الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمَّكَ آخِرَهم! فقال: "إنَّ عَلِيًا قد سَبَقَكَ بِالهِجْرَةِ".
"وعن أسامة رضي الله عنه قال: كنت جالسًا إذ جاء عليٌّ والعباس يستأذنان، فقالا لأسامة: استاذِنْ لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! عليٌّ والعباس يستأذنان، فقال: أتدري ما جاء بهما؟ "، الباء للتعدية، "قلت: لا، قال: لكنِّي أدري، ائذن لهما، فدخلا فقالا: يا رسول الله! جئناك نسألك أيَّ أهلِ بيتك أحب إليك، قال: فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم قالا: ما جئناك نسألك عن أهلك"؛ أي: عن أولادك وأزواجك، بل نسألك عن أقاربك وعن متعلقيك.
"قال: أحبُّ أهلي إليَّ مَنْ قد أتعم الله عليه وأنعمت عليه أسامةُ بن زيد": أراد بإنعام الله ورسوله ما ذكره الله تعالى في قوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37]، وهو زيد بن حارثة بلا خلافٍ.
إنعام الله عليه كان توفيقه للإسلام الذي هو أجَلُّ النعم وأفضلها، وإنعام الرسول عليه إعتاقه وتبنيه وصحبته وتربيته، والإنعام على زيد كان إنعامًا على ولده أيضًا.
"قالا: ثم من؟ قال: علي بن أبي طالب، فقال العباس: يا رسول الله! جعلتَ عمَّك آخرهم؟ قال: إن عليًا سبقك بالهجرة".
* * *
11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(مناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4842 -
عن عليٍّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "خَيْرُ نِسائِها مَرْيَمُ بنتُ عِمْرانَ، وخَيْرُ نِسائِها خَديجَةُ بنتُ خُوَيْلدٍ"، وأشارَ وَكِيعٌ إلى السَّماءِ والأَرْضِ.
"من الصحاح":
" عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خيرُ نسائها"؛ أي: نساء الأمة التي كانت فيها: "مريم بنت عمران، وخير نسائها"؛ أي: نساء هذه الأمة: "خديجة بنت خويلد": وإنما كرر (نسائها)؛ لبيان أن حكم كل واحدٍ منهما غير حكم الآخر.
"وأشار وكيع" - وهو من جملة رواة هذا الحديث - "إلى السماء والأرض": تنبيهًا على أنهما خير نساء العوالم التي فوق الأرض وتحت السماء في زمانهما.
* * *
4843 -
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: أتى جِبْريلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله! هذه خَديجَةُ، قد أَتَتْ معَها إناءٌ فيهِ إِدامٌ أو طَعامٌ، فإذا أَتَتْكَ فاقرأ عليها السلام مِن رَبها ومنِّي، وبشِّرْها ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ.
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريلُ عليه الصلاة والسلام النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت معها إناءٌ فيه إدام أو طعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام مِن ربها ومني، وبشِّرها ببيتٍ في الجنة من قَصَب": وهو عبارة عن لؤلؤٍ مجوَّف واسع كالقصر المرتفع.
"لا صَخَب فيه": وهو الصياح واختلاط الأصوات للخصام.
"ولا نَصَب": وهو التعب، يريد به: أن قصور الجنة ما فيها تعبٌ، بل فيها كمال الاستراحة، بخلاف بيوت الدنيا، فإنها لا تخلو عن صَخَبٍ من ساكنيها، وعن نَصَب في بنائها.
* * *
4844 -
وقالت عائِشَةُ رضي الله عنها: ما غِرْتُ على أَحَدٍ مِن نِساءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خَديجَةَ، وما رَأَيتُها ولكنْ كانَ يُكثِرُ ذِكْرَها، ورُبَّما ذَبَحَ الشَّاةَ ثم يُقَطِّعُها أَعْضَاءً ثم يَبْعَثُها في صَدَائِقِ خَديجَةَ، فربَّما قلتُ له: كأَنَّه لم يكنْ في الدُّنيا امرَأةٌ إلا خَديجَةُ؟ لْيقولُ: "إنَّها كانَت وكانَت، وكانَ لي مِنْها وَلَدٌ".
"وقالت عائشة رضي الله عنها: ما غِرْتُ"؛ أي: ما كان لي غَيرةٌ "على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرت"؛ أي: كغيرة لي "على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان يُكثر ذكرَها"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة.
"وربما ذبح الشَّاةَ، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها"؛ أي: يرسل منها "في صدائق خديجة": جمع صديقةٍ من الصداقة وهي المحبة.
"فربما قلت له: كانه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة، فيقول: إنها كانت وكانت": إشارةٌ إلى تعداد مناقبها وصفاتها المرضية، "وكان لي منها ولدٌ": وهو يطلق على الواحد والكثير، والمراد به هنا الثاني؛ لما رُوي: أن جميع أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة سوى إبراهيم فإنه كان من مارِيَة القِبطية.
* * *
4845 -
عن أنسٍ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"فَضْلُ عائِشَةَ على النِّساءَ كفَضْلِ الثَّريدِ على سائرِ الطعامِ".
"عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فضلُ عائشة على النساء كفضلِ الثَّرِيد على سائر الطعام": ضَرَب المثل بالثريد؛ لأنه أفضلُ الأطعمة عندهم؛ لكونه مركَّبًا من الخبز وقوت اللحم، وفيه التذاذ وغذاءٌ وسهولة المساغ، وفضل عائشة على النساء من جهة حسن المعاشرة، والخُلق، وفصاحة اللهجة، وجَودة القَريحة، وتعقُّلها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يعقل غيرها من النساء.
* * *
4846 -
عن أبي سَلَمَةَ رضي الله عنه: أن عائِشَةَ رضي الله عنها الله عنها قالت: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائِشُ! هذا جِبْريلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ"، قالت: وعليهِ السَّلامُ ورَحْمَةُ الله، قالت: وهو يرَى ما لا أَرَى.
"عن أبي سلمة رضي الله عنه: أن عائشة رضي الله عنه قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائش! ": ترخيم عائشة، "هذا جبريل يُقرئك السلام، قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله، قالت: وهو"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم "يرى ما لا أرى"؛ يعني: جبريل عليه السلام.
* * *
4847 -
عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُكِ في المَنامِ ثلاثَ ليالٍ يَجيءُ بكِ المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِن حَريرٍ فقال لي: هذه امرَأتُكَ، فكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوبَ فإذا أَنْتِ هي، فقُلتُ: إنْ يكنْ هذا مِن عِنْدِ الله يُمْضه".
"عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أريتُك في المنام ثلاثَ ليال يجيء بك الملك في سَرَقةٍ" - بفتحتين -؛ أي: قطعةٍ "من حرير فقال لي: هذه امرأتك، فكشفتُ عن وجهك الثوب فإذا أنت هي، فقلت: إنْ يكن هذا"؛ أي: ما رأيت في المنام "من عند الله يمضه"؛ أي: ينفذه؛ من كلام عائشة رضي الله عنها.
4848 -
وقالت عائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّ النَّاسَ كانوا يَتَحَرَّوْنَ بهداياهُم يومَ عائِشَةَ يبتَغونَ بذلكَ مَرْضاةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
"وقالت عائشة: إن الناس كانوا يتحرون (1) "؛ أي: يطلبون الصواب وينتظرون "بهداياهم يوم عائشة"؛ أي: يوم نَوبتها من القسَم.
"يبتغون"؛ أي: يطلبون "بذلك مرضاةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ".
* * *
4849 -
وقالت: إنَّ نِساءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فيهِ عائِشَةُ وحَفْصَةُ وصَفِيَّةُ وسَوْدَةُ، والحِزْبُ الآخرُ فيهِ أمُّ سَلَمَةَ وسائرُ نساءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكلَّم حِزْبُ أمِّ سَلَمَة فقُلْنَ لها: كلِّمي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُكَلِّم النَّاسَ فيقولُ: مَن أرادَ أنْ يُهديَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلْيُهدِ إليهِ حيثُ كانَ، فكلَّمَتْه فقالَ لها:"لا تؤذيني في عائِشَةَ، فإنَّ الوَحْيَ لم يأتني وأنا في ثَوْبِ امرأةٍ إلا عائِشةَ"، فقالت: أَتوبُ إلى الله مِن أذاكَ يا رسولَ الله! ثُمَّ إنَّهُن دَعَوْنَ فاطِمَةَ رضي الله عنها فأَرْسَلْنَها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَتْه فقال:"يا بنيةُ! أَلَا تُحِبينَ ما أُحِبُّ؟!، قالت: بلى، قال: "فأَحبي هذه".
"وقالت: إن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كنَّ حزبين": الحزب: الطائفة.
"فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسَودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلَّم حزبُ أمِّ سلمة فقلن لها"؛ أي: لأم سلمة: "كلِّمي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس فيقول: مَنْ أراد أن يهدي إلى رسول الله فليهده إليه حيث كان" من زوجاته.
"فكلمته فقال لها: لا تؤذيني في عائشة، فإنَّ الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأةٍ إلا في ثوب عائشة رضي الله عنها قالت"؛ أي: أم سلمة: "أتوب إلى الله مِنْ أذاك يا رسول الله، ثم إنهن"؛ أي: النساء التي في حزب أم سلمة
(1) في هامش "غ": "في نسخة: يتحينون".
"دَعَون فاطمة، فأرسلن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته، فقال: يا بنية! ألا تحبين ما أحب؟ قالت: بلى، قال: فأحبي هذه"؛ يعني: عائشة رضي الله عنها.
* * *
مِنَ الحِسَان:
4850 -
عن أنسٍ رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "حَسْبُكَ من نِساءَ العالمينَ مَرْيَمُ بنتُ عِمْرانَ، وخَديجَةُ بنتُ خُويلدٍ، وفاطِمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ، وآسِيةُ امرأةُ فِرعَوْنَ".
"من الحسان":
" عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حسبك"؛ أي: كفاك يا أنس معرفةً "من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون"، وقيل: معناه: حسبك أن تقتديَ بهنَّ، وأن تذكر محاسنهنَّ ومناقبهن، وطاعاتهن، ومراقبة حق الله، ورفضهن الدنيا، وإقبالهن على الآخرة.
* * *
4851 -
عن عائِشَةَ رضي الله عنها: أن جِبْريلَ جاءَ بصُورتها في خِرْقَةِ حريرٍ خَضْراءَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: هذهِ زَوْجَتُكَ في الدّنيا والآخِرةِ.
"عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن جبريل عليه الصلاة والسلام جاء بصورتها"؛ أي: صورة عائشة رضي الله عنها، والباء للتعدية.
"في خِرْقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة".
* * *
4852 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: بلغَ صَفِيَّةَ أن حَفْصَةَ قالت: بنتُ يَهودِيٍّ، فبَكَتْ، فدخلَ عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهي تَبْكي فقالَ:"ما يُبْكيك؟ " فقالَتْ: قَالَتْ لي حَفْصَةُ: إنِّي ابنةُ يَهُودِيٍّ، فقالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم:"إنكِ لابنةُ نبَيٍّ، وإنَّ عَمَّكِ لنَبيٌّ، وإنَّكِ لتُحْتَ نبَيٍّ، فَبمَ تَفْخَرُ عَلَيْكِ؟ "، ثُمَّ قالَ:"اتَّقِ الله يا حَفْصَةُ".
"عن أنسٍ رضي الله عنه قال: بلغ صفية" بنت حي بن أخطب اليهودي، وكان من أولاد موسى عليه السلام "أن حفصة قالت" في حقها:"بنت يهوديٍّ، فبكت"؛ أي: صفية، "فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهوديٍّ، فقال صلى الله عليه وسلم إنك لابنة نبيٍّ"، وهو موسى عليه الصلاة والسلام، وقيل: يريد به إسحاق.
"وإن عمك لنبي": وهو هارون عليه الصلاة والسلام، وقيل: يريد به إسماعيل عليه الصلاة والسلام.
"وإنك لتحت نبيٍّ": وهو محمدٌ عليه الصلاة والسلام.
"ففيم"؛ أي: في أي شيءٍ "تفخر": حفصة "عليك، ثم قال: اتقي الله تمالى يا حفصة".
* * *
4853 -
ورُوِيَ عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَعَا فاطِمَةَ عامَ الفَتْح، فناجَاهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ حَدَّثَها فَضَحِكَتْ، فلَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَأَلتُها عن بُكائِها وضَحِكِها؟ قالت: أَخْبَرَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّه يَمُوتُ فبكيتُ، ثُمَّ أَخْبَرني أَنِّي سَيدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ إلا مريمَ بنتَ عِمْرانَ فضَحِكْتُ.
"وروي عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة عامَ الفتحِ فناجاها"؛ أي: فكلَّمها بالسر، "فبكت، ثم حدَّثها فضحكت، فلما توفي