الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو الفتح محمد بن أحمد بن بخيتار ابن علي الواسطي المعروف بابن السنداي (1) ، آخر من روى المسند عن أحمد [بن حنبل عَنِ](2) ابْنِ الْحُصَيْنِ، وَكَانَ مِنْ بَيْتِ فِقْهٍ وَقَضَاءٍ وَدِيَانَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً عَدْلًا مُتَوَرِّعًا فِي النَّقْلِ، وَمِمَّا أَنْشَدَهُ مِنْ حِفْظِهِ: وَلَوْ أَنَّ ليلى مطلع الشمس دونها * وكانت من وَرَاءَ الشَّمْسِ حِينَ تَغِيبُ لَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِانْتِظَارِ نَوَالِهَا * وَقَالَ الْمُنَى لِي: إِنَّهَا لَقَرِيبُ قَاضِي القضاة لمصر صدر الدين عبد الملك بن درباس المارداني الكردي والله أعلم.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ فِي الْمُحَرَّمِ وَصَلَ نَجْمُ الدِّينِ خَلِيلٌ شَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى بَغْدَادَ فِي الرَّسْلِيَّةِ عَنِ الْعَادِلِ، وَمَعَهُ هَدَايَا كَثِيرَةٌ، وَتَنَاظَرَ هُوَ وَشَيْخُ النِّظَامِيَّةِ مَجْدُ الدِّينِ يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ فِي مَسْأَلَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ، وَأَخَذَ الْحَنَفِيُّ يَسْتَدِلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَأَجَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الَّذِي أَوْرَدَهُ، ثُمَّ خُلِعَ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَأَصْحَابِهِ بِسَبَبِ الرِّسَالَةِ، وكانت المناظرة بحضرة نائب الوزير ابن شكر
.
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَصَلَ الْجَمَالُ يُونُسُ بْنُ بَدْرَانَ الْمِصْرِيُّ رَئِيسُ الشَّافِعِيَّةِ بدمشق إلى بغداد في الرسلية عن الْعَادِلِ، فَتَلَقَّاهُ الْجَيْشُ مَعَ حَاجِبِ الْحُجَّابِ، وَدَخَلَ مَعَهُ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ إِرْبِلَ مُظَفَّرُ الدِّينِ كوكري (3) ، وَالرِّسَالَةُ تَتَضَمَّنُ الِاعْتِذَارَ عَنْ صَاحِبِ إِرْبِلَ وَالسُّؤَالَ فِي الرِّضَا عَنْهُ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ.
وَفِيهَا مَلَكَ الْعَادِلُ الْخَابُورَ وَنَصِيبِينَ وَحَاصَرَ مَدِينَةَ سِنْجَارَ مدة فلم يظفر بها ثم صالح صاحبها ورجع عنها (4) .
وفيها توفي
من الاعيان:
(1) في ابن الاثير: المنداي، وفي الوافي 2 / 116: المنداءي، وفي غاية النهاية 2 / 56: الميداني.
(2)
سقطت من الاصل، واستدركت من ابن الأثير.
(3)
في ابن الاثير: كوكبري.
(4)
تم الصلح بينهما على اقتسام البلاد التي لقطب الدين محمد بن زنكي بن مودود صاحب سنجار تكون للعادل، وتكون الجزيرة لنور الدين ارسلان صاحب الموصل.
(ابن الاثير 12 / 284) .
(*)
القاضي الأسعد بن مَمَّاتِي أَبُو الْمَكَارِمِ أَسْعَدُ بْنُ الْخَطِيرِ أَبِي سعيد مهذب بن مينا بن زكريا الأسعد بن مماتي بن أبي قدامة بن أبي مليح الْمِصْرِيُّ الْكَاتِبُ الشَّاعِرُ، أَسْلَمَ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ وَتَوَلَّى نَظَرَ الدَّوَاوِينِ بِمِصْرَ مُدَّةً قَالَ ابْنُ خلكان: وله فَضَائِلُ عَدِيدَةٌ، وَمُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَنَظَمَ " سِيرَةَ صَلَاحِ الدين " و " كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ "، وَلَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ.
وَلَمَّا تَوَلَّى الْوَزِيرُ ابْنُ شُكْرٍ هَرَبَ مِنْهُ إِلَى حَلَبَ فَمَاتَ بِهَا وَلَهُ ثِنْتَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً.
فَمِنْ شعره في ثقيل زاره بِدِمَشْقَ: حَكَى نَهْرَيْنِ وَمَا فِي الْأَرْ * ضِ من يحكيهما أبدا حكى في خلقه ثوراً * أراد وفي أخلاقه بردا (1) أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل ابن عبد الرحمن بن عبد السلام اللمعاني، أَحَدُ الْأَعْيَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِبَغْدَادَ، سَمِعَ الْحَدِيثَ وَدَرَّسَ بِجَامِعِ السُّلْطَانِ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيًّا فِي الْأُصُولِ، بَارِعًا فِي الْفُرُوعِ، اشْتَغَلَ عَلَى أَبِيهِ وَعَمِّهِ، وأتقن الخلاف وعلم المناظرة، وقارب التسعين.
أبو عبد الله محمد بن الحسن الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخُرَاسَانِيِّ، الْمُحَدِّثُ النَّاسِخُ، كَتَبَ كَثِيرًا مِنَ الْحَدِيثِ وَجَمَعَ خُطَبًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَخَطُّهُ جيد مشهور.
أبو المواهب معتوق بن منيع
ابن مَوَاهِبَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ، قَرَأَ النَّحْوَ وَاللُّغَةَ عَلَى ابْنِ الْخَشَّابِ، وَجَمَعَ خُطَبًا كَانَ يَخْطُبُ مِنْهَا، وكان شيخاً فاضلاً لَهُ دِيوَانُ شِعْرٍ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجُو الصَّدَاقَةَ مِنْ عدوٍ * يُعَادِي نَفْسَهُ سِرًّا وَجَهْرًا فَلَوْ أَجْدَتْ مَوَدَّتُهُ انْتِفَاعًا * لَكَانَ النَّفْعُ مِنْهُ إليه أجرا ابن خروف شارح سِيبَوَيْهِ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَبُو الحسن بن خروف الأندلسي النحوي شرح
(1) ثورى وبردى نهران مشهوران بدمشق.
(*)
سِيبَوَيْهِ، وَقَدَّمَهُ إِلَى صَاحِبِ الْمَغْرِبِ فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دينار، وشرح جمل الزجاجي، وكان ينتقل فِي الْبِلَادِ وَلَا يَسْكُنُ إِلَّا فِي الْخَانَاتِ، ولم يتزوج ولا تسرى، ولذلك علة تغلب على طباع الأراذل، وَقَدْ تَغَيِّرَ عَقْلُهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَكَانَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ، تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً (1) .
أَبُو عَلِيٍّ يَحْيَى بْنُ الرَّبيع ابن سليمان بن حرار الواسطي البغدادي، اشتغل بالنظامية على فضلان وأعاد عنه، وَسَافَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى فَأَخَذَ عَنْهُ طَرِيقَتَهُ فِي الْخِلَافِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ ثم صار مدرساً بالنظامية وناظراً على أَوْقَافِهَا، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ لَدَيْهِ عُلُومٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالْمَذْهَبِ، وَلَهُ تَفْسِيرٌ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ كَانَ يُدَرِّسُ مِنْهُ، وَاخْتَصَرَ تَارِيخَ الْخَطِيبِ وَالذَّيْلَ عَلَيْهِ لِابْنِ السَّمْعَانِيِّ وَقَارَبَ الثَّمَانِينَ.
ابْنُ الْأَثِيرِ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ وَالنِّهَايَةِ الْمُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ مَجْدُ الدِّينِ أَبُو السَّعَادَاتِ الشَّيْبَانِيُّ الْجَزَرِيُّ الشَّافِعِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَثِيرِ، وَهُوَ أخو الوزير وزير الْأَفْضَلِ ضِيَاءِ الدِّينِ نَصْرِ اللَّهِ، وَأَخُو الْحَافِظِ عِزِّ الدِّينِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ صَاحِبِ الْكَامِلِ في التاريخ، ولد أبو السعادات هذا في
إحدى الرَّبِيعَيْنِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الكثير وقرأ القرآن وأتقن علومه وحررها، وَكَانَ مَقَامُهُ بِالْمَوْصِلِ، وَقَدْ جَمَعَ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ كُتُبًا مُفِيدَةً، مِنْهَا جَامِعُ الْأُصُولِ السِّتَّةِ الموطأ والصحيحين وَسُنَنُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ مَاجَهْ فِيهِ، وَلَهُ كِتَابُ النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَلَهُ شَرَحُ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ وَالتَّفْسِيرُ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ فِي فُنُونٍ شتى، وكان مُعَظَّمًا عِنْدَ مُلُوكِ الْمَوْصِلِ، فَلَمَّا آلَ الْمُلْكُ إلى نور الدين أرسلان شاه، أرسل إليه مملوكه لؤلؤ أَنْ يَسْتَوْزِرَهُ فَأَبَى فَرَكِبَ السُّلْطَانُ إِلَيْهِ فَامْتَنَعَ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: قَدْ كَبُرَتْ سِنِّي وَاشْتَهَرْتُ بِنَشْرِ الْعِلْمِ، وَلَا يَصْلُحُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا بشئ مِنَ الْعَسْفِ وَالظُّلْمِ، وَلَا يَلِيقُ بِي ذَلِكَ، فَأَعْفَاهُ.
قَالَ أَبُو السَّعَادَاتِ: كُنْتُ أَقْرَأُ عِلْمَ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى سعيدَ بْنِ الدَّهَّانِ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي بِصَنْعَةِ الشِّعْرِ فَكُنْتُ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّيْخُ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، فَأَمَرَنِي بذلك، فقلت له: ضع لي مثالاً أعمل عليه فقال: حب العلا مُدْمِنًا إِنْ فَاتَكَ الظَّفَرُ * فَقُلْتُ أَنَا: وَخُدَّ خَدَّ الثَّرَى وَاللَّيْلُ مُعْتَكِرُ فَالْعِزُّ فِي صَهَوَاتِ الليل مركزه * والمجد ينتجه الإسراء والسهر
(1) ذكر أبو الفداء وفاته سنة 609 هـ.
(تاريخ أبي الفداء 3 / 115) .
(*)