الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أعطاه كما دل عليه الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أموالكم ولا تدعوا على أولادكم لا توافقون ساعة" الحديث: وإذا كان عرّضه باللعنة لذلك ووقعت الإجابة وإبعاده من رحمة الله كان ذلك أعظم من قتله لأن القتل تفويت الحياة الفانية قطعًا والإبعاد من رحمة الله أعظم ضررًا بما لا يحصى، وقد يكون أعظم الضررين على سبيل الاحتمال مساويًا أو مقاربًا لأخفهما على سبيل التحقيق ومقادير المصالح والمفاسد وأعدادهما أمر لا سبيل للبشر إلى الاطّلاع على حقائقه اهـ.
وزاد في الأدب من البخاري من طريق علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك، ولمسلم ومن حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله يوم القيامة وهو عليه غضبان ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة (ومن رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله).
8 - باب لَا يَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَهَلْ يَقُولُ أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ
؟
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا يقول) الشخص في كلامه (ما شاء الله وشئت) بفتح التاء في الفرع كأصله وفي غيرهما بضمها على صيغة المتكلم من الماضي وإنما منع من ذلك لأن فيه تشريكًا في مشيئة الله تعالى وهي منفردة بالله سبحانه وتعالى بالحقيقة وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز، وفي حديث النسائي وابن ماجة من رواية يزيد بن الأصم عن ابن عباس رفعه:"إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله وشئت ولكن يقول: ما شاء الله ثم شئت" قال الخطابي: أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى الأدب في تقديم مشيئة الله على مشيئة من سواه واختارها بثم التي هي للنسق والتراخي بخلاف الواو التي هي للاشتراك (وهل يقول) الشخص (أنا بالله ثم بك) نعم يجوز لأن ثم اقتضت سبقية مشيئة الله على مشيئة غيره.
6653 -
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى عَمْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ ثَلَاثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ مَلَكًا فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: تَقَطَّعَتْ بِى الْحِبَالُ فَلَا بَلَاغَ لِى إِلَاّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
(وقال عمرو بن عاصم): بفتح العين وسكون الميم مما وصله في ذكر بني إسرائيل فقال: حدّثنا أحمد بن إسحاق حدّثنا عمرو بن عاصم قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى العوذي قال: (حدّثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) اسمه زيد الأنصاري وثبت ابن أبي طلحة لغير أبي ذر قال: (حدّثنا عبد الرَّحمن بن أبي عمرة) بفتح العين المهملة وسكون الميم واسمه عمرو الأنصاري قاضي أهل المدينة (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول):
(إن ثلاثة في بني إسرائيل) أبرص وأقرع وأعمى لم يسموا (أراد الله) عز وجل (أن يبتليهم) أي يختبرهم (فبعث إليهم ملكًا فأتى الأبرص) الذي ابيض جسده بعد مسح الملك فذهب عنه البرص وأعطي لونًا حسنًا وجلدًا حسنًا وإبلاً أو بقرًا (فقال) له: إني رجل مسكين (تقطعت بي الحبال) بحاء مهملة مكسورة ثم موحدة مخففة جمع حبل أي الأسباب التي يقطعها في طلب الرزق ولأبي ذر عن الكشميهني الجبال بالجيم وهو تصحيف (فلا بلاغ) فلا كفاية (لي إلا بالله) الذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال (ثم بك فذكر الحديث) السابق بتمامه. وقال المهلب: إنما أراد البخاري أن قوله ما شاء الله ثم شئت جائزًا استدلالاً بقوله أنا بالله ثم بك، وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وكان يقول أعوذ بالله وبك ويجيز أعوذ بالله ثم بك.
9 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
{وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ فِى الرُّؤْيَا قَالَ: «لَا تُقْسِمْ» .
هذا (باب قول الله تعالى {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} [الأنعام: 109] أي حلف المنافقون بالله وهو جهد اليمين لأنهم بذلوا فيها مجهودهم وجهد يمينه مستعار من جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها، وذلك إذا بالغ في اليمين وبلغ غاية شدتها ووكادتها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من قال بالله فقد جهد بيمينه، وأصل أقسم جهد اليمين أقسم يجهد اليمين جهدًا فحذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافًا إلى المفعول كقوله:{فضرب الرقاب} [محمد صلى الله عليه وسلم: 4] وحكم هذا المنصوب حكم الحال كأنه قال: جاهدين أيمانهم.
(وقال ابن عباس) مما وصله المؤلّف مطوّلاً في كتاب التعبير بلفظ: إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الليلة في المنام عكة تنظف من السمن والعسل الحديث، وفيه تعبير أبي بكر
لها، وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم فأخبرني يا رسول الله أصبت أم أخطأت؟ فقال: أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا (قال أبو بكر) الصديق رضي الله عنه: (فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت في) تعبير (الرؤيا) أي يشدّد في اليونينية نون لتحدثني (قال) صلى الله عليه وسلم (لا تقسم) وقوله هنا في الرؤيا من كلام البخاري إشارة إلى ما اختصره من الحديث، والغرض منه قوله: لا تقسم إشارة إلى الردّ على من
قال إن من قال: أقسمت انعقد يمينًا وقد أمر صلى الله عليه وسلم بإبرار المقسم، فلو كانت أقسمت يمينًا لأبرّ أبا بكر حين قالها. وقال في الكواكب: إنما يندب إبرار المقسم عند عدم المانع فكان له صلى الله عليه وسلم مانع منه وقيل كان في بيان مفاسد كما يأتي إن شاء الله تعالى في التعبير بمعونة الله تعالى. وقال الشافعية: لو قال أقسمت أو أقسم أو حلفت أو أحلف بالله لأفعلن كذا فهو يمين لأنه عرف الشرع قال تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} [الأنعام: 109] إلا إن نوى خبرًا ماضيًا في صيغة الماضي أو مستقبلاً في المضارع فلا يكون يمينًا لاحتمال ما نواه، وأما قوله لغيره: أقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن كذا فيمين إن أراد يمين نفسه فيسن للمخاطب إبراره فيها بخلاف ما إذا لم يردها ويحمل على الشفاعة في فعله.
6654 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ.
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبعد التحتية الساكنة صاد مهملة ابن عقبة العامري السوائي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن أشعث) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة بعدها مثلثة ابن أبي الشعثاء سليم بن الأسود الكوفي (عن معاوية بن سويد) بضم السين المهملة وفتح الواو (ابن مقرن) بضم الميم وفتح القاف وكسر الراء مشددة بعدها نون الكوفي وسقط ابن مقرن لأبي ذر (عن البراء) بن عازب رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم ح).
قال البخاري: (وحدثني) بالإفراد (محمد بن بشار) الملقب ببندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أشعث عن معاوية بن سويد بن مقرن من البراء رضي الله عنه) أنه (قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بإبرار المقسم) بكسر السين وضم الميم في الفرع اسم فاعل أي بفعل ما أراده الحالف ليصير بذلك بارًّا، وقيل السين مفتوحة أي الأقسام والمصدر قد يأتي للمفعول مثل أدخلته مدخلاً بمعنى الإِدخال.
وهذا طرف من حديث أورده البخاري في اللباس والاستئذان والجنائز والمظالم والطب والنذور والنكاح والأشربة.
6655 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدٌ وَأُبَىٌّ: إِنَّ ابْنِى قَدِ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ يَقْرَأُ السَّلَامَ وَيَقُولُ:«إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَىْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَتَحْتَسِبْ» فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إِلَيْهِ فَأَقْعَدَهُ فِى حَجْرِهِ وَنَفْسُ الصَّبِىِّ تَقَعْقَعُ فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هَذَا رَحْمَةٌ يَضَعُهَا اللَّهُ فِى قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» .
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (أخبرنا) ولأبي ذر أخبرني بالإفراد (عاصم الأحول) بن سليمان أبو عبد الرَّحمن البصري الحافظ قال: (سمعت أبا عثمان) عبد الرَّحمن النهدي (يحدث عن أسامة) بن زيد رضي الله عنهما (أن ابنة) اسمها زينب، ولأبي ذر عن الكشميهني أن بنتا (لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد) وسقط لأبي ذر: ابن زيد وكان الأصل أن يقول وأنا معه لكنه من باب التجريد (وسعد) بسكون العين ابن عبادة الخزرجي (وأبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية ابن كعب الأنصاري، وفي نسخة الحافظ أبي ذر وأبي بفتح الهمزة وكسر الموحدة مضافًا إلى ياء المتكلم أو أبي بضم الهمزة وفتح الموحدة على الشك والصواب الثاني من غير شك (إن ابني) هو علي بن أبي العاص بن الربيع أو عبد الله بن عثمان بن عفان من رقية بنته صلى الله عليه وسلم أو هو محسن ابن فاطمة الزهراء أو هي أمامة بنت زينب لأبي العاص بن الربيع ومبحث ذلك سبق في الجنائز (قد احتضر) بضم الفوقية أي حضره الموت وسقط لفظ قد لأبي ذر (فاشهدنا) بهمزة وصل وفتح الهاء (فأرسل) صلى الله عليه وسلم (يقرأ) بفتح الياء عليها (السلام ويقول):
(إن لله ما أخذ) أي الذي أراد أن يأخذه (وما أعطى وكل شيء عنده مسمى) أي مؤجل مقدر (فلتصبر وتحتسب) أي تنوي بصبرها طلب الثواب من ربها ليحتسب لها ذلك من عملها الصالح