المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أقوال ليست عابرة !! * «أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَوْ تَغَارُونَ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ - الاختلاط بين الرجال والنساء - جـ ١

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌أقوالليست عابرة

- ‌قرار المرأةفي بيتها هو الأصل

- ‌معنى الخضوع بالقول:

- ‌بعضأحكام النَظَرُ

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ الْعَجُوزِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الصَّغِيرَةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ:

- ‌نَظَرُ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَال إِلَى الْمَرأَةِ:

- ‌نَظَرُ الصَّغِيرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ:

- ‌نَظَرُ الْمُرَاهِقِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الرَّجُل:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُل الأَجْنَبِيِّ:

- ‌الرد على من قال بجواز نظر المرأة إلى الرجل بدون شهوة:

- ‌1 - الجواب عن حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها

- ‌2 - الجواب عن حديث نظر عائشة رضي الله عنها إلى الحبشة:

- ‌3 - الجواب عن ِالْحَدِيثِ الذي رواه البخاري ومسلم فِي مُضِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إلَى النِّسَاءِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ فَذَكَّرَهُنَّ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ:

- ‌نظر النساء إلى الرجال على شاشات التلفاز والحاسوب

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى مَحَارِمِهَا مِنَ الرِّجَال:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الْكَافِرَةِ إِلَى الْمُسْلِمَةِ:

- ‌نَظَرُ الْفَاجِرَةِ إِلَى الْعَفِيفَةِ:

- ‌النَّظَرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:

- ‌التَّرْخِيصُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَالَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ:

- ‌الأَوَّل: إِذَا وَقَعَ عَلَى سَبِيل الْفَجْأَةِ

- ‌الثَّانِي: إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ

- ‌مراعاةالمنع منالاختلاط في التشريع

- ‌الفرقبين الخلوة والاختلاط

- ‌تعريف الخلوة المحرمة

- ‌الدليل على تحريم الخلوة:

- ‌تعريف الاختلاط:

- ‌يمكن تقسيم الاختلاط إلى قسمين:

- ‌القسم الأول: اختلاط محرم:

- ‌مما يُعْرَفُ به الاختلاط المحرم:

- ‌من صور الاختلاط المحرم:

- ‌تفصيلٌ لما تم إجماله من صور الاختلاط المحرم

- ‌القسم الثاني: اختلاط جائز:

- ‌من الصوَر التي لا حَرجَ فيها:

- ‌هل يقاس اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر

- ‌هل فرَّقَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين الاختلاط العارض واختلاط المكث

- ‌ما ضابط التفريق بين اليسير والكثير

- ‌الضرورة إذا اقتضت اختلاطًا

- ‌افتعال الضرورة

- ‌الأدلةعلى تحريم اختلاطالمرأة بالرجال الأجانب

- ‌بعض الأدلة على تحريم اختلاط المرأة بالرجال الأجانب:

- ‌الدليل الأول: قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}

- ‌الدليل الثاني:الأمر بغض البصر دليل على المنع من الاختلاط:

- ‌أقوال أهل العلم والدعاة في الاختلاط بين الجنسين

- ‌الإجماع:

- ‌أولًا: من علماء الحنفية:

- ‌ثانيًا: من علماء المالكية:

- ‌ثالثًا: من علماء الشافعية:

- ‌رابعًا: من علماء الحنابلة:

- ‌أقوال بعض العلماء المعاصرين:

- ‌قول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ مفتي السعودية سابقًا

- ‌قول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم:

- ‌أسباب انتشار التبرج والاختلاط في المجتمعات المسلمة

- ‌من ثمار الاختلاط المرة

- ‌مفاسد الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل وغيره:

- ‌جزء من دراسة قام بها بعض الباحثين الاجتماعيين المسلمين عن الاختلاط

- ‌من المواقف المحرجة التي ذكرها المشاركون في التحقيق

- ‌ضحايا الاختلاط…قصص واقعية

- ‌الأمل المفقود؟ امرأة تجاوزت الأربعين تحكي حكايتها:

- ‌الذكاء فتنة أيضًا:

- ‌قبل أن يقع الفأس في الرأس:

- ‌كانت تجلس معه ومع زوجته فاختار أن يتزوجها ويطلق زوجته:

- ‌ماذا لو علم زوجها

- ‌أثناء الجماع تتخيل زميلها في العمل مكان زوجها:

- ‌تحكي بالتفصيل لزملائها الرجال!!! ما يحدث بينها وبين زوجها أثناء الجماع

- ‌تنصح زميلها في العمل ـ المقبل على الزواج ـ بما ينبغي أن يفعله مع عروسه عند الدخول بها

- ‌من الاختلاط ما قتل:

- ‌اعتراف لابد منه:

- ‌الاختلاط في العمل

- ‌2.5مليون توقيع:

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط في العمل

- ‌حكم عمل المرأة في مكان مختلط:

- ‌ ما حكم المرأة التي تعمل وهي متزوجة

- ‌عمل المرأة سكرتيرة في مكتب للرجال:

- ‌هل يجوز للأب إجبار ابنته على العمل في مكان مختلط

- ‌عمل المرأة مع الرجال بغرض دعوة النساء:

- ‌جلوس المرأة مع المدرسين في المدرسة:

- ‌عمل الرجل في مكان مختلط:

- ‌ضوابط عمل الرجل في مكان مختلط:

- ‌معنى الضرورة:

- ‌الاختلاط في التعليم

- ‌نتائج الدراسات الغربية:

- ‌الغرب يبدأ في منع الاختلاط:

- ‌نتائج الدراسات الإسلامية:

- ‌وأخيرًا…هل سيحذون حذوهم

- ‌عدم الاختلاط ليس سببًا لتخلف المرأة:

- ‌ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب:

- ‌واقع الاختلاط في التعليم

- ‌الاختلاط في التعليم الابتدائي:

- ‌مدرس التربية الرياضية:

- ‌جيل التليفزيون:

- ‌دورات المياه المختلطة والحياء المراق

- ‌مُدَرّسة في مدرسة إعدادية للبنين

- ‌ومُدرّسة في مَدْرَسة ثانوية للبنين:

- ‌المُدرّسة الطِعِمَة

- ‌ومُدرّسة للتاريخ الطبيعي (علم الأحياء) في مدرسة للبنين:

- ‌الطبيب المهذب

- ‌الضرورات تبيح المحظورات، ولكن

- ‌هل هناك حل لمشكلة الاختلاط في التعليم

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط في التعليم

- ‌هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم

- ‌تعليم الرجال للنساء بلا حجاب:

- ‌عمل الرجل في التدريس للبنات:

- ‌ضوابط التدريس في الجامعات المختلطة:

- ‌الدراسة والتدريس في المدارس المختلطة:

- ‌يدْرس في جامعة مختلطة فكيف يتعامل مع المدرسات والطالبات

- ‌دراسة الأخوات المنتقبات في الجامعات المختلطة:

- ‌تدرِّسه مُدرِّسة فماذا يفعل

- ‌ضوابط التعامل بين الجنسين في الجامعات المختلطة:

- ‌حكم الاختلاط في كافتيريا الجامعة:

- ‌أهمية تحصيل العلم الجامعي ومحاذير الاختلاط:

- ‌حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة:

- ‌هذه العلاقة أخوة في الله أم علاقة غير شرعية

- ‌حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب:

- ‌طاعة الوالدين واجبة في غير معصية لله:

- ‌الاختلاط أثناء الدراسة لا يجوز إذا لم توجد ضرورة قاهرة:

- ‌حضور حفلات التخرُّج:

- ‌الاختلاط في الندوات:

- ‌قيام الرجل بتحفيظ القرآن لنساء من وراء حجاب:

- ‌حكم استماع القرآن من النساء:

- ‌الاختلاط في المدارس الابتدائية:

- ‌الاختلاط في العمل السياسي

- ‌أقوال أهل العلم:

- ‌ما يترتب على دخول المرأة المعترك السياسي:

- ‌واقع الكفار

- ‌الاختلاط بين الخاطب والمخطوبة

- ‌نَظَرُ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ:

- ‌نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا:

- ‌مَا يُنْظَرُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ:

- ‌تَكْرِيرُ النَّظَرِ:

- ‌مَسُّ مَا يَنْظُرُ:

- ‌الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:

- ‌خطر التهاون في الخلوة وضرره:

- ‌فتاوى متعلقة بخلوة الخاطب بالمخطوبة

- ‌لا يجوز الجلوس مع المخطوبة إلا بوجود محرم:

- ‌لا يجوز للمخطوبة أن تكشف شيئًا من جسدها لخطيبها إذا كان لغير حاجة الخطبة:

- ‌صداقة بين الخطيب والخطيبة

- ‌اللقاء والتخاطب مع الفتاة بدعوى الزواج في المستقبل لايجوز:

- ‌الاختلاط للتداوي

- ‌الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج

- ‌هل هناك حل للاختلاطِ في المستشفيات

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط للتداوي

- ‌قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن ضوابط كشف العورة أثناء علاج المريض

- ‌خلوة الطبيب بالمريضة:

- ‌خلوة الطبيب بالممرضة في غرفة الكشف:

- ‌طبيبة تعالج الرجال:

- ‌دراسة الطب والعمل في المستشفيات مع وجود الاختلاط

- ‌الاختلاط في المستشفيات:

- ‌ضوابط تعامل الطبيب مع النساء:

- ‌حكم حقن الممرضة الإبر للرجال:

- ‌شروط علاج المرأة عند الطبيب:

- ‌حكم العلاج عند طبيب في حال وجود طبيبة بأجرة غالية:

- ‌حدُّ الضرورة المبيحة لعلاج المرأة عند طبيب:

- ‌الاختلاط في المواصلات

- ‌حكم الاختلاط في المواصلات:

- ‌الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارًا:

- ‌حكم الخلوة بالأجنبية في المصعد:

- ‌حكم استخدام المرأة المصعد المختلط:

- ‌شروط جواز ركوب المرأة المصعد:

- ‌الاختلاط في الأسواق

- ‌خروج المرأة إلى السوق:

- ‌الدخول في الأسواق التي فيها منكرات:

- ‌الاختلاط للإنقاذ

- ‌ ما حكم مس جسد المرأة أثناء نقلها في الحوادث

- ‌ ما حد حرمة المساكن عند طلب الغوث كحالات الحرائق والفيضانات والهزات الأرضية

- ‌الاختلاط في النزهة والرياضة

- ‌رحلات مختلطة:

- ‌سياحة ولكن:

- ‌حكم زيارة حدائق الحيوانات:

- ‌ممارسة الرياضة مع الاختلاط حرام:

- ‌الاختلاط الأسري

- ‌اختلاط الرجال والنساء في البيت:

- ‌هذا الأمر لا يبرر الاختلاط:

- ‌الاختلاط بالخادمة:

- ‌طاعة الوالدين في حضور فرح الأخت الذي فيه اختلاط وأغاني

- ‌تعويد الأولاد من الصغر على الستر وعدم الاختلاط:

- ‌ضوابط المحادثة بين الجنسين

- ‌ ما حكم مكالمة النساء

- ‌إلقاء الرجل السلام على المرأة:

- ‌كشف شبهات من اختلط عليه الاختلاط

- ‌دعاة الاختلاط من يقلدون

- ‌1 - رفاعة الطهطاوي:

- ‌2 - الصليبي الحقود مرقص فهمي:

- ‌3 - قاسم أمين: فتنة الأجيال وداعية السفور في عهد الاحتلال:

- ‌4 - هدى شعراوي:

- ‌رد مجمل على دعاة الاختلاط

- ‌علة خطأ المبيحين للاختلاط

- ‌نصوص المبيحين:

- ‌تنبيهات:

الفصل: ‌ ‌أقوال ليست عابرة !! * «أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَوْ تَغَارُونَ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ

‌أقوال

ليست عابرة

!!

* «أَلَا تَسْتَحْيُونَ أَوْ تَغَارُونَ؟ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ يَخْرُجْنَ فِي الْأَسْوَاقِ يُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ» .

علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1).

* «وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء

؛ لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة؛ فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب» (2).

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

* «لَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ: أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ. وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامّ: كَثْرَةُ الزِّنَا ، بِسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ، وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ ، وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ ـ قَبْلَ الدِّينِ ـ لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعًا لِذَلِكَ» (3).

الإمام ابن القيم رحمه الله

(1) المسند برقم: (1118)، وهو من زيادات عبد الله بن الإمام أحمد، وقال الشيخ أحمد بن محمد شاكر:«إسناداه صحيحان» ، وضعّفه الشيخ شعيب الأرنؤوط، والعلوج: جمع علج، وهو الرجل الكافر من العجم.

(2)

باختصار من (الاستقامة 1/ 360).

(3)

الطرق الحكمية في السياسة الشرعية (280 ـ 281).

ص: 17

إنَّ الرجالَ الناظرينَ إلى النِّسَا

مِثْلُ السباعِ تطوفُ باللحمان

إنْ لم تَصُنْ تلكَ اللحومَ أسُودُها

أُكِلَتْ بِلا عِوَضٍ ولا أثمانِ (1)

الإمام أبو محمد الأندلسي القحطاني (2)

* «

وتحريم الدين لاختلاط الجنسين على النحو الذي يقع في الجامعة معروف لدى عامة المسلمين، كما عرفه الخاصة من علمائهم، وأدلة المنع واردة في الكتاب والسنّة وسيرة السلف الذين عرفوا لُبَابَ الدين، وكانوا على بصيرة من حكمته السامية

والأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اختلاط المرأة بغير محرم لها تدل بكثرتها على أن مقتَ الشريعة الغرَّاء لهذا الاختلاط شديد» (3).

الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله.

* «وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية) فصلًا بَيَّنَ فيه أنه يجب على ولىِّ الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال، وذكر فيه أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، ومن أعظم أسباب نزول العقوبة العامة، كما أنه من أسباب فساد الأمور العامة والخاصة وسبب لكثرة الفواحش والزنا» (4).

الشيخ عبد المجيد سليم، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله

(1) نونية القحطاني، واللُحمان ـ بضم اللام ـ: جمع لحم.

(2)

أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني السلفي المالكي. كان فقيها حافظًا.

(3)

مجلة الهداية الإسلامية، (الجزء السادس من المجلد الثالث عشر)، وانظر كتاب محاضرات إسلامية لفضيلة الشيخ محمد الخضر حسين، جمعها وحققها علي الرضا التونسي (ص190 - 200).

(4)

فتاوى الأزهر، نسخة إلكترونية على موقع وزارة الأوقاف المصرية www.islamic-council.com، تاريخ الفتوى: رمضان 1362 هجرية.

ص: 18

* «وفي قوله تعالى: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} إشارة إلى أن المرأة إذا اضْطُرَّتْ للخروج للعمل، وتوفرَتْ لها هذه الضرورة عليها أنْ تأخذَ الضرورة بقدرها، فلا تختلط بالرجال، وأنْ تعزل نفسها عن مزاحمتهم والاحتكاك بهم، وليس معنى أن الضرورة أخرجتْ المرأة لتقوم بعمل الرجال أنها أصبحتْ مثلهم، فتبيح لنفسها الاختلاط بهم» (1).

الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله

* «وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة التى تسمى بآية الحجاب (2)، جملة من الأحكام والآداب منها

حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء أكان ذلك فى الطعام أم فى غيره

كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أنه لا يجوز للرجل الأجنبى أن يصافح امرأة أجنبية عنه، ولا يجوز له أن يمس شيءٌ مِن بدنه شيئًا مِن بدنها» (3).

الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله

* «الأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة، قاضية بتحريم الاختلاط لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج، وعدم إبداء الزينة

(1) في تفسير قول الله عز وجل: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا} (القصص: 23 - 24).

(2)

وهي قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} (الأحزاب:53).

(3)

التفسير الوسيط للقرآن الكريم، عند تفسير الآية 53 من سورة الأحزاب.

ص: 19

عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير. وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبًا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما يقوم به» (1).

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

* «اختلاط الإناث بالذكور لا يجوِّزُه دين الإسلام ـ دين الغيرة والشهامة والمروءة والإنصاف ـ عملًا بقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب: 53)، وقوله تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33). (2).

الشيخ نجم الدين الواعظ ـ مفتي الديار العراقية سابقًا رحمه الله.

* «يُسْتَحْسَنُ شرعًا إعلان الزواج، ليخرج بذلك عن نكاح السر المنهي عنه، وإظهارًا للفرح بما أحل الله من الطيبات، وإن ذلك عمل حقيق بأن يشتهر، ليعلمه الخاص والعام، والقريب والبعيد، وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج، فتروج سوق الزواج. والإعلان يكون بما جرت به العادة، ودرج عليه عرف كل جماعة، بشرط ألا يصحبه محظور نهى الشارع عنه كشرب الخمر، أو اختلاط الرجال بالنساء، ونحو ذلك» (3).

الشيخ سيد سابق رحمه الله

* «حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب،

(1) مجموع فتاوى ابن باز (1/ 418 - 427).

(2)

باختصار من (حكم الإسلام في الاختلاط)، إعداد جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت، 1389هـ 1969م، مؤسسة نور الإسلام: www.islamlight.net.

(3)

فقه السنة (2/ 231).

ص: 20

وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة» (1).

الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله

* «يرى الإسلام في الاختلاط بين المرأة والرجل خطرًا محققًا فهو يباعد بينهما إلا بالزواج، ولهذا فإن المجتمع الإسلامي مجتمع انفرادي لا مجتمع مشترك.

يزيد الاختلاط قوة الميل، وقديمًا قيل: إن الطعام يقوِّى شهوة النهم

والمرأة التي تخالط الرجال تتفنن في إبداء ضروب زينتها، ولا يُرْضيها إلا أن تثير في نفوسهم الإعجاب بها» (2).

الأستاذ حسن البنا رحمه الله

* «لا يجيز الإسلام أن تختلط المرأة بالرجال في الحفلات العامَّة أو المنتديات ولو كانت محتشمة

ولهذا كله يتشدد الإسلام في منع اختلاط النساء بالرجال؛ وقد قامت حضارته الزاهرة التي فاقت كل الحضارات في إنسانيتها ونبلها على الفصل بين الجنسين ولم يؤَثِّرْ هذا الفصل على تقدّم الأمة المسلمة وقيامها بدورها الحضاري الخالد في التاريخ»

الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله (3).

* «أقبح من ذلك ما يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام من خلط النساء بالرجال الأجانب في المدارس، وصنوف الأعمال بحيث يجعل لكل رجل وامرأة أجنبية منه مجلس واحد لتتم العلاقة بينهما من قريب وتحصل الفتنة والفاحشة بينهما بأدنى وسيلة، وهذا مما دَبَّ إليهم من قبائح الإفرنج ورذائلهم، فالله المستعان» (4).

الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله

(1) حراسة الفضيلة (ص 97).

(2)

رسالة (المرأة المسلمة وواجباتها)، ص 13 - 15.

(3)

عميد كلية الشريعة بدمشق، والمراقب العام لجمعية الاخوان المسلمين بسوريا سابقًا، المرأة بين الفقه والقانون (ص125 - 126).

(4)

الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور (ص 91).

ص: 21

* «تقرر الآية الحجاب بين نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والرجال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ، وتقرر أن هذا الحجاب أطهر لقلوب الجميع:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ؛ فلا يقل أحد غير ما قال الله، لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك

إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف والمهازيل الجهال المحجوبين، لا يقل أحد شيئًا من هذا

يقول الله هذا عن نساء النبي الطاهرات، أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق» (1).

الأستاذ سيد قطب رحمه الله

* «

فهذه النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية تحرم اختلاط الرجال بالنساء بشكل قاطع جازم لا يحتمل الشك ولا الجدل!! فالذين يبيحون الاختلاط ويبررونه بتعويدات اجتماعية ومعالجات نفسية، وحجج شرعية، فإنهم في الواقع يفترون على الشرع، ويتجاهلون الفطرة الغريزية، ويتجاهلون الواقع المرير الذي آلت إليه المجتمعات الإنسانية قاطبة» (2).

الدكتور عبد الله ناصح علوان (3) رحمه الله

* «إن جعبة الباحثين والدارسين لظاهرة الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية، والفضائح المشينة، التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين، وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي فيها الاختلاط ناطقةٌ ـ بل صارخةٌ ـ بخطر

(1) في ظلال القرآن (5/ 2878).

(2)

تربية الأولاد في الإسلام (1/ 279).

(3)

الأستاذ في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة سابقًا، وأحد رموز الإخوان المسلمين في سوريا والعالم رحمه الله.

ص: 22

الاختلاط على الدنيا والدين، لخصها العلامة أحمد وفيق باشا العثماني، الذي كان سريع الخاطر، حاضر الجواب عندما سأله بعض عُشَرائه من رجال السياسة في أوربا، في مجلس بإحدى تلك العواصم قائلًا:«لماذا تبقى نساء الشرق محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن، من غير أن يخالِطْنَ الرجال، ويغْشَيْنَ مجامِعَهُم؟» ، فأجابه في الحال قائلًا:«لأنهن لا يرغَبْنَ أنْ يَلِدْنَ من غيرِ أزواجهن» .وكان هذا الجواب كصَبِّ ماء بارد على رأس هذا السائل، فسكت على مضض كأنه ألقم الحجر» (1).

الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم (2)

دَعِي عنكِ قومًا زاحمَتْهُم نساؤُهم

فكانوا كما حفَّ الشرابَ ذبابُ

تساوَوا فهذا بينهم مثلُ هذهِ

وسِيَّانُ معنىً يافعٌ وكَعَابُ

وما عجبي أنَّ النساءَ ترجَّلَتْ

لكنَّ تأنيثَ الرجالِ عُجَابُ (3)

مصطفى صادق الرافعي

* «إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوربا من قديم الزمان لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد أوربة بالعالم الإسلامي» .

محمد طلعت حرب (4).

(1) الفتن للشيخ أحمد عز الدين البيانوني (ص214).

(2)

عودة الحجاب (3/ 59).

(3)

ديوان الرافعي. والغُلامُ إذا كادَ يَبْلُغُ الحُلُمَ أوْ بَلَغَهُ فهو يافِع وَمُرَاهِق، والكعاب: المرأة حين يَبْدُو ثَدْيُها للنُّهود، والمعنى: لا فرق عندهم بين ذكر وأنثى، فالرجال مثل النساء.

(4)

في كتابه (تربية المرأة والحجاب) وهو أول كتاب ألِّفَ في الرد على قاسم أمين، وللأسف اقترن اسم محمد طلعت حرب فيما بعد بشئون الاقتصاد الربوي.

ص: 23

* «النساء في كل الظروف لا يخرجن مطلقًا سافرات الوجوه، بل يغطين وجوههن بالبرقع

ولا يدخل الرجال مطلقًا ـ فيما عدا بعض الأهل الأقربين ـ إلى مسكن السيدات

ولم يستطع الرحالة السابقون على الغزو أن يتعرفوا على أحوال سيدات الطبقة المسيطرة، وذهبت أدراجَ الرياحِ كلُّ توسلاتهم اللحوح؛ فلم يكن عظماء مصر ليسمحوا لأحد بأن يتطلع إلى جمال زوجاتهم» (1).

ج دي شابرول أحد علماء الحملة الصليبية الفرنسية

على مصر واصفًا حال نسائها في نهاية القرن الثامن عشر.

* «إن ديننا

أوصى بأن يكون للرجال مجتمعهم الذي لا تدخله امرأة واحدة، وأن يجتمع النساء دون أن يُقبَل بينهن رجلٌ واحد، لقد أراد بذلك حماية الرجل والمرأة مما ينطوي عليه صدرهما من ضعف، والقضاء الجذري على مصدر الشر» (2).

قاسم أمين داعية تحرير المرأة ـ قبل الانزلاق

* يقول البروفيسور الألماني (يودفو ليفيلتز) كبير علماء الجنس في جامعة برلين في إحدى دراساته الجنسية بأنه درس علوم الجنس وأدوار الجنس وأدوية الجنس فلم يجد علاجًا أنجح ولا أنجع من قول الكتاب الذي نُزِّل على محمد:

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} ، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} (النور: 30 - 31) (3).

(1) وصف مصر (1/ 64 - 65) تأليف ج دي شابرول، ترجمة زهير الشايب.

(2)

قال ذلك في كتابه (المصريون) ردًّا على الفرنسي (الدوق داركور) الذي أصدر كتابًا في عام 1893م سماه (سر تأخر المصريين) حمل فيه على أهل مصر، مركزًا حملته على نساء مصر، ساخرًا من حجابهن وقرارهن في البيوت، مهاجمًا المثقفين المصريين لسكوتهم وعدم تمردهم على هذه الأوضاع.

وبعد مدة من اعتزاز قاسم أمين بالدين كان منه ما كان.

(3)

الغرب يتراجع عن التعليم المختلط، تأليف بـ?ـرلي شو، ترجمة د/وجيهة عبد الرحمن (ص 2).

ص: 24

مقدمة

«الحمد لله العليم بخلقه، القائل في محكم كتابه:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} (الملك:14)، الرحيم بهم، ومن رحمته أنزل شريعته ناصحة لهم، ومُصلحة لمفاسدهم، ومُقوّمة لاعوجاجهم، ومن ذلك ما شرع من التدابير الوقائية، والإجراءات العلاجية التي تقطع دابر الفتنة بين الرجال والنساء، وتُعين على اجتناب المُوبقات رحمةً بهم، وصيانة لأعراضهم، وحماية لهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

وبيَّن لهم أن غايةَ الشيطان في هذا الباب أن يُوقع النوعين في حضيض الفحشاء!! لكنه يسلك في تزيينها، والإغراء بها مسلك التدرج ، عن طريق خطوات يقود بعضها إلى بعض، وتُسلم الواحدة منها إلى الأخرى، وهي المعنيَّة بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (النور: 21).

والصلاة والسلام على الصادق الأمين ، المبعوث رحمةً للعالمين ـ القائل:«مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» (1).والقائل: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ» (2) ـ الذي حذرنا من خطوات الشيطان إلى إشاعة الفساد ، خصوصًا ما أضلَّ به كثيرًا من العباد من تزيين التبرج، وإشاعة الفاحشة، وإطلاق البصر إلى ما حرَّم الله، ومصافحة النساء الأجنبيات، وسفر المرأة بدون مَحرَم، وخروجها متطيبة متعطرة ، وخضوعها بالقول للرجال، وخلوتها بهم واختلاطها معهم» (3).

(1) رواه البخاري ومسلم.

(2)

رواه مسلم.

(3)

بتصرف من مقدمة الشيخ محمد بن أحمد إسماعيل المقدم، لرسالة (صَيْحَةُ تَحْذِير وَصَرْخَةُ نَذِيرٍ).

ص: 25

«إن نساء المسلمين في الصدر الأول، كُنّ دررًا مصونة، ولآلئ مكنونة، غير ولّاجات خرّاجات، وإن خرجن للحاجات، فهن العفيفات المتحفظات، وعلى مِنْوال أولئك السابقين الأولين، كانت عصور التابعين والأئمة المرضيين.

وقد ظلت نساء المسلمين مصونة في مدن حصينة ضد غزو التغريب، عبر عقود بل قرون ازدهرت فيها حضارة الإسلام، بينما كان يقبع غيرهم في ما يُعرف اليوم برجعية العصور الوسطى، أو عصور الظلام.

ثم مع انحسار العفاف رويدًا رويدًا، بدأت تنحسر دولة الإسلام شيئًا فشيئًا، ومع ذلك ظلت بعض المدن تعرف بالصيانة والعفاف، ثم استشرت الفتن، وجاءت الأهواء فساقت الناس نحو جحر الغرب المظلم، فبعد أن كان الاختلاط علقمًا يشرق به الخاصة والعامة، بدأت عملية تسويغه، عن طريق المدارس الاستعمارية العالمية بدعوى أن علاج (الرجل المريض)(1) يكمن فيها، وذلك مطلع القرن الرابع عشر الهجري، فما بلغ أبناء تلك المدارس الخمسين، وما انتصف القرن، إلاّ وقد مات (الرجل)، بعد أن هيأت تلك المناطق المشبوهة مناخًا جيدًا لتفريخ أجيالٍ من المستغربين، الذين رأوا أن استعادة الأمة مجدها، وعودها إلى سابق عهدها، وخروجها من واقعها المظلم، لن يكون إلاّ بإحراق كل فضيلة، في سبيل (التنوير).

هذا ومع خفوت وهج مصابيح الدجى، عميت أنباء الشريعة على كثير من الناس، واستُبهمت واضحاتها، فاختلط حكم الاختلاط، والتبست أحكام اللباس، و (استعجم) العرب ما جاء في التشريع وبخاصة ما يخص المرأة.

(1) الرجل المريض: الدولة العثمانية في أواخر عهدها واشتداد ضعفها، وتكالب الصليبيين على اقتسام أجزائها.

ص: 26

فكانت الفرصة مواتيةً لخروج دعايا ودَعِيّات التحرير، اللآتي لم يرفعن بهدى الله رأسًا، ولم يرَيْنَ في وأد العفة بأسًا؛ فنادوا بتغريب الفتاة، وعمدوا إلى إلغاء كل تشريع إسلامي يخص المرأة، بتدرج محسوب، وخطوات بطيئة، يستدرجون بها الغافلين والغافلات، فقال قائلهم أول الأمر: مادام الرجل التركي لايقدر أن يمشي علنًا مع المرأة التركية، وهي سافرة الوجه فلست أَعُدُّ في تركيا دستورًا ولاحرية.

ثم بعد هنيهة قال الآخر: ما دامت الفتاة التركية لا تقدر أن تتزوج بمن شاءت، ولو كان من غير المسلمين، بل ما دامت لا تعقد (مقاولة) مع رجل تعيش وإياه كما تريد، مسلمًا أو غير مسلم، فإنه لا تُعَدّ تركيا قد بلغَتْ رُقِيًّا.

فالمسألة ليست منحصرة في السفور، ولاهي بمجرد حرية المرأة المسلمة في الذهاب والمجيء كيفما تشاء، بل هناك سلسلة طويلة حلقاتها متصلة بعضها ببعض.

«لَقَدْ كُنَّا وَكَانَتْ العِفَّة فِي سِقَاء مِنْ الحِجَاب موكوء فَمَا زِلْتُمْ بِهِ تَثْقُبُونَ فِي جَوَانِبه كُلّ يَوْم ثَقْبًا وَالْعِفَّة تَسَلُّل مِنْهُ قَطْرَة قَطْرَة حَتَّى تَقَبَّض وتكَرَّشَ (1) ثُمَّ لَمْ يُكَلِّفكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى جِئْتُمْ اليَوْم تُرِيدُونَ أَنْ تَحِلُّوا وكاءه حَتَّى لَا تَبْقِي فِيهِ قَطْرَة وَاحِدَة» (2).

إن من أمعن النظر في حال المسلمين اليوم، وحالهم قبل عقود رأى كيف يسير ركب التغريب، وعلم أين يحُطُّ من يَمَّمَ سَمْتَهُم، واقتفى أَثَرَهُم.

وكما ترى فإن الطريق بعيد، له مراحل شتى، ربما حل أول تلك المراحل طيبون، استبعدوا أن يحط بهم من يعزم قطعه، ولكن سرعان ما جاورهم آخرون، فتتابع الناس

(1) كَرِشَ الجِلْدُ: تَقَبَّضَ، أي تَشَنَّجَ، وتخشن. (القاموس المحيط، المعجم الوسيط مادة: كرش).

(2)

كلمات من كتاب العبرات للأديب الكبير مصطفى لطفي المنفلوطي (ص39 - 54).

ص: 27

في طريق الفتنة؛ ولهذا كان التحذير من تلك السبيل أحد المهمات، ولاسيما بعد أن بدأ الاختلاط يشيع في المجتمعات المحافظة، فضلًا عن غيرها» (1).

وحول الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم يدور هذا الكتاب بيانًا لأحكامه وكشفًا لشبهات دعاته، وذلك من كلام أهل العلم، وتجليةً لآثاره المدمرة وثماره المرة عبر قصص واقعية، تذكرةً لمن كان له قلب ، أو ألقى السمعَ وهو شهيد ، وتبصرة لمن خاف عذاب الآخرة، {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)} (هود: 103).

وكان الدافع إلى كتابته تهاون بعض المنتسبين إلى الصحوة في هذا الأمر، غرَّهم في ذلك ضغط الواقع الذي يعيشون فيه، وبعض الشبهات التي كان يرددها قاسم أمين وغيره من دعاة تحرير المرأة من حجابها وعِفتها.

ونسوا أنهم كانوا إلى عهد قريب في مقدمة صفوف المحاربين لهذا الاختلاط، والمنافحين عن العفة التي شهد واقع المسلمين وغيرهم بأن الاختلاط أساس تحطيمها.

ولتعلم خطر التدرج في الانزلاق والاستجابة لضغط الواقع، قارن بين دفاع قاسم أمين عن الحجاب وعدم الاختلاط، وبين دوره في محاربة حجاب المرأة المسلمة ودعوته للاختلاط، فقد قام الفرنسي (الدوق داركور) ـ وهو ممن زار مصر عدة مرات ـ بإصدار كتاب في عام 1893م سماه (سر تأخر المصريين) حمل فيه على أهل مصر، مركزًا حملته على نساء مصر، ساخرًا من حجابهن وقرارهن في البيوت، مهاجمًا المثقفين المصريين لسكوتهم وعدم تمردهم على هذه الأوضاع.

فلما قرأ قاسم أمين كتاب (داركور) تألم أشد الألم، وقام بالرد على كتاب (داركور)

(1) باختصار وتصرف يسيرين من مقدمة كتاب (الاختلاط بين الواقع والتشريع، دراسة فقهية علمية تطبيقية في حكم الاختلاط وآثاره) جمع وإعداد: إبراهيم بن عبد الله الأزرق.

ص: 28

للدفاع عن المصريين؛ لا سيما النساء. وذلك في كتابه (المصريون).

وكان من أبرز ما جاء في رده هذا:

1 -

دفاعه عن الحجاب وعدم الاختلاط: يقول قاسم: «إن ديننا

أوصى بأن يكون للرجال مجتمعهم الذي لا تدخله امرأة واحدة، وأن يجتمع النساء دون أن يُقبَل بينهن رجلٌ واحد، لقد أراد بذلك حماية الرجل والمرأة مما ينطوي عليه صدرهما من ضعف، والقضاء الجذري على مصدر الشر».

ويقول: «إننا نحس جميعًا أن لنا نظامًا يرسِّخ من الاتحاد بين الزوجين، فلا نعرف نساءً غير نسائنا، كما لا تعرف زوجاتنا رجالًا غيرنا، وهذا ما يجعلنا أزواجًا متفاهمين

».

2 -

هجومه على أوربا ونسائها: يقول: «إن عادات بعض الطبقات الأوربية ساهمت ـ كما لو كان ذلك عن قصد ـ في زيادة الفرص التي تُيَسّر السقوط

».

ويقول: «تكشف الإحصاءات الفرنسية عن أن نسبة واحد وأربعين في المائة من نساء الهوى المعروفات رسميًا قاصرات، وأن أكثر من ربع المواليد المعروفين أبناء غير شرعيين، وأن المجتمع يفقد كل عام مائة وخمسين ألف طفل يُقتلون ساعة ولادتهم أو خلال الحمل

».

ويقول: «إن ما هو القاعدة في أوربا ـ بخاصة فيما يتعلق بخيانة الأزواج ـ ليس في مصر إلا الاستثناء» (1).

قارن بين قاسم أمين المعتز بدينه هنا، وبين قاسم أمين المنهزم نفسيًا أمام الغرب فكان ما كان من جنايته على المرأة المسلمة؛ وما هذا إلا ثمرة طبيعية للتدرج في الانزلاق.

(1) انظر: المشابهة بين قاسم أمين في كتابه (تحرير المرأة) ودعاة التحرير في هذا العصر، إعداد: سليمان بن صالح الخراشي.

ص: 29

فتأمل قوله في كتابه (المرأة الجديدة): «لو لم يكن في الحجاب عيب إلا أنه مناف للحرية الإنسانية لكفى وحده في مقته، وفي أنه ينفر منه كل طبع غرز فيه الميل إلى احترام الحقوق والشعور بلذة الحرية، ولكن الضرر الأعظم للحجاب ـ فوق ما سبق ـ هو أنه يحول بين المرأة واستكمال تربيتها» .

ويقول في موضع آخر من كتابه: «أما! الحجاب فضرره أنه يحرم المرأة من حريتها الفطرية» ، ويقول:«بلغ من أمر احترام الرجل الغربي لحرية المرأة أن بنات في سن العشرين يتركن عائلاتهن ويسافرن من أمريكا إلى أبعد مكان في الأرض وحدهن أو مع خادمة، ويقضين الشهور والأعوام متغيبات في السياحة متنقلات من بلد إلى آخر، ولم يخطر على بال أحد من أقاربهن أن وحدتهن تعرضهن إلى خطر ما» .

بل يقول: «بل الكل متفقون على أن حجاب النساء هو سبب انحطاط الشرق، وأن عدم الحجاب هو السر في تقدم الغرب

توجد وسيلة تخرجكم من الحالة السيئة التي تشتكون منها، وتصعد بكم إلى أعلى مراتب المدن كما تشتهون وفوق ما تشتهون ألا وهي تحرير نسائكم من قيود الجهل والحجاب».

ويقول في مسألة تربية المرأة: «لا تجد من الصواب أن تنقص تربية المرأة عن تربية الرجل أما من جهة التربية الجسمية فلأن المرأة محتاجة إلى الصحة كالرجل، فيجب أن تتعود على الرياضة كما تفعل النساء الغربيات اللائي يشاركن أقاربهن الرجال في أغلب الرياضات البدنية، ويلزم أن تعتاد على ذلك من أول نشأتها وتستمر عليه من غير انقطاع، وإلا ضعفت صحتها وصارت عرضة للأمراض» .

ونجده يواصل حربه على دين الله عز وجل فيقول عن أساليب تربية المرأة التي يلزم اتخاذها للمرأة: «ولابد هنا من استلفات النظر إلى وجوب الاعتناء بتربية الذوق عند المرأة وتنمية

ص: 30

الميل في نفسها إلى الفنون الجميلة، وإني على يقين من أغلب القراء لا يستحسنون أن تتعلم بناتهم الموسيقى والرسم؛ لأن منهم من يَعُدّها من الملاهي التي تنافي الحشمة والوقار، أو أنها لا فائدة منها، وقد ترتب على هذا الوهم الفاسد انحطاط درجة هذه الفنون في بلادنا إلى حد يأسف عليه كل من عرف مالها من الفائدة في ترقية أحوال الأمم».

هذه بعض أقوال كبيرهم الذي علمهم السحر، وهي كما ترى أقوال متناقضة متهافتة لدى كل ذي بصيرة ولا أدل على ذلك من أنه منع زوجته من ممارسة كل ما سبق (1).

إن الخير كل الخير في الأخذ بهذا الدين العظيم والعمل به في كل جوانب الحياة، صغيرها وكبيرها كما يريد الله عز وجل، والشر كل الشر، والخطر كل الخطر، والضياع والخسران هو في البعد عنه وتركه، أو العمل ببعضه وترك بعضه، لأن هذه صفات مذمومة، وأهلها ممقوتون عند الله؛ لأنه لا ينبغي للمسلم أن يطيع الله فقط في الصلاة والزكاة والحج والعمرة والصيام، بينما يعصيه في الأمور الأخرى التي تتعلق بالحياة كالأمر بالحجاب وعدم الاختلاط والتي أمر بها رب العالمين خضوعًا للعادات والتقاليد.

ويقال للمهزومين نفسيًا والمفتونين بما عليه الغرب:

لَا يَخْدَعَنَّكَ عَنْ دِينِ الهُدَى نَفَرٌ

لَمْ يُرزَقُوا في الْتِمَاسِ الْحَقِّ تَأْيِيدَا

عُمْيُ الْقُلُوبِ عَمُوا عَنْ كُلِّ

فَائِدَةٍ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ تَقْلِيدَا (2)

وفي الختام أودُّ أن أنبه أن نقل أقوال بعض العلماء في مسألة الاختلاط لا يعني الإقرار بما يتبناه هذا العالم أو ذاك من آراء تخالف الكتاب والسنة.

(1) انظر: المرأة والولاية العامة وولاية القضاء، د. حياة بنت سعيد با أخضر، أستاذ مساعد بمعهد اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة أم القرى، (من سلسلة إلى من تحفر قبرها بيديها).

(2)

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب لأحمد بن المقري التلمساني (4/ 117)، والبيتان لعبد الحق الإشبيلي رحمه الله.

ص: 31

وأودُّ أن أنبه أن القارئ الكريم قد يلاحظ اختلافًا بين بعض الفتاوى التي أنقلها عن أهل العلم، وهذا يرجع إلى الإجمال أو التفصيل في الفتوى، أو إلى اختلاف اجتهادات المفتين في تصورهم للواقع المسئول عنه، وبالتالي تقديرهم للمصالح والمفاسد.

وأسأل الله العظيم ـ ربَّ العرش العظيم ـ أن يهدينا سبلنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن ينفع المسلمين بهذه الورقات، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه ـ سيدنا محمد ـ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

شحاتة محمد صقر

saqrmhm@gawab.com

ص: 32