ بعد "لولا" كان شاذا أو ضرورة، وهو منبه على الأصل".
6 في كتابه البسيط في شرح الجمل 1/ 594، 595.
7 شرح المرادي 1/ 289.
وما ذكره الموضح من أن الاسم المرفوع بعد "لولا" مبتدأ؛ هو الصحيح عند البصريين. وذهب الكوفيون إلى أنه فاعل بفعل محذوف، وقيل: هو مرفوع بـ"لولا"1، وسيأتي.
المسألة "الثانية: أن يكون المبتدأ صريحا في القسم"، بمعنى: أنه لا يستعمل إلا في القسم قبل ذكر المقسم عليه، "نحو: لعمرك"، بفتح العين، من عمر الرجل، بكسر الميم، إذا عاش زمنا طويلا، ثم استعمل في القسم مرادا به الحياة، أي: وحياتك، "لأفعلن، وأيمن الله"، بفتح الهمزة وضم الميم، من اليمن، وهو البركة، أي: وبركة الله لأفعلن، فـ"عمرك" و"أيمن الله" مبتدآن، حذف خبراهما وجوبا، "أي: لعمرك قسمي، وأيمن الله يميني"، وإنما وجب حذفه لسد جواب القسم مسده، "فإن قلت" عهد الله لأفعلن، جاز إثبات الخبر" وحذفه "لعدم الصراحة في القسم" به؛ لأن "عهد الله" غير ملازم للقسم، إذ يستعمل في غيره، نحو: عهد الله يجب الوفاء به، ولا يفهم منه القسم إلا بذكر المقسم عليه.
"وزعم ابن عصفور أنه يجوز في نحو: لعمرك لأفعلن، أن يقدر: لقسمي عمرك، فيكون من حذف المبتدأ2".
والأول أولى؛ لأنه إذا دار الحذف بين أن يكون من الصدور الأوائل أو من الأعجاز الأواخر فالحمل على الأواخر أولى؛ لأنها هي محل التغيير غالبا؛ ولأن دخول اللام على شيء واحد لفظا وتقديرا أولى من جعلها داخلة في اللفظ على شيء وفي التقدير على شيء آخر، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:
138-
....................................
…
........... وفي نص يمين ذا استقر
المسألة "الثالثة: أن يكون المبتدأ معطوفا عليه اسم بواو وهي نص في المعية، نحو: كل رجل وضيعته" بالضاد المعجمة، وهي الحرفة، سميت بذلك لأن صاحبها يضيع بتركها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
139-
وبعد واو عينت مفهوم مع
…
كمثل "كل صانع وما صنع"
فـ"كل" مبتدأ، و"صانع" مضاف إليه، و"ما صنع" معطوف على المبتدأ،
1 انظر الإنصاف 1/ 70.
2 في الارتشاف 2/ 32: "وأجاز ابن عصفور في نحو: يمين الله، أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، وأن يكون خبرا محذوف المبتدأ، وقدره: قسمي يمين الله، فإن كان القسم به قد يستعمل لغير القسم كان حذف الخبر جائز، نحو: علي عهد الله لأفعلن".
والخبر محذوف وجوبا، أي: مقرونان، وإنما حذف لدلالة الواو وما بعدها على المصاحبة والاقتران، وإنما وجب الحذف لقيام الواو مقام "مع" ولو جيء بـ"مع"[مكان الواو] 1 كان كلاما تاما، "ولو قلت: زيد وعمرو، وأردت الإخبار باقترانهما جاز حذفه"، أي: الخبر اعتمادا على أن السامع يفهم من اقتصارك على ذكر المتعاطفين معنى الاقتران والاصطحاب، "و" جاز "ذكره" لعدم التنصيص على المعية2، "قال" الفرزدق: [من الطويل]
153-
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى
…
"وكل امرئ والموت يلتقيان"
فآثر ذكر الخبر وهو "يلتقيان" و"يشعب" بفتح العين المهملة: يفرق، وما ذكره الموضح هو قول جمهور البصريين.
"وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو: كل رجل وضيعته، مستغن عن تقدير الخبر؛ لأن معناه مع ضيعته"، وذلك كلام تام لا يحتاج إلى شيء آخر3، والبيت ضرورة.
المسألة "الرابعة: أن يكون المبتدأ إما مصدرا" صريحا "عاملا في اسم مفسر"، بكسر السين، "لضمير" بالتنوين، متعلق بمفسر "ذي حال"، نعت لضمير "لا يصح كونها"، أي: الحال "خبرا عن المبتدأ المذكور، نحو: ضربي زيدا قائما"، فـ"ضربي" مبتدأ، وهو مصدر مضاف إلى فاعله، و"زيدا" مفعوله، و"قائما" حال من ضمير يفسره "زيد"، وهذه الحال لا يصح جعلها خبرا عن "ضربي" لأن الخبر وصف في المعنى، و"الضرب" لا يوصف بالقيام. فلا يقال: ضربي قائم: وإما مصدرا مؤولا، نحو: أن ضربت، أو: أن تضرب زيدا قائما، على رأي بعض الكوفيين.
"أو" يكون المبتدأ اسم تفضيل "مضافا إلى المصدر المذكور، نحو: أكثر شربي السويق ملتوتا"، فـ"أكثر" اسم تفضيل مبتدأ، مضاف إلى مصدر عامل في اسم مفسر لضمير ذي حال لا يصح كونها خبر عنه.
"أو" مضافا "إلى" شيء "مؤول بالمصدر المذكور، نحو: أخطب ما يكون
1 إضافة من "ط".
2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 253، وشرح التسهيل 1/ 277، وشرح ابن الناظم ص88.
153-
البيت للفرزدق في المقاصد النحوية 1/ 543، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 224، وتخليص الشواهد ص211، وخزانة الأدب 6/ 283، وشرح ابن الناظم ص88، وشرح الأشموني 1/ 145.
3 في شرح ابن عقيل 1/ 253: "واختار هذا المذهب ابن عصفور في شرح الإيضاح".
الأمير قائما"، فـ"أخطب" اسم تفضيل مبتدأ مضاف إلى مؤول بالمصدر، وهو "ما" والفعل، أي: أخطب كون الأمير قائما. "وخبر ذلك" كله في الأمثلة السابقة "مقدر بـ"إذ كان"" إن أريد الماضي، "أو "إذا كان" إن أريد المستقبل "عند" سيبويه وجمهور "البصريين"1، فيكون الخبر ظرف زمان متعلقا بمحذوف، والتقدير: حاصل إذ كان، أو إذا كان، فـ"حاصل" خبر، و"إذ" أو "إذا" ظرف للخبر مضاف إلى "كان" التامة، وفاعلها مستتر فيها عائد على مفعول المصدر، و"قائما" و"ملتوتا" حالان من الضمير المستتر في "كان"، وإنما لم تجعل "كان" ناقصة، والمنصوب خبرها لوجهين:
أحدهما: التزام تنكيره، فإنهم لا يقولون: ضربي زيدا القائم.
والثاني: وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كالحديث:"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" 2، قاله ابن الناظم3.
"و" مقدر "بمصدر مضاف إلى صاحب الحال عند الأخفش، واختاره الناظم" في التسهيل4 لقلة الحذف مع صحة المعنى، "فيقدر" الخبر "في: ضربي زيدا قائما: ضربه قائما"، وفي: أكثر شربي السويق ملتوتا: شربه ملتوتا، وفي: أخطب ما يكون الأمير قائما: كونه قائما، فالمصدر الثاني هو الخبر، وفاعله محذوف، والهاء المضاف إليها مفعوله، وهي صاحبة الحال، وهذا وإن كان أقل حذفا من الأول غير مرضي عند سيبويه وجمهور البصريين لما فيه من حذف المصدر وإبقاء معموله، وهو لا يجوز عندهم؛ ولأن تقدير الظرف يناسب الحال5. قال ابن عصفور6: وإنما صح للحال أن تسد مسد الخبر؛ لأنها بمنزلة الظرف في المعنى، ألا ترى أنه لا فرق بين: ضربي زيدا قائما، و: ضربي زيدا وقت قيامه، فكل منهما سد مسد الخبر، وكل منهما على معنى "في" والظرف يسد مسد الخبر، فكذا الحال. ا. هـ.
1 انظر الارتشاف 2/ 35، والكتاب 1/ 402.
2 أخرجه النسائي 1/ 245، كتاب الصلاة، باب أقرب ما يكون العبد من الله.
3 شرح ابن الناظم ص89.
4 التسهيل ص45، وشرح التسهيل 1/ 278.
5 انظر الارتشاف 2/ 35، والكتاب 1/ 402.
6 المقرب 1/ 85.
وقيل: الخبر نفس الحال، كما قيل به في الظرف، وقيل: الحال أغنت عنه، كما أغنى مرفوع الوصف عن الخبر، والصحيح أن الخبر محذوف وجوبا لسد الحال مسده؛ كما نبه عليه الناظم بقوله:
140-
وقبل حال لا يكون خبرا
…
عن الذي خبره قد أضمرا
واحترز الموضح بقوله: عاملا في اسم مفسر لضمير ذي حال من أن يكون المصدر عاملا في صاحب الحال نفسه، فإن الحال لا يسد مسد الخبر حينئذ، نحو: ضربي زيدا قائما شديد، فإن "قائما" حال من "زيد"، والعامل فيها هو العامل في "زيد" وهو "ضربي"، فلا يغني عن الخبر؛ لأنها من صلة المصدر، وشمل قوله: عاملا في اسم مفسر، كون المفسر مفعولا، كما مثل، وكونه فاعلا في المعنى، نحو: قيام زيد ضاحكا، قاله المرادي في شرح التسهيل.
واحترز بقوله: لا يصح كونها خبرا عن المبتدأ عما إذا صحت فإنه "لا يجوز: ضربي زيدا شديدا"، بالنصب "لصلاحية الحال للخبرية، فالرفع" لـ"شديد""واجب"؛ لأنه وصف لـ"الضرب" لا لـ"زيد"، وقيل: إنما وجب الرفع لعدم احتياجه إلى إضمار، وهو مشكل غايته أن يكون راجحا، كما في: زيد ضربته، "وشذ قولهم" لرجل حكموه عليهم، وأجازوا حكمه:"حكمك مسمطا"، بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الميم وفي آخره طاء مهملة، أي: مثبتا، وكان القياس رفعه لصلاحيته للخبرية، ولكنه نصب على الحالية، والخبر محذوف، "أي: حكمك لك مثبتا"، أي: نافذا، وشذوذه من وجهين:
أحدهما: النصب مع صلاحية الحال للخبرية.
والثاني: أن الحال ليست من ضمير معمول المصدر، وإنما صاحب الحال ضمير المصدر المستتر في الخبر، ولا يصح أن يكون الحال من الكاف المضاف إليها في:"حكمك" لأن الذوات لا توصف بالنفوذ، وأشذ منه قراءة علي كرم الله وجهه "وَنَحْنُ عُصْبَةً" [يوسف: 14] بالنصب1، مع انتفاء المصدرية بالكلية، فـ"عصبة" حال من ضمير الخبر، والتقدير: ونحن نجتمع عصبة.
1 انفرد الإمام علي بهذه القراءة. انظر البحر المحيط 5/ 283، ومختصر ابن خالويه ص62، وشرح ابن الناظم ص89.
"فصل":
"والأصح جواز تعدد الخبر" لفظا ومعنى لمبتدأ واحد؛ لأن الخبر كالنعت، فيجوز تعدده، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
142-
وأخبروا باثنين أو بأكثرا
…
عن واحد..........
سواء اتفقا إفرادا، أو جملة أو اختلفا. فالأول "نحو: زيد شاعر"، أي: ناظم، "كاتب" أي: ناثر؛ يعني أنه ينظم الكلام وينثره. والثاني نحو: زيد قام ضحك. والثالث: زيد قاعد ضحك وعكسه.
"والمانع" لجواز التعدد كابن عصفور "يدعي تقدير "هو" للثاني" من الخبرين، "أو" يدعي "أنه"، أي: المبتدأ "جامع للصفتين"، الشعر والكتابة، "لا الإخبار بكل منهما" على انفراده لوجود التعدد لفظا ومعنى، نص على ذلك ابن عصفور في المقرب1 وشرحي الجمل، "وليس من تعدد الخبر" لواحد "ما ذكره ابن الناظم" في شرح النظم2 "من قوله" وهو طرفة، على ما قيل:[من المتقارب]
154-
"يداك يد خيرها يرتجى
…
وأخرى لأعدائها غائظه"
بل من تعدد الخبر لمبتدأ متعدد في نفسه حقيقة؛ "لأن "يداك" في قوة مبتدأين لكل منهما خبر"، على حدته؛ لأن التحقيق أن العطف ليس من التعدد، وقول أبيه في التسهيل3: بعطف وغير عطف، منتقد عليه. وليس من تعدد الخبر لفظا ومعنى ما ذكره ابن الناظم أيضا، "من نحو قولهم4: الرمان حلو حامض"، بل من تعدد الخبر لفظا لا
1 المقرب ص86.
2 شرح ابن الناظم ص91.
154-
البيت لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155، والمقاصد النحوية 1/ 572، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18، وأوضح المسالك 1/ 228، وتخليص الشواهد ص212، وخزانة الأدب 1/ 133، وشرح ابن الناظم ص90، وشرح الأشموني 1/ 106، وشرح التسهيل 1/ 140، 326، ولسان العرب 7/ 454 "غيظ".
3 التسهيل ص50.
4 شرح ابن الناظم ص90.
معنى؛ "لأنهما بمعنى خبر واحد، أي: مز"، وضابطه أن يكون المخبر عنه مشتملا على طرف من كل من الخبرين، لا عليهما معا، ألا ترى أن "المز" ليس تام الحلاوة، ولا تام الحموضة، ولكنها بينهما، "ولهذا"، أي: ولأجل كونهما في معنى خبر واحد "يمتنع العطف" للثاني "على" الأول على "الأصح"؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، فلا يقال: الرمان حلو وحامض، خلافا للفارسي في أحد قوليه1.
"و" يمتنع أيضا "أن يتوسط المبتدأ بينهما"، وأن يتقدما على المبتدأ على الأصح فيهما عند الأكثرين، قاله في البديع. فلا يقال: حلو الرمان حامض، ولا حلو حامض الرمان، وليس الثاني بدلا؛ لأنه ليس المراد أحدهما، بل كلاهما، ولا صفة لامتناع وصف الشيء بمناقضه، ونقل عن الأخفش جواز كونه وصفا للأول على معنى: حلو فيه حموضة، والصفة توصف إذا نزلت منزلة الجامد، نحو: مررت بالضارب العاقل. ورد بأن الصفة كالفعل، وهو لا يوصف، ولو صح هذا؛ أي: الرد؛ لم يصح التصغير، وهو جائز بلا خلاف. قاله الموضح في شرح بانت سعاد2.
ولا خبر مبتدأ محذوف؛ لأن المراد أنه جمع الطعمين، وهل في كل منهما ضمير أو لا ضمير فيهما، أو في الثاني فقط أقوال، اختار أبو حيان أولها3، وصاحب البديع ثانيها، والفارسي ثالثها، ونظير ثمرة الخلاف في تحملهما، أو تحمل أحدهما في نحو: هذا البستان حلو حامض رمانه، فإن قلنا: لا يتحمل الأول ضميرا، تعين رفع "رمانه" بالثاني، وإن قلنا: إنه يتحمل فيجوز أن يكون من باب التنازع في السببي المرفوع على القول به، وليس من تعدد الخبر ما ذكره ابن الناظم4 أيضا "من نحو:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ" فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 39] ؛ "لأن الثاني تابع" بالعطف بالواو علة ما قبله، والأصل: والذين كذبوا بآياتنا بعضهم صم وبعضهم بكم، فحذف المبتدآن، وبقي خبراهما، فعطف أحدهما على الآخر.
1 في شرح ابن الناظم ص90: "أجاز فيه أبو علي الفارسي، العطف".
2 شرح بانت سعاد ص53.
3 الارتشاف 2/ 64.
4 شرح ابن الناظم ص90.