الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولست بحلال التلاع مخافة
…
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
لا يريد أنه قد يحل التلاع قليلاً لأن ذلك يدفعه آخر البيت الذي يدل على نفي الحل على كل حال أو هي للنسب أي ليس بذي فحش البتة وكذا باقيها كقول امرئ القيس:
وليس بذي رمح فيطعنني به
…
وليس بذي سيف وليس بنبال
أي بذي نبل فينتفي أصل الفحش كما يدل عليه رواية ولا فاحشًا (كان يقول لأحدنا عند المعتبة) بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح المثناة الفوقية وكسرها بعدها موحدة مصدر عتب عليه يعتب عتبًا ومعتبة ومعاتبة قال الخليل: العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة.
(ما له) استفهام (ترب جبينه) كلمة جرت على لسان العرب لا يريدون حقيقتها أو دعاء له بالطاعة أي يصلّي فيتترب جبينه أو عليه بأن يسقط على رأسة على الأرض من جهة جبينه وهذه الأخيرة أوجه.
6032 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِى وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِى فَحَّاشًا؟ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ» [الحديث 6032 - طرفاه في: 6054، 6131].
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن عيسى) بفتح العين وسكون الميم أبو عثمان الضبعيّ البصري ثقة مستقيم الحديث وليس له في البخاري إلا هذا وآخر في الصلاة قال: (حدّثنا محمد بن سواء) بفتح المهملة وتخفيف الواو مهموز ممدود أبو الخطاب السدوسي المكفوف البصري ثقة له في البخاري هذا الحديث وآخر في المناقب قال: (حدّثنا روح بن القاسم) بفتح الراء وسكون الواو أبو غياث التميمي (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله التيمي المدني الحافظ (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها (أن رجلاً) قال عبد الغني بن سعيد في المبهمات هو مخرمة بن نوفل والد المسوّر، وقيل عيينة بن حصن الفزاري وكان يقال له الأحمق المطاع، وفي حواشي نسخة الدمياطي من البخاري بخطه الجزم بأنه مخرمة (استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال):
(بئس أخو العشيرة) الجماعة أو القبيلة (وبئس ابن العشيرة) وكان يظهر الإسلام ويخفي الكفر فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبين حاله وهذا من أعلام النبوّة لأنه ارتدّ بعده صلى الله عليه وسلم وجيء به أسيرًا إلى أبي بكر رضي الله عنه (فلما جلس تطلق) بفتح الفوقية والطاء المهملة واللام المشددة بعدها قاف أي انشرح وهشّ (النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه) لما جبل عليه من حسن الخُلق ورجا بذلك تأليفه ليسلم قومه لأنه كان رئيسهم ولم يواجهه بذلك لتقتدي أمته به في اتقاء شر من هو بهذه الصفة ليسلم من شره (فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا) تعني قوله بئس أخو العشيرة إلى آخره (ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة متى عهدتني فحاشًا) بالتشديد ولأبي ذر عن الكشميهني فاحشًا بالتخفيف بدل التشديد (إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) أي قبيح كلامه لأن المذكور كان من جفاة الأعراب، وفيه أن من اطّلع من حال شخص على شيء وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره فيقع في محذور ما فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدًا نصيحته.
وقد استشكل فعله صلى الله عليه وسلم مع الرجل بعد ذلك القول. وأجيب: بأنه لم يمدحه ولا أثنى عليه في وجهه فلا مخالفة بينهما، وقد قال الخطابي رحمه الله: ليس قوله صلى الله عليه وسلم في أمته بالأمور التي يضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض اهـ.
وهذا ينبغي تقييده بما إذا لم يكن لغرض شرعي وإلاّ فلا يكون غيبة بل ينبغي ذكره على ما سبق. والحديث أخرجه البخاري أيضًا ومسلم وأبو داود في الأدب والترمذي في البرّ.
39 - باب حُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبُخْلِ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلَاقِ.
(باب حسن الخلق) بضم الخاء المعجمة واللام وتسكن مع فتح المعجمة وهما بمعنى في الأصل لكن خصّ الذي بالفتح بالهيئات والصور المدركة بالبصر وخصّ الذي بالضم بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. (والسخاء) وهو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وبذل ما يقتنى بغير عوض وعطفه على
سابقه من عطف الخاص على العام (وما يكره من البخل) وهو منع ما يطلب مما يقتنى وشره ما كان طالبه مستحقًا ولا سيما إن كان من غير مال المسؤول. وقوله: وما يكره من البخل يشير إلى أن بعض ما يطلق عليه اسم البخل قد لا يكون مذمومًا.
(وقال ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله المؤلّف في الإيمان (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون) أي أجود أكوانه صلى الله عليه وسلم حاصل (في رمضان) لمجموع ما في بقية الحديث من نزول القرآن والنازل به وهو جبريل والمذاكرة وهي مدارسة القرآن مع الوقت وهو شهر رمضان.
(وقال) ولأبي ذر عن الكشميهني وكان (أبو ذر) جندب الغفاري مما وصله المؤلّف بطوله في المبعث النبوي (لما بلغه مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخيه) أنيس (اركب إلى هذا الوادي) وادي مكة (فاسمع من قوله) صلى الله عليه وسلم فأتى أنيس النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه (فرجع) أي ثم رجع فالفاء فصيحة (فقال) لأخيه أبي ذر (رأيته) صلوات الله وسلامهُ عليه (يأمر بمكارم الأخلاق) جمع مكرمة بضم الراء وهي الكرم أي الفضائل والمحاسن.
6033 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهْوَ يَقُولُ:«لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا» وَهْوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ فِى عُنُقِهِ سَيْفٌ فَقَالَ: «لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ» .
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن عون) الواسطي قال: (حدّثنا حماد هو ابن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي (عن ثابت) البناني (عن أنس) رضي الله عنه أنه (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس) خلقًا وخُلقًا (وأجود الناس) أي أكثرهم إعطاءً لما يقدر عليه (وأشجع الناس) أي
أكثرهم إقدامًا إلى العدوّ في الجهاد مع عدم الفرار وحسن الصورة تابع لاعتدال المزاج وهو مستتبع لصفاء النفس الذي به جودة القريحة ونحوها وهذه الثلاث هي أمهات الأخلاق (ولقد فزع) بكسر الزاي أي خاف (أهل المدينة) لما سمعوا صوتًا في الليل أن يهجم عليهم عدوّ (ذات ليلة) لفظ ذات مقحمة (فانطلق الناس قِبل الصوت) أي جهته (فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت) واستكشف الخبر فلم يجد ما يخاف منه فرجع (وهو يقول): لهم تأنيسًا وتسكينًا لروعهم:
(لن تراعوا لن تراعوا) مرتين ولأبي ذر لم تراعوا بالميم فيهما قال الكرماني وغيره: أي لا تراعوا جحد بمعنى النهي أي لا تفزعوا، وقال صاحب المصابيح في قول التنقيح: لم بمعنى لا ومعناه لا تفزعوا لا أعلم أحدًا من النحاة قال بأن لم ترد بمعنى لا الناهية فحرّره (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (على فرس) اسمه مندوب (لأبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (عري ما عليه سرج) تفسير لسابقه (في عنقه سيف فقال: لقد وجدته) أي الفرس (بحرًا أو إنه لبحر) أي كالبحر في سعة جريه.
والحديث سبق في الجهاد.
6034 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا - رضى الله عنه - يَقُولُ: مَا سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَىْءٍ قَطُّ فَقَالَ: لَا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن ابن المنكدر) محمد أنه (قال: سمعت جابرًا رضي الله عنه يقول: ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط) أي ما طلب منه شيء. قال الكرماني: من أقوال الدنيا (فقال: لا) قال الفرزدق:
ما قال لا قط إلا في تشهده
…
لولا التشهد كانت لاءه نعم
وعند ابن سعد من مرسل ابن الحنفية إذا سئل فأراد أن يفعل قال: نعم، وإذا لم يرد أن يفعل يسكت ففيه أنه لا ينطق بالرد، بل إن كان عنده وكان الإعطاء سائغًا أعطى وإلاّ سكت.
وحديث الباب أخرجه في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم والترمذي في الشمائل.
6035 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِى شَقِيقٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يُحَدِّثُنَا إِذْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» .
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث النخعي الكوفي قاضيها قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (قال: حدثني) بالإفراد (شقيق) هو ابن سلمة (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص رضي الله عنه حال كونه (يحدّثنا
إذ قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا) بالطبع (ولا
متفحشًا) بالتكلف (وإنه) عليه الصلاة والسلام (كان يقول):
(إن خياركم أحاسنكم) ولأبي ذر عن الكشميهني أحسنكم (أخلاقًا) وفي الرواية السابقة إن من خياركم بإثبات من التبعيضية وهي مرادة هنا، وفي حسن الخلق أحاديث كثيرة يطول إيرادها، واختلف هل حسن الخلق غريزة أو مكتسب واستدلّ للأول بحديث ابن مسعود: إن الله قسّم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وسيكون لنا عودة إلى الإلمام بشيء من مبحث ذلك إن شاء الله تعالى في كتاب القدر بعون الله تعالى وقوته.
6036 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ فَقَالَ الْقَوْمُ: هِىَ شَمْلَةٌ فَقَالَ سَهْلٌ: هِىَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْسُوكَ هَذِهِ؟ فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ فَاكْسُنِيهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» فَلَمَّا قَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لَامَهُ أَصْحَابُهُ قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لَعَلِّى أُكَفَّنُ فِيهَا.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم أبو محمد الجمحي مولاهم البصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة وبعد الألف نون محمد بن مطرف (قال: حدثني) بالإفراد (أبو حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي أنه (قال: جاءت امرأة) قال ابن حجر: لم أعرف اسمها (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة فقال سهل) رضي الله عنه (للقوم) الحاضرين عنده (أتدرون) بهمزة الاستفهام (ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة. فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها) أي لم تقطع من ثوب فتكون بلا حاشية أو أنها جديدة لم يقطع هدبها، وفي تفسير البردة بالشملة تجوّز لأن البردة كساء والشملة ما يشتمل به لكن لما أكثر استعمالهم لها أطلقوا عليها اسمها (فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه) البردة. (فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم) منها حال كونه (محتاجًا إليها فلبسها فرآها عليه رجل من الصحابة) قال في المقدمة: هو عبد الرحمن بن عوف رواه الطبراني فيما أفاده المحب الطبري، لكن لم يقف على ذلك في معجم الطبراني بل فيه من مسند مسهل بن سعد نقلاً عن قتيبة أنه سعد بن أبي وقاص (فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه) البردة بنصب أحسن على التعجب (فاكسنيها. فقال) صلى الله عليه وسلم:
(نعم. فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت) نفي للإحسان والذي خاطبه بذلك منهم سهل بن سعد راوي الحديث كما بينه الطبراني من وجه آخر عنه. قال سهل: فقلت له ما أحسنت (حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجًا إليها ثم سألته إياها) فيه استعمال ثاني الضميرين منفصلاً على ما قرر في محله من الموضوعات النحوية (وقد عرفت أنه) عليه الصلاة
والسلام (لا يسأل شيئًا فيمنعه. فقال) الرجل: (رجوت بركتها حين لبسها النبى صلى الله عليه وسلم لعلّى أكفّن فيها).
والحديث سبق في الجنائز في باب من استعدّ للكفن.
6037 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ» قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ الْقَتْلُ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم (قال: أخبرني) ولأبي ذر حدثني بالإفراد فيهما (حميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء مصغرًا الحميري البصري (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(يتقارب الزمان) نفسه في الشر حتى يشبه أوله آخره أو أحوال الناس في غلبة الفساد عليهم أو المراد قصر أعمار أهله أو تسارع الدول في الانقضاء والقرون إلى الانقراض فيتقارب زمانهم (وينقص العمل) بالطاعات لاشتغال الناس بالدنيا، ولأبي ذر عن الكشميهني وينقص العلم (ويلقى) مبني للمفعول ويطرح (الشح) وهو البخل مع الحرص بيّن الناس أو في قلوبهم (ويكثر الهرج) بفتح الهاء وسكون الراء بعدها جيم (قالوا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قال:(وما الهرج؟ قال): هو (القتل) وهو (القتل) بالتكرير مرتين. قال الخطابي: هو بلسان الحبشة. وقال ابن فارس: هو الفتنة والاختلاط.
والحديث أخرجه البخاري أيضًا في الفتن ومسلم في القدر وأبو داود في الفتن.
6038 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعَ سَلَاّمَ بْنَ مِسْكِينٍ قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ - رضى الله عنه - قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِى أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَاّ صَنَعْتَ؟.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي أنه (سمع سلام بن مسكين) بتشديد اللام النمري بالنون (قال: سمعت ثابتًا) البناني (يقول: حدّثنا أنس رضي الله عنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين)