الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[109] مسندُ زيدِ بنِ سَعْنةَ
(1)
1690 -
عن محمدِ بنِ حمزةَ بنِ يوسفَ بنِ عبداللهِ بنِ سلامٍ، عن أبيه، عن جدِّه قالَ: لمَّا أَرادَ اللهُ تعالى هديَ زيدِ بنِ سَعْنةَ، قالَ زيدُ بنُ سَعْنةَ: ما مِن علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا وقد عَرفتُها في وجهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم حينَ نَظرتُ إليهِ إلا اثنتَينِ لم أَخبُرْهُما مِنه: يَسبقُ حلمُه جَهلَه، ولا يزيدُهُ شدةُ الجهلِ عليه إلا حِلماً، فكنتُ أَلطفُ له لأَن أُخالِطَه فأَعرفَ حِلمَه مِن جهلِهِ.
قالَ زيدُ بنُ سَعْنةَ: فخرجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوماً مِن الحجراتِ ومعه عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه، فأَتاهُ رجلٌ على راحلتِهِ كالبدويِّ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ بصرى قريةَ بَني فلانٍ قَد أَسلَموا ودخَلوا في الإسلامِ، وكنتُ حدثتُهم إن أَسلَموا أتاهُم الرزقُ، وأَصابَتهُم سَنةٌ وشدةٌ وقحوطٌ مِن الغيثِ، فأَنا أَخشى يا رسولَ اللهِ أَن يَخرُجوا مِن الإسلامِ طمعاً كما دخَلوا فيه طمعاً، فإنْ رأيتَ أَن تُرسِلَ إِليهم بشيءٍ تُعينُهم به فعلتُ، فنظرَ إلى رجلٍ إلى جانبِهِ أراهُ علياً، فقالَ: يا رسولَ اللهِ ما بقيَ مِنه شيءٍ.
قالَ زيدُ بنُ سَعْنةَ: فدَنوتُ إليهِ، فقلتُ: يا محمدُ، هَل لَك أَن تبيعَني تمراً معلوماً مِن حائطِ بَني فلانٍ إلى أجلِ كَذا وكَذا؟ فقالَ:«لا يا يهوديُّ، ولكنِّي أَبيعُكَ تمراً معلوماً إلى أجلِ كَذا وكَذا، ولا تسمِّي حائطَ بَني فلانٍ» ، قلتُ: نَعم، فبايَعَني، فأَطلقتُ هِمْياني فأَعطيتُه ثمانينَ مِثقالاً مِن ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ
(1) الحبر الإسرائيلي، واختلف في اسمه، فقيل بالنون، وقيل بالتحتانية، قال ابن عبدالبر: بالنون أكثر. انظر الإصابة (2/ 606).
كَذا وكَذا، فأَعطاها الرجلَ، فقالَ:«اعْجَلْ عَليهم وأَعِنْهم بها» (1).
قالَ زيدُ بنُ سَعْنةَ: فلمَّا كانَ قبلَ مَحلِّ الأجلِ بيَومينِ أو ثلاثةٍ أَتيتُه فأَخذتُ بمجامعِ قميصِهِ وردائِهِ ونظرتُ إليهِ بوجهٍ غليظٍ فقلتُ له: أَلا تَقضيني يا محمدُ حقِّي، فوَاللهِ ما علمتُكم يا بَني عبدِالمطلبِ لَمُطلٌ، ولقدْ كانَ لي بمُخالَطَتِكم علمٌ، ونظرتُ إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه وإِذا عَيناهُ تَدورَانِ في وجهِهِ كالفَلكِ المستديرِ، ثم رَماني ببصرِهِ وقالَ: يا عدوَّ اللهِ، تقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما أَسمعُ وتَصنعُ به ما أَرى؟ فوَالذي بعثَهُ بالحقِّ لولا ما أُحاذِرُ قوتَه لضربتُ بسيَفي رأسَكَ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ينظُرُ إلى عمرَ في سكونٍ وتُؤَدةٍ وتبسمٍ، ثم قالَ:«يا عمرُ، أَنا وهو كُنا أَحوجَ إلى غيرِ هَذا، أَن تأمُرَني بحسنِ الأداءِ وتأمُرَه بحسنِ التِّباعَةِ، اذهبْ يا عمرُ فاعطِهِ حقَّه وزِدْه عشرينَ صاعاً مِن تمرٍ مكانَ ما رُعْتَهُ» .
قالَ زيدٌ: فذهبَ بي عمرُ رضي الله عنه فأَعطاني حقِّي وزادَني عشرينَ صاعاً مِن تمرٍ، فقلتُ: ما هَذه الزيادةُ يا عمرُ؟ فقالَ: أمَرَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَن أَزيدَكَ مكانَ ما رُعْتُكَ، قلتُ: وتَعرِفُني يا عمرُ؟ قلتُ: لا، مَن أنتَ؟ قلتُ: أَنا زيدُ بنُ سَعنةَ، قالَ: الحَبْرُ؟ قلتُ: الحَبرُ، قالَ: فما دَعاكَ أَن فعلتَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما فعلتَ وقلتَ له ما قلتَ؟ قلتُ: يا عمرُ، لم يكنْ مِن علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا قد عرفتُ في وجهِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ نَظرتُ إليهِ إلا اثنَتينِ لم أَخبُرْهما مِنه: يَسبقُ حِلمُه جَهلَه، ولا يزيدُهُ شدةُ الجهلِ عليه إلا حِلماً، فقد اختَبرتُهما، فأُخبركَ يا عمرُ أنِّي قد رضيتُ باللهِ رباً، وبالإسلامِ ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً، وأُشهدُكَ أنَّ شطرَ مَالي - فإنِّي أكثرُها مالاً - صدقةٌ على أُمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فقالَ عمرُ: أو على
(1) هذا الفقرة عند ابن ماجه (2281) من طريق الوليد بن مسلم باختصار يسير، انظر المسند الجامع (5887).
بعضِهم فإنكَ لا تَسَعُهم، قلتُ: وعلى بعضِهم.
فرجعَ عمرُ وزيدٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ زيدٌ: أَشهدُ أَن لا إلهَ إلا اللهِ، وأَشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وآمَنَ به وصدَّقَه وبايَعَه، وشهدَ مَعه مشاهدَ كثيرةً، ثم توفيَ زيدٌ رضي الله عنه في غزوةِ تبوكَ مُقبلاً غيرَ مدبرٍ رضي الله عنه.
الأحاديث الطوال (6) حدثنا أحمد بن علي الأبار البغدادي قال: حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبدالله بن سلام، عن أبيه، عن جده .. (1).
(1) المجمع (8/ 239 - 240): رواه الطبراني ورجاله ثقات.
وقال الألباني في الضعيفة (1341): منكر.