الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأذروني) بقطع الهمزة المفتوحة في الفرع كأصله من الثلاثي المزيد أي طيروني (فيها فأخذ مواثيقهم) عهودهم (على) أن يفعلوا به (ذلك) أي الذي قال لهم (وربي) أي قال لمن أوصاه: قل وربي لأفعلن ذلك أو هو قسم من المخبر بذلك عنهم ليصح خبره، وفي مسلم ففعلوا به ذلك وربي فتعين أنه قسم من الخبر (ففعلوا) به ما قال لهم (فقال الله) تعالى له (كن فإذا رجل قائم) مبتدأ وخبر وجاز وقوع المبتدأ نكرة محضة بعد إذا المفاجأة لأنها من القرائن التي تتحصل بها الفائدة كقولك انطلقت فإذا سبع في الطريق قاله ابن مالك (ثم قال) الله تعالى له:(أي عبدي ما حملك على ما فعلت) من أمرك بنيك بإحراقك وتذريتك (قال) حملني عليه (مخافتك أو فرق) بفتح الراء خوف (منك) شك الراوي أي اللفظين قال (فما تلافاه) بالفاء أي تداركه (أن رحمه الله سقطت الجلالة لأبي ذر.
واستشكل إعرابه إذ مفهومه عكس المقصود وأجيب: بأن ما موصولة أي تلافاه هو الرحمة أو نافية وأداة الاستفهام محذوفة لقيام القرينة كما هو رأي السهيلي أي فما تداركه إلا بأن رحمه.
قال سليمان التيمي أو قتادة: (فحدثت أبا عثمان) عبد الرَّحمن بن مل النهدي (فقال: سمعت سلمان) الفارسي أي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الحديث (غير أنه زاد فأذروني في البحر) بهمزة قطع مفتوحة ولأبي ذر فاذروني بهمزة وصل يقال: ذرت الريح التراب وغيره ذروًا وأذرته وذرته أطارته وأذهبته، وقال في المشارق يقال: ذريت الشيء وذروته ذريًا وذروا وأذريت أيضًا رباعي وذريت بالتشديد إذا بددته وفرقته وقيل إذا طرحته مقابل الريح كذلك (أو كما حدث) شك الراوي يريد أنه بمعنى حديث أبي سعيد لا بلفظه كله.
(وقال معاذ): هو ابن معاذ التميمي فيما وصله مسلم (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة أنه قال: (سمعت عقبة) بن عبد الغافر قال: (سمعت أبا سعيد) زاد أبو ذر الخدري (عن النبي صلى الله عليه وسلم).
والحديث سبق في بني إسرائيل ويأتي إن شاء الله تعالى في التوحيد وأخرجه مسلم في التوبة.
26 - باب الاِنْتِهَاءِ عَنِ الْمَعَاصِى
(باب) وجوب (الانتهاء عن المعاصي).
6482 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ،
عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ، فَالنَّجَا النَّجَاءَ فَأَطَاعَتْهُ طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ» .
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد (محمد بن العلاء) بفتح العين ممدودًا ابن كريب الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة) اسمه عامر أو الحارث (عن) جده (أبي بردة عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(مثلي) بفتح الميم والمثلثة والمثل الصفة العجيبة الشأن يوردها البليغ على سبيل التشبيه لإرادة التقريب (ومثل ما بعثني الله) عز وجل أي به إليكم فالعائد محذوف (كمثل رجل أتى قومًا) بالتنكير للشيوع (فقال) لهم إني (رأيت الجيش) المعهود (بعيني) بتشديد التحتية بالتثنية، ولأبي ذر عن الكشميهني بعيني بالإفراد كذا في الفرع وأصله. وقال الحافظ ابن حجر: وبعيني بالتثنية للكشميهني (وإني أنا النذير العريان) بضم العين المهملة وسكون الراء بعدها تحتية من التعري قيل الأصل فيه أن رجلاً لقي جيشًا فسلبوه وأسروه فانفلت إلى قومه فقال: إني رأيت الجيش وسلبوني فرأوه عريانًا فتحققوا صدقه لأنهم كانوا يعرفونه ولا يتهمونه في النصيحة ولا جرت عادته بالتعري فقطعوا بصدقه لهذه القرائن فضرب النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولما جاء به مثلاً بذلك لما أبداه من الخوارق والمعجزات الدالة على القطع بصدقه تقريبًا لإفهام المخاطبين بما يألفونه ويعرفونه، وقيل المراد المنذر الذي تجرد عن توبه وأخذ يرفعه ويديره حول رأسه إعلامًا لقومه بالغارة وكان من عادتهم أن الرجل إذا رأى الغارة فجأتهم وأراد إنذار قومه يتعرى من ثيابه ويشير بها ليعلم أن قد فجأهم أمر مهم ثم صار مثلاً لكل ما يخاف مفأجاته (فالنجاء النجاء) بالمد والهمز فيهما في الفرع وبالقصر فيهما وبمد الأولى وقصر الثانية تخفيفًا ولأبي ذر فالنجاة بهاء التأنيث بعد
الألف بالنصب في الكل على الإغراء أي اطلبوا النجاء أو النجاة بأن تسرعوا الهرب فإنكم لا تطيقون مقاومة ذلك الجيش (فأطاعته طائفة) ولأبي ذر فأطاعه بالتذكير لأن المراد بعض القوم (فأدلجوا) بهمزة قطع وسكون الدال المهملة وبعد اللام المفتوحة جيم مضمومة ساروا أول الليل أو كله (على مهلهم) بفتحتين بالسكينة والتأني وفي الفرع كأصله بسكون الهاء وهو الإمهال لكن قال: في الفتح إنه ليس مرادًا هنا (فنجوا) من العدوّ ولأبي ذر فادّلجوا بالوصل وتشديد المهملة ساروا آخر الليل لكن قال في الفتح: إنه لا يناسب هذا المقام (وكذبته طائفة فصبحهم الجيش) أتاهم صباحًا (فاجتاحهم) بجيم ساكنة بعدها فوقية فألف فحاء مهملة استأصلهم أي أهلكهم.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في الاعتصام ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
6483 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى تَقَعُ فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَقْتَحِمُونَ فِيهَا» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن عبد الرَّحمن) بن هرمز الأعرج (أنه حدثه) حدث أبا الزناد (أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
(إنما مثلي ومثل الناس) المراد بضرب المثل زيادة الكشف والتبيين ولضرب الأمثال في إبراز خفيات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق تأثير ظاهر واستعير المثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها شأن وفيها غرابة كأنه قيل حال الناس العجيبة الشأن في دعائي إياهم إلى الإسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما زينت لهم أنفسهم من التمادي على الباطل (كمثل رجل) كحال رجل (استوقد) أوقد (نارًا) المثل في الثلاث بفتح الميم والمثلثة ووقود النار سطوعها وهو جوهر لطيف مضيء حار محرق واشتقاقها من نار ينور إذا نفر لأن فيها حركة واضطرابًا {فلما أضاءت ما حوله} الإضاءة فرط الإنارة ومصداقه قوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا} [يونس: 5] وأضاءت متعدية فما موصولة مفعول به أي أضاءت النار ما حول المستوقد، ويجوز أن تكون متعدية فيسند الفعل إلى ما على تأويل أضاءت الأماكن التي حول المستوقد أو يسند إلى ضمير النار فعلى هذا ينتصب ما حوله على الظرفية أي أضاءت النار في الأمكنة التي حول المستوقد وإنما أضاء إشراق النار في حولها لا هي نفسها، لكن يجعل إشراق ضوء النار بمنزلة إشراق النار في نفسها لأن ضوء النار لما كان محيطًا بالمستوقد مشرقًا فيما حوله غاية الإشراق أسند الفعل إلى النار نفسها إسنادًا للفعل إلى الأصل كقولهم بنى الأمير المدينة قاله في فتوح الغيب وجواب فلما قوله (جعل الفراش) بفتح الفاء والراء المخففة وبعد الألف معجمة دواب مثل البعوض في الأصل واحدتها فراشة وهي التي تطير وتتهافت في السراج بسبب ضعف أبصارها فهي بسبب ذلك تطلب ضوء النهار فإذا رأت السراج بالليل ظنت أنها في بيت مظلم وأن السراج كوّة في البيت المظلم إلى الموضع المضيء ولا تزال تطلب الضوء وترمي بنفسها إلى الكوة فإذا جاوزتها ورأت الظلام ظنت أنها لم تصب الكوة ولم تقصدها على السداد فتعود إليها حتى تحترق (وهذه الدواب) جمع دابة (التي تقع في النار) كالبرغش والبعوض والجندب ونحوها (يقعن فيها فجعل الرجل) ولأبي ذر عن الكشميهني وجعل بالواو بدل الفاء (ينزعهن) بنون قبل الزاي وفي رواية يزعهن بإسقاط النون من وزعه يزعه وزعًا فهو وازع إذا كفه ومنعه (ويغلبنه) بسكون الغين المعجمة والموحدة (فيقتحمن فيها) فيدخلن في النار (فأنا آخذ بحجزكم) بضم الخاء المعجمة وبحجزكم بضم الحاء المهملة وفتح الجيم بعدها زاي جمع حجزة وهي معقد الإزار. قيل صوابه
حجزهم بالهاء المهملة لأن السابق إنما مثلي ومثل الناس. وأجيب: بأنه التفات من الغيبة إلى الخطاب اعتناء بشأن الحاضرين في وقوع الموعظة من قلوبهم أتم موقع ومثل ذلك من محاسن الكلام، فكيف يدعي أن الصواب خلافه وفيه التفات من الغيبة في قوله: ومثل الناس