الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل النار ثم يختم له بعمل أهل الجنة، وعند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة سبعين سنة، وعنده أيضًا عن عائشة مرفوعًا: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وهو مكتوب في الكتاب الأول من أهل النار فإذا كان قبل موته تحوّل فعمل عمل أهل النار فمات فدخلها الحديث، وفيه أن في التقدير الأعمال ما هو سابق ولاحق فالسابق ما في علم الله تعالى واللاحق ما يقدر على الجنين في بطن أمه كما في هذا الحديث وهذا هو الذي يقبل النسخ.
6595 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ نُطْفَةٌ؟ أَىْ رَبِّ عَلَقَةٌ؟ أَىْ رَبِّ مُضْغَةٌ؟ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهَا قَالَ: أَىْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِى بَطْنِ أُمِّهِ» .
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الإمام أبو أيوب الواشحي البصري قاضي مكة قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن عبيد الله) بضم العين (ابن أبي بكر بن أنس عن) جده (أنس بن مالك رضي الله عنه) سقط لأبي ذر ابن أنس وابن مالك (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(وكل الله) عز وجل بتشديد الكاف (بالرحم ملكًا) وفي الحديث السابق ثم يبعث الله ملكًا (فيقول) عند نزول النطفة في الرحم التماسًا لإتمام الخلقة (أي) بسكون الياء أي يا (رب) هذه (نطفة أي رب) هذه (علقة أي رب) هذه (مضغة) ويجوز النصب فيها على إضمار فعل أي خلقت أو صار، والمراد أنه يقول كل كلمة من ذلك الوقت الذي يصير فيه كذلك، فبين قوله أي رب نطفة وقوله علقة أربعون يومًا كقوله يا رب مضغة لا في وقت واحد إذ لا تكون النطفة علقة مضعة في ساعة واحدة.
وحديث ابن مسعود السابق يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يومًا في ثلاثة أطوار كل طور منها في أربعين ثم بعد تكملتها ينفخ فيه الروح، وقد ذكر الله تعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في سورة الحج، وزاد في سورة المؤمنين بعد المضعة {فخلقنا المضعة عظامًا فكسونا العظام لحمًا} [المؤمنون: 14] الآية ويؤخذ منها، ومن حديث الياب أن تصير المضعة عظامًا بعد نفخ الروح.
(فإذا أراد الله) عز وجل (أن يقضي خلقها) أي يأذن فيها أو يتمها (قال: أي) ولأبوي ذر والوقت يا (رب ذكر) ولأبي ذر أذكر (أم أنثى) وفي حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم إذا مر بالنطفة ثلاث وأربعون وفي نسخة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكًا فصوّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال: أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك، وعند الفريابي عن حذيفة بن أسيد إذا وقعت النطفة في الرحم ثم استقرت أربعين ليلة قال: فيجيء ملك الرحم فيدخل فيصور له عظمه ولحمه وشعره وبشره وسمعه وبصره ثم يقول: أي رب ذكر أو أنثى الحديث وهذا كما قال عياض: ليس على ظاهره لأن التصوير إنما يقع في آخر الأربعين الثالثة، فالمعنى في قوله فصوّرها كتب الله ذلك ثم يفعله بعد بدليل قوله بعد ذلك أذكر أم أنثى (أشقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب) بصيغة المبني للمفعول أي فيكتب الملك (كذلك) المذكور من الشقاء والسعادة والرزق والأوجل على جبهته أو رأسه مثلاً وهو (في بطن أمه).
وفي الحديث أن خلق السمع والبصر يقع والجنين في بطن أمه وهو محمول جزمًا على الأعضاء ثم على القوة الباصرة والسامعة لأنها مودعة فيهما وأما الإدراك، فالذي يترجح أنه يتوقف على زوال الحجاب المانع. وقال المظهري إن الله تعالى يحوّل الإنسان في بطن أمه حالة بعد حالة مع أنه تعالى قادر على أن يخلقه في لمحة وذلك أن في التحويل فوائد وعبرًا منها أنه لو خلقه دفعة لشق على الأم لأنها ما تكن معتادة لذلك فجعل أولاً نطفة لتعتاد بها مدة ثم علقة مدة وهلم جرا إلى الولادة ومنها إظهار قدرة الله تعالى ونعمته ليعبدوه ويشكروا له حيث قلبهم من تلك الأطوار إلى كونهم إنسانًا حسن الصورة متحليًا العقل والشهامة متزينًا بالفهم والفطانة، ومنها إرشاد الناس وتنبيههم على كمال قدرته على الحشر والنشر لأن من قدر على خلق الإنسان من ماء مهين ثم من علقة
ومضعة مهيأة لنفخ الروح فيه يقدر على صيرورته ترابًا ونفخ الروح فيه وحشره في المحشر للحساب والجزاء.
2 - باب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ
وَقَوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23].
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ: لِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ» .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {لَهَا سَابِقُونَ} سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ.
هذا (باب) بالتنوين في فرع اليونينية كهي قال الحافظ ابن حجر: خبر مبتدأ محذوف أي هذا باب وتعقبه
العيني فقال: هذا قول من لم يمس شيئًا من الإعراب والتنوين يكون في المعرب ولفظ باب هنا مفرد فكيف ينون والتقدير هذا باب يذكر فيه (جف القلم على علم الله) عز وجل. وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن الكرماني قد جوز في كل ما لم يكن مضافًا التنوين والجزم على قصد السكون لأنه للتعداد، وقد أكثر المصنفون من الفقهاء والعلماء حتى النحاة وغيرهم في تصانيفهم ذكر باب بغير إضافة، وكذا ذكر فصل وفرع وتنبيه ونحو ذلك وكله يحتاج إلى تقدير، وقول الشارح باب هو بالتنوين لا يستلزم نفي التقدير، وقد سلم العيني هذا المقدر فقال في باب المحاربين باب بالتنوين لا يكون إلا بالتقدير، لأن المعرب هو جزء المركب والمفرد وحده لا ينون انتهى.
وجفاف القلم كناية عن الفراغ من الكتابة فهو كما قال الطيبي: من إطلاق اللازم على الملزوم لأن الفراغ من الكتابة يستلزم جفاف القلم عن مداده مخاطبة لنا بما نعهد، وقوله على علمه أي حكمه لأن معلومه لا بدّ أن يقع فعلمه بمعلومه يستلزم الحكم بوقوعه.
وفي حديث عبد الله بن عمر عند أحمد وصححه ابن حبان من طريق عبد الله بن الديلمي عنه مرفوعًا: إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه من نوره يومئذٍ اهتدى، ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول جف القلم على علم الله، والقائل أقول هو عبد الله بن عمر كما عند أحمد وابن حبان من طريق أخرى عن ابن الديلمي، ويذكر أن عبد الله بن طاهر أمير خراسان للمأمون سأل الحسين بن الفضل عن قوله تعالى:{كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29] وقوله صلى الله عليه وسلم: جف القلم فقال هي شؤون يبديها لا شؤون يبتديها فقام إليها وقبل رأسه.
(وقوله) تعالى: ({وأضله الله على علم})[الجاثية: 23] حال من الجلالة أي كائنًا على علم منه أو حال من المفعول أي أضله وهو عالم وهذا أشنع له فعلى الأول المعنى أضله الله تعالى على علمه في الأزل وهو حكمه عند ظهوره وعلى الثاني أضله بعد أن أعلمه وبين له فلم يقبل.
(وقال أبو هريرة) رضي الله عنه مما وصله المؤلّف في أوائل النكاح (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: جف القلم بما أنت لاق) وعند الطبراني من حديث ابن عباس: واعلم أن القلم قد جف بما هو كائن، وفي حديث الحسن بن علي عند الفريابي رفع الكتاب وجف القلم.
(قال): ولأبي ذر وقال (ابن عباس) رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى ({لها سابقون}) من قوله تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61] مما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه أي (سبقت لهم السعادة) أي يرغبون في الطاعات فيبادرونها بما سبق لهم من السعادة بتقدير الله. قال الكرماني: فإن قلت: تفسير ابن عباس يدل على أن السعادة سابقة والآية على أن السعادة مسبوقة. وأجاب: بأن معنى الآية أنهم سبقوا لأجل السعادة لا أنهم سبقوا السعادة.
6596 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا يزيد) من الزيادة (الرشك) بكسر الراء وسكون المعجمة والكاف رفع صفة ليزيد لقب به قيل لكبر لحيته وهو بالفارسية ويقال إنه بلغ من طول لحيته إلى أن دخلت فيها عقرب ومكثت ثلاثة أيام لا يدري بها، ورجح في الفتح قول أبي حاتم الرازي أنه كان غيورًا فقيل له: ارشك بالفارسية فمضى عليه الرشك. وقال الكرماني: هو بالفارسية القمل الصغير الملتصق بأصول شعر اللحية (قال: سمعت مطرف بن عبد الله) بكسر الراء المشددة (ابن الشخير) بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين (يحدث عن عمران بن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين (قال: قال رجل) هو عمران بن حصين كما بينه مسدد في مسنده: (يا رسول الله أيعرف) بفتخ الهمزة وضم التحتية وفتح الراء (أهل الجنة من أهل النار) أي أيميز ويفرق بينهما بحسب قضاء الله وقدره (قال) صلى الله عليه وسلم:
(نعم قال) عمران: يا رسول الله (فلم يعمل العاملون) أي إذا سبق القلم بذلك فلا يحتاج العامل إلى العمل لأنه سيصير إلى ما قدر له (قال) صلى الله عليه وسلم: (كل يعمل لما) للذي (خلق له) بضم الخاء وكسر اللام (ولما) بالواو