الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس وهم بعرفات وهذا شئ عَجِيبٌ.
وَجَاءَ كِتَابٌ يَسْتَحِثُّ الْوَزِيرَ ابْنَ السَّلْعُوسِ فِي الْمَسِيرِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَبَيْنَ الْأَسْطُرِ بخط الملك الأشرف: يا شقيريا وجه الخير احضر لتستلم الْوِزَارَةَ.
فَسَاقَ إِلَى الْقَاهِرَةِ فَوَصَلَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ عَاشِرَ الْمُحَرَّمِ، فَتَسَلَّمَ الْوِزَارَةَ كَمَا قَالَ السُّلْطَانُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ: السُّلْطَانُ الْمَلِكُ المنصور قلاوون ابن عَبْدِ اللَّهِ التُّرْكِيُّ الصَّالِحِيُّ الْأَلْفِيُّ، اشْتَرَاهُ الْمَلِكُ الصَّالِحُ نَجْمُ الدِّينِ أَيُّوبُ بْنُ الْمَلِكُ الْكَامِلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَادِلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ، بألفي دِينَارٍ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ عِنْدَهُ وَبَعْدَهُ، وَلَمَّا تَزَوَّجَ الْمَلِكُ السَّعِيدُ بْنُ الظَّاهِرِ بِابْنَتِهِ غَازِيَةَ خَاتُونَ، عَظُمَ شَأْنُهُ جِدًّا عِنْدَ الظَّاهِرِ، وما زال يترفع فِي الدَّوْلَةِ حَتَّى صَارَ أَتَابِكَ سَلَامُشَ بْنِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ رَفَعَهُ مِنَ الْبَيْنِ وَاسْتَقَلَّ بِالْمُلْكِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ، وَفَتَحَ طَرَابُلُسَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَعَزَمَ عَلَى فَتْحِ عَكَّا وَبَرَزَ إليها فعاجلته الْمَنِيَّةُ فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ (1) مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِمَدْرَسَتِهِ الْهَائِلَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ، الَّتِي لَيْسَ بِدِيَارِ مِصْرَ وَلَا بِالشَّامِ مِثْلُهَا.
وَفِيهَا دَارُ حَدِيثٍ وَمَارَسْتَانُ.
وَعَلَيْهَا أَوْقَافٌ دَارَّةٌ كَثِيرَةٌ
عَظِيمَةٌ، مَاتَ عَنْ قَرِيبٍ مِنْ سِتِّينَ (2) سَنَةً، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ (3) سَنَةً، وَكَانَ حَسَنَ الصُّورَةِ مَهِيبًا، عَلَيْهِ أُبَّهَةُ السَّلْطَنَةِ وَمَهَابَةُ الْمُلْكِ، تَامَّ الْقَامَةِ حَسَنَ اللِّحْيَةِ عَالِيَ الْهِمَّةِ شُجَاعًا وَقُورًا سَامَحَهُ اللَّهُ.
الْأَمِيرُ حسام الدين طرقطاي (4) نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْمَنْصُورِيَّةِ بِمِصْرَ، أَخْذَهُ الْأَشْرَفُ فَسَجَنَهُ في قلعة الْجَبَلِ، ثُمَّ قَتَلَهُ (5) وَبَقِيَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْرَى بِهِ، ثُمَّ لُفَّ فِي حَصِيرٍ وَأُلْقِيَ على مزبلة، وحزن عَلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ، فَكُفِّنَ كَآحَادِ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ النَّعِيمِ الْكَثِيرِ، وَالدُّنْيَا الْمُتَّسِعَةِ، وَالْكَلِمَةِ النَّافِذَةِ، وَقَدْ أَخَذَ السُّلْطَانُ مِنْ حَوَاصِلِهِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَسَبْعِينَ قِنْطَارًا بِالْمِصْرِيِّ فِضَّةً، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ شَيْئًا كَثِيرًا، سِوَى الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْجِمَالِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْبُسُطِ الْجِيَادِ، وَالْأَسْلِحَةِ الْمُثَمَّنَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحَوَاصِلِ والاملاك
(1) كذا بالاصل وهو تصحيف، وقد تقدم إنه توفي في السادس من ذي القعدة.
(2)
في السلوك 1 / 755: نحو سبعين سنة.
(3)
في السلوك 1 / 755: إحدى عشرة سنة وشهرين وأربعة وعشرين يوما، وفي مختصر أبي الفداء 4 / 24: إحدى عشرة سنة وثلاثة أشهر وأياما، وفي تذكرة النبيه 1 / 135: إحدى عشرة وشهرين.
(4)
كذا بالاصل، وفي المصادر طرنطاي وقد تقدم.
(5)
في تاريخ أبي الفداء 4 / 24: يوم الجمعة ثاني عشر ذي القعدة.
وفي السلوك 1 / 757: يوم الاثنين خامس عشرة.
(*)
بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَتَركَ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَعْمَى، وَقَدْ دَخَلَ هَذَا الْأَعْمَى عَلَى الْأَشْرَفِ فَوَضَعَ الْمِنْدِيلَ على وجهه وقال شئ لِلَّهِ وَذَكَرَ لَهُ أَنَّ لَهُمْ أَيَّامًا لَا يَجِدُونَ شَيْئًا يَأْكُلُونَهُ، فَرَقَّ لَهُ وَأَطْلَقَ لَهُمُ الْأَمْلَاكَ يَأْكُلُونَ مِنْ رِيعِهَا، فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْمُتَصَرِّفِ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ رَشِيدُ الدِّينِ عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَسْعُودٍ الْفَارِقِيُّ الشَّافِعِيُّ، مُدَرِّسُ الظَّاهِرِيَّةِ، تُوُفِّيَ بِهَا
وَقَدْ جَاوَزَ التِّسْعِينَ، وُجِدَ مَخْنُوقًا فِي الْمُحَرَّمِ، وَدُفِنَ بِالصُّوفِيَّةِ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ وَكَانَ مُنْفَرِدًا فِي فُنُونٍ من العلوم كثيرة، منها علم النَّحْوُ وَالْأَدَبُ وَحَلُّ الْمُتَرْجَمِ وَالْكِتَابَةُ وَالْإِنْشَاءُ وَعِلْمُ الْفَلَكِ وَالنُّجُومِ وَضَرْبُ الرَّمْلِ وَالْحِسَابُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَهُ نَظْمٌ حَسَنٌ.
الْخَطِيبُ جَمَالُ الدِّين أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْكَافِي بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْكَافِي الرَّبَعِيُّ، تُوُفِّيَ بِدَارِ الْخَطَابَةِ وَحَضَرَ النَّاس الصَّلَاةَ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ سَلْخَ جُمَادَى الْأُولَى، وَحُمِلَ إِلَى السَّفْحِ فَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ الشيخ يوسف الفقاعي.
فخر الدين أبو الظاهر إسماعيل ابن عِزِّ الْقُضَاةِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي الْيُمْنِ، الشَّيْخُ الزَّاهِدُ الْمُتَقَلِّلُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا، تُوُفِّيَ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَةِ بَنِي الزَّكِيِّ بِقَاسِيُونَ مَحَبَّةً فِي مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَرَبِيٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ مِنْ كَلَامِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَرَقَتَيْنِ، وَمِنَ الْحَدِيثِ وَرَقَتَيْنِ وَكَانَ مَعَ هَذَا يُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي مَعَ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ بِالْجَامِعِ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ رَأَى بِخَطِّهِ.
وفي كل شئ لَهُ آيَةٌ * تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَيْنُهُ وَقَدْ صَحَّحَ عَلَى " عَيْنُهُ " وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ الْمَرْوِيُّ عَمَّنْ أنشد هذا الشعر * تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ * وَلَهُ شِعْرٌ فَمِنْهُ: والنهر مذ جن في الغصون هَوًى (1) * فَرَاحَ فِي قَلْبِهِ يُمَثِّلُهَا فَغَارَ مِنْهُ النسيم عاشقها * فجاء عن وصله يميلها
(1) صدره في تذكرة النبيه 1 / 130: النهر قد جن بالغصون هوى.. (*)