الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الساعة فمتى ظرف متعلق به وبنصبه على الحال من الضمير المستكن في متى إذ هو على هذا التقدير خبر عن الساعة فهو ظرف مستقر، ولما كان سؤال الرجل يحتمل أن يكون على وجه التعنت وأن يكون على وجه الخوف فامتحنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث (قال) له:
(ويلك ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها) زاد مسلم من طريق معمر عن الزهري عن أنس من كبير عمل أحمد عليه نفسي (إلا أني أحب الله ورسوله قال) صلى الله عليه وسلم: (إنك مع من أحببت) لما امتحنه وظهر من جوابه إيمانه ألحقه بمن ذكر، وليس المراد بالمعية التساوي فإنه يقتضي التسوية في الدرجة بين الفاضل والمفضول وذلك لا يجوز، بل المراد كونهم في الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وإن بَعُدَ المكان لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضًا وإذا أرادوا الرؤية والتلاقي قدروا على ذلك. قال أنس (فقلنا) ولأبي ذر عن الكشميهني فقالوا (ونحن كذلك) نكون مع من أحببنا (قال) صلى الله عليه وسلم (نعم ففرحنا) بذلك (يومئذ فرحًا شديدًا) وحق لهم ذلك (فمرّ غلام للمغيرة) بن شعبة الثقفي واسم الغلام محمد كما في مسلم وقيل سعيد كما عند الباوردي في الصحابة، وعند ابن سعد الدوسي، وفي مسلم أنه غلام من أزد شنوءة. قال في الفتح: فيحتمل التعدد أو اسم الغلام سعد ويدعى محمدًا، وبالعكس، ودوس من أزد شنوءة فيحتمل أن يكون حالف الأنصار قال أنس:(وكان) الغلام (من أقراني) مثلي في السن (فقال) صلى الله عليه وسلم: (إن أخر هذا) الغلام بأن يمت في صغره (فلن يدركه الهرم) بنصب يدركه بلن، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فلم يدره بالجزم بلم وأسند الإدراك للهرم إشارة إلى أن الأجل كالقاصد للشخص (حتى تقوم الساعة) أي ساعدة الحاضرين عنده صلى الله عليه وسلم قال الداودي: لأنهم كانوا أعرابًا فلو قال لهم: لا أدري لارتابوا فكلمهم بالمعاريض، وفي مسلم عن عائشة: كان الأعرابي إذا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة فينظر إلى أحدث إنسان منهم سنًّا فيقول: إن يعش هذا حتى يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم، وهذه الرواية كما قال القاضي عياض رواية واضحة يفسر بها كل ما ورد من الألفاظ المشكلة في غيرها، أو المراد المبالغة في تقريبها لا التحديد بأنها تقوم عند بلوغ المذكور الهرم، وفي رواية البارودي المذكورة بدل قوله حتى تقوم الساعة لا يبقى منكم عين تطرف وبهذا كما في الفتح يتضح المراد.
(واختصره) أي هذا الحديث (شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة قال: (سمعت أنسًا عن النبي صلى الله عليه وسلم) وصله مسلم من رواية محمد بن جعفر عن شعبة ولم يسق لفظه، بل أحال على رواية سالم بن أبي الجعد عن أنس، وساقها أحمد في مسنده عن محمد بن جعفر بلفظ: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: متى الساعة: قال: (ما أعددت لها)؟ قال: حب الله ورسوله. قال: (أنت
مع من أحببت) ولم يقل ما زاده همام. فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: (نعم) ففرحنا يومئذ فرحًا شديدًا فمرّ غلام الخ .. بل اختصره كما قال المؤلّف.
ومطابقة الأحاديث للترجمة ظاهرة وفيها ما اختلف الرواة في لفظه هل هو ويل أو ويح؟ وفيها ما جزم فيه بأحدهما ومجموعها يدل على أن كلاًّ منهما مرجعه ذلك أي أنه يعرف إن كان المراد الذم أو غيره من السياق لأن في بعضها الجزم بويل وليس حمله على العذاب بظاهر، والحاصل أن الأصل في كل منهما ما ذكر وقد يستعمل أحدهما موضع الآخر.
96 - باب عَلَامَةِ حُبِّ اللَّهِ عز وجل
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]
(باب) بيان (علامة حب الله) ولأبي ذر الحب في الله عز وجل لقوله) تعالى ({إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله})[آل عمران: 31] محبة العبد لله إيثاره طاعته على غير ذلك ومحبة الله للعبد أن يرضى عنه ويحمده على فعله، وعن الحسن فيما أخرجه ابن أبي حاتم قال: كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل، فأنزل هذه الآية فمن ادّعى محبته تعالى وخالف سنّة رسوله فهو كذّاب وكتاب الله يكذبه، وقيل محبة الله معرفته ودوام
خشيته ودوام اشتغال القلب به وتذكره ودوام الإنس به، وقيل هي اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله إلا ما خص به، وقال في الكواكب: يحتمل أن يراد بالترجمة محبة الله للعبد فهو المحب أو محبته لله فهو المحبوب أو المحبة بين العباد في ذات الله بحيث لا يشوبها شيء من الرياء، والآية مساعدة للأولين إذ اتباع الرسول علامة للأولى لأنها مسببة للاتباع وللثانية لأنها سببية له.
6168 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . [الحديث 6168 - طرفه في: 6169].
وبه قال: (حدّثنا بشر بن خالد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العسكري الفرضي قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) غندر (عن شعبة) بن الحجاج (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه أو هو عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال):
(المرء مع من أحب) في الجنة بحسن نيته من غير زيادة عمل لأن محبته لهم كطاعتهم والمحبة من أفعال القلوب فأثيب على معتقده لأن النية الأصل والعمل تابع لها وليس من لازم المعية الاستواء في الدرجات.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب.
6169 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه -: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَقُولُ فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . تَابَعَهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق أنه (قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) الرجل هو أبو ذر رواه أحمد من حديثه أو أبو موسى كما قال في المقدمة (فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قومًا ولم يلحق بهم)؟ في العمل والفضل (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(المرء) رجل أو امرأة (مع من أحب) في الجنة مع رفع الحجب حتى تحصل الرؤية والمشاهدة وكل في درجته. (تابعه) أي تابع جرير بن عبد الحميد (جرير بن حازم) البصري فيما وصله أبو نعيم في كتاب المحبين (و) تابعه أيضًا (سليمان بن قرم) بفتح القاف وسكون الراء فيما وصله مسلم (و) كذا تابعه (أبو عوانة) الوضاح فيما وصله أبو عوانة يعقوب في صحيحه فيما رواه الثلاثة (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق (عن عبد الله) ولم ينسبه كل من أبي نعيم في كتاب المحبين ولا من بعده (عن النبي صلى الله عليه وسلم).
6170 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» .
تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ.
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان ولأبي ذر: حدّثنا الأعمش (عن أبي وائل عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه كذا صرح به أبو نعيم بأن عبد الله هو أبو موسى. قال في فتح الباري: وهذا يؤيد قول بندار أن عبد الله حيث لم ينسبه، فالمراد به في هذا الحديث أبو موسى وأن من نسبه ظن أنه ابن مسعود لكثرة مجيء ذلك على هذه الصورة في رواية أبي وائل، ولكنه هنا خرج عن القاعدة وتبين برواية من صرح بأنه أبو موسى الأشعري أن المراد بعبد الله عبد الله بن قيس وهو أبو موسى الأشعري ولم أر من صرح في روايته عن الأعمش بأنه عبد الله بن مسعود إلا ما وقع في رواية جرير بن عبد الحميد هذه يعني السابقة في هذا الباب عند البخاري عن قتيبة عنه.
(قال) أي أبو موسى (قيل للنبي صلى الله عليه وسلم) يا رسول الله (الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم) بالألف بعد الميم المشددة وهي أبلغ من لم فإن النفي بلما أبلغ لأنه يستمر إلى الحال كقوله:
فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل
…
وإلاّ فأدركني ولما أمزق
فيؤخذ منه هنا أن الحكم ثابت ولو بعد اللحاق. وقال في الكواكب: وفي كلمة لما إشعار بأنه يتوقع اللحوق يعني هو قاصد لذلك ساع في تحصيل تلك المرتبة له، وعند مسلم ولما يلحق بعملهم، وفي حديث صفوان بن عسال عند أبي نعيم ولم يعمل بمثل عملهم (قال) صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) إذ لكل امرئ ما نوى. قال في الفتح: جمع أبو نعيم الحافظ طرق هذا الحديث في كتاب المحبين مع المحبوبين وبلغ عدد الصحابة فيه نحو العشرين، وفي رواية أكثرهم بهذا اللفظ يعني المرء مع من أحب