الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبِي الْمَعَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُقْبِلٍ، مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْقَضَاءِ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ فَضْلَانَ، وَقَدْ وَلِيَ الْقَضَاءَ مُدَّةً وَدَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ عُزِلَ ثم رضي عنه ثم درس آخر وقت بِالْمُسْتَنْصِرِيَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلِيَهَا بَعْدَهُ ابن مقبل رحمهم الله تعالى.
وَفِيهَا عَمَّرَ الْأَشْرَفُ مَسْجِدَ جَرَّاحٍ ظَاهِرَ بَابِ الصَّغِيرِ.
وَفِيهَا قَدِمَ رَسُولُ الْأَنْبِرُورِ مَلِكِ الْفِرِنْجِ إِلَى الْأَشْرَفِ وَمَعَهُ هَدَايَا مِنْهَا دُبٌّ أَبْيَضُ شعره مثل شعر الأسد، وذكروا أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى الْبَحْرِ فَيُخْرِجُ السَّمَكَ فَيَأْكُلُهُ.
وفيها طَاوُوسٌ أَبْيَضُ أَيْضًا.
وَفِيهَا كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْقَيْسَارِيَّةِ التي هي قبل النَّحَّاسِينَ، وَحُوِّلَ إِلَيْهَا سُوقُ الصَّاغَةِ وَشَغَرَ سُوقُ اللُّؤْلُؤِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الصَّاغَةُ الْعَتِيقَةُ عِنْدَ الْحَدَّادِينَ.
وَفِيهَا جُدِّدَتِ الدَّكَاكِينُ الَّتِي بِالزِّيَادَةِ.
قُلْتُ وَقَدْ جُدِّدَتْ شَرْقِيَّ هَذِهِ الصَّاغَةِ الْجَدِيدَةِ قَيْسَارِيَّتَانِ في زماننا وسكنها الصياغ وتجار الذهب، وهما حسنتان وجميعهما وقف الجامع المعمور.
وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ
مِنَ الْأَعْيَانِ: أبو الحسن علي بن أبي علي ابن محمد بن سالم الثعلبي (1) ، الشَّيْخُ سَيْفُ الدِّينِ الْآمِدِيُّ (2) ، ثُمَّ الْحَمَوِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ فِي الْأَصْلَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِنْ ذَلِكَ:" أَبْكَارُ الْأَفْكَارِ فِي الْكَلَامِ "، وَ " دَقَائِقُ الْحَقَائِقِ فِي الْحِكْمَةِ "، وَ " إِحْكَامُ الْأَحْكَامِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ "، وَكَانَ حَنْبَلِيَّ الْمَذْهَبِ فَصَارَ
شَافِعِيًّا أُصُولِيًّا مَنْطِقِيًّا جَدَلِيًّا خِلَافِيًّا، وَكَانَ حَسَنَ الْأَخْلَاقِ سَلِيمَ الصَّدْرِ كَثِيرَ الْبُكَاءِ رَقِيقَ الْقَلْبِ، وقد تكلَّموا فيه بأشياء الله أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا، وَالَّذِي يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَالِبِهَا صِحَّةٌ، وَقَدْ كَانَتْ مُلُوكُ بَنِي أَيُّوبَ كَالْمُعَظَّمِ وَالْكَامِلِ يُكْرِمُونَهُ وَإِنْ كَانُوا لَا يُحِبُّونَهُ كَثِيرًا، وَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْمُعَظَّمُ تَدْرِيسَ الْعَزِيزِيَّةِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْأَشْرَفُ دِمَشْقَ عَزَلَهُ عَنْهَا وَنَادَى بِالْمَدَارِسِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ أَحَدٌ بِغَيْرِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِعُلُومِ الْأَوَائِلِ نَفَيْتُهُ، فَأَقَامَ الشَّيْخُ سَيْفُ الدِّينِ بِمَنْزِلِهِ إِلَى أن توفي بدمشق في هذه السنة في صفر، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّهُ اشْتَغَلَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ بْنِ فِتْيَانَ بْنِ الْمَنِّيِّ الْحَنْبَلِيِّ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَأَخَذَ عَنِ ابْنِ فضلان وغيره، وحفظ طريقة الخلاف للشريف وَزَوَائِدَ طَرِيقَةِ أَسْعَدَ الْمِيهَنِيِّ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الشَّامِ وَاشْتَغَلَ بِعُلُومِ الْمَعْقُولِ، ثُمَّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَأَعَادَ بِمَدْرَسَةِ الشَّافِعِيَّةِ بِالْقَرَافَةِ الصُّغْرَى، وَتَصَدَّرَ بِالْجَامِعِ الظَّافِرِيِّ، وَاشْتَهَرَ فَضْلُهُ وَانْتَشَرَتْ فَضَائِلُهُ، فَحَسَدَهُ أقوام فسعوا فيه وَكَتَبُوا خُطُوطَهُمْ بِاتِّهَامِهِ بِمَذْهَبِ الْأَوَائِلِ وَالتَّعْطِيلِ وَالِانْحِلَالِ، فطلبوا من بعضهم أن يوافقهم فكتب:
(1) كذا بالاصل وتاريخ أبي الفداء وشذرات الذهب، وفي ابن خلكان 3 / 293: التغلبي.
(2)
الآمدي: نسبة إلى آمد وهي مدينة كبيرة في ديار بكر مجاورة لبلاد الروم.
(الوفيات) .
(*)
حَسَدُوا الْفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ * فَالْقَوْمُ أعداء له وخصوم فانتقل سَيْفُ الدِّينِ إِلَى حَمَاةَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ فَدَرَّسَ بِالْعَزِيزِيَّةِ، ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا وَلَزِمَ بَيْتَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ ثَمَانُونَ عَامًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَفَا عنه.
واقف الركنية الأمير ركن الدين منكورس الْفَلَكِيُّ غُلَامُ فَلَكِ الدِّينِ أَخِي الْمَلِكِ الْعَادِلِ، لأنه وقف الْفَلَكِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ، يَنْزِلُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَقْتَ السَّحَرِ إِلَى الْجَامِعِ وَحْدَهُ بِطَوَّافَةٍ وَيُوَاظِبُ عَلَى حُضُورِ الصَّلَوَاتِ فِيهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَكَانَ قَلِيلَ الْكَلَامِ كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، وَقَدْ بَنَى الْمَدْرَسَةَ الرُّكْنِيَّةَ بِسَفْحِ
قَاسِيُونَ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَوْقَافًا كَثِيرَةً وَعَمِلَ عندها تربة، وحين توفي بقرية حدود (1) حُمِلَ إِلَيْهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ العالم رضي الدين أبو سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُظَفَّرِ بْنِ غَنَائِمَ الْجِيلِيُّ الشَّافِعِيُّ، أحد فقهاء بغداد والمفتيين بها والمشغلين لِلطَّلَبَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً، لَهُ كِتَابٌ فِي الْمَذْهَبِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا، يَحْكِي فِيهِ الْوُجُوهَ الْغَرِيبَةَ وَالْأَقْوَالَ الْمُسْتَغْرَبَةَ وَكَانَ لَطِيفًا ظَرِيفًا، تُوُفِّيَ رحمه الله يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَالِثَ رَبِيعٍ الأول من هذه السنة ببغداد.
الشَّيْخُ طَيٌّ الْمِصْرِيُّ أَقَامَ مُدَّةً بِالشَّامِ فِي زاوية له بدمشق، وكان لطيفاً كَيِّسًا زَاهِدًا، يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ الْأَكَابِرُ وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ الْمَذْكُورَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْأَرْمَنِيُّ (2) أَحَدُ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ جَابُوا الْبِلَادَ وَسَكَنُوا الْبَرَارِيَّ وَالْجِبَالَ وَالْوِهَادَ، وَاجْتَمَعُوا بِالْأَقْطَابِ وَالْأَبْدَالِ وَالْأَوْتَادِ، وَمِمَّنْ كَانَتْ لَهُ الْأَحْوَالُ وَالْمُكَاشَفَاتُ وَالْمُجَاهَدَاتُ وَالسِّيَاحَاتُ فِي سَائِرِ النَّوَاحِي وَالْجِهَاتِ، وَقَدْ قَرَأَ القرآن في بدايته وحفظ كتاب الْقُدُورِيَّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ اشْتَغَلَ
(1) في معجم البلدان: جرود، قرية من أعمال غوطة دمشق.
(2)
في شذرات الذهب 5 / 146: الارموي.
(*)