الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لو أن عند مائتي درهام
…
لجاز في إنفاقها خاتامي
واختلف في القدر الذي يقطع به السارق على مذاهب، فقيل في كل قليل وكثير تافه وغير تافه ونقل عن ابن بنت الشافعي، وقيل في كل قليل وكثير إلا في التافه فلا وقيل لا يجب إلا في أربعين درهمًا أو أربعة دنانير، وقيل في درهمين وقيل فيما زاد على درهمين ولم يبلغ الثلاثة، وقيل في ثلاثة دراهم ويقوّم ما عداها بها وهو رواية عن أحمد، وحكاه الخطابي عن مالك، وقيل مثله إلا أنه إن كان المسروق ذهبًا فنصابه ربع دينار وإن كان غيرهما فإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع به إلا لم يقطع ولو كان نصف دينار وهو قول مالك المعروف عند أصحابه وهو رواية عن أحمد، وقيل مثله إلا إن كان المسروق غيرهما قطع به إذا بلغت قيمة أحدهما وهو المشهور عن أحمد. وقيل مثله لكن لا يكتفى بأحدهما إذا كانا غالبين فلو كان أحدهما غالبًا فالمعوّل عليه وهو قول بعض المالكية، وقيل ربع دينار أو ما بلغ قيمته من فضة أو عرض وهو مذهب الشافعية، وقيل أربعة دراهم نقله القاضي عياض عن بعض الصحابة، وقيل ثلث دينار، وقيل خمسة دراهم وقيل عشرة دراهم أو ما بلغ قيمتها من ذهب أو عرض وهو قول الحنفية، وقيل دينار أو ما بلغ
قيمته من فضة أو عرض، وقيل ربع دينار فصاعدًا من الذهب ويقطع في القليل والكثير من الفضة والعروض، واحتج له بأن التحديد في الذهب ثبت صريحًا في حديث عائشة ولم يثبت التحديد صريحًا في غيره فبقي عموم الآية على حاله فيقطع فيما قلّ أو كثر إلا في التافه وهو موافق للشافعي إلا في قياس أحد النقدين على الآخر، وأيّده الشافعي بأن الصرف يومئذٍ كان موافقًا لذلك، واستدلّ بأن الدّية على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم (تابعه محمد بن إسحاق. وقال الليث: حدثني نافع قيمته) سبق هذا عقب حديث إسماعيل عن مالك عن نافع وأنه ثابت عقبه لأبي ذر وهو ساقط له هنا ثابت لغيره.
6799 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» .
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (قال: سمعت أبا صالح) ذكوان الزيات (قال: سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لعن الله السارق) فيه جواز لعن غير المعين من العصاة لأنه لعن الجنس مطلقًا أو المراد منه الإهانة والخذلان كأنه لما استعمل أعز شيء عنده في أحقر شيء خذله الله حتى قطع (يسرق البيضة) من الحديد التي تبلغ قيمتها ربع دينار فصاعدًا (فتقطع يده وشرق الحبل) الذي تبلغ قيمته ربع دينار فصاعدًا (فتقطع يده) ففيه إشارة إلى ترجيح تأويل الأعمش السابق في باب لعن السارق إذا لم يسم.
14 - باب تَوْبَةِ السَّارِقِ
(باب توبة السارق) إذا تاب.
6800 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ امْرَأَةٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتْ تَأْتِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَابَتْ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي (قال: حدثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد امرأة) أي أمر بقطع يدها واسمها فاطمة المخزومية كما مر (قالت عائشة) رضي الله عنها بالسند المذكور: (وكانت) رضي الله عنها (تأتي بعد ذلك) إليّ
(فأرفع حاجتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتابت) من السرقة (وحسنت توبتها) ووصف التوبة بالحسن يقتضي رفع الفسوق عنه وقبول شهادته.
والحديث سبق في الشهادات مطوّلاً.
6801 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضى الله عنه - قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى رَهْطٍ فَقَالَ: «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِى فِى مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِى الدُّنْيَا، فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا تَابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَكُلُّ مَحْدُودٍ كَذَلِكَ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد الجعفي) المسندي قال: (حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني قاضيها قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن أبي إدريس) عائذ الله بن عبد الله (عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه) أنه (قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط) قال أبو عبيد: ما دون العشرة وقيل إلى ثلاثة (فقال) صلى الله عليه وسلم:
(أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا) حذف المفعول ليعم (ولا تقتلوا أولادكم)
يريد وأد البنات ولأبي ذر ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم (ولا تأتوا ببهتان) بكذب يبهت سامعه أي يدهشه لفظاعته كالرمي بالزنا (تفترونه بين أيديكم وأرجلكم) أي من قبل أنفسكم فكنى باليد والرجل عن الذات لأن معظم الأفعال بهما (ولا تعصوني) ولأبي ذر ولا تعصوا (في معروف) وهو ما عرف من الشارع حسنه نهيًا وأمرًا (فمن وفى) بالتخفيف ويشدد أي ثبت على العهد (منكم فأجره على الله) فضلاً ووعدًا بالجنة (ومن أصاب) منكم أيها المؤمنون (من ذلك شيئًا) غير الشرك (فأخذ به) أي فعوقب به (في الدنيا) بأن أقيم عليه الحد (فهو) أي العقاب (كفارة له) فلا يعاقب عليه في الآخرة (وطهور) يطهره الله به من دنس المعصية وإذا وصف بالتطهير مع التوبة عاد إلى ما كان عليه قبل فتقبل شهادته (ومن ستره الله فذلك) مفوّض (إلى الله إن شاء عذبه) بعدله (وإن شاء غفر له) بفضله.
(قال أبو عبد الله) البخاري -رحمه الله تعالى-: (إذا تاب السارق بعدما قطع) ولأبي ذر عن الكشميهني وقطعت (يده قبلت شهادته وكل محدود كذلك إذا تاب قبلت شهادته): ولأبي ذر عن الكشميهني: وكذلك كل الحدود إذا تاب أصحابها قبلت شهادتهم، وقول البخاري هذا ثابت في رواية الكشميهني ساقط في رواية غيره، والله الموفق والمعين.