الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذهلي في الزهريات (ويحيى بن سعيد) الأنصاري فيما وصله الذهلي أيضًا (عن ابن شهاب) الزهري (عن عطاء) أي ابن يزيد (عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) قال الكرماني: لعله أبو سعيد الخدري (عن النبي صلى الله عليه وسلم).
6495 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ مَالِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْغَنَمُ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا الماجشون) بكسر الجيم وضم الشين المعجمة ورفع النون عبد العزيز بن عبد الله (عن عبد الرَّحمن بن أبي صعصعة) هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة (عن أبيه) عبد الله بن أبي صعصعة (عن أبي سعيد) ولأبي الوقت زيادة الخدري (أنه سمعه يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول):
(يأتي على الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم) فيه حذف تقديره يكون فيه خير الخ وسقط لفظ الرجل لأبي ذر (يتبع) بسكون الفوقية (بها) بالغنم (شعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة بعدها فاء رؤوس الجبال (ومواقع القطر) بطون الأودية إذ هما أماكن الرعي (يفر بدينه) بسبب دينه (من الفتن) وفي قوله: يأتي على الناس زمان الخ إشارة إلى أن خيرية العزلة تكون في آخر الزمان أما زمنه صلى الله عليه وسلم فكان الجهاد فيه مطلوبًا، وأما بعده فتختلف باختلاف الأحوال كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى بعون الله في كتاب الفتن، وقد قال أبو القاسم القشيري رحمه الله: الخلوة صفة أهل الصفوة، والعزلة من أمارات الموصلة، ولا بدّ للمريد في ابتداء حاله من العزلة
عن أبناء جنسه ثم في نهايته من الخلوة لتحققه بأنسه ومن حق العبد إذا آثر العزلة أن يعتقد باعتزاله عن الخلق سلامة الناس من شره اهـ.
وفي العزلة فوائد: التفرغ للعبادة وانقطاع طمع الناس عنه وعتبهم عليه والخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ويحصل بالمخالطة غالبًا الغيبة والرياء والمخاصمة وسرقة الطبع الرذائل. قال الجنيد: مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة اهـ. وإنما كان ذلك لأن مكابدة العزلة اشتغال بالنفس خاصة وردّ لها عما تشتهيه بخلاف مداراة الخلطة بالناس مع اختلاف أخلاقهم وشهواتهم وأغراضهم وما يبدو منهم من الأذى وما يحتاج إليه من الحلم والصفح. نعم قد تجب الخلطة لتحصيل علم أو عمل.
35 - باب رَفْعِ الأَمَانَةِ
(باب رفع الأمانة) من الناس حتى يكون الأمين كالمعدوم أو معدومًا.
6496 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) بكسر المهملة وتخفيف النون العوفي قال: (حدّثنا فليح بن سليمان) العدوي مولاهم المدني قال: (حدّثنا هلال بن علي) ويقال له هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال وقد يظن ثلاثة وهو واحد من صغار التابعين (عن عطاء بن يسار) مولى ميمونة بنت الحارث (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) بضم الضاد المعجمة وكسر التحتية المشددة وهو جواب عن سؤال الأعرابي حيث قال: متى الساعة كما في الحديث المذكور في أول كتاب العلم؟ (قال) الأعرابي (كيف إضاعتها يا رسول الله. قال) عليه الصلاة والسلام: (إذا أسند) بضم الهمزة وسكون المهملة وكسر النون أي فوّض (الأمر) المتعلق بالدين كالخلافة والإمارة والقضاء وغيرها (إلى غير أهله). قال في الكواكب: يأتي بإلى بدل اللام ليدل على تضمين معنى الإسناد أي فوض المناصب كما مر (فانتظر الساعة) الفاء للتفريع أو جواب شرط محذوف أي إذا كان الأمر كذلك فانتظر الساعة.
والحديث سبق في أول العلم.
6497 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَيْنِ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِى جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ
رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الْوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَىْءٌ فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ فَيُقَالُ: إِنَّ فِى بَنِى فُلَانٍ رَجُلاً أَمِينًا وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ وَمَا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَقَدْ أَتَى عَلَىَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِى أَيَّكُمْ بَايَعْتُ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ الإِسْلَامُ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَىَّ سَاعِيهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَاّ فُلَانًا وَفُلَانًا» . قَالَ الْفِرَبْرِىُّ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ: قَالَ الأَصْمَعِىُّ: وَأَبُو عَمْرٍو وَغَيْرُهُمَا جَذْرُ قُلُوبِ الرِّجَالِ، الْجَذْرُ الأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، وَالْوَكْتُ أَثَرُ الشَّىْءِ الْيَسِيرُ مِنْهُ، وَالْمَجْلُ أَثَرُ الْعَمَلِ فِى الْكَفِّ إِذَا غَلُظَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) العبدي البصري قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (سفيان) الثوري قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن زيد بن وهب) الجهني هاجر ففاتته رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأيام أنه قال: (حدّثنا حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه (قال: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين) في ذكر نزول الأمانة وفي ذكر رفعها (رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدّثنا أن الأمانة) التي هي ضد الخيانة أو هي التكاليف (نزلت في جذر قلوب الرجال) بفتح الجيم وسرها وسكون الذال المعجمة الأصل
(ثم علموا) بفتح العين وكسر اللام المخففة بعد نزولها في أصل قلوبهم (من القرآن ثم علموا من السنة) أي أن الإمامة لهم بحسب الفطرة ثم بطريق الكسب من الشريعة، والظاهر أن المراد من الأمانة التكليف الذي كلف الله تعالى به عباده والعهد الذي أخذه عليهم، وقال صاحب التحرير: المراد ها هنا الأمانة المذكورة في قوله تعالى {إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها} [الأحزاب: 72] قال في فتوح الغيب: شبه حالة الإنسان وهي ما كلفه من الطاعة بحالة معروضة لو عرضت على السماوات والأرض والجبال لأبت حملها وأشفقت منها لعظمها وثقل محملها، وحملها الإنسان على ضعفه ورخاوة قوّته إنه ظلوم على نفسه جاهل بأحوالها حيث قبل ما لم تطق حمله هذه الأجرام العظام فقوله حملها على حقيقته، والمراد بالأمانة التكليف.
وروى محيي السُّنّة عرض الله الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها قلن ما فيها؟ قال: إن أحسنتن جوزيتن وإن عصيتن عوقبتن قلن لا يا رب لا نريد ثوابًا ولا عقابًا خشية وتعظيمًا لدين الله، وكان هذا العرض تخييرًا لا إلزامًا أو شبهت هذه الأجرام حال انقيادها وأنها لم تمتنع عن مشيئة الله وإرادته إيجادًا وتكوينًا وتسوية بهيئات مختلفة بحال مأمور مطيع لا يتوقف عن الامتثال إذا توجه إليه أمر آمره المطاع كالأنبياء وأفراد المؤمنين، وعلى هذا فمعنى {فأبين أن يحملنها} أنها بعدما انقادت وأطاعت ثبتت عليها وأدت ما التزمت من
الأمانة وخرجت عن عهدتها سوى الإنسان فإنه ما وفى بذلك وخان إنه كان ظلومًا جهولاً. وقال الزجاج: أعلمنا الله تعالى أنه ائتمن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته وائتمن السماوات والأرض والجبال على طاعته والخضوع له فأما هذه الأجرام فأطعن الله ولم تحمل الأمانة أي أدتها وكل من خان الأمانة فقد احتملها.
(وحدّثنا) صلى الله عليه وسلم (عن رفعها) أي الأمانة (قال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة) بضم الفوقية وفتح الموحدة (من قلبه فيظل أثرها) بالرفع (مثل أثر الوكت) بفتح الواو وبعد الكاف الساكنة فوقية النقطة في الشيء من غير لونه أو هو السواد اليسير أو اللون المحدث المخالف للون الذي كان قبله (ثم ينام النومة فتقبض) الأمانة (فيبقى أثرها مثل المجل) بفتح الميم وسكون الجيم بعدها لام النفاخات التي تخرج في الأيدي عند كثرة العمل بنحو الفأس (كجمر دحرجته على رجلك فنفط) بكسر الفاء (فتراه منتبرًا) بضم الميم وسكون النون وفتح الفوقية وكسر الموحدة مفتعلاً أي مرتفعًا وقال أبو عبيد: منتبرًا منقطعًا (وليس فيه شيء). والمعنى أن الأمانة تزول عن القلوب شيئًا فشيئًا فإذا زال أوّل جزء منها زال نورها وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله، فإذا زال شيء آخر صار كالمجل وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق التي قبلها وشبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر ويبقى النفط قاله صاحب التحرير، وذكر النفط اعتبارًا بالعضو وثم في قوله ثم ينام النومة للتراخي في الرتبة وهي نقيضة ثم في قوله ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة (فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أحدهم (يؤدي الأمانة فيقال إن في بني فلان رجلاً أمينًا ويقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) ذكر الإيمان لأن الأمانة لازمة الإيمان وليس المراد هنا أن الأمانة هي الإيمان قال: حذيفة (ولقد أتى عليّ زمان وما) ولأبي ذر ولا (أبالي أيكم بايعت) أي مبايعة البيع والشراء (لئن كان مسلمًا رده عليّ الإسلام) بتشديد ياء عليّ لغير أبي ذر ولأبي ذر عن المستملي بالإسلام (وإن كان نصرانيًّا ردّه عليّ ساعيه) وإليه الذي أقيم عليه بالأمانة فينصفني منه