المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقوال بعض العلماء المعاصرين: - الاختلاط بين الرجال والنساء - جـ ١

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌أقوالليست عابرة

- ‌قرار المرأةفي بيتها هو الأصل

- ‌معنى الخضوع بالقول:

- ‌بعضأحكام النَظَرُ

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الأَْجْنَبِيَّةِ الْعَجُوزِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الصَّغِيرَةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ:

- ‌نَظَرُ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَال إِلَى الْمَرأَةِ:

- ‌نَظَرُ الصَّغِيرِ إِلَى الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ:

- ‌نَظَرُ الْمُرَاهِقِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الرَّجُل إِلَى الرَّجُل:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُل الأَجْنَبِيِّ:

- ‌الرد على من قال بجواز نظر المرأة إلى الرجل بدون شهوة:

- ‌1 - الجواب عن حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها

- ‌2 - الجواب عن حديث نظر عائشة رضي الله عنها إلى الحبشة:

- ‌3 - الجواب عن ِالْحَدِيثِ الذي رواه البخاري ومسلم فِي مُضِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إلَى النِّسَاءِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ فَذَكَّرَهُنَّ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ:

- ‌نظر النساء إلى الرجال على شاشات التلفاز والحاسوب

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى مَحَارِمِهَا مِنَ الرِّجَال:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ:

- ‌نَظَرُ الْكَافِرَةِ إِلَى الْمُسْلِمَةِ:

- ‌نَظَرُ الْفَاجِرَةِ إِلَى الْعَفِيفَةِ:

- ‌النَّظَرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ:

- ‌التَّرْخِيصُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَالَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ:

- ‌الأَوَّل: إِذَا وَقَعَ عَلَى سَبِيل الْفَجْأَةِ

- ‌الثَّانِي: إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ أَوْ حَاجَةٌ

- ‌مراعاةالمنع منالاختلاط في التشريع

- ‌الفرقبين الخلوة والاختلاط

- ‌تعريف الخلوة المحرمة

- ‌الدليل على تحريم الخلوة:

- ‌تعريف الاختلاط:

- ‌يمكن تقسيم الاختلاط إلى قسمين:

- ‌القسم الأول: اختلاط محرم:

- ‌مما يُعْرَفُ به الاختلاط المحرم:

- ‌من صور الاختلاط المحرم:

- ‌تفصيلٌ لما تم إجماله من صور الاختلاط المحرم

- ‌القسم الثاني: اختلاط جائز:

- ‌من الصوَر التي لا حَرجَ فيها:

- ‌هل يقاس اختلاط التعليم والعمل على الاختلاط العابر

- ‌هل فرَّقَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين الاختلاط العارض واختلاط المكث

- ‌ما ضابط التفريق بين اليسير والكثير

- ‌الضرورة إذا اقتضت اختلاطًا

- ‌افتعال الضرورة

- ‌الأدلةعلى تحريم اختلاطالمرأة بالرجال الأجانب

- ‌بعض الأدلة على تحريم اختلاط المرأة بالرجال الأجانب:

- ‌الدليل الأول: قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}

- ‌الدليل الثاني:الأمر بغض البصر دليل على المنع من الاختلاط:

- ‌أقوال أهل العلم والدعاة في الاختلاط بين الجنسين

- ‌الإجماع:

- ‌أولًا: من علماء الحنفية:

- ‌ثانيًا: من علماء المالكية:

- ‌ثالثًا: من علماء الشافعية:

- ‌رابعًا: من علماء الحنابلة:

- ‌أقوال بعض العلماء المعاصرين:

- ‌قول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ مفتي السعودية سابقًا

- ‌قول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم:

- ‌أسباب انتشار التبرج والاختلاط في المجتمعات المسلمة

- ‌من ثمار الاختلاط المرة

- ‌مفاسد الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل وغيره:

- ‌جزء من دراسة قام بها بعض الباحثين الاجتماعيين المسلمين عن الاختلاط

- ‌من المواقف المحرجة التي ذكرها المشاركون في التحقيق

- ‌ضحايا الاختلاط…قصص واقعية

- ‌الأمل المفقود؟ امرأة تجاوزت الأربعين تحكي حكايتها:

- ‌الذكاء فتنة أيضًا:

- ‌قبل أن يقع الفأس في الرأس:

- ‌كانت تجلس معه ومع زوجته فاختار أن يتزوجها ويطلق زوجته:

- ‌ماذا لو علم زوجها

- ‌أثناء الجماع تتخيل زميلها في العمل مكان زوجها:

- ‌تحكي بالتفصيل لزملائها الرجال!!! ما يحدث بينها وبين زوجها أثناء الجماع

- ‌تنصح زميلها في العمل ـ المقبل على الزواج ـ بما ينبغي أن يفعله مع عروسه عند الدخول بها

- ‌من الاختلاط ما قتل:

- ‌اعتراف لابد منه:

- ‌الاختلاط في العمل

- ‌2.5مليون توقيع:

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط في العمل

- ‌حكم عمل المرأة في مكان مختلط:

- ‌ ما حكم المرأة التي تعمل وهي متزوجة

- ‌عمل المرأة سكرتيرة في مكتب للرجال:

- ‌هل يجوز للأب إجبار ابنته على العمل في مكان مختلط

- ‌عمل المرأة مع الرجال بغرض دعوة النساء:

- ‌جلوس المرأة مع المدرسين في المدرسة:

- ‌عمل الرجل في مكان مختلط:

- ‌ضوابط عمل الرجل في مكان مختلط:

- ‌معنى الضرورة:

- ‌الاختلاط في التعليم

- ‌نتائج الدراسات الغربية:

- ‌الغرب يبدأ في منع الاختلاط:

- ‌نتائج الدراسات الإسلامية:

- ‌وأخيرًا…هل سيحذون حذوهم

- ‌عدم الاختلاط ليس سببًا لتخلف المرأة:

- ‌ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب:

- ‌واقع الاختلاط في التعليم

- ‌الاختلاط في التعليم الابتدائي:

- ‌مدرس التربية الرياضية:

- ‌جيل التليفزيون:

- ‌دورات المياه المختلطة والحياء المراق

- ‌مُدَرّسة في مدرسة إعدادية للبنين

- ‌ومُدرّسة في مَدْرَسة ثانوية للبنين:

- ‌المُدرّسة الطِعِمَة

- ‌ومُدرّسة للتاريخ الطبيعي (علم الأحياء) في مدرسة للبنين:

- ‌الطبيب المهذب

- ‌الضرورات تبيح المحظورات، ولكن

- ‌هل هناك حل لمشكلة الاختلاط في التعليم

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط في التعليم

- ‌هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم

- ‌تعليم الرجال للنساء بلا حجاب:

- ‌عمل الرجل في التدريس للبنات:

- ‌ضوابط التدريس في الجامعات المختلطة:

- ‌الدراسة والتدريس في المدارس المختلطة:

- ‌يدْرس في جامعة مختلطة فكيف يتعامل مع المدرسات والطالبات

- ‌دراسة الأخوات المنتقبات في الجامعات المختلطة:

- ‌تدرِّسه مُدرِّسة فماذا يفعل

- ‌ضوابط التعامل بين الجنسين في الجامعات المختلطة:

- ‌حكم الاختلاط في كافتيريا الجامعة:

- ‌أهمية تحصيل العلم الجامعي ومحاذير الاختلاط:

- ‌حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة:

- ‌هذه العلاقة أخوة في الله أم علاقة غير شرعية

- ‌حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب:

- ‌طاعة الوالدين واجبة في غير معصية لله:

- ‌الاختلاط أثناء الدراسة لا يجوز إذا لم توجد ضرورة قاهرة:

- ‌حضور حفلات التخرُّج:

- ‌الاختلاط في الندوات:

- ‌قيام الرجل بتحفيظ القرآن لنساء من وراء حجاب:

- ‌حكم استماع القرآن من النساء:

- ‌الاختلاط في المدارس الابتدائية:

- ‌الاختلاط في العمل السياسي

- ‌أقوال أهل العلم:

- ‌ما يترتب على دخول المرأة المعترك السياسي:

- ‌واقع الكفار

- ‌الاختلاط بين الخاطب والمخطوبة

- ‌نَظَرُ الْخَاطِبِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ:

- ‌نَظَرُ الْمَخْطُوبَةِ إِلَى خَاطِبِهَا:

- ‌مَا يُنْظَرُ مِنَ الْمَخْطُوبَةِ:

- ‌تَكْرِيرُ النَّظَرِ:

- ‌مَسُّ مَا يَنْظُرُ:

- ‌الْخَلْوَةُ بِالْمَخْطُوبَةِ:

- ‌خطر التهاون في الخلوة وضرره:

- ‌فتاوى متعلقة بخلوة الخاطب بالمخطوبة

- ‌لا يجوز الجلوس مع المخطوبة إلا بوجود محرم:

- ‌لا يجوز للمخطوبة أن تكشف شيئًا من جسدها لخطيبها إذا كان لغير حاجة الخطبة:

- ‌صداقة بين الخطيب والخطيبة

- ‌اللقاء والتخاطب مع الفتاة بدعوى الزواج في المستقبل لايجوز:

- ‌الاختلاط للتداوي

- ‌الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج

- ‌هل هناك حل للاختلاطِ في المستشفيات

- ‌فتاوى متعلقة بالاختلاط للتداوي

- ‌قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن ضوابط كشف العورة أثناء علاج المريض

- ‌خلوة الطبيب بالمريضة:

- ‌خلوة الطبيب بالممرضة في غرفة الكشف:

- ‌طبيبة تعالج الرجال:

- ‌دراسة الطب والعمل في المستشفيات مع وجود الاختلاط

- ‌الاختلاط في المستشفيات:

- ‌ضوابط تعامل الطبيب مع النساء:

- ‌حكم حقن الممرضة الإبر للرجال:

- ‌شروط علاج المرأة عند الطبيب:

- ‌حكم العلاج عند طبيب في حال وجود طبيبة بأجرة غالية:

- ‌حدُّ الضرورة المبيحة لعلاج المرأة عند طبيب:

- ‌الاختلاط في المواصلات

- ‌حكم الاختلاط في المواصلات:

- ‌الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارًا:

- ‌حكم الخلوة بالأجنبية في المصعد:

- ‌حكم استخدام المرأة المصعد المختلط:

- ‌شروط جواز ركوب المرأة المصعد:

- ‌الاختلاط في الأسواق

- ‌خروج المرأة إلى السوق:

- ‌الدخول في الأسواق التي فيها منكرات:

- ‌الاختلاط للإنقاذ

- ‌ ما حكم مس جسد المرأة أثناء نقلها في الحوادث

- ‌ ما حد حرمة المساكن عند طلب الغوث كحالات الحرائق والفيضانات والهزات الأرضية

- ‌الاختلاط في النزهة والرياضة

- ‌رحلات مختلطة:

- ‌سياحة ولكن:

- ‌حكم زيارة حدائق الحيوانات:

- ‌ممارسة الرياضة مع الاختلاط حرام:

- ‌الاختلاط الأسري

- ‌اختلاط الرجال والنساء في البيت:

- ‌هذا الأمر لا يبرر الاختلاط:

- ‌الاختلاط بالخادمة:

- ‌طاعة الوالدين في حضور فرح الأخت الذي فيه اختلاط وأغاني

- ‌تعويد الأولاد من الصغر على الستر وعدم الاختلاط:

- ‌ضوابط المحادثة بين الجنسين

- ‌ ما حكم مكالمة النساء

- ‌إلقاء الرجل السلام على المرأة:

- ‌كشف شبهات من اختلط عليه الاختلاط

- ‌دعاة الاختلاط من يقلدون

- ‌1 - رفاعة الطهطاوي:

- ‌2 - الصليبي الحقود مرقص فهمي:

- ‌3 - قاسم أمين: فتنة الأجيال وداعية السفور في عهد الاحتلال:

- ‌4 - هدى شعراوي:

- ‌رد مجمل على دعاة الاختلاط

- ‌علة خطأ المبيحين للاختلاط

- ‌نصوص المبيحين:

- ‌تنبيهات:

الفصل: ‌أقوال بعض العلماء المعاصرين:

بِالرِّجَالِ، وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ ، وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ ـ قَبْلَ الدِّينِ ـ لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعًا لِذَلِكَ» (1).

17 -

قال ابن الجوزي: «فأما ما أحدث القصاص من جمع النساء والرجال فإنه من البدع التي تجري فيها العجائب من اختلاط النساء بالرجال، ورفع النساء أصواتهن بالصياح والنواح إلى غير ذلك» (2).

18 -

وقال ابن رجب: «وإنما المشروع تميز النساء عَن الرجال جملة؛ فإن اختلاطهن بالرجال يخشى منهُ وقوع المفاسد» (3).

‌أقوال بعض العلماء المعاصرين:

19 -

قال الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله: «

وتحريم الدين لاختلاط الجنسين على النحو الذي يقع في الجامعة معروف لدى عامة المسلمين، كما عرفه الخاصة من علمائهم، وأدلة المنع واردة في الكتاب والسنّة وسيرة السلف الذين عرفوا لُبَابَ الدين، وكانوا على بصيرة من حكمته السامية

والأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن اختلاط المرأة بغير محرم لها تدل بكثرتها على أن مقتَ الشريعة الغرَّاء لهذا الاختلاط شديد» (4).

20 -

قال الشيخ عبد المجيد سليم، شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله: «وقد ذكر العلامة ابن

(1) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية (280 ـ 281).

(2)

كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 776.

(3)

فتح الباري في شرح الجامع الصحيح للبخاري (2/ 134).

(4)

مجلة الهداية الإسلامية، (الجزء السادس من المجلد الثالث عشر)، وانظر كتاب محاضرات إسلامية لفضيلة الشيخ محمد الخضر حسين جمعها وحققها علي الرضا التونسي (ص190 - 200).

ص: 118

القيم فى كتابه (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية) فصلًا بَيَّنَ فيه أنه يجب على ولى الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال، وذكر فيه أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، ومن أعظم أسباب نزول العقوبة العامة، كما أنه من أسباب فساد الأمور العامة والخاصة وسبب لكثرة الفواحش والزنا» (1).

21 -

وقال الشيخ عبد الرحمن الجزيري رحمه الله ـ عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ـ وصاحب كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة): «جريمة الزنا من أخطر أمور الحياة كلها بل أشدها تعلقًا بنظامها ودوام سعادتها وهنائها، وتمسكها وترابطها ولذلك اهتم الشارع الحكيم بهذا الحد أكبر اهتمام صونًا للحياة المنزلية من الانهيار وحفظًا للروابط الأسرية مما يتهددها من بلاء وأطار فذَكَرَ عقابَ من لا يحفظ فرجه وبينه أعظم بيان وجعله من أشد العقوبات وأفظعها وأوجب أن لا تأخذنا شفقة ولا رحمة، وأن يشهد إقامة الحد جماعة من المؤمنين

ثم بين ما يجب علينا أن نراعيه في حفظ الفروج وما تحتاج إليه لصيانتها من الضياع وما يجب للأبضاع من الحرمة والصون والاحتياط والمحافظة.

فأمَرَنَا بغض النظر إلى الأجنبيات لأن النظر بريد الزنا، وأمرنا بصون أجساد النساء من التبذل والظهور أمام الأجانب، وحث المرأة على حفظ جسدها بالاحتشام والتستر والبعد عن مواطن الريبة وبؤر الفساد، وعن الاختلاط بالرجل الأجنبي حتى لا تقع في محرم ولا يجرها الاختلاط والتبذل إلى الوقوع في الذنب وتستوجب إقامة الحد عليها.

(1) فتاوى الأزهر، نسخة إلكترونية على موقع وزارة الأوقاف المصرية www.islamic-council.com، تاريخ الفتوى: رمضان 1362 هجرية.

ص: 119

قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33). فقد خاطب الله تعالى أمهات المؤمنين ونساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهن الصالحات القانتات اللائي ترَبَّيْنَ في مدرسة النبوة، ونشَأْنَ في أعظم جامعة إسلامية، وتأدبن بأداب النبوة وتخَلَّقْنَ بأخلاق الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وقد كُنَّ لا يخْرُجْنَ مِن بيوتهن إلا لعذر شرعي كحج أو عمرة أو زيارة أبوين أو صلة أرحام أو عيادة مريض أو نحو ذلك، وإذا خرجن لا يُبدين زينتهن ولا يُظهِرْنَ شيئًا من محاسنهن ولا يلبسن ثيابًا براقة، فإذا كان الله تعالى قد أمرهن هذا الأمر وهُنَّ على هذا الحال فغيرُهُن من سائر النساء أولى أن يخشى عليهن لو خرجن ومشين في الطرقات على أعين الناس، وفيهم مَن في قلبه مرض من العصاة الفجرة والمجرمين الفسقة الذين لا يخشون الله ولا يخافونه

واتفقت كلمة الفقهاء على أن خروج المرأة من بيتها قد يكون كبيرة. إذا تحققت منه المفسدة كخروجها متعطرة متزينة، سافرة عارية، مبدية محاسنها للرجال الأجانب كما هو حاصل في هذا الزمان مما يوجب الفتنة، ويكون الخروج من المنزل حرامًا وليس كبيرة إذا ظنت وقوع الفتنة» (1).

22 -

وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في تفسير قول الله عز وجل: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا} (القصص: 23 - 24).

«معنا في هذه القصة أحكام ثلاثة {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} أعطَتْ حكمًا،

(1) الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 25).

ص: 120

و {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} أعطتْ حُكْمًا، و {فَسَقَى لَهُمَا} أعطت حكمًا ثالثًا.

وهذه الأحكام الثلاثة تُنظّم للمجتمع المسلم مسألة عمل المرأة، وما يجب علينا حينما تُضطر المرأة للعمل، فمن الحكم الأول نعلم أن سَقْي الأنعام من عمل الرجال، ومن الحكم الثاني نعلم أن المرأة لا تخرج للعمل إلا للضرورة (1)، ولا تؤدي مهمة الرجال إلا إذا عجز الرجل عن أداء هذه المهمة {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} .

أما الحكم الثالث فيعلم المجتمع المسلم أو حتى الإنساني إذا رأى المرأة قد خرجت للعمل فلابد أنه ليس لها رجل يقوم بهذه المهمة، فعليه أن يساعدها وأنْ يُيسِّر لها مهمتها.

وأذكر أنني حينما سافرت إلى السعودية سنة 1950 ركبتُ مع أحد الزملاء سيارته، وفي الطريق رأيتُه نزل من سيارته، وذهب إلى أحد المنازل، وكان أمامه طاولة من الخشب مُغطَّاة بقطعة من القماش، فأخذها ووضعها في السيارة، ثم سِرْنا فسألتُه عما يفعل، فقال:«من عاداتنا إذا رأيتُ مثل هذه الطاولة على باب البيت، فهي تعني أن صاحب البيت غير موجود، وأن ربة البيت قد أعدَّتْ العجين، وتريد مَنْ يخبزه فإذا مَرَّ أحدنا أخذه فخبزه، ثم أعاد الطاولة إلى مكانها» .

وفي قوله تعالى: {لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} إشارة إلى أن المرأة إذا اضْطُرَّتْ للخروج للعمل، وتوفرَتْ لها هذه الضرورة عليها أنْ تأخذَ الضرورة بقدرها، فلا تختلط بالرجال، وأنْ تعزل نفسها عن مزاحمتهم والاحتكاك بهم، وليس معنى أن الضرورة أخرجتْ المرأة لتقوم بعمل الرجال أنها أصبحتْ مثلهم، فتبيح لنفسها الاختلاط بهم».

23 -

قال الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله في تفسير قول الله

(1) المقصود بالضرورة هنا الحاجة أو الضرورة (د/ ياسر).

ص: 121

- عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)} (الأحزاب:53):

«

ذكر ـ سبحانه ـ بعض الآداب التى يجب عليهم أن يلتزموها مع نساء نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقال: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (الأحزاب:53).

أى: وإذا طلبتم ـ أيها المؤمنون ـ من أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا يتمتع به سواء أكان هذا الشئ حسيًّا كالطعام أم معنويًّا كمعرفة بعض الأحكام الشرعية.

إذا سألتموهن شيئًا من ذلك فليكن سؤالكم لهن من وراء حجاب ساتر بينكم وبينهن؛ لأن سؤالكم إياهن بهذه الطريقة، أطهر لقلوبكم وقلوبهن، وأبعد عن الوقوع فى الهواجس الشيطانية التى قد تتولد عن مشاهدتكم لهن، ومشاهدتهن لكم.

وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة التى تسمى بآية الحجاب، جملة من الأحكام والآداب منها:

1 -

وجوب الاستئذان عند دخول البيوت لتناول طعام، ووجوب الخروج بعد تناوله إلا إذا كانت هناك ضرورة تدعو للبقاء، كما أن من الواجب الحضور إلى الطعام فى الوقت المناسب له، وليس قبله انتظارا لنضجه وتقديمه.

2 -

حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء أكان ذلك فى الطعام أم فى غيره، فقد

ص: 122

أمر ـ سبحانه ـ المؤمنين، إذا سألوا أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا أن يسألوهن من وراء حجاب، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة، يؤدى إلى طهارة القلوب، وعفة النفوس، والبعد عن الريبة وخواطر السوء.

وحكم نساء المؤمنين فى ذلك كحكم أمهات المؤمنين، لأن قوله ـ سبحانه ـ {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} علة عامة تدل على تعميم الحكم، إذ جميع الرجال والنساء فى كل زمان ومكان فى حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب، وأعف للنفوس.

قال بعض العلماء ما ملخصه: وقوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد من العقلاء، إن غير ازواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم لا حاجة بهن إلى أطهرية قلوبهن، وقلوب الرجال من الريبة منهن.

فالجملة الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام فى جميع النساء. لا خاص بأمهات المؤمنين، وإن كان أصل اللفظ خاصًّا بهن، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه.

3 -

كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أنه لا يجوز للرجل الأجنبى أن يصافح امرأة أجنبية عنه، ولا يجوز له أن يمس شئٌ مِن بدنه شيئًا مِن بدنها.

والدليل على ذلك أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ثبت عنه أنه قال: «إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ» (1).

والله ـ تعالى ـ يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب:21)، فيلزمنا أن لا نصافح النساء الأجنبيات اقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم» (2).

(1) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني والأرنؤوط.

(2)

التفسير الوسيط للقرآن الكريم عند تفسير الآية 53 من سورة الأحزاب.

ص: 123