الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيره ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك) ممن دخل الجنة فهو لفظ عام أريد به الخاص ومراده أنه يصير إذا استمر خارجًا عن الجنة أشقاهم وكونه أشقاهم ظاهر لو استمرّ خارج الجنة وهم من داخلها (فلا يزال يدعو حتى يضحك) الله عز وجل منه وهو مجاز عن لازمه وهو الرضا (فإذا ضحك) رضي (منه أذن) بفتح الهمزة (له بالدخول فيها فإذا دخل فيها قيل تمنّ) ولأبي ذر قيل له تمنّ (من كذا) أي من الجنس الفلاني وقال المظهري من فيه للبيان يعني تمن من كل جنس ما تشتهي منه. قال الطيبي ونحوه يغفر لكم من ذنوبكم، ويحتمل أن تكون من زائدة في الإثبات على مذهب الأخفش (فيتمنى ثم يقال له: تمن من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني) وفي رواية أبي سعيد عند أحمد فيسأل ويتمنى مقدار ثلاثة أيام من أيام الدنيا وفي رواية التوحيد حتى إن الله ليذكره كذا من كذا (فيقول) أي الله (هذا) وللشكميهني فيقول له هذا (لك ومثله معه).
6574 -
قَالَ عَطَاءٌ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ.
(قال أبو هريرة) بالسند السابق (وذلك الرجل) المذكور (آخر أهل الجنة دخولاً) الجنة (قال عطاء) بن يزيد الراوي (وأبو سعيد الخدري) سقط لأبي ذر الخدري (جالس مع أبي هريرة) وهو
يحدث بهذا الحديث (لا يغير عليه شيئًا من حديثه) ولا يردّه عليه (حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه. قال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول هذا لك وعشرة أمثاله. قال أبو هريرة: حفظت مثله معه) أي هذا لك ومثله معه وجمع القاضي عياض بينهما باحتمال أن يكون أبو هريرة سمع أولاً قوله ومثله معه فحدث به ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حدث بالزيادة فسمعه أبو سعيد والله أعلم.
والحديث أخرجه أيضًا في التوحيد ومسلم في الإيمان والنسائي في الصلاة والتفسير.
53 - باب فِى الْحَوْضِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ» .
هذا (باب) بالتنوين (في الحوض) الذي لنبينا صلى الله عليه وسلم في الآخرة قال في الصحاح: الحوض واحد الأحواض والحياض وحضت أحوض اتخذت حوضًا واستحوض الماء اجتمع والمحوض بالتشديد شيء كالحوض يجعل للنخلة تشرب منه. وقال ابن قرقول: والحوض حيث تستقر المياه أي تجتمع لتشرب منها الإبل، واختلف في حوضه صلى الله عليه وسلم هل هو قبل الصراط أبو بعده؟ قال أبو الحسن القابسي: الصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي في تذكرته: والمعنى يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشًا من قبورهم، واستدلّ بما في البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعًا: بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. فقلت: أين؟ قال: إلى النار الحديث. ويأتي إن شاء الله تعالى في هذا الباب. قال القرطبي: فهذا الحديث يدل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه فمن جازه سلم من النار اهـ.
وقال آخرون: إنه بعد الصراط، وصنيع البخاري في إيراده لأحاديث الحوض بعد أحاديث الشفاعة بعد نصب الصراط مشعر بذلك، وفي حديث أنس عند الترمذي ما يدل له ولفظه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي فقال: "أنا فاعل". فقلت: أين أطلبك؟ قال: "اطلبني أوّل ما تطلبني على الصراط". قلت: فإن لم ألقك؟ قال: "أنا عند الميزان" قلت: فإن لم ألقك؟ قال "أنا عند الحوض". ويؤيده ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الحوض: "من شرب منه لم يظمأ أبدًا" لأنه يدل على أن الشرب منه يكون بعد الحساب والنجاة من النار لأن ظاهر حال من لا يظمأ أن لا يعذب بالنار.
وأما حديث أبي هريرة السابق المستدل به على القبلية: فأجيب عنه: باحتمال أنهم يقربون من الحوض بحيث يرونه ويرون فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من بقية الصراط فليتأمل.
وأما قول صاحب التذكرة والصحيح أن له صلى الله عليه وسلم حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط، والآخر داخل الجنة وكلاهما يسمى كوثرًا متعقب بأن الكوثر نهر داخل الجنة وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثر لكونه يمدّ منه، وفي
حديث أبي ذر عند مسلم أن الحوض يشخب فيه ميزابان من الجنة، وقد سبق أن الصراط جسر جهنم، وأنه بين الجنة والموقف فلو كان الحوض دونه لحالت النار بينه وبين الماء الذي يصب من الكوثر في الحوض والله أعلم.
وفي الترمذي عن سمرة رفعه: إن لكل نبيّ حوضًا وأشار إلى أنه اختلف في وصله وإرساله وأن المرسل أصح والمرسل أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لكل نبي حوضًا وهو قائم على حوضه بيده عصا يدعو من عرف من أمته ألا وإنهم يتباهون أيهم أكثر تبعًا وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تبعًا" وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن سمرة موصولاً مرفوعًا مثله وفي سنده لين، وعند ابن أبي الدنيا عن أبي سعيد رفعه: وكل نبي يدعو أمته ولكل نبي حوض الحديث وفي إسناده لين، فالمختص به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الكوثر الذي يصب من مائه في حوضه ولم ينقل نظيره لغيره، ولذا امتنّ الله تعالى عليه به في التنزيل.
(وقول الله تعالى {إنا أعطيناك الكوثر})[التكوير: 1] وهو فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة، واختلف في تفسيره فقيل: نهر في الجنة وهو المشهور والمستفيض عند السلف والخلف، وقيل أولاده لأن السورة نزلت ردًّا على من عابه بعدم الأولاد وقيل الخير الكثير وقيل غير ذلك مما ذكرته في كتابي المواهب اللدنية بالمنح المحمدية. وقال: إنّا أعطيناك بلفظ الماضي ولم يقل سنعطيك ليدل على أن هذا الإعطاء حصل في الزمن الماضي ولم يقل أعطيناك مكتفيًا بنون العظمة بل قال: إنّا أعطيناك ليشعر بتوليته تعالى الإعطاء على وجه الاختصاص به دون غيره، وفي ذلك من الفخامة المبهجة ما فيه، وقد تواتر حديث الكوثر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث وكذلك أحاديث الحوض.
(وقال عبد الله بن زيد) المازني مما وصله البخاري في حديث طويل بغزوة حنين (قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصبروا) أي على ما ترون بعدي من الأثرة (حتى تلقوني على الحوض).
6575 -
حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» .
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (يحيى بن حماد) الشيباني البصري قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن شقيق) بالشين المعجمة المفتوحة والقافين بينهما تحتية ساكنة أبي وائل بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه قال:
(أنا فرطكم) بفتح الفاء والراء بعدها طاء مهملة (على الحوض) سابقكم إليه لأصله وأهيئه لكم فهنيئًا لوارديه جعلنا الله منهم بوجهه الكريم من غير عذاب إنه كريم وهاب قال:
6576 -
وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى؟ فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» . تَابَعَهُ عَاصِمٌ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ وَقَالَ حُصَيْنٌ: عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(وحدثني) بالإفراد ولأبي ذر بإسقاط الواو (عمرو بن علي) أبو حفص الباهلي الصيرفي الفلاس البصري قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر الهذلي مولاهم البصري الحافظ قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن المغيرة) بن مقسم الضبي أنه (قال: سمعت أبا وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(أنا فرطكم على الحوض) فيه بشارة عظيمة لهذه الأمة المحمدية زادها الله شرفًا (وليرفعنّ) بفتح اللام وضم التحتية وسكون الراء وفتح الفاء المهملة وتشديد النون ليظهرنّ لي (رجال منكم) حتى أراهم ولأبي ذر وليرفعن معي رجال منكم (ثم ليختلجن دوني) بفتح اللام وضم التحتية وسكون المعجمة وفتح الفوقية واللام وضم الجيم مبنيًّا للمفعول مسندًا إلى ضمير الجماعة مؤكدًا بالنون الثقيلة أي يجتذبون ويقتطعون عني (فأقول يا رب أصحابي) أي من أمتي (فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) من الردة عن الإسلام أو المعاصي (تابعه) أي الأعمش (عاصم) هو ابن أبي النجود الكوفي أحد القراء السبعة (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود وهذا وصله الحارث بن أبي أسامة في مسنده من طريق سفيان الثوري عن عاصم (وقال حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرَّحمن الواسطي (عن أبي وائل) شقيق (عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم) فخالف حصين الأعمش وعاصمًا
وهذا وصله مسلم من طريق حصين.
6577 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَمَامَكُمْ حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بالميم والمهملات ثانيها مشدد ابن مسرهد بن مسربل البصري الحافظ أبو الحسن قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمر أنه قال: (حدثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(أمامكم) بفتح الهمزة قدامكم (حوض) ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني حوضي بزيادة
ياء الإضافة (كما بين جرباء) بفتح الجيم والموحدة بينهما راء ساكنة آخره همزة ممدود في الفرع. وقال أبو عبيد البكري وعياض بالقصر. قال اليونيني: وكذا رأيته في أصل صحيح مقروء من رواية الحافظ أبي ذر ومن رواية الأصيلي اهـ.
وصوّبه النووي في شرح مسلم وقال: إن المد خطأ وهو في البخاري بالمد، وقال الرشاطي: الجرباء على لفظ تأنيث الأجرب قرية بالشام (وأذرح) بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وضم الراء بعدها حاء مهملة. قال ابن الأثير في نهايته: هما يعني جرباء وأذرح قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال، وهذا الذي قاله ابن الأثير تعقبه الصلاح العلائي فقال: هذا غلط بل بينهما غلوة سهم وهما معروفتان بين القدس والكرك ولا يصح التقدير بالثلاث بمخالفتها الروايات الآتية، لا سيما وقد قال الحافظ الضياء المقدسي في جزئه في الحوض: إن في سياق لفظها غلطًا لاختصار وقع في سياق الحديث من بعض الرواة، ثم ساقه من حديث أبي هريرة وأخرجه من فوائد عبد الكريم الديرعاقولي بسند حسن إلى أبي هريرة مرفوعًا في ذكر الحوض فقال فيه: عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح. قال الضياء: فظهر بهذا أنه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديره كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح فسقط مقامي وبين. وقال العلائي: ثبت المقدر المحذوف عند الدارقطني وغيره بلفظ ما بين المدينة وجرباء وأذرح اهـ.
وقد اختلفت الروايات في ذلك ففي حديث ابن عمرو بفتح العين حوضي مسيرة شهر في هذا الباب، وحديث أنس فيه كما بين أيلة وصنعاء من اليمن، وحديث حارثة بن وهب فيه أيضًا كما بين المدينة وصنعاء، وفي حديث أبي هريرة أبعد من أيلة إلى عدن وهي تسامت صنعاء وكلها متقاربة لأنها كلها نحو شهر أو تزيد أو تنقص، وفي حديث عقبة بن عامر عند أحمد كما بين أيلة إلى الجحفة، وفي حديث جابر كما بين صنعاء إلى المدينة وكلها متقاربة ترجع إلى نحو نصف شهر أو تزيد على ذلك قليلاً أو تنقص، وأقل ما ورد في ذلك عند مسلم قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام فقيل في الجمع إن هذه الأقوال صارت على وجه بأنه صلى الله عليه وسلم خاطب أهل كل جهة بما يعرفون من المواضع وهو تمثيل وتقريب لكل أحد ممن خاطبه بما يعرفه من تلك الجهات وبأنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع الكثيرة فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة، فأخبر أولاً بالمسافة اليسيرة ثم أعلمه الله بالطويلة فأخبر بما تفضل الله به عليه باتساعه شيئًا فشيئًا فالاعتماد على أطولها. وأما قول بعضهم: الاختلاف إنما هو بالنظر إلى الطول والعرض فمردود بحديث ابن عمرو وزواياه سواء وحديث النواس وغيره طوله وعرضه سواء ومنهم من حمله على السير المسرع والبطيء، لكن في حمله على أقلها وهو الثلاث نظر إذ هو عسر جدًّا لا سيما مع ما سبق والله الموفق.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الفضائل.
6578 -
حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ أُنَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِى الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِى فِى الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِى أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع (عمرو بن محمد) بفتح العين الناقد بالنون والقاف وهو شيخ مسلم بن الحجاج قال: (أخبرنا) وفي اليونينية حدّثنا (هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير بفتح الموحدة وكسر المعجمة بوزن عظيم بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن خازم بالمعجمتين الواسطي حافظ بغداد قال: (أخبرنا أبو بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس (وعطاء بن السائب) الكوفي من صغار التابعين صدوق لكنه اختلط آخر عمره وهشيم سمع منه بعد اختلاطه ولذا أخرج المؤلّف هنا مقرونًا بأبي بشر
(عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه) من النبوة والقرآن والخلق الحسن العظيم وكثرة الاتباع والعلم والشفاعة والمقام المحمود وغيرها مما أنعم الله تعالى به عليه (قال أبو بشر) جعفر بن أبي وحشية (قلت) ولأبي ذر فقلت (لسعيد) هو ابن جبير (إن أناسًا) بهمزة مضمومة ولأبي ذر ناسًا بحذفها وسبق في التفسير من ذكر الناس أبو إسحاق وقتادة (يزعمون أنه) أي الكوثر (نهر في الجنة فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه) وهذا كما سبق تأويل من سعيد جمع فيه بين حديثي عائشة وابن عباس فلا تنافي بينهما لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير.
والحديث مرّ في تفسير سورة الكوثر.
6579 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا» .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله الجمحي المكي الحافظ (عن ابن أبي مليكة) هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بالتصغير ابن عبد الله بن جدعان ويقال اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني أدرك ثلاثين من الصحابة أنه (قال: قال عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاصي رضي الله عنهما (قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(حوضي مسيرة شهر) زاد مسلم من هذا الوجه زوايا سواء أي لا يزيد طوله على عرضه وفيه رد على من جمع بين اختلاف الأحاديث في تقدير مسافة الحوض باختلاف العرض والطول كما سبق قريبًا (ماؤه أبيض من اللبن) فيه حجة للكوفيين على إجازة أفعل التفضيل من اللون. وقال البصريون: لا يصاغ منه ولا من غير الثلاثي فقيل لأن اللون الأصل في أفعاله الزيادة على
ثلاثة، وقيل لأنه خلق ثابت في العادة وإنما يتعجب مما يقبل الزيادة والنقصان فجرت ذلك مجرى الأجسام الثابتة على حال واحد قالوا: وإنما يتوصل إلى التفضيل فيه وفيما زاد على الثلاثي بأفعل مصوغًا من فعل دال على مطلق الرجحان، والزيادة نحو أكبر وأزيد وأرجح وأشد. قال الجوهري تقول: هذا أشد بياضًا من كذا ولا تقل أبيض منه وأهل الكوفة يقولونه ويحتجون يقول الراجز:
جارية في دعها الفضفاض
…
أبيض من أخت بني أباض
قال المبرد ليس البيت الشاذ بحجة على الأصل المجمع عليه وأما قول الراجز طرفة:
إذا الرجال شتوا واشتد أكلهم
…
فأنت أبيضهم سربال طباخ
فيحتمل أن لا يكون بمعنى أفعل الذي تصحبه من للمفاضلة، وإنما هو بمنزلة قولك هو أحسنهم وجهًا وأكرمهم أبًا تريد حسنهم وجهًا وكريمهم أبًا فكأنه قال: فأنت مبيضهم سربالاً، فلما أضافه انتصب ما بعده على التمييز وجعل ابن مالك قوله أبيض من المحكوم بشذوذه. وقال النووي: هي لغة وإن كانت قليلة الاستعمال والحديث يدل على صحتها، وفي مسلم من رواية أبي ذر وابن مسعود عند أحمد بلفظ أشد بياضًا من اللبن (وريحه أطيب) ريحًا (من المسك). وزاد مسلم من حديث أبي ذر وثوبان وأحلى من العسل، وزاد أحمد من حديث ابن مسعود وأبرد من الثلج (وكيزاته كنجوم السماء) أي في الإشراق والكثرة ولأحمد من رواية الحسن عن أنس أكثر من عدد نجوم السماء (من شرب) بفتح الشين وكسر الراء (منها) من الكيزان، ولأبي ذر عن الكشميهني: من يشرب بلفظ المضارع والجزم على أن من شرطية ويجوز الرفع على أنها موصولة، ولأبي ذر منه أي من الحوض (فلا يظمأ أبدًا). وعند ابن أبي الدنيا عن النواس بن سمعان أول من يرد عليه من يسقي كل عطشان.
وحديث الباب أخرجه مسلم في الحوض أيضًا.
6580 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ. حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ قَدْرَ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ» .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء بعدها تحتية ساكنة فراء المصري قال: (حدثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله المصري (عن يونس) بن يزيد الأيلي أنه قال: (قال ابن شهاب) محمد
بن مسلم الزهري (حدثني) بالإفراد (أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(إن قدر حوضي كما بين أيلة) بهمزة مفتوحة فتحتية ساكنة فلام مفتوحة بعدها هاء تأنيث مدينة كانت عامرة بطرف بحر القلزم من طرف الشام وهي الآن خراب يمر بها الحاج من مصر
فتكون عن شمالهم ويمر بها الحاج من غزة وغيرها فتكون أمامهم وإليها تنسب العقبة المشهورة عند أهل مصر (وصنعاء من اليمن) بفتح الصاد والعين المهملتين بينهما نون ساكنة ممدود والتقييد باليمن يخرج صنعاء الشام (وأن فيه) أي الحوض (من الأباريق كعدد نجوم السماء) فيه أن الزهري سمع أنسًا وهو يرد على من أعلّ الحديث بأنه لم يسمع منه، وقد ذكر ابن أبي عاصم أسماء من رواه عن ابن شهاب عن أنس بلا واسطة فزادوا على عشرة قاله في الحج.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
6581 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَحَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِى الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ» . شَكَّ هُدْبَةُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك قال: (حدّثنا همام) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن يحيى الأزدي (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) قال البخاري: (وحدّثنا) ولأبي ذر: بإسقاط الواو (هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال المهملة وفتح الموحدة القيسي البصري الحافظ المسند هداب قال: (حدّثنا همام) قال: (حدّثنا قتادة) قال: (حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد (أنس بن مالك) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(بينما) بالميم (أنا أسير في الجنة) ليلة الإسراء كما في سورة الكوثر بلفظ عن أنس قال: لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء (إذا أنا بنهر حافتاه) بالحاء المهملة وتخفيف الفاء جانباه (قباب الدر المجوّف) بكسر القاف وتخفيف الموحدة جمع قبة (قلت: ما هذا يا جبريل قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فإذا طينه) بالنون بعد التحتية (أو طيبه) بالموحدة (مسك أذفر) بالمعجمة الساكنة (شك هدبة) شيخ البخاري هل هو بالنون أو الموحدة. ولم يشك أبو الوليد أنه بالنون وهو المعتمد، وفي المبعث للبيهقي من طريق عبد الله بن مسلم عن أنس بلفظ ترابه مسك.
6582 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِى الْحَوْضَ حَتَّى عَرَفْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى فَأَقُولُ أَصْحَابِى؟ فَيَقُولُ: لَا تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ» .
وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي مولاهم البصري قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد بن عجلان أبو بكر البصري قال: (حدّثنا عبد العزيز) بن صهيب البصري (عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(ليردن) باللام المفتوحة للتأكيد وتثقيل النون (عليّ) بتشديد الياء (ناس من أصحابي) من أمتي (الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا) بسكون الخاء المعجمة وضم الفوقية وكسر اللام وضم الجيم جذبوا (دوني) بالقرب مني (فأقول: أصحابي) بالتكبير ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أصيحابي بالتصغير (فيقول): وله عن الكشميهني أصحابي بالتكبير فيقال: (لا تدري ما أحدثوا بعدك) من المعاصي التي هي سبب الحرمان من الشرب من الحوض.
والحديث أخرجه مسلم في المناقب.
6583 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَىَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا، لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ» . [الحديث 6583 - طرفه في 7050].
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم أبو محمد الجمحي قال: (حدّثنا محمد بن مطرف) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة بعدها فاء أبو غسان الليثي المدني قال: (حدثني) بالإفراد (أبو حازم) سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي رضي الله عنه أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(إني) ولأبي ذر عن الكشميهني أنا (فرطكم) بفتحتين (على الحوض) الفرط الذي يتقدم الواردين ليصلح لهم الحياض (من مرّ علي) بتشديد الياء أي من مر به فمكن من شربه فشرب أو من مكن من المرور به (شرب) منه ولأبي ذر يشرب بلفظ المضارع، وزاد ابن أبي عاصم ومن صرف عنه لم يرد أبدًا (ومن شرب) بكسر الراء منه (لم يظمأ) أي يعطش (أبدًا ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني) ولأبي ذر: ويعرفونني بنونين (ثم يحال) بضم التحتية بعدها حاء مهملة مبنيًّا للمجهول (بيني وبينهم).
6584 -
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ، وَهْوَ يَزِيدُ فِيهَا فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّى فَيُقَالُ: «إِنَّكَ لَا تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى» . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سُحْقًا: بُعْدًا. يُقَالُ سَحِيقٌ: بَعِيدٌ. وَأَسْحَقَهُ: أَبْعَدَهُ. [الحديث 6584 - طرفه في: 7051].
(قال أبو حازم): سلمة بالسند السابق (فسمعني النعمان بن أبي عياش) بالتحتية والمعجمة آخره الزرقي
وأنا أحدث بهذا الحديث (فقال: هكذا سمعت من سهل) استفهام حذفت منه الأداة. قال أبو حازم: (فقلت) له: (نعم. فقال) النعمان: (أشهد على أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه وسقط لأبي ذر الخدري (لسمعته) بفتح اللام للتأكيد (وهو يزيد فيها) في هذه المقالة قوله:
(فأقول: إنهم) أي الذين يحال بيني وبينهم (مني) من أمتي (فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) من المعصية الموجبة لبعدهم عنك (فأقول سحقًا سحقًا) بضم السين وسكون الحاء المهملتين وبالقاف والنصب فيهما على المصدر أي بعدًا بعدًا وكررها ثنتين تأكيدًا (لمن غير عدي) أي دينه لأنه لا يقول في العصاة بغير الكفر سحقًا سحقًا بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم كما لا يخفى.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم عنه من رواية علي بن أبي طلحة عنه (سحقًا) أي (بعدًا يقال سحيق) أي (بعيد) هو كلام أبي عبيدة في تفسير قوله تعالى {أو تهوي به الريح في مكان سحيق} [الحج: 31](سحاقه وأسحقه أبعده) وهذا ثابت في رواية الكشميهني وهو من كلام أبي عبيدة أيضًا. قال المؤلّف:
6585 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَبَطِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَرِدُ عَلَىَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّئُونَ عَنِ الْحَوْضِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى» .
(وقال أحمد بن شبيب بن سعيد): بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة وسكون التحتية بعدها موحدة ثانية (الحبطي) بفتح الحاء المهملة والموحدة وكسر الطاء المهملة نسبة إلى الحبطات من تميم مما وصله أبو عوانة عن أبي زرعة الرازي وأبي الحسن الميموني قالا: حدّثنا أحمد بن شبيب قال: (حدّثنا أبي) شبيب (عن يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سعيد بن المسيب) سيد التابعين (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(يرد عليّ) بتشديد الياء (يوم القيامة رهط) من الرجال ما دون العشرة أو إلى الأربعين (من أصحابي فيجلون) بضم التحتية وسكون الجيم وفتح اللام وسكون الواو أي يصرفون كذا لأبي ذر عن المستملي، وفي رواية الكشميهني فيحلؤون بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة فواو أي يطردون (عن الحوض) وحكى السفاقسي عن بعضهم ضبطه بغير همز قال: وهو في الأصل مهموز فكأنه سهله (فأقول يا رب أصحابي) بالتكبير (فيقول) الله تعالى، ولأبي ذر عن الكشميهني فيقال (إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) فتح القافين بينهما هاء ساكنة والراء مفتوحة مصدر في موضع نصب على المصدرية من غير لفظه كقولك: قعدت جلوسًا ورجعت القهقرى وهو الرجوع إلى خلف فكأنك رجعت الرجوع الذي يعرف بهذا الاسم.
6586 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِى فَيُحَلَّؤُونَ عَنْهُ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؟
إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى». وَقَالَ شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِىِّ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُجْلَوْنَ، وَقَالَ عُقَيْلٌ: فَيُحَلَّؤُونَ، وَقَالَ الزُّبَيْدِىُّ: عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر المصري المعروف بابن الطبراني كان أبوه من أهل طبرستان قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن ابن المسيب) سعيد (أنه كان يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) لم يقل عن أبي هريرة كما في الطريق الأولى وحاصله أن ابن وهب وشبيب بن سعيد اتفقا في روايتهما عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب ثم اختلفا فقال: شبيب عن أبي هريرة وقال ابن وهب: عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يضرّ لأن أبا هريرة منهم (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال):
(يرد عليّ) بتشديد الياء (الحوض رجال من أصحابي فيحلؤون) بالحاء المهملة واللام المشددة والهمزة المضمومة بعدها واو يطردون، ولأبي ذر فيجلون بالجيم والواو الساكنتين بينهما لام مفتوحة يصرفون (عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول) الله تعالى (إنك) ولأبي ذر عن الكشميهني إنه (لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). قال ابن الأثير في نهايته القهقرى المشي إلى خلف من غير أن يعيد وجهه إلى جهة مشيه قيل إنه من باب القهر. وقوله: إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى قال: الأزهري معناه الارتداد عما كانوا عليه وقد قهقر وتقهقر والقهقرى مصدر.
(وقال شعيب) وابن أبي حمزة الحمصي مما وصله الذهلي في الزهريات
(عن الزهري) محمد بن مسلم بسنده (كان أبو هريرة) رضي الله عنه (يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (فيجلون) بكسر الجيم وفتح اللام وسكون الواو من جلاء الوطن. وقال في الفتح: وقيل بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها لام ثقيلة وواو ساكنة. قال: وهو تصحيف، والزهري لم يسمع من أبي هريرة بل كان ابن ست أو سبع عند وفاة أبي هريرة. وقال الذهبي: كان الزهري يروي عن أبي هريرة مرسلاً. وقال الحافظ ابن حجر: قوله وقال شعيب عن الزهري يعني بسنده.
(وقال عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي يعني عن الزهري بسنده (فيحلؤون) بفتح الحاء المهملة واللام المشددة والهمز. (وقال الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة وكسر الدال المهملة محمد بن الوليد بن عامر أبو الهذيل الشامي الحمصي فيما وصله الدارقطني في الأفراد من رواية عبد الله بن سالم عنه (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي المدني أي جعفر الباقر (عن عبيد الله) بضم العين (ابن أبي رافع) مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كاتب عليّ بن أبي طالب واسم أبيه أسلم، وفي الفرع كأصله. مضبب على أبي من قوله أبي رافع
وهي ثابتة في غيره من الأصول التي وقفت عليها وكتب الرجال وذكر الجياني أن في رواية القابسي والأصيلي عن المقبري عبد الله بفتح العين وسكون الموحدة وهو خطأ (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم).
قال في الكواكب: الزهري روى في هذا الحديث عن أبي هريرة بواسطتين، وفي السابق بلا واسطة، فالظاهر أن روايته عنه في السابق على سبيل التعليق اهـ. وقد مرّ ما فيه والحاصل من رواية عقيل وشعيب المخالفة في بعض الألفاظ وخالف الجميع الزبيدي في السند. قال في الفتح: فيحمل على أنه كان عند الزهري بسندين فإنه حافظ وصاحب حديث ودلت رواية الزبيدي على أن شبيب بن سعيد حفظ فيه أبا هريرة.
6587 -
حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنِى هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ، إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ، فَقَالَ: هَلُمَّ فَقُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ: هَلُمَّ، قُلْتُ: أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ، قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى، فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَاّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ» .
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إبراهيم بن المنذر الحزامي) بالحاء المهملة والزاي الأسدي أحد الأعلام وثبت لأبي ذر الحزامي قال: (حدّثنا محمد بن فليح) بضم الفاء آخره حاء مهملة قال: (حدّثنا أبي) فليح بن سليمان العدوي مولاهم المدني قال: (حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (هلال) ولأبي ذر هلال بن علي وهو هلال بن أبي ميمونة وهو هلال بن أسامة نسبة لجده (عن عطاء بن يسار) بالتحتية والمهملة المخففة الهلالي أبي محمد المدني مولى ميمونة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(بينا) بغير ميم (أنا قائم) بالقاف أي على الحوض (فإذا) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي والمستملي نائم بالنون إذا بإسقاط الفاء ورواية الكشميهني بالقاف في قائم أوجه ويحتمل أن توجه رواية النون أنه رأى في المنام ما سيقع في الآخرة أي بينا أنا نائم إذا (زمرة) بضم الزاي وسكون الميم أي جماعة (حتى إذا عرفتهم خرج رجل) أي ملك موكل بذلك لم يسم (من بيني وبينهم فقال) لهم: (هلم) أي. تعالوا قال النبي: (فقلت أين) تذهب بهم (قال) الملك اذهب بهم (إلى النار والله) بالخفض بواو القسم قال النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) له: (وما شأنهم)؟ حتى تذهب بهم إلى النار (قال) الملك (أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى) مقصور هو الرجوع إلى خلف، وفي العيني الرجوع على الدبر. وحكى أبو عبيد عن أبي عمرو بن العلاء القهقرى الإحصار كذا رواه ابن دريد في المصنف، وفي رواية غير ابن دريد القهقرى قال أبو علي: وهو الصواب، وقيل إنه من
باب القهر (ثم إذا زمرة) جماعة (حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال) لهم (هلمّ) تعالوا (قلت) له (أين) تذهب بهم (قال إلى النار والله قلت) له (ما شأنهم. قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى) هو رجوع مخصوص كما مر وقيل هو العدو الشديد (فلا أراه) بضم الهمزة فلا أظن أنه (يخلص) بالخاء المعجمة وضم اللام (منهم) بالميم والنون من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا
عنه عن النار ولأبي ذر فيهم بالفاء والتحتة (إلا مثل) بضم اللام (همل النعم) بفتح الهاء والميم ضوال الإبل واحدها هامل أو الإبل بلا راع ولا يقال ذلك في الغنم يعني أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة وهذا يشعر بأنهم صنفان كفار وعصاة.
6588 -
حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى» .
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إبراهيم بن المنذر) الحزامي قال: (حدّثنا أنس بن عياض) الليثي أبو ضمرة المدني (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري (عن خبيب) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة ولأبي ذر زيادة ابن عبد الرَّحمن (عن حفص بن عاصم) أي ابن عمر بن الخطاب (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) أي تقتطع منها أو تنقل إليها فتكون من رياضها (ومنبري) الذي في الدنيا يوضع بعينه يوم القيامة (على حوضي) أو أن المراد أن له عليه الصلاة والسلام في القيامة منبرًا على حوضه يدعو الناس عليه إلى الحوض.
والحديث سبق في آخر الصلاة وآخر الحج وأخرجه مسلم في الحج.
6589 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكَ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ» .
وبه قال: (حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان قال: (أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة بن أبي روّاد (عن شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك) بن عمير الكوفي أنه (قال: سمعت جندبًا) بضم الجيم والدال ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه (قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول):
(أنا فرطكم على الحوض) قال في المطالع: الفرط الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم ما يحتاجون إليه وهو في هذه الأحاديث الثواب والشفاعة والنبي يتقدّم أمته ليشفع لهم.
والحديث سبق قريبًا وأخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم.
6590 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِى الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن خالد) بفتح العين الجزري بالجيم والزاي والراء الحراني سكن مصر قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يزيد) بن أبي حبيب أبي رجاء المصري (عن أبي الخير) مرثد بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة آخره دال مهملة (عن عقبة) بن عامر بن عبس أبي الأسود الجهني (رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا) إلى البقيع (فصلّى على أهل أُحد) الذين استشهدوا في وقعته (صلاته على الميت) أي دعا لهم بدعاء صلاة الميت لا الصلاة على الميت المعهودة (ثم انصرف) فصعد (على المنبر) كالمودع للأحياء والأموات (فقال):
(إني فرط لكم) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فرطكم سابقكم وفيه إشارة إلى قرب وفاته وتقدمه على أصحابه (وأنا شهيد عليكم) أشهد عليكم بأعمالكم تعرض عليّ أعمالكم (وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن) نظرًا حقيقًا كشف لي عنه وقال السفاقسي: النكتة في ذكره عقب التحذير أي في قوله وأنا شهيد عليكم الإشارة إلى تحذيرهم من فعل ما يقتضي إبعادهم عن الحوض (وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض) بالشك من الراوي والمراد ما يفتح على أمته من الملك والكنوز من بعده (وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي) أي ما أخاف على جميعكم الإشراك بل على مجموعهم لأن ذلك قد وقع من بعض (ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها) في الخزائن المذكورة أو في الدنيا كما في مسلم والتنافس الرغبة في الشيء وأصله تتنافسوا فسقطت إحدى التاءين.
والحديث سبق في الجنائز.
6591 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الْحَوْضَ فَقَالَ: «كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَصَنْعَاءَ» .
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا حرمي بن عمارة) بفتح المهملة والراء وكسر الميم وعمارة بضم العين المهملة وتخفيف الميم وبعد الألف راء أبو روح البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن معبد بن خالد) بفتح الميم والموحدة بينهما عين مهملة ساكنة الجدلي بفتح الجيم والدال المهملة الكوفي (أنه سمع حارثة بن وهب) بالحاء المهملة والمثلثة الخزاعي الصحابي نزيل مكة وهو أخو عبيد الله بضم العين ابن عمر بن الخطاب لأمه رضي الله عنهم (يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحوض فقال): قدره (كما بين المدينة) طيبة (وصنعاء) سبق تقييده