المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأحرف الثمانية ‌ ‌مدخل … باب الأحرف الثمانية: عبر بالأحرف نظرًا إلى أن هذا - شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو - جـ ١

[خالد الأزهري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[خطبة المؤلف] :

- ‌[شرح خطبة الكتاب] :

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌مدخل

- ‌باب شرح المعرب والمبني

- ‌مدخل

- ‌باب النكرة والمعرفة

- ‌مدخل

- ‌فصل في المضمر

- ‌باب العلم

- ‌مدخل

- ‌باب أسماء الإشارة

- ‌مدخل

- ‌باب الموصول

- ‌مدخل

- ‌باب المعرف بالأداة

- ‌مدخل

- ‌باب المبتدأ والخبر

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة على المبتدأ

- ‌مدخل

- ‌باب أفعال المقاربة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحرف الثمانية

- ‌مدخل

- ‌باب "لا" العاملة عمل "إن" المشددة

- ‌مدخل

- ‌باب الأفعال الداخلة بعد استيفاء فاعلها على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين

- ‌مدخل

- ‌باب ما ينصب مفاعيل ثلاثة:

- ‌باب الفاعل:

- ‌باب النائب عن الفاعل

- ‌مدخل

- ‌باب الاشتغال:

- ‌باب التعدي واللزوم

- ‌مدخل

- ‌باب التنازع في العمل

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول المطلق

- ‌مدخل

- ‌باب المفعول له:

- ‌باب المفعول فيه

- ‌مدخل

- ‌المفعول معه

- ‌مدخل

- ‌باب المستثنى

- ‌مدخل

- ‌باب الحال

- ‌مدخل

- ‌باب التمييز

- ‌مدخل

- ‌باب حروف الجر

- ‌مدخل

- ‌باب الإضافة

- ‌مدخل

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب الأحرف الثمانية ‌ ‌مدخل … باب الأحرف الثمانية: عبر بالأحرف نظرًا إلى أن هذا

‌باب الأحرف الثمانية

‌مدخل

باب الأحرف الثمانية:

عبر بالأحرف نظرًا إلى أن هذا العدد للقلة، وبالثمانية لإدخال "أن" المفتوحة "وعسى"، و"لا" التبرئة، وعبر سيبويه1 بالحروف الخمسة؛ لأن المفتوحة فرع المكسورة، عنده. "الداخلة على المبتدأ والخبر فتنصب المبتدأ" اتفاقًا، بشرط أن يكون مذكورًا غير واجب الابتداء، أو التصدير. "ويسمى اسمًا، وترفع خبره"، على الأصح عند البصريين2، بشرط أن لا يكون طلبيا، "ويسمى خبرها"، فلو كان محذوفًا، نحو: الحمد لله الحميد، برفع "الحميد" على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو واجب الابتداء كأيمن، أو واجب التصدير غير ضمير الشأن، كـ"أي" و"كم" لم تنصبه هذه الأحرف، ولو كان الخبر طلبيًا، نحو: زيد اضربه، وأين زيد، لم ترفعه هذه الأحرف، إلا أن يكون الاستفهام جوابًا، حكي من كلامهم: أن أين الماء والعشب، جوابًا لمن قال: أن في موضع كذا الماء والعشب، قاله أبو حيان3.

وذهب لكوفيون إلى أن هذه الأحرف لا تعمل في الخبر، وإنما هو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولهن وهو المبتدأ، ولكل من الفريقين حجة. فحجة البصريين أن لهذه الأحرف شبهًا بـ"كان" الناقصة في لزوم دخولهن على المبتدأ والخبر، والاستغناء بهما، فعملهن عملها معكوسًا، ليكون المبتدأ والخبر معهن كمفعول قدم، وفاعل أخر، تنبيهًا على الفرعية، وحجة الكوفيين أنه لا يجوز: إن قائم زيدًا، ولو كان الخبر معمولها لجاز أن يليها. وينبني على هذا الخلاف خلاف في جواز العطف بالرفع قبل مجيء الخبر، وسيأتي.

1 الكتاب 2/ 131.

2 الإنصاف 1/ 176.

3 الإنصاف 1/ 176، المسألة رقم 22.

ص: 293

فالحرف "الأول والثاني "إن"" المكسورة، "و"أن"" المفتوحة، "وهما لتوكيد النسبة" بين الجزأين، "ونفي الشك عنها، و" نفي "الإنكار لها"، بحسب العلم بالنسبة والتردد فيها، والإنكار لها، فإن كان المخاطب عالمًا بالنسبة، فهما لمجرد توكيد النسبة. وإذا كان مترددًا فيها، فهما لنفي الشك عنها وإن كان منكرًا لها، فهما لنفي الإنكار لها، فالتوكيد لنفي الشك عنها مستحسن، ولنفي الإنكار واجب، ولغيرهما لا.

"و" الحرف "الثالث: "لكن"، وهو للاستدراك"، وهو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه من الكلام السابق، "والتوكيد" قاله جماعة، منهم صاحب البسيط.

"فالأول:" وهو الاستدراك، كقولك:"زيد شجاع"، فيوهم ذلك أنه كريم؛ لأن من شيمة الشجاع الكرم، فتقول "لكنه بخيل"، وتقول: ما زيد شجاع، فيوهم أنه ليس بكريم، فتقول: لكنه كريم، ولكونها للاستدراك لا بد أن يتقدم عليها كلام، ثم لا يخلو ما بعدها، إما أن يكون نقيضًا لما قبلها، نحو: هذا متحرك، لكن هذا ساكن، أو ضدا له، نحو: ما هذا أسود، لكنه أبيض، أو خلافًا له، نحو: ما قام زيد لكن عمرًا يشرب، أو مثلًا له، نحو: ما زيد قائم لكن عمرًا قائم، فالأول والثاني جائزان باتفاق، والثالث جائز على الأصح، والرابع ممتنع بالاتفاق، قاله أبو حيان في النكت الحسان1.

"والثاني" وهو التوكيد، "نحو" قولك:"لو جاءني" زيدًا زيد أكرمته، فهذا يدل على امتناع المجيء؛ لأن "لو" إذا أدخلت على مثبت نفته، فإذا أردت توكيده قلت:"لكنه لم يجئ" فأكدت بـ"لكن" من أفادته "لو" من الامتناع بـ"لكن". وهي بسيطة على الأصح. وذهب الكوفيون إلى أنها مركبة من "لا" و"أن" والكاف زائدة بينهما لا للتنبيه، وحذفت الهمزة تخفيفًا.

"و" الحرف "الرابع "كأن"" بتشديد النون، "وهو للتشبيه المؤكد"، بفتح الكاف، نعت للتشبيه، نحو: كأن زيدًا أسد، أو حمار، مما الخبر فيه أرفع من الاسم أو أخفض منه، ففيه تشبيه مؤكد بـ"كأن"، "لأنه مركب من الكاف" المفيدة للتشبيه، "و "أن" المفيدة للتوكيد، والأصل: إن زيدًا كالأسد، أو كالحمار، فقدمت الكاف على "أن" ليدل أول الكلام على التشبيه من أول وهلة، وفتحت همزة "أن" وصارا كلمة واحدة، ولهذا لا تتعلق الكاف بشيء، وقبل التقديم والتركيب كانت متعلقة بمحذوف على الأصح.

1 النكت الحسان ص79.

ص: 294

"وكأن" ملازمة للتشبيه، ولا تكون للتحقيق، خلافًا للكوفيين1، ولا حجة لهم في قوله:[من الوافر]

226-

فأصبح بطن مكة مقشعرا

كأن الأرض ليس بها هشام

لأنه محمول على التشبيه، فإن الأرض ليس بها هشام حقيقة، بل هو فيها مدفون، ولا للظن فيما إذا كان خبرها فعلًا أو ظرفًا، أو صفة من صفة أسمائها، نحو: كأن زيدًا قعد، أو يقعد. أو في الدار أو عندك، أو قاعد، خلافًا لابن السيد2، ولا للتقريب، نحو: كأنك بالدنيا لم تكن، خلافًا لأبي الحسين الأنصاري، ولا للنفي نحو: كأنك دال عليها، أي: ما أنت دال عليها، خلافًا للفارسي.

"و" الحرف "الخامس: ليت"، وهي للتمني وهو طلب ما لا طمع فيه، أو ما فيه عسر." فالأول "نحو" قول الطاعن في السن:"ليت الشباب عائد" فإن عود الشباب لا طمع فيه، لاستحالته عادة. و" الثاني نحو "قول منقطع الرجاء" من مال يحج به، "ليت لي مالًا فأحج منه"، فإن حصول المال ممكن، ولكن فيه عسر ويمتنع: ليت غدا يجيء، فإن غدًا واجب المجيء، والحاصل أن التمني يكون في الممتنع والممكن، ولا يكون في الواجب.

"و" الحرف "السادس: "لعل"، وهي للتوقع، وعبر عنه قوم بالترجي في" الشيء "المحبوب، نحو:" لعل الحبيب قادم، ومنه عند البصريين:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، "والإشفاق في" الشيء "المكروه، نحو:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: 6]، أي: قاتل نفسك، والمعنى: أشفق على نفسك أن تقتلها حسرة على ما فاتك من إسلام قومك، قاله في الكشاف3.

فتوقع المحبوب يمسى ترجيًا، وتوقع المكروه ويسمى إشفاقًا، ولا يمكن التوقع إلا في الممكن، وأما قول فرعون:{لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} [غافر: 36، 37]

1 في الارتشاف 2/ 129: "زعم الكوفيون والزجاجي أن "كأن" تكون للتحقيق".

226-

البيت للحارث بن خالد في ديوانه ص93، والاشتقاق ص101، 147، وبلا نسبة في الجنى الداني ص571، وجواهر الأدب ص93، والدرر 1/ 280، وشرح شواهد المغني 2/ 515، ولسان العرب 12/ 461 "قثم" ومغني اللبيب 1/ 192، وهمع الهوامع 1/ 133.

2 في الارتشاف 2/ 192: "وزعم الكوفيون والزجاجي وتبعهم ابن الطراوة وابن السيد أنه إذا كان الخبر صفة أو فعلًا أو جملة أو ظرفًا كانت "كأن" للشك، نحو: ظننت وتوهمت.

3 الكشاف 2/ 473.

ص: 295

فجهل منه، أو إفك، قاله في المغني1.

والإشفاق لغة الخوف، يقال: أشفقت عليه بمعنى: خفت عليه، وأشفقت منه بمعنى: خفت منه وحذرته. "قال الأخفش" والكسائي: "و" تأتي "لعل""للتعليل، نحو" ما قال الأخفش: يقول الرجل لصاحبه: "أفرغ عملك لعلنا نتغدى"، واعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، أي: لنتغدى ولتأخذ2 ا. هـ.

"ومنه": أي: من التعليل: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} . [طه: 44]، أي: ليتذكر. قال في المغني3: ومن لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء، ويصرفه للمخاطبين، أي: اذهبا على رجائكما، ا. هـ.

"قال الكوفيون4": وتأتي "لعل""للاستفهام". قال في المغني5: ولهذا علق بها الفعل، "نحو":{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس: 3] ا. هـ.

وعلى هذا فالتقدير: لا تدري أألله يحدث بعد ذلك أمرًا، وما يدريك أيزكى، والمعنى: لا تدري جواب أألله يحدث، وما يدريك جواب أيزكى، قاله قريب الموضح في حاشيته: وهذان المعنيان لا يثبتهما البصريون.

"وعقيل" بالتصغير "تجيز جر اسمها، وكسر لامها الأخيرة"، وحذف لامها الأولى وإثباتها، قال شاعرهم:[من الطويل]

227-

.................

لعل أبي المغوار منك قريب

وظاهر كلامه هنا أنها في حال الجر عاملة عمل "إن" وأن اسمها في موضع نصب، وخالف ذلك في المغني6، فقال له نصه: واعلم أن مجرور "لعل" في موضع رفع بالابتداء لتنزيل "لعل" منزلة الجار الزائد، نحو: بحسبك درهم بجامع ما بينهما من عدم التعلق بعامل، وقوله "قريب" خبر ذلك المبتدأ ا. هـ.

1 مغني اللبيب ص379.

2 معاني القرآن للأخفش 2/ 631.

3 مغني اللبيب ص379.

4 الارتشاف 2/ 130، ومغني اللبيب ص379.

5 معني اللبيب ص379.

227-

تقدم تخريج البيت برقم 135.

6 مغني اللبيب ص377.

ص: 296

"و" الحرف "السابع "عسى" في لغية" بالتصغير، "وهو بمعنى: لعل" في الترجي والإشفاق، فحملت في العمل عليها، كما حملت "لعل" على "عسى" في إدخال أن في خبرها، كالحديث1: "لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض".

"وشرط اسمها أن يكون ضميرًا" لغائب أو متكلم أو مخاطب، "كقوله" وهو صخر بن الجعد الخضري، وكان ترجى أن محبوبته يصيبها مرض، ليكون ذلك وسيلة إلى عيادته إياها:[من الطويل]

228-

فقلت عساها نار كأس وعلها

تشكى فآتي نحوها فأعودها

فالهاء المتصلة بـ"عسى" اسمه، و"نار كأس" خبره، "وقوله" هو عمران بن حطان الخارجي، وكان سنيا فتزوج امرأة من الخوارج، فقيل له فيها، فقال: أردها عن مذهبها، فغلبت هي عليه وأضلته عن مذهب أهل السنة:[من الوافر]

229-

ولي نفس تنازعي إذا ما

"أقول لها لعلي أو عساني"

فياء المتلكم اسم "عسى"، وخبره محذوف، وقول آخر:[من الرجز]

230-

يا أبتا علك أو عساكا

1 أخرجه البخاري في كتاب المظالم برقم 2534.

228-

البيت لضخر بن جعد الخضري في الدرر اللوامع 1/ 278، وشرح شواهد المغني ص446، والمقاصد النحوية 2/ 227، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 329، والجنى الداني 469، وخزانة الأدب 5/ 350، ومغني اللبيب ص153، وهمع الهوامع 1/ 132.

229-

البيت لعمران بن حطان في الارتشاف 2/ 125، وتذكرة النحاة 440، وخزانة الأدب 5/ 337، 349، وشرح أبيات سيبويه 1/ 524، وشرح المفصل 3/ 120، 7/ 123، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 2/ 229، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 330، وتذكرة النحاة ص495، والجنى الداني ص466، والخزانة 5/ 363، والخصائص 3/ 5، ورصف المباني ص249، وشرح المفصل 3/ 10، 118، والمقتضب 3/ 72، والمقرب 1/ 101، وشرح التسهيل 1/ 397.

230-

الرجز لرؤبة في ملحقات ديوانه ص181، وخزانة الأدب 5/ 362، 367، 368، وشرح أبيات سيبويه 2/ 164، وشرح شواهد المغني 1/ 433، وشرح المفصل 7/ 123، 2/ 90، والكتاب 2/ 375، والمقاصد النحوية 4/ 252، وللعجاج في ملحق ديوانه 2/ 310، وتهذيب اللغة 1/ 106، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336، والإنصاف 1/ 222، والجنى الداني ص446، 470، والخصائص 2/ 96، والدرر 1/ 277، ورصف المباني ص29، 249، 355، وسر صناعة الإعراب 1/ 406، 2/ 493، 502، وشرح الأشموني 1/ 133، 2/ 458، وشرح المفصل 2/ 12، 3/ 118، 120، 8/ 87، 9/ 33، واللامات ص 135، ولسان العرب 14/ 349 "روي" وما ينصرف وما لا ينصرف 130، والمقتضب 3/ 71، ومغني اللبيب 1/ 151، 2/ 699، وهمع الهوامع 1/ 132، وتاج العروس "الياء".

ص: 297

فالكاف اسمه، وخبره محذوف. وما ذكره الموضح من أن الضمير المتصل بـ"عسى" هو اسمه وهو في موضع نصب، وما بعده خبره هو مذهب سيبويه1.

وذهب المبرد2 والفارسي3 إلى أن الضمير خبر "عسى" مقدمًا، وما بعده اسمها مؤخرًا.

ورُدّ قولهما بأمرين:

أحدهما: أداؤه إلى كون خبر "عسى"اسمًا مفردًا، وهو ضرورة، أو شاذ جدا.

والثاني: إن من قال "أو عساها" فقط، اقتصر على فعل ومنصوبه دون مرفوعه، ولا نظير لذلك، ولا يرد هذا على سيبويه؛ لأنه يرى أن "عسى" الذي ينصب الاسم حرف، فهو نظير، إن مالًا وإن ولدًا4.

وذهب الأخفش إلى أن الضمير المنصوب في موضع رفع على أنه اسمها، وما بعده خبرها، وأنه وضع المنصوب موضوع المرفوع.

231-

فقلت عساها نار كأس.....

....................................

برفع "نار"، "وهو" أي:"عسى""حينئذ"، أي: حين إذ نصب الاسم، ورفع الخبر "حرف" كـ"لعل" لئلا يلزم حمل الفعل على الحرف. "وفاقًا للسيرافي"، بكسر السين، "ونقله"، أي: نقل السيرافي القول بحرفيته "عن سيبويه5، خلافًا للجمهور في إطلاق القول بفعليته"، سواء أكان بمعنى "لعل" أم لا. "و" خلافًا "لابن السراج6" وثعلب "في إطلاق القول بحرفيته".

والحاصل في "عسى" ثلاثة أقوال. فعل مطلقًا، حرف مطلقًا، التفصيل، إن عمل عمل "لعل" فحرف، وإلا ففعل. ومحل الخلاف في "عسى" الجامدة. أما "عسى" المتصرفة فإنها فعل باتفاق ومعناها اشتد، قال عدي:[من الكامل]

1 الكتاب 2/ 374، 375.

2 المقتضب 3/ 71.

3 الجنى الداني ص470.

4 الكتاب 2/ 141.

231-

تقدم تخريج البيت برقم 228.

5 الكتاب 2/ 375.

6 الأصول 1/ 229.

ص: 298

232-

لولا الحياء وأن رأسي قد عسى

فيه المشيب لزرت أم القاسم

أي: قد اشتد.

"و" الحرف "الثامن "لا" النافية للجنس، وستأتي" في باب معقود لها بعد بهذا.

"و" هذه الأحرف الثمانية "لا يتقدم خبرهن" عليهن "مطلقًا" من غير استثناء، ولو كان ظرفًا، أو جارا ومجرورًا لعدم تصرفهن. "ولا يتوسط" خبرهن بينهن وبين أسمائهن؛ لأن التوسط يذهب صورة ما أراد: من تقديم المنصوب، وتأخير المرفوع، ومن عادتهم أنهم إذا تركوا شيئًا لا يعودون إليه، قال:[من الطويل]

232-

إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكن

عليه بوجه آخر الدهر تقبل

"إلا إن كان الحرف" العامل "غير: عسى، و: لا"؛ لأن شرط عملهما اتصال اسمهما بهما، "و" إلا إن كان "الخبر ظرفًا أو مجرورًا" فيجوز توسطه فالظرف "نحو:{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: 12] فـ"لدينا" خبر مقدم، و"أنكالًا" اسمها مؤخر، والمجرور، نحو:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَة} [آل عمران: 13] فالمجرور خبر مقدم، و"عبرة" اسمها مؤخر، وقد يجب التوسط، نحو: إن عند هند عبدها، وإن في الدار مالكها، واغتفروا التوسط بالظرف والمجرور فيهما لكثرتهما، ولا يلزم من تجويزهم التوسط تجويزهم التقدم على هذه الأحرف؛ لأنه لا يلزم من تجويز الأسهل تجويز غيره، بخلاف العكس، وإلى جواز التوسط بالظرف وعديله أشار الناظم بقوله:

176-

وراع ذا الترتيب إلا في الذي

كليت فيها أو هنا غير البذي

ولا يلي هذه الأحرف معمول خبرها، إلا إن كان ظرفًا أو مجرورًا، ويجوز توسطه بين الاسم والخبر مطلقًا.

232- البيت لعدي بن الرقاع ص99، والأغاني 3/ 374، 9/ 304، 307، وأمالي المرتضى 1/ 511، وسمط اللآلي ص521، وشرح شواهد المغني 1/ 492، والشعر والشعراء 2/ 624، ولسان العرب 12/ 100 "جسم"، 15/ 28 "عتا" ومعجم البلدان 2/ 94 "جاسم" ومغني اللبيب 1/ 173، وبلا نسبة في اللامات ص129.

233-

لم أجد البيت في مصادر أخرى.

ص: 299

"فصل":

"تتعين "إن" المكسورة" وهي الأصل عند الجمهور: "حيث لا يجوز أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها، و" تتعين "أن: المفتوحة"، وهي الفرع1، "حيث يجب ذلك"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

177-

وهمز إن افتح لسد مصدر

مسدها وفي سوى ذاك اكسر

"ويجوزان" بألف التثنية، أي: ويجوز "إن" المكسورة والمفتوحة "إن صح الاعتباران" وهما سد المصدر مسدها، ومسد معموليها، وعدمه.

"فالأول" وهو تعيين "إن" المكسورة في مواضع "عشرة"، لا يجوز فيها أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها"، "وهي أن تقع في الابتداء" حقيقة. "نحو: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 3]، [القدر: 1] ، إذ لو فتحت لصارت مبتدأ بلا خبر؛ لأن المفتوحة في تأويل مفرد، والمفرد لا يستقل به الكلام، و"في ليلة" متعلق بـ"أنزلنا" لا بالاستقرار. أو حكمًا، "ومنه"، أي: من الابتداء الحكمي: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} [يونس: 62] لأن "إن" الواقعة بعد "ألا" الاستفتاحية واقعة في الابتداء حكمًا. "أو" تقع "تالية لـ"حيث"، نحو: جلست حيث إن زيدًا جالس"، أو لـ"إذ"، كـ: جئتك إذ إن زيدًا أمي؛ لأن "حيث وإذ" لا يضافان إلا إلى الجمل. وفتح "إن" يؤدي إلى إضافتها إلى المفرد. "أو" تالية "لموصول" اسمي، أو حرفي، "نحو":{وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ} [القصص: 76] فـ"ما" موصول اسمي، ووجب كسر "إن" بعدها لوقوعها في صدر الصلة، وصلة الموصول غير "أل" يجب أن تكون جملة، "بخلاف الواقعة في حشو الصلة نحو: جاء الذي عندي أنه فاضل"، فإنه يجب فتحها فإنها مع

1 في همع الهوامع 1/ 138: "قال قوم: المفتوحة أصل المكسورة، وقال آخرون، كل واحدة أصل برأسها".

ص: 300

معموليها مبتدأ تقدم خبره في الظرف قبله، والمبتدأ وخبره صلة "الذي"، وإنما وجب كسرها في نحو: أعجبني الذي أبوه إنه منطلق مع أنها واقعة في حشو الصلة؛ لأنها خبر اسم عين، فإطلاقه هنا محمول على تقييده بعد، "و" بخلاف "قولهم: لا أفعله ما أن حراء مكانه" بفتح "أن" لوقوعها في حشو الصلة تقديرًا "إذ التقدير: ما ثبت ذلك" أي: ما ثبت أن حراء مكانه، "فليست في التقدير تالية للموصول" لأنها فاعل بفعل محذوف، والجملة الفعلية صلة "ما" الموصول الحرفي الظرفي، والمعنى: لا أفعله مدة ثبوت حراء مكانه، وحراء بكسر الحاء المهملة، وبالراء جبل على ثلاثة أميال من مكة على يسار الذاهب إلى منى. قال القاضي عياض: يمد ويقصر، ويؤنث ويذكر، فعلى التذكير يصرف، وعلى التأنيث يمنع والتذكير بإرادة الموضع، والتأنيث بإرادة البقعة.

"أو تقع جوابًا لقسم" لم يذكر فعله أو ذكر، وجاءت اللام، فالأول "نحو:{حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} [الدخان: 1-3] والثاني: نحو أقسمت إن زيدا لقائم؛ لأن جواب القسم يجب أن يكون جملة.

"أو" تقع "محكية بالقول، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} [مريم: 30] ؛ لأن المحكي بالقول لا يكون إلا جملة. أو ما يؤدي معناها، فإن وقعت بعد القول غير محكية فتحت، نحو: أخصك بالقول أنك فاضل، ونحو: أتقول أن زيدًا عاقل، فإنها في الأول للتعليل، أي: لأنك فاضل، وفي الثاني للقول بمعنى الظن.

"أو" تقع "حالًا" مقرونة بالواو، أولًا، فالأول "نحو:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] ، فجملة "إن" ومعموليها في موضع نصب على الحال، والثاني نحو: جاء زيد إنه فاضل ولم تفتح "إن" فيهما، وإن كان الأصل في الحال الإفراد؛ لأن "أن" المفتوحة مؤولة بمصدر معرفة، وشرط الحال التنكير1.

وأما: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] فإنما كسرت "إن" لأجل اللام لا لوقعها حالًا، على أن ابن الخباز قال في الكفاية: يجب كسر "إن" بعد "إلا"، نحو: ما يعجبني فيه إلا إنه يقرأ القرآن ا. هـ.

"أو" تقع "صفة" لاسم عين، "نحو: مررت برجل إنه فاضل"؛ لأن الفتح يؤدي إلى وصف أسماء الأعيان بالمصادر، وهي لا توصف بها إلا بتأويل، وذلك مفقود مع

1 في "ب": "النكرة".

ص: 301

"إن" بخلاف الواقع في حشو الصفة فإنها تفتح، نحو: مررت برجل عندي أنه فاضل، فإن الوصف بالجملة لا بالمصدر.

"أو تقع بعد عامل علق" عن عمله فيها "باللام" الابتدائية، "نحو:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] لأنها لو فتحت لزم تسليط العامل عليها، ولام الابتداء لها صدر الكلام، وما له صدر الكلام يمنع ما قبله أن يعمل فيما بعده وهذه اللام وإن كانت متأخرة في اللفظ فرتبتها التقديم على "إنّ"، وإنما أخرت لئلا يدخل حرف توكيد على مثله، ولم تؤخر "إن" لقوتها بالعمل، وإنما فتحت في نحو: علمت أن زيدًا لقعد؛ لأن اللام ليست للابتداء لدخولها على الفعل الماضي، وسيأتي أنها لا تدخل عليه إلا مع "قد" ظاهرة أو مقدرة.

"أو" تقع "خبرًا عن اسم ذات" غير منسوخ، "نحو: زيد إنه فاضل"؛ لأن المصدر لا يخبر به عن أسماء الذوات، إلا بتأويل، وذلك ممتنع مع "أن"، أو منسوخ، "ومنه": {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} " [الحج: 17] ، فجملة إن ومعموليها خبر "إن الذين أمنوا" وما عطف عليه وهي أسماء ذوات. قيل: وبقي عليه الواقعة بعد "كلا" نحو: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] ، والمقرون خبرها باللام من غير تعليق، نحو: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ} [الأعراف: 167] . والواقعة بعد "حتى" الابتدائية، نحو: مرض زيدًا حتى إنهم لا يرجونه، والتابعة لشيء من ذلك، نحو: إن زيدا فاضل، وإن عمرًا جاهل؛ فإن في ذلك كله واجبة الكسر، والحق أن "إن" في ذلك كله ابتدائية، فهي داخلة في قوله، أولًا أن تقع في الابتداء واقتصر الناظم على ستة مواضع فقال: 178- فاكسر في الابتدا وفي بدء صله وحيث إن ليمين مكمله

179-

أو حكيت بالقول أو حلت محل حال كزرته وإني ذو أمل

180-

وكسروا من بعد فعل علقا

باللام.....................

"والثاني:" وهو تعين "أن" المفتوحة "في" مواضع "ثمانية" يجب فيها أن يسد المصدر مسد "أن"1 وسد معموليها، "وهي أن تقع فاعلة، نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] ، أو تقع مفعولة غير محكية" بالقول، "نحو:{وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ} " [ألأنعام: 81] أي: إشراككم، بخلاف المحكية بالقول فإنها واجبة الكسر كما تقدم.

1 في "ط": "مسدها" مكان "مسد أنّ".

ص: 302

"أو" تقع "نائبة عن الفاعل نحم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ} [الجن: 1] ، أي: استماع نفر. "أو" تقع "مبتدأ" في الحال، أو في الأصل.

فالأول نحو: " {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} "[فصلت: 39] أي: رؤيتك الأرض من آياته، هذا مذهب الخليل. وقال المطرزي: اسم الحدث المرفوع بعد الظرف فاعل عند سيبويه، وإن لم يعتمد الظرف على1 شيء، ومنه:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} ا. هـ.

والثاني نحو: كان عندي أنك فاضل، والفرق بين قوله أولًا أن تقع في الابتداء، وقوله هنا أن تقع مبتدأ أنها إذا وقعت في الابتداء تكون داخلة في أول جملة مستقلة، وإذا وقعت مبتدأ تكون مع معموليها في تأويل مرفوع على الابتداء محتاج إلى خبر، ومنه عند سيبويه2:" {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} "[الصافات: 143] ثم قيل لا يحتاج لخبر لاشتمال صلتها على

المسند إليه، وقيل: له خبر محذوف، والتقدير: لولا كونه من المسبحين موجود.

وذهب المبرد والزجاج والكوفيون إلى أنه فاعل بفعل محذوف، والتقدير: فلولا ثبت أنه كان من المسبحين، على الخلاف في:{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5] وقاله في المغني3.

"أو" تقع "خبرًا عن اسم معنى غير قول ولا صادق عليه" أي: على اسم المعنى "خبرها" أي:

خبر "أن"، "نحو: اعتقادي أنه فاضل" فيجب فتحها؛ لأنها خبر "اعتقادي"، وهو اسم معنى غير قول ولا صادق على اعتقادي خبرها؛ لأن "فاضل" لا يصدق على الاعتقاد، وإنما فتحت لسد المصدر مسدها ومسد معموليها، والتقدير: اعتقادي فضله، أي: معتقدي ذلك، ولم يجز كسرها على أن تكون مع معموليها جملة مخبرًا بها عن "اعتقادي" لعدم الرابط؛ لأن اسم "إن" لا يعود على المبتدأ الذي هو "اعتقادي"؛ لأن خبرها غير صادق عليه، فهو يعود على غيره، فتبقى الجملة بلا رابط، "بخلاف قولي: إنه فاضل" فيجب كسرها؛ لأنها وقعت خبرًا عن "قولي"، ولا تحتاج إلى رابط؛ لأن الجملة إذا قصد حكاية لفظها كانت نفس المبتدأ في المعنى، والتقدير: قولي هذا اللفظ لا غيره، أما إذا أريد أن جملة "أن" منصوبة بـ"قولي" كانت من

1 الكتاب 3/ 119، 120.

2 الكتاب 3/ 139، 140.

3 مغني اللبيب ص356.

ص: 303

تتمة المبتدأ، فتحتاج إلى خبر ولا يصح فتحها لفساد المعنى؛ لأن القول لا يخبر عن بالفضل، "وبخلاف: اعتقاد زيد إنه حق" فيجب كسرها أيضًا؛ لأن خبرها وهو "حق" صاقد على "الاعتقاد"، ولا مانع من وقوع جملة "أن" ومعموليها خبرًا عن المبتدأ؛ لأن اسم "أن" رابط بينهما، ولا يصح فتحها؛ لأنه يصير اعتقاد زيد كون اعتقاده حقا، وذلك لا يفيد؛ لأن الخبر لا بد أن يستفاد ما لا يستفاد من المبتدأ وسكت عن القسم الرابع. وهو أن تقع خبرًا عن قول، وخبرها صادق عليه نحم: قولي إنه حق، لظهور أنها إذا كانت تكسر مع أحدهما فمعهما أولى.

أو تقع "مجرورة بالحرف، نحو {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [الحج: 6] ؛ لأن المجرور بالحرف لا يكون إلا مفردًا.

أو تقع "مجرورة بالإضافة" إلى غير ظرف، "نحو:{إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 23] ، فـ" مثل" مضاف إلى "أنكم تنطقون"، و"ما" صلة، أي: مثل نطقكم؛ لأن المجرور بالمضاف حقه الإفراد إذا لم يكن المضاف ظرفًا يقتضي الجملة، فإن كان كذلك كسرت كما تقدم في "حيث و"إذ".

أو تقع تابعة لشيء من ذلك، وهي إما أن تكون "معطوفة على شيء من ذلك نحو:{اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} [البقرة: 122] ، فـ" أني فضلتكم" معطوف على "نعمتي"، وهو مفعول به، والمعنى: اذكروا نعمتي وتفضيلي.

"أو مبدلة من شيء من ذلك، نحو: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} "[الأنفال: 7] فـ"أنها لكم" بدل اشتمال من "إحدى" والتقدير: إحدى الطائفتين كونها لكم. فهذه الأماكن الثمانية يجب فتح "أن" فيها؛ لأنها أماكن المفردات، لا أماكن الجمل.

والثالث:" ما يجوز فيه الأمران، كسر "إن" وفتحها، باعتبارين مختلفين، وذلك "في" مواضع "تسع:

أحدها: أن تقع بعد فاء الجزاء، نحو:" {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} من قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} الآية"[الأنعام: 54] قرئ بكسر "إن" وفتحها1، "فالكسر" على جعل ما بعد فاء الجزاء جملة تامة "على معنى: فهو غفور رحيم، والفتح"، على تقدير أن ومعموليها مبتدأ، خبره محذوف، أو خبر مبتدأ محذوف،

1 قرأها عاصم وابن عامر بالفتح "فأنه"، وقرأها الباقون بالكسر. انظر النشر 2/ 258.

ص: 304

"على معنى: فالغفران والرحمة، أي: حاصلان، أو فالحاصل الغفران والرحمة"، وإذا دار الأمر بين حذف أحد الجزأين فحذف المبتدأ أولى؛ لأنه المعهود في الجملة الجزائية "كما قال تعالى:{وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ} [فصلت: 49]، أي: فهو يئوس".

الموضع "الثاني: أن تقع بعد "إذا" الفجائية" نسبة إلى الفجاءة، بضم الفاء والمد، والمراد بها: الهجوم والبغتة، تقول: فاجأني كذا، إذا هجم عليك بغتة، والغرض من الإتيان بها الدلالة على أن ما بعدها يحصل بعد وجود ما قبلها، على سبيل المفاجأة "كقوله":[من الطويل]

234-

وكنت أرى زيدًا كما قيل سيدا

"إذ أنه عبد القفا واللهازم"

أنشده سبيويه، ولم يعزه إلى أحد، وأرى بضم الهمزة بمعنى: أظن يتعدى إلى اثنين، وهما زيدًا وسيدًا، وما بينهما اعتراض، "فإذا أنه" يروى بكسر "إن" وفتحها، "فالكسر على معنى" الجملة، أي:"فإذا هو عبد القفا"، فالجملة مذكورة بتمامها، "والفتح على معنى" الإفراد، "فإذا العبودية، أي: حاصلة" على جعلها مبتدأ، حذف خبره1، "كما تقول: خرجت فإذا الأ سد" أي: حاضر، وذهب قوم إلى أن "إذا" هي الخبر، فعلى هذا لا حذف، واللهازم جمع لهزمة، بكسر اللام وبالزاي، وهو: طرف الحلقوم، وقيل: مضغة تحت الأذن، والمعنى: كنت أظن سيادته، فلما نظرت إلى قفاه ولهازمه تبين لي عبوديته وقيل المعنى: كنت أظنه سيدًا كما قيل فإذا هو ذليل خسيس عبد البطن، وخص هذين بالذكر؛ لأن القفا موضع الصفع، واللهازم موضع اللكز.

الموضع "الثالث: أن تقع في موضع التعليل نحو:"{إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} ، من قوله تعالى:{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28]، قرأ نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام العلة" أي: لأنه2 وحرف الجر إذا دخل على "أن" لفظًا أو تقديرًا فتح همزتها، فهو تعليل إفرادي، "و" قرأ "الباقون" من السبعة

234- البيت بلا نسبة في الارتشاف 2/ 240، وأوضح المسالك 1/ 338، وتخليص الشواهد 348، والجنى الداني 378، 411، وجواهر الأدب 352، وخزانة الأدب 10/ 265، والخصائص 2/ 399، والدرر 1/ 291، وشرح ابن الناظم 119، وشرح الأشموني 1/ 138، وشرح التسهيل 2/ 22، وشرح شذور الذهب 207، وشرح ابن عقيل 1/ 356، وشرح عمدة الحافظ 828، وشرح المفصل 4/ 97، 8/ 61، والكتاب 3/ 144، والمقاصد النحوية 2/ 224، والمقتضب 2/ 351، وهمع الهوامع 1/ 138.

1 في شرح التسهيل 2/ 22: "والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير محذوف".

2 انظر النشر 2/ 378.

ص: 305

"بالكسر على أنه تعليل مستأنف" بياني، فهو في المعنى جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله، فكأنهم لما قالوا:{إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} قيل لهم لم فعلتم ذلك، فقالوا:{إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} فهو تعليل جملي، "مثل:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} " [التوبة: 103] بكسر "إن" على أنه تعليل مستأنف، "ومثله" في جواز الوجهين: "لبيك إن الحمد والنعمة لك" يروى بكسر "إن" وفتحها1 فالفتح على تقدير لام العلة، والكسر على أنه تعليل مستأنف، وهو أرجح؛ لأن الكلام حينئذ جملتان، لا جملة واحدة، وتكثير الجمل في مقام التعظيم مطلوب، قاله الموضح في شرح بانت سعاد2.

والكسر اختيار أبي حنفية، والفتح اختيار الشافعي، قاله في الكشاف3.

الموضع "الرابع: أن تقع بعد فعل قسم ولا لام بعدها، كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز]

235-

"أو تحلفي بربك العلي

إني أبو ذيالك الصبي"

يروى بكسر "إن" وفتحها "فالكسر على الجواب" للقسم "والبصريون يوجبونه4"، واختاره الزجاجي5، "والفتح" عند الكسائي والبغداديين وأوجبه أبو عبد الله الطوال "بتقدير "على"" و"أن" مؤولة بمصدر معمول لفعل القسم، وهو "تحلفي"، بإسقاط الخافض، وعلى هذا ليست جوابًا للقسم؛ لأنها مفرد وجواب القسم لا يكون إلا جملة، وإذا امتنع أن يكون جوابًا للقسم كان الفعل إخبارًا بمعنى الطلب للقسم، لا قسما، إذ الأصل في الجواب أن يكون مذكورًا، لا محذوفًا، "ولو أضمر الفعل"، أي: فعل القسم، وذكرت اللام، أو لم تذكر، "أو ذكرت اللام" وذكر فعل القسم "تعين الكسر إجماعًا" من العرب "نحو: والله إن زيدًا" لقائم أو "قائم، وحلفت إن زيدًا لقائم" وحكى

1 انظر الكتاب 3/ 128.

2 شرح بانت سعاد ص145، 146.

3 الكشاف 2/ 212.

235-

الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص188، والمقاصد النحوية 2/ 232، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 340، وتخليص الشواهد ص348، وشرح ابن الناظم ص120 وشرح الأشموني 1/ 138، وشر التسهيل 2/ 52، والجنى الداني ص413، وشرح ابن عقيل 1/ 358، وشرح عمدة الحافظ 231، ولسان العرب 15/ 450 "ذا" واللمع في العربية ص304، وتاج العروس "ذا".

4 انظر همع الهوامع 1/ 137، والارتشاف 2/ 139.

5 في الجمل ص58: "والكسر أجود وأكثر في كلام العرب، والفتح جائز قياسًا".

ص: 306

ابن كيسان عن الكوفيين جواز الوجهين إذا أضمر الفعل، ولم تذكر اللام1، نحو: والله إن زيدًا قائم، وأنهم يفضلون الفتح في هذا المثال على الكسر، وأن أبا عبد الله الطوال منهم يوجبه، وهذا لا يقدح في دعوى الإجماع السابقة عن العرب، فإن الكوفيين، ومنهم الطوال لم يثبت لهم سماع بذلك.

الموضع "الخامس: أن تقع خبرًا عن قول ومخبرًا عنها بقول والقائل" للقولين شخص "واحد، نحو: قولي إني أحمد الله"، بفتح "إن" وكسرها، فإذا فتحت فالقول على حقيقته من المصدرية. أي: قولي حمد الله، وإذا كسرت فهو بمعنى المقول، أي: مقولي إني أحمد الله، قاله الموضح في حواشيه على التسهيل، ومن خطه نقلت. فالخبر على الأول مفرد، وعلى الثاني جملة، وهي مستغنية عن العائد؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى، على حد قوله تعالى:{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: 10] قاله الموضح في شرح الشذور2.

"ولو انتفى القول الأول فتحت وجوبًا، نحو: عملي أني أحمد الله" لأنها خبر عن اسم معنى غير قول، والتقدير: عملي حمد الله، وهذا مبني على انحصار العمل في الحمد، إذ لا يخبر بالخاص عن العام إلا إذا ادعي انحصاره فيه، نحو: صديقي زيد؛ لأن المحمول لا يكون أخص من الموضوع، ولا يقال: الحيوان إنسان، وإنما يكون أعم منه كالإنسان حيوان، أو مساويًا كالإنسان الناطق، ولا يجوز كسرها لعدم العائد على المبتدأ، وبذلك فارقت: اعتقاد زيد إنه حق، والجامع بينهما أن خبر "أن" فيهما يصدق على المبتدأ، إلا أن يقال باستغنائها عن العائد لكونها نفس المبتدأ في المعنى فيشكل الفرق، "ولو انتفى القول الثاني، أو" وجد القولان، ولكن "اختلف القائل" لهما "كسرت" وجوبًا فيهما، فالأول "نحو: قولي إني مؤمن"، فالقول بمعنى المقول مبتدأ وجملة "إني مؤمن" خبره، وهي نفسه في المعنى، فلا تحتاج لرابط، ولا يصح الفتح؛ لأن الإيمان لا يخبر به عن القول لاختلاف مورديهما، فإن الإيمان مورده الجنان، والقول مورده اللسان. "و" الثاني نحو: "قولي إن زيدًا يحمد الله"، فالكسر على ما مر قبله، ولا يصح الفتح لفساد المعنى، إذ لا يصح أن يقال: حمد زيد الله؛ لأن "حمد زيد" غير قائم بالمتكلم، فكيف يسنده المتكلم إلى نفسه.

1 انظر الارتشاف 2/ 139.

2 شرح شذور الذهب ص208.

ص: 307

الموضع "السادس: "أن تقع بعد واو مسبوقة بمفرد صالح للعطف عليه نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 118، 119] قرأ نافع وأبو بكر بالكسر1" في {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ} . "أما على الاستئناف" فتكون جملة منقطعة عما قبلها، "أو بالعطف على جملة "إن" الأولى"، وهي: إن لك أن لا تجوع، وعليهما فلا محل لها من الإعراب. "و" قرأ "الباقون" من السبعة "بالفتح، بالعطف على أن لا تجوع"، من عطف المفرد على مثله، والتقدير: أن لك عدم الجوع، وعدم الظمأ.

واحترز بقوله: صالح للعطف عليه من نحو قولك: إن لي مالًا وإن عمرًا فاضل، فإن مالًا مفرد غير صالح للعطف عليه، إذ لا يصح أن يقال: أن لي مالًا وفضل عمرو، فيجب كسر "إن".

الموضع "السابع: أن تقع بعد حتى"، من حيث هي، ثم تارة يجب كسرها، وتارة يجب فتحها، وليس المراد جواز الفتح والكسر في محل واحد، كما مر قبله، "بل يختص الكسر بالابتدائية، نحو: مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه"؛ لأن "حتى" الابتدائية منزلة منزلة "ألا" الاستفتاحية، فتكسر "إن" بعدها "و" يختص "الفتح بالجارة والعاطفة2، نحو عرفت أمورك حتى أنك فاضل"، فـ"حتى" في هذا المثال تصلح لأن تكون جارة، ولأن تكون عاطفة، و"أن" فيهما مفتوحة، فإن قدرت "حتى" جارة فـ"أن" في موضع جر بها، وإن قدرتها عاطفة فـ"أن" في موضع نصب، والتقدير على الجر: عرفت أمورك إلى فضلك، وعلى النصب: عرفت أمورك وفضلك، أما فتحتها في الجر فلدخول الجار عليها، وأما فتحها في النصب فلعطفها على المفعول.

الموضع "الثامن: أن تقع بعد "أما"" بفتح الهمزة، وتخفيف الميم، "نحو: أما إنك فاضل، فالكسر على أنها" أي:"أما""حرف استفتاح"، فتكون حرفًا واحدًا، "بمنزلة: ألا" الاستفتاحية، وتلك تكسر "إن" بعدها، "والفتح على أنها" مركبة من همزة الاستفهام، و"ما" العامة بمعنى شيء، وصارا بعد التركيب "بمعنى "حقا"" بتقديم الهمزة على "حقا" على الصواب، لا بإسقاطها، كما قال الموضح في الحواشي، وهو قليل، فالهمزة للاستفهام، و"ما" في محل نصب على الظرفية كما

1 انظر قراءتها بالكسر في الإتحاف ص308، والنشر 2/ 322.

2 انظر الكتاب 3/ 143.

ص: 308

انتصب عليها "حقا" في قوله: [من الوافر]

236-

أحقا أن جيرتنا استقلوا

فنيتنا ونيتهم فريق

تقديره: أفي حق، وقد جاء مصرحًا بـ"في"، كقوله:[من الوافر]

237-

أفي حق مواساتي أخاكم

..............................

و"أن" وصلتها في موضع رفع على الابتداء عند سيبويه1 والجمهور، فهي بمنزلتها في:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} [فصلت: 39] ، وعلى الفاعلية عند المبرد وابن مالك2، فهمي بمنزلتها في {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} [العنكبوت: 51] وأصل ذلك أن "حقا" عند سيبويه ظرف مجازي بمنزلة "كيف1". ومصدر بدل من اللفظ بفعله عند المبرد3، وابن مالك4، ورده أبو حيان5.

الموضع "التاسع: أن تقع بعد "لا جرم"، والغالب الفتح، نحو: {لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ} [النحل: 23] فالفتح عند سيبويه6 على أن "جرم: فعل ماض" معناه وجب، "و "أن" وصلتها فاعل، أي: وجب أن الله يعلم، و"لا" صلة" زائدة للتوكيد، ورده الفراء بأن "لا" لا تزاد في أول الكلام، وعلله في المغني7 بأن زيادة الشيء

236- البيت للمفضل النكري، في الأصمعيات ص200، وشرح أبيات سيبويه 2/ 208، وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر 2/ 214، وشرح شواهد المغني 1/ 170، ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكري في تخليص الشواهد ص351، والمقاصد النحوية 2/ 235، وللعبدي في خزانة الأدب 10/ 277، والكتاب 3/ 136، وبلا نسبة في الجنى الداني 391، وشرح ابن الناظم ص121، وشرح الأشموني 1/ 92، وشرح التسهيل 1/ 23، ولسان العرب 10/ 301، "فرق" ومغني اللبيب 1/ 54، 68، وهمع الهوامع 2/ 71.

237-

عجز البيت:

"بما لي ثم يظلمني السريس"

، والبيت لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص636، والأغاني 12/ 129، وخزانة الأدب 10/ 280، 281، 282، ولسان العرب 6/ 106 "سرس"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص353، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص983.

1 الكتاب 3/ 137.

2 شرح التسهيل 2/ 23، 24.

3 على تقدير: أحلف بالله أنك ذاهب، انظر الارتشاف 2/ 142.

4 شرح التسهيل 2/ 23.

5 الارتشاف 2/ 142.

6 الكتاب 3/ 138.

7 مغني اللبيب ص329.

ص: 309

تفيد اطراحه، وكونه أول الكلام تفيد الاعتناء به، وجوابه ما أجاب به الفارسي عن القول بزيادة "لا" في "لا أقسم" من أن القرآن كالسورة الواحدة، وقال المرادي في شرح التسهيل: و"جرم" عند سيبويه بمعنى "حق"1 و"لا" رد لما قبلها، والوقف على "لا" و"أن" وما بعدها في موضع الفاعل. ا. هـ.

وما نقله المرادي عن سيبويه حكاه في المغني2 عن قطرب، "و" الفتح "عند الفراء على أن "لا جرم" مركبة من حرف واسم3، "بمنزلة: لا رجل"، في التركيب، "ومعناهما" بعد التركيب:"لا بد"، أو: لا محالة، "و "من"" أو "في" "بعدهما مقدرة"، أي: لا بد من أن الله يعلم، أو: لا محالة في أن الله يعلم.

ونقل ابن مالك4 عن الفراء5 أن "لا جرم" بمنزلة "حقا" وأصل جرم من الجرم بمعنى الكسب، "والكسر على ما حكاه الفراء" عن العرب "من أن بعضهم ينزلها منزلة اليمين فيقول: ولا جرم لآتينك"، ولا جرم لقد أحسنت، ولا جرم إنك ذاهب، بكسر "إن"، واقتصر الناظم من ذلك على قوله:

181-

بعد إذا فجاءة أو قسم

لا لام بعده بوجهين نمي

182-

مع تلو فا الجزا وذا يطرد

في نحو خير القول إني أحمد

1 الكتاب 3/ 138.

2 مغني اللبيب ص314.

3 معاني القرآن 2/ 8.

4 شرح التسهيل 2/ 24.

5 معاني القرآن 2/ 9.

ص: 310

"فصل":

"وتدخل لام الابتداء بعد "إن" المكسورة"، نحو: إن زيدًا لقائم، وتسمى اللام المزحلقة، والمزحلفة، بالقاف والفاء، وبنو تميم يقولون: زحلوقة، بالقاف، وأهل العالية: زحلوقة، بالفاء، سميت بذلك لأن أصل: إن زيدًا لقائم؛ لأن زيدًا قائم، فكرهوا افتتاح الكلام بحرفين مؤكدين، فزحلقوا اللام دون "إن" لئلا يتقدم معمولها عليها، وإنما لم ندع أن الأصل إن لزيدًا قائم لئلا يحول ما له صدر الكلام بين العامل والمعمول، قاله في المغني1.

وإنما دخلت اللام بعد "إن" لأنها شبيهة بالقسم في التأكيد، قاله سيبويه2.

وسميت لام الابتداء؛ لأنها لا تدخل على المبتدأ، وتدخل على غيره بعد "إن" المكسورة "على أربعة أشياء: أحدها الخبر، وذلك بثلاثة شروط: كونه مؤخرا" عن الاسم، "و" كونه "مثبتًا، و" كونه "غير ماض" فيشمل المفرد، "نحو: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] ، والجملة المصدرة بالمضارع، نحو:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ} [النمل: 74] ، والجار والمجرور والظرف إذا لم يقدر متعلقهما، نحو:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] ، وإن زيدًا لعندك أما إذا قدرا متعلقين بـ"استقر" لم تدخل عليهما اللام؛ لأن معمول الفعل الماضي لا تدخل اللام عليه، خلافًا للأخفش، كما سيأتي، والجملة الاسمية على قلة، نحو:" {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} [الحجر: 23] ، وليس "نحن" ضمير فصل، خلافًا للجرجاني، "بخلاف" نحو: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} [المزمل: 12] لتقدم الخبر "و" بخلاف "نحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} [يونس: 44] ، لنفي الخبر، وشذ قوله وهو أبو حرام بن غالب بن حارث

1 مغني اللبيب ص304.

2 الكتاب 3/ 146، 147.

ص: 311

العكلي: [من الوافر]

238-

"وأعلم إن تسليمًا وتركا

للا متشابهان ولا سواء"

من وجهين، دخول اللام على الخبر المنفي، وتعليق الفعل عن العمل، حيث كسرت "إن"، وكان القياس أن لا يعلق؛ لأن الخبر المنفي ليس صالحًا للام، وسوغ ذلك كما قيل إنه شبه "لا" بـ "غير" فأدخل عليها اللام، والمعنى: أن التسليم على الناس وتركه ليسا متساويين، ولا قريبين من السواء، وكان حقه أن يقول: للا سواء ولا متشابهان، ولكنه اضطر فقد وأخر. و"سواء" في الأصل مصدر بمعنى المساواة. فلذلك صح وقوعه خبرًا عن اثنين. "وبخلاف نحو:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} [البقرة: 132]، [آل عمران: 33] لأن الخبر ماض، وإنما دخلت اللام على الخبر المفرد؛ لأنه أشبه المبتدأ، وعلى الفعل المضارع لشبهه بالاسم وعلى الظرف وعديله؛ لأنهما في حكم الاسم، وعلى الجملة الاسمية؛ لأنها مبتدأ وخبر، ولم تدخل على الخبر إذا تقدم لئلا يتوالى حرفا توكيد؛ ولا إذا كان منفيا لئلا يجمع بين متماثلين في نحو: لم ولن ولما ولا، وحمل الباقي عليه، ولم تدخل على الماضي لعدم شبهه بالاسم. "وأجاز الأخفش1 والفراء وتبعهما ابن مالك2: إن زيدًا لنعم الرجل"، مما سلب الدلالة على الحدث والزمان، "و:" إن زيدًا "لعسى أن يقوم" مما دل على الزمان، وانتقل إلى الإنشاء؛ "لأن الفعل الجامد كالاسم"، ووافق الشاطبي على الأول دون الثاني، والفرق لائح.

"وأجاز الجمهور: إن زيد لقد قام، لشبه الماضي المقرون بـ"قد" بالمضارع لقرب زمانه من الحال"، والمضارع شبيه بالاسم. ومشابه المشابه مشابه، "وليس جواز ذلك مخصوصًا، بتقدير اللام للقسم لا للابتداء خلافًا لصاحب الترشيح"، بالراء، وهو خطاب الماردي، حيث ذهب إلى منع دخول لام الابتداء على "قد" وادعى أن هذه اللام الداخلة عليها لام جواب القسم، والتقدير: إن زيدًا والله لقد قام، ووافقه على ذلك محمد بن مسعود الغزني. بغين معجمة مفتوحة وزاي ساكنة فنون مكسورة، "وأما

238- البيت لأبي حزام العكلي في خزانة الأدب. 10/ 330، 331، والدرر 1/ 294، وسر صناعة الإعراب ص377، وشرح التسهيل 2/ 27، والمقاصد النحوية 2/ 244، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 345، وجواهر الأدب 85، وتخليص الشواهد ص356، وشرح ابن الناظم ص123، وشرح الأشموني 1/ 141، وشرح ابن عقيل 1/ 368، والمحتسب 1/ 34، وهمع الهوامع 1/ 140.

1 انظر الارتشاف 2/ 144.

2 شرح التسهيل 2/ 28.

ص: 312

نحو: إن زيد لقادم"، بدون "قد" ظاهرة "ففي الغُرّة" بضم العين المعجمة لابن الدهان "أن البصري والكوفي" اتفقا "على منعها إن قدرت" اللام "للابتداء"، لا للقسم، "والذي نحفظه" نحن وهو المنقول في المغني "أن الأخفش" من البصريين، "وهشامًا" الضرير من الكوفيين "أجازاها على إضمار "قد""، ومنعها الجمهور، وقالوا: إنما هي لام القسم، فمتى تقدم فعل القلب فتحت همزة "إن"، كـ: علمت أن زيدًا لقائم، والصواب عند الكسائي وهشام الكسر. ا. هـ. كلام المغني1، إلا أنه لم يذكر فيه الأخفش، بل ذكر بدله الكسائي.

ويشترط في الخبر أيضًا أن لا يكون جملة شرطية؛ لأن اللام لا تدخل على الشرط اتقافًا، ولا على الجواب خلافًا لابن الأنباري2.

"الثاني" مما يدخل عليه اللام "معمول الخبر"؛ لأنه من تتمة الخبر، "وذلك بثلاثة شروط أيضًا، تقدمه على الخبر، وكونه غير حال، وكون الخبر صالحًا للام، نحو: إن زيدًا لعمرًا ضارب"، وقد تدخل على الخبر والحالة هذه دون معموله، نحو:{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: 11] وقد تدخل عليهما معًا حكى الكسائي والفراء من كلام العرب: إني لبحمد الله لصالح3، وذلك قليل أجازه المبرد، ومنعه الزجاج، وهو الصحيح4، كما امتنع دخولها على الخبر إذا دخلت على الاسم المتأخر، أو على ضمير الفصل، "بخلاف: إن زيدًا جالس في الدار" لتأخر المعمول، ولام الابتداء تطلب الصدر ما أمكن، "و" بخلاف: "إن زيدًا راكبًا منطلق"؛ لأن المعمول حال، ولم يسمع دخول اللام عليه، ونص الأئمة على منعه، ومقتضى قياس دخولها على المفعول والظرف جوازه، وفرق ابن ولاد بينه وبين الظرف بأن لحال لا تكون خبرًا وهو حال، بخلاف الظرف فإنه يكون خبرًا وهو ظرف، ا. هـ.

والفرق بينه وبين المفعول أن المفعول قد ينوب على الفاعل، فيصير عمدة، وإذا تقدم على عامله صار مبتدأ، واللام تدخل على المبتدأ، نحو: إن زيدًا لطعامه مأكول، "و" بخلاف:"إن زيدًا عمرًا ضرب"؛ لأن الخبر غير صالح للام لكونه فعلًا ماضيًا، "خلافًا للأخفش" من البصريين، والفراء من الكوفيين "في هذه" المسألة الأخيرة، وحجتهما أن

1 مغني اللبيب ص301، 302.

2 انظر قوله في همع الهوامع 1/ 139، والتسهيل ص64.

3 شرح التسهيل 2/ 31، وفي شرح ابن الناظم ص123؛ أن هذا القول لابن الجراح.

4 شرح التسهيل 2/ 31.

ص: 313

المانع إنما قام بالخبر لكونه فعلًا ماضيًا، فأما المعمول فاسم، وحجة المانعين أن دخول اللام على المعمول فرع دخولها على العامل، فكيف يتفرع فرع من غير أصل1.

قال الموضح في الحواشي: وينبغي أن يجرى خلاف في: إن زيدًا طعامك قد أكل، فإن خطابًا يمنع دخول اللام على "قد"، وبعد فالقول عندي قول الأخفش والفراء بدليل إجازة البصريين: زيدًا عمرو ضرب، وزيدًا أجله أحرز، مع قولهم: لا يتقدم الخبر إذا كان فعلًا، فأجازوا تقديم المعمول، وإن لم يجيزوا تقديم العامل؛ لأن المانع من تقديم العامل الالتباس. وذلك معنى خاص به دون المعمول، فكذا هنا، ا. هـ.

"الثالث" مما تدخل عليه اللام بعد "إن""الاسم، بشرط واحد وهو أن يتأخر"، إما "عن الخبر، نحو: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً} [آل عمران: 13] ، "أو عن معموله"، أي: الخبر إذا كان المعمول ظرفًا، نحو: إن عندك لزيدًا مقيم، أو جار ومجرورًا، "نحو: إن في الدار لزيدًا جالس"، وما اختاره هنا من جواز تقديم معمول خبر "إن" على اسمها إذا كان ظرفًا أو جارا ومجرورًا منعه ابن عقيل في أول باب "إن" فقال2: لا يجوز أن يقال: إن بك زيدًا واثق، وإن عندك زيدًا جالس، ثم قال: وأجازه بعضهم.

"الرابع" مما تدخل عليه اللام "الفصل"، وهو المسمى عند الكوفيين عمادًا؛ لأنه يعتمد عليه في تأدية المعنى، وضمير فعل عند البصريين؛ لأنه يفصل به بين الخبر والنعت3، وإنما دخله اللام؛ لأنه مقو للخبر لرفعه توهم السامع كون الخبر تابعًا له، فنزل منزلة الجزء الأول من الخبر.

وقال ابن عصفور: لأنه اسم "إن" في المعنى، "وذلك بلا شرط" ولا التفات لمن يجيز تقديمه مع الخبر: هو القائم زيد، على أن الأصل: زيد هو القائم، فلذلك قال ابن عقيل4:" وشرط ضمير الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر "نحو: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} " [آل عمران: 62] وهذا "إذا لم يعرب: هو" الداخلة عليه اللام مبتدأ، فإن أعرب "مبتدأ" وما بعده خبر، والجملة خبر "إن" فلا يكون ضمير فصل؛ لأن ضمير الفصل لا محل له من الإعراب على الصحيح.

1 انظر شرح التسهيل 2/ 28.

2 شرح ابن عقيل 1/ 349.

3 انظر الإنصاف 2/ 706.

4 شرح ابن عقيل 1/ 372.

ص: 314

والحاصل أن لام الابتداء تدخل بعد "إن" المكسورة على أربعة أشياء اثنين مؤخرين، واثنين متوسطين، فالمتأخران أحدهما الخبر إذا لم يكن منفيا ولا ماضيًا متصرفًا مجردًا من "قد"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

183-

وبعد ذات الكسر تصحب الخبر

لام ابتداء نحو إني لوزر

184-

ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا

ولا من الأفعال ما كرضيا

185-

وقد يليها مع قد كإن ذا

لقد سما على العدا مستحوذا

والثاني الاسم، وإليه أشار بقوله:

186-

.................

...... واسما حل قبله الخبر

وأما المتوسطان فهما معمول الخبر، وضمير الفصل، وإليهما أشار بقوله:

186-

وتصحب الواسط معمول الخبر

والفصل.............................

ص: 315

"فصل":

"وتتصل "ما" الحرفية "الزائدة بهذه الأحرف" المتقدمة، "إلا "عسى" و"لا""، فإن "ما" لا تتصل بهما، وتتصل بـ"أن" و"إنّ" و"كأن" و"لكن" و"ليت" و"لعل" فتكفها عن العمل"، فيما دخلت عليه من الجمل الاسمية، "وتهيئها للدخول على الجمل" الفعلية، قال في المغني: وتسمى "ما" الكافة لعمل النصب والرفع. المتلوة بفعل مهيئة، فمثال "إن" و"أن"، "نحو:{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} " [الأنبياء: 108] فـ"إن" في الأولى مكسورة، ومدخولها جملة فعلية، وفي الثانية مفتوحة، ومدخولها جملة اسمية، "و" مثال "كأن" نحو: "{كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال: 6]، ومثال "لعل" قوله:[من الطويل]

239

............... لعلما

أضاءت لك النار الحمار المقيدا

ومثال "لكن" قوله: [من الطويل]

240-

ولكنما أسعى لمجد مؤثل

..............................

"بخلاف قوله": [من الطويل]

241-

فوالله ما فارقتكم قاليا لكم

"ولكن ما يقضى فسوف يكون"

269- صدر البيت:

"أعد نظرًا يا عبد قيس لعلما"

، والبيت للفرزدق في ديوانه 1/ 180، والأزهية ص88، والدرر 1/ 309، وشرح شواهد الإيضاح ص116، وشرح شواهد المغني ص693، وشرح المفصل 8/ 57، وبلا نسبة في رصف المباني ص319، وشرح شذور الذهب ص279، وشرح قطر الندى ص151، وشرح المفصل 8/ 54، ومغني اللبيب ص287، 288، والهوامع 1/ 143.

240-

عجز البيت:

"وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي"

، والبيت لامرئ القيس في ديوانه ص39، وإصلاح المنطق ص21، "والإنصاف 1/ 84، وشرح أبيات سيبويه 1/ 38، وشرح شواهد الإيضاح ص92، وشرح شواهد المغني 1/ 342، 2/ 642، ولسان العرب 11/ 9 "أثر"، وتاج العروس "أثل" "لو"، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص340، ومغني اللبيب 1/ 256، وهمع الهوامع 1/ 143.

241-

البيت لذي القرنين أبي المطاع بن حمدان في تاج العروس 7/ 420 "برد" ومعجم البلدان 1/ 379، "بردى" وللأفوه الأودي في الدرر 1/ 203، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمال القالي 1/ 99، وأوضح المسالك 1/ 348، وشرح الأشموني 1/ 108، وشرح قطر الندى ص149، ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 315، وهمع الهوامع 1/ 110، وشرح التسهيل 1/ 332.

ص: 316

فـ"ما" اسم مصول، لا زائدة، في موضع نصب على أنها اسم "لكن"، و"يقضى" صلتها، وجملة "فسوف" يكون" خبرها، ودخلت الفاء في خبرها؛ لأن "ما" الموصولة شبيهة باسم الشرط في الإبهام والعموم، فلذلك دخلت الفاء في الخبر كما تدخل في الجواب، نص عليه ابن مالك1، ويوجد في غالب النسخ إسقاط لفظة "بخلاف" وليس بجيد، والمعتمد إثباتها، وإنما أهملت هذه الأحرف لزوال اختصاصها، "إلا" "ليت"، فتبقى على اختصاصها" بالجمل الاسمية على الاصح، خلافًا لابن أبي الربيع وطاهر القزويني، فإنهما أجازا: ليتما قام زيد2، "ويجوز إعمالها" استصحابًا للأصل حتى قيل بوجوبه، ويجوز إهمالها حملًا على أخواتها. "وقد روي بهما قوله"، وهو النابغة الذبياني:[من البسيط]

242-

"قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا"

إلى حمامتنا أو نصفه فقد

يروى برفع "الحمام" ونصبه، فالرفع على الإهمال، والنصب على الإعمال، وليس فيه رد على القائل بوجوب الإعمال؛ لأن سيبويه أجاز في رواية الرفع أن تكون "ما" موصولة اسم "ليت"، و"هذا" خبر مبتدأ محذوف، و"الحمام" نعت "هذا" و"لنا" خبر "ليت"، والتقدير: ليت الذي هو هذا الحمام لنا، وحذف صدر الصلة لطولها بالنعت، وقبل هذا البيت3:

واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت

إلى حمام شراع وارد الثمد

1 شرح التسهيل 1/ 331.

2 في همع الهوامع 1/ 143: "قال أبو حيان: ووقفت على كتاب تأليف طاهر القزويني في النحو، ذكر فيه أن "ليتما" تليها الجملة الفعلية، بل نقله أبو جعفر الصفار عن البصريين".

242-

البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ص24، والأزهية ص89، 114، والأغاني 11/ 13، والإنصاف 2/ 479، وتخليص الشواهد ص362، تذكرة النحاة 353، وخزانة الأدب 10/ 251، 253 والخصائص 2/ 460، والدرر 1/ 113، 306، ورصف المباني ص229، 316، 318، وشرح شذور الذهب ص280، وشرح شواهد المغني 1/ 75، 200، 2/ 690، وشرح عمدة الحافظ ص233، وشرح المفصل 8/ 58، والكتاب 2/ 137، واللمع ص320، ومغني اللبيب 1/ 63، 286، 308، والمقاصد النحوية 2/ 254، وبلا نسبة في الارتشاف 1/ 450، وأوضح المسالك 1/ 349، وخزانة الأدب 6/ 157، وشرح ابن الناظم ص125، وشرح الأشموني 1/ 143، وشرح التسهيل 2/ 38، وشرح قطر الندى 151، ولسان العرب 3/ 347، "قدد" والمقرب 1/ 110، وهمع الهوامع 1/ 65.

3 ديوان النابغة الذيباني ص24.

ص: 317

وبعده:

فحسبوه فألفوه كما ذكرت

تسعًا وتسعين لم ينقص ولم يزد

فكملت مائة فيها حمامتها

وأسرعت حسبة في ذلك العدد

والمعنى: كن حكيمًا كفتاة الحي، وهي زرقاء اليمامة، قيل: وكانت تبصر مسيرة ثلاثة أيام، وقصتها أنها كانت لها قطاة، ثم مر بها سرب من القطا بين جبلين، فقالت1:[من الرجز]

ليت الحمام ليه

إلى حمامتيه

ونصفه قديه

تم الحمام ميه

فنظر فإذا القطا قد وقع في شبكة الصياد، فعده فإذا هو ست وستون قطاة ونصفها ثلاثة وثلاثون قطاة، فإذا ضم ذلك إلى قطاتها كان مئة.

ووصف "الحمام" بصفة الجمع، وهو شراع، وشراع يحتمل أوله الإعجام والإهمال، وبصفة الإفراد وهو وارد، والثمد بفتح المثلثة والميم: الماء القليل، وحسبوه من الحساب، وهو العد.

"وندر الإعمال في "إنما""، نحو: إنما زيدًا قائم، بنصب "زيد"، رواه الأخفش والكسائي عن العرب سماعًا2، "وهل يمتنع قياس ذلك" المسموع "في الباقي3 مطلقا" أي: في بقية أخوات "إن" الأربعة، وهي:"أن" المفتوحة، و"كأن" و"لعل" و"لكن" وقوفًا مع السماع، ذهب إلى ذلك سيبويه والأخفش4، "أو يسوغ" القياس على ما سمع في "إنما""مطلقًا" في بقية أخواتها الأربعة إذ لا فرق، ذهب إلى ذلك الزجاج5 وابن السراج6 والزمخشري7 وابن مالك8، أو يسوغ القياس "في "لعل"

1 الرجز في ديوان النابغة الذبياني ص24، والدرر 1/ 308، ولسان العرب 12/ 159 "حمم"، وخزانة الأدب 10/ 257.

2 في شرح ابن الناظم ص125، "وذكر ابن برهان أن الأخفش روى: إنما زيدًا قائم، وعزا مثل ذلك إلى الكسائي، وهو غريب" وانظر شرح التسهيل 2/ 38، والارتشاف 2/ 158.

3 في "ط": "البواقي".

4 انظر الكتاب 2/ 138، 3/ 138 والارتشاف 2/ 157.

5 الارتشاف 2/ 157.

6 الأصول 1/ 232.

7 المفصل ص293.

8 شرح التسهيل 2/ 38.

ص: 318

فقط"،؛ لأنها أقرب إلى "ليت" حتى قال بعضهم في قراءة من قرأ: "فَأَطَّلِعَ"1 إن "لعل" ضمنت معنى "ليت" ذهب إلى ذلك الفراء2، "أو" يسوغ "فيها"، أي: في "لعل"، "وفي: كأن" لقربهما من "ليت"؛ لأن الكلام معهما صار غير خبر، ذهب إلى ذلك ابن أبي الربيع3، فهذه أقوال أربعة، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

187-

ووصل ما بذي الحروف مبطل

إعمالها وقد يبقى العمل

1 انظر القراءة في النشر 2/ 365.

2 معاني القرآن للفراء 3/ 9.

3 في الارتشاف 2/ 157: "عزاه البسيط إلى الأخفش، واختاره ابن أبي الربيع".

ص: 319

"فصل":

"يعطف على أسماء هذه الأحرف بالنصب قبل مجيء الخبر، وبعده، كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز]

243-

"إن الربيع الجود والخريفا

يد أبي العباس والصيوفا"

فعطف "الخريف" بالنصب على "الربيع" قبل مجيء الخبر، وهو "يدا أبي العباس"، وعطف "الصيوف" جمع "صيف" على "الربيع" بالنصب، بعد مجيء الخبر، والجود: بفتح الجيم، وسكون الواو وبالدال: المطر الغزير، ويروى: الجون، بالنون، بلد الدال، والمراد به السحاب الأسود، والمراد بالربيع والخريف والصيوف: أمطارهن، والمراد بأبي العباس: السفاح أول الخلفاء من بني العباس، وهذا من عكس التشبيه، مبالغة لأن الغرض تشبيه يديه بالأمطار الواقعة في الربيع والخريف والصيف، وحقيقة التشبيه أن تقول: إن يدي أبي العباس الربيع والخريف والصيوف.

"ويعطف بالرفع" على محل أسماء هذه الأحرف "بشرطين، استكمال الخبر، وكون العامل "إن" أو"أن" أو "لكن"" مما لا يغير معنى الجملة، "نحو:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} " [التوبة: 3] فعطف "رسوله" على محل الجلالة بعد استكمال الخبر وهو "بريء" و"قوله: [من الطويل]

244-

فمن يك لم ينحب أبوه وأمه

"فإن لنا الأم النجيبة والأب"

فعطف الأب على محل الأم؛ بعد استكمال الخبر وهو "لنا"، "وقوله":[من الطويل]

245-

وما قصرت بي في التسامي خئولة

"ولكن عَمِّي الطيب الأصل والخال"

243- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وتخليص الشواهد 368، وشرح التسهيل 2/ 48، والكتاب 2/ 145، والمقاصد النحوية 2/ 261، وللعجاج في الدرر 2/ 480، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 351، وشرح ابن الناظم ص125، والمقتضب 4/ 111، وهمع الهوامع 2/ 144.

244-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 353، وتخليص الشواهد. 370، والدرر 2/ 479، وشرح ابن الناظم ص126 وشرح الأشموني 1/ 143، والمقاصد النحوية 2/ 265، وهمع الهوامع 2/ 144.

245-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 355، وتخليص الشواهد ص370، والدرر 2/ 484، وشرح الأشموني 1/ 144، والمقاصد النحوية 2/ 316، وهمع الهوامع 2/ 144.

ص: 320

فعطف "الخال" على محل "عمي" بعد استكمال الخبر وهو: "الطيب"، هذا معنى قول الناظم:

188-

وجائز رفعك معطوفا على

منصوب إن بعد أن تستكملا

189-

وألحقت بإن لكن وأن

.............................

وكون الرفع بالعطف على محل الاسم هو قول بعض البصريين الذين لا يشترطون وجود المحرز، أي: الطالب لذلك المحل، "والمحققون" من البصريين وهم الذين يشترطون ذلك مجمعون "على أن رفع ذلك ونحوه" ليس بالعطف على محل الاسم؛ "بل على أنه مبتدأ حذف خبره" لدلالة خبر الناسخ عليه فهو من عطف جملة على جملة، والتقدير: ورسوله بريء، ولنا الأب النجيب، والخال الطيب الأصل، "أو" على أنه مرفوع "بالعطف على ضمير الخبر" المستتر فيه، "وذلك إذا كان بينهما فاصل"، فهو من عطف مفرد على مفرد، فـ"رسوله" معطوف على الضمير المستتر في "بريء" أي: بريء هو ورسوله، لوجود الفصل بالجار والمجرور، وهو "من المشركين"، و"الأب" معطوف على الضمير المستتر في "لنا"، لوجود الفصل بالصفة والموصوف. و"الخال" معطوف على الضمير المستتر في "الطيب"، لوجود الفصل بالمضاف إليه، "لا" إن رفع ذلك ونحوه "بالعطف على محل الاسم مثل" عطف "امرأة" على محل "رجل" في قولك:"ما جاءني من رجل ولا امرأة، بالرفع،؛ لأن الرفع" لمحل "رجل" الفعل، وهو "جاءني" وهو باق ولا يمنعه عن العمل في محل "رجل" الحرف الزائد؛ لأن الزائد وجوده كلا وجود، والرفع لمحل الاسم "في مسألتنا" التي نحن فيها "الابتداء وقد زال بدخول الناسخ"، وهو "إن" و"أن" و"لكن" والعامل اللفظي يبطل عمل العامل المعنوي، فإن قيل: إذا كان هذا من عطف الجمل أو من العطف على الضمير عند المحققين فما وجه اشتراط استكمال الخبر، وكون العامل "إن و"أن" أو "لكن" عندهم، قلت: أما اشتراطهم الأول إذا كان من عطف الجمل فلئلا يلزم العطف قبل تمام المعطوف عليه، وإذا كان من العطف على الضمير فلئلا يلزم تقديم المعطوف على المعطوف عليه، وأما اشتراطهم الثاني إذا كان من عطف الجمل فلئلا يلزم عطف الخبر على الإنشاء، وإن كان من العطف على الضمير فلم يحضرني عنه جواب شاف.

"ولم يشترط الكسائي و" تلميذه "الفراء الشرط الأول"، وهو استكمال الخبر "تمسكًا، بنحو: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ} "[المائدة: 69]

ص: 321

فعطف "الصابئون" بالرفع على محل "الذين آمنوا" قبل استكمال الخبر، وهو:{مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [المائدة: 69] وبقراءة بعضهم1 "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ"[الأحزاب: 56] فعطف "وملائكته" بالرفع على محل الجلالة قبل استكمال الخبر وهو "يصلون"، "وبقوله" وهو ضابئ بالضاد المعجمة، وبعد الألف باء موحدة، فهمزة، ابن الحارث البرجمي، بضم الموحدة والجيم [من الطويل]

246-

فمن يك أمسى بالمدينة رحله

"فإني وقيار بها لغريب"

فعطف "قيار" بالرفع على محل ياء المتكلم قبل استكمال الخبر، وهو "لغريب"، وقيار؛ بقاف مفتوحة "وياء مثناة تحتية مشددة: اسم فرس عند الخليل، واسم جمل عند أبي زيد، وضمير "بها" لـ"المدينة"، و"قوله" وهو بشر بن أبي خازم، بالخاء والزاي المعجمتين:[من الوافر]

247-

"وإلا فاعلموا أنا وأنتم

بغاة" ما بقينا في شقاق

فعطف "أنتم" وهو ضمير مرفوع على محل ضمير المتكلم المعظم نفسه، أو المشارك لغيره قبل استكمال الخبر، ولما كان ظاهر الاستدلال للكسائي، والفراء جميعًا والفراء لا يوافق على نحو:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} [الأحزاب: 56] استدرك ذلك بقوله: "ولكن اشترط الفراء إذا لم يتقدم الخبر" على المعطوف بالرفع "خفاء إعراب الاسم2، برفع الخبر، ونصب خفاء على المفعولية لاشتراط، والظرف مقدر من تأخير

1 هي قراءة أبي عمرو وابن عباس وعبد الوارث. انظر البحر المحيط 248، والكشاف 3/ 272.

246-

البيت لضابئ بن الحارث البرجمي في الأصمعيات ص184، والإنصاف ص94، وتخليص الشواهد ص385، وخزانة الأدب 9/ 326، 10/ 312، 313، 320، والدرر 2/ 481، 2/ 483، وشرح أبيات سيبويه 1/ 369 وشرح شواهد المغني ص867، وشرح المفصل 8/ 68، والشعر والشعراء ص358، والكتاب 1/ 75، ولسان العرب 5/ 125، "قير"، ومعاهد التنصيص 1/ 186، والمقاصد النحوية 2/ 318، ونوادر أبي زيد ص20، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 103، وأوضح المسالك 1/ 358، ورصف المباني ص267، وسر صناعة الإعراب ص372، وشرح الأشموني 1/ 144، ومجالس ثعلب ص316، 598، وهمع الهوامع 2/ 144.

247-

البيت لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص165، والإنصاف 1/ 190، وتخليص الشواهد 373، وخزانة الأدب 10/ 293، 297، وشرح أبيات سيبويه 2/ 14، والكتاب 2/ 156، والمقاصد النحوية 2/ 271، وبلا نسبة في أسرار العربية 154، وشرح ابن الناظم ص127، وشرح المفصل 8/ 69.

2 معاني القرآن للفراء 1/ 310.

ص: 322

تأخير، والأصل ولكن اشتراط الفراء خفاء إعراب الاسم إذا لم يتقدم الخبر، والتعبير بخفاء الإعراب أخذه من التسهيل1، واعترضه في حواشيه فقال: المعروف عن الفراء أنه يشترط بناء الاسم فلا يدخل في ذلك الاسم المقصور والمضاف للياء، ويدخلان في نقل المؤلف ا. هـ.

فيجيز إن كان الاسم مبنيا. "كما في بعض هذه الأدلة" المتقدمة، وهي:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 69] الآية، والبيتان، ويمنع إن كان الاسم معربًا، كما في نحو:"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ"[الأحزاب: 56] بالرفع، لما فيه من تخالف المتعاطفين في الحركة اللفظية، ومقتضى هذه العلة أنه يجيز: إن الفتى وزيد ذاهبان، برفع "زيد"، لعدم اجتماع عاملين على المعمول واحد عملًا واحدًا؛ لأن الناسخ عامل في الخبر والمعطوف مبتدأ، وهو أيضًا عامل في الخبر فيجتمع على الخبر الواحد عاملان عملًا واحدًا، وذلك ممتنع، ولا يتأتى ذلك على مذهب الكسائي والفراء؛ لأن الرافع للخبر عندهما في باب "إن" هو رافعه في باب المبتدأ، إلا أنه مشكل، أما على القول بالترافع وهو المشهور عن الكوفيين؛ فلأن المبتدأ قد زال بدخول الناسخ، وأما على القول بأن رافعه الابتداء في باب "إن" كما نقله الشاطبي عنهم؛ فلأنه يلزم أن يكون الخبر في مسألتنا توارد عليه عاملان من جهة واحدة، وهما: الابتداء والمبتدأ، فما هربا منه وقعا فيه، "و" ما تمسكا به من الأدلة المتقدمة "خرجها المانعون" من البصريين "على التقديم والتأخير"، فيكون "من آمن" خبر "إن"، وخبر "الصابئون" محذوفًا، "أي: والصابئون" والنصارى "كذلك"، والأصل والله أعلم: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر، "أو على" تقدير "الحذف من الأول" لدلالة الثاني عليه، فيكون "من آمن" خبر "الصابئون" وخبر "إن" محذوفًا، "أي لدلالة خبر المبتدأ عليه، "كقوله:" [من الطويل]

248-

خليلي هل طب "فإني وأنتما

وإن لم تبوحا بالهوى دنفان"

فحذف خبر "إن" لدلالة خبر المبتدأ عليه، والتقدير: فإني دنف، أي: مريض

1 التسهيل ص66.

248-

البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 362، وتخليص الشواهد ص374، وشرح ابن الناظم ص127، وشرح الأشموني 1/ 144، وشرح التسهيل 2/ 50، وشرح شواهد المغني 2/ 866، ومغني اللبيب 2/ 475، والمقاصد النحوية 2/ 274.

ص: 323

وأنتما دنفان، والتوجيه الأول أجود؛ لأن الحذف من الثاني لدلالة الأول أولى من العكس، قاله الموضح في شرح الشذور1.

"ويتعين التوجيه الأول" وهو التقديم والتأخير "في قوله:"[من الطويل]

249-

..............

"فإني وقيار بها لغريب"

والأصل: فإني لغريب وقيار غريب، "ولا يتأتى فيه" التوجيه "الثاني" وهو الحذف من الأول "لأجل اللام" لأنها لا تدخل في خبر المبتدأ "إلا إن قدرت زائدة مثلها في قوله:" [من الرجز]

250-

.................

"أم الحليس لعجوز شهربه"

على الوجهين المتقدمين، فيصبح حينئذ التخريج الثاني، ويصير التقدير، فإني غريب، وقيار لغريب، "و" يتعين التوجيه "الثاني" وهو الحذف من الأول "في قوله تعالى":"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتُهُ"[الأحزاب: 56] بالرفع، والتقدير: إن الله يصلي وملائكته يصلون "ولا يتأتى فيه" التوجيه "الأول" وهو التقديم والتأخير "لأجل الواو في "يصلون" لأنها للجماعة المشتركة، والله واحد لا شريك له "إلا إن قدرت" الواو "للتعظيم" للواحد "مثلها في: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] فإنها لتعظيم المخاطب على أحد الوجهين، فيتأتى الوجه الأول أيضا، ويصير التقدير: إن الله يصلي وملائكته يصلون.

فإن قلت: كلا الوجهين مشكل، فإن شرط الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف معنى، أما على التوجيه الأول؛ فلأن الصلاة المذكورة بمعنى: الرحمة، والمحذوفة بمعنى الاستغفار، فلم ينطابقا، وأما على التوجيه الثاني فعلى العكس؛ لأن الصلاة المذكورة بمعنى: الاستغفار، والمحذوفة بمعنى: الرحمة، فلم يتطابقا أيضًا، قلت: أجاب عنه في المغني فقال: الصواب عندي أن الصلاة لغة بمعنى واحد وهو: العطف، ثم العطف بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى: الرحمة، وإلى الملائكة: الاستغفار، وإلى الآدميين: دعاء بعضهم لبعض. ا. هـ2.

1 لم أجده في شرح شذور الذهب، بل في مغني اللبيب 2/ 475.

249-

تقدم تخريج البيت برقم 246.

250-

تقدم تخريج البيت برقم 146.

2 مغني اللبيب ص791.

ص: 324

وموضع الخلاف حيث يتعين كون الخبر للاسمين جميعًا، إنك وزيد زاهبان، وأما نحو: إن زيدًا وعمرو في الدار، فجائز باتفاق، قاله الموضح في شرح بانت سعاد1، وهو مخالف لما أطلقه هنا.

"ولم يشترط الفراء الشرط الثاني2" وهو كون العامل "إن" أو "أن" أو "لكن""تمسكًا بنحو قوله"، وهو العجاج:[من الرجز]

251-

"يا ليتني وأنت يا لميس

في بلد ليس بها أنيس"

فعطف "أنت" بكسر التاء، على اسم "ليت" وهو ياء المتكلم. "لميس" علم امرأة، و"أنيس" بمعنى: مؤنس.

"وخرج" بتشديد الراء والبناء للمفعول "على أن""أنت" مبتدأ، حذف خبره، وأن "الأصل: وأنت معي، والجملة" من المبتدأ والخبر "حالية" متوسطة بين اسم "ليت" وخبرها، فالاسم ياء المتكلم، "والخبر قوله: "في بلد""، هذا تخريج ابن مالك3، وهو على ندور أو قلة، فإن أكثر النحويين على امتناع تقديم الحال المنتصبة بالظرف، وهو ممن نص على ذلك، فقال في باب الحال:

346-

............ وندر

نحو سعيد مستقرا في هجر

وشرحه الموضح بقوله4: يجوز توسط الحال بين المخبر عنه والمخبر به، ا. هـ.

والنادر والقليل لا يقاس عليهما، وأبعد منه قول بعضهم إن الأصل: أنا وأنت، "فأنا" مبتدأ، "وأنت" معطوف عليه، وخبر المبتدأ وما عطف عليه قوله:"في بلد"، فحذف "أنا"، ا. هـ.

1 شرح بانت سعاد ص146، 147.

2 انظر شرح ابن عقيل 1/ 377.

251-

الرجز للعجاج في الدرر 1/ 484، وليس في ديوانه، ولرؤبة في ملحق ديوانه ص176، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 364، ومجالس ثعلب 1/ 316، وهمع الهوامع 2/ 144.

3 شرح التسهيل 2/ 52.

4 أوضح المسالك 2/ 331.

ص: 325

"فصل":

"تخفف "إن" المكسورة لثقلها" بالتضعيف، "فيكثر إهمالها لزوال اختصاصها" بالأسماء، "نحو:"وَإِنْ كُلٌّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ"[يس: 32] في قراءة من خفف "لما"1، فـ"كل" مبتدأ، واللام لام الابتداء، و"ما" زائدة و"جميع" خبر المبتدأ، و"محضرون" نعته، وجمع على المعنى "ويجوز إعمالها" على قلة "استصحابًا للأصل" وإليه يشير قول الناظم:

190-

وخففت إن فقل العمل

.............................

"نحو: "وَإِنَ كُلًّا لَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ" [هود: 111] في قراءة نافع وابن كثير، بتخفيف "إن" و"لما"2، فـ"إن" مخففة من الثقيلة، و"كلا" اسمها، واللام في "لما" لام الابتداء، و"ما" موصولة خبر "إن"، وليوفينهم" جواب لقسم محذوف، وجملة القسم وجوابه صلة "ما"، والتقدير: وإن كلا للذين والله ليوفينهم، وقيل:"ما" نكرة موصوفة، وجملة القسم وجوابه سدت مسد الصفة، والتقدير: وإن كلا لخلق موفي عمله.

"وتلزم لام الابتداء بعد""إن" المكسورة المخففة "المهملة"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

190-

................

وتلزم اللام إذا ما تهمل

حال كون اللام "فارقة بين الإثبات والنفي" في نحو: إن زيد لقائم، بتخفيف "إن" ورفع زيد، فلولا اللام لتوهم "إن" نافية، وأن المعنى: ما زيد قائم، فلما جيء باللام ارتفع التوهم.

1 هي قراءة نافع وابن كثير والكسائي. انظر الإتحاف ص364، والنشر 2/ 291.

2 وقرأها كذلك عاصم وشعبة وابن محيصن، انظر الإتحاف ص260، والنشر 2/ 290.

ص: 326

"و" هذه اللام "قد تغني عنها قرينة لفظية" بأن يكون الخبر منفيا، "نحو: إن زيد لن يقوم"، فيجب حينئذ ترك اللام كما في المغني1؛ لأن الخبر المنفي لا تدخل عليه لام الابتداء كما تقدم، "أو" قرينة "معنوية"، كأن يكون الكلام سيق للإثبات والمدح، "كقوله"، وهو الطرماح، واسمه الحكيم بن حكيم:[من الطويل]

252-

أنا ابن أباة الضيم من آل مالك

"وإن مالك كانت كرام المعادن"

ولو قال: لكانت باللام لجاز، ولكن استغنى عنها لكونه في مقام المدح، وتوهم النفي هنا ممتنع، وأباة جمع آب، كقضاة جمع قاض، من: أبى إذا امتنع، والضيم: الظلم، ومالك: اسم قبيلة، ولذلك قال: كانت، وصرفها مراعاة للحي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

191-

وربما استغني عنها إن بدا

ما ناطق أراده معتمدًا

"وإن ولي "إن" المكسورة المخففة" من الثقلية "فعل" فشرطه أن يكون ناسخًا، وربما تخلف، وشرط الناسخ كونه غير ناف، فخرج بذلك "ليس" وغير منفي، فخرج بذلك "زال" وأخواتها، ونحو: ما كان، وغير صلة، وغير صلة، فخرج بذلك "ما دام" ولا فرق في الناسخ بين الماضي والمضارع. إلا أنه "كثر كونه مضارعًا ناسخا نحو:" {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ " بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51]، " {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء:186] وأكثر منه" أي: من المضارع "كونه ماضيًا ناسخا، نحو:{وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً} [البقرة: 143]{إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56]، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] وتدخل اللام حينئذ على الجزء الثاني من معمولي الناسخ، أما دخول "إن" على الناسخ؛ فلأنها كانت مختصة بالدخول على المبتدأن والخبر في الأصل، فلما خففت وضعت شبهها بالفعل جاز دخولها على الفعل، وكان من النواسخ لئلا تفارق محلها بالكلية، ألا ترى أنها إذا دخلت على الناسخ كان مقتضاها موفرًا عليها إذ الجزآن مذكوران بعد مدخولها، وأما دخول اللام في الجزء الثاني من معمولي الناسخ فكما تدخل على خبرها؛ لأنك إذا قلت: إن كان زيد لقائمًا فمعناه: إن زيد

1 مغني اللبيب ص306.

252-

البيت للطرماح في ديوانه ص512، والدر 1/ 299، والمقاصد النحوية 2/ 276، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 150، وأوضح المسالك 1/ 367، وتخليص الشواهد ص378، وتذكرة النحاة 43، والجنى الداني ص134، وشرح ابن الناظم ص128، وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح ابن عقيل 1/ 379، وشرح عمدة الحافظ ص237، وشرح قطر الندى ص165، وهمع الهوامع 1/ 141.

ص: 327

لقائم، وأما كون الماضي أكثر من المضارع فلأن "إن" المشددة شبيهة به لفظًا ومعنى، فقصدوا بعد تخفيفها أن يدخلوها على مشابهها، ويقاس على النوعين اتفاقًا، ولا يجيز جمهور البصريين دخولها على غير الناسخ، "وندر" عند غيرهم "كونه ماضيًا غير ناسخ، كقوله" وهي الشخص المسمى عاتكة بنت زيد العدوية ابنة عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه تخاطب عمرو بن شرموز قاتل الزبير بن العوام1: [من الكامل]

253-

"شلت يمينك إن قتلت لمسلما"

حلت عليك عقوبة المتعمد

فأدخلت "إن" المخففة على "قتلت" وهو فعل ماض غير ناسخ، وشلت بفتح الشين المعجمة أفصح من ضمها إخبار ومعناه: الدعاء وحلت: وجبت، "ولا يقاس عليه"، أي: على "إن قتلت لمسلمًا": "إن قام لأنا، وإن قعد لزيد، خلافًا للأخفش" فإنه أجازه، كما قاله في المغني2، وزاد هنا:"والكوفيين" وهو يوهم أنهم يجيزون "إن" المكسورة، ويدخلونها على: نحو قام وقعد، وذلك مخالف لقاعدتهم، فإنهم لا يجيزون تخفيف "إن" المكسورة، ويحملون على ما ورد من ذلك على أن "إن" نافية بمنزلة "ما"، واللام إيجابية بمنزلة "إلا"، قال في المغني في بحث اللام: وزعم الكوفيون أن اللام في ذلك كله بمعنى: "إلا" وأن "إن" قبلها نافية، ا. هـ.

ومما ورد من ذلك قراءة ابن مسعود: "قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ لَقَلِيلًا"[المؤمنون: 114] حكاها الأخفش في معانيه3، وقول امرأة من العرب: والذي يحلف به إن جاء لخاطبًا، فدخلت على الماضي غير الناسخ.

1 بعده في "ط": "يوم الجمل".

253-

البيت لعاتكة بنت زيد في الأغاني 18/ 11، وخزانة الأدب 10/ 373، 374، 376، 378، والدرر 1/ 300، وشرح شواهد المغني 1/ 71، والمقاصد النحوية 2/ 278، ولأسماء بنت أبي بكر في العقد الفريد 3/ 277، وبلا نسبة في الارتشاف 2/ 150، والأزهية ص49، والإنصاف 2/ 641، وأوضح المسالك 1/ 368، وتخليص الشواهد ص379، والجنى الداني ص208، ورصف المباني ص109، وسر صناعة الإعراب 2/ 548، 550، وشرح الأشموني 1/ 145، وشرح ابن عقيل 1/ 382، وشرح عمدة الحافظ ص236، وشرح المفصل 8/ 71، 9/ 27، واللامات ص116، ومجالس ثعلب ص368، والمحتسب 2/ 255، ومغني اللبيب 1/ 24، والمقرب 1/ 112، والمنصف 3/ 127، وهمع الهوامع 1/ 142.

2 مغني اللبيب 1/ 24.

3 معاني القرآن 2/ 640.

ص: 328

"وأندر منه كونه لا ماضيًا ولا ناسخًا"، بأن يكون مضارعًا غير ناسخ، إذ لا مشابهة بينهما "كقوله: إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه1" ولا يقاس عليه اتفاقًا.

والحاصل أن للام بعد "إن" المخففة ثلاث حالات، وجوب ذكرها، ووجوب تركها، وجواز الأمرين. فالأول نحو: إن زيد لقائم، بالإهمال، حيث لا قرينة، والثاني نحو: إن زيد لن يقوم. والثالث نحو: إن زيدًا قائم، بالإعمال، وما ذكره من أنها لام الابتداء قال به سيبويه2 والأخفشان3، وأكثر البغداديين4، وذهب الفارسي5 وابن جني6 وابن أبي العافية وابن أبي الربيع7 إلى أنها غيرها اجتلبت للفرق، وحجتهم أنها دختل على ما ليس مبتدأ ولا خبرًا في الأصل ولا راجعًا إلى الخبر كالمفعول في نحو: إن قتلت لمسلمًا، وأجيب بأن الفعل والفاعل بمنزلة الشيء الواحد، وهما حالّان محل الجزء الأول الذي يلي "إن" والمفعول كالجزء الثاني، فإن قتلت لمسلمًا بمنزلة إن قتيلك لمسلم، ثم إن كان الفعل ناسخًا دخلت على الخبر الذي كان خبرًا في الأصل، كما مر، وإن كان غير ناسخ، دخلت على معموله فاعلًا كان أو مفعولًا، ظاهرًا كان أو ضميرًا متصلًا، فإن تقدم عليها فعل من أفعال القلوب، نحو: قد علمنا إن كنت لموقنا، فإن قلنا اللام للابتداء كسرت "إن"، وإن قلنا لام أخرى اجتلبت للفرق فتحت، وإلى دخلوها على الفعل مطلقًا أشار الناظم بقوله:

192-

والفعل إن لم يك ناسخًا فلا

تلفيه غالبًا بإن ذي موصلًا

1 انظر هذا القول في أوضح المسالك 1/ 369، وشرح ابن عقيل 1/ 382، وشرح المفصل 8/ 86، وشرح ابن الناظم ص129.

2 الكتاب 2/ 140.

3 انظر شرح التسهيل 2/ 35.

4 انظر همع الهوامع 2/ 142.

5 البغداديات ص39.

6 المحتسب 2/ 255.

7 همع الهوامع 1/ 142.

ص: 329

"فصل":

"وتخفف "أن" المفتوحة، فيبقى العمل" وجوبًا لتحقق مقتضاها وهو إفادة معناها في الجملة الاسمية؛ لأنها أكثر مشابهة للفعل من المكسورة، "ولكن يجب في اسمها كونه مضمرًا" لا مظهرًا "محذوفًا" لا مذكورًا، سواء كان للشأن أم لا عند ابن مالك1؛ لأن "إن" المكسورة ثبت إعمالها في الظاهر دون المفتوحة، فقدروا عملها في المضمر لئلا ينحط الأقرب عن الأضعف.

وذهب ابن الحاجب إلى أنه لا يكون إلا للشأن، "فأما قوله" وهو الشخص المسمى جنوب أخت عمرو ذي الكلب:[من المتقارب]

254-

"بأنك ربيع وغيث مريع

وأنك هناك تكون الثمالا"

"فضرورة" من وجهين عند ابن الحاجب، كونه غير ضمير الشأن، وكونه مذكورًا، وعند ابن مالك من وجه واحد، وهو كونه مذكورًا.

والربيع ربيعان، ربيع الشهور، وربيع الأزمنة، فربيع الشهور بعد صفر، وربيع الأزمنة ربيعان، أولهما: ما يأتي فيه النور والكمأة، والثاني: ما تدرك فيه لثمار، والمراد هنا ربيع الأزمنة، والغيث: الكلأ أو المطر، والمريع: إما بفتح الميم إن جعل الغيث اسمًا للكلأ، أي: خصيب، وإما بضمها إن جعل اسمًا للمطر، يقال: مرع الوادي وأمرعه المطر، والثمال، بكسر الثاء المثلثة: الغياث خبر "تكون".

1 شرح التسهيل 2/ 41.

254-

البيت لكعب بن زهير في الأزهية ص62، وتخليص الشواهد ص380، وليس في ديوانه، وهو لجنوب بنت عجلان في الحماسة الشجرية 1/ 309، وخزانة الأدب 10/ 384، وشرح أشعار الهذليين 2/ 585، والمقاصد النحوية 2/ 282، ولعمرة بنت عجلان أو لجنوب بنت عجلان في شرح شواهد المغني 1/ 106، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 207، وأوضح المسالك 1/ 370، وخزانة الأدب 5/ 427، وشرح الأشموني 1/ 146، وشرح قطر الندى ص156، وشرح المفصل 8/ 75، ولسان العرب 13/ 30 "أنن"، ومغني اللبيب 1/ 31، وتاج العروس "أنن".

ص: 330

"ويجب في خبرها أن يكون جملة" لاشتمالها على المسند والمسند إليه محافظة على الأصل حيث لا يذكر الاسم. "ثم إن كانت" الجملة "اسمية أو فعلية فعلها جامد أو دعاء لم تحتج لفاصل" من الفواصل الآتية، أما مع الاسمية؛ فلأنه جيء بعد "أن" باسم وخبر، كما جيء بهما بعد المثقلة العاملة، وأما الفعل الجامد فهو كالاسم، والاسم غير محتاج إلى فصل. فكذلك ما أشبهه. وأما الدعاء فشبيه بالجامد في عدم التصرف، قاله الشاطبي فالاسمية "نحو:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} " [يونس: 1] ، والفعلية، التي فعلها جامد. نحو: "{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} " [النجم: 39] والفعلية التي فعلها دعاء إما بخبر نحو: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] ، أو بشر نحو: "{وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} " [النور: 9] في قراءة من خفف "أن"1 وكسر الضاد في غير السبع، وهذا مبني على جواز تفسير ضمير الشأن بالجملة الإنشائية وهو الصحيح، ويجوز الفصل فيهن، "ويجب الفصل في غيرهن"، ليكون عوضًا مما حذفوا من أنه وهو أحد النونين والاسم، أو لئلا يلتبس بـ"أن"، المصدرية، ولما كان التغيير مع الفعل أكثر مما هو مع الاسم وما أشبهه عوض مع الفعل المتصرف ولم يعوض مع الاسم وما أشبهه، والفصل إما "بـ"قد"" لأنها تقرب الماضي من الحال، "نحو: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة: 113]، أو تنفيس نحم:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونَ} [المزمل: 20] ، أو نفي بـ"لا" أو "لن" أو "لم"" فقط، مثال "لا" "نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} " [المائدة: 71] ، في قراءة من ضم نون "تكون"2، و: حسبت أن لا قام زيد، ومثال "لن": "{أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} " [البلد: 5] ومثال "لم"، "{أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7]، أو "لو" نحو:" {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا} [الجن: 16] "{أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} " [الأعراف: 100] ، وهو كثير.

والحاصل أن الفعل إما مثبت أو منفي، وكل منهما إما ماض، أو مضارع فالمثبت إن كان ماضيًا ففاصله "قد"، وإن كان مضارعًا ففاصله حرف التنفيس، والمنفي إن كان ماضيًا ففاصله "لا" فقط، وإن كان مضارعًا ففاصله "لن" أو "لم" أو "لا"، وأما "لو"

1 هي قراءة نافع كما في شرح ابن الناظم ص130، وانظر الإتحاف ص322، والنشر 2/ 330، وهي من شواهد شرح المفصل 6/ 104، وشرح ابن عقيل 1/ 386.

2 قرأها بالرفع: أبو عمرو والكسائي وحمزة ويعقوب والأعمش، انظر الإتحاف ص202، والنشر 2/ 255.

ص: 331

فإنها في الامتناع شبيهة بالنافي فتدخل على الماضي والمضارع كما مثلنا، "ويندر تركه"، أي: الفصل بواحد منها، "كقوله":[من الخفيف] .

255-

"علموا أن يؤملون فجادوا"

قبل أن يسألوا بأعظم سؤل

والقياس: عملوا أن سيؤملون، وسؤل: بمعنى مسئول كقوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ [يَا مُوسَى} [طه: 36] أي: قد أوتيت مسئولك] 1، "ولم يذكر "لو" في الفواصل إلا قليل من النحويين"، هذا شرح قول الناظم:

193-

وإن تخفف أن فاسمها استكن

والخبر اجعل جملة من بعد أن

194-

وإن يكن فعلًا ولم يكن دعا

ولم يكن تصريفه ممتنعا

195-

فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو

تنفيس أو لو وقيل ذكر لو

"وقول ابن الناظم: إن الفصل بها"، أي: بـ"لو""قليل، وهم" بفتح الهاء، أي: غلط "منه على أبيه" كأن الموضح وقع له النسخة التي فيها: وربما فصلت بـ"لو" فاعترض عليها؛ وإلا فالذي قاله ابن الناظم في غالب النسخ ما نصه2: وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين "أن" المخففة وبين الفعل بـ"لو" وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

195-

................

........... وقليل ذكر لو

انتهى، وهو مساو لنص الموضح، فلينظر.

255- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 373، وتخليص الشواهد ص383، والجنى الداني ص219، والدرر 1/ 302، وشرح ابن عقيل 1/ 388، وشرح ابن الناظم ص131، وشرح قطر الندى ص155، والمقاصد النحوية 2/ 294، وهمع الهوامع 1/ 143.

1 ما بينهما إضافة من "ط".

2 شرح ابن الناظم ص131.

ص: 332

"فصل":

"وتخفف "كأن" فيبقى أيضًا إعمالها" استصحابًا للأصل، "لكن يجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها" وإلى ثبوت اسمها وحذفه أشار الناظم بقوله:

196-

وخففت كأن أيضًا فنوي

منصوبها وثابتًا أيضًا روي

"كقوله" وهو رؤبة: [من الرجز]

256-

"كأن وريديه رشاء خلب"

فـ "وريديه" وهما عرقان في الرقبة اسم "كأن"، و"رشاء" بكسر الراء والمد: خبرها، وهو مفرد لا مثنى، وصحح الصغاني أنه مثنى بالغين المعجمة، والرشاء: الحبل، والخلب: بضم الخاء المعجمة: الليف، قاله أبو إسحاق، وقال غيره الخلب: البئر البعيدة القعر.

"وقوله" وهو باغث، بالموحدة فالمعجمة فالمثلثة، ابن صريم، بالتصغير اليشكري، قاله النحاس1، وقال السيرافي2: هو أرقم بن علباء، وقال صاحب المنقد هو علباء بن أرقم اليشكري يذكر امرأته ويمدحها:[من الطويل]

257-

ويومًا توافينا بوجه مقسم

"كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم"

256- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169، والمقاصد النحوية 2/ 299، وبلا نسبة في لسان العرب 1/ 365، "خلب"، 13/ 32 "أنن"، والإنصاف 1/ 198، وأوضح لمسالك 1/

375، وتخليص الشواهد ص390، والجنى الداني ص575، وخزانة الأدب 10/ 391، 393، 395، 396، 397، 400، 412، ورصف المباني 211، وشرح أبيات سيبويه 2/ 75، وشرح المفصل 8/ 83، والكتاب 3/ 164، 165، والمقرب 1/ 110، وتاج العروس 2/ 380 "خلب".

1 خزانة الأدب 10/ 413.

2 شرح أبيات سيبويه 1/ 525.

257-

البيت لعباء بن أرقم في الأصمعيات ص157، والدرر 1/ 304، والمقاصد النحوية 4/ 384، ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه 1 525، ولزيد بن أرقم في الإنصاف 1/ 202، ولكعب بن أرقم في اللسان 12/ 482 "قسم" ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390،=

ص: 333

يروى بالرفع" لـ"ظبية" على أنها خبر "كأن" "على حذف الاسم، أي: كأنها" ظبية، ويروى بالنصب لظبية على أنها اسم "كأن" "على حذف الخبر، أي: كأن مكانها" ظبية، "و" يروى "بالجر" لظبية "على أن الأصل كظبية، وزيد "أن" بينهما"، أي: بين الكاف ومجرورها، وعليهن فجملة "تعطو" صفة لـ"ظبية"، والموافاة الإتيان، والمقسم بضم الميم وفتح القال والسين المهملة مع التشديد: المحسن من القسنام وهو الحسن، يقال: فلان قسيم الوجه، ومقسم الوجه، أي: حسنه، وتعطو: أي تتناول، وعداه بـ"إلى" لتضمنه معنى: تميل، والوارق: اسم فاعل من ورق الشجر: يرق، مثل: أورق، أي: صار ذا ورق، ويرى ناضر السلم، والنضرة الحسن والبهجة، والسلم بفتحتين شجر العضاه له شوك.

"وإذا حذف الاسم وكان الخبر جملة اسمية لم يحتج لفاصل" كما تقدم تعليله في "أن" المخففة "كقوله:"[من الهزج]

258-

ووجه مشرق اللون

"كأن ثدياه حقان"

فـ "ثدياه حقان" مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر "كأن"، واسمها ضمير شأن محذوف، أي: كأنه. وهذا البيت رواه سيبويه هكذا1 ورواه غيره:

وصدر مشرق اللون

...................

= وشرح المفصل 8/ 83، والكتاب 2/ 134، وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301، ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111، ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري، أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377، وجواهر الأدب ص197، والجنى الداني ص222، ورصف المباني ص117، 211، وسر صناعة الإعراب 2/ 683، وسمط اللآلي ص829، وشرح ابن الناظم ص132، وشرح الأشموني 1/ 147، وشرح عمدة الحافظ 1/ 331، 341، وشرح قطر الندى ص157، والكتاب 3/ 165، والمحتسب 1/ 308، ومغني اللبيب 1/ 33، والمقرب 1/ 111، 2/ 204، والمنصف 3/ 128، وهمه الهوامع 1/ 413.

258-

البيت بلا نسبة في الإنصاف 1/ 197، وأوضح المسالك 1/ 378، وتخليص الشواهد ص389، والجنى الداني ص575، وخزانة الأدب 10/ 392، 394، 398، 399، 400، 440، والدرر 1/ 303، 305، وشرح ابن الناظم ص132، وشرح الأشموني 1/ 147، وشرح شذور الذهب ص285، وشرح ابن عقيل 1/ 391، وشرح قطر الندى ص158، وشرح المفصل 8/ 82، والكتاب 2/ 135، 140، ولسان العرب 13/ 30، 32 "أنن"، والمقاصد النحوية 2/ 305، والمنصف 3/ 128، وهمع الهوامع 1/ 143.

1 الكتاب 2/ 135.

ص: 334

والمعنى على الأول: رب وجه يلوح لونه، وثديا صاحبه كحقين في الاستدارة.

"وإن كانت الجملة فعلية فصلت بـ"لم"" في المضارع المنفي. "أو "قد"" في الماضي المثبت، فالأول "نحو:{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} " [يونس: 24] ، "و" الثاني "نحو قوله": [من الخفيف]

259-

"لا يهولنك اصطلاء لظى الحر

ب فمحذورها كأن قد ألما"

ففصل بين "كأن" و"ألما" بـ"قد" والهول: الفزع، يقال: هاله الأمر يهوله إذا أفزعه، ولظى الحرب: نارها، والاصطلاء، من اصطليت بالنار: تدفأت بها، والمحذور: من الحذر، وهو: ما يخاف منه، وألم: ماض من الإلمام، وهو النزول: ألم به أمر إذا نزل به.

"مسألة:

وتخفف "لكن" فتهمل وجوبًا" لزوال اختصاصها بالجملة الاسمية، وليباين لفظها لفظ الفعل، "نحو:" {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ "وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} [الأنفال: 17]، وعن يونس والأخفش جواز الإعمال" قياسًا على "أن" ولم يسمع من العرب: ما قام زيد لكن عمرًا قائم، بنصب عمرو، وما ورد عن يونس أنه حكى فيها العمل فهي رواية لا تعرف والفرق بينها وبين "إن" زوال الاختصاص.

259- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 379، وسر صناعة الإعراب ص419، 430، وشرح الأشموني 1/ 148، وشرح شذور الذهب ص286، والمقاصد النحوية 2/ 306.

ص: 335