الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفسدة هي أكبر من مفسدة النظر، فحديث ابن عباس المروي عند أبي داود بسند ضعيف من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكما ينظر في النار إنما هو في حق من لم يكن متهمًا على المسلمين، وأما من كان متهمًا فلا حرمة له، والحاصل أنه يخص منه ما يتعين طريقًا إلى دفع المفسدة كما مرّ والحديث مرّ مرارًا.
24 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ الْكِتَابُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ
؟
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب) اليهود والنصارى وسقط لفظ الكتاب الأول لأبي ذر.
6260 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّامِ، فَأَتَوْهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي (أبو الحسن) قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس أخبره أن أبا سفيان) صخر (بن حرب أخبره أن هرقل) لقبه قيصر (أرسل إليه) حال كونه (في) أي مع (نفر من قريش وكانوا تجارًا) بكسر الفوقية وتخفيف الجيم (بالشام فأتوه فذكر الحديث) السابق في أول هذا الجامع وفي مواضع أُخر إلى أن (قال: ثم دعا) هرقل من يأتيه (بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم) أهل (الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد) الحديث إلى آخره وليس المراد منه التحية لأنه لم يسلم فليس هو ممن اتبع الهدى فهو سلام مقيد لا تمسك به لمن أجاز مكاتبة أهل الكتاب بالسلام عند الحاجة، وفيه جواز كتابة البسملة إلى أهل الكتاب وتقديم اسم الكاتب على المكتوب إليه.
25 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ فِى الْكِتَابِ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (بمن يبدأ في الكتاب) بضم التحتية وسكون الموحدة وفتح المهملة أي بنفسه أو بالمكتوب إليه.
6261 -
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ: عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «نَجَرَ خَشَبَةً فَجَعَلَ الْمَالَ فِى جَوْفِهَا وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ» .
(وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله المؤلّف في الأدب المفرد (حدثني) بالإفراد (جعفر بن ربيعة) الكندي (عن عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل) سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار إلى أجل فقال: ائتني بكفيل قال: الله فأعطاه الألف فلما بلغ الأجل وأراد الخروج إليه وحبسه الريح (أخذ خشبة فنقرها) أي فحفرها (فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه) الذي أقرضه وهو النجاشي كما مرّ في الكفالة (وقال عمر بن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبيه) أنه (سمع أبا هريرة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي عن أبي هريرة يقول: (قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(نجر خشبة) بالنون والجيم المفتوحتين والراء ولأبي ذر عن الكشميهني: نقر خشبة بالقاف (فجعل المال) وهو الألف دينار (في جوفها وكتب إليه صحيفة من فلان إلى فلان) فقدم الكاتب اسمه على المكتوب له، ولعل البخاري خصّ سياق هذا الحديث لعدم وجدانه ما هو على شرطه وهو على قاعدته في الاحتجاج بشرع من قبلنا إذ لم ينكر ولا سيما إذا ذكر في مقام المدح لفاعله،
وعند أبي داود من طريق ابن سيرين عن أبي العلاء بن الحضرمي عن العلاء أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه.
26 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ»
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم).
6262 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ فَأَرْسَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ:«قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ -أَوْ قَالَ- خَيْرِكُمْ» فَقَعَدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ: «فَإِنِّى أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ» فَقَالَ: لَقَدْ حَكَمْتَ بِمَا حَكَمَ بِهِ الْمَلِكُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفْهَمَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى عَنْ أَبِى الْوَلِيدِ مِنْ قَوْلِ أَبِى سَعِيدٍ إِلَى حُكْمِكَ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قاضي المدينة (عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف) بضم الحاء المهملة وفتح النون وبعد التحتية الساكنة فاء الأنصاري (عن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه (أن أهل قريظة) بضم القاف وفتح الراء وبالظاء المعجمة قبيلة من يهود (نزلوا) من حصنهم بعد أن حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم (على حكم سعد) هو ابن معاذ (فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه) وكان وجعًا لما رمي في أكحله (فجاء فقال) صلى الله عليه وسلم للأنصار خاصة أو لجميع من حضر من المهاجرين معهم:
(قوموا إلى سيدكم أو قال خيركم) توقيرًا وإكرامًا ففيه إكرام أهل الفضل من علم أو صلاح أو شرف بالقيام لهم أو المراد قوموا إليه
لتعينوه على النزول عن الحمار وترفقوا به فلا يصيبه ألم وحذرًا من انفجار عرقه قاله التوربشتي. قال: ولو أراد الإكرام لقال لسيدكم باللام بدل إلى. وأجاب الطيبي بأن إلى في هذا المقام أفخم من اللام كأنه قيل: قوموا واذهبوا إليه تلقيًا وكرامة يدل عليه ترتب الحكم على الوصف المناسب المشعر بالعلية فإن قوله: إلى سيدكم علة للقيام له وليس ذلك إلا لكونه شريفًا كريمًا عليّ القدر اهـ.
نعم في مسند أحمد عن عائشة من طريق علقمة بن وقاص عنها في قصة غزوة بني قريظة وقصة سعد بن معاذ فلما طلع قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" وسنده حسن، وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه وقد منع قوم القيام تمسكًا بحديث أبي أمامة: خرج علينا النبي متوكئًا على عصا فقمنا له فقال: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض" وأجيب بضعفه واضطراب سنده وفيه من لا يعرف، وفي حديث
عبد الله بن بريدة عن معاوية عند الحاكم: ما من رجل يكون على الناس يقوم على رأسه الرجال يحب أن تكثر عنده الخصوم فيدخل الجنة. وعند أبي داود عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار" وسئل مالك عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها فتتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس فقال: أما التلقي فلا بأس به، وأما القيام حتى يجلس فلا، فإن هذا فعل الجبابرة.
وأجاب الخطابي عن قوله: من أحب أن يقام له أي بأن يلزمهم بالقيام له صفوفًا على طريق الكبر. وقال غيره: إن المنهي عنه أن يقام عليه وهو جالس. وعورض بأن سياق حديث معاوية على خلاف ذلك وإنما يدل على أنه كره القيام له لما خرج تعظيمًا له وبأن هذا لا يقال له القيام للرجل، وإنما هو القيام على رأس الرجل أو عند الرجل. اهـ.
وفي حديث أنس عند الطبراني وقال: إنما هلك من كان قبلكم فإنهم عظموا ملوكهم بأن قاموا وهم قعود، وعن أبي الوليد بن رشد أن القيام يكون على أربعة أوجه: محظور لمن يريد أن يقام له تكبرًا وتعظيمًا على القائمين له، ومكروه لمن لا يتكبر ولا يتعاظم ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر ولما فيه من التشبه بالجبابرة، وجائز على سبيل الاحترام والإكرام لمن لا يريد ذلك ويؤمن معه التشبه بالجبابرة، ومندوب لمن قدم من سفره فرحًا بقدومه ليسلم عليه أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها أو لحاكم في محل ولايته كما دلّ عليه قصة سعد فإنه لما استقدمه النبي-صلى الله عليه وسلم حاكمًا في بني قريظة فرآه مقبلاً قال: قوموا إلى سيدكم وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه، فأما اتخاذه ديدنًا فمن شعار العجم، وقد جاء في السنن أنه لم يكن أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا جاء لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك والله الموفق.
ومباحث المسألة فيها طول يخرج عن الغرض، ولشيخ الإسلام النووي جزء في ذلك، ولأبي عبد الله بن الحاج في ذلك كلام متين جليل والله يهدينا سواء السبيل، والشك في قوله أو قال خيركم من الراوي.
(فقعد) سعد (عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال) له: يا سعد (هؤلاء) أهل قريظة (نزلوا) من حصنهم (على حكمك قال) سعد (فإني أحكم) فيهم (أن تقتل مقاتلتهم) أي الطائفة المقاتلة من الرجال (وتسبى ذراريهم) بالمعجمة التحتية وتخفف جمع ذرية أي النساء والصبيان (فقال) له صلى الله عليه وسلم (لقد حكمت) فيهم (بما حكم به الملك) جل وعلا بكسر اللام وهو الله، وروي بفتحها أي بحكم جبريل الذي جاء به من عند الله.
(قال أبو عبد الله) المؤلّف رحمه الله (أفهمني بعض أصحابي) قال في فتح الباري: يحتمل أن يكون محمد بن سعد كاتب الواقدي فإنه أخرجه في الطبقات (عن أبي الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ المؤلّف في هذا الحديث بسنده (من قول أبي سعيد) الخدري من أول الحديث