الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعندهم من ذلك شئ سِوَى هَاوُنٍ، فَوَقَفَ سَائِلٌ بِبَابِهِ فَأَلَحَ فِي الطَّلَبِ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ الْهَاوُنَ فَقَالَ: خُذْ هَذَا وكل به ثلاثين يوماً، ولا تسأل الناس ولا تشنع على الله عزوجل.
هذا الرجل من خيار الصالحين، والمقصود أنه قال لأخيه أبي منصور: وَيْحَكَ أَنْتَ تَدُورُ فِي الْأَسْوَاقِ وَتُنْشِدُ الْأَشْعَارَ وَأَخُوكَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ؟ فَأَنْشَأَ يَقُولُ فِي جَوَابِ ذَلِكَ بَيْتَيْنِ مُوَالِيًا مِنْ شِعْرِهِ عَلَى الْبَدِيهَةِ: قَدْ خَابَ مَنْ شَبَّهَ الْجَزْعَهْ إِلَى درةٍ * وقاس قحبةً إلى مستحييةٍ حُرَّهْ أَنَا مُغَنِّي وَأَخِي زَاهِدْ إِلَى مرةٍ * في الدر ببرى ذِي حَلْوَهْ وَذِي مُرَّهْ وَقَدْ جَرَى عِنْدَهُ مَرَّةً ذِكْرُ قَتْلِ عُثْمَانَ وَعَلِيٌّ حَاضِرٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ كَانَ وَكَانَ، وَمَنْ قُتِلَ فِي جِوَارِهِ مِثْلُ ابْنِ عَفَّانَ فَاعْتَذَرَ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ فِي الشَّامِ عُذْرَ يَزِيدَ، فَأَرَادَتِ الرَّوَافِضُ قتله فاتفق أنه بَعْضِ اللَّيَالِي يُسَحِّرُ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ إِذْ مَرَّ بِدَارِ الْخَلِيفَةِ فَعَطَسَ الْخَلِيفَةُ فِي الطَّارِقَةِ فشمّته أبو منصور هذا من الطريق، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، وَرَسَمَ بِحِمَايَتِهِ مِنَ الرَّوَافِضِ، إِلَى أَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ رحمه الله.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
مُسْنِدُ الشَّامِ: أَبُو طَاهِرٍ بَرَكَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَاهِرٍ الْخُشُوعِيُّ، شَارَكَ ابْنَ عَسَاكِرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَشْيَخَتِهِ، وَطَالَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَأَلْحَقَ فِيهَا الْأَحْفَادَ بِالْأَجْدَادِ (1) .
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثمان وتسعين وخمسمائة فِيهَا شَرَعَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ قدامة باني المدرسة بسفح قايسون (2) ، في بناء المسجد الجامع بالسفح
، فاتفق عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو دَاوُدَ محاسن الغامي، حَتَّى بَلَغَ الْبِنَاءُ مِقَدْارَ قَامَةٍ فَنَفِدَ مَا عِنْدَهُ، وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمَالِ، فَأَرْسَلَ الملك المظفر كوكري بْنُ زَيْنِ الدِّينِ صَاحِبُ إِرْبِلَ مَالًا جَزِيلًا ليتمه بِهِ، فَكَمَلَ وَأَرْسَلَ أَلْفَ دِينَارٍ لِيُسَاقَ بِهَا إليه الماء من بردى، فَلَمْ يُمَكِّنْ مِنْ ذَلِكَ الْمَلِكُ الْمُعَظَّمُ صَاحِبُ دمشق، واعتذر بأن هذا فرش قبور كَثِيرَةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَصُنِعَ لَهُ بِئْرٌ
وَبَغْلٌ يَدُورُ، ووقف عليه وقفاً لِذَلِكَ.
وَفِيهَا كَانَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ وَخُطُوبٌ طَوِيلَةٌ بَيْنَ الْخُوَارِزْمِيَّةِ وَالْغُورِيَّةِ بِبِلَادِ الْمَشْرِقِ بَسَطَهَا ابْنُ الْأَثِيرِ (3) وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ كَثِيرٍ.
وَفِيهَا دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ مجد الدين
(1) كذا ذكر المؤلف وفاته في هذه السنة ووافقه أبو شامة في (الذيل 28) .
وفي وفيات الاعيان: 1 / 269 ذكر وفاته في 27 صفر سنة 598 وكذا ذكره الذهبي في العبر قال: توفي في سابع صفر (4 / 302) .
(2)
كذا بالاصل والمشهور: قاسيون.
(3)
انظر الكامل 12 / 173 وما بعدها: في أحداث سنة 598 هـ.
(*)