الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثم من؟ قال: أمك) ولأبي ذر قال: ثم أمك كرر الأم ثلاثًا لمزيد حقها (قال) الرجل: (ثم من؟ قال) صلى الله عليه وسلم في الرابعة (ثم أبوك) وفي تكرير ذكر الأم ثلاثًا إشارة إلى أن الأم تستحق على ولدها النصيب الأوفر من البر بل مقتضاه كما قال ابن بطال: أن يكون لها ثلاثة أمثال ما للأب من البر لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، والذي ذهب إليه الشافعية أن برهما يكون سواء.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب وابن ماجة في الوصايا.
(وقال ابن شبرمة) عبد الله قاضي الكوفة عم عمارة فيما وصله مسلم (ويحيى بن أيوب) حفيد أبي زرعة مما وصله المؤلّف في الأدب المفرد وأحمد قالا: (حدّثنا أبو زرعة) بن عمرو بن جرير (مثله) أي مثل الحديث السابق.
3 - باب لَا يُجَاهِدُ إِلَاّ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ
هذا (باب) بالتنوين (لا يجاهد) بفتح الهاء في الفرع وفوقها علامة الأصيلي وبكسرها لأبي ذر (إلا بإذن الأبوين).
5972 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا حَبِيبٌ ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكَ أَبَوَانِ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بمهملات ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد بكسر العين المهملة (عن سفيان) الثوري (وشعبة) بن الحجاج (قالا: حدّثنا حبيب) بفتح الحاء المهملة وكسر الموحدة الأولى ابن أبي ثابت (ح) مهملة للتحويل.
(قال) المؤلّف (وحدّثنا محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي لم يصب من ضعفه قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن حبيب) هو ابن أبي ثابت (عن أبي العباس) بالمهملتين والموحدة السائب الشاعر المكي (عن عبد الله بن عمرو) بن العاصي رضي الله عنهما أنه (قال: قال رجل) أي يسم، ويحتمل أن يكون جاهمة بن العباس (للنبي صلى الله عليه وسلم أجاهد)؟ بضم الهمزة (قال) صلى الله عليه وسلم له:
(ألك أبوان) أي يسميا (قال: نعم قال) عليه الصلاة والسلام: إن كان لك أبوان (ففيهما فجاهد) أي ارجع فابلغ جهدك في برهما والإحسان إليهما فإن ذلك يكون لك مقام قتال الكفار.
وهذا الحديث قد سبق في باب الجهاد بإذن الأبوين من كتاب الجهاد.
4 - باب لَا يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ
هذا (باب) بالتنوين (لا يسب الرجل والديه) ولا أحدهما أي لا يكون سببًا لذلك فالإسناد مجازي.
5973 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ
الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أَمَّهُ» .
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ونسبه لجده قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه) سعد بن عبد الرحمن بن عوف (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف (عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي (رضي الله عنهما) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي ذر النبي (صلى الله عليه وسلم):
(إن من أكبر الكبائر) وللترمذي: من الكبائر والأولى تقتضي أن الكبائر متفاوتة بعضها أكبر من بعض، وإليه ذهب الجمهور، وإنما كان السب من أكبر الكبائر لأنه نوع من العقوق وهو إساءة في مقابلة إحسان الوالدين وكفران لحقوقهما (أن يلعن الرجل والديه) ترجم بلفظ السب وساقه بلفظ اللعن إشارة إلى ما وقع في بقية الحديث (قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه)؟ هو استبعاد من السائل لأن الطبع المستقيم يأبى ذلك (قال) عليه الصلاة والسلام (يسب الرجل) سقط لفظ الرجل للأصيلي ولأبي الوقت (أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه) زاد أبو ذر والأصيلي وأبو الوقت فيسب أمه فبين أنه وإن لم يتعاط السب بنفسه فقد يقع منه التسبب، فإذا كان التسبب في لعن الوالدين من أكبر الكبائر فالتصريح بلعنهما أشد.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الإيمان وأبو داود في الأدب والترمذي في البر.
5 - باب إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ
(باب إجابة دعاء من بر والديه).
5974 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَاشَوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَمَالُوا إِلَى غَارٍ فِى الْجَبَلِ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا لَعَلَّهُ يَفْرُجُهَا فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَلِى صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ بَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ وَلَدِى وَإِنَّهُ نَأَى بِىَ الشَّجَرُ فَمَا أَتَيْتُ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ فَلَمْ يَزَلْ دَأْبِى وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً حَتَّى يَرَوْنَ مِنْهَا السَّمَاءَ، وَقَالَ الثَّانِى: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِى ابْنَةُ عَمٍّ
أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَقِيتُهَا بِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا، فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّى كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِى حَقِّى فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا فَجَاءَنِى فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَظْلِمْنِى وَأَعْطِنِى حَقِّى، فَقُلْتُ، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَهْزَأْ بِى فَقُلْتُ: إِنِّى لَا أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرَاعِيَهَا فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِىَ فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ».
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم أبو محمد الجمحي مولاهم البصري قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة) الأسدي مولاهم أبو إسحاق المدني الثقة تكلم فيه بلا حجة (قال: أخبرني) بالإفراد ولأبي ذر أخبرنا (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(بينما) بالميم (ثلاثة نفر) ممن كان قبلكم (يتماشون أخذهم المطر فمالوا) وللأصيلي فأووا (إلى غار في الجبل) وللأصيلي في جبل
(فانحطت) بالحاء والطاء المشددة المهملتين (على فم غارهم) ولأبي ذر عن الكشميهني: على باب غارهم (صخرة من الجبل فأطبقت) بهمزة قطع مفتوحة، ولأبي ذر عن الكشميهني: فتطابقت (عليهم) من أطبقت الشيء إذا غطيته (فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها لله صالحة) أي خالصة لوجهه لا رياء فيها ولا سمعة كما يدل عليه قوله بعد ابتغاء وجهك (فادعوا الله بها لعله يفرجها) بفتح أوله وسكون الفاء وضم الراء كذا في الفرع مصلحة على كشط لفتحة أوله وقال العيني: بكسر الراء قال، وقال ابن التين وكذا قرأناه.
(فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار) بكسر الصاد جمع صبي (كنت أرعى عليهم) ضمن أرعى معنى الإنفاق وعداه بعلى أي أنفق عليهم راعيًا الغنيمات (فإذا رحت عليهم) أي إذا رددت الماشية من المرعى إلى موضع مبيتها فضمن رحت معنى رددت (فحلبت) عطف على رحت وجواب فإذا قوله (بدأت بوالدي) بفتح الدال على التثنية حال كوني (أسقيهما) أو أسقيهما استئناف بيان للعلة (قبل ولدي) بكسر الدال وتخفيف التحتية (وأنه نأى) بتقديم النون على الهمزة أي بعد (بي الشجر) التي ترعاه المواشي والشجر بالشين المعجمة والجيم، ولأبي ذر عن المستملي السحر بالسين والحاء المهملتين قال في الفتح: والأول أولى فإن في الخبر أنه رجع بعد أن ناما فأقام ينتظر استيقاظهما إلى الصباح حتى انتبها من قبل أنفسهما وزاد المستملي يومًا (فما أتيت) من المرعى (حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت) بفتح اللام (كما كنت أحلب) بضم اللام (فجئت بالحلاب) بكسر الحاء المهملة أي الإناء الذي يحلب فيه أو باللبن
المحلوب (فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما) بضم الهمزة (من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية) في السقي (قبلهما والصبية يتضاغون) بالضاد والغين المعجمتين المفتوحتين بينهما ألف وبعد الواو الساكنة نون يضجون ويصيحون من الجوع (عند قدمي) بلفظ التثنية، ولعل كان في شريعتهم تقديم نفقة الأصول على الفروع (فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم) أي دأب الوالدين والصبية (حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج) بضم الراء (لنا) في هذه الصخرة (فرجة) بضم الفاء وسكون الراء (نرى منها السماء ففرج الله) عز وجل بتخفيف الراء من ففرج الله (لهم فرجة حتى يرون منها السماء) بإثبات النون لأبي ذر عن الحموي والمستملي وبحذفها له عن الكشميهني وسقط للأصيلى لفظ فرجة.
(وقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم) ولأبي ذر بنت عم (أحبها) بضم الهمزة وكسر الحاء المهملة (كأشد ما يحب الرجال النساء) ولأبي ذر عن الكشميهني: الرجل بالإفراد وأشد صفة مصدر محذوف وما مصدرية أي أحبها حبًّا مثل أشد حب الرجال النساء (فطلبت إليها نفسها) قال في النهاية: يقال طلب إليّ فلان فأطلبته أي أسعفته بما طلب والطلبة الحاجة والاطلاب إنجازها، وقال في شرح المشكاة: يجوز أن يضمن فيه معنى الإرسال أي أرسلت إليها طالبًا نفسها (فأبت) أي فامتنعت (حتى آتيها بمائة دينار فسعيت حتى جمعت مائة دينار فلقيتها بها) بكسر القاف أي فلقيت ابنة عمي بالمائة دينار (فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم) كناية عن البكارة (إلاّ بحقه فقمت عنها) وهي أحب الناس إليّ (اللهم فإن) قال في شرح المشكاة: عطف على مقدر أي اللهم فعلت ذلك فإن (كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك) وسقط قد للأصيلي وأبي ذر (فافرج لنا منها) من الصخرة فرجة (ففرج) الله (لهم فرجة). ويجوز أن تكون اللهم مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه لتأكيد الابتهال والتضرع إلى الله تعالى فلا يقدّر معطوف عليه، ويدل عليه القرينة السابقة واللاحقة، وإنما كرر اللهم في هذه القرينة دون أختيها لأن هذا المقام أصعب المقامات وأشقها فإنه ردع لهوى النفس خوفًا من الله تعالى ومقامه قال تعالى: {وأما