المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المفعول المطلق ‌ ‌مدخل … باب المفعول المطلق: "هذا باب المفعول المطلق": "أي: الذي يصدق - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ١

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[خطبة المؤلف] :

- ‌[شرح خطبة الكتاب] :

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌مدخل

- ‌باب شرح المعرب والمبني

- ‌مدخل

- ‌باب النكرة والمعرفة

- ‌مدخل

- ‌فصل في المضمر

- ‌باب العلم

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الإشارة

- ‌مدخل

- ‌باب الموصول

- ‌مدخل

- ‌باب المعرف بالأداة

- ‌مدخل

- ‌باب المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

- ‌مدخل

- ‌باب أفعال المقاربة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحرف الثمانية

- ‌مدخل

- ‌باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

- ‌مدخل

- ‌باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة:

- ‌باب الفاعل:

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب الاشتغال:

- ‌باب التعدي واللزوم

- ‌مدخل

- ‌باب التنازع في العمل

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول المطلق

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول له:

- ‌باب المفعول فيه

- ‌مدخل

- ‌المفعول معه

- ‌مدخل

- ‌باب المستثنى

- ‌مدخل

- ‌باب الحال

- ‌مدخل

- ‌باب التمييز

- ‌مدخل

- ‌باب حروف الجر

- ‌مدخل

- ‌باب الإضافة

- ‌مدخل

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب المفعول المطلق ‌ ‌مدخل … باب المفعول المطلق: "هذا باب المفعول المطلق": "أي: الذي يصدق

‌باب المفعول المطلق

‌مدخل

باب المفعول المطلق:

"هذا باب المفعول المطلق":

"أي: الذي يصدق عليه قولنا: مفعول" بغير صلة "صدقا" منصوب بيصدق "غير مقيد" صفة "صدقًا""بالجار" حرف أو اسم، متعلق بمقيد؛ بخلاف بقية المفاعيل فإن صدق المفعولية عليها مقيد بالجار كالمفعول به، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، وهذه التسمية للبصريين1.

وأما غيرهم2 فلا يسمى مفعولًا إلا المفعول به خاصة، ويقول في غيره: مشبه بالمفعول، قال الموضح في الحواشي3.

"و" المفعول المطلق: "هو اسم يؤكد عامله"، فيفيد ما أفاده العامل من الحدث من غير زيادة على ذلك. "أو يبين نوعه"، أي: نوع العامل، فيفيده زيادة على التوكيد "أو" يبين "عدده" أي:

عدد العامل، فيفيد عدد مرات العامل زيادة على التوكيد، "وليس" هو "خبرا" عن مبتدأ "ولا حالا" من غيره "نحو: ضربت ضربًا، أو" ضربت "ضرب الأمير، أو" ضربت "ضربتين"، فالأول مثال لما يؤكد عامله، والثاني مثال لما يبين نوعه، والثالث مثال لما يبين عدده "بخلاف نحو": "ضربك ضربتان" و"ضربك ضرب أليم" فإه وإن بين العدد في الأول، والنوع في الثاني لوصفه بـ"أليم" فهو خبر عن "ضربك" فلا يكون مفعولًا مطلقًا، "و" بخلاف "نحو: {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 10] فإنه وإن كان توكيدًا لعامله فهو حال من الضمير المستتر في عامله فلا يكون مفعولًا مطلقًا.

وإلى أن المفعول المطلق يفيد المعاني الثلاثة أشار الناظم بقوله:

288-

توكيدا أو نوعا يبين أو عدد

...................................

1 همع الهوامع 1/ 165.

2 أي: الكوفيون، كما في همع الهوامع 1/ 165.

3 انظر شرح شذور الذهب ص266.

ص: 490

"وأكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرًا" كما تقدم من الأمثلة، "والمصدر" كما قال الناظم:

286-

.... اسم ما سوى الزمان من

مدلولي الفعل......................

وهو "اسم الحدث الجاري على الفعل"، وليس علمًا ولا مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة كما قاله الموضح في باب إعمال المصدر1.

"وخرج بهذا القيد" وهو الجريان على الفعل "نحو""غسلا" و"وضوءًا" و"عطاء" من قولك: ""اغتسل غسلًا" و"توضأ وضوءًا" و"أعطى عطاء" فإن هذه" الثلاثة "أسماء مصادر" وليست مصادر لعدم جريانها على أفعالها؛ لأن "اغتسل" قياس مصدره الجاري عليه "الاغتسال"، و"توضأ" قياس مصدره الجاري "التوضؤ"، و"أعطي" قياس مصدره الجاري عليه "الإعطاء".

وخرج بقولنا: وليس علما، نحو "حماد" علمًا للمحمدة، وبقولنا: ليس مبدوءًا بميم زائدة لغير المفاعلة نحو: "مقتل" بمعنى القتل فإنها من أسماء المصادر، والفرق بين المصدر واسمه أن المصدر يدل على الحدث بنفسه واسم المصدر يدل على الحدث بواسطة المصدر، فمدلول المصدر معنى، ومدلول اسم المصدر لفظ المصدر.

وسمي المصدر مصدرًا؛ لأن فعله صدر عنه؛ أي: أخذ منه، كمصدر الإبل للمكان الذي ترده ثم تصدر عنه2.

"و" المصدر المنصوب على المفعولية المطلقة "عامله إما مصدر مثله" لفظًا ومعنى "نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} "[الإسراء: 63] ، فـ"جزاء" مفعول مطلق، وعامله "جزاؤكم"، وهو مصدر مثله، أو لا معنى لا لفظًا نحو:"أعجبني إيمانك تصديقًا"، وقول الجرمي: لا يعمل المصدر في المصدر مردود بالآية ونحوها.

"أو ما اشتق" لفظه "منه من فعل" غير تعجبي ولا ناقص ولا ملغى عن العمل "نحو: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} "[النساء: 164] ، وخرج عنه فعل التعجب، فلا يقال:"ما أحسن زيدًا حسنًا"، والأفعال الناقصة فلا يقال:"كان زيد قائمًا كونا"، والأفعال الملغاة فلا يقال:"زيد قائم ظننت ظنا".

"أو" من "وصف" اسم فاعل أو مفعول أو للمبالغة دون اسم التفضيل والصفة المشبهة، فاسم الفاعل "نحو:{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصافات: 1] ، واسم المفعول

1 أوضح المسالك 3/ 200، 201.

2 انظر الإنصاف 1/ 235، المسألة رقم 28.

ص: 491

نحو: "الخبز مأكول أكلا" وأمثله المبالغة نحو: "زيدًا ضراب ضربًا"، ولا يجوز:"زيد حسن وجهه حسنًا"، ولا "أقوم منك قياما"، وأما قوله:[من البسيط]

390-

أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم

لؤما وأبيضهم سربال طباخ

فـ"لؤما" منصوب محذوف، قاله صاحب البديع، وإلى ناصب المفعول المطلق أشار الناظم بقوله:

287-

بمثله أو فعل أو وصف نصب

....................................

وما ذكره من أن الفعل والوصف مشتقان من المصدر هو الصحيح من مذهب البصريين، وإليه يرشد قوله الناظم:

287-

..................

وكونه أصلًا لهذين انتخب

"وزعم بعض البصريين" كالفارسي، واختاره الشيخ عبد القاهر "أن الفعل أصل للوصف" فيكون فرع الفرع.

"وزعم الكوفيون أن الفعل أصل لهما" أي: للمصدر والوصف.

وزعم ابن طلحة أن الفعل والمصدر أصلان، وليس أحدهما مشتقا من الآخر1.

والصحيح الأول؛ لأن الفرع لا بد فيه من معنى الأصل وزيادة، والفعل يدل على الحدث والزمان، والصفة تدل على الحدث والموصوف ولا دلالة لهما على الزمان المعين2.

390- البيت لصدره روايات مختلفة، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص18، ولسان العرب 7/ 124، "بيض"، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 139، وأمالي المرتضى 1/ 92، والإنصاف 1/ 149، وخزانة الأدب 8/ 230، وشرح المفصل 6/ 93، واللسان 7/ 123 "بيض"، 15/ 96، "عمى"، والمقرب 1/ 73، وأساس البلاغة "طبخ".

1 ورد هذا الرأي والذي قبله دون نسبة إلى قائل في الارتشاف 2/ 202، وهمع الهوامع 1/ 186.

2 انظر الإنصاف 1/ 235، المسألة رقم 28.

ص: 492

"فصل":

"ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلق ما يدل على المصدر من صفة" له "كـ: سرت أحسن السير" والأصل سرت السير أحسن السير، فحذف الموصوف لدلالة إضافة صفته إلى مثله عليه، ونابت صفته منابه، وانتصبت انتصابه. "و: اشتمل الصماء"، والأصل الشملة الصماء، فحذف الموصوف ونابت صفته منابه. "و: ضربته1 ضرب الأمير اللص، إذ الأصل: ضربا مثل ضرب الأمير اللص، فحذف الموصوف" وهو "ضربًا" "ثم المضاف" وهو "مثل" وصح وقوعه نعتًا للنكرة وإن أضيف لمعرفة؛ لأنه لم يكتسب التعريف بالمضاف إليه لتوغله في الإبهام.

وقيد أبو البقاء المسألة بقوله: وكذلك صفة المصدر إذا أضيفت إليه نحو: "سرت أشد السير"؛ لأن الصفة هي الموصوف في المعنى وإنما قدمت لتدل على المبالغة. ا. هـ.

وما ذكره الموضح من إقامة الصفة مقام الموصوف في الانتصاب على المفعول المطلق تبع فيه ابن مالك في شرح التسهيل2، وخالف ذلك في شرح القطر3، فقال: وليس مما ينوب عن المصدر صفته نحو: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا} [البقرة: 35] خلافًا للمعربين. زعموا أن الأصل: أكلا رغدا، وأنه حذف الموصوف، ونابت صفته منابه، وانتصبت انتصابه4.

ومذهب سيبويه5 أن ذلك إنما هو حال من مصدر الفعل المفهوم منه، والتقدير:"فكلا" حال كون الأكل رغدًا، ويدل ذلك على أنهم يقولون:"سِيْرَ عليه طويلًا" فيقيمون الجار والمجرور مقام الفاعل، ولا يقولون:"طويل" بالرفع، فدل على أنه حال لا مصدر، وإلا جازت إقامته مقام الفاعل؛ لأن المصدر يقوم مقام الفاعل باتفاق6. ا. هـ.

1 في "ط": "ضربت".

2 شرح التسهيل 2/ 182.

3 شرح قطر الندى ص226.

4 منهم البيضاوي، انظر أنوار التنزيل 1/ 142.

5 الكتاب 1/ 228.

6 شرح قطر الندى ص226.

ص: 493

"أو" من "ضميره" أي: ضمير المصدر "نحو: عبد الله" بالنصب "أظنه جالسًا" فـ"عبد الله" مفعول أول لـ"أظن"، و"جالسًا" مفعوله الثاني، و"الها" في "أظنه" ضمير المصدر نائبة عنه في الانتصاب على المفعولية المطلقة. وهل هي نائبة عن مصدر مؤكد فيكون التقدير: أظن ظنا، أو عن نوعي، فيكون التقدير: أظن ظني، كما قدره الشارح1 تبعًا للمفصل2، فيه بحث.

قال الموضح في الحواشي: والذي يظهر أن الضمير إنما يقوم مقام المؤكد خاصة، وذلك كقوله:[من م. الكامل]

391-

من كل ما نال الفتى

قد نلته إلا التحيه

وقوله: [من البسيط]

392-

هذا سراقة للقرآن يدرسه

والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب

أي: يدرس الدرس، وقد نلت النيل، ولو صرح بالظاهر لم يفد إلا التوكيد فكذلك ضميره.

"و" أما "نحو"{فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا " لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا "} [المائدة: 115] فتقديره: لا أعذب هذا التعذيب الخاص، فالضمير هنا نائب عن المصدر النوعي فصار له حالتان.

انتهى كلامه في الحواشي، ومن خطه نقلت.

وينبغي أن يكون3 "أل" في "النيل" و"الدرس" للجنس لا للعهد، وإلا لكان نوعيّا أيضًا.

"أو" من "إشارة إليه" أي: إلى المصدر؛ سواء أكان اسم الإشارة متبوعا بالمصدر أم لا. فالأول "كـ: ضربته ذلك الضرب" بالنصب، والثاني كـ"ضربته ذلك"،

1 أي: ابن الناظم في شرح الألفية ص192.

2 المفصل ص47.

391-

البيت لزهير بن جناب في إصلاح المنطق ص316، والأغاني 18/ 307، والشعر والشعراء 1/ 386، ولسان العرب 11/ 46 "بجل" 14/ 216، "حيا" والمؤتلف والمختلف ص130، وبلا نسبة في خزانة الأدب 5/ 299، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص100، ولسان العرب 14/ 217 "حيا".

392-

البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 2/ 3، 5/ 226، 9/ 48، 61، 547، والدرر 2/ 78، ورصف المباني ص247، 315، وشرح شواهد المغني ص587 والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 10/ 157، "سرق" والمقرب 1/ 115، وهمع الهوامع 2/ 33.

3 في "ب"، "ط":"تكون".

ص: 494

فـ"ذلك" في المثالين مفعول مطلق نائب عن المصدر.

وذهب ابن مالك في شرح التسهيل1 إلى أنه لا بد من جعل المصدر تابعًا لاسم الإشارة المقصود به المصدرية. وذهب سيبويه2 والجمهور إلى أن ذلك لا يشترط، ومن كلام العرب:"ظننت ذلك"، يشيرون به إلى الظن قاله المرادي في التلخيص.

"أو" من "مرادف له" معنى "نحو: شنئته بغضًا" فـ"بغضًا": مفعول مطلق نائب عن "شنء" فإن "الشنء" مصدر "شنئ"؛ بكسر النون مرادف للبغض، "و: أحببه مقة"، فـ"مقة" مفعول مطلق نائب عن المحبة، فإن المقة؛ بكسر الميم؛ مصدر "ومق" مرادف للمحبة، "و: فرحت جذلًا"، فـ"جذلا" مفعول مطلق نائب عن "فرحًا" فإن الجذل؛ بفتحتين "وهو بالذال المعجمة مصدر "جذِل" بالكسر" مرادف للفرح. وظاهر كلام الموضح تبعًا لابن مالك3 أن المرادف منصوب بالفعل المذكور، وهو مذهب المازني، والمنقول عن الجمهور أن ناصبه فعل مقدر من لفظه، والتقدير عندهم في الأمثلة المذكورة: شنئته وبغضته بغضًا، وأحببته ومقته مقة، وفرحت وجذلت جذلا.

"أو" من "مشارك له" أي: للمصدر المحذوف "في مادته" وحروفه "وهو أقسام ثلاثة:

اسم مصدر" غير علم "كما تقدم" من نحو: "اعتسل غسلا" و"توضأ وضوءًا" و"أعطى عطاء". وفي شرح التسهيل4: أن [اسم] 5 المصدر العلم لا يستعمل مؤكدًا ولا مبينا.

"واسم عين ومصدر لفعل آخر"، فاسم العين "نحو:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} " [نوح: 17] فـ"نباتا": اسم عين للنبات، وهو ما ينبت من زرع أو غيره، ومنه زكاة النبات، وعن سيبويه6: أان "نباتًا" في الآية مصدر جار على غير الفعل، وكأنه نائب عن "إنباتًا"، قاله الشاطبي، فعلى هذا "يكون من القسم الثالث؛ وهو ما كان مصدرًا لفعل آخر نحو: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] فـ"نباتًا" نائب

1شرح التسهيل 2/ 181.

2 الكتاب 1/ 125.

3 شرح التسهيل 2/ 182.

4 شرح التسهيل 2/ 180.

5 إضافة من المصدر السابق.

6 الكتاب 4/ 81.

ص: 495

عن "إنباتا" و"تبتيلا" نائب عن "تبتلا"، "والأصل" في مصدر "أنبت" و"تبتل" "إنباتًا وتبتلا"؛ لأن قياس مصدر "أنبت" الإنبات لا النبات؛ لأنه مصدر "نبت". قال ابن القطاع: نبت البقل نباتًا، وقياس مصدر "تبتل" التبتل لا تبتيلا؛ لأن التبتيل مصدر "بتل" بالتشديد.

"أو" من لفظ "دال على نوع منه" أي: من المصدر "كـ: قعد القرفصاء" بالمد والقصر، "و:"رجع القهقرى" بالقصر فقط، فإن "القرفصاء" نوع من القعود، و"القهقرى" نوع من الرجوع، والأصل: قعد القعدة القرفصاء، ورجع الرجوع القهقرى، فحذف المصدر وأنيب عنه لفظ دال على نوع منه. فإن قلت: القرفصاء والقهقرى مصدران، فكيف يقال: نابا عن المصدر؟ قلت: أجيب بأنهما نابا عن المصدر الأصلي المحتمل للقليل والكثير. وفي هذا الجواب نظر؛ لأنه يقتضي أن انتصاب النوعي فرع عن انتصاب المؤكد، ولا قائل به. قاله الموضح في الحواشي.

"أو" من لفظ ""دال على عدده" أي: المصدر "كـ: ضربته عشر ضربات" فـ"عشر" نائب عن المصدر، والأصل: ضربته ضربًا عشر ضربات، فحذف المصدر، وأنيب عنه عدده، ومثله: "{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} " [النور: 4] ، والأصل: فاجلدوهم جلدًا ثمانين، فحذف المصدر وأنيب عنه "ثمانين، و"جلدة" تمييز.

"أو" من لفظ دال "على آلته" أي: المصدر "كـ: ضربته سوطًا، أو عصا" والأصل: ضربته ضربًا بسوط أو عصا، ثم توسع في الكلام. فحذف المصدر، وأقيمت الآلة مقامه، وأعطيت ما له فمن إعراب وإفراد أو تثنية أو جمع، تقول:"ضربته سوطين" و"أسواطًا" والأصل: ضربتين بسوط، وضربات بسوط، قاله الشارح1.

وقال المرادي في التلخيص: أصل ضربته سوطًان ضربته ضربة2 سوط، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه وذلك يطرد فلي كل آلة معهودة للفعل، فلو قلت: ضربته خشبة، لم يجز3 لأنه لا4 يعهد كون ذلك آلة لهذا الفعل. ا. هـ.

"أو" من "كل" وما معناها مضاف إلى المصدر "نحو: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} [النساء: 129] فـ"كل": مفعول مطلق نائب عن مصدر محذوف، والأصل: فلا

1 أي: ابن الناظم في شرح الألفية ص192.

2 في "ط: "ضرب".

3 في "ب": "يصح".

4 في "ط": "لم".

ص: 496

تميلوا ميلا كل الميل، "و" نحو "قوله" وهو قيس بن الملوح:[من الطويل]

393-

وقد يجمع اله الشتيتين بعدما

"يظنان كل الظن ألا تلاقيا"

والأصل: يظنان ظنا كل الظن، ونحو: ضربته جميع الضرب أو عامة1 الضرب.

"أو" من "بعض" وما في معناها مضافة إلى المصدر "كـ: ضربته بعض الضرب"، فـ"بعض": مفعول مطلق نائب عن مصدر محذوف، والأصل: ضربته بعض الضرب، وفي التنزيل:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} [الحاقة: 44]، ونحو:"ضربته يسير الضرب"، وفي التنزيل:{وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} [هود: 57] وحاصل ما ذكره الموضح أن النائب عن المصدر نوعان: نائب عن مؤكد، ونائب عن مبين. فالنائب عن المؤكد: المرادف والمشارك له في المادة بأقسامه الثلاثة، والنائب عن المبين: ما بقي وهو الوصف والضمير والإشارة والعدد والآلة وكل وبعض وذلك يدخل في قول الناظم:

289-

وقد ينوب عنه ما عليه دل

................................

"مسألة: المصدر المؤكد" لعامله "لا يثنى ولا يجمع باتفاق" فلا يقال:" ضربت "ضربين" بالتثنية، "ولا:" ضربت "ضروبًا" بالجمع؛ "لأنه" اسم جنس مبهم يحتمل القليل والكثير "كـ"ماء" و"عسل"" و"دقيق"؛ ولأنه بمنزلة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع باتفاق، فكذلك ما كان بمنزلته.

"و" المصدر العددي، وهو "المختوم بتاء الوحدة كـ"ضربة" بعكسه" فيثنى ويجمع "باتفاق، فيقال:" ضربت "ضربتين، وضربات؛ لأنه" فرد لجنس "كـ"تمرة" و "كلمة". واختلف في" المصدر "النوعي، فالمشهور" من الخلاف في تثنيته وجمعه "الجواز" قياسًا. فيقال: "ضربت ضربتين ضربا عنيفًا وضربًا رقيقًا"، و"ضربت ضروبًا مختلفة""وظاهر مذهب سيبويه المنع" وأنه لا يقال منه إلا ما سمع 2، "واختاره" أي: المنع "الشلوبيين3" واحتج المجيز بمجيئه في الفصيح كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] والألف مزيدة تشبيهًا للفواصل بالقوافي، وإلى المنع في المؤكد والجواز في غيره أشار الناظم بقوله:

290-

وما لتوكيد فوحد أبدًا

وثن واجمع غيره وأفردا

393- البيت للمجنون في ديوانه ص243، والمقاصد النحوية 3/ 42، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 213، والخصائص 2/ 448، وشرح الأشموني 1/ 210 ولسان العرب 2/ 48، "شتت".

1 في "أ": "غاية".

2 الكتاب 1/ 35.

3 انظر الارتشاف 2/ 205، وهمع الهوامع 1/ 186.

ص: 497

"فصل":

النحاة "اتفقوا على أنه يجوز لدليل مقالي أو حالي حذف عامل المصدر غير المؤكد" وهو المبين للنوع أو العدد. والدليل المقالي: ما مرجعه إلى القول، "كأن يقال:"ما جلست". فيقال: "بلى جلوسًا طويلًا"، أو "بلى جلستين"" فـ"جلوسًا": مصدر نوعي لوصفه بالطول، حذف عامله جوازا لدليل مقالي، وهو قول القائل: ما جلست، والتقدير: بلى جلست طويلًا، و"جلستين": مصدر عددي حذف عامله لذلك، والتقدير: بلى جلست جلستين.

"و" الدليل الحالي: ما مرجعه إلى الحال من مشاهدة أو غيرها، "كقولك لمن قدم من سفر: قدومًا مباركًا"، ولمن تكرر منه إصابة الغرض: "إصابتين"، فـ"قدومًا": مصدر نوعي، و"إصابتين" مصدر عددي، حذف عاملهما جوازا لدليل حالي، وهو الحال المشاهدة، والتقدير: قدمت قدومًا مباركًا، وأصبت إصابتين.

"وأما" المصدر "المؤكد فزعم ابن مالك" في شرح الكافية1: "أنه لا يحذف عامله؛ لأنه إنما جيء به لتقويته وتقرير معناه والحذف مناف لهما"، فلم يجز حذفه، بخلاف المصدر المبين نوعًا أو عددًا، فإنه يدل على معنى زائد على معنى الفعل فأشبه المفعول به. فجاز حذف عامله كما جاز عامل المفعول به. انتهى كلامه في شرح الكافية وصرح بذلك في النظم فقال:

291-

وحذف عامل المؤكد امتنع

وفي سواه لدليل متسع

"ورده ابنه2" بأنه إن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به تقوية عامله، وتقرير معناه دائما، فلا شك أن حذفه مناف لذلك القصد، ولكنه ممنوع، ولا دليل عليه، وإن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به التقوية والتقرير، وقد يقصد به مجرد التقرير فمسلم،

1 شرح الكافية الشافية 2/ 657، 658.

2 بعده في "ب": "في شرح النظم"، وفي "ط":"في شرحه". وانظر شرح ابن الناظم 193.

ص: 498

ولكن لا نسلم أن الحذف مناف لذلك القصد؛ لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر؛ فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة القرينة عليه أحق وأولى.

"وبأنه قد حذف جوازًا" إذا كان خبر اسم عين في غير تكرير ولا حصر "في نحو: "أنت سيرًا" ووجوبًا" مع التكرير أو الحصر في "أنت سَيْرًا سَيْرًا" و"ما أنت إلا سيرًا". "و" في غير ذلك "نحو: سقيا ورعيا" وحمدا وشكرًا لا كفرا، فمنع مثل هذا إما للسهو1 عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل فيه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل، ولا يقتضيها فحوى الكلام، انتهى كلام ابنه في شرحه2.

وأجاب الشاطبي بأن ما قاله ابن الناظم غير لازم؛ لأنه إذا أريد تقرير معنى العامل فقد قصد الإتيان بلفظ آخر يقرر معنى اللفظ الآخر ويؤكده، فحذفه مع هذا القصد نقض للغرض، وأما ما استدل به فلا دليل فيه؛ لأن تلك المصادر لم تأت للتأكيد أصلًا، وإنما هي مصادر جعلت بدلًا من أفعالها، وعوضت منها، ففائدتها النيابة عن أفعالها، وإعطاء معانيها، لا تأكيدها فلو كانت مؤكدة لها لكانت مؤكدة لنفسها، والشيء لا يؤكد نفسه. انتهى ملخصًا مع اعترافه بأن "أنت سيرًا" للتوكيد. حيث قال في شرح قول الناظم:

294-

كذا مكرر......

........................

وتقول في المؤكد: "أنت تسير سيرًا" فيظهر أيضًا؛ يعني العامل؛ ولهذا لم يتعقب الموضح كلام ابن الناظم بل أقره عليه، لكن إقراره على نحو:"سقيا" و"رعيا" مشكل، بل قال ابن عقيل3: إن ما قاله ابن الناظم ليس بصحيح، فإن جمع ما أتى به من الأمثلة ليست من المصدر المؤكد في شيء، وإنما هي من المصادر النائبة عن أفعالها. ا. هـ.

والحق أن المصدر النائب عن فعله من قسم المصدر المؤكد، وهو في معنى الاستثناء من قوله:

291-

وحذف عامل المؤكد امتنع

..................................

قاله الموضح في بعض حواشيه على الخلاصة.

"وقد يقام المصدر" المؤكد "مقام فعله" المستعمل أو المهمل "فيمتنع ذكره معه" أي: فيمتنع ذكر الفعل مع المصدر؛ لقيامه مقامه.

1 في "أ"، "ب":"لسهو".

2 شرح ابن الناظم ص193.

3 شرح ابن عقيل 1/ 291، 292.

ص: 499

"وهو نوعان، ما لا فعل له" أصلًا من لفظه "نحو: ويل زيد وويحه؛ و: [من الكامل]

394-

...................

بله الأكف"................

بالإضافة إلى المفعول، "فيقدر له عامل من معناه، على حد: "قعدت جلوسًا"، بناء على قول المازني: إن جلوسًا منصوب بـ"قعدت"، فيقدر في نحو: "ويل زيد ويحه": أحزن الله زيدًا ويله، وأحزن الله زيدًا ويحه؛ لأن الويل والويح بمعنى الحزن، قاله أبو البقاء، وقيل: يقدر: "أهلك" لأنهما بمعنى الهلاك، وقيل: يقدر قبل "ويح" و"رحم" لأنها كلمة ترحم، وقبل1 "ويل" عذب لأنها كلمة عذاب.

وذهب بعض البغداديين إلى أن "ويحه" و"يله" و"يسه" منصوبة بأفعال من لفظها وأنشد: [من الهزج]

395-

فما مال ولا واح

ولا واس أبو هند

قال المرادي في شرح التسهيل: وهو مصنوع2. ا. هـ.

ويقدر في "بله الأكف": اترك؛ لأن بله الشيء بمعنى تركه، و"الأكف": جمع كف. "وما له فعل" مستعمل من لفظه، "وهو نوعان":

نوع "واقع في الطلب وهو الوارد دعاء" بخير أو ضده، فالأول:"كـ: سقيا، ورعيا"، والثاني كـ: كيًّا "و: جدعا" والأصل: سقاك الله سقيا، ورعاك الله رعيا، وكواه الله كيًّا، وجدعه جدعا والجدع: قطع طرف الأنف أو الشفة أو الأذن أو غير ذلك.

"أو" الوارد "أمرًا أو نهيًا نحو: قيامًا لا قعودًا" أي: قم قياما لا تقعد قعودا،

394- تمام البيت:

"تذر الجماجم ضاحيا هاماتها

بله الأكف كانها لم تخلق"

وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245، وحزانة الأدب 6/ 211، 214، 217، والدرر 1/ 508، وشرح شواهد المغني ص353، ولسان العرب 3/ 478، "بله" وتاج العروس "بله"، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217، وتذكرة النحاة ص500، والجنى الداني 425، وخزانة الأدب6/ 232، وشرح ابن الناظم ص196، وشرح الأشموني 1/ 251، وشرح المفصل 4/ 48، ومغني اللبيب ص115، وهمع الهوامع 1/ 236.

1 في "ب": "قيل".

395-

البيت بلا نسبة في الممتع في التصريف 2/ 567، والمنصف 2/ 198.

2 الارتشاف 1/ 90.

ص: 500

"و" كذلك النوعي "نحو: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] أي: فاضربوا ضرب الرقاب1، "و" نحو "قوله": [من الطويل]

396-

على حين ألهى الناس جل أمورهم

"فندلا زريق المال ندل الثعالب

أي: اندل يا زريق المال ندل الثعالب، أي: اختطفه بسرعة كاختطاف الثعالب.

و"زريق"؛ بزاي فراء؛ مصغر علم رجل، و"المال": مفعول به، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

292-

والحذف حتم مع آت بدلًا

من فعله كندلا اللذ كاندلا

"كذا أطلق ابن مالك" القول بأن المصدر القائم مقام فعله في الطلب يجب معه الحذف، لم يقيده بالتكرار.

"وخص ابن عصفور الوجوب" للحذف "بالتكرار2، كقوله" وهو قطري بن الفجاءة الخارجي: [من الوافر]

397-

"فصبرا في مجال الموت صبرًا"

فما نيل الخلود بمستطاع

أي: اصبر صبرًا، ووجهه أنه جعل تكرار المصدر قائما مقام العامل، وبذلك قال ابن الضائع: ونصه: واعلم أنه يجري مجرى هذا في التزام الإضمار3 المصادر في الأمر المثناة كقولهم: الحذر الحذر، والنجاء النجاء، وضربا ضربًا. ا. هـ.

1 بعده في "ط": "ولا فرق في ذلك بين المفرد والمضاف، ولذلك فصله بقوله"، وفي "ب":"هذا من النوعي، ولذلك فصله بقوله".

396-

البيت للأعشى همدان في الحماسة البصرية 2/ 262، 263، ولشاعر من همدان في شرح أبيات سيبويه 1/ 371، 372، ولأعشى همدان أو للأحوص أو لجرير في المقاصد النحوية 3/ 46، وهو في ملحق ديوان الأحوص ص215، وملحق ديوان جرير ص1021، وبلا نسبة في الإنصاف ص293، وأوضح المسالك 2/ 218، وجمهرة اللغة ص682، والخصائص 1/ 120، وسر صناعة الإعراب ص507 وشرح ابن الناظم ص194، وشرح الأشموني 1/ 204، وشرح ابن عقيل 1/ 566، والكتاب 1/ 115، ولسان العرب 11/ 653 "ندل".

2 شرح الجمل 2/ 407.

397-

البيت لقطري بن الفجاءة في تخليص الشواهد ص298، والمقاصد النحوية 3/ 51، وشرح التسهيل 2/ 187، وشرح الكافية الشافية 2/ 662، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 220، وشرح الأشموني 2/ 212.

3 في "ط": "إضمار".

ص: 501

قال الموضح في حاشية التسهيل: وأشار بقوله هذا إلى التحذير بغير "إيا"، وبمثل قوله قال ابن عصفور1، وكلاهما مخالف لإطلاق ابن مالك القول بأن المصدر الذي أقيم مقام عامله في الطلب يلتزم معه الحذف. انتهى كلام الموضح.

"أو" الوارد "مقرونا باستفهام توبيخي" وهو ثلاثة أقسام:

توبيخ متكلم لنفسه كقول عامر بن الطفيل يخاطب نفسه: أغدة كغدة البعير وموتا في بيت امرأة سلولية2.

وتوبيخ لمخاطب "نحو: "أتوانيا وقد جد قرناؤك""، أي: أتتوانى توانيًا، "وقوله"؛ وهو جرير يهجو خالد بن يزيد الكندي:[من الوافر]

398-

أعبدا حل في شعبى غريبًا

"ألؤما لا أبا لك واغترابا"

أي: أتلؤم لؤما وتغترب اغترابًا، و"عبدًا": منادى بالهمزة: و"شعبى": بضم الشين المعجمة3 وفتح العين والباء الموحدة؛ موضع.

والتوبيخ لغائب في حكم حاضر، كقولك لشيخ غائب وقعد أبلغك أنه يلعب:"ألعبا وقد علاك المشيب"، أي: أتلعب لعبًا.

"و" نوع "واقع في الخبر، وذلك في" خمس "مسائل:

إحداها: مصادر مسموعة كثر استعمالها، ودلت القرائن على عاملها"

المحذوف "كقولهم عند تذكر نعمة وشدة: حمدًا وشكرا لا كفرًا،" وهي من أمثلة سيبويه4، وقدره:" أحمد الله حمدًا، وأشكره شكرًا لا أكفره كفرًا، كذا يتكلم بهذه الأمثلة مجتمعة.

1 شرح الجمل 2/ 407.

2 من الأمثال في مجمع الأمثال 2/ 57، وفصل المقال ص374، والمستقصى 1/ 258، وجمهرة الأمثال 1/ 102.

398-

البيت لجرير في ديوانه ص650، وإصلاح المنطق 221، والأغاني 8/ 21، وجمهرة اللغة ص1181، وخزانة الأدب 2/ 183، وشرح أبيات سيبويه 1/ 98، والكتاب 1/ 339، 344 ولسان العرب 1/ 503 "شعب"، ومعجم ما استعجم ص799، 861، والمقاصد النحوية 3/ 49، 4/ 506، وبلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 221، ورصف المباني ص52، وشرح ابن الناظم ص195، وشرح الأشموني 1/ 212.

3 في "ط": "المهملة".

4 الكتاب 1/ 318، 319.

ص: 502

قال ابن عصفور1: لا يستعمل كفرًا إلا مع حمدا وشكرًا، ولا يقال:"حمدًا" وحده أو "شكرًا" إلا أن يظهر على الجواز ولا يلزم الإضمار إلا مع "لا2 كفرًا"، فهذه الأمور جرت مجرى المثل، ينبغي أن يلتزم فيها ما التزمت العرب. ا. هـ.

"و: صبرًا لا جزعًا"، والتقدير: أصبر صبرًا، لا أجزع جزعًا، ولا يخفى ما في كلامه من اللف والنشر3 المرتب، "و" كقولهم "عند ظهور أمر معجب: عجبًا" أي: أعجب عجبا، "وعند خطاب" شخص "مرضي عنه أو مغضوب عليه: أفعله" أنا "وكرامة ومسرة" أي: أفعل4 ما تريد وأكرمك كرامة وأسرك مسرة، ولا تستعمل "مسرة" إلا بعد "كرامة" و"كرامة": اسم مصدر "أكرم"، "ولا أفعله ولا كيدًا ولا هما" أي: أكاد كيدًا، ولا أهم هما، هذا تقدير5 سيبويه6، واختلف في تقديره: "أكاد" فقال الأعلم: هي الناقصة، وقال ابن طاهر: هي التامة، والمعنى: ولا مقاربة7، وقال ابن خروف: يحتمل الوجهين. "وهما" من هممت بالشيء. ولا يخفى ما في كلام الموضح من اللف والنشر المرتب، فالمثبت للمرضي عنه، والمنفي للمغضوب عليه.

المسألة "الثانية: أن يكون" المصدر "تفصيلًا لعاقبة ما قبله" من طلب أو خبر، فالأول "نحو:{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} " [محمد: 4] فـ"منا" و"فداء" ذكرا تفصيلًا لعاقبة الأمر بشد الوثاق، والتقدير: فإما أن تمنوا منا، وإما أن تفادوا فداء.

والثاني كقوله: [من البسيط]

399-

لأجهدن فإما درء واقعة

تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل

1 شرح الجمل 2/ 421.

2 سقطت "لا" من "أ".

3 اللف والنشر: أن يذكر الناظم في أول البيت أسماء متعددة غير تامة المعنى، ثم يقابلها بأشياء يعددها على ترتيبها من غير الأضداد تتمم معناها؛ إما بالجمل، وإما بالألفاظ المفردة، كقول ابن حيوس:

فعل المدام ولونها ومذاقها

في مقلتيه ووجنتيه وريقه

4 بعده في "ب": "أنا".

5 بعده في "ط": "كلام".

6 الكتاب 1/ 319.

7 الارتشاف 2/ 212، وهمع الهوامع 1/ 191.

339-

البيت بلا نسبة في الدرر 1/ 418، وهمع الهوامع 1/ 192، وشرح التسهيل 2/ 188.

ص: 503

فـ"درء" و"بلوغ" ذكر تفصيلًا لعاقبة الجهد أي: إما أدرأ وإما أبلغ. وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

293-

وما لتفصيل كإما منا

عامله يحذف حيث عنا

المسألة "الثالثة: أن يكون" المصدر "مكررًا أو محصورًا أو مستفهمًا عنه، وعامله خبر عن اسم عين" في الأنواع الثلاثة: وشروطها أربعة أمور:

أحدها: التكرير أو الحصر أو العطف عليه أو الاستفهام عنه.

والثاني: كون المصدر مستمرا للحال لا منقطعًا عنه ولا مستقبلا، نص على ذلك سيبويه1.

والثالث: كون عامل المصدر خبرًا.

والرابع: كونت المخبر عنه اسم عين.

فالمكرر "نحو: "أنت سيرًا سيرًا""، والتقدير: أنت تسير سيرًا، فحذف "تسير" وجوبا لقيام التكرير مقامه2.

"و" المحصور بـ"إلا" أو "إنما" نحو: ""ما أنت إلا سيرًا"، و "إنما أنت سير البريد""، والتقدير: ما أنت إلا تسير سيرًا، وإنما أنت تسير سير البريد، فحذف "تسير" لما في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير. والمعطوف عليه نحو:"أنت أكلا وشربًا"، والتقدير: أنت تأكل أكلًا، وتشرب شربًا؛ لأن العطف كالتكرار، نصوا عليه هنا وفي باب الإغراء والتحذير، ولكن يقدر هنا عاملان بخلاف ذلك الباب، والفرق أن العامل هنا يجب أن يكون من معنى المعمول، والمتعاطفان مختلفان في المعنى فلا ينصبهما عامل واحد، والعامل الثاني معطوف على الأول، وكلاهما خبر عن "أنت"، قاله الموضح في الحواشي.

"و" المستفهم عنه نحو: ""أأنت سيرًا"" والتقدير: أأنت تسير سيرًا، نص عليه سيبويه3، ووجهه أن الفعل شديد المطلوبية للاستفهام، ومعنى الاستفهام الطالب للفعل قائم مقام التكرير، وجوز في المعنى أن يكون العامل المحذوف وصفًا وهو غير مناسب هنا؛ لأن الكلام في قيام المصدر مقام فعله، فليتأمل.

واقتصر الناظم على المكر والمحصور فقال:

1 الكتاب 1/ 336.

2 شرح ابن الناظم ص195، والارتشاف 2/ 214، والكتاب 1/ 335-340.

3 الكتاب 1/ 399.

ص: 504

294-

كذا مكرر وذو حصر ورد

نائب فعل لاسم عين استند

فإن لم يكن المصدر مكررًا ولا محصورًا ولا مستفهما عنه ولا معطوفًا عليه لم يجب إضمار عامله نحو: "أنت تسير سيرًا" وإن شئت حذفته، فقلت:"أنت سيرًا"، ولو كان العامل خبرًا عن اسم معنى لم يحتج إلى إضمار فعل، بل يتعين رفع المصدر على الخبرية، نحو "إنما سيرك سير البريد" بخلاف كونه خبرا عن اسم عين كما تقدم فإن ذلك يؤمن معه اعتقاد الخبرية، إذ المعنى لا يخبر به عن العين إلا مجازًا كقوله:[من البسيط]

400-

..............

فإنما هي إقبال وإدبار

أي: ذات إقبال وإدبار، قاله في شرح الكافية1.

المسألة "الرابعة: أن يكون المصدر مؤكدًا لنفسه"، "أو" مؤكدا "لغيره، فالأول"؛ وهو المؤكد لنفسه، هو "الواقع" بعد جملة هي نص في معناه، نحو:

296-

......... له علي ألف عرفا

................................

أي: اعترافًا" فجملة "له علي ألف" نص في الاعتراف؛ لأنها لا تحتمل غيره: وسمي مؤكدا لنفسه؛ لأنه بمنزلة إعادة ما قبله، فكأن الذي قبله نفسه.

"والثاني"؛ وهو المؤكد لغيره؛ هو "الواقع بعد جملة تحتمل معناه وغيره"، ويقع منكرًا ومعرفًا، فالأول نحو:"زيد ابني حقا"، فجملة "زيد ابني" تحتمل الحقيقة والمجاز، ولكنها صارت نصا بالمصدر؛ لأن قولك:"حقا" يرفع المجاز ويثبت الحقيقة، وسمي مؤكدًا لغيره؛ لأنه يجعل ما قبله نصا بعد أن كان محتملًا، فهو مؤثر، والمؤكد به متأثر، والمؤثر غير المتأثر. "و" الثاني قسمان: ما هو جائز التعريف، وما هو واجبه، فالأول نحو:"هذا زيد الحق لا الباطل" فجملة "هذا زيد" تحتمل الصدق والكذب، فإذا قلت:"الحق"، فقد حققت أحد الاحتمالين، فرفعت الاحتمال الآخر، وكأنك قلت: أحق ذلك الحق أو حقا، فإن كان المخاطب يعتقد خلاف ما ذكرت، وأردت قصر القلب

400- صدر البيت:

"ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت"

وهو للخنساء في ديوانها ص383، والأشباه والنظائر 1/ 198، وخزانة الأدب 1/ 431، 2/ 34، وشرح أبيات سيبويه 1/ 282، والشعر والشعراء 1/ 354، والكتاب 1/ 337، ولسان العرب 7/ 305، "رهط" 11/ 538 "قبل" 14/ 410 "سوا"، والمقتضب 4/ 305 والمنصف 1/ 197، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 387، 4/ 68، وشرح الأشموني 1/ 213، وشرح المفصل 1/ 115، والمحتسب 2/ 43، وشرح التسهيل 1/ 324.

1 شرح الكافية الشافية 2/ 665، 666.

ص: 505

قلت: "لا الباطل" بالنصب عطفًا على "الحق". "و" الثاني: "لا أفعل كذا البتة"، فجملة "لا أفعل كذا" تحتمل استمرار النفي وانقطاعه، فإذا قلت:"البتة" حققت استمرار النفي، ورفعت انقطاعه. و"البت": القطع، يقال:"لا أفعله البتة" لكل أمر لا رجعة فيه، قاله في الصحاح، و"أل" في "البتة" لازمة الذكر، قاله الموضح في الحواشي. وفي حاشية العلامة عبد القادر المكي على هذا الكتاب يقال: لا أفعله بتة والبتة أي: بتتة بتة والبتة. وفي الباب1: لم يسمع في "ألبتة" إلا قطع الهمزة، والقياس وصلها، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

295-

ومنه ما يدعونه مؤكدا

لنفسه أو غيره فالمبتدا

296-

نحو له علي ألف عرفا

والثاني كابني أنت حقا صرفا

المسألة "الخامسة: أن يكون" المصدر "فعلًا علاجيا تشبيهيا" واقعا "بعد جملة مشتملة عليه" أي: على اسم بمعناه؛ "و" مشتملة "على صاحبه" أي: المصدر؛ فهذه أربعة شروط، زاد المرادي شرطًا خامسًا، وهو: أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل، "كـ: مررت فإذا له صوت صوت حمار2"، و: إذا له "بكاء بكاء ذات داهية"، فالمصدر الثاني فيهما فعل علاجي3، واقع بعد جملة، وهي: "له صوت" و"له بكاء"، وتلك الجملة مشتملة على اسم بمعناه، وهو المصدر الأول، ومشتملة أيضًا على صاحب المصدر، وهو: "الها" في "له" ولا صلاحية للمصدر الأول للعمل في المصدر الثاني؛ لأنه لا يحل محله فعل، لا مع حرف مصدري، ولا بدونه؛ لأن المعنى يأبى ذلك؛ لأن المراد: أنك مررت به في حال تصويت وبكاء، لا أنه أحدث التصويت والبكاء عند مرورك به، وإذا لم يصلح للعمل فيه تعين أن يكون منصوبًا بفعل محذوف وجوبًا، لتضمن الكلام معنى الفعل؛ لأن معنى "إذا له صوت": هو يصوت، فاتجه انتصاب ما بعده لصحة تقدير الفعل مكانه.

قال سيبويه4: وإنما انتصب هذا؛ لأنك مررت به في حال تصويت، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول ولا بدلًا منه، ولكنك لما قلت:"له صوت" علم أن ثم مصوتًا، فصار قولك:"له صوت"، بمنزلة قولك:"فإذا هو يصوت" فحمل المصدر الثاني على المعنى. ا. هـ.

1 اللباب في علم الإعراب للإسفرائيني ص78.

2 شرح ابن الناظم ص196.

3 بعده في "ب": "لأنه من أفعال الجوارح".

4 الكتاب 1/ 356.

ص: 506

ويجوز الرفع مع استيفاء الشروط على البدلية والصفة إن كان نكرة، ذكرهما سيبويه1، ويجوز أن يكون خبر المحذوف، وتمتنع الصفة إن كان معرفة، ولا يجوز إلا في الضرورة، قاله سيبويه1.

وقال الخليل2: تجوز الصفة أيضًا على تقدير: "مثل"، وهل3 الرفع والنصب متكافئان أو لا؟ فذهب ابن خروف إلى أن الرفع مرجوح؛ لأن الثاني ليس هو الأول، والنصب سالم من هذا المجاز، وذهب ابن عصفور إلى أنهما متكافئان؛ لأن في النصب التقدير، والأصل عدمه.

"ويجب الرفع في نحو" قولك: ""له ذكاء ذكاء الحكماء؛ لأنه"؛ أي: الذكاء؛ "فعل معنوي لا علاجي"، والمراد بالعلاجي: ما يحتاج في إحداثه إلى علاج بتحريك عضو من الأعضاء، كالضرب والشتم، والمعنوي بخلافه، كالعلم والذكاء وإنما وجب الرفع من غير العلاجي؛ لأنك إذا قلت: "له ذكاء"، فلست تريد أنه فعل شيئًا، بل أنه ذو ذكاء، فكان بمنزلة "له يد يد أسد"، فكما لا ينتصب "يد" فكذلك هذا.

ويجب الرفع أيضًا في نحو: "له صوت صوت حسن"؛ لأنه غير تشبيهي، "وفي نحو "صوته صوت حمار" لعدم تقدم الجملة"؛ لأن "صوته" مبتدأ، و"صوت حمار" خبره "وفي نحو: فإذا في الدار صوت صوت حمار، ونحو: فإذا عليه نوح نوح لحمام، لعدم تقدم صاحبه" فيهما، أما الأول؛ فلأن الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور للمصدر لا لصاحبه؛ وأما لثاني فلأن الضمير المجرور بـ"على" عليس عائدًا على صاحب النوح وإنما هو للمنوح عليه لا للنائح، فلم يتحقق فاعل الفعل المقدر الذي ينصب المصدر، "وربما نصب نحو هذين" المثالين، "لكن على الحال" من الضمير لا على المفعول المطلق؛ لأنه ليس منه.

"تنبيه: مثل: له صوت صوت حمار" في النصب على المفعول المطلق، "قوله"؛ وهو أبو كبير بالباء الموحدة المكسورة، واسمه عامر بن الحليس الهذلي يصف فرسًا:[من الكامل]

1 الكتاب 1/ 361.

2 الكتاب 1/ 361، والارتشاف 2/ 217.

3 في "ب": "هذا".

ص: 507

401-

"ما إن يمس الأرض إلا منكب

منه وحرف الساق طي المحمل"

فـ"طي" مفعول مطلق، وناصبه محذوف تقديره: يطوي؛ "لأن ما قبله" هو:

ما إن يمس الأرض إلا منكب

.........................

"بمنزلة: له طي" فهي جملة مشتملة على المصدر وعلى صاحبه، "قال سيبويه" بمعناه، ونصه1: صار "ما إن يمس الأرض" بمنزلة "له طي"، ا. هـ.

و"ما": نافية و"إن": زائدة، و"حرف الساق"، مرفوع بالعطف على "منكب"، والمعنى: أن هذا الفرس مضمر، قد بلغ في التضمير إلى حد لا تصل بطنه الأرض إذا اضطجع، وإنما يمس الأرض منه منكب وحرف الساق، وأراد بـ"طي المحمل" أنه مدمج الخلق كطي المحمل، وأن له تجافيًا كتجافي المحمل؛ بكسر الميم الأولى وفتح الثانية وهو علاقة السيف. واقتصر في النظم على بعض شروط المسألة، وأحال بقية الشروط على المثال فقال:

297-

كذاك ذو التشبيه بعد جمله

كلي بكا بكاء ذات عضله

401- البيت لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين 3/ 1074، والاقتضاب 340، وخزانة الأدب 8/ 194، وشرح أبيات سيبويه 1/ 324، وشرح التسهيل 2/ 191، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص90، وشرح شواهد الإيضاح ص147، وشرح شواهد المغني 1/ 227، والشعر والشعراء 2/ 676، والكتاب 1/ 359، والمقاصد النحوية 3/ 54، وللهذلي في الخصائص 2/ 309، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 217، والأشباه والنظائر 1/ 246، والإنصاف 1/ 230، وأوضح المسالك 2/ 224، والمقتضب 3/ 203، 232.

1 الكتاب 1/ 360.

ص: 508