المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10 - باب مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٦

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشفاعة

- ‌5 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وأَهْلِهَا

- ‌6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى

- ‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

- ‌8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ

- ‌9 - باب بدءِ الخَلقِ، وذكرِ الأَنبياءِ عليهم السلام

- ‌1 - باب فَضَائِلِ سيدِ المُرسَلِينَ صلَوَاتُ الله عَلَيْهِ

- ‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - باب في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب المَبْعَثِ وَبدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - باب الكَرَامَاتِ

- ‌7 - باب(باب في بيان هجرة أصحابه من مكة)

- ‌8 - باب

- ‌1 - باب في مَناقبِ قريشٍ وَذِكرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌3 - باب مَناقِبِ أَبي بَكرٍ الصِّديقِ رضي الله عنه

- ‌4 - باب مَناقِبِ عُمَرَ بن الخَطابِ رضي الله عنه

- ‌5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - باب مَنَاقِبِ عُثمانَ في عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - باب مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثة رضي الله عنهم

- ‌8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ في أَبي طالب رضي الله عنه

- ‌9 - باب مَنَاقِبِ العَشرَةِ رضي الله عنهم

- ‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسِ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - باب ثوَابِ هذِهِ الأُمَّةِ

الفصل: ‌10 - باب مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

الزاي والتخفيف: من قارب البلوغ.

* * *

4794 -

وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: أَقْبَلَ سَعْدٌ، فقالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"هذا خالي، فليُرِني امرُؤ خالَه"، وكانَ سَعْدٌ مِن بني زُهْرَةَ، وكانت أمُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن بني زُهْرَةَ.

"عن جابر رضي الله عنه قال: أقبل سعدٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خالي فليكرمن امرؤٌ خاله، وكان سعد من بني زهرة" حي من قريش، "وكانت أم النبي صلى الله عليه وسلم من بني زهرة"، وزهرة اسم امرأة كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر، نُسِب ولده إليها، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، كذا في "الصحاح".

* * *

‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

-

(باب مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم)

مِنَ الصِّحَاحِ:

4795 -

عن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قالَ: لمَّا نزَلَتْ هذه الآيةُ: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَليًا وفاطِمَةَ وحَسَنًا وحُسَيْنًا فقالَ: "اللهمَّ! هؤلاءِ أهلُ بيتي".

"من الصحاح":

" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لمَّا نزلت هذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا

ص: 451

وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} [آل عمران: 61] ": خطابٌ إلى الكفار، سمى هذه الآية آية المباهلة.

"دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمة وحسنًا وحسينًا فقال: اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي".

* * *

4796 -

عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: خَرَجَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم غَداةً وعَليهِ مِرْطٌ مُرَحَّل مِن شَعْرٍ أسودَ، فجاءَ الحَسَنُ بن عليٍّ فأدخلَهُ، ثُمَّ جاءَ الحُسَينُ فدَخَلَ معَهَ، ثُمَّ جاءَتْ فاطِمَةُ فأَدْخَلَها، ثُمَّ جاءَ عليٌّ فأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ".

"عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غداةً"؛ أي: وقت الغداة، "وعليه مِرطٌ مرحَّل من شعرٍ أسود"، تقدم ذكره وبيانه في باب اللباس.

"فجاء الحسن بن عليٍّ - رضي الله تعالى عنهما - فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليٌّ فادخله، ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} "، وهو الإثم وكل ما يستقذر، " {أَهْلَ الْبَيْتِ} "؛ أي: يا أهل البيت، " {وَيُطَهِّرَكُمْ} ": من التلوث بالأرجاس، {تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33].

* * *

4797 -

وقالَ البَرَاءُ: لمَّا تُوُفِّي إبراهيمُ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لهُ مُرْضعًا في الجَنَّةِ".

ص: 452

"وقال البراء رضي الله عنه لمَّا توفي إبراهيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ له مرضعًا"، يروى بفتح الميم والضاد المعجمة؛ أي: رَضاعًا "في الجنة": والمراد من هذا: أن الله تعالى يقيم له من لذات الجنة وروحها ما يقع منه موقع الرضاع.

ويروى بضم الميم وكسر الضاد؛ أي: من يتم رضاعه؛ لأنه توفي قبل الفِطام.

قيل: إنه ابن ستة عشر شهرًا، وقيل: ثمانية عشر شهرًا، قيل: إنه يكون في النشأة البرزخية؛ لورود الأثر: أنَّ أهل الجنة تكون في عُمُر ثلاثين سنة.

ويكون قوله: "في الجنة" باعتبار أن القبر متعلقٌ بها، فيجوز أن لا ينحل بدن إبراهيم ويصير له هيئة يقدر بها على الارتضاع في القبر؛ ليكمل جسمانيته.

قال الإمام التُّورِبشتي: أصوب الروايتين الفتح؛ لأن العرب إذا أرادوا الفعل ألحقوا به هاء التأنيث نحو: أرضعت فهي مرضعة.

* * *

4798 -

عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كُنَّا أَزْواجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ، فأَقْبَلتْ فاطِمَةُ، ما تَخْفَى مِشْيَتُها مِن مِشيَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا رآهَا قال:"مرحبًا بابنتي"، ثُمَّ أَجْلَسَها، ثم سَارَّها، فبكَتْ بكاءً شديدًا، فلمَّا رأَى حُزْنَها سارَّها الثانية، فإذا هي تَضْحَكُ! فلمَّا قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَأَلتُها: عَمَّا سارَّكِ؟ قالَت: ما كُنْتُ لِأُفشيَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سِرَّه، فلَمَّا تُوُفِّي قلتُ: عَزَمتُ عليكِ بما لي عليكِ مِن الحقِّ لمَّا أخبرتِني، قالت: أمَّا الآنَ فَنَعَمْ، أمَّا حينَ سارَّني في الأمرِ الأولِ فإنَّهُ أخبرَني: أنَّ جِبْريلَ كانَ يُعارِضُه بالقُرآنِ كلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وأنَّه:"عارضَني بهِ العامَ مرَّتَينِ، ولا أُرَى الأَجَلَ إلا قد اقتَرَبَ، فاتَّقي الله واصبري، فإنِّي نِعمَ السَّلفُ أنا لكِ"، فبَكَيْتُ، فلمَّا رَأَى جَزَعي سارَّني الثانيةَ قال:"يا فاطِمَةُ! ألا تَرْضَيْنَ أنْ تكوني سَيدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ - أو: نِساءِ المُؤْمنين - ".

ص: 453

وفي روايةٍ: سارَّني فأَخْبَرني أنه يُقْبَضُ في وَجَعِه، فبكَيْتُ، ثُمَّ سارَّني فأَخْبَرَني أنِّي أَوَّلُ أَهْلِ بيتِهِ أَتْبَعُه، فَضَحِكْتُ.

"عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنَّا أزواجَ النبي صلى الله عليه وسلم " - نصب على المدح - "عنده"؛ أي: رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، "فأقبلت فاطمة رضي الله عنها ما تخفَى مشيتها عن مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم "؛ أي: تشبه مشيتُها مشيةَ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، الجملة حالٌ عن فاطمة.

"فلما رآها قال: مرحبًا بابنتي، ثم أجلسها، ثم سارَّها"؛ أي: يكلِّمها بالسر، "فبكت بكاءً شديدًا، فلما رأى حزنها سارَّها الثانية، فإذا هي تضحك، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتُها عما سارَّك، قالت: ما كلنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سِرَّه، فلما توفي قلت: عزمتُ عليك"؛ أي: أقسمت عليك "بما لي عليك من الحق لما أخبرتني" من مسارة النبي صلى الله عليه وسلم معك.

"قالت: أمَّا الآن فنعم، أمَّا حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني أن جبريل صلى الله عليه وسلم كان يعارضني بالقرآن"؛ أي: يدارسني جميع القرآن "كل سنةٍ مرة" من المعارضة؛ أي: المقابلة، وسبب المقابلة هو أنه قد ينسخ بعض الأحكام ويثبت بعضها.

"فإنه عارضني به العامَ مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإني نعم السَّلَف أنا لك، فبكيتُ، فلما رأى جَزَعي سارَّني الثانية قال: يا فاطمة! ألا ترضينَ" - بتخفيف النون وسكون الياء - "أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين"، فيه دليل على أن فاطمة خير نساء المؤمنين، وأفضل في الدنيا والآخرة.

"وفي رواية: سارني فأخبرني أنه يُقبض في وجعه، فبكيت، ثم سارني فأخبرنى أني أول أهل بيته أتبعه"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم، "فضحكت"، روي: أنها

ص: 454

عاشت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم شهرين وعشرين يومًا، وفيه معجزةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر في حياته عن اتباع ابنته، فصار كما قال.

* * *

4799 -

عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "فاطمةُ بَضْعَةٌ منِّي، فمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبني".

وفي روايةٍ: "يُريبني ما أَرَابَها، ويُؤذيني ما آذَاهَا".

"عن المِسْور بن مخرمة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاطمة بَضعةٌ مني": والبضعة - بفتح الباء - قطعةٌ من اللحم، وقد تكسر الباء؛ أي: إنها جزءٌ مني.

"فمن أغضبها أغضبني، وفي رواية: يَريبني ما أرابها"؛ أي: يسوؤني ما يسوؤها، "ويؤذيني ما آذاها".

روي: أنه صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر: "إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوني في أن يُنْكِحوا علي بن أبي طالب ولا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعةٌ مني يريبني ما أرابها"؛ أي: يؤذيني ما آذاها.

وروي: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لما مات ولدي من خديجة أوحى الله تعالى ألا تقربها، وكنت بها محبًا، فسألت الله تعالى أن يجمع بيني وبينها، فأتاني جبريل عليه السلام ليلة الجمعة لأربعٍ خَلَون من شهر رمضان بطبقٍ من رُطَب الجنة، فقال لي: يا محمد! كل هذا وواقِعْ خديجةَ الليلة، ففعلتُ، فحملت بفاطمة، فما لَثَمت (1) فاطمة إلا وجدت ريح ذلك الرطب منها".

(1) في هامش "غ": "اللثم: القبلة".

ص: 455

قيل: إنما سميت فاطمة؛ لأن الله تعالى فَطَم مَنْ أحبَّها من النار.

* * *

4800 -

عن زيدِ بن أَرْقَمَ رضي الله عنه قال: قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خَطيبًا بماءٍ يُدعَى خُمًّا، بينَ مكَّةَ والمدينةِ، فحَمِدَ الله وأثنَى عليهِ، ووَعظَ وذَكَّرَ ثم قالَ:"أمَّا بَعْدُ، أيُّها النَّاسُ! إنَّما أنا بَشَرٌ يُوشِكُ أنْ يأتيَني رسولُ ربي فأُجيبَ، وأنا تارِكٌ فيكم الثَّقَلَيْنِ، أولهُما: كتابُ الله، فيهِ الهدى والنورُ، فخُذوا بكتابِ الله واستَمْسِكوا بهِ، وأَهْلُ بيتي، أُذَكِّرُكم الله في أَهْلِ بيتي، أُذَكَرُكم الله في أهلِ بيتي، أُذكرُكم الله في أهلِ بيتي".

وفي روايةٍ: "كتابُ الله، هوَ حبلُ الله، مَن اتَّبَعَهُ كانَ على الهدَى، ومَن تَرَكَهُ كانَ على الضَّلالةِ".

"عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا بماءٍ"؛ أي: عند ماءٍ "يدعى"؛ أي: يسمى ذلك الماء "خُمًا" - بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم - هو موضع بذي الحُلَيفة.

"بين مكة والمدينة، فحمِدَ الله تعالى، وأثنى عليه، ووعظ، وذكَّر، ثم قال: أما بعد أيها الناس! إنما أنا بشرٌ يوشك أن يأتيني رسولُ ربي": أراد بالرسول: مَلَك الموت يأتيه لقبض روحه صلى الله عليه وسلم، "فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به وأهل بيتي": سمَّاهما ثقلين؛ لأن الأخذ والعمل بهما ثقيلٌ، وقيل في تفسير قوله تعالى:{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)} [المزمل: 5]: أي: أوامر الله تعالى وفرائضه ونواهيه؛ لأنه لا تُؤدَّى إلا بتكلف ما يثقل.

وقيل: {قَوْلًا ثَقِيلًا} ؛ أيْ له وزنٌ وقدرٌ، وسمي الإنس والجن ثقلين؛

ص: 456

لأنهما فُضلا بالتمييز على سائر الحيوانات، وكل شيءٍ له وزنٌ وقدرٌ يُتنافس فيه فهو ثقيلٌ.

"أذكركم الله في أهل بيتي"؛ أي: بالمودة والمحافظة بهم واحترامهم.

"أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي"

"وفي روايةٍ: كتاب الله هو حبل الله"؛ أي: دين الله، وعهد الله "مَن اتبعه كان على الهدى، ومَنْ تركه كان على الضلالة".

* * *

4801 -

عن البَرَاءِ قال: قالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "أنتَ مِنِّي وأنا مِنْكَ"، وقال لجَعْفَرٍ:"أَشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقي"، وقالَ لزَيدٍ:"أنت أَخُونا ومَوْلانا".

"عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: أنت مني وأنا منك، وقال لجعفرٍ: أشبهت خَلْقى وخُلُقي" - بضم الخاء واللام - بمعنى الطبيعة؛ يعني: أشبهتني خِلقةً وسَجِيةً.

"وقال لزيد بن الحارث: اْنت أخونا"؛ أي: في الدين "ومولانا"؛ أي: عَتيقنا؛ لأن الله تعالى أنزل في حق زيد بن الحارث: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5]، وكان زيد عتيقَ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، إنما قال لهم هذه الكلمات تطييبًا لقلوبهم.

* * *

4802 -

وكانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما إذا سلَّمَ على ابن جَعْفَرٍ قالَ: السَّلامُ عليكَ يا ابن ذي الجناحَيْنِ!

"وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سَلَّم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي

ص: 457

الجناحين"، وإنما سمي جعفر ذا الجناحين؛ لما روي: أنه كان أميرًا بيده راية الإسلام، فقاتل في سبيل الله بأرض الشام حتى قُطعت يداه ورجلاه، فأصيب بها، فكُشف للنبي صلى الله عليه وسلم حتى رآه في الجنة أنَّ له جناحين ملطوخين بالدم يطير بهما مع الملائكة حيث يشاء.

* * *

4803 -

وعن البَرَاءِ قال: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والحَسَنُ بن عليٍّ على عاتِقِه يقولُ: "اللهمَّ! إنِّي أُحِبُّه، فأَحِبَّهُ".

"وعن البراء رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن بن عليٍّ على عاتقه يقول: اللهمَّ إني أحبه فأحبه".

* * *

4804 -

وعن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه قال: خَرَجْتُ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في طائِفَةٍ مِن النَّهارِ حتى أَتَى خباءَ فاطِمَةَ فقالَ: "أَثَمَّ لُكَعُ؟ أَثَمَّ لُكَعُ؟ "، يعني حَسَنًا، فلم يَلْبَثْ أنْ جاءَ يَسْعَى، حتَّى اعتَنَقَ كلُّ واحِدٍ منهما صاحبَهُ، فقالَ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ! إني أُحِبُّه، فأَحِبَّهُ وأَحِبَّ مَن يُحبُّه".

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من النهار"؛ أي: في قطعةٍ منه، "حتى أتى خِباءَ فاطمة": أراد به حُجرتها، وقيل: حول دارها.

"فقال: أثمَّ لكع، أثم لكع؛ يعني: حسنًا": سماه لُكعًا لصباه وصغره، واللكع: الصبي الصغير الذي لا عَقل له.

"فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كلُّ واحدٍ منهما صاحبه، فقال

ص: 458

النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إنِّي أحبه فأحبَّه وأحِبَّ مَنْ يحبه".

* * *

4805 -

وعن أبي بَكْرةَ رضي الله عنه قال: رأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على المِنْبرِ، والحَسَنُ بن عليٍّ إلى جَنْبهِ، وهوَ يُقْبلُ على النَّاسِ مَرَّةً وعلَيْهِ أُخْرى ويقولُ:"إنَّ ابني هذا سَيدٌ، ولعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بهِ بينَ فئتينِ عظيمتينِ مِن المُسْلِمين".

"وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، والحسن بن عليٍّ إلى جنبه وهو"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم "يُقبل على الناس"؛ أي: يتوجه إليهم بوجهه "مرةً، وعليه أخرى"؛ أي: يقبل على الحسن مرةً أخرى.

"ويقول: إن ابني هذا سيدٌ"، وهو من لا يَغْلبه غضبه، وقيل: هو الحكيم، وقيل: الذي يفوق قومَه في الخير، والأول أليق.

"ولعل الله أن يصلح به"؛ أي: بالحسن "بين فئتين عظيمتين من المسلمين": قيل: قد خرج مصداق هذا القول في الحسن بن علي رضي الله عنه بتركه الأمر حين صارت الخلافة إليه، خوفًا من الفتنة، وكراهة لإراقة دماء المسلمين (1)، فأصلح الله بين أهل الشام وهي الفئة التي كانت مع معاوية، وأهل العراق وهي فئة الحسن رضي الله عنه، دعاه ورعُه وشفقته على أمةِ جَدِّه صلى الله عليه وسلم إلى ترك الملك والدنيا رغبةً فيما عند الله تعالى، ولم يكن ذلك لقلة ولا ذِلة، وقد بايعه على الموت أربعون ألفًا تركًا للدنيا، ورغبةً فيما عند الله تعالى.

وفي الحديث دليلٌ على أن واحدًا من الفئتين لم يخرج عن ملة الإسلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعلَهم مسلمِين مع كون إحداهما مخطئة.

وفيه دليلٌ أيضًا على أنه لو وَقَفَ شيئًا على أولاده يدخل فيه ولدُ الولد؛

(1) في "غ": "أهل الإسلام".

ص: 459

لأنه صلى الله عليه وسلم سمَّى ولد بنته (1) ولدًا.

* * *

4806 -

وعن ابن عُمَرَ في الحَسَنِ والحُسَينِ رضي الله عنهم قالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "هُما رَيْحَانِي مِن الدُّنيا".

"وعن ابن عمر في الحسن والحسين رضي الله عنهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: هما ريحانيَّ" - بالتشديد والتخفيف -، والريحان هنا مفسَّرٌ بالرزق؛ أي: هما من رزق الله الذي رزقَنيه، "من الدنيا"، ويجوز أن يراد به الريحان المشموم؛ لأن الأولاد قد يُشمون ويُقبَّلون، وكأنهم من الرياحين التي أنبتها الله تعالى.

* * *

4807 -

عن أنسٍ رضي الله عنه قال: لم يكنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحَسَنِ بن عليٍّ.

"وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: لم يكن أحدٌ أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن عليٍّ".

* * *

4808 -

وقال في الحُسَيْنِ أيضًا: كانَ أَشْبَهَهُمْ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

"وقال في الحسين بن عليٍّ أيضًا: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم ".

* * *

4809 -

عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: ضَمَّني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلي صَدْرِه وقال:

(1) في "غ": "ابن ابنته".

ص: 460

"اللهمَّ! عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ".

وفي روايةٍ: "عَلِّمْه الكِتابَ".

"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ضمني النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: اللهمَّ علِّمه الحكمة"، قيل: هي الفقه، وقيل: هي الإصابة في الأقوال؛ إنْ نَطَق نطق بالله، وإن سكت سكت مع الله.

"وفي روايةٍ: علَّمه الكتاب".

* * *

4810 -

وعنه قال: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الخَلاءَ فَوَضَعْتُ له وَضُوءًا قال: "مَن وَضَعَ هذا؟ " فأُخْبرَ فقالَ: "اللهمَّ! فَقِّههُ في الدِّين".

"وعنه قال: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل الخَلاء فوضعت له وضوءًا" - بالفتح -؛ أي: ماءً للوضوء، "قال: مَنْ وضع هذا؟ "، (من) هذه استفهامية.

"فأُخبر": على صيغة المجهول، "فقال: اللهم فقِّهه في الدين".

* * *

4811 -

عن أُسامَةَ بن زيدٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَأْخُذُه والحَسَنَ فيقولُ:"اللهمَّ! أَحِبَّهما، فإنِّي أُحِبُّهما".

"وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان يأخذه والحسنَ فيقول: اللهمَّ أحبَّهما فإنِّي أحبُّهما".

* * *

4812 -

عن أُسامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُني فيُقعِدُني على فَخِذِه، ويُقعِدُ الحَسَنَ بن عليٍّ على فَخِذِه الأُخْرى، ثُمَّ يَضُمُّهما، ثم

ص: 461

يقولُ: "اللهمَّ! ارحَمْهُما، فإنِّي أَرْحَمُهما".

"وعن أسامة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذنى ويُقعدني على فخذه، ويُقعد الحسن بن عليٍّ على فخذه الأخرى، ثم يضمُّهما، ثم يقول: اللهمَّ ارحمهما فإني أرحمهما".

* * *

4813 -

وعن عبدِ الله بن عُمَرَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعْثًا وأمَّرَ عَلَيهم أُسامَةَ بن زيدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ في إِمارتِه، فقامَ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إِنْ تَطْعَنُوا في إِمارتِه فقد كنتُم تَطْعَنونَ في إِمارةِ أبيهِ مِن قَبْلُ، وايمُ الله إنْ كانَ لَخَليقًا للإمارةِ، وإنْ كانَ لمِن أَحَبِّ النَّاسِ إليَّ، وإنَّ هذا لمِنْ أَحَبَ النَّاسِ إليَّ بَعْدَه".

وفي روايةٍ: "وأُوصيكُم بهِ، فإنَّه مِن صَالحِيكم".

"وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثًا وأمَّر" - بتشديد الميم - "عليهم أسامة بن زيد"؛ أي: جعله أميرًا عليهم، وكان صغيرًا، وفي الجيش كبار من الصحابة، "فطعن الناسُ في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنْ تطعنوا في إمارته فقد كنتم (1) تطعَنون في إمارة أبيه من قبل": وإنما طُعِنا؛ لأنهما من الموالي، وقد كانت العرب تَستنكف من اتباع الموالي، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى ترك عادات الجاهلية فقال:"وايم الله": هذا قسم أصله: وأيمن، "إن كان":(إن) هذه مخففة، اسمها ضمير الشأن محذوف، وكذا (إن) بعدها، وضمير (كان) عائد إلى (أبيه)، "لخليقًا"؛ أي: جديرًا "للإمارة": فإن ارتفاع قدر الناس بالعلم والهجرة والتُّقى.

(1) في "غ " زيادة: "أي فسبب للإخبار بقد كنتم".

ص: 462

"وإنْ كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا"؛ أي: أسامة "لمن أحب الناس إليَّ بعده"؛ أي: بعد أبيه، أراد به بيان حبه لا تفضيله في الحب على غيره.

"وفي روايةٍ: أوصيكم به، فإنه من صالحيكم".

* * *

4814 -

عن ابن عُمَرَ رضي الله عنه قال: إنَّ زيدَ بن حارِثَةَ مولَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما كُنَّا نَدْعُوهُ إلا زيدَ بن مُحَمَّدٍ حتى نزَلَ القُرآنُ: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} .

"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال؛ إن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "؛ أي: عتيقه، وكان صلى الله عليه وسلم يتبناه، "ما كنا ندعوه إلا زبد بن محمد، حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] ".

* * *

مِنَ الحِسَان:

4815 -

عن جابرٍ رضي الله عنه قال: رأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّتِهِ يومَ عَرَفةَ، وهو على ناقتِهِ القَصْواءِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يقولُ:"يا أيُّها النَّاسُ! إنِّي قد تَرَكتُ فيكم ما إنْ أخذْتُم بهِ لن تَضلُّوا، كتابَ الله وعِتْرَتي أهلَ بَيْتي".

"من الحسان":

" عن جابرٍ رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّته يومَ عرفة وهو على ناقته القَصواء": والقصواء لقب لها، لا أنها مجدوعة الأذن.

"يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به": (ما) هذه موصولة، والجملة الشرطية صلتها وجواب الشرط:"لن تضلوا أبدًا: كتاب الله": بيان لـ (ما) الموصول، أو بدل منه.

ص: 463

"وعترتي أهل بيتي": بدل من (عترتي)، أو عطف بيان له.

* * *

4816 -

عن زَيْدِ بن أَرْقَمَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي تَاِركٌ فيكم ما إن تَمَسَّكْتُم بهِ لن تَضلُّوا بَعْدي، أَحَدُهما أَعْظَمُ مِن الآخرِ: كتابُ الله حبلٌ، مَمْدودٌ مِن السَّماءَ إلى الأَرْضِ، وعِتْرَتي أهلُ بيتي، ولن يَتَفرَّقا حتى يَرِدَا عليٍّ الحَوْضَ، فانظُروا كيفَ تَخْلُفوننَي فيهما".

"عن زيد بن أرقم - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض": معنى التمسك به: العمل بما فيه، وهو الائتمار بأوامره والانتهاء بنواهيه.

"وعترتي أهل بيتي": معنى التمسك بالعتِرة: محبتهم، والاهتداء بهداهُم وسيرتهم.

"ولن يتفرقا"؛ أي: لا يفارقان في مواطن القيامة ومشاهدها، "حتى يَرِدَا عليٍّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما"؛ أي: تأملوا واستعملوا الروَيَّة في اسخلافي إياكم، هل تكونون خَلَفَ صدقٍ أو خَلَفَ سوء؟! * * *

4817 -

وعن زيدِ بن أَرْقَمَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لعليٍّ وفاطِمَةَ والحَسَنِ والحُسَينِ: "أنا حَرْبٌ لِمَن حاربَهم، وَسِلْمٌ لِمَن سَالمَهم".

"وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم: أنا حربٌ"؛ أي: محارب "لمن حاربهم، وسِلْم"؛ أي: مسالم

ص: 464

ومصالح "لمن سالمهم"؛ يعني: مَنْ أحبهم أحبني، ومَنْ أبغضهم أبغضني.

* * *

4818 -

ويُروى عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّها سُئِلَتْ: أَيُّ النَّاسِ كانَ أَحَبَّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فَاطِمَةُ، فقيلَ: مِن الرِّجالِ؟ قالت: زوجُها.

"وروي عن عائشة رضي الله عنها: أنها سُئلت: أيُّ الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، فقيل: مِنَ الرجال؟ قالت: زوجها".

* * *

4819 -

وعن عبد المُطَّلِب بن ربيعةَ رضي الله عنه: أنَّ العَبَّاسَ رضي الله عنه دَخَلَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا وأنا عِنْدَه فقالَ: "ما أغضبَكَ؛ " قال: يا رسولَ الله! ما لَنا ولقُرَيشٍ؟ إذا تَلاقَوْا بينَهم تَلاقَوْا بوُجوهٍ مُسْتَبْشِرَةٍ، وإذا لقُونا لقُونا بغيرِ ذلكَ، فغَضبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى احمَرَّ وَجْهُهُ، ثُمَّ قال:"والذي نَفْسي بيدِه، لا يَدْخُلُ قَلْبَ رجلٍ الإيمانُ حتى يُحِبَّكم للهِ ولرسولِهِ"، ثُمَّ قال؟ "أيُّها النَّاسُ! مَن آذَى عَمِّي فقد آذَاني، فإنَّما عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيهِ".

"عن عبد المطلب بن ربيعة: أن العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا" على صيغة المجهول، "وأنا عنده، فقال صلى الله عليه وسلم: ما أغضبك": (ما) للاستفهام؛ أي: أيَّ شيء أغضبك؟

"قال: يا رسول الله! ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقَوا بوجوه مستبشرة" ويروى: مبشرة - بالضم ثم السكون ثم الفتح -، والمعنى فيهما واحدٌ؛ أي: بوجوهٍ عليها البشر والنَّضَارة.

"وإذا لقونا لقونا بغير ذلك"، بل رأونا كارهين، "فغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتّى احمرَّ وجهه، ثم قال: والذي نفسي بيده! لا يدخل قلبَ رجل الإيمانُ

ص: 465

حتّى يحبَّكم لله تعالى ولرسوله، ثم قال: يا أيّها النّاس! مَنْ آذى عَمِّي فقد آذاني، فإنّما عَمُّ الرجلِ صِنْوُ أبيه"؛ أي: مثله، يعني: ما كان عم الرجل وأبوه إلا صِنْوين، وهما من أصلٍ واحد.

* * *

4820 -

وروي عن عليٍّ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لعُمَرَ في العَبَّاسِ: "إنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيهِ".

"وروي عن عليّ رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعمَر في العباس: إن عمَّ الرجل صِنْو أبيه".

* * *

4821 -

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "العَبَّاسُ مِنِّي وأنا مِنهُ".

"عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: العبّاسُ منّي وأنا منه".

* * *

4822 -

وعنه قال: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم للعَبَّاسِ: "إذا كانَ غَداةَ الإثنينِ فأْتِني أنتَ وولدُك حتى أَدْعُوَ لهمْ بدَعْوَةٍ ينفَعُكَ الله بها وَوَلَدَكَ"، فغدَا وغَدَوْنا معَه وألبَسَنا كِسَاءَهُ ثُمَّ قال:"اللهمَّ! اغفِرْ للعَبَّاسِ وولدِهِ مَغْفِرةً ظاهِرَةً وباطِنَهً لا تُغادِرُ ذنبًا، "اللهمَّ! احفَظْهُ في وَلَدِه"، غريب.

"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان غداة الاثنين فأتني أنت وولدُك حتى أدعَو لكم بدعوةٍ ينفعك الله بها وولدَكِ، فغدا"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم، "وغدونا معه، وألبسنا كسِاءه": إلباسُه صلى الله عليه وسلم كساءه إيَّاهم إشارة إلى أنهم خاصته، وأنهم بمثابة النفس الواحدة التي يشمَلُها كساءٌ واحدٌ.

ص: 466

"ثم قال: اللهم اغفر للعباس وولدِه مغفرةً ظاهرةً وباطنة"؛ أي: ما ظهر من الذنوب وما بطن، "لا تغادر"؛ أي: لا تترك "ذنبًا، اللهم احفظه في ولده"؛ أي: مع ولده.

"غريب".

* * *

4823 -

عن ابن عبَّاسٍ: أنه رأَى جِبْريلَ مَرَّتينِ، ودَعَا لهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّتينِ.

"عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنه رأى جبرائيل عليه الصلاة والسلام مرتين، ودعا له"؛ أي: للعباس.

* * *

4824 -

وعنه: أَنَّه قال: دَعَا لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُؤْتيَني الحِكْمَةَ مرَّتينِ.

"وعنه: أنه قال: دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤتينَي الحكمة"؛ أي: يعطيني الله تعالى العلمَ والفهم "مرتين".

* * *

4825 -

وعن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رَأَيتُ جَعْفَرًا يطيرُ في الجَنَّةِ معَ المَلائكةِ"، غريب.

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيتُ جعفرًا يطيُر في الجنة مع الملائكة".

"غريب".

* * *

ص: 467

4826 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: كانَ جَعْفَرٌ يُحِبُّ المَساكينَ، ويَجْلِسُ إليهم، ويُحَدِّثُهم ويُحَدِّثونَهُ، فكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَكْنيهِ بأبي المساكينِ.

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان جعفرٌ يحبُّ المساكين، ويجَلس إليهم، ويحدِّثهم ويحدثونه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَكْنيه بأبي المساكين".

* * *

4827 -

عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيدا شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ".

"عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شبابِ أهل الجنة": جمع شاب، يعني: هما أفضل مَنْ مات شابًا في سبيل الله من أصحاب الجنة، ولم يُرِدْ سِنَّ الشاب لموتهما، وقد اكتهلا، بل ما يفعله الشباب من المروءة كما يقال: فلان فتي وإن كان شيخًا، إشارة إلى مروءته.

* * *

4828 -

عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الحَسَنَ والحُسَيْنَ هُما رَيْحانِي مِن الدُّنيا".

"عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين هما رحماني من الدنيا"، تقدم بيانه.

4829 -

عن أُسامَةَ بن زيدٍ رضي الله عنه قالَ: طَرَقتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلة في بَعْضِ الحاجَةِ، فخَرَجَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو مُشْتَمِلٌ على شَيْءٍ لا أدري ما هو، فلَمَّا فَرَغْتُ مِن حاجَتي قُلتُ: ما هذا الذي أَنتَ مُشْتَمِلٌ عليه؛ فكشَفَهُ فإذا الحَسَنُ والحُسَينُ على وَرِكيْهِ فقالَ: "هذانِ ابنايَ وابنا ابنتي، اللهمَّ! إِنِّي أُحِبُّهما، فأَحِبَّهما وأَحِبَّ مَن يُحِبُّهما".

ص: 468

"عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: طرقْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلة"؛ أي: أتيته ليلًا "في بعض الحاجة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشتملٌ على شيءٍ لا أدري ما هو، فلما فَرَغْتُ من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتملٌ عليه؛ فكشفه فإذا الحسنُ والحسين على وَركيه، فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهمَّ إني أحبهما فاحبَّهما، وأحِبَّ مَنْ يحبهما".

* * *

4830 -

عن سَلْمى قالت: دخلتُ على أُمِّ سَلَمَةَ وهي تبكي، فقلتُ: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، تعني في المنامِ، وعلى رَأْسِه ولحيتِهِ التُّرابُ، فقلتُ: ما لكَ يا رسولَ الله؟ قال: "شَهِدْتُ قتلَ الحُسَينِ آنِفًا"، غريب.

"عن سَلْمى رضي الله عنها قالت: دخلتُ على أم سلمة رضي الله عنها وهي تبكي، فقلت: ما يبُكيكِ؟ قالت: رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ تعني"؛ أي: تريد أم سلمة بالرؤية (1)"في المنام، وعلى رأسه ولحيته الترابُ، فقلت: ما لكَ يا رسول الله؟ قال: شهدت"؛ أي: حضرتُ "قتلَ الحسينِ آنفًا"؛ أي: في الحال.

"غريب".

* * *

4831 -

وعن أنسٍ صلى الله عليه وسلم قال: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إليكَ؟ قال: "الحَسَنُ والحُسَيْنُ"، وكانَ يقولُ لفاطمةَ:"ادعي لي ابنيَّ"، فيَشمُّهما ويَضمُّهما إليهِ. غريب.

(1) في هامش "غ": "في نسخة: في الرؤية".

ص: 469

"عن أنسٍ رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ أهل بيتك أحبُّ إليك؟ قال: الحسن والحسين، وكان يقول لفاطمة: ادعي لي ابنيَّ فيشمُّهما"؛ يعني الحسن والحسين، "ويضمُّهما إليه". "غريب".

* * *

4832 -

عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبنا، إذ جاءَ الحَسَنُ والحُسَيْنُ وعليهما قميصانِ أَحْمَرانِ يمشيانِ ويعثُرانِ، فنزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن المِنْبَرِ، فَحَمَلَهما فَوَضعَهما بينَ يديهِ ثم قال:"صَدَق الله {إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}، نظرْتُ إلى هذيْنِ الصبيَّيْنِ يمشيانِ ويعثُرانِ فلَمْ أَصْبرْ حتى قَطَعْتُ حديثي ورَفَعْتُهما".

"عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُبنا، إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصانِ أحمرانِ يمشيان ويَعْثُران"؛ أي: يسقطان على الأرض لصغر سنِّهما.

"فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صَدَق الله: {إَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر (1) "، لتأثير الرقة والرحمة في قلبي "حتى قطعت حديثي ورفعتهما".

* * *

4833 -

عن يَعْلى بن مُرَّةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حُسَيْنٌ منِّي وأنا مِن حُسَيْنٍ، أَحَبَّ الله مَن أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِن الأَسْباطِ".

(1) في "غ": "أصطبر"، وجاء على هامشها:"في نسخة: أصبر".

ص: 470

"عن يعلى بن مُرَّة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَّ الله مَنْ أحب حسينًا، حسينٌ سبطٌ من الأسباط": السبط - بكسر السين - ولد الولد مأخوذ من السَّبَط - بالفتح -، وهي شجرةٌ لها أغصانٌ كثيرة وأصلها واحد، وقيل: معناه: إنه أمةٌ من الأمم في الخير، ويحتمل أنه أراد بالسبط القبيلة؛ أي: يتشعب منه فروع كثيرة كأسباط يعقوب.

* * *

4834 -

عن عليٍّ رضي الله عنه قال: الحَسَنُ أَشْبَهَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما بينَ الصَّدْرِ إلى الرَّأْسِ، والحُسَيْنُ أَشْبهَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما كانَ أَسْفَلَ مِن ذلك. غريب.

"عن عليٍّ - رضي الله تعالى عنه - قال: الحسن أشبهُ الناسِ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفلَ من ذلك".

* * *

4835 -

عن حُذَيْفة رضي الله عنه: قلتُ لأُمِّي: دعيني آتي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأُصَلِّيَ معَهُ المَغْرِبَ وأَسألُه أنْ يستغفرَ لي ولكِ، فأَتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فصَلَّيتُ معَهُ المَغْرِبَ، فَصَلَّى حتى صلَّى العِشاءَ، ثُمَّ انفتلَ فتَبعْتُه، فسمعَ صَوْتي فقال:"مَن هذا، حذيفةُ؟ " قلتُ: نعم، قالَ:"ما حاجَتُكَ؟ غفرَ الله لكَ ولأُمِّكَ، إنَّ هذا مَلَكٌ لم يَنْزِلْ إلى الأَرْضِ قَطُّ قبلَ هذه اللَّيلةِ، استَأْذَنَ ربَّهُ أنْ يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطِمَةَ سَيدةُ نساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وأنَّ الحَسَنَ والحُسَينَ سيدا شبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ"، غريب.

"عن حذيفَة رضي الله عنه قال: قلت لأمي: دعيني آتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفرَ لي ولك، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب

ص: 471

فصلى"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم النافلة، "حتى صلى العشاء، ثم انفتل"؛ أي: رجع، "فتبعته فسمع صوتى فقال: مَنْ هذا حذيفة؟ ": بحذف حرف الاستفهام، "قلت: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: ما حاجتك غفر الله لك ولأمك، إن هذا مَلَك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربَّه أن يسلم عليَّ، ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، "غريب".

* * *

4836 -

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حامِلَ الحَسَنِ بن عليٍّ على عاتِقِه، فقالَ رجلٌ: نِعْمَ المَرْكِبُ رَكبتَ يا غُلامُ! فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ونِعمَ الرَّاكِبُ هوَ".

"عن ابن عباسٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملَ الحسنِ بن عليٍّ رضي الله عنهما على عاتقه، فقال رجل: نِعْمُ المركبُ رَكِبْتُ يا غلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ونعم الراكب هو".

* * *

4837 -

عن عُمَرَ رضي الله عنه: أنه فَرَضَ لأُسامةَ في ثلاثةِ آلافٍ وخَمْسِ مئةٍ، وفرضَ لعبدِ الله بن عمرَ رضي الله عنه في ثلاثةِ آلَافٍ، فقالَ عبدُ الله بن عمرَ رضي الله عنه لأَبيهِ: لِمَ فَضَّلْتَ أُسامَةَ عليَّ؟ فوالله ما سبَقَني إلى مَشْهَدٍ، قال: لأَنَّ زيدًا كانَ أَحَبَّ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن أبيكَ، فكانَ أسامةُ أَحَبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْكَ، فآَثَرْتُ حِبَّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على حِبي.

"عن عمر رضي الله عنه أنه فرض لأسامة"؛ أي: قدَّر عمر رضي الله عنه في إمارته من بيت المال رزقًا له.

ص: 472

"في ثلاثة آلافٍ وخمس مئة، وفَرَض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلافٍ، فقال عبد الله بن عمر لأبيه: لِمَ فضَّلت أسامة عليّ، فوالله ما سبقني إلى مشهدٍ": أراد بالمشهد: حضور القتال ومعركة الكفار، "قال: لأن زيدًا كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فآثرت"؛ أي: اخترت "حبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على حبي".

* * *

4838 -

عن جَبَلَةَ بن حَارِثَةَ رضي الله عنه قال: قَدِمْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسولَ الله! ابعَثْ معي أَخي زيدًا، قال:"هو ذَا، فإنْ انطَلَق مَعَكَ لَمْ أَمْنَعْهُ"، قال زيدٌ: يا رسولَ الله! والله لا أَخْتارُ عليكَ أَحَدًا قال: فرأيتُ رأْيَ أخي أَفْضَلَ مِن رأيي.

"عن جَبَلة" - بفتح الجيم والباء الموحدة - "بن حارثة قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسولَ الله! ابعث معي أخي زيدًا، قال: هو ذا": (هو) عائد إلى (زيد)، و (ذا) إشار إليه، يعني: مطلوبك هذا.

"فإن انطلقَ معك لم أمنعه، قال زيدٌ: يا رسول الله! والله لا أختار عليك أحدًا، قال"؛ أي: جَبَلة: "فرأيت رأي أخي" - يعني: زيدًا - "أفضل من رأيي".

* * *

4839 -

عن أُسامَةَ بن زيدٍ رضي الله عنه قال: لمَّا ثَقُلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هَبَطْتُ وهَبَطَ النَّاسُ المَدينةَ، فدخَلْتُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقد أُصْمِتَ فلم يَتَكَلَّمْ، فجَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضَعُ يدَيْهِ عليَّ وَيَرْفَعُهما، فأَعْرِفُ أَنَّه يدعُو لي. غريب.

"عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: لما ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم " - أي: من المرض -

ص: 473

"هبطت"؛ أي: نزلت؛ لأنه كان ساكنًا في العوالي وهي قرى المدينة، "وهبط الناس المدينة": والمدينة من أي جهةٍ أَتَوها يكون فيها الهبوط؛ لأنها مُنخفضة.

"فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت"؛ أي: اعتُقل لسانه، "فلم يتكلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يديه عليَّ ويرفعهما فأعرف أنه يدعو لي".

"غريب".

* * *

4840 -

عن عائِشَةَ رضي الله عنه قالت: لمَّا أرادَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُنَحِّيَ مُخاطَ أُسامَةَ قالت عائِشَةُ رضي الله عنها: دَعْني حتَّى أَكُونَ أنا الذي أَفْعَلُ، قال:"يا عائشةُ! أحِبيهِ فإنِّي أَحِبُّه".

"عن عائشة رضي الله عنها قالت: أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُنَحِّي"؛ أي: يزيل "مُخاط أسامة": وهو ما يسيل من أنفه.

"قالت عائشة رضي الله عنها دعني حتى أكون أنا الذي أفعل، قال: يا عائشة! أحبيه فإني أحبُّه".

* * *

4841 -

وعن أُسامَةَ قال: كنْتُ جَالِسًا إذ جاءَ عليٌّ والعَبَّاسُ يَستَأذنانِ، فقالا لأُسامَةَ: استأذنْ لنا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: يا رسولَ الله! عليٌّ والعَبَّاسُ يَستَأْذِنانِ، فقالَ:"أَتَدْري ما جاءَ بهما؟ " قلتُ: لا، فقال:"لكنِّي أَدْري، ائذنْ لهما"، فدَخَلَا فقالا: يا رسولَ الله! جِئناكَ نَسْألك: أيُّ أَهْلِكَ أَحَبُّ إليك؟ قال: "فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ"، قالا: ما جِئْناكَ نَسْأَلُكَ عن أهلِك، قال:"أَحَبُّ أَهْلي إليَّ مَن قد أَنْعَمَ الله عليهِ وأَنْعَمْتُ عليهِ: أُسامَةُ بن زيدٍ"، قالا: ثُمَّ مَن؟ قال: "عليُّ بن أبي طالبٍ"، فقال العَبَّاسُ: يا رسولَ الله! جَعَلْتَ

ص: 474