المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٦

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشفاعة

- ‌5 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وأَهْلِهَا

- ‌6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى

- ‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

- ‌8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ

- ‌9 - باب بدءِ الخَلقِ، وذكرِ الأَنبياءِ عليهم السلام

- ‌1 - باب فَضَائِلِ سيدِ المُرسَلِينَ صلَوَاتُ الله عَلَيْهِ

- ‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - باب في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب المَبْعَثِ وَبدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - باب الكَرَامَاتِ

- ‌7 - باب(باب في بيان هجرة أصحابه من مكة)

- ‌8 - باب

- ‌1 - باب في مَناقبِ قريشٍ وَذِكرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌3 - باب مَناقِبِ أَبي بَكرٍ الصِّديقِ رضي الله عنه

- ‌4 - باب مَناقِبِ عُمَرَ بن الخَطابِ رضي الله عنه

- ‌5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - باب مَنَاقِبِ عُثمانَ في عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - باب مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثة رضي الله عنهم

- ‌8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ في أَبي طالب رضي الله عنه

- ‌9 - باب مَنَاقِبِ العَشرَةِ رضي الله عنهم

- ‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسِ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - باب ثوَابِ هذِهِ الأُمَّةِ

الفصل: ‌2 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

(باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته)

مِنَ الصِّحَاحِ:

4493 -

عَن جُبَيْرِ بن مُطعِم رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لِي خَمسةُ أَسمَاءٍ: أَنا مُحمَّد، وأَنَا أَحمَدُ، وأَنا المَاحِي الذِي يَمحُو الله بي الكُفرَ، وأَنَا الحَاشِرُ الذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلى قَدمَيَّ، وأَنا العَاقِبُ"، والعَاقِبُ: الَّذي لَيسَ بعدَهُ نبيٌّ.

"من الصحاح":

" عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي بمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قَدمي"؛ أي: على أثري، يعني: أنه صلى الله عليه وسلم يحشر أولهم، ثم يحشر الناس على أثره؛ أي: عقبه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا أولُ مَنْ تنشق عنه الأرض".

"وأنا العاقب"؛ أي: الآخر.

"والعاقب: الذي ليس بعده نبي"، يريد به: خاتم الأنبياء.

4494 -

وعَن أبي مُوسى الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسمِّي لِنَفسِهِ أَسْماءً، فَقَال:"أَنا مُحَمَّد، وأَحمَدُ، والمُقَفِّي، والحَاشِرُ، ونبيُّ التَّوْبةِ، ونبيُّ الرَّحمَةِ".

ص: 209

"وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمِّي نفسه أسماءً فقال: أنا محمد، وأحمد، والمُقَفِّي": على بناء الفاعل، بمعنى العاقب؛ يعني: أنا آخر الأنبياء، وقيل: بناء المفعول أي: المتبع للنبيين.

"والحاشر، ونبي التَّوبة": سمي به لأن التوبة: الرجوع، وقد كان رجوع الكفرة إلى الإسلام في زمانه صلى الله عليه وسلم، وكذا يكون بعده إلى يوم القيامة، وكذا العصاة يرجعون إلى الطاعة ببركته صلى الله عليه وسلم.

وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم كان كثير الرجوع إلى الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أستغفر الله في اليوم سبعين مرة"، ولأنه قُبلَ من أمته التوبة بمجرد الاستغفار.

"ونبي الرحمة": فإن قيل: روي: أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "ونبي الملاحم"، فكيف التوفيق بين كونه مبعوثاً بالرحمة وبين كونه مبعوثاً بالسيف

قيل: إن الله تعالى بعث الأنبياء وأيَّدهم بالمعجزات، فمَنْ لم يؤمِنْ بعْدَ الحُجَّة والمعجزة عُذِّبوا بالهلاك والاستئصال، وأمر نبينا بالسّيف ليرتدعوا عن الكفر، فإن للسَّيف بقيَّة، وليس مع العذاب المنزل تقيَّة.

4495 -

وعَنْ أَبي هُريرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَلَا تَعجَبونَ كيفَ يَصرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعنَهم؟ يشتِمونَ مُذَمَّماً، ويَلعَنونَ مُذَمَّماً، وأَنَا مُحَمَّد".

"وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شَتْمَ قريش ولَعنَهم": (كيف) سؤال عن الحال، واللعن: الطرد والإبعاد من الخير.

ص: 210

"يشتِمُون"؛ أي: يسبُّون مذمماً.

"ويلعنون مُذَمَّماً": يريد بذلك تعريضهم إيَّاه بمُذَمَّم مكان محمد، وكانت العوراء بنت حرب زوجة أبي لهب تقول: مُذَمَّما قَلَيْنَا، ودينه أَبْيَنا، وأمره عَصَيْنَا.

"وأنا محمد": الواو للحال.

4496 -

وعَنْ جَابر رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَمُّوا باسْمِي ولا تَكنَّوْا بكُنْيتي، فإنِّي إنَّما جُعِلْتُ قاسِماً أقسِمُ بينكُم".

"وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمُّوا باسمي ولا تَكنَّوْا بكُنيتي": الاكتناء: عبارة عما تقول: الرجل أبو فلان.

قيل: النهي للتنزيه، وقيل: للتحريم، وقيل: النهي مخصوص بزمانه صلى الله عليه وسلم.

"فإني إنما جُعِلْتُ قاسماً أقسِمُ بينكم"؛ أي: ما ينزل من الوحي عليَّ.

4497 -

عَنْ جَابرِ بن سَمُرَة رضي الله عنه قَالَ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قد شَمِطَ مُقدَّمُ رأْسِهِ ولِحيتهِ، وكَانَ إذا ادَّهنَ لم يَتَبيَّنْ، وإذا شَعِثَ رَأسُهُ تَبيَّنَ، وكانَ كثيرَ شَعرِ اللِّحيةِ، فقالَ رجل: وجهُهُ مِثْلُ السَّيْف؟ قال: لا كانَ مِثْلَ الشَّمسِ والقَمرِ، وكانَ مُستَديراً، ورَأيتُ الخَاتَمَ عندَ كتِفهِ مِثْلَ بَيْضةِ الحَمامَةِ يُشبهُ جَسَدَهُ.

"عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد شَمِطَ مقدم رأسه"؛ أي: ظهر الشيب في مُقَدَّم رأسه.

"ولحيته": يقال: شَمِطَ - بالكسر - شمطًا إذا ابيضَّ بعض شعر رأسه،

ص: 211

واختلط بأسوده (1).

"وكان إذا ادَّهن لم يتبيَّن"؛ يعني: إذا استعمل الدهن في لحيته ورأسه لم يظهر الشيب.

"وإذا شعث"؛ أي اغبرَّ رأسه.

"تبيَّن"؛ أي ظهر.

"وكان كثير شعر اللحية فقال رجل: وكأن وجهُهُ مِثْلَ السَّيف"؛ أي: في التلألؤ واللَّمعان.

"قال: لا بل كان مِثلَ الشَّمس والقمر، وكان مُستديراً"؛ أي: مُدوراً.

"ورأيت الخاتم"؛ يعني: خاتم النبوة.

"عند كتفه مثل بَيْضَةِ الحمامة": في الحجم والصورة.

"يُشْبهُ جسدَه"؛ أي: لونه كلون جسده.

4498 -

عَنْ عَبدِ الله بن سرْجِسَ رضي الله عنه قَالَ: رَأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم وأكَلْتُ مَعهُ خُبْزاً ولَحْماً - أو قَالَ: ثَرِيْدًا - ثمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ، فنظَرتُ إلى خَاتَم النُّبوَّةِ بينَ كتِفَيْهِ عندَ ناغِضِ كَتِفِهِ اليُسرَى، جُمعاً، عليه خِيْلان كَأمثالِ الثَّآلِيلِ.

"عن عبد الله بن سرْجِس رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأكلْتُ معه خُبْزًا ولحماً، أو قال: ثَريداً، ثم دُرْتُ خلفه فنظرْتُ إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغِضِ كَتِفِهِ اليُسرى": والنَّاغِض - بالغين والضاد المعجمتين -: أعلى الكتف، وقيل: عظم رقيق على طرفها، وقيل: أصل العنق.

(1) في "ت" و "غ": "يخالط سواده".

ص: 212

"جمْعاً": بضم الجيم وسكون الميم، هو الكفُّ حين يقبض، نصب بنزع الخافض أي: كَجُمع.

ويروى: (جَمْعًا) بفتح الجيم، نصب على أنه حال؛ أي: نظرت إليه مجموعاً.

"عليه خِيْلان": بكسر الخاء وسكون الياء، جمع الخال، وهو نقطة سوداء تظهر في البشرة، يقال له: الشامة، وهو مبتدأ وخبره (عليه) مُقَدماً.

"كأمثال الثآليل": بالثاء المثلثة والمد، جمع ثؤلول، وهو الحبة التي تظهر في الجلد كالحِمِّصة وما دونها.

4499 -

وَقَالَ السَّائِبُ بن يِزيْدَ: نَظرتُ إلى خَاتَم النُّبوَّةِ بينَ كَتِفَيْهِ، مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ.

"وقال السَّائب بن يزيد: نظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زِرِّ الحَجَلَةِ": بتقديم الرّاء المعجمة المكسورة على المهملة المشددة، أراد به الأزرار التي تُشَدُّ على ما يكون في حجال العرائس من الكلل والستور.

4500 -

وعَنْ أُمِّ خَالِدٍ بنتِ خَالِدِ بن سَعيْدٍ: أُتِيَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بثيابٍ فيها خَميصَة سَوداءُ صَغِيْرَة، فقَالَ:"ائْتُوني بأُمِّ خَالدٍ فأُتِيَ بها تُحمَلُ، فأَخَذَ الخَميصةَ بيدِهِ فألبَسَها، قَالَ: أبْلي وأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وأَخْلِقي، ثُمَّ أَبْلِي وأخْلِقي"، وكانَ فيها عَلَمٌ أخْضَرُ أو أصْفَرُ، فَقالَ:"يا أُمَّ خَالدٍ! هذا سَناه"، وهيَ بالحبَشِيَّةِ حَسَنةٌ، قَالَتْ: فذهبْتُ ألعبُ بِخَاتَم النُّبوَّةِ، فزَبَرَني أبي، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"دَعْها".

ص: 213

"عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خَميصة سوداء صغيرة، فقال: ايتوني بأمِّ خالد فأُتِي بها تُحْمَل"؛ أي: محمولة؛ لأنها طفل.

"فأخذ الخَمِيصة بيده فألبَسَها"؛ أي: الخميصة لأمِّ خالد، قال صلى الله عليه وسلم:

"أَبْلِي": من إبلاء الثوب، وهو جعله خَلَقاً.

"وأخلقي": من الإخلاق بمعنى الإبلاء.

"ثم أَبْلِي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي": والتكرار دعاء لها بطول البقاء، فكأنه قال لها حال إلباسها إياها: عمَّرك الله تعميراً، وفي بعض النسخ: بالفاء أي: أخلفي ثوبًا بعد الثوب.

"وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال: يا أمَّ خالد هذه سَنَاهْ": بفتح السين وسكون الهاء في بعض النسخ، (سناه) بلا همزة، وروي: بهمزة، وهي بالحبشية حسنة.

"قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة، فَزَبَرَني أبي"؛ أي: زجرني ومنعني وخوَّفني.

"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعها"؛ أي: اتركها.

4501 -

عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بالطَّويلِ ولا بالقَصِيْرِ، ولَيْسَ بالأَبيَضِ الأَمهقِ ولا بالآدَمَ، ولَيْسَ بالجَعدِ القَطَطِ ولا بالسَّبْطِ، بَعَثَهُ الله على رَأسِ أَربَعينَ سَنةً، فأَقَامَ بمكَّةَ عَشْرَ سِنينَ وبالمَدِينةِ عَشْرَ سِنينَ، وتَوفَّاهُ الله على رأسِ سِتِّينَ سَنةً، ولَيْسَ في رأسِهِ ولِحْيَتِهِ عِشرُونَ شَعرةً بيضَاءَ.

"عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ليس بالطويل

ص: 214

البائن"؛ أي: الذي بَان طوله عن حدِّ الاعتدال.

"ولا بالقصير، أَزهرَ اللون"؛ أي: نير اللون، والزُّهْرَة: البياض النَّير، وهو أحسن الألوان.

"ولا بالأبيض الأمهقِ": وهو الشَّديد البياض، الذي لا يخالط بياضه شيء من الحمرة كلون الجصِّ.

"ولا بالأَدَم": بالقصر، وهو هنا الأحمر، يريد: أنه صلى الله عليه وسلم كان نيَر البياض.

"ليس بالجَعد القَطَط" بفتحتين؛ أي: شديد الجعودة كما في الحبشة.

"ولا بالسَّبط": وهو بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة، ضد الجعد؛ أي: الذي ليس له تكسر.

"بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء".

4502 -

وفي رِوَايَةٍ عن أَنسٍ رضي الله عنه يَصِفُ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: كانَ رَبعةً منَ القومِ، لَيسَ بالطَّويلِ ولا بالقَصِيرِ، أَزهرَ اللَّونِ.

"وفي رواية عن أنس رضي الله عنه يصِفُ النبي صلى الله عليه وسلم: كان رَبْعَةً من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير": تفسير للرَّبعة.

"أزهر اللون".

4503 -

وقَالَ: كَانَ شَعرُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى أنْصَافِ أُذُنيهِ.

ص: 215

وفي رواية: بَيْنَ أُذُنيهِ وعَاتِقِهِ.

"وقال: كان شَعرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أَنْصَاف أُذُنيهِ": جمع نصف، يعني: كان شعره مسترسلاً محاذياً لأنصاف أذنيه.

"وفي رواية: بين أذنيه وعاتقه": واختلاف روايات طول شعره صلى الله عليه وسلم وقع بحسب اختلاف أزمنة حلقه، فإنه صلى الله عليه وسلم حلق رأسه عام الحديبية، ثم عام عمرة القضاء، ثم عام حجة الوداع؛ فلْيعتبَر الطول والقصر بحسب المناسبات الواقعة في تلك الأزمنة، وأقصرها مدة ما وقع بعد حجة الوداع، فإنه توفي بعد الحلق بثلاثة أشهر.

4504 -

وقَالَ: كَانَ ضَخْمَ الرَّأْسِ والقَدَمَيْن، لم أرَ بعدَهْ ولا قبلَهُ مِثْلَه، وكَانَ بَسِطَ الكفَّيْن.

وفي رواية: كَانَ شَثْنَ القَدَمَيْن والكَفَّيْن.

"وقال: كان ضخم الرأس والقدمين"؛ يعني: كان رأسه ليس بصغير ولا كبير، بل وسطاً، وكذلك قدماه وسط بين الصغر والكبر.

"لم أر قبله ولا بعده مثله"؛ أي: في الحسن.

"وكان بَسِطَ الكفَّين" أي: مبسوطاً ممتداً، قيل: هذا كناية عن جوده وسخاوته فإن العرب تقول للسخي: بسط الكفِّ، وللبخيل: جَعدُ الكفِّ، وشهرة جوده من أحاديث وأخبار أخر لا تنافي الكناية.

"وفي رواية: كان شَثْنَ القدمين والكفَّين"، يعني: أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر، يحمد ذلك في الرجال؛ لأنه أشد لقبضهم.

ص: 216

4505 -

وعَنِ البَراءِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْن، لهُ شَعَرٌ بَلَغَ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، رَأَيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْراءَ، لمْ أرَ شَيْئاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنهُ.

"وعن البراء رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً"؛ أي: مربوع الخَلْق لا طويل ولا قصير.

"بعيدَ ما بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، له شَعَرٌ يبلغ شَحْمَةَ أذنيه"، شَحْمَةُ الأُذُن: مُعَلَّقُ القُرْطِ.

"رأيتُهُ في حُلَّةٍ حمراء لم أرَ شيئاً قطُّ أحْسَنَ منه".

* * *

4506 -

وفي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: مَا رَأيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ أَحْسنَ في حُلَّةٍ حَمْراءَ منْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، شَعْرُهُ يَضرِبُ مَنْكِبَيْهِ، بَعِيْدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَيسَ بالطَّويلِ ولا بالقَصِيرِ.

"وفي رواية عنه: ما رأيْتُ مِنْ ذِيْ لِمَّةٍ" بكسر اللام وفتح الميم المشددة: شعر يجاوز شَحْمَة الأذن.

"أحسن في حُلَّة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شعره يضرب مَنْكَبيه، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالطويل ولا بالقصير".

* * *

4507 -

عَنْ سِمَاكِ بن حَرْبٍ، عَنْ جَابرِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ضَليعَ الفمِ، أَشْكَلَ العَيْنِ، مَنْهُوشَ العَقِبَيْنِ، قِيْلَ لسِماكٍ: ما ضَليعُ الفَمِ؟ قَالَ: عَظِيْمُ الفَمِ، قِيْلَ: مَا مَنْهوشُ العَقِبَيْنِ؟ قَالَ: قَليْلُ لَحْمِ العَقِبَيْنِ، قِيْلَ: ما أشْكَلُ العَيْنِ؟ قال: طَويْلُ شَقِّ العَيْنِ.

ص: 217

"عن سِمَاك بن حَرْب، عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَلِيْعَ الفم": كناية عن الفصاحة، وقيل: عظيمه، وقيل: واسعه، والعرب تمدح عِظَمَ الفم، وتذمُّ صغره.

"أَشْكَلَ العين، مَنْهُوش العَقِبَيْن، قيل لسِمَاك: ما ضَليع الفم؟ قال: عظيم الفم، قيل: ما أشْكَل العين؟ قال: طويل شقِّ العين"، وقيل الشُّكْلَة: الحمرة تكون في بياض العين، وهو محمود.

"قيل: ما منهوش العَقِبَيْنِ؟ قال: قليل لحم العَقِب"، ويروى بالسين المهملة، معناه كهو المعجمة.

* * *

4508 -

عَنْ أَبي الطُّفَيْل رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله، كَانَ أَبْيضَ مَليحاً مُقَصَّداً.

"عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبيض مليحاً"؛ أي: حسناً.

"مقصداً": على بناء اسم المفعول من التفعيل أي: متوسطاً في القامة والجثة.

* * *

4509 -

وسُئِلَ أَنسٌ عنْ خِضَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَال: إنَّهُ لمْ يَبلُغْ ما يَخضبُ، لو شِئْتُ أنْ أعُدَّ شَمَطاتِهِ في لِحيَتِه.

وفي رِوَايَةٍ: لو شِئْتُ أَنْ أعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ في رَأسِهِ.

وفي رِوايَةٍ: إِنَّما كَانَ البَياضُ في عَنْفَقَتِهِ، وفي الصُّدْغَيْنِ، وفي الرَّأسِ نَبْذٌ.

ص: 218

"وسُئِلَ أنسٌ عن خِضَابِ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: إنه لم يَبْلُغ"؛ أي: شعره.

"ما يَخْضب": مفعول (يبلغ)؛ أي: حداً لخضبه، يعني: كان بياضه قليلاً.

"لو شئْتُ أن أعُدَّ شَمَطاته"؛ أي: شعراته البيض.

"في لحيته"، جواب (لو) محذوف أي: لعددْتُهُ.

"وفي رواية: لو شئْتُ أن أعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ في رأسه، وفي رواية: إنما كان البَياضُ في عَنْفَقَتِهِ": وهو الشعر المجتمع تحت الشفه.

"وفي الصُّدْغَين وفي الرأس نَبْذٌ"؛ أي: يسير من شيب.

* * *

4510 -

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أزْهَرَ اللَّونِ، كأنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلؤُ، إذا مشَى تَكَفّأَ، وما مَسِسْتُ دِيباجَةً ولا حَريرَةً ألْيَنَ منْ كَفِّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولا شَمِمْتُ مِسْكاً ولا عَنْبراً أَطْيبَ مِنْ رائحةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

"عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَزْهَرَ اللون، كأنَّ عَرَقه اللُّؤلؤ"؛ أي: صافٍ في غاية الصفاء.

"إذا مشى تكفَّأ"؛ أي: تمايل إلى قُدَّام، كما تتكَفَّأ السفينة في جريها، قيل: أراد به: التَّرفع عن الأرض مرَّة واحدة كمشي الأقوياء وذوي الجلادة بخلاف [المتماوت] الذي يجرُّ رجله في الأرض.

"ولا مَسِسْتُ ديباجة ولا حريرةً ألينَ من كفِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مِسْكاً ولا عنبرة أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم ".

* * *

ص: 219

4511 -

عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يأْتِيها فَيَقِيلُ عِندَها، فتَبْسُطُ نِطْعاً فيَقِيلُ عَلَيْهِ، وكَانَ كَثيرَ العَرَقِ، فكانتْ تجمعُ عَرَقَهُ فتجْعَلُهُ في الطِّيبِ، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أُمَّ سُلَيْمٍ! ما هَذَا؟ "، قَالَتْ: عَرَقُكَ نجْعَلُهُ في طِيبنا، وهوَ مِنْ أطْيَبِ الطِّيبِ.

وفي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: يا رَسُولَ الله! نَرْجُو برَكَتَهُ لصِبْيانِنا، قَالَ:"أَصَبْتِ".

"عن أنس رضي الله عنه عن أمِّ سُلَيْم رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يأْتِيها فَيَقِيلُ عندَها": من القيلولة، وهو النوم نصف النهار.

"فَتَبْسُطُ"؛ أي: تَفْتَرِشُ.

"نِطْعًا": وهو فراش من الجلد.

"فيَقِيلُ عليه"، قيل: كانت أمُّ سليم وأختها أم حِرَام من ذوات محارم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من جهة الرَّضاعة.

"وكان"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم.

"كثيرَ العَرَق، فكانَتْ"؛ أي: أمُّ سليم "تجمع عرقه فتجعله في الطِّيب، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا أُمَّ سُلَيْمٍ ما هذا؟ قالت: عَرَقُكَ نجعلُهُ في طيبنا، وهو من أطْيَبِ الطِّيب": وفيه دليلٌ على جَوَاز التقرب إلى الله تعالى بآثار المشايخ والعلماء والصلحاء.

"وفي رواية: وقالت: يا رسول الله! نرجو برَكتَهُ"، والبركَةُ: كثرة الخير ونماؤه.

"لصبياننا": جمع صبيٍّ، وهو الغلام.

"قال: أَصَبتِ"؛ أي: وجدتِ الصَّوَاب.

* * *

ص: 220

4512 -

عَنْ جَابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الأُولى، ثُمَّ خَرَجَ إِلى أهلِهِ وخرجْتُ مَعَهُ، فاستقْبَلَهُ وِلْدانٌ، فَجَعلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهمْ واحِداً وَاحِداً، وأمَّا أنا فَمسَح خَدِّي، قَالَ: فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْداً أو رِيْحاً كَأنَّما أخرَجَهَا منْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ.

"عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: صلَّيْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الأُولى": وهي صلاة الظهر.

"ثم خرج"؛ أي: من المسجد.

"إلى أهله"؛ أي: متوجِّهاً إليهم.

"وخرجْتُ معه، فاستقبلَهُ"؛ أي: توجَّه إليه.

"وِلْدَانٌ": جمع ولد، وهو الصبي.

"فجعل"؛ أي: فأخذ.

"يمسح"؛ أي: بيده صلى الله عليه وسلم.

"خَدَّي أحدهم واحداً واحداً": نصب على الحال.

"وأما أنا فمسح خدَّيَّ، فوجدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا"؛ أي: راحة.

"أو رِيحاً"؛ أي: رائحة طيبة.

"كأنما أخرجَهَا من جُؤْنَةِ عَطَّار" بضم الجيم وسكون الواو؛ أي: مِنْ حُقَّتِهِ التي يُعَدُّ فيها الطِّيب ويُحْرَز، والحديث يدل على الشَّفقة والرَّحمة على الأولاد والصغار.

* * *

مِنَ الحِسَان:

4513 -

عَنْ عَلِيٍّ بن أَبيْ طَاِلبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ

ص: 221

بالطَّويلِ ولا بالقَصِيرِ، ضَخْمَ الرَّأسِ واللِّحيةِ، شَثْنَ الكَفَّيْنِ والقَدمَيْنِ، مُشْرَباً حُمْرَةً، ضَخْمَ الكَرادِيسِ، طَويلَ المَسْرُبَةِ، إِذَا مشَى تَكفّأَ تَكفُّأً كأنَّما يَنحطُّ منْ صَبَبٍ، لَمْ أرَ قبلَهُ ولا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صلى الله عليه وسلم. صح.

"من الحسان":

" عن علي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير، ضَخْمَ الرأس واللِّحية، شَثنَ الكفَّيْنِ والقدمَيْنِ مُشْرَبٌ حمرة (1) ": على صيغة اسم المفعول؛ أي: مختلطاً بياضه بالحمرة، والإشراب: خَلْطُ لون بلون.

"ضَخْمَ الكَرَادِيس": جمع الكُردوس، ملتقى كل عظمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين، أراد: أنه كان ضخم الأعضاء.

"طويل المَسْرُبة" بفتح الميم وسكون السين المهملة وضم الراء: الشعر الدقيق الذي [هو كأنه] قضيبٌ من الصدر إلى السرة.

"إذا مشى تَكَفَّأَ تَكَفُّأً كأنما يَنحطُّ"؛ أي ينزل.

"من صبَبٍ"؛ أي: من موضع منحدر عالٍ.

"لم أرَ قبلَهُ ولا بعدَهُ مثله صلى الله عليه وسلم ".

"صحَّ".

* * *

4514 -

وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، كَانَ إذا وصَفَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لمْ يكُنْ بالطَّويلِ المُمَّغِطِ ولا بالقَصِيرِ المُتردِّدِ، كَانَ رَبْعةً منَ القَومِ، ولمْ يكُنْ بالجَعْدِ القَطَطِ ولا بالسَّبطِ، كَانَ جَعْداً رَجِلاً ولمْ يكُنْ بالمُطَهَّمِ ولا بالمُكَلْثَمِ، وكانَ في

(1) في هامش "غ": "في نسخة: بالحمرة".

ص: 222

وجْهِهِ تَدْويرٌ، أَبيَضُ مُشْرَبٌ، أدْعَجُ العَينَيْنِ، أَهْدَبُ الأَشْفارِ، جَلِيْلُ المُشَاشِ والكَتَدِ، أَجْرَدُ ذو مَسْرُبَةٍ، شَثْنُ الكفَّيْنِ والقَدمَيْنِ، إذا مشَى يَتقلَّعُ كأنَّما يمشِي في صَبَبٍ، وإذا التَفَتَ التَفَتَ مَعاً، بَيْنَ كتفَيْهِ خَاتَمُ النُّبوَّةِ، وهوَ خَاتَمُ النَّبيينَ، أَجْودُ النَّاسِ كَفًّا، وأَرْحبُهُمْ صَدْراً، وأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً، وأليَنُهُمْ عَرِيْكَةً، وأَكْرمُهُمْ عَشيرةً، مَنْ رآهٌ بَديهةً هَابَهُ، ومَنْ خَالَطَهُ مَعرِفةً أَحبَّهُ، يَقُولُ ناعِتُهُ: لَمْ أرَ قبلَهُ ولا بَعْدَهُ مِثْلَهُ صلى الله عليه وسلم.

"وعنه: كان إذا وَصَفَ النبيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لم يكُنْ بالطويل المُمَّغِطِ": على بناء المفعول، وتشديد الميم الثانية وبالغين المعجمة، وقيل: بالمهملة أيضاً بمعنى، وهو الممتدُّ المتناهي طولاً، وفي بعض: بتشديد الغين المكسورة، وهو الذي بأن طوله.

"ولا بالقصير المتردِّد"؛ أي: المتناهي قصراً، كأنه تردد في بعض خلقه على بعض، وتداخلت أجزاؤه.

"وكان رَبْعَةً من القَوْمِ، ولم يكن بالجَعْدِ القَطَط ولا بالسَّبطِ، كان جَعْدًا رَجِلاً"، وهو - بكسر الجيم وفتحها أيضاً -: بين الجعودة والسبوطة.

"ولم يكن بالمُطَهِّم"، وهو - بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الهاء المشددة -: كثير اللحم، وقيل: مُنْتفخ الوجه.

"ولا بالمُكَلْثِم"، وهو - بكسر الثاء -: مستدير الوجه مع كثرة اللحم، وقيل: مدور الوجه غاية التدوير.

"وكان في الوجه تَدْوِيْرٌ"؛ أي: تدويرٌ ما؛ يعني: كان بين الإسالة والاستدارة.

"أبيض مُشْرَبٌ"؛ أي: مختلط بالحمرة.

ص: 223

"أدعَجُ العينين"؛ أي: أسود العينين غاية السواد مع سعتهما، وقيل: شِدَّة سوادها في بياضها.

"أَهْدَب الأَشْفَار"؛ أي: طويل شعر الأجفان، وقيل: كثيرها.

"جليل المُشَاس"، وهو - بضم الميم -: رؤوس العظام اللينة الممكنة المضغ.

"والكَتَد" بفتح التاء وكسرها: مجتمع الكتفين، وهو الكاهل أصل العنق؛ يعني: عظيم رؤوس المناكب والعظام مثل الركبتين والمرفقين والكتفين.

"أَجْرَدُ": وهو من ليس على بدنه شعر.

"ذو مَسْرُبَة"؛ أي: ذو شعر (1)؛ يريد: أن الشعر كان في أماكن من بدنه كالمَسْرُبة والسَّاعدين والسَّاقين.

"شَثْن الكَفَّين والقدمين، إذا مشى يتقلع"؛ أي: يرفع رجليه من الأرض رفعاً بائناً بقوة.

"كأنما يمشي في صَبَبٍ": لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب بين خطاه، فإنه مِنْ مَشْيِ النساء.

"إذا التفت التفت معاً"؛ أي: ينظر بعينيه جميعاً، لا بطرف عينه، كما هو عادة المتكبرين وذوي الغضب.

"بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كَفًّا، وأرحبهم"؛ أي: أوسعهم.

"صدراً، وأصدقهم لَهجة"؛ أي: لساناً.

"وألينهم عَريكة"؛ أي: طبيعة، يقال: فلان لَين العَريكة أي: سَلس

(1) في "غ": "شعرة الصدر".

ص: 224

مُطْوَاع مُنْقَاد قليل الخِلاف.

"وأكرمهم عشيرة"؛ أي: صحبة، والعشير: الصاحب.

"من رآه بديهة"؛ أي: فجأة.

"هابه"؛ أي؛ خاف منه، ووقع في قلبه مهابة لوقاره.

"ومن خالطه مَعْرِفَةً" وجالسه.

"أحبه"؛ لحسن خلقه.

"يقول ناعِتُهُ"؛ أي: ناعت النبي صلى الله عليه وسلم، والنَّعْتُ: وصف الشيء بما فيه من حُسْن.

"لم أرَ قبله ولا بعده مِثْلَه عليه الصلاة والسلام".

* * *

4515 -

عَنْ جَابرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسلُكْ طَرِيْقاً فيَتبعُهُ أَحَدٌ إلَّا عَرَفَ أنَّهُ قدْ سَلَكَهُ منْ طِيبِ عَرْفهِ.

"وعن جابر بن سَمُرة: أنه عليه الصلاة والسلام لم يَسْلُكْ طريقاً فَيَتْبَعُهُ"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام.

"أحد"؛ أي: يمشي عقيبه.

"إلا عرف"؛ أي: ذلك الأحد.

"أنه قد سلَكَهُ"؛ أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سلك هذا الطريق.

"مِنْ طِيْبِ عَرْفِهِ"؛ أي: رائحته، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام دون سائر الأنبياء.

* * *

ص: 225

4516 -

قِيلَ للرُّبَيعِ بنتِ مُعَوِّذِ بن عَفْراءَ رضي الله عنها: صِفي لَنَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: يا بنيَّ! لوْ رَأَيتَهُ رَأَيتَ الشَّمسَ طَالِعةً.

"قيل للرُّبَيع بنت مُعَوِّذ بن عفراء: صِفي"؛ أي: للمؤنث، من وَصَفَ يَصِفُ.

"لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: يا بنيَّ لو رأيتَهُ رأيْتَ الشمس طالعة".

* * *

4517 -

وعَنْ جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في لَيْلَةٍ إِضْحِيانٍ، فجَعلتُ أنظُرُ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وإلى القَمرِ وعليهِ حُلَّةٌ حَمْراءُ فإذا هو أَحسنُ عندي مِنَ القَمرِ.

"قال جابر بن سمرة: رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في ليلة إِضْحِيان" بكسر الألف وسكون الضاد المعجمة وكسر الحاء المهملة، وفي بعضٍ: بضم الألف؛ أي: مقمرة مضيئة.

"فجعلت"؛ أي: طفقت.

"أنظر إلى رسول الله وإلى القمر، وعليه حُلَّةٌ حمراء"؛ أي: حُلَّة فيها خطوط حُمر.

"فإذا هو أحسن عندي من القمر".

* * *

4518 -

عَنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه قَالَ: ما رأيتُ شيئاً أحسنَ منْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم كأنَّ الشَّمسَ تَجرِي في وجههِ، وما رأيتُ أحداً أسرعَ في مَشْيهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم كأنَّما الأرضُ تُطْوَى لهُ، إنَّا لَنُجْهِدُ أنفُسَنا، وإنَّه لَغيرُ مُكترِثٍ.

ص: 226

"عن أبي هريرة قال: ما رأيت شيئاً أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشَّمس تجري في وجهه، وما رأيتُ أحداً أسرعَ في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنما الأرض تُطْوى له، إنا لَنجْهِدُ": يجوز فيه فتح النون وضمها.

"أنفسنا"؛ أي: تحمل عليها في السَّير فوق طاقتها.

"وإنه لغير مُكْتَرِثٍ"؛ أي: غير مبالٍ؛ يعني: كان صلى الله عليه وسلم إذا مشى ما قدرنا أن نلحقه مسرعين في المشي، وإن اجتهدنا في مشينا.

* * *

4519 -

عن جَابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه قَالَ: كانَ في ساقَيْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حُمُوشَةٌ، وكانَ لا يضحكُ إلَّا تَبسُّماً، وكُنْتُ إذا نظَرتُ إليهِ قُلتُ: أكْحَلُ العَينَيْنِ، وليسَ بأكْحَلَ.

"عن جابر بن سَمُرَة قال: كان في ساقَي رسول الله صلى الله عليه وسلم حُمُوْشَة" بضم الحاء المهملة وبالشين المعجمة؛ أي: رِقَّة.

"وكان لا يضحك إلَّا تَبسُّماً": يقال: تبسَّم: إذا حرَّك شفته إرادة الضحك، وهو دون الضحك، يقال: ضحك: إذا ظهر سنه؛ يعني كان صلى الله عليه وسلم طلق الوجه بساماً.

"وكنْتُ إذا نظرت إليه قلت: أكْحَلُ العينين": يقال: رجل أكحل: بين الكحل، وهو الذي في جفون عينيه سَواد.

"وليس بأكحل"؛ أي: بالاكتحال، ولكن كانت عينه كحلاء خِلْقة.

* * *

ص: 227