الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[64] مسندُ حُبَيشِ بنِ خالدٍ الأَشعرِ أخو أُمِّ مَعْبَدٍ
1486 -
عن حُبَيشِ بنِ خالدٍ صاحبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حينَ خرجَ مِن مكةَ خَرَجَ مِنها مُهاجراً إلى المدينةِ هو وأبوبكرٍ ومَولى لأبي بكرٍ عامرُ بنُ فُهَيرةَ ودليلُهما اللَّيثيُّ عبدُاللهِ بنُ الأُريقِطِ، مَرُّوا على خَيمَتي أُمِّ مَعْبَدٍ الخُزاعيةِ، وكانتْ بَرْزَةً جَلْدَةً تَحتَبي بفناءِ القبةِ ثم تَسقي وتُطعمُ، فسأَلُوها تمراً ولحَماً يَشترونَه مِنها، فلم يُصيبوا عندَها مِن ذلكَ شيئاً، وكانَ القومُ مُرْمِلين مُسْنِتين، فنظرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في كِسْرِ الخَيمةِ، فقالَ:«ما هذه الشاةُ يا أُمَّ مَعبدٍ؟» قالتْ: شاةٌ خَلَّفَها الجَهْدُ عن الغنمِ، قالَ:«هل بِها مِن لبنٍ؟» قالتْ: هي أَجهَدُ مِن ذلكَ،
قالَ: «أَتأذَنينَ أنْ أَحلُبَها؟» قالتْ: نَعم بأبي أَنت وأُمي إنْ رأيتَ بِها حلباً فاحْلُبْها، فدَعا بِها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فمسَحَ بيدِهِ ضَرْعَها وسمَّى اللهَ ودَعا لها في شاتِها، فتفَاجَّتْ عليه ودرَّتْ واجتَرَّتْ، ودَعا بإناءٍ يُرْبِضُ الرهطَ فحَلَبَ ثجَّاً حتى عَلاه البَهاءُ، ثم سَقاها حتى رَويتْ، ثم سَقى أصحابَهُ حتى رَووا، ثم شربَ آخِرَهم، ثم حلَبَ ثانياً بعدَ بَدْءٍ حتى ملأَ الإناءَ ثم غادَرَهُ عندَها وبايَعها وارتَحلوا عنها.
فَقَلَّ ما لبثَتْ حتى جاءَ زوجُها أبومَعبدٍ يسوقُ أَعْنزاً عِجافاً تَساوَكْن هزلاً، مُخهنَّ قليلٌ، فلمَّا رأَى أبومَعبدٍ اللَّبنَ عَجِبَ وقالَ: مَن أينَ لكِ هذا يا أُمَّ معبدٍ والشاءُ عازبٌ حِيالٌ، ولا حَلُوبَ في البيتِ؟ قالتْ: لا واللهِ إلا أَنَّه مَرَّ بِنا رجلٌ مباركٌ مِن حالِهِ كَذا وكَذا، قالَ: صِفِيه لي يا أُمَّ مَعبدٍ.
قالتْ: رجلٌ ظاهرُ الوَضاءةِ، أبلَجُ الوجهِ، حسنُ الخَلقِ، لم تَعِبْه ثُجْلَةٌ، ولم تُزْرِ به صَعْلَةٌ، وسيمٌ قَسيمٌ، في عينيهِ دَعَجٌ، وفي أشفارِهِ وَطَفٌ، وفي صوتِهِ صَحَلٌ،
وفي عُنقِه سَطَعٌ، وفي لحيتِهِ كثاثةٌ، أَزجُّ أَقرنُ، إنْ صَمَتَ فعليه الوقَارُ، وإنْ تكلَّمَ سمَا وعلاهُ البَهاءُ، أجمَلُ الناسِ وأَبْهاهُ مِن بعيدٍ، وأحسنُهُ وأَحلاهُ مِن قريبٍ، حلوُ المنطقِ، فَصْلٌ لا نَزْرٌ ولا هذرٌ، كأنَّ مَنطِقَهُ خَرزاتُ نَظْمٍ يَتحدَّرْنَ، لا يأسَ مِن طُولٍ، ولا تَقْتَحمُهُ عينٌ مِن قِصَرٍ، غُصنٌ بين غُصنينِ فهو أنضرُ الثلاثِة مَنظراً، وأَحسنُهم قَدراً، له رفقاءُ يَحُفُّونَ بِه، إنْ قالَ أَنصَتُوا لقولِهِ، وإنْ أَمَرَ تَبادَروا إلى أمرِهِ، محفودٌ محشودٌ، لا عابسٌ ولا مُفَنِّدٌ.
قالَ أبومَعبدٍ: فَهذا واللهِ صاحبُ قُريشٍ الذي ذُكَرَ لنا مِن أمرِهِ ما ذُكَرَ بمكةَ، ولقدْ هَممتُ أَنْ أصحَبَهُ، ولأَفعلَنَّ إنْ وَجدتُ إلى ذلكَ سبيلاً.
وأصبَحَ صوتٌ بمكةَ عالٍ يَسمعونَ الصوتَ ولا يَدرونَ مَن صاحبُهُ وهو يقولُ:
جَزَى اللهُ ربُّ الناسِ خيرَ جزائِهِ
…
رَفيقينَ قَالا خَيْمَتي أمِّ مَعْبَدِ
هما نَزَلاها بالهُدى واهتَدا بِه
…
فقدْ فازَ مَن أَمْسى رفيقَ مُحمدِ
فيا لِقُصَيٍّ ما زَوى اللهُ عنكُمُ
…
بِه مِن فَعَالٍ لا يُجازى وسُؤددِ
لِيَهْن بني كعبٍ مكانُ فَتاتِهم
…
ومقعدُها للمؤمنينَ بمرصَدِ
سلُوا أُختَكم عن شاتِها وإنائِها
…
فإنَّكمُ إنْ تسأَلوا الشاةَ تَشهدِ
دَعاها بشاةٍ حائلٍ فتحَلَّبَتْ
…
عليهِ صريحاً ضَرَّةُ الشاةِ مُزبدِ
فغادَرَها رَهناً لديها لحالبٍ
…
يُرددُها في مصدرٍ ثم مورَدِ
فلمَّا سمعَ بذلكَ حسانُ الأَنصاريُّ شَبَّبَ يُجاوبُ الهاتِفَ فقالَ:
لقدْ خابَ قومٌ زالَ عنهم نبيُّهم
…
وقُدِّسَ مَن يَسري إليه ويَغتدي
تَرحَّلَ عن قومٍ فَضَلَّتْ عقولُهم
…
وحلَّ على قومٍ بنورٍ مُجددِ
هَداهُم بِه بعدَ الضلالةِ ربُّهم
…
وأَرشدَهم مَن يتَّبع الحقَّ يَرشُدِ
وهلْ يَستوي ضلالُ قومٍ تَسَفَّهوا
…
عَمَايَتَهم هادٍ به كلُّ مُهتدي
وقدْ نَزَلَتْ مِنه على أهلِ يَثرِبَ
…
ركابٌ هُدَىً حلَّتْ عليهم بأَسعدِ
نبيٌّ يَرى ما لا يَرى الناسُ حولَهُ
…
ويَتلوا كتابَ اللهِ في كلِّ مسجدِ
وإنْ قالَ في يومٍ مقالةَ غائبٍ
…
فَتَصديقُها في اليومِ أو في ضُحى الغدِ
لِيَهْنِ أبا بكرٍ سعادةُ جدِّه
…
بصحبتِهِ مَن يُسعِد اللهُ يَسعَدِ
1 -
الغيلانيات (1140) - ومن طريقه شرف الدين اليونيني في مشيخته (ص 140 - 142)، وابن جماعة في مشيخته (1/ 172 - 175)، والعلائي في الفرائد المسموعة (ص 714 - 717) -: حدثني يسر بن أنس أبوالخير: حدثنا أبوهشام محمد بن سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن زيد بن ثابت بن يسار الكعبي الربعي الخزاعي قال: حدثني عمي أيوب بن الحكم، [ح] وحدثني أحمد بن يوسف بن تميم البصري: حدثنا أبوهشام محمد بن سليمان بقديد قال: حدثني عمي أيوب بن الحكم،
2 -
الأحاديث الطوال (30) حدثنا علي بن سعيد الرازي، وحديث أبي نصر العكبري وغيره للضياء (54) حدثنا أبومحمد الحسن بن علي بن خلف الصيدلاني وأبوحريش الكوفي بمصر، قالوا (علي بن سعيد والصيدلاني وأبوحريش): حدثنا مكرم بن محرز الخزاعي: حدثني أبي،
كلاهما (أيوب بن الحكم ومحرز الخزاعي) عن حزام بن هشام بن حبيش، عن أبيه هشام، عن جده حبيش بن خالد .. (1).
قال الحافظ أبوالقاسم ابن عساكر: هذا الحديث محفوظ من رواية حزام بن هشام، رواه عنه أيضاً محرز بن مهدي الكعبي ومروان بن معاوية الفزاري.
وقال العلائي: هذا حديث حسن محفوظ من رواية حزام بن هشام، والكلام على ما يتعلق بإسناده وتحقيق ألفاظه ووجوه معانيها ليس هذا موضعه، وقد كتبت ذلك كله في جزء مفرد، وبالله التوفيق.
(1) المجمع (6/ 55 - 58): رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم.