الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولجنا فأوقف التَّيَّارَ عَنْ جَرَيَانِهِ * إِلَى حِيِنِ عُدْنَا بِالْغِنَى وَالْغَنَائِمِ (1) وَقَالَ آخَرٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ: الْمَلِكُ الظَّاهِرُ سُلْطَانُنَا * نَفْدِيهِ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَهْلِ اقْتَحَمَ الْمَاءَ لِيُطْفِي بِهِ * حَرَارَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْمُغْلِ وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَالِثِ رَجَبٍ خَلَعَ عَلَى جَمِيعِ الأمراء من حاشيته ومقدمي الحلقة وأرباب لدولة وَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الخيل والذهب والحوايص، وكان مبلغ ما أنفق بذلك نحو (2) ثلثمائة أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِي شَعْبَانَ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى مَنْكُوتَمُرَ هَدَايَا عَظِيمَةً (3) ، وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر شوال استدعى السلطان شيخه الشيخ خضر الْكُرْدِيَّ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ إِلَى الْقَلْعَةِ وَحُوقِقَ على أشياء كَثِيرَةٍ ارْتَكَبَهَا (4) ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ عِنْدَ ذَلِكَ بِاعْتِقَالِهِ وحبسه، ثم أمر بِاغْتِيَالِهِ وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ سَلَّمَتِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ مَا كَانَ بَقِيَ بِأَيْدِيهِمْ من الحصون وهي الكهف والقدموس والمنطقة (5) ، وَعُوِّضُوا عَنْ ذَلِكَ بِإِقْطَاعَاتٍ، وَلَمْ يَبْقَ بِالشَّامِ شئ لَهُمْ مِنَ الْقِلَاعِ، وَاسْتَنَابَ السُّلْطَانُ فِيهَا.
وَفِيهَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعِمَارَةِ جُسُورَةٍ فِي السَّوَاحِلِ، وَغَرِمَ عَلَيْهَا مَالًا كَثِيرًا، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ رِفْقٌ كبير.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ تَاجُ الدين أبو المظفر محمد (6) بن أحمد ابن حَمْزَةَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ الحوي (7) ، التغلبي الدِّمَشْقِيُّ، كَانَ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَلِيَ نَظَرَ الْأَيْتَامِ وَالْحِسْبَةَ، ثُمَّ وِكَالَةَ بَيْتِ الْمَالِ، وسمع الكثير وخرج له ابن بليان مشيخة قرأها عليه الشيخ شرف الدين الغراري بِالْجَامِعِ، فَسَمِعَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْفُضَلَاءِ رحمه الله.
الْخَطِيبُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني الخطيب بها،
(1) البيت في الروض، ونسبه في الهامش لابن النقيب.
(2)
في تاريخ الملك الظاهر 2 / 33: فوق الثلثماية.. (3) وكانت جوهر وحوايص (وكانت تسمى قديما منطقة - وهي جمع حياصة - وهي مصنوعة من الفضة أو من
الذهب) وثيابا منوعة (تاريخ الملك الظاهر 2 / 33 - 34) .
(4)
ومنها اللواط والزنى (تاريخ الملك الظاهر 2 / 35) .
(5)
في الروض الزاهر ص 411: المنيقة، وفي تاريخ الملك الظاهر 2 / 36: المينقة.
(6)
في تاريخ الظاهر 2 / 46: يحيى بن محمد
…
(7) في تاريخ الظاهر وتاريخ الاسلام: الحبوبي، وفي اليونيني 3 / 27: المحبوبي.
(*)
وَبَيْتُهُ مَعْرُوفٌ بِالْعِلْمِ وَالْخَطَابَةِ وَالرِّيَاسَةِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الصوفية وقد قارب الستين (1) رحمه الله.
وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَدِّهِ فَخْرِ الدِّينِ صَاحِبِ دِيوَانِ الْخُطَبِ الْمَشْهُورَةِ، تُوُفِّيَ بِخَانْقَاهِ الْقَصْرِ ظَاهِرِ دِمَشْقَ.
الشَّيْخُ خَضِرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمِهْرَانِيُّ الْعَدَوِيُّ شَيْخُ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ بَيْبَرْسَ، كَانَ حَظِيًّا عِنْدَهُ مُكْرَمًا لَدَيْهِ، لَهُ عِنْدَهُ الْمَكَانَةُ الرَّفِيعَةُ، كَانَ السُّلْطَانُ يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِلَى زَاوِيَتِهِ الَّتِي بَنَاهَا لَهُ فِي الْحُسَيْنِيَّةِ (2) ، فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَبَنَى لَهُ عِنْدَهَا جَامِعًا يَخْطُبُ فِيهِ لِلْجُمُعَةِ، وَكَانَ يُعْطِيهِ مَالًا كَثِيرًا، وَيُطْلِقُ لَهُ مَا أَرَادَ، وَوَقَفَ عَلَى زَاوِيَتِهِ شَيْئًا كَثِيرًا جِدًّا، وَكَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِسَبَبِ حُبِّ السُّلْطَانِ وَتَعْظِيمِهِ لَهُ، وَكَانَ يُمَازِحُهُ إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ وَصَلَاحٌ، وَقَدْ كَاشَفَ السُّلْطَانَ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، وَقَدْ دَخَلَ مَرَّةً كَنِيسَةَ الْقُمَامَةِ بِالْمَقْدِسِ فَذَبَحَ قِسِّيسَهَا بِيَدِهِ، وَوَهَبَ مَا فِيهَا لِأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْكَنِيسَةِ الَّتِي بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَهِيَ مَنْ أَعْظَمِ كَنَائِسِهِمْ، نَهَبَهَا وَحَوَّلَهَا مَسْجِدًا وَمَدْرَسَةً أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَمَّاهَا الْمَدْرَسَةَ الْخَضْرَاءَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِكَنِيسَةِ الْيَهُودِ بِدِمَشْقَ، دَخَلَهَا وَنَهَبَ مَا فِيهَا مِنَ الْآلَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ، وَمَدَّ فِيهَا سِمَاطًا، وَاتَّخَذَهَا مَسْجِدًا مُدَّةً ثُمَّ سَعَوْا إِلَيْهِ فِي رَدِّهَا إِلَيْهِمْ وَإِبْقَائِهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ اتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنَّهُ وَقَعَتْ مِنْهُ أَشْيَاءُ أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ وَحُوقِقَ عَلَيْهَا عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ فَظَهَرَ لَهُ مِنْهُ مَا أَوْجَبَ سِجْنَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِإِعْدَامِهِ وَهَلَاكِهِ وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ (3) ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ سَامَحَهُ اللَّهُ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ يُحِبُّهُ مَحَبَّةً عَظِيمَةً حَتَّى إِنَّهُ سَمَّى بَعْضَ أَوْلَادِهِ خَضِرًا
مُوَافَقَةً لِاسْمِهِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْقُبَّةُ الَّتِي عَلَى الْجَبَلِ غَرْبِيَّ الرَّبْوَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا قُبَّةُ الشَّيْخِ خَضِرٍ.
مُصَنِّفُ التَّعْجِيزِ الْعَلَّامَةُ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرحيم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ (4) بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَبُو الْقَاسِمِ الْمَوْصِلِيُّ، مِنْ بَيْتِ الْفِقْهِ وَالرِّيَاسَةِ وَالتَّدْرِيسِ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وتسعين (5) وخمسمائة، وسمع
(1) ولد بحران سنة 612 هـ وتوفي بدمشق في 11 شوال هذه السنة.
(2)
بناها الملك الظاهر لشيخه خضر سنة 660 هـ.
ظاهر القاهرة وهي تقع خارج باب الفتوح من القاهرة بخط زقاق الكحل تشرف على الخليج الكبير وقد دفن هذا الاخير بها حين وفاته (اليونيني 3 - 6 المقريزي الخطط 2 / 430) .
(3)
بقي معتقلا في حبسه حتى مات سنة 675 هـ.
(أبو الفداء 4 / 10) وقيل مات في المحرم سنة 676 هـ وقد نيف على الخمسين (اليونيني 3 / 5 المقريزي 1 / 2 / 608 ابن فضل الله العمري 5 / 167) .
(4)
في اليونيني 3 / 14 وعبر الذهبي 5 / 293،..محمد بن منعة بن محمد.
(5)
في اليونيني 3 / 15: " ولد بقلعة اربل سنة خمس وثلاثين وخمسمائة في بيت صغير منها " وهو بعيد.
(انظر طبقات السبكي 5 / 72 وتاريخ الظاهر 2 / 43 وفيه: توفي وقد نيف على الخمسين) .
(*)