الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى الخطاب في قوله وأنا آخذ بحجزكم (عن) المعاصي التي هي سبب للولوج في (النار) فهو من وضع المسبب موضع السبب (وهم) التفات من الخطاب في قوله بحجزكم إلى الغيبة ولأبي ذر عن الكشميهني وأنتم (يقتحمون) يدخلون (فيها).
قال في شرح المشكاة: تحقيق التشبيه الواقع في هذا الحديث يتوقف على معرفة معنى قوله {ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} [البقرة: 229] وذلك أن حدود الله هي محارمه ونواهيه كما في الصحيح إلا أن حمى الله محارمه ورأس المحارم حب الدنيا وزينتها واستيفاء لذتها وشهواتها فشبه صلى الله عليه وسلم إظهار تلك الحدود من الكتاب والسنّة باستنقاذ الرجال من النار وشبه فشوّ ذلك في مشارق الأرض ومغاربها بإضاءة تلك النار ما حول المستوقد وشبه الناس وعدم مبالاتهم بذلك البيان وتعديهم حدود الله وحرصهم على استيفاء تلك اللذات والشهوات ومنعه إياهم عن ذلك بأخذ حجزهم بالفراش التي يقتحمن في النار ويغلبن المستوقد على دفعهن عن الاقتحام كما أن المستوقد كان غرضه من فعله انتفاع الخلق به من الاستضاءة والاستدفاء وغير ذلك والفراش لجهلها جعلته سببًا لهلاكها، فكذلك القصد بتلك البيانات اهتداء الأمة واجتنابها ما هو سبب هلاكهم وهم مع ذلك لجهلهم جعلوها مقتضية لتردّيهم وفي قوله: آخذ بحجزكم استعارة مثل حالة منعه الأمة عن الهلاك بحالة رجل أخذ بحجرة صاحبه الذي كان يهوي في مهواة مهلكة اهـ.
وهذا الحديث سبق في باب قول الله تعالى {ووهبنا لداود سليمان} [ص: 30] مختصرًا.
6484 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا زكريا) بن أبي زائدة (عن عامر) الشعبي أنه قال: (سمعت عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص رضي الله عنه (يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم) الكامل (من سلم المسلمون) والمسلمات (من لسانه ويده) إلا في حد أو تعزير أو تأديب مع انضمام باقي الصفات التي هي أركان الإسلام وعبّر باللسان دون القول ليدخل فيه من أخرج لسانه استهزاء بصاحبه وخص اليد لأن سلطنة الأفعال إنما تظهر بها (والمهاجر) أي المهاجر حقيقة (من هجر) ترك (ما نهى الله عنه) على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام وفيه تطييب قلب من لم يهاجر إلى المدينة لفوات ذلك بفتح مكة أو قاله تنبيهًا للمهاجر أن لا يتكل على مجرد الهجرة ويقصر في العمل.
والحديث سبق في الإيمان.
27 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-:
«لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» .
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا).
6485 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» .
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين المهملة وفتح القاف بن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب) بفتح الياء التحتية المشددة (أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لو تعلمون ما أعلم) من عقاب الله للعصاة وشدة مناقشته للعباد وكشف السرائر وجواب لو قوله (لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا) فكل من كان بربه أعرف كان من ربه أخوف ومن علامة شدة الخوف دوام انزعاج القلب لتوقع ما يستوجبه من العقوبة لما يأتيه من الجرم ونحول البدن والخشية والبكاء.
6486 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» .
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قاضي مكة قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن موسى بن أنس) الأنصاري قاضي البصرة (عن) أبيه (أنس) أي ابن مالك رضي الله عنه أنه (قال: قال النبي) ولأبي ذر رسول الله (صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا) قال الشيخ أبو حامد: هذا الحديث من الأسرار التي أودعها الله قلب الأمين الصادق محمد صلى الله عليه وسلم ولا يجوز إفشاء سرها فإن صدور الأحرار قبور الأسرار، بل كان يذكر لهم