الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مراعاة
المنع من
الاختلاط في التشريع
(1)
إذا عرضت للمرأة حاجة تسوغ خروجها فلا حرج عليها إن خرجت وفقًا لما سبق بيانه، غير أن تلك الحاجة لاتسوغ اختلاطها بالرجال إلاّ أن تكون ضرورة، وذلك لحرمة الاختلاط وإن من أقوى الأدلة على تحريم الاختلاط، رعاية الشارع للنساء، وصيانته لهن من الاختلاط في سائر أحكام التشريع.
ومن تأمل نصوص الشريعة وجد أنها راعت طبيعة المرأة فلم تُوجِبْ عليها التكاليف التي يكون فيها بروز ومخالطة للرجال، ومن ذلك إيجاب الجُمَع والجماعات على الرجال دون النساء، ومنه فرض الجهاد على الرجال دون النساء، وكذلك فرض النفقة على الرجل دون المرأة.
لكن ربما دعت الشريعة النساء إلى شهود ما يحضره الرجال، خلافًا للأصل الذي قررته وهو قرارهن في البيوت، غير أن المتأمل يلحظ في هذا أحد أمرين:
الأول: إما أن تكون المناسبة مما يفوت وقته وتذهب مصلحته بتأخيره كنحو شهود الأعياد.
الثاني: يضيف إلى ما سبق أن يكون محل المأمور به واحدًا، اقتضت الحكمة الإلهية أن لايتعدد، كالطواف والسعي والرمي وغيرها من أعمال الحج أو العمرة.
وفي كلا الأمرين مصلحة العبادة تشمل جميع المكلفين، والعنت يلحق الناس إذا وضع
(1) بتصرف من (الاختلاط بين الواقع والتشريع، دراسة فقهية: علمية تطبيقية في حكم الاختلاط وآثاره)، جمع وإعداد: إبراهيم بن عبد الله الأزرق، (ص 21 - 23).
لها الشارع نمطًا يَكْفُل عدم الاختلاط، ومع ذلك فإن نحو هذه العبادات وضع الشارع لها من الضوابط ما يكفل عدم امتزاج الرجال بالنساء.
وإذا نظرت إلى واقع النساء في العهد الأول، وجدتهن بعيدات عن خلطة الرجال، يخرجن للحاجات والضروريات، متقيدات بالشريعة غير مفتئتات، ملتزمات في عبادتهن بما يكفل لهن الصيانة من خلطة الغرباء.
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تحت عنوان «الاختلاط محرَّمٌ شرعًا» :
«إن العِفَّة حجاب يُمَزِّقه الاختلاط، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي مجتمع فردي لا زوجي، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن، ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا لضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية.
كل هذا لحفظ الأعراض والأنساب، وحراسة الفضائل، والبعد عن الرِّيب والرذائل، وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساس في بيتها، ولذا حُرِّم الاختلاط، سواء في التعليم، أم العمل، والمؤتمرات، والندوات، والاجتماعات العامة والخاصة، وغيرها؛ لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب، وخطرات النفس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلص العفة والحشمة، وانعدام الغيرة.
ولهذا فأهل الإسلام لا عهد لهم باختلاط نسائهم بالرجال الأجانب عنهن، وإنما حصلت أول شرارة قدحت للاختلاط على أرض الإسلام من خلال: المدارس الاستعمارية الأجنبية والعالمية، التي فتحت أول ما فتحت في بلاد الإسلام في:(لبنان) كما بينته في كتاب (المدارس الاستعمارية ـ الأجنبية العالمية ـ تاريخها ومخاطرها على الأمة الإسلامية).
وقد علم تاريخيًا أن ذلك من أقوى الوسائل لإذلال الرعايا وإخضاعها، بتضييع مقومات كرامتها، وتجريدها من الفضائل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كما عُلِم تاريخيًا أن التبذل والاختلاط من أعظم أسباب انهيار الحضارات، وزوال الدول، كما كان ذلك لحضارة اليونان والرومان.
ولهذا حُرِّمَتْ الأسباب المفضية إلى الاختلاط ـ هتك سنة المباعدة بين الرجال والنساء ـ ومنها:
(تحريم الدخول على الأجنبية والخلوة بها، للأحاديث المستفيضة كثرة وصحة، ومنها: خلوة السائق، والخادم، والطبيب وغيرهم بالمرأة، وقد تنتقل من خلوة إلى أخرى، فيخلو بها الخادم في البيت، والسائق في السيارة، والطبيب في العيادة، وهكذا!!.
(تحريم سفر المرأة بلا محرم، والأحاديث فيه متواترة معلومة.
(تحريم النظر العمد من أي منهما إلى الآخر، بنص القرآن والسنة.
(تحريم دخول الرجال على النساء، حتى الأحماء ـ وهم أقارب الزوج ـ فكيف بالجلسات العائلية المختلطة، مع ما هن عليه من الزينة، وإبراز المفاتن، والخضوع بالقول، والضحك .. ؟!!
(تحريم مسّ الرجل بدن الأجنبية، حتى المصافحة للسلام.
(تحريم تَشَبُّه أحدهما بالآخر.
(وشرع لها صلاتها في بيتها، فهي من شعائر البيوت الإسلامية، وصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في مسجد قومها، وصلاتها في مسجد قومها خير من صلاتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما ثبت الحديث بذلك.
(ولهذا سقط عنها وجوب الجمعة، وأُذن لها بالخروج للمسجد وفق الأحكام التالية:
1 -
أن تؤمن الفتنة بها وعليها.
2 -
أن لا يترتب على حضورها محذور شرعي.
3 -
أن لا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع.
4 -
أن تخرج تَفِلةً غير متطيبة.
5 -
أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة.
6 -
إفراد باب خاص للنساء في المساجد، يكون دخولها وخروجها معه، كما ثبت الحديث بذلك في سنن أبي داود وغيره.
7 -
تكون صفوف النساء خلف الرجال.
8 -
خير صفوف النساء آخرها بخلاف الرجال.
9 -
إذا نابَ الإمامَ شيء في صلاته سَبَّح رجل، وصفقت امرأة.
10 -
تخرج النساء من المسجد قبل الرجال، وعلى الرجال الانتظار حتى انصرافهن إلى دُورهن، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صحيح البخاري وغيره.
إلى غير ذلك من الأحكام التي تباعد بين أنفاس النساء والرجال، والله أعلم» (1).
(1) حراسة الفضيلة (ص 81 - 86).