الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاختلاط في العمل السياسي
(1)
لما كان النظام الديمقراطى يسمح بتولى الكفار والنساء والمحاربين لدين الله للولايات العامة والخاصة ، دون مراعاة للضوابط الشرعية، كان لابد من وضع بعض النقاط على الحروف، فلا يصح تولية الكافر، لأنه لا يؤتمن على نفسه فضلًا عن أن يؤتمن على مصالح الأمة؛ قال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)} (هود: 113 (وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)} (آل عمران: 118).
فلا يصح للكافر أن يتزوج من مسلمة ولا يتولى إمرة المسلمين ، لأن الاسلام يعلو ولا يعلى عليه؛ قال تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} (النساء:141 (.
وتُمْنَع المرأة من تولى المناصب العليا كأن تكون وزيرة أو قاضية أو رئيسة للدولة لأن فى ذلك ظلم للمرأة وافتيات على المصلحة.
ولقد دارت رحى القرون، وأبحرت سفن الحياة عبر محيطات الزمان، ثم أرست مراسيها في موانئ العصر الحاضر، فإذا بها إزاء أقوام تدثروا بالأوهام، وادعوا انقطاع عهدهم عن العهد الزاهر، وقالوا في المرأة ما لم يقله الشرع الطاهر، أرادوها مجرد متعة، ولكن دين الله أراد لها الرفعة؛ فجعل دائرة حركتها مؤطرة بالستر، وابتغى أولئك أن
(1) بتصرف من (تنبيه الخاصة والعامة إلى حكم تولي المرأة الولايات العامة)، للشيخ حامد بن عبد الله العلي، (المرأة المسلمة والمشاركة السياسية، أقوال الأعلام من علماء الإسلام)، د. سامي محمد صالح الدلال، مجلة البيان، العدد (206).
تكون مجللة بالوزر؛ فشتان ما بين الثرى والثريا، وما أبعد قضم الحجر عن أكل الثمر!
لقد حدد الإسلام بشكل واضح ما للمرأة وما عليها، ومن ذلك أنواع ولاياتها، إن الولايات في الإسلام تقسم إلى قسمين:
الأول: الولايات العامة: كرئاسة الدولة، ورئاسة مجلس الوزراء، والوزارة والنيابة والقضاء، وهي ولايات مقصورة على الرجال.
الثاني: ولايات خاصة، وهي ما سوى ذلك، وللمرأة فيها نصيب بحسب تلك الولاية، وفي إطار نصيبها منها فإن لها حقوقًا وعليها واجبات.
وباستثناء الولايات العامة التي ذُكرتْ فللمرأة أن تتولى ولايات أخرى في مختلف مجالات الحياة وفق الشروط السابق ذكرها بشأن خروج المرأة من المنزل، فيمكن أن تكون مديرة مدرسة بنات، أو رئيسة مستشفى نسائي، أو مسؤولة جمعية خيرية نسائية، وما شابه ذلك.
والكلام في هذا الموضوع يخضع للأسس الآتية:
1 -
قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب: 33).
2 -
قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (الأحزاب: 53).
3 -
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (رواه البخاري).
وجميع ألفاظه بصيغة العموم؛ فهو عام الدلالة، وليس فيه أدنى حجة لمن قصره على سبب وروده؛ فمعلوم لدى الأصوليين أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، وما ورد من بعض الولايات للمرأة: كولايتها على بيت زوجها، وما سوى ذلك فهي ولايات مقيدة ومخصوصة من العموم المذكور.
وهذا الحديث الصحيح يشير بوضوح إلى أن (الفلاح) يفتقده القوم الذين يولون أمرهم امرأة. وجاءت لفظة (قوم) في الحديث غير معرَّفة، أيَّ نكرة في سياق النفي فهي تعُمُّ، وفقه ذلك أن أي قوم يولون أمرهم امرأة ليسوا مفلحين، بغض النظر عن عقيدتهم أو جنسهم أو بلادهم أو زمانهم؛ فهو أمر مضطرد على الدوام.
إن وصول المرأة إلى هذا المركز الأول لم يأت من فراغ، بل هو محصلة عامة لوضع المرأة في ذلك المجتمع الذي سلك طريق الانفتاح الاجتماعي غير المنضبط بأي ضابط يضمن إطار ثباته، أو يحدد مساحة تموج حركته، فلا شك أن المجتمع الذي طوح برجاله عن مواقع المسؤولية، وأحل بدلهم نساءه هو مجتمع قد تخلت نساؤه عن القيام بواجباتهن المنزلية التربوية، وخرجن لممارسة الحياة العامة، أي أن البنية الأساسية لذلك المجتمع قد تخلخلت، ولبناته المكونة له قد انفرط عقدها ووهن تماسكها، وهذا يعني أنه في طريقه إلى التأخر، وأنه يختط سبيل التقهقر، بما يؤول به في النهاية إلى الانهيار ثم الاندثار.
وإن لفظ «وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» تناول طبيعة الصلاحية الممنوحة، سواء كانت: مطلقة كالحكم الديكتاتوري، أو مقيدة كالحكم الديمقراطي؛ فاللفظ شامل لهما جميعًا.
أما خروج النساء للبيعة فليس بالمعنى المعروف حاليًا من المشاركة في الانتخابات، أو الترشيح للمجالس النيابية، بل هو خروج ضرورة حدث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتوثيق العهد على امتثالهن لأوامر الإسلام.
وإذا كانت المرأة المسلمة مأمورة بالقرار في بيتها ـ من حيث الأصل ـ وأن المباشرة معها في الخطاب تكون من وراء حجاب؛ فكيف يتسنى لها مع ذلك أن تكون في إطار أي من الولايات العامة التي لا يمكن أن تمارس المرأة دورها فيها إلا إذا اخترقت الأصلين السابقين.
وإن كان للمرأة أن تخرج من بيتها، فإن هذا الخروج يكون ممثلًا لحركة طارئة من
حيث الأصل، ومنضبطًا بالشرع من حيث الممارسة، وبما لا يخل بقاعدة (القرار). والإسلام رغم أنه أباح للمرأة الخروج من المنزل للقيام بالمهمات المنوعة، لم يجعل من بينها المشاركة في أي عمل سياسي، إضافة إلى أنه وضع لها ضوابط في ذلك الخروج ـ سبقت الإشارة إليها ـ منها عدم الاختلاط بالرجال الأجانب (1).
ومن الأدلة أيضًا على منع المرأة من تولي الولايات العامة إجماع العلماء، فقد أجمع علماء الأمة على ذلك، وتوالت جميع العصور الإسلامية على منع المرأة من تولي الولايات العامة، عملا بالنصوص الواردة في هذا الشأن، وقد قال الإمام ابن قدامه الحنبلي في المغني «ولا تصلح المرأة للإمامة العظمى، ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يُوَلّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أحد من خلفائه، ولا من بعدهم امرأةً قضاءً، ولا ولايةَ بلد، فيما يبلغنا، ولو جاز لم يَخْلُ منه جميع الزمان غالبًا» (2).
ومن الأدلة على منع الشريعة الإسلامية من تولي المرأة الولاية العامة، القياس الصحيح المطرد، فقد وجدنا الشريعة تمنع المرأة من إمامة الرجال ولو كان رجلًا واحدًا، ولو كانت أعلم منه وأقرأ منه للقرآن، وتمنعها من الخطبة في الجمعة والأذان، ومن توليها عقد النكاح لنفسها، وذلك كله إشارات واضحة من الشريعة إلى منعها من الولايات العامة.
إذ لا يعقل أن الشريعة الإلهية المعصومة من التناقض، تحظر على المرأة أن تتولى عقد النكاح لنفسها، ثم تجيز لها أن تكون وزيرة عدل، تتولى أمر كل القضاء ويرجع إلى حكمها كل عقود الأنكحة.
(1) انظر ص 37، 38
(2)
المغني والشرح الكبير (11/ 380).