المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6 - باب الكرامات - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٦

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشفاعة

- ‌5 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وأَهْلِهَا

- ‌6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى

- ‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

- ‌8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ

- ‌9 - باب بدءِ الخَلقِ، وذكرِ الأَنبياءِ عليهم السلام

- ‌1 - باب فَضَائِلِ سيدِ المُرسَلِينَ صلَوَاتُ الله عَلَيْهِ

- ‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - باب في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب المَبْعَثِ وَبدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - باب الكَرَامَاتِ

- ‌7 - باب(باب في بيان هجرة أصحابه من مكة)

- ‌8 - باب

- ‌1 - باب في مَناقبِ قريشٍ وَذِكرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌3 - باب مَناقِبِ أَبي بَكرٍ الصِّديقِ رضي الله عنه

- ‌4 - باب مَناقِبِ عُمَرَ بن الخَطابِ رضي الله عنه

- ‌5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - باب مَنَاقِبِ عُثمانَ في عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - باب مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثة رضي الله عنهم

- ‌8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ في أَبي طالب رضي الله عنه

- ‌9 - باب مَنَاقِبِ العَشرَةِ رضي الله عنهم

- ‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسِ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - باب ثوَابِ هذِهِ الأُمَّةِ

الفصل: ‌6 - باب الكرامات

أن بالصلاح تنزل البركة، فبالفساد تزولُ وترتفع.

وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول:

للناس همُّ ولي هَمَّان بينهم. . . همُّ الجِراب وهمُّ الشيخ عثمانا

* * *

‌6 - باب الكَرَامَاتِ

" باب الكرامات": جمع كرامة، وهي تشارك المعجزةَ في خَرق العادة، وتفارقها بقدرة الأنبياء عليها متى أرادوها؛ ليسهل عليهم تمهيد الأديان والشرائع، وبأن المعجزة تقترن بالتحدِّي مع عدم المعارضة، بخلاف الكرامة.

مِنَ الصِّحَاحِ:

4650 -

قَالَ عَبْدُ الله بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبيْحَ الطَّعامِ وهُوَ يُؤكَلُ.

"من الصحاح":

" قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لقد كنَّا نسمَع تسبيحَ الطعام وهو يؤكل".

* * *

4651 -

وعَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: أن أُسَيْدَ بن حُضَيْرٍ وعَبَّادَ بن بِشْرٍ تَحدَّثَا عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَاجةٍ لَهُمَا حتى ذَهَبَ مِن الَّليلِ سَاعة، في لَيْلة شَدِيْدةِ الظُّلمةِ، ثُمَّ خَرَجَا مِن عِندِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَنْقَلِبانِ وبيَدِ كُلِّ واحدٍ مِنْهُمَا عُصَيَّةٌ، فأَضَاءَتْ عَصَا أَحدِهِما لَهُمَا حتَّى مَشَيَا في ضَوْئها، حَتى إذَا افترقَتْ بِهِما الطَّريقُ أَضَاءَت

ص: 367

بالآخرِ عَصاهُ، فمَشَى كُلُّ واحدٍ مِنْهُما في ضَوءِ عَصاهُ حَتَّى بَلَغَ أَهْلَه.

"وعن أنس: أنَّ أُسيد بن حُضير وعبادة بن بشر رضي الله عنهم تحدّثا عند النبي صلى الله عليه وسلم في حاجةٍ لهما حتى ذهبَ من الليل ساعةٌ في ليلةٍ شديدة الظلمة، ثمَّ خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان، وبيد كل واحدٍ منهما عُصَيَّة": تصغير عصا، "فأضاءت عصا أحدِهما لهما حتى مَشَيا في ضوئها، حتى إذا افترقت بهما الطريقُ أضاءت للآخر عصاه، فمشى كلّ واحدٍ منهما في ضوء عصاه حتى بلغَ أهلَه": فضوءُ عصاهما كان كرامةً لهما.

* * *

4652 -

وقالَ جابرٌ: لَمّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعانِي أبي مِنَ اللَّيلِ فَقال ما أُراني إِلَّا مَقْتُولًا في أَوَّلِ مَن يُقتَلُ مِن أَصحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنِّي لا أتركُ بعدي أَعَزَّ عليَّ مِنْكَ غيرَ نفسِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّ عَلى دينًا فاقْضِ، واستَوْصِ بأخواتِكَ خَيْرًا، فَأَصبَحْنا فَكانَ أَوَّلَ قَتِيْلٍ، ودَفَنته معَ آخرَ في قبرٍ.

"وقال جابرٌ رضي الله عنه لما حَضَر أُحدٌ"؛ أي: حرب أحد، "دعاني أبي من الليل، فقال: ما أُراني"؛ أي: ما أظنني "إلَّا مقتولًا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعزَّ عليَّ منك غيرَ نَفْسِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإنَّ علي دينًا فاقض واستوص بأخواتك"؛ أي: اقبل وصيتي فيهنَّ "خيرًا"؛ أي: استيصاء خيرًا، قيل: كان لجابر تسع أخواتٍ.

"فأصبحنا، فكان أول من قتل"، وكان هذا القول من أبي جابر كرامة.

"ودفنته مع آخرَ في قبَر"؛ أي: مع شخصٍ آخر من المقتولين في قبرٍ واحدٍ، وهذا يدل على أن الاثنين يُدفنان في قبرٍ واحد.

ص: 368

4653 -

وقالَ عَبدُ الرَّحمنِ بن أَبي بَكْرٍ رضي الله عنهما: إِنَّ أَصحابَ الصُّفَّةِ كانُوا أُناسًا فُقَراءَ، وإِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَن كانَ عِندَهُ طَعامُ اثنينِ فلْيَذهبْ بثالثٍ، ومَن كانَ عندَه طَعامُ أَرْبَعةٍ، فليَذهبْ بخامِسٍ، أو سادِسٍ"، وإنَّ أَبا بكرٍ جاءَ بثَلاثةٍ، وانطلقَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ، وإنَّ أبا بَكْرٍ تَعَشَّى عِندَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَبثَ حتَّى صُلِّيَت العِشاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فلبثَ حتَّى تَعَشَّى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فجاءَ بعدَ ما مَضَى مِن الَّليلِ ما شاءَ الله، قالَتْ له امرأتُهُ: ما حَبَسَكَ عن أَضْيافِكَ؟ قَالَ: أَوَ ما عَشَّيْتِيهم؟ قالَت: أَبَوا حتَّى تَجيءَ، فغضبَ وقالَ: والله لا أَطْعَمُه أَبَدًا، فَحَلفَتِ المَرأةُ أنْ لا تَطعمُه، وحَلَفَ الأَضْياف أَنْ لا يَطَعمُوه، قَالَ أبو بكرٍ رضي الله عنه: كانَ هذا مِن الشَّيطانِ، فَدَعا بالطَّعامِ فأكَلَ وأكَلُوا، فجَعَلُوا لا يرفعُون لُقْمَةً إِلَّا رَبَتْ مِن أَسْفلِها أكَثَرُ منها، فقالَ لامرأتِه: يا أُختَ بني فِراس! ما هذا؟ قالَت: وقُرَّةِ عيني، إِنَّها الآنَ لأكثرُ منها قبلَ ذلكَ بِثَلاثِ مِرارٍ، فأكلوا، وبَعَثَ بها إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذُكرَ أَنَّه أكَلَ منها.

"وقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: إنَّ أصحاب الصُّفَّة كانوا أناسًا فقراء، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال" عند توزيعه إيّاهم على الصحابة: "من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث"؛ معناه: طعام الاثنين يغذّي الثلاثة ويُزيل الضعف عنهم.

"ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامسٍ أو سادسٍ، وانَّ أبا بكرٍ": رضي الله عنه "جاء بثلاثةٍ، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة، وإن أبا بكرٍ تعشى"؛ أي: أكل العشاء "عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ لَبثَ حتى صُلِّيت العشاء، ثمَّ رجع فلبث حتى تعشَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم "، في بعضٍ:"حتى نَعِسَ" من النعاس، قيل: هذا أصحّ.

"فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، فقالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أو ما عشيتهم"، الهمزة للاستفهام، والواو للعطف، التعشية: إعطاء العشاء أحداً.

ص: 369

"قالت: أَبَوا حتى تجيء، فغضب وقال: والله لا أطعمه"؛ أي: الطعام "أبدًا، فحلفت المرأة أن لا تطعمه، وحلف الأضياف أن لا يطعموه، قال أبو بكر: كان هذا من الشيطان، فدعا" أبو بكرٍ "بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لُقمةً إلا رَبَت"؛ أي: زادَت "من أسفلها أكثر منها"، وضمير التأنيث للطعام.

"وقال لامرأته: يا أخت بني فراس" - بكسر الفاء -: "ما هذا؟! ": وكانت أم عائشة وعبد الرحمن ويقال لها أُم رُومان من بني فراس بن غنم بن مالك بن النضر بن كِنانة.

"قالت: وقرة عيني" بالجر، والواو للقسم، وفي بعضٍ بالنصب: منادى حُذف نداؤه.

"إنها الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مِرارٍ، فأكلوا وبَعَثَ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنَّه أكل منها".

* * *

مِنَ الحِسَان:

4654 -

عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: لمّا ماتَ النَّجاشِيُّ كُنّا نتَحدَّثُ أَنَّه لا يَزالُ يُرَى على قبرِهِ نورٌ.

"من الحسان":

" عن عائشة رضي الله عنها قالت: لمّا مات النجاشي كنا نتحدث أنَّه لا يزال يُرى على قبره نورٌ".

ص: 370

4655 -

وقالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: لمّا أَرادُوا غَسْلَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالُوا: لا نَدري، أنجَرِّدُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مِن ثيابهِ كما نُجَرِّدُ مَوتانَا، أَمْ نَغْسِلُه وعَلَيْهِ ثِيابُه؟ فلمّا اختلفُوا ألقَى الله عليهم النَّومَ، حتَّى ما مِنهُم رَجُل إلا وَذَقْنُه في صَدره، ثُمَّ كلَّمَهُم مُكَلِّم مِن نَاحِيَةِ البيتِ لا يَدرُونَ مَن هُوَ: اغِسلُوا النَّبيَّ وعليهِ ثِيابُه، فَقامُوا فَغَسلوهُ وعليهِ قَميصُه، يَصبُّونَ الماءَ فَوْقَ القَميصِ ويُدَلِّكُونهُ بالقَمِيصِ.

"وقالت عائشة رضي الله عنها لما أرادوا غسلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالوا: لا ندري أنجرِّد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابُه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النومَ حتى ما منهم رجلٌ إلا وذَقْنه في صدره، ثمَّ كلّمهم مكلّمٌ من ناحية البيت لا يدرون مَنْ هو: اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابُه"، هذا بيانٌ لقوله:(كلمهم).

"فقاموا فغسلوه وعليه قميصه يصبُّون الماء فوق القميص، ويَدلكُونه بالقميص"، والحديث يدل على أن غسل الميت وعليه قميصُه مستحب.

* * *

4656 -

عَنْ ابن المُنْكَدِرِ: أنَّ سَفِيْنَةَ مَولَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أخَطْأ الجيشَ بأرضِ الرُّومِ، أَوْ أُسِرَ، فانطلقَ هارِبًا يلتمِسُ الجيشَ فإذا هو بالأسدِ، فقال: يا أبا الحارثِ! أنا مَولَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، كانَ مِن أَمْري كيْتَ وكيْتَ، فأقبلَ الأَسَدُ، لهُ بصبَصَةٌ، حتَّى قامَ إلى جنبهِ، كلَّما سَمعَ صَوتًا أَهْوَى إِليْهِ، ثُمَّ أَقبلَ يَمْشِي إلى جَنْبهِ حتَّى بَلَغَ الجَيْشَ، ثُمَّ رَجَعَ الأَسَدُ.

"عن ابن المُنْكَدر: أن سفينة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ الجيش"؛

ص: 371

أي: ضَلَّ الطريقَ فلم يهتد إليهم سبيلًا، "بأرض الروم، أو أُسِرَ فانطلق هاربًا يلتمس الجيشَ، فإذا هو بالأسد فقال: يا أبا الحارث" - كنية الأسد -: "أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أمري كَيت وكيت، فأقبل الأسد له بَصبَصَة"؛ أي: تحريك ذنب كفعل الكلب تملُّقاً وتذللًا إلى صاحبه "حتى قام إلى جنبه، كلما سمع"؛ أي: الأسد "صوتًا أهوى إليه"؛ أي: قصده.

"ثمَّ أقبل يمشي إلى جنبه حتى بَلَغ"؛ أي: سفينةُ "الجيشَ، ثمَّ رجع الأسد".

* * *

4657 -

عَنْ أَبي الجَوْزاءِ رضي الله عنه قال: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحطًا شَدِيْدًا، فَشَكَوْا إِلَى عائِشةَ رضي الله عنها فَقالَت: انظُروا قبرَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فاجعَلُوا مِنهُ كُوًى إلى السَّماءِ، حتَّى لا يكونَ بينَهُ وبينَ السَّماءِ سَقفٌ، ففعلُوا فمُطِرُوا مَطَرًا حتَّى نبتَ العُشْبُ وسَمِنَتِ الإِبلُ، حتَّى تَفتّقَتْ مِنَ الشَّحم، فسُمِّيَ عامَ الفَتْقِ.

"عن أبي الجَوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطًا شديدًا، فشكَوا إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: انظروا قبَر النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوًى"، جمع كوة - بضم الكاف وفتحها -؛ أي: منافذ "إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سَقْفٌ ففعلوا"، يحتمل أن تلك الكُوى كانت وسيلةً إلى الله في الاستسقاء به ميتًا كَهُو حيًا.

"فمُطروا مطرًا"، قيل: يحتمل أن المطر كان بكاءً من السماء لمّا رأت قبره صلى الله عليه وسلم، فسال الوادي من بكائها، قال الله تعالى حكايةً عن الكفار:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29]، فحقيق للسماء أن تبكي على فقد النبي صلى الله عليه وسلم.

"حتى أثبت العشب وسَمِنت الإبل حتى تفتَّقت من الشَّحم"؛ أي: انشقت من الشحم، وقيل: أي: انتفخت خَواصِرُها مِن كثرة الرعي.

ص: 372

"فسمي عام الفَتْق"؛ أي: الخصْب.

* * *

4658 -

عَنْ سعِيْدِ بن عَبْدِ العَزيزِ قَالَ: لمّا كانَ أيّامَ الحَرَّةِ لم يُؤَذَّنْ في مَسْجدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ولم يُقَمْ، ولم يَبْرح سعِيْدُ بن المُسَيَّبِ مِن المَسْجدِ، وكانَ لا يَعْرِفُ وقْتَ الصَّلاةِ إلَّا بِهَمْهَمَةٍ يَسمعُها مِن قَبرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

"عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: لما كان؛ أي: وقع "أيام الحرة"، (كان) هذه تامة، وأيام الحرة وقعة كانت في المدينة مشهورة في زمن يزيد بن معاوية، وهذه الحرة أرضٌ بظاهرها بها حجارةٌ سودٌ.

"لم يُؤذَّن في مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، ولم يُقمَ": الفعلان كلاهما علي بناء المجهول، "ولم يبرح سعيد بن المسيّب المسجدَ"؛ أي: لم يزل من المسجد.

"وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمْهَمة": وهي كلامٌ خفي لا يفهم، وقيل: ترديد الصوت في الصَّدر، "يسمعها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم ".

* * *

4759 -

قِيلَ لأبي العاليةِ: سَمعَ أَنسُ بن مالك رضي الله عنه مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنينَ، ودعا لهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَكانَ لهُ بُستانٌ يَحمِلُ في كُلِّ سَنةٍ الفاكَهةَ مرَتَّينِ، وكانَ فيها ريحانٌ يجيءُ منهُ ريحُ المِسكِ. غريب.

"قيل لأبي العالية"؛ أي: سُئل منه: "سمع"؛ أي: أسمع - بحذف حرف الاستفهام - "أنسٌ من النبي صلى الله عليه وسلم "؛ أي: شيئًا من الأحاديث، كأنه تردَّد فيه بعض الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.

"قال"؛ أي: أبو العالية: "خدمه"؛ أي: أنسٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم "عشرَ سنينٍ، ودعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وكان له بستان يحمل في كل سنةٍ الفاكهة مرتين، وكان فيها

ص: 373