المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب صفة النار وأهلها - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٦

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌6 - باب نزول عيسى عليه السلام

- ‌7 - باب قُرْبِ السَّاعَة وأنَّ مَنْ ماتَ فقد قامَتْ قيامَتُه

- ‌8 - باب لا تقومُ السَّاعةُ إلا على الشِّرارِ

- ‌1 - باب النَّفْخِ في الصورِ

- ‌2 - باب الحَشْرِ

- ‌3 - باب الحِسَابِ والقِصَاصِ والمِيْزانِ

- ‌4 - باب الحَوْضِ والشفاعة

- ‌5 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وأَهْلِهَا

- ‌6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى

- ‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

- ‌8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ

- ‌9 - باب بدءِ الخَلقِ، وذكرِ الأَنبياءِ عليهم السلام

- ‌1 - باب فَضَائِلِ سيدِ المُرسَلِينَ صلَوَاتُ الله عَلَيْهِ

- ‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - باب في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب المَبْعَثِ وَبدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - باب علامات النبوة

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - باب الكَرَامَاتِ

- ‌7 - باب(باب في بيان هجرة أصحابه من مكة)

- ‌8 - باب

- ‌1 - باب في مَناقبِ قريشٍ وَذِكرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - باب مناقب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌3 - باب مَناقِبِ أَبي بَكرٍ الصِّديقِ رضي الله عنه

- ‌4 - باب مَناقِبِ عُمَرَ بن الخَطابِ رضي الله عنه

- ‌5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - باب مَنَاقِبِ عُثمانَ في عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - باب مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثة رضي الله عنهم

- ‌8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ في أَبي طالب رضي الله عنه

- ‌9 - باب مَنَاقِبِ العَشرَةِ رضي الله عنهم

- ‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسِ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - باب ثوَابِ هذِهِ الأُمَّةِ

الفصل: ‌7 - باب صفة النار وأهلها

‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

(باب صفة النار وأهلها)

مِنَ الصِّحَاحِ:

4391 -

عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: " نارُكُمْ جُزْءٌ منْ سَبْعينَ جُزءًا منْ نارِ جَهَنَّمَ ". قيلَ: يا رسولَ الله! إنْ كانتْ لكَافِيَةً، قالَ:" فإِنَّها فُضلَتْ عَلَيْهِنَّ بتِسْعَةٍ وسِتِّينَ جُزءًا، كلُّهنَّ مثلُ حَرِّها ".

"من الصحاح":

" قال أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قيل: يا رسول الله! إنْ كانت لكافيةً "، (إن) هذه: مخففة من المثقَّلة، واللام هي الفارقة؛ أي: هذه النار التي تراها في الدنيا كانت كافيةً في الإحراق والتعذيب.

" قال: فإنها "؛ أي: نار جهنم.

" فُضِّلَتْ عليهنَّ "؛ أي: زيدَتْ على نيران الدنيا وحرِّها ونكايتها " بتسعةٍ وستين جزءًا كلهنَّ "؛ أي: كل جزء من أجزاء نار جهنم " مثل حَرِّها "؛ أي: حر نار الدنيا.

* * *

4392 -

وقالَ: " اِشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبها فقالت: رَبِّ أكلَ بعضي بَعْضًا، فأَذِنَ لها بنفَسَيْنِ: نفَسٍ في الشِّتاءَ، ونفَسٍ في الصَّيفِ، أَشَدُّ ما تَجِدُونَ منَ الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدونَ مِنَ الزَّمْهَريرِ ".

ص: 125

" وقال: اشْتَكَتِ النار إلى ربها فقالت: ربِّ أكل بعضي بعضًا، فأَذِنَ لها بنفْسَيْنِ: نفسٍ في الشِّتاء، ونفسٍ في الصَّيف، أشدُّ ما تجدون من الحرِّ فمن حرِّها وأشد ما تجدون من الزَّمْهَرير فمن زمهريرها ": تقدم بيانه في (باب تعجيل الصلاة).

* * *

4393 -

وقالَ صلى الله عليه وسلم: " يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لها سَبْعونَ ألفَ زِمامٍ، معَ كُلِّ زِمامٍ سَبْعونَ ألفَ مَلَكٍ يجُرُّونهَا ".

" وقال: يؤتى بجهنم ": الباء للتعدية؛ يعني: يؤتى بجهنم من المكان الذي خلقها الله فيه.

" يومئذٍ "؛ أي: يوم القيامة.

" لها سبعون ألف زِمَام ": وهو ما يشدُّ به ويُرْبَط.

" مع كل زمامٍ سبعون ألف مَلَك يجرُّونها ": فتدار بأرض المحشر حتى لا يبقى للجنة طريق إلا الصراط، وهذه الأَزِمَّة التي تجرَّ بها جهنم تمنعها من الخروج على أهل المحشر إلا مَنْ شاء الله.

* * *

4394 -

وقالَ: " إنَّ أهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذابًا مَنْ لهُ نَعْلانِ وشِرَاكَانِ مِنْ نارٍ يَغْلي منهُما دِماغُهُ كما يَغْلي المِرْجَلُ، ما يَرى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ منهُ عَذابًا، وإنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذابًا ".

" وقال: إن أهونَ أهل النار "؛ أي: أيْسَرَهم.

" عذابًا مَنْ له نعلان وشِرَكان ": الشِرَاك: سَيْرُ النَّعل الذي على ظهر القدم.

ص: 126

" من نار يَغْلِي منهما دماغُهُ كما يغلي المِرجَل " بكسر الميم وفتح الجيم: قِدْرٌ من نحاس.

" ما يَرَى "؛ أي: لا يظنُّ ذلك الشَّخص.

" أن أحدًا ": من أهل النار.

" أشدُّ منه عذابًا، وإنه "؛ أي: والحال أنه: " لأهْوَنهم عَذابًا "، وفيه تصريحٌ بتفاوت عذاب أهل النار.

* * *

4395 -

وقالَ: " أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذابًا أبو طَالِبٍ، وهو مُنْتَعِلٌ بنعْلَيْنِ يَغْلي مِنْهُما دِماغُه ".

" وقال: أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو مُنْتَعِلٌ بنعلَيْن يَغْلِي منهما دِماغُه ".

* * *

4396 -

وقالَ: " يُؤْتَى بأَنْعَم أَهْلِ الدُّنيا منْ أَهْلِ النَّارِ يومَ القِيامةِ فيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابن آدَم! هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا والله يا رَبِّ، ويُؤتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنيا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فيُصبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ فيقالُ لهُ: يا ابن آدمَ! هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قطُّ؟ فيقولُ: لا والله يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ".

" وقال صلى الله عليه وسلم: يؤتى بِأَنْعَم أهْلِ الدُّنيا ": الباء للتعدية، و (أنعم): أفعل تفضيل من النِّعمة؛ أي: بأكثرهم نعمةً.

" من أهل النار ": (من) هذه بيانية في محل النصب على الحال.

ص: 127

" يومَ القيامة فيُصْبَغُ في النار صَبْغَةً "؛ أي: يُغْمَسُ فيها غَمْسَةً، أراد من الصَّبْغِ: الغَمْس؛ إطلاقًا للملزوم على اللازم؛ لأن الصَّبْغَ إنما يكون بالغَمْسِ غالبًا؛ يعني: يلحقه لَفْحَة منها.

" ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيْتَ خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ": فشدة العذاب تنسيه ما مضى عليه من نعم الدنيا.

" فيؤتى بأشد الناس بؤسًا "؛ أي: شدة وبلاءً.

" في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ وهل مر بك شدةً؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولارأيت شدةً قط ": فنعيم الجنة ينسيه ما مضى من سوء الحال.

* * *

4397 -

عن أنسٍ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" يقولُ الله تعالى لأِهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذابًا يَوْمَ القِيامةِ: لوْ أنَّ لكَ مَا في الأَرْضِ منْ شَيءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بهِ؟ فيقولُ: نَعَم، فيقولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هذا وأنتَ في صُلْبِ آدَمَ، أنْ لا تُشْرِكَ بي شَيْئًا فأبَيْتَ إلا أنْ تُشرِكَ بي ".

" وقال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يقول الله تعالى لأَهْوَنِ أهلِ النار عذابًا يوم القيامة: لو أنَّ لك "؛ أي: لو ثَبَتَ أنَّ لك.

" ما في الأرض من شيء، أكنْتَ ": استفهام بمعنى التوبيخ.

" تفتدي به؟ "، والافتداء: إعطاء الفِدَاء.

" فيقول: نعم، فيقول "؛ أي الله: " أرَدْتُ منك أَهْوَنَ مِنْ هذا "؛ أي: أَمَرْتُكَ بأسهل مِنْ هذا، وإنما فسَّرنا الإرادة بالأمر؛ لأن مُرَاد الله تعالى لا يتخلَّف أصلًا عند أهل الحق.

ص: 128

" وأنت في صُلْبِ آدم أن لا تشرك بي شيئًا، فأَبَيْتَ إلا أن تُشْرِكَ بي "؛ أي: امتنعت عن الإيمان والإسلام وأشركْتَ بي.

* * *

4398 -

وعن سَمُرةَ بن جُنْدَبٍ: أنَّ نبَيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " منهُمْ مَنْ تأخُذُهُ النَّارُ إلى كَعْبَيْهِ، ومِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إلى رُكْبَتَيْهِ، ومِنْهُمْ مَنْ تأخُذُهُ النَّارُ إلى حُجْزَتِهِ، ومنهُم مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إلى تَرْقُوَتِهِ ".

" وقال سَمُرَةَ بن جُنْدَب - رضي الله تعالى عنه - أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: منهم "؛ أي: مِنْ أهل النار.

" مَنْ تَأْخُذُهُ النار إلى كَعْبَيْه، ومنهم من تأخُذُهُ النار إلى رُكْبَتَيْهِ، ومنهم مَنْ تأخُذُهُ النار إلى حُجْزَته " بضم الحاء المهملة وسكون الجيم؛ أي: إلى مَعْقِد إزاره.

" ومنهم مَنْ تأخُذُهُ النار إلى تَرْقُوَتِهِ "؛ أي: الرقبة (1).

* * *

4399 -

وقالَ: " ما بَيْنَ مَنْكِبَي الكافِرِ في النَّارِ مَسيرةُ ثلاثةِ أيَّامٍ للرَّاكِبِ المُسْرِعِ ".

" وقال: ما بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكافر في النار مَسِيْرَةُ ثلاثَةِ أَيَّام للرَّاكِبِ المُسْرِع ": إنما عظم جسمه ليعظم عذابه.

* * *

(1) في " غ ": " إلى صدره ".

ص: 129

4400 -

وقالَ: " ضرْسُ الكافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وغِلَظُ جِلْدِهِ مَسيرَةُ ثَلاثٍ ".

" وقال: ضِرْسُ الكافر "؛ أي: سِنُّه يوم القيامة.

" مثل أُحُد ": جبل بالمدينة.

" وغِلَظُ جلده مَسِيْرَةُ ثلاث "؛ أي: ثلاث ليال، وذلك ليشتد في التعذيب.

* * *

مِنَ الحِسَان:

4401 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" أُوقِدَ على النَّارِ ألْفَ سَنَةٍ حتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيها ألْفَ سَنَةٍ حتَّى ابيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ علَيها ألْفَ سَنَةٍ حتَّى اسْوَدَّتْ، فهيَ سَوداءُ مُظْلِمَةٌ ".

"من الحسان":

" قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: أُوْقِدَ على النار ": فاعل (أوقد)[محذوف]" ألف سنةٍ حتى احمرَّتْ، ثم أُوقد عليها ألف سنةٍ حتى ابيضَّتْ، ثم أوقد عليها ألف سنةٍ حتى اسودَّت فهي سوداء مظلمة ": لا يضيء لهبها ولا تطفئ جمرتها.

* * *

4402 -

وقالَ صلى الله عليه وسلم: " ضرْسُ الكافِرِ يَوْمِ القِيامةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وفخِذهُ مِثْلُ البَيْضاءِ، ومَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مَسيرةُ ثلاثٍ مِثْلُ الرَّبَذَةِ ".

" وقال صلى الله عليه وسلم: ضِرْسُ الكافر يوم القيامة مثل أُحُدٍ، وفَخِذُه مثل البَيْضَاء ": جبل قرب الرَّبَذَة - بالتحريك -: قرية على ثلاثة مراحل من المدينة، بها قبر أبي ذر الغفاري، وقيل: جبل بالشام.

ص: 130

" ومقعده من النار مَسيرَةُ ثلاث مثل الرَّبَذَة "؛ أي: كمثل الرَّبَذَة، يريد ما بينهما.

* * *

4403 -

وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ غِلَظَ جِلْدِ الكافِر ثِنْتانِ وأَرْبعونَ ذِراعًا، وإِنَّ ضرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ، وإنَّ مَجْلِسَهُ مِنْ جَهَنَّمَ ما بينَ مَكَّةَ والمَدينَةِ ".

" وقال: إن غِلَظَ جِلْدِ الكافر اثنان وأربعون ذراعًا، وإن ضِرْسَهُ مثل أُحُد، وإن مَجْلِسَهُ من جهنَّم ما بين مكة والمدينة ".

* * *

4404 -

عن ابن عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " إنَّ الكافِرَ لَيُسْحَبُ لِسانُهُ الفَرْسَخَ والفَرْسَخَيْنِ يتَوَطَّؤُهُ النَّاسُ "، غريب.

" قال ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الكافر لَيُسْحَبُ "؛ أي: لَيُجَرُّ.

" لِسَانُهُ الفَرْسَخَ والفَرْسَخَيْنِ يَتَوَطَّؤُه الناس "؛ أي: يمشون على لسانه.

" غريب ".

* * *

4405 -

عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" الصَّعُودُ جَبَلٌ منْ نارٍ يَتَصَعَّدُ فيهِ سَبْعينَ خَرِيفًا، ويَهوي بهِ كذلكَ فيه أَبَدًا ".

" عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]: " الصَّعُود: جبل من نار يتصعَّدُ فيه "؛ أي: يكلَّف " الكافر " ارتقاءه.

ص: 131

" سبعين خريفًا "؛ أي: سنة.

" ويَهوِي به "؛ أي: يكلَّف بسقوط ذلك الكافر.

" كذلك "؛ أي: سبعين سنة.

" فيه "؛ أي: في ذلك الجبل.

" أبدًا "؛ يعني: لا ينقطع تكليفه صعود ذلك الجبل وسقوطه منه.

* * *

4406 -

وقالَ في قَوْلِه: {كَالْمُهْلِ} أي كعَكَرِ الزَّيْتِ، فإذا قُرِّبَ إلى وَجْهِهِ سَقَطَ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فيهِ ".

" وقال صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ}: أي: كَعَكَرِ الزَّيْتِ "؛ أي: كدُرْدِيُّهُ.

" فإذا قُرِّبَ إلى وجهه سَقَطَ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فيه "؛ أي: جلد وجهه في العَكَرِ.

وقيل: المهل: الرصاص المُذَاب أو الصُّفْرُ والفضَّة، وكل ما أُذِيْبَ من هذه الأشياء فهو مهل، وقيل: المهل: الصَّديد الذي يَسيْلُ من البدن.

* * *

4407 -

وقالَ: " إنَّ الحَمِيمَ لَيُصَبُّ على رُؤُوسهِمْ فيَنْفُذُ الحَمِيمُ حتَّى يَخلُصَ إلى جَوْفِهِ، فيَسْلُتُ ما في جَوْفِهِ حتَّى يَمْرُقَ منْ قَدَمَيْهِ، وهو الصَّهْرُ، ثمَّ يُعادُ كما كانَ ".

" وقال: إن الحميم ": وهو الماء البالغ نهاية الحرِّ.

" لَيُصَبُّ على رؤوسهم "؛ أي: لَيُسْكَبُ.

" فَيَنْفُذُ الحميم "؛ أي: يمضي.

" حتى يَخْلُصَ "؛ أي: يصل.

ص: 132

" إلى جوفه، فَيَسْلِتُ "؛ أي: يقطع، أو يمسح " ما في جوفه ": مِنْ سَلَتُّ القَصْعَة: إذا مسحتها من الطعام.

" حتى يَمْرُقَ "؛ أي: يخرج.

" مِنْ قَدَمَيْهِ، وهو الصَّهْرُ ": المذكور في قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ} ؟ أي: يُذَاب بالحميم المسكوب على رؤوسهم {مَا فِي بُطُونِهِمْ} [الحج: 20] مِنْ شحومٍ وغيرها، فيقطعها ويخرج من أدبارهم.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو سَقَطَتْ قطرة من الحميم على جبال الدنيا لأذابتها.

" ثم يعاد كما كان ".

* * *

4408 -

عن أبي أُمامَةَ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ} قالَ:" يُقرَّبُ إلى فيهِ فَيَكْرهُهُ، فإذا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رأْسِهِ، فإذا شَرِبَهُ قَطَّعَ أَمْعاءَهُ حتَّى تَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ، يقولُ الله تعالَى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} ويقولُ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} ".

" عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} "؛ أي: من ماء رقيقٍ مختلط بالدَّم الذي يخرج من الجرح.

{يَتَجَرَّعُهُ} ؛ أي: يتحسَّاه ويشربه جُرْعَةً بعد جُرْعَةٍ لمرارته وحرارته.

" قال: يُقَرَّبُ إلى فِيْهِ فيكرهه، فإذا أُدْنِيَ "؛ أي: قرب منه " شوى وجهه "؛ أي: نضجه.

" ووقَعَتْ فروة رأسه، فإذا شربه قطَّع أمعاءه ": جمع معي.

ص: 133

" حتى يخرج من دبره، يقول الله تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]، ويقول تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] "؛ أي: ينضجها من حَرِّه.

* * *

4409 -

وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" لِسُرْادِقِ النّارِ أَرْبَعةُ جُدُرٍ، كِثَفُ كُلِّ جِدارٍ مَسيرةُ أَرْبعينَ سَنَةً ".

" قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه تعالى وسلم " في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29].

" لِسُرَادِقِ النار ": السُّرْدَاق: ما أحاط بشيء.

" أربعة جُدُر ": جمع جدار.

" كِثَفُ كلِّ جدار "؛ أي: غلظه.

" مسيرة أربعين سنة ".

* * *

4410 -

وبه قالَ: " لوْ أن دَلْوًا منْ غَسَّاقٍ يُهْراقُ في الدُّنيا لأَنْتَن أَهْلُ الدُّنيا ".

" وقال: لو أنَّ دلْوًا من غَسَّاق ": وهو - بتشديد السين المهملة وتخفيفها -: ما يسيل من صديد أهل النار، وقيل: من دموعهم، وقيل: هو الزَّمهرير، وقيل: هو بارد يحرق لا يقدر أحد على شربه من برده، كما لا يقدر على شرب الحميم لحرارته.

" يُهَرَاق "؛ أي: يُصَبُّ.

ص: 134

" في الدنيا لأَنْتَنَ أَهْلُ الدُّنيا ": برفع (أهل) فاعل لأنَّ (أنتن) لازم؛ أي: لصاروا ذوي نتن.

* * *

4411 -

عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هذهِ الآيَة: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لوْ أنَّ قَطْرةً منَ الزَّقُّومِ قَطَرتْ في دارِ الدُّنيا لأَفْسَدَتْ على أَهْلِ الأَرْضِ مَعَايِشَهُمْ، فكَيْفَ بِمَنْ يكونُ طعامُهُ؟ "، صحيح.

" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه سلم قرأ هذه الآية: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} "؛ أي: موحِّدون، والنَّهي في الظاهر: عن الموت، وفي الحقيقة: عن ترك الإسلام؛ يعني: لا يُوْجَد مَوْتُكُم إلا على حالِ كونكم ثابتين على الإسلام.

" قال: لو أنَّ قَطْرَةً من الزَّقُّوم ": وهو شجرة خبيثة مُرَّة كريهة الطعم والرائحة.

" قَطَرَتْ في دار الدنيا لأفسدَتْ على أهل الأرض معايِشَهُمْ ": جمع المعيشة.

" فكيف بمن " الفاء: جواب شرط مُقَدَّر كأنه قيل: إذا عُرِفَ ذلك فكيف حال مَنْ " يكون " ذلك الزقوم " طعامه " في النار.

" صحيح ".

* * *

4412 -

عن أبي سَعيدٍ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:{وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}

ص: 135

قالَ: تَشْويهِ النّارُ فَتَتَقَلَّصُ شَفَتُهُ العُليا حتَّى تَبْلُغَ وَسَطَ رَأْسِهِ وتَسْترخِيَ شَفَتُهُ السُّفلَى حتَّى تَضْرِبَ سُرَّتهُ ".

" عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} "؛ أي: الكفار في النار عَابِسُون باديةٌ أسنانهم.

" قال: تَشْوِيه النار "؛ أي: تحرقه.

" فَتَقَلَّصُ "؛ أي: تنقبض.

" شَفَتُهُ العُلْيَا ": تأنيث الأعلى.

" حتى تبلغ وَسَطَ رأسه، وَتَسْتَرْخِي ": وتتَدَلَّى.

" شَفَتُهُ السُّفْلَى ": تأنيث الأسفل.

" حتى تَضْرِبَ سُرَّتَهُ ".

* * *

4413 -

عن أنسٍ رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:" يا أيُّها النَّاسُ ابْكُوا، فإنْ لَمْ تَسْتَطيعوا فتباكَوْا، فإنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكونَ في النَّارِ حتَّى تسيلَ دُمُوعُهُمْ في وُجُوهِهِمْ كأَنَّها جَداوِلُ، حتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ فتسيلُ الدِّماءُ فَتَقَرَّحُ العُيونُ، فلوْ أنَّ سُفُنًا أُرْخِيَتْ فيها لجَرَتْ ".

" وقال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يا أيها الناس ابكوا فإن لم تستطيعوا فتباكوا "؛ أي: أظهروا البكاء من أنفسكم.

" فإنَّ أهلَ النار يبكون في النار حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها "؛ أي: الدموع.

" جداول ": جمع جدول، وهو النهر الصغير.

ص: 136

" حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء فتَقَرَّحُ "؛ أي: تُجْرَحُ.

" العيون، فلو أن سُفُنَا ": جمع سفينة.

" أُزْجِيَتْ فيها "؛ أي: سِيْقَتْ في دموع الكفرة.

" لَجَرَتْ "؛ لكثرتها.

* * *

4414 -

عن أبي الدَّرْداءَ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " يُلقَى على أَهْلِ النَّارِ الجُوعُ فَيَعْدِلُ ما هُمْ فيهِ منَ العَذابِ، فَيَسْتَغيثونَ، فيُغاثونَ بطَعامٍ {مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}، فيسَتَغيثونَ بالطَّعامِ، فيُغاثونَ بطَعامٍ ذي {غُصَّةٍ} فَيذكُرونَ أنَّهمْ كانوا يُجيزونَ الغُصَصَ في الدُّنيا بالشَّرابِ، فيسَتَغيثونَ بالشَّرابِ، فيُرفَعُ إليهِمُ {الْحَمِيمُ} بكلاليبِ الحَديدِ، فإذا دنَتْ منْ وُجُوهِهِمْ شَوَتْ وُجُوهَهُمْ، فإذا دَخَلتْ بُطونَهُمْ قَطَّعَتْ ما في بُطُونِهِمْ، فيقَولونَ: ادْعُوا خَزَنَة جَهَنَّمَ، فيقولون: {قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} قالَ: فيقولون: ادْعُوا مالِكًا، فيقولون: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} قال: فيُجِيبُهم {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} "؛ قال الأَعْمَشُ: نُبِّئْتُ أنَّ بَيْنَ دُعائهِمْ وإِجابَةِ مالِكٍ إيّاهُمْ ألفَ عامٍ.

قالَ: " فيقولون: ادْعُوا ربَّكُمْ فلا أَحَدَ خَيْرٌ منْ ربكُمْ، فيقولونَ: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} قال: فيُجيبُهُمْ {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} قال: فعندَ ذلكَ يَئِسوا منْ كُلِّ خيرٍ، وعِنْدَ ذلكَ يأخُذونَ في الزَّفيرِ والحَسْرةِ والوَيْلِ ".

ويُروَى هذا مَوْقُوفًا على أبي الدَّرْداءِ.

" قال أبو الدرداء رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُلْقَى على أهل النار الجوع

ص: 137

فَيَعدِلُ "؛ أي: يماثل ألم جوعهم.

" ما هم فيه من العذاب "؛ أي: ألم عذابهم.

" فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام {مِنْ ضَرِيعٍ}: وهو نبت بالحجاز، له شوك يقال له: الشِّبْرِق ما دام رطبًا، فإذا يبس يقال له: ضريع، لا تقربه دابة لخبثه لو أكلت ماتَتْ، والمراد هنا: شوك من نار أمر من الصَّبِرِ، وأنتن من الجيفة، وأشد حرًا من النار.

{لَا يُسْمِنُ} ؛ أي: لا يُشبع الجائع.

{وَلَا يُغْنِي} ؛ أي: لا ينفع.

" {مِنْ جُوعٍ} فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غُصَّة ": وهو ما يَنْشَبُ في الحلْقِ من عَظْمٍ وغيره، ولم يَسُغ.

" فيذكرون أنهم كانوا يُجِيْزُونَ "؛ أي: يُسَوِّغون.

" الغُصَصَ ": جمع غُصَّة.

" في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فَيُرْفَعُ إليهم الحميم بكَلَاليب الحديد ": جمع الكَلُّوب.

" فإذا دَنَتْ من وجوههم شَوَتْ وجوههم، وإذا دَخَلَتْ بُطُوْنهمْ قَطَّعَتْ ما في بطونهم، فيقولون "؛ أي: الكفار بعضهم لبعض: " ادعوا خَزَنَةَ جهنم ": جمع خازن، وهم الملائكة الموكَّلون على النار.

" فيقولون "؛ أي: الخزنة للكفار: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} ؛ أي: ألم يخبركم رسلكم بالدلائل الواضحة أنَّ عذاب جهنم إلى الأبد.

{قَالُوا بَلَى} ؛ أي: أُخْبِرنا بها.

ص: 138

{قَالُوا} ؛ أي: الخزنة لهم تهكُّما بهم: {فَادْعُوا} أنتم ما شئتم فإنا لا نشفع للكافرين.

{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} ؛ أي: في هلاك؛ لأنه لا ينفعهم؛ يعني: لا يُسْتَجاب لكم لكفركم.

" قال: فيقولون: ادعوا مَالكًا، فيقولون:{يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ؛ أي: ليمتنا لنستريح.

" قال: فيجيبهم {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} ؛ أي: دائمون في العذاب.

" قال الأعمش: نُبِّئْتُ "؛ أي: أُخْبِرْتُ.

" أن ما بين دعائهم وإجابة مالك إيَّاهم ألف عام، قال: فيقولون "؛ أي: الخزنة: " ادعوا ربَّكم، فلا أَحَدَ خيرٌ من ربكم، فيقولون:{رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} ؛ أي: شقاوتنا التي كتبت علينا فلم نهتَدِ.

{وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} عن الهداية {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا} ؛ أي: من النار {فَإِنْ عُدْنَا} إلى الكفر والتكذيب {فَإِنَّا ظَالِمُونَ} لأنفسنا.

" قال: فيجيبهم: {اخْسَئُوا فِيهَا} "؛ أي: أبعدوا أذلاء في النار.

{وَلَا تُكَلِّمُونِ} في رفع العذاب، فإني لا أرفعه عنكم.

" قال: فعند ذلك يئسوا من كل خير، وعند ذلك يأخذون في الزَّفِير ": وهو اعْتِراقُ النفس للشدة.

" والحَسْرَةِ والوَيْل، ويروى هذا موقوفًا على أبي الدرداء ".

* * *

4415 -

عن النُّعمانِ بن بَشيرٍ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: " أَنْذَرْتُكُم النَّارَ، أَنْذَرْتُكُم النَّارَ، فما زالَ يقولُها حتَّى لوْ كَانَ في مَقامِي هذا

ص: 139

سَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ، وحتَّى سَقَطَتْ خَمِيصَةٌ كانتْ عَلَيهِ عِنْدَ رِجْلَيهِ ".

" عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنذَرْتُكُمُ النَّار، أنذَرْتُكُمُ النار، أنذرتكم، قال: فما زال يقولها "؛ أي: تلك الكلمة.

" حتى لو كان "؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم.

" في مكاني هذا سمعه أهل السوق، وحتى سَقَطَتْ خَمِيْصَةً كانت عليه عند رِجْلَيه ": من كثرة قوله: (أنذرتكم).

* * *

4416 -

عن أبي بُرْدَةَ عن أَبِيهِ رضي الله عنهما، عن النَّبى صلى الله عليه وسلم:" إنَّ في جَهَنَّمَ وادِيًا يُقالُ لهُ: هَبْهَبُ، يَسكُنُه كُلُّ جَبَّارٍ ".

" عن أبي بردة، عن أبيه رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: إن في جَهَنَّمَ واديًا يُقال له: هَبْهَبُ ": وهو السَّريع؛ لسرعة وقوعه في المجرمين، ولشدَّة أجيج النار فيهم.

" يسكنه كل جَبَّار ".

* * *

4417 -

عن عبدِ الله بن عَمْرِو بن العاصِ قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " لوْ أنَّ رَضْرَاضَةً مِثْلَ هذِهِ، وأَشارَ إلى مِثْلِ الجُمْجُمَةِ، أُرسِلتْ منَ السَّماءِ إلى الأَرْضِ في مَسيرةِ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ لَبَلَغتِ الأَرْضَ قبلَ اللَّيلِ، ولوْ أنَّها أُرْسِلَتْ مِنْ رأْسِ السِّلسِلَةِ لسارتْ أَرْبعينَ خَريفًا اللَّيلَ والنَّهارَ قبل أنْ تبلُغَ أَصْلَها أَوْ قَعْرَها ".

" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن

ص: 140