الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا مانع لما أعطيت) أي لما أردت إعطاءه وإلا فبعد الإعطاء من كل أحد لا مانع له إذ الواقع لا يرتفع (ولا معطي لما منعت) ما موصول وجملة أعطيت صلتها والعائد محذوف أي لما أعطيته. وقال في العدة: ولا مانع اسم نكرة مبني مع لا وخبر لا الاستقرار المتعلق به المجرور أو الخبر محذوف وجوبًا على لغة بني تميم ووافقهم كثير من الحجازيين فيتعلق حرف الجر بمانع، قيل فيجب نصبه وتنوينه لأنه مطوّل والرواية على بنائه من غير تنوين فيحتمل له بأن يعلق بخبر لمانع محذوف أي لا مانع لنا لما أعطيت فيتعلق بالكون المقدر لا بمانع ما قيل في قوله تعالى {لا غالب لكم اليوم} [الأنفال: 48]. ويحتمل أن يكون أصله
لا مانعًا بالتنوين ثم حذف التنوين بعد أن أبدل منه ألف ثم حذفت الألف فصار على صورة المبني، ويجوز أن يكون لما أعطيت في محل صفة لمانع والخبر محذوف، ويحتمل أن يقدر لا مانع لما أعطيت يمنع فيتعلق بيمنع ويكون يمنع خبر لا على إحدى اللغتين، واختار الزمخشري في قوله تعالى:{لا تثريب عليكم اليوم} [يوسف: 92] إن اليوم معمول بتثريب، وردّ عليه أبو حيان لأجل الفصل بين المصدر ومعموله بعليكم وهو إما خبر أو صفة وأيًّا ما كان فلا يجوز وكان يلزم تنوين تثريب (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) بفتح الجيم فيهما على المشهور ومنك يتعلق بينفع أي لا ينفع صاحب الحظ من نزول عذابك حظه وإنما ينفعه عمله الصالح. وقال في الكواكب: ومن هي البدلية أي المحظوظ لا ينفعه بذلك أي بدل طاعتك.
والحديث سبق في الصلاة والدعوات.
(وقال ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز فيما وصله الإمام أحمد ومسلم (أخبرني) بالإفراد (عبدة) بن أبي لبابة (أن ورادًا) مولى المغيرة (أخبره بهذا) الحديث قال عبدة (ثم وفدت) بالفاء من الوفود (بعد إلى معاوية) لما كان بالشام (فسمعته يأمر الناس بذلك القول) وهو لا إله إلا الله إلى آخره، ومراد المؤلّف من سياق هذا التعليق التصريح بأن ورادًا أخبر به عبدة لأنه رواه في الرواية السابقة بالعنعنة.
13 - باب مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}
(باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء)، وقوله تعالى ({قل أعوذ برب الفلق}) أي الصبح أو الخلق أو هو واد في جهنم أوجب فيها ({من شر ما خلق}) [الفلق: 1] الشيطان خاصة لأن الله تعالى لم يخلق خلقًا أشر منه، وقيل جهنم وما خلق فيها، وقيل عام أي من شر كل ذي شر خلقه الله وما موصولة والعائد محذوف أو مصدرية ويكون الخلق بمعنى المخلوق، وقرأ بعض المعتزلة الذين يرون أن الله لم يخلق الشر من شر بالتنوين ما خلق على النفي وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل، وهذه السورة دالة على أن الله تعالى خالق كل شيء ففيها الرد على من زعم أن العبد يخلق فعل نفسه لأنه لو كان السوء المأمور بالاستعاذة منه مخلوقًا لفاعله لما كان للاستعاذة بالله منه معنى لأنه لا يصح التعوذ إلا بمن قدر على إزالة ما استعيذ به منه.
6616 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن سمي) بضم
السين المهملة وفتح الميم وتشديد التحتية مولى أبي بكر المخزومي (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(تعوذوا بالله من جهد البلاء) بفتح الجيم وسكون الهاء الحالة التي يختار عليها الموت أو قلة المال وكثرة العيال (ودرك الشقاء) بفتح الدال المهملة والراء اللحاق، والشقاء بفتح الشين المعجمة والقاف ممدودًا الشدة والعسر (وسوء القضاء) أي المقضي (وشماتة الأعداء) وهو فرح العدوّ ببلية تنزل بمن يعاديه.
والحديث سبق في باب التعوّذ من جهد البلاء من كتاب الدعوات.
14 - باب يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({يحول بين المرء وقلبه})[الأنفال: 24] قال الواحدي: حكاية عن ابن عباس والضحاك يحول بين المرء الكافر وطاعته ويحول بين المطيع ومعصيته، فالسعيد من أسعده الله، والشقي من أضله الله والقلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء. وقال السدي: يحول بين الإنسان وقلبه فلا يستطيع أن يؤمن
ولا أن يكفر إلا بإذنه.
6617 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَثِيرًا مِمَّا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ: «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» . [الحديث 6617 - طرفاه في: 6628، 7391].
وبه قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن) المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف (عن سالم عن) أبيه (عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما أنه (قال: كثيرًا) نصب صفة لمصدر محذوف أي يحلف حلفًا كثيرًا (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف) أي يريد أن يحلف من ألفاظ الحلف (لا) أفعل أو لا أترك (و) حتى (مقلب القلوب) وهو الله عز وجل. قال في الفتح: وكان البخاري أشار إلى تفسير الحيلولة التي في الآية بالتقلب الذي في الحديث أشار إلى ذلك الراغب، وقال: المراد أنه يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك وحقيقة القلوب لا تتقلب، فالمراد تقلب أعراضها وأحوالها من الإرادة وغيرها. وقال ابن بطال: الآية نص في أن الله تعالى خلق الكفر والإيمان وأنه يحول بين قلب الكافر وبين الإيمان الذي أمره به فلا يكسبه إن لم يقدره عليه بل أقدره على ضده وهو الكفر، وكذا في المؤمن بعكسه فتضمنت الآية أنه خالق جميع أفعال العبد خيرها وشرها وهو معنى قوله: مقلب القلوب لأن معناه تقليب قلب العبد عن إيثار الإيمان إلى إيثار الكفر وعكسه، وكل فعل لله عدل فيمن أضله وخذله لأنه لم يمنعهم حقًّا وجب لهم عليه اهـ.
والحديث أخرجه أيضًا في التوحيد والأيمان والنذور والترمذي في الإيمان والنسائي في (1) وابن ماجة في الكفارات.
6618 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ حَفْصٍ، وَبِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ صَيَّادٍ: «خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا» قَالَ: الدُّخُّ قَالَ: «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» قَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِى فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، قَالَ:«دَعْهُ إِنْ يَكُنْ هُوَ فَلَا تُطِيقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ» .
وبه قال: (حدّثنا علي بن حفص) المروزي (وبشر بن محمد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة السختياني المروزي (قالا: أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سالم) هو ابن عمر (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد) صاف (خبأت لك خبيئًا) بفتح المعجمة وكسر الموحدة بعدها تحتية ساكنة، ولأبي ذر خبأ بسكون الموحدة من غير تحتية (قال) ابن صياد هو (الدخ) بضم الدال المهملة والخاء المعجمة المشددة أراد أن يقول: الدخان فلم يستطع أن يقول ذلك تامًّا على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن (قال) النبي صلى الله عليه وسلم له خطاب زجر وإهانة (اخسأ) بالخاء المعجمة والهمزة الساكنة بينهما سين مهملة مفتوحة أي اسكت صاغرًا مطرودًا (فلن تعدو قدرك) بالعين المهملة (قال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله (ائذن لي فأضرب عنقه قال) صلى الله عليه وسلم (دعه) اتركه (إن يكن هو) الدجال (فلا تطيقه) لأنه إن كان سبق في علم الله تعالى أنه يخرج ويفعل ما يفعل فإنه الله تعالى لا يقدرك على قتل من سبق في علمه أنه سيحيا إلى أن يفعل ما يفعل، إذ لو أقدرك على ذلك لكان فيه انقلاب علمه والله تعالى منزه عن ذلك قاله ابن بطال. وفي الجنائز فلن تسلط عليه بالجزم على لغة من يجزم بلن (وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله) ويكن هو بالضمير المنفصل في الموضعين، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: يكنه بالضمير المتصل واختار الأول ابن مالك في التسهيل، والثاني في الخلاصة. فعلى الأولى لفظ هو تأكيد للضمير المستتر وكان تامة وقول الزركشي في التنقيح أن يكنه استدلّ به ابن مالك على اتصال الضمير إذا وقع خبرًا لكان لكن في رواية إن يكن هو فلا دليل فيه تعقبه في المصابيح فقال: هذا من أعجب ما يسمع كيف تكون الرواية الثانية مقتضية لعدم الدليل في الرواية الأولى، والفرض أن الضمير المنفصل المرفوع في الثانية تأكيد للضمير المستكن في يكن وهو اسم كان وخبرها محذوف أي إن يكن هو الدجال والضمير المتصل في الرواية الأخرى خبر كان فبهذا وقع الاستدلال في محل النزاع وهو هل الأولى في خبر كان إذا وقع ضميرًا أن يكون متصلاً أو
منفصلاً. فهذا الحديث شاهد لاختيار الاتصال، وأما إن يكن هو فليست من محل النزاع في شيء إذ ليس الضمير فيها خبر كان قطعًا.
والحديث سبق في باب
(1) بيّض المؤلّف بعد قوله والنسائي في والذي في الأطراف أي في الإيمان اهـ. من هامش