الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَصاصة (1) ": وهي القطعة من الرصاص.
" مثل هذه وأشار إلى مثل الجُمْجُمَة " بضم الجيمين وسكون الميم الأولى: وهي عظم الرأس المشتمل على الدِّماغ، أشار صلى الله عليه وسلم إليها تبيينًا لحجمها، وتنبيهًا على تدور شكلها؛ ليكون في ذلك بيان مدى قَعْرِ جهنم بأبلغ ما يمكن من البيان، وضرب المثل بالرصاص الرزين، والجوهر كلما كان أتم رزانة كان أسرع هبوطًا إلى مستقره؛ يعني: لو أنها.
" أُرْسِلَتْ من السماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمس مئة سنة لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أُرْسِلَتْ مِنْ رأس السِّلسلة ": يريد بها سلسلة الصراط.
" لسارت أربعين خريفًا الليلَ والنهارَ قبل أن تبلغ أصْلَهَا "؛ أي: أصل السِّلسلة.
" أو قَعْرَها ": شكٌّ من الراوي، أراد بها: قعر جهنم، إذ لا قعر للسلسلة.
* * *
8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ
(باب خلق الجنة والنار)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4418 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ ".
(1) في " ت ": " رضاضة ".
"من الصحاح":
" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حُفَّتِ الجنة "؛ أي: أُحْدِقَتْ وأُحِيطَتْ.
" بالمكاره ": جمع كُرْه على غير قياس كمحاسن وحسن، وهو المشقة والشدة؛ يعني: الجنة محدقة بأنواع الشدائد والمشقات، وهي تكاليف الشرع أمرًا ونهيًا.
" وحُفَّتِ النار بالشَّهوات ": وهي مستلذات النفس ومراداتها.
* * *
4419 -
عن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ، فقالتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بالمُتَكبرينَ والمُتَجبرينَ، وقالت الجَنَّةُ: فما لي لا يدخُلني إلَّا ضُعفاءُ النَّاسِ وسَقَطُهُم وغِرَّتُهُمْ؟ فقالَ الله للجَنَّةِ: إنَّما أَنْتِ رَحْمَتي أرحَمُ بكِ مَنْ أشاءُ مِن عِبادِي، وقال للنَّارِ: إنَّما أَنْتِ عَذابي أُعذِّبُ بكِ مَنْ أشاءُ مِنْ عِبادِي، ولكُلِّ واحدَة مِنْكُما مِلْؤُها، فأمَّا النَّارُ فلا تَمْتَلِئُ حتَّى يَضَعَ الله رِجْلَهُ فيها، وتَقُول: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنالِكَ تَمْتَلِئُ ويُرْوَى بَعْضُها إلى بَعْضٍ فلا يَظْلِمُ الله مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وأمَّا الجَنَّةُ فإن الله يُنشِئُ لها خَلْقًا ".
" قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحاجَّت "؛ أي: تخاصَمَتْ.
" الجنة والنار، فقالت النار: أُوثِرْتُ ": على صيغة المتكلم المجهول، من آثر بمعنى اختار.
" بالمتكبِّرين والمتجبِّرين، وقالت الجنة: فما لي ": استفهام؛ أي: أيُّ شيء وقع لي.
" لا يدخلني إلا ضعفاء الناس "؛ أي: أراذلهم.
" وَسَقَطُهُمْ (1) "؛ أي: دونهم.
" وغِرَّتُهُمْ "؛ أي: الذين لم يجرِّبوا الأمور الدنيوية، قال صلى الله عليه وسلم:" أكثر أهل الجنة البُلْهُ " أي: في أمور الدنيا.
" فقال الله للجنة: إنما أنت رحمتي ": سُمِّيت الجنة رحمةً؛ لأنها مظهرها.
" أرحم بك مَنْ أشاء مِنْ عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذِّب بك مَنْ أشاء مِنْ عبادي، ولكل واحدة منكما مِلْؤُها، فأمَّا النار فلا تمتلِئُ حتى يَضَعَ الله رِجْلَهُ ": قيل: المراد به: القهر والاستهانة؛ أي: حتى يستهين بأهلها، يقال: وضعْتُ رجلي على فلان؛ أي: قهرته، وقيل: المراد به: الجماعة التي بها يتمُّ عدد أهل النار.
" فتقول: قَطْ قَطْ قَطْ " بسكون الطاء وتخفيفها؛ معناه: أكتفي وأنتهي، وروي بالكسر، معناه: حسبي، وتكرارها ثلاثًا هو إحدى الروايات في (كتاب مسلم)، وفي سائر النسخ مرتين.
" فهنالك تَمْتَلِئُ ويُزْوَى ": على بناء المجهول؛ أي: يُضَمُّ ويجمع " بعضها إلى بعض " من غاية الامتلاء.
" فلا يظلم الله مِنْ خلقه أحدًا "؛ يعني: كل واحد من الناس مجزًى بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فحينئذٍ لا ظلم على أحد، قال الله تعالى:{الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17].
" وأما الجنة فإن الله تعالى ينشئ لها خلقًا "؛ أي: يخلق يوم القيامة خلقًا لتمتلئ الجنة بهم بعد ما دخل فيها الأنبياء والأولياء والمؤمنون؛ تصديقًا لقوله:
(1) في هامش " غ ": " في نسخة: وسفلتهم ".
(ولكل واحدةٍ منكما مِلْؤُها).
* * *
4420 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" لا تزالُ جَهَنَّمُ يُلقَى فيها وتَقُولُ: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} حتَّى يَضَعَ رَبُّ العِزَّةِ فيها قدَمَهُ، فيَنْزَوِي بَعْضُها إلى بَعْضٍ وتقولُ: قَطْ قَطْ قَطْ بِعِزَّتِكَ وكَرَمِكَ، ولا يزالُ في الجَنَّةِ فَضْلٌ حتَّى يُنْشِئَ الله لها خَلْقًا فيُسْكِنهمْ فَضْلَ الجَنَّةِ ".
" قال أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال جهنم يُلْقَى فيها، وتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} "؛ أي: زيادة.
" حتى يضعَ ربُّ العزَّة قدَمَهُ فيها "، قيل: المراد من القَدَم: قومٌ مسمى بهذا الاسم.
قال وهب: إن الله تعالى كان قد خلق قومًا قبل آدم رؤوسهم كرؤوس الكلاب، وسائر أعضائهم كأعضاء بني آدم، يقال لهم: القدم، فعصوا ربهم فأهلكهم الله يملأ الله بهم جهنم حين تستزيد، أو المراد به: مَنْ قَدَّمَهُم الله وأَعَدَّهم للنار من الكفرة، وقيل: المراد به: قدم بعض مخلوقاته أضافها إلى الله تعالى تعظيمًا كما قال: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا} [التحريم: 12] وكان النافخ جبرائيل عليه السلام، وقيل: هو اسم لقومٍ يخلقهم الله تعالى لجهنم، قال القاضي عياض: هذا أظهر التأويلات، ومذهب السلف فيه التَّسليم؛ لأنه من المتشابهات.
" فَيُزْوَى بعضها إلى بعض وتقول: قَطْ قَطْ، بعزَّتك وكرمك، ولا يزال في الجنة فضل "؛ أي: مسكنٌ خالٍ عن ساكنها لا تساعها.
" حتى ينشئ الله تعالى لها خلقًا فيسكنهم فضل الجنة ".
* * *
مِنَ الحِسَان:
4421 -
عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" لمَّا خَلَقَ الله الجَنَّةَ قال: لجبريلَ اذهَبْ فانظُرْ إليها، فذهَب فَنَظرَ إليها وإلى ما أعَدَّ الله لأَهْلِها فيها، ثُمَّ جاءَ فقالَ: أيْ رَبِّ وعِزَّتكَ لا يَسْمَعُ بها أَحَدٌ إلَّا دَخَلها، ثُمَّ حَفَّها بالمَكارِهِ، ثُمَّ قال: يا جبريلُ! اِذْهَبْ فانْظُرْ إليها، فَذَهَبَ فنظَر إليها، ثمَّ جاءَ فقال: أيْ رَبِّ وعِزَّتكَ لقدْ خَشِيتُ أنْ لا يَدْخُلَها أَحَدٌ. قال: فَلَمَّا خَلَقَ الله النَّارَ قال: يا جبريلُ! اِذْهَبْ فانظُرْ إليها، قالَ: فَذَهَبَ فَنَظَر إليها، فقالَ: أيْ رَبِّ وعِزَّتكَ لا يَسْمِعُ بها أَحَدٌ فَيَدْخُلُها، فَحَفَّها بالشَّهَواتِ، ثُمَّ قالَ: يا جبريلُ! اِذْهَبْ فانظُرْ إليها، فذَهبَ فنَظَرَ إليها، فقالَ: أيْ رَبِّ وعِزَّتِكَ لقدْ خَشِيتُ أنْ لا يبْقَى أَحَدٌ إلَّا دَخَلَها ".
"من الحسان":
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، ثم جاء فقال: أي ربِّ، وعزَّتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حَفَّها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل، اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي ربِّ، وعزتك لقد خشيْتُ أن لا يدخلها أحد، قال: فلما خلق الله النار قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها، قال: فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي ربِّ، وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخُلَها ": بالنصب خبر (لا) دخلها الفاء.
" فحفَّها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها فذهَبَ فنظر إليها، فقال: أي ربِّ، وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها ".
* * *