الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن العوّام (عن عائشة) رضي الله عنها (أنها قالت لعروة) بن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة: يا (ابن أختي) بحذف أداة النداء أي يا ابن أختي كما سبق (إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين) والمراد بالهلال الثالث هلال الشهر الثالث وهو يرى عند انقضاء الشهرين وبرؤيته يدخل أول الشهر الثالث وعند ابن سعد في
رواية سعيد عن أبي هريرة كان يمر برسول الله صلى الله عليه وسلم هلال ثم هلال ثم هلال (وما أوقدت) بضم الهمزة وكسر القاف (في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار) قال ابن الزبير: (فقلت) لعائشة (ما كان يعيشكم) بضم التحتية وكسر العين المهملة مضارع أعاشه كذا إذا أقام عيشه قال ابن أبي داود وسأله أبوه: ما الذي أعاشك؟ فأجابه أعاشني بعدك واد مبقل آكل من حوذانه وأنسل أي ما كان طعامكم (قالت: الأسودان التمر والماء) نعتتهما نعتًا واحدًا تغليبًا وإذا اقترن الشيئان سميا باسم أشهرهما (إلا أنه) الضمير للشأن (قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار) أي أعرف أسماءهم (كان لهم منائح) جمع منيحة بنون وحاء مهملة وهي الناقة (وكانوا يمنحون) يعطون (رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه) أي اللبن الذي يعطونه.
والحديث سبق في الهبة وهو ساقط هنا من رواية أبي ذر.
6460 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ قُوتًا» .
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدثني محمد بن فضيل) بضم الفاء وفتح المعجمة مصغرًا (عن أبيه) فضيل بن غزوان الضبي الكوفي (عن عمارة) بضم العين المهملة وتخفيف الميم وبعد الألف راء ابن القعقاع (عن أبي زرعة) هرم بفتح الهاء ابن عمرو بن جرير (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله) ولأبي ذر النبي (صلى الله عليه وسلم):
(اللهم ارزق آل محمد قوتًا) ولمسلم والترمذي والنسائي: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتًا. قال في الفتح: وهو المعتمد فإن اللفظ الأول صالح لأن يكون دعاء بطلب القوت في ذلك اليوم وأن يكون طلب لهم القوت دائمًا بخلاف اللفظ الثاني فإنه يعين الاحتمال الثاني وهو الدال على الكفاف وفيه كما قال في الكواكب فضل الكفاف وأخذ البلغة من الدنيا والزهد فيما فوق ذلك رغبة في توفير نعم الآخرة.
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة والترمذي في الزهد والنسائي في الرقائق.
18 - باب الْقَصْدِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ
(باب) استحباب (القصد) بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وهو سلوك الطريق المعتدلة (والمداومة على العمل) الصالح وإن قلّ.
6461 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا أَبِى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَشْعَثَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقًا قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَىُّ الْعَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتِ: الدَّائِمُ، قَالَ: قُلْتُ فَأَىَّ حِينٍ كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي قال: (أخبرنا) ولأبي ذر بالإفراد (أبي) عثمان (عن شعبة) بن الحجاج (عن أشعث) بالمعجمة والمثلثة بينهما مهملة مفتوحة (قال: سمعت أبي) أبا الشعثاء سليم بن الأسود المحاربي (قال: سمعت مسروقًا) هو ابن الأجدع (قال: سألت عائشة رضي الله عنها أي العمل كان أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت الدائم) الذي يستمر عليه عامله (قال) مسروق (قلت) لها: (فأي حين) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي في أيّ حين (كان يقوم) صلى الله عليه وسلم يصلّي من الليل (قالت: كان يقوم) من النوم (إذا سمع الصارخ) وهو الديك وهو يصرخ نصف الليل غالبًا وقال ابن بطال عند ثلث الليل.
وسبق الحديث في باب من نام عند السحر من كتاب التهجد.
6462 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِى يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد (عن مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) رضي الله عنها (أنها قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه) هو تفسير للحديث الذي سبق.
6463 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُنَجِّىَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَاّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِرَحْمَةٍ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَىْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا» .
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس واسمه عبد الرَّحمن قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرَّحمن (عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لن ينجي) بفتح النون وكسر الجيم المشددة لن يخلص (أحدًا منكم عمله) فاعل
(قالوا: ولا أنت يا رسول الله. قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله) بالغين المعجمة وبعد الميم دال مهملة أي أن يسترني الله (برحمة) منه والاستثناء منقطع ويحتمل أن يكون متصلاً من قبيل قوله تعالى {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} [الدخان: 56] وقال الرافعي في أماليه: كما كان أجر النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعة أعظم وعمله في العبادة أقوم قيل له ولا أنت أي لا ينجيك عملك مع عظم قدرك فقال لا إلا برحمة الله (سددوا) بالسين المهملة المفتوحة وكسر الدال المهملة الأولى اقصدوا السداد أي الصواب ولمسلم من رواية بسر بن سعيد عن أبي هريرة ولكن سددوا ومعنى الاستدراك أنه قد يفهم من النفي المذكور نفي فائدة العمل فكأنه قيل بل له فائدة وهو أن العمل علامة على وجود الرحمة التي تدخل الجنة فاعملوا واقصدوا بعملكم الصواب وهو اتباع السنة من الإخلاص وغيره ليقبل عملكم فتنزل عليكم الرحمة (وقاربوا) لا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في
العبادة لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل (واغدوا) بالغين المعجمة الساكنة والدال المهملة سيروا من أول النهار (وروحوا) سيروا من أول النصف الثاني من النهار (وشيء) بالرفع في الفرع كأصله مصححًا عليه وقال: في الفتح وشيئًا بالنصب بفعل محذوف أي افعلوا شيئًا (من الدلجة) بضم الدال المهملة وسكون اللام وتفتح بعدها جيم سير الليل يقال سار دلجة من الليل أي ساعة. (والقصد القصد) بالنصب على الإغراء أي الزموا الطريق الوسط المعتدل (تبلغوا) المنزل الذي هو مقصدكم والقصد الثاني تأكيد وقد شبه التعبدين بالمسافرين لأن العابد كالسافر إلى محل إقامته وهو الجنة وكأنه قال: لا تستوعبوا الأوقات كلها بالسير بل اغتنموا أوقات نشاطكم وهو أول النهار وآخره وبعض الليل وارحموا أنفسكم فيما بينهما لئلا ينقطع بكم والحديث من أفراده.
6464 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا إِلَى اللَّهِ وَإِنْ قَلَّ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد العزير عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال (عن موسى بن عقبة) بسكون القاف الأسدي المدني (عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن) بن عوف (عن عائشة) رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(سددوا) بمهملات (وقاربوا) لا تبلغوا النهاية بل تقربوا منها (واعلموا أن) ولأبي ذر عن الكشميهني أنه (لن يدخل) بضم أوّله من الإِدخال (أحدكم) بالنصب مفعول قوله (عمله الجنة) نصب على الظرفية (وإن أحب الأعمال أدومها إلى الله) عز وجل (وإن قلّ) أي إن كثر وإن قل والمراد بالدوام المواظبة العرفية وهي الإتيان بذلك في كل شهر أو كل يوم بقدر ما يطلق عليه اسم الداومة عرفًا لا شمول الأزمنة إذ هو غير مقدور.
والحديث أخرجه مسلم في التوبة والنسائي في الرقائق.
6465 -
حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: أَىُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ، -وَقَالَ-: اكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ» .
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن عرعرة) بن البرند قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) بسكون العين ابن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري قاضي المدينة (عن) عمه (أبي سلمة) بن عبد الرَّحمن (عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم) بضم السين مبنيًّا للمفعول ولم أعرف اسم السائل (أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال):
(أدومها وإن قلّ). فإن قلت: المسؤول عنه أحب الأعمال وظاهره السؤال عن ذات العمل والجواب ورد بأدوم وهو صفة العمل فلم يتطابقا. أجيب: باحتمال أن يكون هذا السؤال وقع بعد قوله في الحديث السابق في الصلاة والحج وفي بر الوالدين حيث أجاب بالصلاة ثم بالبر الخ، ثم ختم ذلك بأن المداومة على عمل من أعمال البر ولو كان مفضولاً أحب إلى الله من عمل يكون أعظم أجرًا لكن ليس فيه مداومة قاله في الفتح.
(وقال) عليه الصلاة والسلام بالسند السابق (اكلفوا) بهمزة وصل وفتح اللام في الفرع وتضم (من الأعمال) كالصلاة والصيام وغيرهما من العبادات ولأبي ذر عن المستملي من العمل (ما تطيقون) ما مصدرية أي قدر طاقتكم أو موصولة أي الذي تطيقونه أي ابلغوا بالعمل غايته التي تطيقونها مع الدوام من غير عجز
في المستقبل، ولا ريب أن المديم للعمل ملازم للخدمة فيكثر ترداده إلى باب الطاعة في كل وقت فيجازى بالبر لكثرة تردده فليس هو كمن لازم الخدمة مثلاً ثم انقطع، وأيضًا فإن العامل إذا ترك العمل صار كالمعرض بعد الوصل فيتعرض للذم والجفاء.
6466 -
حَدَّثَنِى عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطِيعُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (عثمان بن أبي شيبة) قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن) خاله (علقمة) بن قيس أنه (قال: سألت أم المؤمنين عائشة) رضي الله عنها (قلت) ولأبي ذر فقلت (يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي صلى الله عليه وسلم هل كان يخص شيئًا من الأيام) بعبادة مخصوصة لا يفعل مثلها في غيره (قالت: لا) وهذا لا يعارضه قولها إن أكثر صيامه كان في شعبان لأنه كان يوعك كثيرًا ويكثر السفر فيفطر بعض الأيام التي كان يصومها ولا يتمكن من قضاء ذلك إلا في شعبان فصيامه فيه بحسب الصورة أكثر من صيامه في غيره (كان عمله) عليه الصلاة والسلام (ديمة) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية أي دائمًا والديمة في الأصل المطر المستمر مع سكون بلا رعد ولا برق ثم استعمل في غيره وأصلها الواو لأنها من الدوام فانقلبت لسكونها وانكسار ما قبلها ياء. وقال في المصابيح: كان عمله ديمة فلا جرم أن سحائب نفعه على الخلق مستمرة بالانصباب بالرحمة عليهم مخصبة لأرض قلوبهم بربيع محبته جزاه الله أحسن ما جزى نبيًّا عن أمته وقد شبهت عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر (وأيكم يستطيع) في العبادة (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستطيع) من الهيئة أو الكيفية من الخشوع والخضوع والإخبات والإخلاص.
والحديث سبق في الصوم.
6467 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ عَمَلُهُ» ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَاّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» . قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «سَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا» . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَوْلاً سَدِيدًا: وَسَدَادًا صِدْقًا.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن الزبرقان) بكسر الزاي والراء بينهما موحدة ساكنة وبعد القاف ألف فنون الأهوازي أبو همام وثقه الدارقطني وابن المديني وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد وقد توبع فيه قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) المدني (عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن) بن عوف (عن عائشة) رضي الله عنها (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(سددوا) أي اقصدوا السداد وهو الصواب (وقاربوا) أي اقصدوا الأمور التي لا غلو فيها ولا تقصير (وأبشروا) بالثواب على العمل وإن قل وهمزة أبشروا قطع (فإنه لا يدخل) بضم التحتية وكسر المعجمة (أحد الجنة عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة) منه (ورحمة). قال الرافعي: فيه أن العامل لا ينبغي أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات لأنه إنما عمل بتوفيق الله وإنما ترك المعصية بعصمة الله فكل ذلك بفضله ورحمته.
واستشكل قوله: لن يدخل أحدًا الجنة عمله مع قوله تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} [الزخرف: 72] وأجيب: بأن أصل الدخول إنما هو برحمة الله واقتسام المنازل فيها بالأعمال فإن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال، فإن قلت: قوله تعالى {سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النحل: 32] مصرح بأن دخول الجنة أيضًا بالأعمال أجيب: بأنه لفظ مجمل بينه الحديث والتقدير ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون، فليس المراد بذلك أصل الدخول، وفي كتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية مزيد لذلك والله الموفق والمعين.
(قال) علي بن عبد الله المديني: (أظنه عن أبي النضر) بالنون المفتوحة والضاد المعجمة الساكنة سالم بن أبي أمية المدني التيمي (عن أبي سلمة) بن عبد الرَّحمن (عن عائشة) رضي الله عنها وكأن ابن المديني جوز أن يكون موسى بن عقبة لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة وأن بينهما فيه واسطة وهو أبو النضر بخلاف الطريق الأولى فإنها بلا واسطة لكن ظهر من وجه آخر أن لا واسطة ويدل له قوله: {وقال عفان) بن مسلم الصفار أي فيما رواه عنه المؤلّف مذاكرة (حدّثنا
وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد (عن موسى بن عقبة) أنه (قال: سمعت أبا سلمة) بن عبد الرَّحمن فصرح وهيب عن موسى