الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه لم يطلع على جميع النسخ إذ لم يطلع إلا على النسخ التي في مدينته، وأما النسخ
التي في كرمان وبلخ وخراسان فلا وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن الذي نفى رؤيته قول الكرماني قوله وقال: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} [القيامة: 36] أي مهملاً مترددًا في الضلالة، وأما الذي ذكر أنه رآه في بعض النسخ فهو مجرد لفظ سدي بالتخفيف وبالتحتية آخره فأين التناقض.
{دساها} من قوله تعالى: {وقد خاب من دساها} [الشمس: 10] قال مجاهد فيما رواه الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه (أغواها) قال:
وأنت الذي دسست عمرًا فأصبحت
…
حلائله منه أرامل ضيعا
وأصلها دسسها من التدسيس فكثرت الأمثال فأبدل من ثالثها حرف علة والتدسية الإخفاء يعني أخفى الفجور، وقال ابن الأعرابي {وقد خاب من دساها} أي دس نفسه في جملة الصالحين وليس منهم.
6611 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَاّ لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ» . [الحديث 6611 - طرفه في: 7198].
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: حدثني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(ما استخلف) بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام (خليفة إلا له بطانتان بطانة) بكسر بطانة فيهما اسم جنس يشمل الواحد والجماعة وبطانة الرجل خاصته الذين يباطنهم في الأمور ولا يظهر غيرهم عليها مشتقة من البطن والباطن دون الظاهر، وهذا كما استعاروا الشعار والدثار في ذلك ويقال بطن فلان بفلان بطونا وبطانة وقال:
أولئك خلصاني نعم وبطانتي
…
وهم عيبتي من دون كل قريب
فبطانة (تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه) بضم الحاء المهملة والضاد المعجمة (والمعصوم من عصم الله) بإسقاط ضمير المفعول أي من عصمه الله بأن حماه من الوقوع في الهلاك أو ما يجر إليه.
والحدث أخرجه المؤلّف أيضًا في الأحكام والنسائي في البيعة والسير.
9 - باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 95]
{أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَاّ مَنْ قَدْ آمَنَ} [هود: 36].
{وَلَا يَلِدُوا إِلَاّ فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27].
وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ: عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ.
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى ({وحرام}) ولأبوي الوقت وذر وابن عساكر وحرم بكسر الحاء وسكون الراء وهي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي وهما لغتان كالحل والحلال وَزْنًا وضده معنى أي وممتنع ({على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}) قال في الكشاف: استعير الحرام الممتنع وجوده، ومنه قوله تعالى {إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: 55] أي منعهما منهم وأبى أن يكونا لهم، ومعنى أهلكناها عزمنا على إهلاكها أو قدرنا إهلاكها، ومعنى الرجوع الرجوع من الكفر إلى الإسلام والإنابة، ومجاز الآية أن قومًا عزم الله على إهلاكهم غير متصوّر أن يرجعوا وينيبوا إلى أن تقوم القيامة فحينئذٍ يرجعون اهـ.
والظاهر كما قال بعضهم: إن المعنى وحرام على قرية أهلكناها عدم رجوعهم إلينا في القيامة، فتكون الآية واردة في تقرير أمر البعث والتفخيم لشأنه وهذا يتعين المصير إليه لأوجه:
أحدها: أنه ليس فيه مخالفة للأصول بخلاف غيره مما يدعى فيه زيادة لا وكونه في طائفة مخصوصة وكون حرام معنى ممتنع أو بمعنى واجب كما قيل في قوله:
وإن حرامًا لا أرى الدهر باكيًا
…
على شجره إلا بكيت على عمرو
الثاني: أن سياق الآية قبلها وبعدها وارد في أمر البعث وهو قوله {كل إلينا راجعون} [الأنبياء: 93] وقوله: حتى إذا فتحت.
الثالث: أن حملها على الرجوع إلى الدنيا لا كبير فائدة فإنه معلوم عند المخاطبين من الموافقين والمخالفين وحملها على الرجوع إلى القيامة أكثر فائدة فإن الكفار ينكرونه فأكد وفخم تهديدًا لهم وزجرًا وقوله تعالى في سورة هود: ({إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن})[هود: 36] إقناط من إيمانهم وأنه غير متوقع، وقوله تعالى:({ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا})[نوح: 27] إلا من بلغ فجر وكفر وإنما قال ذلك لأن الله أخبره إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ودخول ذلك في أبواب
القدر ظاهر فإنه يقتضي سبق علم بما يقع من العبد.
(وقال منصور بن النعمان) اليشكري بفتح التحتية وسكون الشين المعجمة وضم الكاف البصري، وفي حاشية الفرع كأصله صوابه منصور بن المعتمر قال: وفي حاشية أصل أبي ذر صوابه منصور بن النعمان وكذا في أصل الأصيلي وابن عساكر وقال الحافظ ابن حجر: وقد زعم
بعض المتأخرين أن الصواب منصور بن المعتمر والعلم عند الله (عن عكرمة عن ابن عباس) رضي الله عنهما (وحرم) بكسر الحاء وسكون الراء (بالحبشية) أي (وجب) أخرجه عبد بن حميد من طريق عطاء عن عكرمة عنه.
6612 -
حَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ» . وَقَالَ شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبوي ذر والوقت بالجمع (محمود بن غيلان) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية أبو حامد المروزي الحافظ قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن ابن طاوس) عبد الله (عن أبيه) طاوس (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أنه (قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم) بفتح اللام والميم الأولى وأصل ما قل وصغر ومنه اللمم وهو المس من الجنون وألم بالمكان قلّ لبثه فيه، وألم بالطعام قلّ أكله منه، وقال أبو العباس: أصل اللمم أن يلم بالشيء من غير أن يرتكبه يقال ألم بكذا إذا قاربه ولم يخالطه وقال جرير:
بنفسي من تجنبه عزيز
…
عليّ ومن زيارته لمام
وقال آخر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
…
تجد حطبًا جزلاً ونارًا تأججا
واللمم: صغار الذنوب أي ما رأيت شيئًا أشبه بصغار الذنوب (مما قال أبو هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(إن الله) عز وجل (كتب على ابن آدم حظه) نصيبه (من الزنا) بالقصر ومن بيانية (أدرك) أصاب (ذلك) المكتوب عليه (لا محالة) بفتح الميم والحاء المهملة لا بدّ له منه لأن ما كتبه الله لا بد أن يقع وكتب يحتمل أن يراد به أثبت أي أثبت فيه الشهوة والميل إلى النساء وخلق فيه العينين والأذن والقلب وهي التي تجد لذة الزنا، ويحتمل أن يراد به قدّر أي قدّر في الأزل أن يجري على ابن آدم الزنا فإذا قدّر في الأزل أدرك ذلك لا محالة (فزنا العين النظر) إلى ما لا يحل للناظر (وزنا اللسان المنطق) بميم مفتوحة فنون ساكنة فطاء مهملة مكسورة ولأبي ذر عن الكشميهني النطق بلا ميم وضم النون وسكون الطاء. وقال ابن مسعود: العينان تزنيان بالنظر، والشفتان تزنيان وزناهما التقبيل، واليدان تزنيان وزناهما اللمس، والرجلان تزنيان وزناهما المشي (والنفس تمنى) فعل مضارع أصله تتمنى حذفت منه إحدى التاءين (وتشتهي والفرج يصدق ذلك) النظر والتمني بأن
يقع في الزنا بالوطء (ويكذبه) بأن يمتنع من ذلك خوفًا من ربه تعالى، ولأبي ذر: أو يكذبه وسمى ما ذكر من نظر العين وغيره زنا لأنها مقدمات له مؤذنة بوقوعه ونسب التصديق والتكذيب للفرج لأنه منشؤه ومكانه. وقال في شرح المشكاة: شبه صورة حالة الإنسان من إرسال الطرف الذي هو رائد القلب إلى النظر إلى المحارم وإصغائه بالأذن إلى السماع ثم انبعاث القلب إلى الاشتهاء والتمني ثم استدعائه منه، فصار ما يشتهي ويتمنى باستعمال الرجلين في المشي واليدين في البطش والفرج في تحقيق مشتهاه، فإذا مضى الإنسان على ما استدعاه القلب حقق متمناه فإذا امتنع من ذلك خيبه فيه بحال رجل يخبره صاحبه بما يزينه له ويغويه عليه فهو إما يصدقه ويمضي على ما أراده منه أو يكذبه، ثم استعمل في حال المشبه ما كان مستعملاً في جانب المشبه به من التصديق والتكذيب ليكون قرينة للتمثيل أو الإسناد في قوله: والفرج يصدق ذلك ويكذبه مجازي لأن الحقيقي هو أن يسند للإنسان فأسند إلى الفرج لأنه مصدر الفعل والسبب القوي.
(وقال شبابة): بفتح الشين المعجمة والموحدتين بينهما ألف مع التخفيف ابن سوّار بفتح المهملة والواو المشددة (حدّثنا ورقاء) بفتح الواو والقاف بينهما راء ساكنة آخره همزة ممدود ابن عمر