الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فكل ميسر) بفتح السين المشدّدة زاد في رواية شعبة عن الأعمش السابقة في سورة الليل لما خلق له (ثم قرأ) صلى الله عليه وسلم ({فأما من أعطى واتقى} [الليل: 5] الآية).
قال الخطابي رحمه الله: إن قول الصحابي هذا مطالبة بأمر يوجب تعطيل العبودية فلم يرخص له صلى الله عليه وسلم لأن إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن سابق الكتاب إخبار عن غيب علم الله تعالى فيهم وهو حجة، عليهم، فرام أن يتخذه حجة لنفسه في ترك العمل فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن هاهنا أمرين محكمين لا يعطل أحدهما بالآخر: باطن وهو الحكمة الموجبة في حكم الربوبية، وظاهر وهو السمة اللازمة في حق العبودية وهي أمارة ومخيلة غير مفيدة حقيقة العلم، ويشبه أن يكون والله أعلم إنما عوملوا بهذه المعاملة وتعبدوا بهذا التعبد ليتعلق خوفهم رجاؤهم بالباطن وذلك من صفة الإيمان وبين صلى الله عليه وسلم أن كلاًّ ميسر لما خلق له وأن عمله في العاجل دليل مصيره في الآجل، وهذه الأمور في حكم الظاهر ومن وراءه ذلك حكم الله تعالى وهو الحكيم الخبير لا يسأل عما يفعل واطلب نظيره من الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب، ومن الأجل المضروب مع المعالجة بالطب المأمور بها.
والحديث سبق في باب موعظة المحدث عند القبر من الجنائز ولما كان ظاهر هذا الحديث يقتضي اعتبار العمل الظاهر أردفه بما يدل على أن الاعتبار بالخاتمة فقال:
5 - باب الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (العمل بالخواتيم) جمع خاتمة.
6606 -
حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلَامَ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ» . فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، وَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَأَثْبَتَتْهُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الَّذِى تَحَدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَدْ قَاتَلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ، فَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ» فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَرْتَابُ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، قَدِ انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَاّ مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ» .
وبه قال: (حدّثنا حبان بن موسى) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه (قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر) أي فتح معظمها لأنه لم يحضر وقعتها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل) عن رجل منافق (ممن معه يدعي الإسلام) اسمه قزمان بضم القاف وسكون الزاي الظفري بفتح المعجمة والفاء.
(هذا من أهل النار) لنفاقه أو لأنه سيرتد ويقتل نفسه مستحلاًّ لذلك (فلما حضر القتال) لم يضبط اللام في اليونينية نعم ضبطها في المغازي بالرفع مصححًا عليها وهو على الفاعلية ويجوز النصب على المفعولية أي فلما حضر الرجل القتال (قاتل الرجل من أشد القتال) ولفظ من ساقط في المغازي (وكثرت) بالواو وضم المثلثة ولأبي ذر عن المستملي فكثرت (به الجراح) بكسر الجيم (فأثبتته) فأثخنته وجعلته ساكنًا غير متحرّك (فجاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت الذي) ولأبي ذر أرأيت الرجل الذي (تحدّثت) بفتح الفوقية والدال بعدها مثلثة ساكنة ففوقية ولأبي ذر عن الكشميهني تحدث بضم الفوقية وكسر الدال وإسقاط الفوقية بعد المثلثة (إنه من أهل النار قاتل في سبيل الله) عز وجل (من أشد القتال فكثرت به الجراح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم (إنه من أهل النار فكاد) أي قارب (بعض المسلمين يرتاب) يشك فيما قاله صلى الله عليه وسلم (فبينما) بالميم (هو على ذلك إذ وجد الرجل) قزمان المذكور (ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهمًا) نشابة (فانتحر) نحر (بها) نفسه (فاشتد) أسرع (رجال من المسلمين) المشي (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله صدّق الله حديثك قد انتحر فلان) الذي قلت إنه من أهل النار (فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فأذن) بتشديد المعجمة المكسورة أي أعلم الناس أنه (لا يدخل الجنة، إلا مؤمن وإن الله ليؤيد) بلام التأكيد
(هذا الدين بالرجل الفاجر) ال للجنس فيعم كل فاجر أو المراد الرجل الذي قتل نفسه وهو قزمان.
والحديث سبق في الجهاد.
6607 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا» فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَهْوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْرِعًا فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ» ؟ قَالَ: قُلْتَ لِفُلَانٍ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ» وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ» .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم أبو محمد الجمحي مولاهم قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة والسين